انوار الفقاهه - کتاب الصلاه

اشارة

نام کتاب: أنوار الفقاهة- کتاب الصلاة موضوع: فقه استدلالی نویسنده: نجفی، کاشف الغطاء، حسن بن جعفر بن خضر تاریخ وفات مؤلف: 1262 ه ق زبان: عربی قطع: وزیری تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسه کاشف الغطاء تاریخ نشر: 1422 ه ق نوبت چاپ: اول مکان چاپ: نجف اشرف- عراق

ص: 1

اشارة

هو الشیخ حسن ابن الشیخ الأکبر الشیخ جعفر صاحب کتاب (کشف الغطاء) ابن الشیخ خضر الجناجی النجفی من أعاظم فقهاء الإمامیة و أساطین الطائفة الجعفریة.

ولد فی النجف الأشرف سنة (1201 ه) و هو أصغر من أخویه العَلَمَین الشیخ موسی و الشیخ علی. و لما شَبَّ عن الطوق شرع فی تلقی العلوم من مناهلها الأصلیة فأخذ عن والده شیخ الفقهاء و أخیه الشیخ موسی و السید جواد العاملی و الشیخ قاسم محی الدین و الشیخ أسد الله التستری و السید عبد الله شبّر و غیرهم من الأعلام حتی بلغ فی الفقه و أصوله مبلغاً عظیماً و اجتهد و عمل برأیه قبل بلوغ العشرین کما فی (نبذة الغری) تألیف ولده الشیخ عباس.

أقام المترجم فی الحلة بعد وفاة أخیه الشیخ محمد إلی أنْ توفی أخوه الزعیم الشیخ علی فی سنة (1253 ه) فرجع إلی النجف وَ حَلَّ محلّه و أشغل منصبه بالتدریس وَ مَلأ دست الزعامة أیام رئاسة الشیخ صاحب (الجواهر). و قد ترجم له جمع من الأعلام منهم الفقیه السید محمد الرضوی الهندی فی (نظم اللآلی) فوصفه بأنه کان عالماً علامة فاضلًا ثقة تقیّاً ورعاً محتاطاً لا نظیر له فی الاقتدار و التفریع و التصویب فی مسائل الفقه و فی حُسن الأدب و الوجاهة عند المُؤالِف و المخالف، و ذکره الشیخ النوری فی (مستدرک الوسائل) فوصفه بقوله: الأکمل الأفقه الزاهد الصالح الکامل کان من العلماء الراسخین.

و أبسط ما کُتب فی ترجمته ما دوّنه العلامة العباس فی رسالته الموسومة ب (نبذة الغری فی أحوال الحسن الجعفری) فرغ منها فی سنة (1314 ه) ثمّ کتب لها ذیلًا فی سنة (1318 ه) ذکر فیه بعض قضایاه و دفاعاته عن النجف.

توفی قدّس سرّه لیلة الأربعاء 28 شوال أو ذی القعدة من سنة (1262 ه) و دُفِنَ مع والده الشیخ الأکبر فی مقبرته الخاصة بمحلة العمارة من محلات النجف الأشرف.

نبذة من ترجمة المؤلف

ص: 2

و من اشهر مؤلفاته کتاب (أنوار الفقاهة) و هو کتاب جلیل فی الفقه خرج منه مرتّباً جمیع الکتب الفقهیة إلا کتاب الصید و الذباحة و السبق و الرّمایة و الحدود و الدّیات. قال السید الحسن الصدر فی وصفه: هو کتاب جلیل نهج فیه منهج الشهید فی (الذّکری) و قال صاحب کتاب (قصص العلماء): أنه مشتمل علی فروع کثیرة. و قال العلامة النوری: هو من الکتب النفیسة فی هذا الفن. و له أیضاً شرح مقدمات (کشف الغطاء) فی أصول الفقه لوالده یشتمل علی خمسین مبحثاً من مباحث الأصول. و له (تتمیم شرح کتاب البیع من (القواعد)) لوالده من أول الخیارات إلی آخر البیع و (تکملة بغیة الطالب) لوالده و رسالة عملیة فی العبادات و أخری فی البیع و رسالة استدلالیة فی الزکاة و الخمس و الصوم.

ص: 3

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ

و به نستعین

[المدخل]

کتاب الصلاة

و وجوبها فی الجملة من ضروریات الدین فمستحلها کافر إذ لم یسبق فی حقه شبهة مسموعة و تارکها من أهل الکبائر و الواجب منها معلوم و أن وقع الکلام فی وجوب بعض منها کالجمعة و العیدین فی الغیبة و الحضور و سیجی ء الکلام إن شاء الله تعالی فیما فیه الکلام و هی عمود الأعمال و احسن ما یتقرب به العبد إلی حضرة ذی الجلال حتی ورد إنها إن قبلت قبل ما سواها و أن ردت رد ما سواها و قد اشتملت علی فنون العبودیة و الابتهال و حوت جمیع طرائق الخضوع و التذلل و السؤال و هی من الماهیات المخترعة و الهیئات المنشرعة مبینة التسمیة مجملة المسمی معروفه اللفظ مجهولة المعنی موضوعة للفرد الصحیح لدوران الاسم مدار الصحة وجوداً و عدماً علی أن التقیید داخل فی الوضع و المقید خارج عن الموضوع له و لم فی البیان القولی أو الفعلی ببیان مجملها و إظهار مفصلها لاختلاف الإخبار و اضطراب الأنظار و بعد الآثار عن الأئمة الأطهار و لا یجوز فیها إجراء الأصول لانقطاعها فاشتغال الذمة بها و عدم انصراف أدلتها لما تیقن اشتغال الذمة به و کان للمکلف طریق للوصول إلیه فطریق الوصول باب الاحتیاط و الأخذ بالمشکوک فی شرطیته و جزئیته و الترک للمشکوک فی مانعیته و ناقضیته ما لم یرد إلی العسر و الحرج المنفیین عقلا و شرعاً الغیر قابلین للتخصیص کالأخذ بالشکوک الغیر المعتبرة و الأوهام البعیدة و الخیالات الغیر سدیدة و منها المندوب و هو کثیر و حکمه فی الإجمال حکم الواجب و کل شرط فی طبیعتها أو فی الواجب منها عدم القطع بترتبه علی نفس الإیجاب وصفته فالأصل فیه التسویة إلا أن یقوم دلیل علی الخلاف و کذا ما شرط فی المندوب منها فالأصل إجراؤه فی الواجب ما لم یقطع بترتبه علی نفس النقل أو الاستحباب و من المندوب الرواتب الیومیة و هی فی الجملة من الضروریات و کونها أربع و ثلاثین رکعة من الاجماعیات و النصوص بها متظافرة و الإخبار متکاثرة فمنها الفریضة و النافلة إحدی و خمسون رکعة منها رکعتان

ص: 4

بعد العتمة جالساً یعدان برکعة و هو قائم الفریضة منها سبع عشرة رکعة و النافلة أربع و ثلاثون و فی آخر کان رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) یصلی من التطوع مثلی الفریضة إلی غیر ذلک من الإخبار و تفصیلها ثمان رکعات للظهر قبل صلاة الظهر و ثمان للعصر قبل صلاة العصر و أربع للمغرب بعدها و رکعتان بعد العشاء من جلوس یعدان بواحدة و ثمان للیل و رکعتان للشفع بعدها و رکعة للوتر بعدهما و رکعتان للفجر للإخبار و اتفاق العلماء الأخیار و منها الزوال ثمانیة و أربع بعد الظهر و أربع قبل العصر و رکعتان قبل المغرب و رکعتان قبل العشاء الآخرة و رکعتان بعد العشاء من قعود تعدان برکعة من قیام و ثمان صلاة اللیل و الوتر ثلاث و رکعتا الفجر و الأخبار متظافرة بهذا المضمون و هذه هی الوظیفة الأصلیة و للمصلی أن یصلیها تماماً و له أن یصلی بعضها بنیة أنه من الوظیفة إلا أنه هو الوظیفة لانحلال الخطاب بها إلی خطابات متعددة غیر مشروط بعضها ببعض و قد تحصل الوظیفة رخصة من الشارع بسقوط أربع من العصر و اثنین من المغرب سیما للمشغول بحاجة ففی الصحیح إنی رجل تاجر اختلف و اتجر فکیف لی بالزوال و المحافظة علی صلاة الزوال و کم اصلی قال تصلی ثمان إذا زالت الشمس و رکعتین بعد الظهر و رکعتین قبل العصر فهذه اثنتی عشر رکعة و تصلی بعد المغرب رکعتین و بعد ما ینتصف اللیل ثلاث عشرة رکعة منها الوتر و منها رکعتا الفجر و فی آخر الذی یستحب أن لا یقصر عنها فی عدتها إلی أن ترک ذلک وظیفة ثانیة أیضاً و فی آخر سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن أفضل ما جرت به السنة من الصلاة فقال تمام الخمسین و فیه إشعار بتحقیق الفضل للأولی مرتبة و فیه أیضاً ترک الوتیرة و تسقط فی السفر نوافل الظهرین تبعاً لقصرهما إجماعاً مصرحا به فی کلام جماعة و فی الصحیح الصلاة فی السفر رکعتان لیس قبلها و لا بعدهما شی ء إلا المغرب فان بعدهما أربع رکعات لا تدعهن فی حضر و لا سفر و فی أخر لو صلحت النافلة فی السفر تمت الفریضة و یفهم منه إذا لم تتم الفریضة لم تصلح النافلة و هل تسقط فی مواضع التخییر مطلقاً أو لا تسقط مطلقاً أو تتبع ما تتلوه من الصلاة فان کان قصراً سقطت و أن کان تماماً أتی بها ما لم تقصر من الصلاة لا تسقط نوافلها کالمغرب و الصبح و کذا ما لم تتبع صلاة أخری وقتا

ص: 5

أو فعلًا کصلاة اللیل للأخبار و الاستصحاب و الإجماع و أما الوتیرة ففی سقوطها قولان أقواهما و أحوطهما السقوط للصحاح النافیة للنافلة المفروضة المقصورة و للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و لأن وضع السفر علی التخفیف و السهولة و قیل بعدم السقوط و ادعی فی الامالی أنه من دین الإمامیة و للاستصحاب و لأن الصلاة خیر موضوع فمن شاء استقل و من شاء استکثر و لروایة رجا ابن الضحاک المتضمنة لفعل الرضا (علیه السلام) و لخبر الفضل بن شاذان عن الرضا (علیه السلام) إنما صارت العشاء مقصورة و لیست یترک رکعتاها لأنها زیادة فی الخمسین تطوعاً لیتم بها بدل کل رکعة من الفریضة رکعتان من التطوع و للأخبار المتضمنة لعدم احتسابها من الرواتب و إنما زیدت لتمام العدد أو لیتدارک بها صلاة اللیل لو فاتت و أنها وترا تقدم لذلک و الکل ضعیف لا یقاوم ما تقدم.

فوائد فی صلاة النوافل:

الأولی: الأظهر أن النوافل وظائف للفریضة

و أن تبعتها فی الوقت لروایة عمار لکل صلاة مکتوبة رکعتان نافلة و لما ورد من الله یکمل الفرائض بالنوافل فیفهم أن مشروعیتها لها و قد یقال أنها وظائف للوقت کما هو إطلاق کثیر من الإخبار المعلقة للأمر بها علی الوقت و علی ما قبل الظهر و بعد الظهر و غیر ذلک و قد یقال أنها وظائف لهما معاً فیلاحظان معاً و الأمر سهل فی ذلک لأجزاء نیة هذا الفعل الموظف فی هذا الوقت و لا یحتاج إلی قصد أنه وظف له أو للنفل أولهما و فی بعض الإخبار و کلام الأصحاب إضافة النافلة لأسماء الأوقات و لا دلیل فیها علی أنها للوقت لاشتراک أسماء الأوقات بینها و بین الصلاة فلم یعلم المراد.

الثانیة: الثمانی التی بعد صلاة الظهر قیل بأنها وظیفة للظهر

و قیل بأن ستاً منها للظهر و اثنین للعصر و یشعر به خبر سلیمان بن خالد و فیه ست رکعات بعد الظهر و رکعتان قبل العصر و خبر عمار و فیه إلا العصر فإنها تقدم نافلتها و هی الرکعتان اللتان تمت بهما الثمان و قیل بالتنصیف و یشعر به خبر زرارة و أبی بصیر بعد الظهر رکعتان و قبل العصر رکعتان و فی أخر أربعاً بعد الظهر و أربعاً بعد العصر و قیل بأن الکل

ص: 6

للعصر و یشرم روایة ابن سنان سئل الصادق (علیه السلام) لای علة أوجب رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) صلاة الزوال ثمان قبل الظهر و ثمان قبل العصر فقال (علیه السلام) لتاکید الفرائض لأن الناس لو لم یکن إلا أربع رکعات إلخ و هذا هو الأظهر و الأشهر و الأمر فیه سهل بعد ما بیناه من أجراء النیة المطلقة.

الثالثة: یشترط فی النوافل القبلیة و البعدیة للفرائض

کما هو موظف فی الروایات للاحتیاط و توقیفیة العبادة و للناسی المحقق بأهل العصمة (علیه السلام) و شبهه التطوع فی وقت الفریضة فیما وظیفتها التأخیر و لو أخرت المتقدمة علی الفریضة أحتمل التزام نیة القضاء بها و هو بعید و الأحوط نیة القربة المطلقة أن تؤخر الإتیان بها إلی أن یفرغ من الفریضة کمن أخر نافلة الزوال إلی أن صلی الظهر فان الأحوط له أن لا یصلیها إلا بعد العصر و علی کل حال فلا یجوز له نیة الوظیفة بها بعد مخالفة النحو للمعهود من الترتیب.

الرابعة: لکل رکعتین من النوافل تشهد و تسلیم

لأنه المعروف من صاحب الشرع و العبادة توقیفیة و قال (علیه السلام) صلوا کما رأیتمونی أصلی و للأخبار المستفیضة الآمرة بذلک فعن کتاب حریز و افصل بین رکعتین من نوافلک بالتسلیم و للاجماع المنقول و الشهرة المحققة المحصلة حینئذ فمن نذر صلاة رکعة انصرف نذره للوتر فان قصد غیرها فان نواها بشرط لا بطل نذره و ان نواها لا بشرط قوی انعقادها بانضمام ثانیة إلیها.

الخامسة: یخرج عن ذلک الوتر

فان التسلیم فیها علی رکعة واحدة و هی منقولة عما قبلها من الرکعتین المسماتین بالشفع بالتشهد و التسلیم للاخبار المستفیضة و منها عن الوتر افصل أم وصل قال فصل و للإجماع المنقول و الشهرة المحققة بطرحه أو موافقته للعامة أو محمولة علی التسلیم المندوب بعد الخروج بالتسلیم الأول کما فی روایة یعقوب بن شعیب و معاویة بن عمار فی رکعتی الوتر إن شئت سلمت و ان شئت

ص: 7

لم تسلم فان التسلیم ینصرف إلی التسلیم المعهود المنصرف إلیه الإطلاق و هو الأخر الواقع غالباً بعد التسلیم الأول الذی یتحقق به الخروج و ما ورد فی خبر کردویه سئل العبد الصالح عن الوتر قال: صله یحمل علی الأمر بالصلاة أو التقیة.

السادسة: رکعتا الشفع رکعتان مستقلتان

یندب فیهما القنوت للعمومات الدالة علی أن لکل رکعتین من فریضة أو نافلة قنوت و للتسامح فأدلة السنن فی فتوی الفقیه الواحد فکیف بفتوی کل الفقهاء أو جلهم و لخبر رجاء بن الضحاک عن الرضا (علیه السلام) و فیه أنه یصلی رکعتی الشفع یقرأ فی کل رکعة منهما.

منها الحمد و قل هو الله أحد ثلاثاً و یقنت فی الثانیة و انکر بعضهم مشروعیة القنوت فی الثانیة لما ورد فی الصحیح القنوت فی المغرب فی الرکعة الثانیة و فی الغداة و العشاء مثل ذلک و فی الوتر فی الرکعة الثالثة و ظاهره الحصر فیها و هی لا تعارض ما قدمنا فلتحمل علی التقیة عند وصلها أو المبالغة لأن القنوت المشتمل علی الوظائف الکثیرة أنما هو فی مفردة الوتر أو علی إثبات مشروعیة القنوت فی المفردة الواحدة فی مقابلة الثانیة و یکون مفهوم الحصر ملغواً هاهنا لظهور فائدة الحصر هاهنا و هی الاهتمام بحال المذکور أو یحمل علی إرادة البدلیة فیکون قوله و فی الرکعة الثالثة بدلا عن قوله و فی الوتر و ذلک لان لفظ الوتر یطلق کثیراً علی الثلاث فی الاخبار و قد یطلق علی الواحدة و ان کان اقل فیراد منه هاهنا المعنی الثانی.

السابعة: یستحب عدم الکلام بین المغرب و نافلتها

للخبر بل و یکره لفتوی جماعة من الفقهاء و قیل لأبی الفوارس نهانی أبو عبد الله (علیه السلام) أن اتکلم بین الأربع رکعات التی بعد المغرب و یستحب اتباع التعقیب للفریضة قبل النافلة للخبر و فتوی الأکثر و لا یبعد أن تأخیره إلی أن یصلی النافلة وظیفة اخری روی فعله عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و افتی به بعض الأصحاب و یستحب أن یکون سجود الشکر بعد النافلة للخبر و فتوی من الإجماع و ورد فی بعض الأخبار أنها بعد الفریضة و لا بأس به

ص: 8

فیحمل علی التأخیر و الإتیان بسجدتین قبل و بعد احراز للوظیفة المقطوع بها للاحتیاط لا بأس به.

الثامنة: وظیفة رکعتی الوتیرة الجلوس

لاحتسابهما برکعة و لفعل المعصومین (علیه السلام) ثمّ لهما کذلک و یجوز فیهما القیام و لا یبعد زیادة ثوابه علی الجلوس من حیث أنه جلوس و أن کان من حیث أنه وظیفة یکون فیه ثواب آخر علی القیام و علی ما ذکرنا ینزل ما فی الروایة أن القیام فیها أفضل و ان الأئمة کانوا یفعلونه.

التاسعة: إذا تضیق وقت النافلة إلا عن إدراک البعض

جاز الآتیان به بنیة الخصوصیة و لا یحتاج بنیة الأول و إلا أخر لتساویهما فی التأدیة و الأحوط التعیین فی نافلة الوتر لشبهها بالصلاة الأخری فتبعیتها فی الوتر فی المقامین أو الشفع فی الأولی و الوتر فی الثانیة أو بغیر ذلک من المشخصات و الاحوط ترک تقدیم مفرد الوتر علی الشفع و ترک الاقتصار علیهما فقط لشبهه إنها مع الشفع صلاة واحدة.

القول فی المواقیت:

اشارة

یدخل الظهر بزوال الشمس و ینتهی ببقاء مقدار فرض العصر بنسبه حال المکلف من قصر و إتمام و سرعة و بطء تمام اجزاء و نقصها و یدخل وقت العصر بمقدار فعل أداء الظهر بنسبة حال المکلف من قصر أو إتمام و سرعة و بطء و یدل علی ذلک المنقول و فتوی المشهور و الروایة المعتبرة فإذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتی یمضی مقدار ما یصلی المصلی أربع رکعات فإذا مضی ذلک فقد وقت الظهر و العصر حتی یبقی من الشمس مقدار ما یصلی المصلی أربع رکعات فإذا بقی مقدار ذلک فقد خرج وقت الظهر و بقی العصر حتی تغیب الشمس فإذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتی یمضی مقدار ما یصلی المصلی ثلاث رکعات فإذا مضی ذلک فقد دخل وقت العشاء و العشاء الآخره حتی یبقی من انتصاف مقدار ما یصلی المصلی أربع رکعات فإذا بقی مقدار ذلک فقد خرج وقت المغرب و بقی وقت العشاء الآخره إلی انتصاف اللیل و الصحیح أیضاً مشعر بذلک و فیه صلاتان أول وقتهما من عند زوال

ص: 9

الشمس إلی غروب الشمس إلا أن هذه قبل هذه و منها صلاتان أول وقتهما من عند غروب الشمس إلی انتصاف اللیل إلا أن هذا قبل هذه و الخبر فی الرجل یؤخر الظهر حتی یدخل وقت العصر أیضاً أنه یبدأ بالعصر ثمّ یصلی الظهر و کذا الأخر و أن هو خاف أن تفوته فلیبدأ بها العصر و لا یؤخرها فتفوته فیکون قد فاتتا جمیعا و لا قائل بالفرق ممن یعتد به و قیل باشتراک الوقت من أوله إلی أخره بین الفرضین معاً تمسکاً باطلاق الروایات الدالة علی دخول وقت الصلاتین عند زوال الشمس و لا معنی لذلک عن صحة وقوع کل منهما فی جمیع الوقت و صلاحیته للنظر فیه غایة ما خرج حال العهد لوجوب الترتیب فیه کما فی ترتیب الفوائت و یبقی الباقی و حملا لما فیها من قوله (علیه السلام) إلا أن هذه قبل هذه علی وجوب الترتیب فی حالة العمل و لکنه ضعیف لأن ما دل علی الاختصاص کالمقید بالنسبة إلی ما دل علی الاشتراک و مع قوته و مقاومته کما ذکرنا یحکم علیه لأنه کالمطلق و لأن الظهر لما لم یکن لها وقت محدد فربما تنتهی بلحظة إذا کانت تسبیحه واحدة اغتفر الشارع إطلاق دخول وقتها عند الزوال تسامحاً فی التعبیر قضاء لحق المجاورة و التقارب فروع أحدها هل یلحق کل من تعلق الخطاب به ابتداء باختصاص.

أولها: بأول الفرض بأول الزوال أو یختص الحکم بنفس الزوال وجهان

و الأظهر الثانی للعمومات و غایة ما خرج الأول فعلی هذا لو أفاق المجنون فی الوقت المشترک صح فرض العصر لو قدمه ابتداءً.

ثانیها: هل یعتبر مقدار حصول الشرائط لفاقدها فی الأول و الآخر معاً أو فی أحدهما أم لا

یعتبر وجهان أقواهما عدم اعتباره لعموم الاخبار و المتیقن خروجه نفس الصلاة دون مقدماتها و أما المندوب فلا یحتسب قطعاً.

ثالثها: یحتسب فی مواضع التخییر القصر لا التمام فی الموضعین

اقتصاراً علی مورد الیقین من تخصیص العموم.

ص: 10

رابعها: یختص الوقت الاختصاصی لمن لم یصلی

فمن صلی الظهر قبل الوقت اشتباها فصادف جزء منها فی الوقت صحت صلاته و جازت صلاة العصر بعدها و کذا من نسی فصلی العصر فذکر فی أخر الوقت أنه لم یصلی الظهر صحت صلاته لما قدمنا من الدلیل.

خامسها: من وجبت علیه الصلاة أزید من واحدة من باب المقدمة

فالوقت المختص بالنسبة إلیه قدر صلاة واحدة.

سادسها: یقوی القول بعدم وقوع فرض الظهر فی المکان المختص و لو کان قضاء

و کذا العصر لظاهر روایات الاختصاص و إطلاق القول بالبطلان مع أن النیة لیست مشخصة للقضاء و الأداء.

سابعها: لو تکررت الظهر و العصر لعارض و لم یسع الوقت

تکررهما مقابل وسع واحدة معینة و مکرره الأخری قوی القول بوجوب مکررة الظهر مع واحدة العصر و تکریرها بعد ذلک و احتمل وجوب الإتیان بمکررة العصر مع واحدة الظهر و لکنه بعید لوجوب تقدیم الظهر فی الوقت المشترک و لو لم یتمکن الأمن مکررة واحدة فالأظهر الاختصاص العصر بها و یحتمل أنه لو أدرک سبع عشرة رکعة وجب الإتیان بست عشرة منها للظهر و واحدة للعصر.

ثامنها: اختصاص الوقت مختص بالفرضین السابقین و اللاحق

دون باقی العبادات الکائنة فیه فضلًا أو نفلا عملا أو سهوا إلا إذا قلنا أن الأمر بالشی ء یقتضی النهی عن الضد خاتمة یمتد اجزاء الظهرین إلی العشاءین و العشائین إلی انتصاف اللیل و الفجر إلی طلوع الشمس و یجوز تأخیر کل منها اختیاراً خلافا لشاذ فی المغرب فجعل لها وقتاً واحداً و أن وقتها و وجوبها و لکنها لمخالفتها الإخبار المتکثرة الدالة علی أن لکل صلاة وقتین و کافة فتاوی الأصحاب مطرحة أو محمولة علی المبالغة و تأکید الفضیلة بالنسبة إلی المغرب و خلافاً للشیخین و جماعة من القدماء فجعلوا لکل فریضة وقتین اختیاری و سیجی ء إن شاء الله بیانه لا یجوز التأخیر عنه اختیاری أو اضطراری

ص: 11

و هو الذی یجوز التأخیر عنه للعلة و العذر و ظاهر قولهم أنه لو أخر المختار عصی و کل فعله فی الوقت الثانی أداء لأنه کالوقت المرتب و لا یکون قضاء و أن الوقت الثانی لو أخرج إلیه کان موسعاً أولا یجب البداء إلیه زمانا بعد زمان و أن العذر و العلة فی کلامهم کما هی فی الإخبار یراد بها الأعم من النسیان و المرض و النوم و السفر و الدنف و الشغل و ظاهر الشغل فی الإخبار یشمل ما کان لدین أو دنیا یضر فوته بهما أو یذهب نفعاً منهما و تخصیصه بالمضر لا وجه له و الحق بعضهم المطر المضر بل و فی الروایة لصاحب الحاجة و هی اعم من الدینیة و الدنیویة و استندوا فی ذلک للأخبار المعتبرة فی أحدهما لکل صلاة وقتان و أول الوقتین أفضلهما و فیه لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً و لکنه وقت من مشغل أو نسی أو نام و فی اخری و لیس إلی أحد أن یجعل أخر الوقتین وقتاً إلا من عذر أو علة و فی أخر لکل صلاة وقتان فأول الوقت أفضله و لیس لأحد أن یجعل

أخر الوقتین وقتاً إلا فی عذر من غیر علة و فی أخر وقت الفجر حین ینشق إلی تجلل الصبح السماء و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً و فی أخر ما تقول فی الرجل یصلی المغرب بعد ما یسقط الشفق فقال لعلة لا بأس و فی أخر أوله رضوان الله و آخره عفو الله و فی آخر لو أن رجلا صلی الظهر بعد ما یمضی من زوال الشمس أربعة أقدام أو کان عندک غیر مؤدّ لها فقال إن کان تعمد ذلک لیخالف سنة الوقت لم یقبل منه کما أن رجلًا أخر العصر إلی قرب أن تغرب الشمس متعمداً من غیر علة لم یقبل منه أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قد وقت للصلاة المفروضات أوقاتاً و حد لها حدوداً فی سنة للناس فمن رغب عن سنة من سنة الواجبات کان مثل من رغب عن فرائض الله و فی دلالة الجمیع نظر لظهور لفظ افضل و لفظ لا ینبغی و لفظ عفو الله تعالی الکراهة لا التحریم و الوجوب و کذا ظهور جواز التأخیر مع العذر و العلة و الشغل و الحاجة فی الندب و الأفضلیة لأن الواجبات بمقتضی مذاق الشریعة عدم استخدامها إلا مع الاضطرار و لا یسوغ ترکها خوف فوات الحاجة و العلة و الشغل و هذا ظاهرا و ما اشتمل علی الدلالة علی المنع و التحریم من هذه الأخبار فهو محمول علی إرادة بیان الأفضلیة کما اشتملت علیه جملة منها مبالغة فی الفعل و إرجاع ما دل علی المنع إلی ما دل علی

ص: 12

بیان الأفضلیة خیر من العکس لتأیید الأول بالشهرة المحصلة و الإجماع المنقول و عموم ما دل علی نفی العسر و الحرج من الشریعة السهلة السمحة و عموم قوله تعالی (أَقِمِ الصَّلٰاةَ) المفسر بالروایات مما یدل علی التوسعة فی الأوقات و عموم الإخبار المتکثرة الدالة علی وقتیة ما بین الزوال و الغروب للظهرین و ما بین المغرب و انتصاف اللیل للعشاءین و ظاهر الوقتیة لا توسعه فی جمیع الأزمنة و جواز الإمکان فی کل محل کانت و سیرة المسلمین و طریقتهم و خلو الخطب و الوعظ من الخطاب و الدعاء ظاهراً فی وجوب البدء فی وقت الاختیار و عدم اشتهار الحکم بالمنع عن التأخیر بین الخواص و العوام مع توفر الدواعی للاشتهار کلها أدلة علی عدم حرمه التأخیر و المنع عنه و هو ظاهر و بهذا ظهر ضعف أدلتهم عن تخصیص العمومات فلیس لها الا الحمل علی الفضیلة لو کانت دلالتها علی ما قالوه ظاهرة و قد تبین عدم الظهور فلا محیص عن القول المشهور.

القول فیما یتعلق بالظهر:

بحث قد بینا دخول وقت الظهرین بزوال الشمس کما دل علیه الکتاب و إخبار و إجماع الأصحاب و ما ورد فی الصحیح و غیره من أن وقته بعد الزوال بقدم إلا فی السفر و یوم الجمعة محمول علی وقت المتنفل و یدل علیه استثناء الجمعة و السفر و یرید بالزوال هو میل الشمس عن وسط السماء و هو دائرة نصف النهار و انحرافها عنه بحیث تخرج کلها عن کلها إلا أولها و لا نصفها فیسقط و نعرف ذلک من انتهاء ظل الشاخص من طرف المشرق أو من زیادته بعد انتهاء نقصه و هو اظهر للحس فی الدلالة أو من انعدام بعد وجوده أو من ظهوره بعد عدمه و الاحوط عدم اعتبار عدم الزیادة و عدم الظهور لاجتماعهما فی آن مساواة طرف الشمس الشرقی لنصف النهار من دون تجاوز عنه و میل مع أنه من القریب إلی اطلاق اللفظ من الزوال أن المراد به میل الشمس عن نصف النهار و تجاوزها عنه بحیث یکون کلها فی الجانب الغربی و لا یتحقق ذلک إلا باستبانة الزیادة و فی روایة علی بن حمزة فإذا زاد الظل بعد النقصان فقد زالت و فی روایة سماعة فإذا استبنت الزیادة فصل الظهر و فی المرسل فإذا نقص الظل حتی یبلغ

ص: 13

غایته ثمّ زاد فقد زالت الشمس و قد یعرف الدائرة الهندیة و هی معلومة و قد یعلم بمیل الشمس إلی الجانب الأیمن لمن یستقبل قبلة العراق و هو بالنسبة إلی أطراف العراق الغربیة التی قبلتها نقطة الجنوب و أما أطراف العراق الغربیة التی تنحرف قبلتهم إلی نحو المغرب فإن هذه العلامة تدل علی تجاوز الوقت کثیراً عندهم و أما الأواسط فدون ذلک و قد یعرف بالأقدام و قد دلت علیه صحیحه ابن سنان و لکن الاعتماد علی معرفتها فی أوائل الفصل و آخره مشکل.

بحث آخر وقت الفضیلة أو الاختیار له بلوغ الفی ء الزائد و الحادث بعد عدمه مثل الشاخص المنصوب وفاقا للمشهور و لروایة زرارة إذا کان ظلک مثلک فیصلی الظهر و لروایة أبی حنظلة ثمّ لا یزال فی وقت الظهر إلی أن یصیر الظل قامة و لروایة أحمد بن عمر وقت الظهر إذا زالت الشمس إلی أن یذهب الظل قامة و لروایة محمد بن حکیم ان أول وقت الظهر زوال الشمس و آخر وقتها قامة من الزوال و نقل عن الشیخ (رحمه الله) أنه قال إن الإجماع منعقد علی أن ذلک أول وقت الظهر و لیس علی ما زاد علیه المیل و لو لا المشهور و ظاهر الإجماع المنقول لأمکن المناقشة فی دلالة الروایات لتوقف دلالة الروایة الأولی علی إرادة الفی ء الحادث من لفظ الظل و علی تقدیر معنی المقاومة فیکون المعنی إذا قارب أن یکون ظلک مثلک و لو أبقیت علی ظاهرها لدلت علی أن امتداد وقت فضیلة الظهر هو ذلک للأمر بالصلاة بعده و لا قائل به علی أنه من المحتمل من الروایة أن یراد فالأمر بالتأخیر إلا یراد بالصیف رخصة کما هو ظاهر السؤال فلا یکون دلیلًا علی القول المشهور و لتوقف الروایات الباقیة علی إرادة الفی ء من الظل أیضاً و علی إرادة قامة الإنسان من لفظ القامة و علی کون الشاخص منها أیضا قامة أو علی أن المراد بالقامة فی الإخبار بمعنی الذراع الذی یراد به هو الکنایة عن مثل الشاخص و الجمیع لا یخلو عن نظر لاستعمال لفظ لقامة فی الإخبار بمعنی الذراع الذی یراد به المقدمان اللذان هما سبعا الشاخص لأن قامة الإنسان سبعة أقدام فاستعمال الاقدام فی الاسباع و قد ورد فی عدة إخبار تفسیر القامة بالذراع ففی روایة علی بن حمزة، عن أبی عبد الله (علیه السلام) هی الذراع و روایة علی بن حنظلة القامة

ص: 14

و القامتان الذراعان و فی أخری القامة ذراع و القامتان ذراعان و الظاهر أن المراد بالذراع هاهنا هو سبعاً للشاخص لأنه المعهود و قد یطلق و یراد به القامة و نفس الشاخص لأن رجل رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) کان ذراعاً و کان شاخصاً و هو إطلاق قلیل یبعد حمل هذه الروایات علیه علی أن التحدید ببلوغ المثل فتوی العامة و الرشد فی خلافهم و مما ذکرنا یضعف الاعتماد علی هذا القول و ذهب جملة من أصحابنا فی أن الوقت الفضیلی و الاختیاری ینتهی بمماثلة الفی ء الزائد للنظر الأول استناداً لمرسلة یونس المعروفة و هی اشتمالها علی الجهل و الإرسال و اضطراب المتن و عدم تأدیته بما هو المعهود من متون الروایات بل هو الرمز و اللغز ظاهرة فی تحدید أول الوقت لا أخره علی أن التوقیت بذلک توقیت بغیر المنضبط لقصر الباقی مرة و بطؤه أخری و عدمه بالکلیة فی بعض الأزمنة ببعض الأماکن و ذهب جملة منهم إلی تحدیده بالأربعة أقدام لروایة الکرخی عن الظهر متی یخرج وقتها فقال (علیه السلام): من بعد ما یمضی من زوالها أربعة أقدامها و لسفرها أیضاً و ذهب بعض إلی أن تحدیده بأم القدمین و استدلوا له بروایة الإجلاء الخمسة عن أبی جعفر (علیه السلام) أنهما قالا: وقت الظهر بعد الزوال قدمان و وقت العصر بعد ذلک قدمان و بروایة زرارة قال سألته عن وقت الظهر فقال ذراع من زوال الشمس و وقت العصر ذراع من وقت الظهر و کلاهما لا یدلان إلا علی استحباب تاخیر الظهر عن القدمین لا فعله فیهما و یکون موردهما مورد الإخبار المتکثرة الدالة علی ذلک کما جاء عن زرارة عن الباقر (علیه السلام) لا یصلی من النهار شیئاً حتی تزول الشمس فإذا زالت قدر نصف اصبع صلی ثمان رکعات فإذا جاء الفی ء ذراعاً صلی الظهر و فی خبر الحلبی کان رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) یصلی الظهر علی ذراع و العصر علی نحو ذلک فی خبر عبد الله بن سنان کان جدار مسجد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قبل أن یظل قدر قامة فکان إذا کان الفی ء ذراعاً و هو قدر مربض صلی الظهر فإذا کان الفی ء ذراعاً من ضعف ذلک صلی العصر و مورد هذه رخصة فی التأخیر عن أول الوقت المطلوب للشارع لمکان النافلة فبالحقیقة یکون هذا التوقیت لها و هذا التحدید اعتناء بشأنها و یدل علی ذلک قول الباقر (علیه السلام) لزرارة أ تدری لما جعل الذراع

ص: 15

و الذراعان قال لم جعل ذلک قال لمکان النافلة لک أن تتنفل من زوال الشمس إلی أن یمضی ذراع فإذا بلغ فیؤک ذراع بدأت بالفریضة و هو یشیر إلی أن هذا التحدید توقیت للنافلة و رخصه فی تاخیر الفریضة کی لا یدخل أحدهما فی الآخر فیکون للنافلة وقت معزول لا یدخل علیه الفرض و لا یدخل هو علیه و لو لم یتنفل أو تنفل سریعاً فالبدء خیر له و کلما بادر فهو افضل و یدل علیه ما کتب لأبی الحسن (علیه السلام) روی عن آبائک القدم و القدمان و الأربع و القامة و القامتان و ظل مثلک و الذراع و الذراعان فکتب (علیه السلام) إلا إلی القدم و لا القدمین إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتین و بین یدیها مسبحة و هی ثمان رکعات فإن شئت طولت و أن شئت قصرت ثمّ صل العصر و مع ذلک فالذی یظهر من الأخبار و أن الفضیلة فی وقت الظهر للمتنفل هو

البداء بعد القدمین بلا فصل و إلا فإلی الأربعة أقدام و إلا فإلی المثل بل لا یبعد استحباب تخفیف النافلة لتکون الفریضة علی ما دون القدمین بل علی ما دون القدم لروایة محمد بن فرج قال کنت أسأله عن أوقات الصلاة فأجاب (علیه السلام) إذا زالت الشمس تصلی سبحتک و احب أن یکون فراغک من الفریضة و الشمس علی قدمین ثمّ صل علی سبحتک و احب أن یکون فراغک عن العصر و الشمس علی أربعة أقدام و لروایة ذریح المحاربی فقال بعض القوم أنا نصلی الأولی إذا کانت علی قدمین و العصر علی أربعة أقدام فقال أبو عبد الله (علیه السلام) النصف من ذلک احب إلی و لروایة أبی بصیر ذکر أبو عبد الله (علیه السلام) أول الوقت و فضله فقلت کیف اصنع بالثمان فقال خفف ما استطعت و لروایة سعید الأعرج قال سألته عن وقت الظهر أ هو إذا زالت الشمس فقال بعد الزوال بقدم إلی غیر ذلک من الإخبار و حمل الإخبار علی ما ذکرنا خیر من العمل علی خصوص إخبار اختصاص الفضل بما فوق القدمین و الذراع حق لغیر المتنفل و الفارغ منهما و حمل الإخبار الباقیة علی التقیة و ذلک لعدم المنافاة بین حمل الإخبار علی مراتب الفضل و بین صدور کل مرتبة منها لجملة من المسائل فیخص کل سائل بمرتبته خوفاً من اجتماعهم علی أمر واحد فیعرفون و قد ورد فی الخبر المعتبر عن أبی عبد الله (علیه السلام) ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا یصلی

ص: 16

العصر و بعضهم الظهر فقال أ فأمرتهم بهذا لو صلوا علی وقت واحد لعرفوا و اخذوا برقابهم و بهذا المعنی إخبار کثیرة و أما فضیلة أول العصر فالأظهر بعد الظهر و نافلتها لمن تنفل و علیه یحمل اختلاف الإخبار فالأمر فیها علی أربعة أقدام کما فی روایة و علی ثلاثین قدم کما فی روایة أخری و فی ضمن القدمین کما فی ثالث و فی ضمن الأربع کما فی رابع و بعد الظهر و نافلتها کما فی خامس و من لا یتنفل فالأفضل له البدار بها بعد الظهر و ذهب جمع من الأصحاب إلی استحباب تأخیرها إلی انتهاء المثل الأول لروایة زرارة السابقة و لاستحباب التفریق فی نفسه و الروایة تبین فیما تقدم ضعفها و استحباب التفریق بغیر النافلة لم یثبت بل لا یبعد أنه من شعار العامة و أما انتهاء فضیلة العصر فالظاهر أنه علی مراتب النافلة و عدمها و قصرها و طولها و لکنها کلما خففت بحیث لا یتأخر العصر عن القدمین کان افضل و إلا فلا یتأخر عن الأربعة و إلا فلا یتأخر عن الستة و نصف و إلا فلا یتأخر عن المثل و إلا فلا یتأخر عن المثلین و هو نهایة الرخصة فی التأخیر.

القول فی وقت المغرب و العشاء:

بحیث بینما أن وقت المغرب هو الغروب بالإجماع و لکن وقع الخلاف فیما یتحقق به الغروب فهل هو غیبوبة القرص عن الناظر مع عدم الحائل أو هو غیبوبتها عن الآفاق حقیقة اللازم لغیبوبة الحمرة المشرقیة عن الجانب الشرقی إلی الجانب الغربی قولان و الأظهر الثانی للاحتیاط للازم فی العبادة عند الشک فی الخروج عن العهدة و للاحتیاط اللازم من استصحاب بقاء اللیل و وجود النهار و لفتوی المشهور و لما ظهر من الإجماع المنقول و للأخبار المتکثرة الدالة علی ذلک فمنها إخبار عرفات المحدودة بغروب الشمس فان الحکم فیها معلق علی ذهاب الحمرة من الجانب الشرقی و منها الإخبار المعلقة لوجوب الإفطار و صلاة المغرب علی ذهابها و منها الإخبار المبینة لکون سقوطها دلیلًا علی سقوط القرص کما ورد فیها أنها إذا جاوزت قمة الرأس إلی ناحیة المغرب فقد وجب الإفطار و سقط القرص و فی آخر إذا غابت الحمرة من هذا الجانب یعنی من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض و غربها و فی أخر إذا غابت هاهنا

ص: 17

ذهبت الحمرة هاهنا و منها الإخبار المشعرة بالأمر بها کقوله (علیه السلام) فی المغرب قلیلًا و کما فی الموثق أنی احب إذا صلیت أن أری بالسماء کوکباً کما فی آخر و قال أن الله تعالی یقول: (فَلَمّٰا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ رَأیٰ کَوْکَباً) فهذا أول الوقت کما فی ثالث و سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن وقت إفطار الصائم قال: حتی تبدأ ثلاثة انجم کما فی رابع فان الظاهر منها أن المراد بها ذهاب الحمرة و هذه تعبیرات باللازم و منها الأخبار الآمرة بالاحتیاط بانتظار مضیها و فیها أنی أری لک أن تنتظر حتی تذهب الحمرة و تأخذ بالحائطة لدینک و هذه الإخبار مؤیدة بفتوی الجمهور و بمخالفة العامة لأن الظاهر أن أشعارهم کان علی دخول الوقت بغروب الشمس عن الناظر کما أن أشعار الشیعة کان بغروب الحمرة کما یظهر من الروایات ذلک و کذا من أصحاب الأئمة (علیه السلام) حیث رأو رجلًا یصلی و هم ینظرون إلی شعاع الشمس و المراد بالشعاع الحمرة کما هو ظاهر فدعوا علیه و قالوا شاب من شباب المدینة فتبین أنه ابو عبد الله (علیه السلام) و ذهب جملة من أصحابنا إلی أن وقت المغرب هو سقوط القرص تمسکاً بقوله وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها کما فی الصحیح و إذا غابت الشمس دخل الوقتان کما فی أخر و المتبادر من الغیبوبة هی الغیبوبة عن الناظر و الحس لا الغیبوبة عن الآفاق حقیقة و وقت المغرب إذا غاب القرص کما فی ثالث و مثله فی رابع و حین سقط القرص فی خامس و هو ضعیف لأنا نقول بموجبها و بقیدها بما قدمنا من إرادة السقوط الحقیقی الذی یدل علیه غیبوبة الحمرة حملًا للمطلق علی المقید و الظهور لا یعارض النص لوجوب صرف المطلق عن ظاهرة إلی الفرد النادر و إذا کان منصوصاً علیه علی أن هذه الإخبار موافقة للعامة و مخالفة لفتوی المشهور فلا تصلح للاعتماد علیها کما ورد فی عدة إخبار من الأمر بالصلاة أیضاً من دون تفحص و نظر إلی سقوط القرص و عدمه و فیها أنا ربما صلینا و نحن نخاف أن تکون الشمس باقیة خلف الجبل قد سترها عنا الجبل فقال لیس علیک صعود الجبل کما فی الموثق و صعدت مرة جبل أبی قبیس و الناس یصلون المغرب فرأیت الشمس لم تغب إنما توارت خلف الجبل من الناس فلقیت أبا عبد الله (علیه السلام) فأخبرته بذلک فقال لی و لم فعلت ذلک بئسما صنعت أنما

ص: 18

نصلیها إذا لم نرها خلف جبل غابت أو غارت ما لم یجللها سحاب أو ظلمه و إنما علیک مشرقک و مغربک و لیس علی الناس أن یبحثوا و أما ما قیل من النقض علی کون ذهاب الحمرة المشرقیة علامة علی الغروب أنه لو کان کذلک لکانت الحمرة المغربیة علامة علی الطلوع سیما فی الحمرة البادیة قبل طلوع الشمس فمنظور فیه لأنه قیاس مع الفارق لصلاح کون المشرقیة علامة دون المغربیة کما نراه فی الشفق المغربی المشیر إلی جملة من اللیل و لورود النص فی أحدهما دون الأخر و هو الفارق و هو المدار علی الحمرة التی تکون فی جنب مطلع الشمس المختصة بربع السماء کما هو المفهوم من إطلاقها و قد یقال باختصاصها بالحمرة المتعارفة المعهودة و هی اقل من ذلک و المدار علی الاحمرار فلا عبرة بالاصفرار و شبهه و أن کان الاحوط انتظار ذهابه لما روی أن الرضا (علیه السلام) کان یصلی إذا أقبلت الفجة و یظهر من بعضهم أن أول وقت المغرب اسوداد الأفق و من بعضهم أنه بدو ثلاثة انجم و هما شاذان و أما أول وقت العشاء فهو بعد صلاة المغرب بمقدار أدائها للنصوص المستفیضة المتضمنة لجواز فعلها قبل ذلک علی الاضطرار و بدونها المؤیدة بفتوی المشهور بل الاجماع المخالفة لفتوی العامة الموافقة للسیرة القطعیة و العمل المحقق خلافا لجملة من أصحابنا فجعلوا وقته غیبوبة الشفق أما مطلقاً أو فی حالة الاضطرار استنادا لخبرین تضمنا أن وقتهما بعد ذهاب الحمرة و هما محمولان علی الحمرة المشرقیة من باب المقاربة لقصر صلاة المغرب أو علی التقیة أو علی الأفضلیة لمکان النافلة لمرید التنفل لا لنفسه لما ورد من الإخبار الدالة علی فعل رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لصلاة المغرب و العشاء قبل الشفق و انه جمعها بأذان واحد من غیر علة بحیث آخر وقت العشاء بین نصف اللیل للإخبار المستفیضة للإخبار المصرحة بذلک و الکتاب المفسر بالأخبار المتکثرة أن غسق اللیل نصفه و لفتوی المشهور بل کاد أن یکون مجمعاً علیه بیننا و المتبادر من نصفه هو ما کان بین غروب الشمس و طلوع الفجر و هو الاحوط و یحتمل التنصیف لما بین الغروب و طلوع الشمس و لکون انحدار النجوم إلی نحو المغرب و تشعر به بعض الإخبار أیضا و الاحتیاط لا یخفی خلافاً لمن جعل أخره طلوع الفجر إما مطلقاً أو فی الاضطرار و العذر لما ورد لا

ص: 19

تفوت صلاة النهار حتی تغیب الشمس و لا صلاة اللیل حتی یطلع الفجر و الصحیح أن نام الرجل أو نسی أن یصلی المغرب و العشاء الأخیرة فان استیقظ قبل الفجر قدر ما یصلیها فلیصلهما فان خاف أن تفوته أحدهما فلیبدأ بالعشاء و نحوه روایة أبی بصیر و للأخبار الآمرة بهما قبل الفجر إذا طهرت الحائض فان ظاهره الأداء لا القضاء و الکل ضعیف لا یقاوم ما قدمناه من الإخبار الموافقة للکتاب و المشهور و المخالفة لفتوی الجمهور و یزید فی ضعفها موافقتها لفتوی العامة و خلو إخبار المواقیت علی کثرتها منها و معارضتها لما اشتهر فی الإخبار أن لکل صلاة وقتین لاستلزامه علی قولهم التثلیث و معارضتها بعض الإخبار الناهیة عن تاخیر صلاة المغرب و صلاة العشاء عن نصف اللیل و للأخبار الآمرة بقضاء صلاة العشاء لتارکها إلی ما بعد الانتصاف و الأمر بالاصباح حتی أوجبه المرتضی و ادعی علیه الاجماع و الأمر بالاستغفار و ترتب هذه الاحکام علی صلاة المغرب بالطریق الأولی و خلافاً لمن جعل أخره غیبوبة الشفق مطلقاً للنصوص المستفیضة الدالة علی ذلک و فیها الصحیح و الموثق و غیرهما و هو ضعیف لضعف الاخبار عن المقاومة لما تقدم فلتحمل أما علی التقیة کما حکی عن جماعة من العامة من أصحاب أبی حنیفة أو علی شدة الفضیلة و اعلی مراتبها فی الفضل مضافاً إلی ما دل من الإخبار المستفیضة بجواز تاخیر المغرب فی السفر إلی ثلث اللیل کما فی الصحیح أو ربعه کما فی الموثق أو إلی خمسة أمیال من المغرب کما فی الصحیح و غیره أو الی ستة أمیال کما فی الخبر و فی جملة منها جواز تاخیره عن الشفق فی السفر خاصة کما فی الصحیح و لا بأس أن تؤخر المغرب فی السفر حتی یغیب الشفق قال لا بأس بذلک فی السفر و أما فی الحضر فدون ذلک شیئاً أو مطلقاً کما فی ظاهر الصحیح رائیاً الرضا (علیه السلام) و کنا عنده لم یصل المغرب حتی ظهرت النجوم و فی الخبر کنت عند أبی الحسن الثالث (علیه السلام) یوما فجلس یحدث حتی غابت الشمس ثمّ دعا بشمع و هو جالس یتحدث فلما خرجت منه نظرت و قد غاب الشفق قبل أن یصلی المغرب ثمّ دعا بالماء فتوضأ و صلی و فی الموثق فی الرجل یصلی المغرب بعد ما یسقط الشفق فقال لعلة لا بأس و خلافاً لمن فعل آخر وقته للمختار غیبوبة الشفق و ربع اللیل للمضطر جمعاً بین

ص: 20

النصوص المانعة علی الاطلاق و النصوص المرخصة للتأخیر إلی ربع اللیل للمسافر و غیره من ذوی الحاجة و هو لا یقاوم ما تقدم من وجوه عدیدة فلتحمل علی بیان الوقت الفضیلی الذی یتسامح فی أمره فی السفر و العذر و المرض و الحاجة و یکون للمغرب فضیلتان.

أولهما: أفضل اجزاها و أجزائی و یمکن جعل فضیلی رابع و هو ثلث اللیل کما یشیر إلیه بعض الروایات الصحیحة من أن وقت المغرب فی السفر إلی ثلث اللیل و خلافا لجماعة فی آخر وقت العشاء فجعلوه ثلث اللیل أما مطلقاً للخبرین وقت العشاء حتی یغیب الشفق إلی ثلث اللیل کما فی أحدهما و فی الآخر آخر وقت العشاء ثلث اللیل أو مقیداً بکونه للمختار و للمضطر إلی نصف اللیل للموثق العتمة إلی ثلث اللیل أو إلی نصف اللیل و ذلک التضییع و هو ضعیف لا یعارض ما تقدم و ما ورد بالخصوص من أن آخر وقت العتمة نصف اللیل و ما ورد عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لو لا أن اشق علی أمتی لأخرت العشاء إلی نصف اللیل و ما ورد فی الموثق و انت فی رخصة إلی نصف اللیل و ظاهر ذلک أنه وقت یجوز التأخیر إلیه من غیر عذر و یؤید بما تقدم من الأدلة کتاباً و سنة و ربما یظهر من بعض الاخبار استحباب تاخیر صلاة العشاء مطلقاً أو تأخیرها إلی ثلث اللیل أو تأخیرها إلی النصف و لکنه لا نقوله و یحمل ما جاء فی ذلک مثل قوله (علیه السلام) لو لا أنی أخاف أن اشق علی أمتی لأخرت العتمة إلی ثلث اللیل و فی أخر إلی نصف اللیل علی إرادة نفی الاستحباب و ثبوته لو لا المشقة و لیس المراد ثبوته نفی الفعل منه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لو لا المشقة.

ص: 21

القول فی صلاة الفجر:

بحث أول صلاة الفجر و هی طلوع الفجر الثانی المستطیل فی الأفق

المعترض فیه علی وجه الانتشار أو المستدق الصاعد إلی فوق المشابه لذنب السرحان و فی الخبر الصحیح کان رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) یصلی رکعتی الصبح و هو الفجر إذا اعترض الفجر و أضاء حسنا و فی أخر الصحیح هو الذی إذا رایته معترضاً کأنه بیاض سوری و فی أخر عن وقت صلاة الفجر فقال حتی حین یعترض الفجر فتراه مثل نهر سوری و سوری موضع بالعراق بیاضها و بنائها و نهرها سواء یشبه به الفجر لبیاضه و فی أخر مکاتبته الفجر رحمک الله هو الخیط الأبیض المعترض لیس هو الأبیض صعداً و فی أخر اعترض الفجر فکان کالقبطیة البیضاء فثم یحرم الطعام علی الصیام إلی غیر ذلک و یفهم من هذه الإخبار و غیرها أنه لا یجزی مجرد رؤیة الفجر و ابتداء بیاضه لبعض أهل النظر و العارفین بل یتوقف علی ظهوره مساءً و صیرورته کبیاض سوری أما تحقیقاً أو تقدیراً کما إذا کانت فی السماء علة و لا یبعد إلحاق اللیالی المفجرة إذا تم البدر أو قارب التمام بها و لکن الأحوط اعتبار التحقیق فیها لا التقدیر و هل یستحب الانتظار بصلاة الصبح فوق ذلک الظاهر لا بل یستحب فیها البدار و الغلس بها کما ورد عن أبی عبد الله أنه کان یصلی الغداة یغلس إلی طلوع الفجر الصادق أوله ما یدار قبل أن یستعرض و آخره طلوع الشمس مطلقاً للأخبار و المشهور بین الأصحاب خلافاً لمن جعل أخره طلوع الفجر لحمرة المشرقیة للمختار و طلوع الشمس للمضطر استناداً لبعض الإخبار الضعیفة المحمولة علی الوقت الفضیلی الذی لا ینبغی أن یؤخر عنه کما تشعر به بعض الإخبار المعتبرة بأن الصلاة عند قرب طلوع الشمس صلاة الصبیان و استناداً للصحیحین المشتملین علی لفظ لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً و هو ضعیف لعدم ظهور لا ینبغی فی المنع أن لم یکن ظاهرة فی عدمه کما إن الظاهر من نسبتها إلی الصبیان أنها جائزة و لکن لا یقدم علیها الفضل و الرتبة فی الفتوی و هو ظاهر.

ص: 22

القول فی أوقات النوافل:

بحث وقت نافلة الظهر عند الزوال

و لا یجوز تقدیمها إلا فی یوم الجمعة وفاقا للمشهور و لتوقیفیة العبادة و للتأسی بصاحب الشرع و للأخبار المعتبرة المشتملة علی الصحیح و غیره الحاکیة عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) فعل ذلک بلفظ کان لا یصلی قبل الزوال الظاهر فی الاستمرار و المداومة و جفاء الصلاة قبل ذلک و ذهب جمع من أصحابنا إلی جواز التقدیم قبل الزوال و جواز التأخیر بنیة الأداء للإخبار الدالة علی أن النافلة مثل الهدیة متی اتی بها قبلت و للخبر بالخصوص صلاة النهار ست عشرة رکعة صلها أی النهار شئت أن شئت فی أوله و أن شئت فی وسطه و أن شئت فی أخره و فی آخر ست عشرة رکعة أی ساعات النهار شئت إلا انک إذا صلیتها فی مواقیتها افضل و غیر ذلک و لقلة القابل بها و هجر الأصحاب لها ضعف الاعتماد علیها فلتحمل صورة التقدیم علی فعل مبتداه و احتسابها من الراتبة کما یشعر به لفظ اعتد فی الصحیح حیث قال صل ست رکعات إذا کانت الشمس فی مثل موضعها من صلاة العصر و اعتد بها من الزوال و فی صورة التأخیر علی القضاء و هو لا بأس به فتوی و روایة و قید جمع من المتقدمین جواز التقدیم لخوف الفوات للإخبار المرخصة علی ذلک و السجود فیها الرجل یشتغل عن الزوال یعجل أول النهار قال نعم إذا علم أنه یشتغل فیستعجلها صدر النهار کلها و القول به لا بأس به للاهتمام بأمر النافلة و لکن الاحوط ترکه بحث آخر وقت نافلة الظهر القدمان و الأربعة أقدام و الأحسن أن یجعل الفریضة داخلة فیهما و الدلیل علی امتداد وقت النافلة إلی الأقدام المذکورة الأخبار الدالة علی حصر وقت النافلة فی الأقدام و أن الأقدام شرعت لمکان النافلة و الاجماع علی عدم تجاوز ذلک و الاحتیاط فی العبارة التوقیفیة و وجوب اتباع المعلوم فعله من اصحاب الشریعة و ما دل علی النهی عن التطوع فی وقت الفریضة غایة ما خرج منتهی الأقدام فیبقی الباقی و قبل بامتداد وقتها إلی المثل فی الظهر مع الغرض و بدونه و المثلین فی العصر استناداً لما مر من الامر لزرارة بالصلاة عند المثل و المثلین و فیه ضعف لعدم التصریح فیه بان ذلک لمکان النافلة و لقربه للتقیة فلیحمل

ص: 23

علیها کما قد منا و استناداً لروایات القامة الدالة علی الأمر بالصلاة إذا کان الظل قامة أو قامتین و فیه ضعف أیضاً أولًا بعدم التصریح فیها بان ذلک لمکان النافلة.

و ثانیاً: باحتمال إرادة القدمین من التامة لإطلاق القامة علی الذراع المراد به سبعا الشاخص و هما القدمان و لروایة الذراع الواردة بان حائط مسجد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) کان قامة فإذا مضی من فیئه ذراع صلی الظهر و ذراعان صلی العصر و وجه الاستدلال بهما أما بحمل القامة علی الذراع لاستعمالها فیه و یراد بالذراع ذراع الید لا سبعا الشاخص لما ورد أن حائط مسجد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) کان ذراعاً و کذا رجل رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و حینئذ تکون الروایة صریحة فی المثل و المثلین و أما یحمل الذراعان علی القامة و اراده قامة الشخص الإنسانی من القامة کما هو المتبادر منها أو ارادة الجنس و هو ما قام و یکون صریحاً فی المعنی الأول أیضاً و فیه أنه تکلف و خروج عن الظاهر إذ الظاهر أراده قامة الشخص الإنسانی لا کل قامة من لفظ القامة کما هو المتبادر و ورد أن حائط المسجد کان قامة شخص إنسانی و إرادة سبعی الشاخص من لفظ الذراع لأنه المعروف فی الاطلاق و الإخبار و سیاق الروایة شاهدا علیه و قد یستند لهذا القول بما ورد من المعتبرة المستفیضة الدالة علی عدم القدم و القدمین و ان الاعتبار بالفراغ من المسبحة و هی النافلة طالت أو قصرت و فیه أن غایته نفی لخصوصیة الأقدام لا لاثبات المثل و المثلین بل فی بعضها اشعار بنفیها أیضاً نعم قد تصلح هذه الروایات شاهد القول من یذهب إلی امتداد وقت النافلة بامتداد وقت الفریضة و لکنها لا تصلح لمقاومة ما ذکرناه فلا بد أن تخصص بروایات الأقدام.

بحث: فی وقت نافلة المغرب

وقت نافلة المغرب الفراغ منها إلی ذهاب الحمرة المغربیة لأنه المتیقن من وقت جوازها لتوقیفیتها و للنهی عن التطوع وقت الفریضة و لموافقته لفتوی المشهور و الإجماع المنقول و بهذا یخص اطلاق ما جاء أن نافلة المغرب بعدها علی أن ظاهر البعدیة ینصرف إلی ما قبل الحمرة لغلبة فعل صلاة المغرب عند غروب الحمرة المشرقیة

ص: 24

و ما بینهما واسع للنافلة و الفریضة مع أنه من المستبعد عدم تحدید وقت نافلة المغرب دون باقی النوافل مع أن تحدیدها لمکان الفریضة و العلة مشترکة و ما ورد من أن أبا عبد الله (علیه السلام) یتنفل بالمزدلفة بعد المغرب ضعیف و معارض بما جاء من استحباب الجمع هاهنا.

بحث: وقت نافلة العشاء

تمتد نافلة العشاء بناء علی أنها لها من الفراغ إلی ذهاب وقتها لإطلاق الأمر بفعلها بعدها السالم عن المعارض و لفتوی المشهور و الإجماع المنقول.

بحث: وقت نافلة اللیل

وقت نافلة اللیل من انتصاف إلی طلوع الفجر الثانی و لا یختص أخر الوقت بالوتیرة أو بنافلة الفجر علی الأظهر فیجوز لمن اقتصر علی رکعتین من النافلة أن یأتی بهما أداء أخر الوقت و یدل علی التوقیت بالانتصاف دون ما قبله الإجماع المنقول و المعهود عن أصحاب الشرع و المنقول من فعل النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیه السلام) علی سبیل الدوام و للأخبار الآمرة بها قبل الانتصاف و الاظهر أن الانتصاف هو ما بین غروب الشمس و طلوع الفجر و هو الأحوط و یحتمل قویاً إرادة ما بین الغروب و طلوع الشمس و تکون علامته انحدار النجوم إلی نحو المغرب لما ورد أن للیل زوال کزوال الشمس قال: فأی شی ء نعرفه قال: بالنجوم إذا انحدرت و هذا هاهنا أحوط و ثلث اللیل الأخیر افضل و کلما قرب من الفجر کان افضل سیما للوتر و رکعتی الفجر و کل ذلک للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و ما ورد عن أبی الحسن (علیه السلام) عن افضل ساعات اللیل قال الثلث الباقی و عن ساعات الوتر قال آخرها إلی الفجر الأول و ورد فی کثیر من الإخبار و ان رکعات نافلة اللیل فی السحر و السحر آخر اللیل و قال الله تعالی: (وَ الْمُسْتَغْفِرِینَ بِالْأَسْحٰارِ)، و ورد فی قوله تعالی (وَ بِالْأَسْحٰارِ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ)، فی الوتر فی أخر اللیل سبعین مرة و ورد فی عدة أخبار أنها فی أخر اللیل صریحاً و لا یعارض هذا ما ورد فی بعض الأخبار من فعل رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) خلاف ذلک به لشدة عبادته أو

ص: 25

لأن مشقة النوم و الجلوس سریعاً بلا تفعلهما أخر اللیل أو علی من أراد التفریق بین کل رکعتین کما یظهر من فعل النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فیستحب له الابتداء من نصف اللیل و أما من اراد الجمع فالتاخیر افضل أو علی أن من اراد أن یفعل فعل النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) یجلس و یصلی و ینام و یجلس و یصلی و هکذا علی أنه یمکن المناقشة فی استفادة فعل النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) للنافلة من نصف اللیل من الأخبار فلو استفید فلا یعارض ما قدمناه و یستحب اختصاص الوتر بما بین الفجر لما ورد فی الأخبار من الأمر بها فی الفجر الأول و افتی بذلک جملة من الأصحاب و ما نقل عن المرتضی من جعل غایة صلاة اللیل طلوع الفجر الأول و علله بعضهم أنه لکونه وقتا لنافلة الفجر و لا یدخل وقت صلاة إلا بعد مضی وقت الأخری ضعیف مخالف لاطلاق النصوص و الفتاوی.

بحث: فی رکعتی الفجر

اشارة

أول رکعتی الفجر من صلاة اللیل و الوتر لمن صلاهما وفاقا للمشهور و لما ورد أنها من صلاة اللیل کما فی الصحیح و فی الموثق قال قلت له رکعتا الفجر من صلاة اللیل قال نعم و فی أخر عن أول رکعتی الفجر فقال سدس اللیل و لمن لم یصل صلاة اللیل أخذ باطلاق النص و الفتوی خلافاً لجملة من أصحابنا فجعلوا أول وقتها طلوع الفجر الأول للاحتیاط و للامر به فی الصحیح قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): صلهما بعد ما یطلع الفجر و هو ضعیف لعدم مقاومته لما تقدم فلتحمل الروایة علی الفضل و الاستحباب و یدل علیه استحباب تاخیر الوتر إلی الفجر و هی مترتبة علیها فیلحقها حکم الاستحباب بالأولویة و یدل علیه أیضا الأمر باعادتها لو صلاها قبل طلوع الفجر فی الخبرین و المراد به الفجر الأول بقرینة سیاق الصحیح منهما لأن فیه ربما صلیتهما و علیَّ لیل و سیاق الموثق لأن فیه و اصلی الرکعتین فاقام ما شاء الله قبل أن یطلع الفجر و أما آخر وقتها الحمرة المشرقیة و لا یمتد الغداة حتی یظهر و تظهر الحمرة و لم یرکع رکعتی الفجر أ یرکعهما أو یؤخرهما قال یؤخرهما و فی أخر صل الرکعتین ما بینک و بین ما یکون الضوء حذاء رأسک فإذا کان بعد ذلک فابدأ بالفجر و خلافاً لبعض

ص: 26

أصحابنا فیمتد وقتها بامتداد وقت الفریضة لروایة سلیمان بن خاله عن الرکعتین قبل الفجر قال یترکهما و فی خط الشیخ (رحمه الله) یرکعهما حتی یترک الغداة أنهما قبل الغداة و لما ورد من فعل النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لهما قبل قضاء الفریضة فقیل أدها فی وقتها أولی و هو ضعیف لموافقة الثانی للعامة المجوزین علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ما لا یجوز علی أحد الأولیاء و المتقین و لا نرض نسبته إلی أحد المتعبدین و لضعف الأول و اضطراب متنه و اختلاف نسخه و قرب محامله علی الأمر بهما قبل دخول وقت الفرض بان یکون المعنی أنه لا یفعلهما إذا أدی فعلهما إلی ترک الغداة علی النسخة الأولی أو یفعلهما حین یترک الغداة لعدم دخول وقتها علی النسخة الثانیة و لا ینتهی بطلوع الفجر الثانی کما علیه جماعة من أصحابنا استناداً للأخبار الناهیة عن التطوع فی وقت الفریضة عموماً و للأخبار الخاصة الدالة علی ذلک خصوصاً و منها الصحیح بهما صلاة اللیل وصلهما قبل الفجر و الصحیح الأخر عن رکعتین قبل الفجر أو بعد الفجر قال قبل الفجر أنهما من صلاة اللیل أ ترید أن تقایس لو کان علیک من شهر رمضان أ کنت تتطوع إذا دخل علیک وقت الفریضة فابدأ بالفریضة و فی أخر سألته متی یصلیهما فقال بعد طلوع الفجر فقال أن أبا جعفر (علیه السلام) أمرنی أن اصلیها قبل طلوع الفجر فقال یا أبا محمد أن الشیعة أتوا أبی مسترشدین فأفتاهم بمر الحق و اتونی شکاکاً فافتیتهم بالتقیة و فی آخر فإذا أنت قمت و قد طلع الفجر فابدأ بالفریضة و لا تصل غیرها و فی الجمیع نظر لمعارضته أولا بالأخبار المجوزة لفعلها بعد الفجر الثانی صریحاً کقوله (علیه السلام) صل رکعتین ما بینک و بین ما یکون الظل حذاء رأسک و فی آخر الرجل یقوم و قد نور بالغداة قال فلیصل السجدتین اللتین قبل الغداة ثمّ لیصل الغداة و فی آخر متی اصلی رکعتی الفجر قال حتی یعترض الفجر و هو الذی تسمیه العرب الصدیع و ضعف هذه الأخبار مجبور بفتوی المشهور و عمل الجمهور بالإجماعات المنقولة ثانیا و بالصحیح و غیره الدالین علی الأمر بهما قبل المعنی و معه و بعده ثالثا و الظاهر منه هو الفجر الثانی أن کان مشترکا لفظهما و أن کان مقتضیة فلا شک فی الحمل علیه و بان

ص: 27

حمل تلک الأخبار علی الاستحباب خیر من حمل هذه علی التقیة لأدائه إلی طرحها بالکلیة و مع ذلک فالاحتیاط بترک النافلة بعد طلوع الفجر الثانی لازم.

مسائل:

الأولی: لا یجوز تقدیم ذی الوقت علی وقته لتوقیفیة العبادة

فلا یجوز تقدیم شی ء من الرواتب علی وقتها و ان خاف فوتها إلا نافلة اللیل عند خوف الفوات لعارض لا بالاختیار من نوم أو سفر أو مرض أو شغل أو غیر ذلک کما هو فتوی المشهور و علیه الإجماع المنقول و الأخبار المستفیضة الواردة فی السفر و غیره و خصوصاً و منها صحیح ابن أبی نجران عن الصلاة باللیل فی السفر فی أول اللیل فقال إذا خفت الفوت فی أخره و صحیح الآخر عن الرجل یخاف الجنابة فی السفر و فی البرد یعجل صلاة اللیل و الوتر فی أول اللیل فقال نعم و فی أخر خشیت أن لا تقوم فی آخر اللیل أو کانت بک علة أو اصابک برد فصل صلاة الشفع و الوتر من أول اللیل و فی خبر الفضل بن شاذان إنما جاز للمسافر و المریض یصلیا صلاة اللیل فی أول اللیل لاشتغاله و ورد بخصوص الشیخ أنه قال یقول أما انتم فشبان تؤخرون و أما أن الشیخ اعجل و کان یصلی اللیل أول اللیل و ورد فی الشباب بالخصوص فیمن استأذنه منه بالتقدیم فقال نعم ما رایت و نعم ما صنعت ثمّ قال أن الشاب یکثر النوم فانا أمرک به إلی غیر ذلک من الأخبار المؤیدة بفتوی الأخبار و من أصحابنا منع ذلک لتوقیفیة العبادة و لقوله (علیه السلام) فی الصحیح قلت له رجل من موالیک من صلحائهم شکا إلی ما یلقی من النوم فقال أنی أرید القیام باللیل فیغلبنی النوم حتی أصبح فربما قضیت صلاة الشهر السابع و الشهرین اصبر علی ثقله فقال قر عین له و فیه قرة عین له و الله و لم یرخص فی النوافل أول اللیل و قال القضاء بالنهار أفضل و ضعف الاستدلال به ظاهر لظهور عدم الرخصة هنا فی التقدیم أنما هو للمحافظة علی القضاء لمن لم یتمکن منه لا لعدم جوازه کما یشیر إلیه قوله فی أخره فی روایة الشیخ و الکلینی (رحمه الله) فإن من نسائنا أبکار الجاریة تحب الخیر و أهله و تحرص علی الصلاة فیغلبها النوم حتی ربما قضت و ربما ضعفت عن

ص: 28

قضائه و هی تقوی علیه أول اللیل فرخص لهن فی الصلاة أول اللیل إذا ضعفن و ضیعن القضاء و مع ذلک فلا یعارض ما تقدم و إطلاق النص و الفتوی یقضی بعدم الفرق بین من تمکن من القضاء و بین من لم یتمکن منه خلافاً لبعضهم و بین أن یکون العذر مسبباً عن أمر اختیاری کالسهر و عدم النوم فی نصف اللیل الأول أو یکون عن أمر اضطراری و لا فرق بین کل صلاة اللیل أو بعضها شفعاً أو وتراً أو غیرهما حتی نافلة الفجر علی الأظهر لدخولها فی حکم صلاة اللیل و اسمها و لا یجوز التقدیم قبل دخول اللیل اقتصاراً علی مورد الیقین و لا فعلها قبل العشاءین بناء علی حرمة التطوع قیل و له أن یعیدها بعد فعلها فی الوقت فی وجه و الاحوط خلافه لاقتضاء الامتثال للاجزاء و له أن ینوی الاداء و الاحوط أن ینوی التعجیل و علی کل حال فقضاء النافلة افضل من تقدیمها و إن اتصف التقدیم بالتعجیل و التأخیر بالتاخیر للروایات و کلمات الاصحاب المشتملة علی افضلیة القضاء و هل للمقدم أن یقضی الظاهر لا لعدم الدلیل و الأصل یقتضی بعدمه.

الثانیة: یقوی القول بعدم جواز الإقدام علی رکعتین من نافلة یقطع بعدم إمکان تمامهما قبل دخول وقت الفریضة

بناء علی حرمة التطوع وقت الفریضة و علی أن للرواتب أوقات خاصة لا یصح التعدی عنها و ما دل علی أن من أدرک الوقت رکعة من الوقت فکأنما ادرک الوقت کله منصرف للفریضة و اجرائه فی النوافل مشکل نعم لو قطع بادراک رکعتین من وقت الراتبة أو واحدة مفصولة کالوتر فلا یبعد جواز فعلها منفردة بل لا یبعد جواز فعلها مع السعة منفردة أیضاً لأن اشتراط انضمام بعضها لبعض لا دلیل علیه لانحلالها إلی أوامر متعددة و مقتضی القاعدة عدم جواز الإتیان بما عدا الرکعتین اللتین فعلهما و کذا لو تخیل سعة الوقت فتلبس فی النافلة فالظاهر أنه إن ادرک اتمها رکعتین و کذا أن لم یدرک رکعة علی الأظهر لتحریم ابطال العمل حتی فی النافلة و دعوی کونه باطلا لنفسه لروایة لا تطوع فی وقت فریضة یرهنها ظهور انصرافها لغیر مفروض المسألة و علی کل حال فلا یجوز الإتیان بما عدا الرکعتین اللتین تلبس بهما إلا فی نافلة الظهرین للنص و کلام الأصحاب ففی الموثق للرجل أن یصلی الزوال

ص: 29

ما بین زوال الشمس إلی أن یمضی قدمان اتم الصلاة حتی یصلی تمام الرکعات و أن مضی قدمان قبل أن یصلی رکعة بدا بالأولی و لم یصل الزوال إلا بعد ذلک و للرجل أن یصلی من نوافل العصر ما بین الأولی إلی أن یمضی أربعة أقدام فان مضی الأربعة الأقدام و لم یصل من النوافل شیئاً فلا یصلی النوافل و أن کان قد صلی رکعة فلیتم النوافل حتی یفرغ منها ثمّ یصلی العصر و اجمال صدره فی الجملة غیر ضائر بعد موافقة المشهور له و عدم الفرق بین ما فی صدره و عجزه و ظاهره أنه مخصوص بمن تخیل السعة فتلبس برکعة فلا یجزی لمن تعمد الأقدام غیر ظان السعة نعم لو ظن السعة فی ست رکعات أو أربع للعصر فتلبس فتبین الضیق فلا یبعد أن حکمه حکمه بل لا یبعد جریان ذلک فی رکعات الظهر و الاحوط التخفیف عند المزاحمة للاحتیاط بترک السورة و الاقتصار علی تسبیحة واحدة و تسلیمه واحدة و حذف التکبیرات المستحبة و القنوت و ینبغی أن لا ینوی فیها خصوصیة الاداء و القضاء و المجموع المرکب منهما و لا یجری الحکم لنوافل یوم الجمعة اقتصاراً علی مورد النص و الا فی نافلة اللیل لمن تلبس بأربع رکعات فخشی طلوع الفجر فاتم الصلاة طلع أو لم یطلع و لروایة الفقه الرضوی و لفتوی الأصحاب و ظاهرة اطلاق النص و الفتوی اختصاصه فیمن یصلی أربعاً بزعم السعة للکل فبان الضیق فانه یتمها فلا یسری الحکم لمن علم بعدم اتساع الوقت لما عدا الأربع ففعلها لأنها بعض المامور به کالجمعة بعض الأعلام تمسکاً بالإطلاق و الا لمن علم أنه لا یسع إلا ثلاثا کذلک و الظاهر أن المراد بالرکعة هی المرکب من الرکوع و السجود دون الرکعة المنفردة و دون رفع الرأس من السجدة الأخیرة و لو تلبس بشی ء و طلع الفجر بدأ بالفریضة و ترک النافلة و قد ورد فی بعض الأخبار تقدیم صلاة اللیل علی الفرض بعد دخوله أن لم یتلبس بشی ء منها و الظاهر أنها تکون قضاء فی وقت الفریضة ففی روایة إسحاق بن عمار أقوم اصلی و قد طلع الفجر و لم اصل صلاة اللیل فقال صل صلاة اللیل و اوتر و صل رکعتی الفجر قال قلت افعل انا إذا قال نعم و لا یکفی الوتر و الرکعتین قبل الفجر قال قلت افعل أنا إذا قال نعم و لا یکن منک عاده و فی آخر أقوم و قد طلع الفجر فإذا بدأت بالفجر صلها فی أول وقتها و أن بدأت بصلاة

ص: 30

اللیل و الوتر صلیت الفجر فی وقت هؤلاء قال ابداء بصلاة اللیل و الوتر لا تجعل ذلک عادة و هی کثیرة و فیها الصحیح و المعتبر و یمکن الأخذ بها مطلقاً و تکون مخصصة للنهی عن التطوع فی وقت الفریضة بل لا یبعد جریان الحکم لمن تلبس بما دون الأربع بالطریق الأولی و یمکن حمل هذه علی الرخصة بالخصوص لمن لم یتخذ ذلک عادة و من اتخذها عادة یحرم علیه ذلک لو لا أن الاحتیاط و عدم عمل الأصحاب بها إلا من شذ و ندر منهم و الاتفاق المنقول علی أن من تلبس بما دون الأربع لیس له أن یزاحم الفریضة و صحیح إسماعیل بن جابر قال قلت لأبی عبد الله (علیه السلام) أوتر بعد ما یطلع الفجر قال لا فغیره بالطریق الأولی و الأخبار الناهیة عن التطوع وقت الفریضة و الأخبار الناهیة عن النافلة قبل الصلاة بالخصوص و ما دل علی أن أخر صلاة اللیل طلوع الفجر فتکون قضاء بعد ذلک و من البعید تقدیم قضاء نافلة علی أداء فریضة بما یوهنها و یوجب طرحها و حمل کثیر منها علی الفجر الأول أو علی من تلبس بأربع من النافلة أو علی التقیة أولی و أما من علم بعدم ادراک جمیع نافلة اللیل فلیس له أن یصلی أربعاً و یزاحم بالباقی بل یتخیر بین أن یصلی ما امکن ثمّ یقطع فیصلی الفریضة ثمّ یقضی الباقی و بین أن یوتر و هو افضل و یدل علیه صحیحة بن مسلم سألته عن الرجل یقوم من أخر اللیل و هو یخشی أن یفاجئه الصبح أ یبتدئ بالوتر أو یصلی الصلاة علی وجهها حتی یکون الوتر أخر ذلک قال بل یبتدأ بالوتر و قال أنا کنت فاعلًا ذلک و قریب إلیه صحیح معاویة بن عمار بل لا یبعد أن من امکنه الثمان مخففة و الوتر علی وظیفتها و قضی الباقی بل لا یبعد اجراء الوتر عن الباقی کما یشیر إلیه صحیح معاویة بن وهب و فیه و یکتب له بصلاة اللیل و یظهر من بعض الأخبار من تلبس بالأربع و خاف طلوع الفجر أوتر و قضی الباقی صدر النهار و لا بأس بالعمل به فیکون حینئذٍ من تلبس بأربع و خاف طلوع الفجر أو طلع الفجر نفسه مخیراً بین اتمامها و مزاحمة الفریضة و بین الاقتصار علی الوتر و لو زاحم به و قضاء الباقی و بین ترک الکل و فعل الفریضة و لو أوتر فتبینت السعة فان تمت أتی بما تقدم و لا یبعد جواز اعادتها احتیاطاً لتحصیل الترتیب و أن لم یتمها أتمها برکعة أخری و جعلها من مبتدأة النافلة ثمّ اوتر

ص: 31

علی روایة و لو اتی بالشفع قبلها احتسب من المبتداة فی وجه أیضاً بل الظاهر أن المراد بالوتر فی هذه الروایات هو الثلاث لا مفردتها لشیوع اطلاقها علی الأول و الاحوط فی المزاحمة للمتلبس أن ینتهی بانتهاء الوقت الفضیلی للفجر و لا یتخطی عن ذلک کما افتی به جماعة من الأساطین و أن تکون مخففة کما أفتی به جماعة أیضاً و أشعرت به بعض الروایات و الاحوط لمن صلی الأربع عن جلوس بنیة إنها عن رکعة من قیام رکعتان أن لا یزاحم حتی یأتی بالثمانیة و الاحوط للمزاحم عدم التعرض لنیة الأداء و القضاء.

الثالثة: لا یجوز فعل الصلاة قبل وقتها فرضاً و نفلًا

و لا بعد وقتها إذا لم یکن قضاء للاجماع و الأخبار و الأصول و القواعد لا کلا و لا بعضاً و من فعل ذلک متعمداً بطلت صلاته ما لم تکن مقضیه و أن لم تفتقر إلی نیة و ما ورد فی الصحیح إذا صلیت فی السفر شیئاً من الصلاة فی غیر وقتها فلا یضرک مطرح أو محمول علی النافلة فی بعض المقامات أو علی الوقت الفضیلی أو التقیة أو علی غیر ذلک فلا تجوز الصلاة بالشک والوهم و التخمین إجماعاً و لقول الصادق (علیه السلام) لیس لأحد أن یصلی صلاة اللیل إلا لوقتها فان صلی مع الوهم أو الشک فلا تجزی لتوقف صدق الامتثال علی احرازه و لتعلق النهی به و للخبر إذا کنت شاکاً فی الزوال فصل رکعتین فإذا استیقنت أنها زالت بدأت بالفریضة و تجوز مع القطع قطعاً و هل تجوز مع الظن الشرعی للمتمکن من العلم کالبینة و خبر العدل و الموثق أم لا وجهان مبنیان علی عموم حجیة هذه و عدمها و لا یبعد الاکتفاء به بالنیة لثبوت ما هو اعظم من ذلک بها و للاستقراء و أما غیر الظن الشرعی مع التمکن فالأقوی عدم جواز الاعتماد علیه مؤذناً کان أو غیره مأخوذاً من العلائم فی الآفاق أو الحدس من الساعات و شبهها للأصل و الأخبار و ظاهرة الإجماع منقولة و محصلة و بخبر علی بن جعفر الدال علی عدم الاجتزاء بأذان الفجر حتی یعلم أنه قد طلع و ما ورد من جواز الاعتماد علی المؤذنین و انهم أمناء الله و جنح إلیه بعض أصحابنا محمول علی التعبد و هو بعید أو مطرح لا یقاوم ما قدمنا مع قوة احتمال حمله علی التقیة لتصریحها فی بعض منها

ص: 32

بالاعتماد علی أذان المخالفین أو علی حال العذر أو عدم التمکن من العلم أو علی حصول أمارات و قرائن تفید القطع مع الأذان کما هو الغالب أو علی إرادة التهیؤ أو الاستعداد و مباشرة مقدمات الصلاة لأنهم منهیون و منذرون بالوقت و أما من لم یتمکن من العلم بجمیع أقسامه فعدم تمکنه أما أن یکون لعلة فی السماء لا فی الأرض مانعه من تحصیل العلم أو یکون لعلة فیه من مرض أو عمی أو اقعاداً أو یکون لفعل غیر فیه ذلک کصد و حبس و شبههما أو یکون لضعف بصیرة منه ککثیر من الجهال و العوام و العجائز الذین لا یعرفون الأوقات و الأظهر فی الجمیع کفایة الظن و أن أمکنه العلم بالتأخیر بل و أن أمکنه العلم فی الحال بطریق یحتاج إلی تکلف و مشقة نعم لو أمکنه بسهولة وجب و یدل علی کفایة الظن هنا ما دل علی نفی العسر و الحرج و السیرة و الطریقة المستقیمة من الرجال للرجال و أهل الخبرة و من العجائز و الجهال و الصبیان و العمیان و ما ورد من اعتماد الکاظم (علیه السلام) علی غلامه فی الوقت حین حبسه و ما ورد من أخبار المؤذنین قاض به فان لظاهرها إنهما یکتفی بهما للعوام و الضعفاء و شبههم و ما ورد فی مضمر سماعة فی الصلاة باللیل و النهار إذا لم تر الشمس و لا القمر و لا النجوم قال اجتهد رأیک و تعمد القبلة جهدک و فی خبر الحسین بن المختار فی یوم الغنیمة قال إذا صاح الدیک ثلاثة أصوات ولاءً فقد زالت الشمس و فی أخر قریب إلیه و من المعلوم عدم إفادة ذلک القطع لا للسائل و لا لغیره و عدم کونه من الأمور التعبدیة و ما ورد من الاکتفاء بظن الغروب و الإفطار و أنه لیس علیه قضاء و هی و أن کانت مطلقة شاملة لما إذا کان فی السماء علة و لما لم یکن لکنها مقیدة بالإجماع و بروایة أبی الصلاح الکنانی لتقیّدها بقوله و فی السماء علة و هو و ان کان فی کلام السائل و لا یقید کلام المسئول لکنه بقرائن السیاق فی الإخبار یراد به ذلک لبعد الإفطار اشتباها من دون وجود علة فی السماء و کما وجد فی کثیر منها و لا فرق بین الصوم و الصلاة اتفاقاً علی الظاهر و ما نقل من الإجماع أو من الشهرة المحصلة أقوی شاهداً علی ذلک فظهر ضعف ما ذهب إلیه جمع من أصحابنا من وجوب الانتظار إلی

ص: 33

حصول العلم تمسکاً بما جاء من النهی عن الظن و ما ورد من وجوب الأخذ بالیقین عموماً و خصوصاً لضعف ذلک عن مقاومة ما ذکرناه.

الرابعة: من علم أنه لا یدرک من أول الوقت إلا مقدار بعض الصلاة ثمّ یموت بعد ذلک أو تحیض المرأة

لم تجب الصلاة و لو علم قبل الوقت أنه یدرک الصلاة تماماً لکن من دون شرائطها وجبت علی الأظهر و وجبت الشرائط قبل الوقت و یکون کالواجبات المضیقة الأصلیة و لکن من قصر و إتمام و فی مواضع التخییر یلاحظ القصر و فی جمیع هذه یجب القضاء عند الفوت إلا إذا لم یعلم ابتداء فانه لا یبعد سقوط القضاء و لو علم عند دخول الوقت بعدم اتساع الوقت إلا لنفس الفریضة فان کان محرزاً للشرائط وجبت علیه و قضاها و أن لم یفعلها و أن لم یکن محرزاً للشرائط و وجب علیه التأدیة مجردة عن شرائطها ما عدا الطهور علی الأظهر و وجب قضاؤها أن لم تفعل و یحتمل سقوطها عنه لعدم العلم بالتکلیف مع عدم إحراز الشرائط بخلاف من استقرت علیه و فقدها و أن کان المفقود شرط الطهور و لم یسع الوقت له و للصلاة لم تجب و لو تمکن من تیمم و صلاة و صلاة احتمل الوجوب کمن ضاق علیه الوقت بعد استقرار الوجوب احتمل العدم لعدم إمکان التکلیف و من أدرک من أخر الوقت الصلاة تامة الشرائط وجبت علیه و کذا لو کانت فاقدة للشرائط ما عدا الطهورین فان الاظهر وجوب الإتیان بها مجردة عن الشرائط و یحتمل العدم للشک فی التکلیف قبل استقراره و من تمکن من فعلها مع المتیمم قوی القول بوجوب فعلها معه و احتمل العدم و یلحق بمن أدرک الصلاة تامة فی أخر الوقت من أدرک رکعة منها جامعه للشرائط أو غیر جامعة لما عدا الطهور و فی الاکتفاء بالتیمم و رکعة وجه فانه یجب علیه الإتیان بها لفتوی الأصحاب و الاجماع المنقول فی الباب و للاخبار المستفیضة المنجبرة بفتوی المشهور و عمل الجمهور أن من أدرک من الوقت رکعة فکأنما أدرک الوقت کله و لا یتفاوت الحال بین من لم یستقر علیه الوجوب کالحائض إذا طهرت و المجنون إذا افاق و الصبی إذا بلغ و بین من استقر علیه ذلک فاخر الصلاة اختیاراً أو نسیاناً أو اضطراراً و هذا أولی بالوجوب و إذا لم یتمکن إلا من رکعة و تیمم فانه یتیمم و یأتی

ص: 34

بالرکعة و کذا جمیع الشرائط الاختیاریة عند فقدها فانه یجب الإتیان بالرکعة إذا کانت مجردة عنها بعد استقرار الوجوب أو قبل استقراره و لکنه بعید بعد استقراره بالطریق الأولی و هل تکون صلاة من أدرک رکعة قضاء بخروج الکل عن الوتر لصیرورة الأول مکان الأخیر و الأخیر فی غیر الوقت أو کلها أداء للامر بها فتکون وقتاً أو ملفقه وجوه و الأحوط منها ترک نیة ذلک و المراد بالرکعة هی مجموع الرکوع و السجود لتبادر ذلک منها فی الإخبار و کلام الأصحاب و لأنه المتیقن من وجوب الصلاة بإدراکها و أن أطلقت الرکعة علی مجرد الرکوع إطلاقاً شائعاً متعارفاً و هل یدخل الرفع من السجود الأخیر فی الرکعة أم لا الأظهر العدم لعدم دخول الرفع فی مسماها بل هو مقدمة علی الفعل الآخر و هو مما یتحقق به الفراغ من الرکعة لا مما یتحقق به الإدراک و رکعة کل مصل بحسبه حتی ینتهی إلی تکبیره واحدة و تسبیحه واحدة و لو دار الأمر بین الإتیان بالرکعة الاختیاریة الجامعة بین الإتیان بصلاة کاملة اضطراریة قدم الأخیرة و لو أدرک اقل من رکعة أو رکعة فاقدة للطهورین بحیث لم یتمکن حتی من التیمم فی وجه لم تجب الصلاة و لا یجب قضاؤها أن لم یستقر الوجوب و لا یجب المسارعة للأداء أن استقر الوجوب و من أدرک خمس رکعات وجب الفرضان لمزاحمة الأولی لوقت الثانیة و الثانیة لغیر وقتها فیشمله ما دل علی إدراک الوقت بإدراک الرکعة فتکون الثلاثة مزاحمة للعصر و علی هذا فالمدرک اربعاً من انتصاف اللیل لا یصلی سوی العشاء لاختصاصها بذلک و من أدرک خمساً صلاها معاً و احتمل بعضهم وجوب تأدیة الفرضین لمدرک الأربع قبل الانتصاف مستثنا بوجه ضعیف لا یلتفت إلیه و مدرک الثلاثة فی السفر من غروب الشمس کمدرک الخمس و مدرک الأربع قبل انتصاف اللیل بمنزلة من أدرک خمساً إذا کان حاضرا و یقوی القول بان الصبی إذا بلغ فی الأثناء و کان الوقت متسعاً لادراک الصلاة کلها أولا دراک رکعة منها و قد صلی قبل ذلک صلاةً تامة أجزأت صلاته و لا یجب علیه الإعادة و لکن الأشهر و الاحوط الإعادة لتوجه الخطاب إلیه ابتداء و عدم اجزاء ما سبق و لو بلغ فی أثناء الصلاة بما لا یبطلها قوی القول بوجوب الإتمام لتحریم إبطال العمل و الأجزاء أیضاً لأنها عبادة شرعیة و تغییر

ص: 35

صفة الخطاب لا یقتضی بطلان ما مضی علی الصفة الأولی و المفروض أن المطلوب واحد فتجزی عن إیجاد الماهیة المطلوبة و الاحوط الإتمام و الإعادة مع السعة و القطع و الاستئناف إذا لم یبق من الوقت إلا قدر رکعة واحدة.

الخامسة: من صادف جزء من صلاته غیر الوقت عمداً

بطلت صلاته للأخبار و للإجماع و الأصول المحکمة و لو صلی متعمداً أنه فی غیر الوقت بطلت صلاته و لو صادف الوقت لمکان النهی عنها فان لم یکن عامداً فاما أن یکون ناسیا و غافلًا أو یکون جاهلًا بحکم وجوب الصلاة فی الوقت و هما سواء و یکون جاهلًا بتحقق موضوع الوقت و وقوعه و لکن کان معتقداً أو کان تکلیفه الاعتماد علی الظن أو الحدس مثلًا:

أما الأول: فالأظهر فساد صلاته لو خرجت کلها عن الوقت کما أن الأظهر صحتها لو وقعت کلها فی الوقت أما الأول فللأصل و الشک فی الخروج عن العهدة معه للإجماع المنقول بل المحصل و لعموم قوله (علیه السلام) من صلی فی غیر وقت فلا صلاة له.

و أما الثانی: فاصدر و العمل من أهله فی محله و موافقة الأمر تقتضی الأجزاء و دعوی أن التفطن للوقت و القطع بإحرازه دعوی لا دلیل علیها و یلزم منها العسر و الحرج فی سائر الشرائط و الموانع و لو صادفت صلاة الناس جزء من الوقت فالاظهر البطلان أیضا للأصل و الاحتیاط و الشک فی الخروج عن عهدة المامور به و لأن النسیان غیر عذر فی الفوات فلا یکون عذراً فی التقدیم و لأنه غیر عذر فی الکل فلا یکون عذراً فی البعض و لاطلاق قوله (علیه السلام) من صلی فی غیر وقت فلا صلاة له و للإجماع المنقول و الشهرة المحکیة خلافا لمن صححها لرفع النسیان و لتنزیل إدراک البعض منزلة الکل و لشمول خبر إسماعیل بن ریاح له لقوله فیه إذا صلیت و أنت تری أنک فی وقت و لم یدخل الوقت و انت فی الصلاة فقد أجزأت عنک و فی الکل نظر لإرادة رفع الاثم

ص: 36

و فهم الأصحاب منه فی سائر الأبواب و المنع المتنزل لعدم الدلیل و لمنع شمول خبر إسماعیل لقوله فیه و أنت تری.

و أما الثانی: و هو الجاهل بالحکم فلا شک فی فساد صلاته إذا کان متفطنا للسؤال علی کل حال لتعلق النهی به و إن صادفت المحل و أن لم یکن متفطناً و وقعت کلها خارج الوقت فلا أشکال أیضا و کذا لو وقع بعضها لعدم دخوله تحت خبر إسماعیل فیبقی الفساد لا دلیل علی صلاحه و لو وقعت کلها داخل الوقت فلا یبعد الصحة لحصول الموافقة للمأمور به و صدر نیة التقرب فی الأجزاء و قوله (علیه السلام) أیما رجل رکب أمرا بجهالة فلا شی ء علیه و لحدیث رفع ما لا یعلمون و لأن الشرائط لا یراد بها سوی إحرازها لعدم وجوب التفطن لها حالة العمل و عدم وجوب نیة التقرب بها و لأن المتیقن من وجوب العمل الرجوع للمجتهد انما هو فی الأجزاء العملیة دون الشرائط الواقعیة و للزوم العسر و الحرج علی العوام و النساء و الصبیان لو أفسدنا عباداتهم الموافقة للواقع من دون أخذها بالطریق الشرعی و لکن القول بالبطلان للأصل و القواعد و الإجماع المنقول و فتوی المشهور علی بطلان عبادة الجاهل و ما ورد من الروایات الدالة علی أن من عبد الله تعالی بدون دلالة ولی الله لم یکن عمله مقبولًا و للشک فی الخروج عن العهدة معه للشک فی شرطیة الرجوع للمجتهد و أخذه من أهله و عدمها و ما شک فی شرطیة قوی غایة القوة و الاحتیاط یقضی به.

و أما الثالث: و هو من اعتقد دخول الوقت أو ظنه و کان العمل علی ظنه مشروعاً فالأوجه صحة صلاته لو صادف بعض منها بعضاً من الوقت و لو تشهداً أو تسلیماً ما لم یخرج بالتسلیم الأول فیبقی الباقی واجباً خارجاً أو مستحباً کذلک لروایة إسماعیل المتقدمة المعتضدة فأصالة الإجزاء بالإتیان بالمأمور به و وجوب الإعادة یحتاج إلی دلیل و بفتوی المشهور القول ببطلانها کما إذا وقعت کلها خارج الوقت استضعافاً للروایة نفعاً للأصالة الأجزاء فی الأحکام العذریة لانکشاف خلافها و اختصاصها بصورة عدم انکشاف الخطأ فی الأمر الواقع فیها و لدوران الأجزاء مدار الظن و المفروض تبدله تبدل الحکم معه قوی أیضاً و یوافق بالاحتیاط و ذهب إلیه جمع من

ص: 37

فقهائنا و لکن الأول اقوی و فی احتساب الرکعات الاحتیاطیة و الأجزاء المنسیة عند مصادفتها بعضاً من الوقت کمصادفة بعض الأجزاء وجه لا یخلو من قوة.

السادسة: لا یجوز النافلة فی وقت مضیق للحاضرة

و تقبل مع العلم لأن الأمر بالشی ء یقتضی النهی عن ضده بل لما یفهم من الأخبار من عدم قابلیة وقت المضیقة لغیرها من النوافل و تصح مع جهل و یصح غیر النوافل مع الجهل و العلم فی الوقت المضیق علی الأظهر إلا الحاضرة المشترکة فإنها لا تصح فی الوقت المختص بالأخری علی الأظهر الأشهر و أما فی غیر الوقت المضیق للفریضة فلا یبعد جواز النافلة لمن لم یصلی الفریضة سواء کانت النافلة مبتداة أو ذات سبب مقتضیة ام لاطلاق أدلة مشروعیة النوافل أی ساعة شئت و إن قضاها ما بین طلوع الشمس و غروبها و أن نوافل تقضی بالنهار و بالعکس و ما دل علی مشروعیة قضائها فی أوقات الفرائض من دون تفضیل بین مودّاها و غیر مودّاها و ما دل علی قضائها قبل قضاء الفرائض قولا و فعلا عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و ما ورد عن نفی البأس عن التطوع قبل الفریضة و من الأذان بصلاة النافلة فی وقت الفریضة إذا کان الوقت حسنا و ما ورد من صحیحه یزید فی تحدید وقت الفریضة المنهی عن التطوع فیه بما إذا أخذ المقیم فی الإقامة فیکون النهی لفوات الجماعة و ما ورد من جواز التنفل بین الأذان و الإقامة برکعتین علی إطلاقهما و ما ورد من استثناء خوف الفوات من جواز التطوع فی وقت الفریضة و من استثناء العذر من النهی عن صلاة الرجل النافلة فی وقت الفریضة من عدول المفرد إلی النفل لادراک الجماعة و ما ورد من قول الصادق (علیه السلام) فی صحیح محمد بن مسلم إن الفعل أن تبدأ بالفریضة و من استبعاد سائر التطوعات فی أوقات الفرائض قبل أدائها و تحریم افضلها و هی النافلة هذا کله ما دامت علی صفة النقل فلو وجبت بنذر مطلقاً لا مقیدة بزمان الفرائض فانه یقوی هاهنا عدم انعقاده أو باستئجار فلا شک فی جواز فعلها وقت الفریضة و القول بالمنع من التطوع فی وقت الفریضة منسوب للأکثر و الأشهر و نقل علیه الإجماع و ادعی أنه مخالف لفتوی العامة و الرشد فی خلافهم و دلت علیه الأخبار الصحیحة کما ورد من الأمر بالفریضة فی تحدید نوافل الظهرین

ص: 38

و ترک النافلة و ما ورد فی أخر رکعتی الفجر الثانی و الصحیح الناهی عن النافلة فی وقت فریضته و فیه قیام الصلاة علی الصوم و الصحیح الناهی غیر ذلک و الموثق أنا إذا أردنا أن التطوع کان تطوعاً فی وقت فریضته فإذا دخل وقت الفریضة فلا تطوع و غیر ذلک من الأخبار المستفیضة الظاهرة فی التحریم المشعرة بأن ذلک من فعلهم و أن خلافه فعل الناس و هم العامة فالقول به قوی و الاحتیاط فیه لازم و هو متحقق بالترک.

السابعة: أول الوقت افضل

لعموم أدلة المشارعة و الاستباق لخصوص الأدلة هاهنا و احوط تفصیاً عن شبهه من أوجب البدار لما ورد من النهی عن التأخیر فی الأخبار إلا ما یستثنی أما لنص بالخصوص علی استحباب التأخیر کتأخیر العشاءین إلی مغیب الشفق و تأخیر العشاءین لمن افاض من عرفه إلی المزدلفة و تأخیر صلاة اللیل

إلی أخر اللیل و تأخیر الوتر و رکعتی الفجر إلی طلوع الفجر الأول و تأخیر المستحاضة الظهر و المغرب إلی أخر وقت فضیلتهما و تأخیر المتیمم التیمم إلی أخر الوقت أن قلنا بجوازه قبلة و تأخیر المربیة للصبی ذات الثوب الواحد الظهرین إلی أخر الوقت إن

قلنا بجوازه قبله تغسل الثوب قبلهما و تصلی الأربع بطهارة و تأخیر مدافع الخبیثین إلی أن یخرجهما و تأخیر الصائم المغرب إلی ما بعد الإفطار لمنازعة النفس و تأخیر العشاء إلی ثلث اللیل لما فی بعض الروایات و تأخیر مرید الإحرام الفریضة إلی أن

یصلی رکعتی الإحرام و تأخیر الظهرین عن نوافلهما و تأخیر الأداء لمن علیه قضاء و تأخیر الظان لدخول الوقت و تأخیر المسافر إلی أن یدخل و یتم و تأخیر الظهرین فی الحر إلی الابراد أو یکون الاستحباب من جهة عموم الأدلة الدالة علی شدة اعتناء

الشارع بما یعارض التقدیم فیقوی علیه أو یساویه و یکون التقدیم مستحبا لنفسه و التأخیر مستحبا للأمر الطارئ و ذلک کتأخیر ذوی الأعذار عن رجاء زوال العذر و تأخیر الصلاة لطلب الإقبال و لطلب الجماعة أو إدراک المسجد أو إدراک

تطویل الصلاة أو قضاء حاجة مؤمن أو تنفیس کربة مسلم أو غیر ذلک و ربما أشارت إلی بعضها الأخبار کقوله (علیه السلام) إذا کان أرفق بک و أمکن لک فی صلاتک و کنت فی حوائجک فلک إلی ربع اللیل و ما ورد من قطع الطواف لقضاء الحاجة فالتأخیر

ص: 39

أولی و قد یناقش فی کثیر بإرادة الرخصة فی التأخیر و استضعافاً لاستحباب التأخیر التقدیم فلا یکون دلیلا علی کون التأخیر افضل.

الثامنة: یجوز قضاء لیلًا و نهاراً من لیل فات أو نهاراً

و الأفضل التعجیل بالقضاء لعموم الأدلة و خصوصها و فی بعض الأخبار إن الأفضل التأخیر إلی المثل فما فات نهاراً یقضی نهاراً و ما فات لیلًا یقضی کذلک و هو محمول علی التقیة أو علی بیان الجواز أو علی إرادة نهار یوم الفوات و لیلة و ما ورد فی الصحیح من النهی عن قضاء النافلة أو الفریضة بالنهار و الأمر بقضائها باللیل محمول علی التقیة.

التاسعة: یکره ابتداء النوافل عند طلوع الشمس عندیة عرفیة حتی تبدو تماماً و ترتفع عنها الحمرة
اشارة

و یظهر شعاعها و عند غروبها کذلک و هو ما بین بشماته طرفها للأفق و القرب إلیه و اصفرارها إلی غروب عرفا بحیث یقارن أو یقارب طرفها الحمرة المشرقیة و عند قیامها فی السماء و هو أن تکون فی وسطها عرفا بحیث یقارن أو یقارب طرفها الغربی نصف دائرة النهار و بعد صلاتی الصبح و العصر فعلا إلی أن تطلع الشمس و تغرب وفاقا للمشهور و المنقول و الإجماع و الأخبار المستفیضة ففی الموثق صلاة بعد الفجر حتی تطلع الشمس و فیه عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و قال لا صلاة بعد العصر حتی یصلی المغرب و فی الصحیح أنها تکون الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها و فیه لا صلاة نصف النهار إلا یوم الجمعة إلی غیر ذلک من الأخبار الکثیرة المستفیضة

و یقع الکلام فی مواضع:
أحدها: یراد بکراهة الصلاة بعد الفجر و العصر بعد فعلهما لا بعد وقتها

کما علیه المشهور و الأخبار لا تنافی ذلک لاطلاق لفظهما علی الوقت و علی الفعل من باب الاشتراک و یکون فهم المشهود قرینته علی ذلک بخصوصه و علی ذلک فلو لم یصل الفرضین فلا کراهة نعم تجی ء مسألة التطوع فی وقت الفریضة و عدمه.

ثانیها: لا تجری الکراهة فیما ابتدأ بها قبل تلک الأوقات

بل لما ابتدأ فیها عند ذلک لظهور الأخبار فی الابتداء فیها.

ص: 40

ثالثها: یستثنی من ذلک یوم الجمعة

فانه لا کراهة فی الصلاة فیه عند قیام الشمس للأخبار و الإجماع المنقول و کلام الأصحاب.

رابعها: یستثنی من ذلک الفریضة المعادة

لما ورد عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من الرخصة بإعادة صلاة الصبح و لا قائل بالفرق.

خامسها: یستثنی من ذلک قضاء الفرائض و صلاة رکعتی الطواف مطلقا

و صلاة الکسوف و الصلاة علی المیت و صلاة الإحرام للأخبار الصحیحة الدالة علی أنهن یصلن علی کل حال و منها ما دل علی صلاة الطواف من الفجر إلی طلوع الشمس و بعد العصر إلی اللیل و هذه الأخبار و أن أمکن حملها علی الجواز و إبقاء ما دل علی الکراهة علی حالة أو تخصیص عموم هذه بخصوص الأوقات المذکورة فی تلک لکنه یبعد فهم المشهور و الإجماع المنقول علی عدم الکراهة و یبعده أیضاً سیاقها الظاهر فی إرادة الجواز فی مقابلة الأخبار المانعة عن خصوص تلک الأوقات و ما ورد فی بعض الأخبار من المنع عن القضاء قبل طلوع الشمس متروک أو محمول علی التقیة.

سادسها: یستثنی من ذلک قضاء النوافل بالخصوص

لما ورد فی بعض الأخبار أن قضاء صلاة اللیل بعد الفجر و بعد العصر من أسرار آل محمد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) المخزون و ما ورد من جواز قضائها أی وقت شئت و أنه ما بین طلوع الشمس إلی الغروب و ما ورد عن قضاء صلاة اللیل بعد العصر فقال نعم أنما هی النوافل فاقضها متی شئت و سیاقها أجمع یعطی الجواز فی مقابلة تلک الأوقات الخاصة المسببة للکراهة.

سابعها: یقوی القول باستثناء کل نافلة ذات سبب وقتی أو فعلی

کتحیة المسجد و الاستسقاء و الحاجة و الاستخارة و الزیادة و الشکر و التوبة و صلاة یوم الغدیر و بعض الأیام الأخر وفاقا لجملة من الأصحاب و قد نقل علیه الإجماع و قد یستظهر من جزئیات أخبار الباب و لأن ما دل علی مشروعیة أوقات ذوات الأسباب مخصص لما دل علی الکراهة فی تلک الأوقات و لکنه فی غایة الأشکال لأن الدلالة بینهما عموم من

ص: 41

وجه لعموم الصلاة فی روایات الکراهة و عموم الأوقات فی روایات مشروعیة ذوات الأسباب و الترجیح بینهما مشکل و الإجماع لم یثبت.

ثامنها: توقف جمع عن الحکم و حمل الأخبار الناهیة علی التقیة

لما ورد من الأمر بالصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها و ما أرغم انف الشیطان بشی ء افضل من الصلاة فعلها و ارغم انف الشیطان و ما ورد عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من صلاة رکعتین بعد الفجر و رکعتین بعد العصر و ما ورد عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) صل من النوافل ما شئت و هو ضعیف بعد فتوی المشهور و الإجماع المنقول و الروایات المستفیضة المعمول علیها و ذهب جمع إلی تحریم الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها و عند قیامها استناداً لظاهر النهی و هو ضعیف لصرف النهی إلی الکراهة لتضمن بعض الأخبار لا ینبغی و لأن فتوی المشهور و فهمهم قرینة علی أرادتها و کذا الإجماع المنقول و ما ورد من الجواز دلیلا علی ذلک أیضاً و الحق بعضهم غیرها فی التحریم و هو اضعف من سابقه.

تاسعها: لا یسری الحکم لغیر الصلاة من سجود و غیره فی الکراهة

للأصل من دون معارض و ما ورد من النهی عن سجود السهو عند طلوع الشمس محمول علی التقیة.

عاشرها: یجوز العدول فی کل وقت مشترک عن لاحقة أدائیة إلی سابقة مثلها

و إلی سابقة قضائیة للأخبار و فتوی الأصحاب و الإجماع المنقول و کذا من لاحقه قضائیة إلی سابقة مثلها و أن وقعت اللاحقة کلها فی الوقت المختص بالسابقة فالأظهر بطلانها و عدم جواز العدول و ان وقعت بعضها فی المختص و بعضها فی المشترک لخطأ فی الاعتقاد أو الظن جاز العدول و لو تعدی محل العدول کان دخل فی رکوع الرابعة و قد نسی المغرب مضی و صحت اللاحقة و لو عدل بطلت صلاته علی الأظهر و لو فرغ من الصلاة احتسب له ما نواه و لا یجوز العدول للأصل و فتوی المشهور و ما ورد من جوازه بعد الفراغ مطرح أو غیر معمول علیه أو محمول علی المبالغة فی فعل اکثر العمل

ص: 42

ونیة العدول فوراً علی الأظهر للشک فی الصحة بدونها سیما لو مضی جزء من دون نیة أو کان بالنیة الأولی و لا یجوز العدول لجاهل الحکم بوجوب الترتیب لبطلان صلاته علی وجه قوی نعم یجوز للساهی و الناسی و المشتبه و جاهل الموضوع العدول و یقوی جواز العدول من فائتة إلی حاضرة إذا تبین ضیق وقتها أو مطلقاً سیما علی القول باستحباب تقدیم الحاضرة و من تعمد تقدیم الفائتة أو الحاضرة مع علمه بها فالأقوی عدم جواز العدول له اقتصاراً علی موضع الیقین و لا یجوز دوران العدول و لا یبعد جواز ترامی العدول إلی مرتبتین أو ثلاث.

القول فی الساتر للمصلی:

بحث: ما یصلی به إما أن یکون ساتراً لا یتصف باللباسیة أو یکون لباساً لا یتصف بالساتریة فعلًا

اشارة

لوجود غیره أو کان من شأنه أن لا یستر لرقته أو لصغره أو یکون محمولًا لا یصدق علیه شی ء من اللباسیة و الساتر به أو تجتمع فیه صفتان منها و ثلاثة و المرجع فی معرفة الملبوس و المحمول هو العرف فمنه ما یعلم أنه لباس لکل البدن أو بعضه رأساً أو قدماً أو یداً أو غیرها و منه ما یعلم کونه محمولًا و منه ما یشک فیه کالسلاح و شبهه و الأقوی فی المشکوک فیه عدم اجراء حکم اللباس علیه للاصل و هذه قد یشترط فی جمیعها شرط واحد و قد یشترط فی بعض دون بعض فمنها أمور:

أحدها: یشترط فیما یصلی به الکل ساتراً و غیره ملبوساً أو غیره من المحمول أو شبهه للاحتیاط الواجب فی مقام الشک و لقوله (علیه السلام) لکمیل یا کمیل انظر فیما تصلی و علی ما تصلی أن لم یکن من وجهه و حله فلا قبول و للإجماع المنقول علی فساد الصلاة باللباس المغصوب ساتراً.

أولًا: و للنهی عن حرکاته و سکناته و قیامه و قعوده و رکوعه و سجوده لاستلزامها التصرف بمال الغیر و النهی فی العبادة یقتضی بالفساد و قد تمنع الصغری فیقال أن الحرکات الصلاتیة لیست تصرفا بالمغصوب بل هی من المقار و إنما المتصرف بالمغصوب وضعه علیه ابتداءً ابتداءً أو استدامةً و تمنع الکبری فیقال إن النهی لا یقضی بالفساد هنا

ص: 43

لجواز اجتماع الأمر و النهی من جهتین مختلفتین لتعلق الأمر بالصلاة و تعلق النهی بنفس التصرف فتکون صحیحه منهیاً عنها و فیهما نظر أما الأول فلان اللبس ابتداء و استدامة تصرف و الحرکات المقارنة تصرف أخر أیضاً کما نراه عرفا کذلک.

و أما الثانی: فلأن المأمور و المنهی و ان کان کلیین ابتداء لکنها عند إیجادهما فی الخارج صار موجوداً واحداً و فرداً مشخصاً و حال اجتماع المتضادین فی شخص واحد و لو بجهتین تعبدیتین فلا بد أن یلحظ للأمر و النهی و هنا یغلب جانب النهی للاحتیاط و الإجماع المنقول و قوة جانب التحریم لاشتماله علی دفع المفسدة أولًا و بالذات دون جانب الأمر و قد یخص بطلان الصلاة بالمغصوب إذا کان هو الساتر لأن الصلاة فیه مع کونه منهیاً عنه بمنزلة الصلاة بغیر ساتر أما لانصراف الساتر المأمور به المحلل و بدون الحل یکون کالعادی لعدم کونه مأموراً به و أما لنهی عنه و المنهی عنه لا یکون جزء عبادة و فیه أن الساتر من الشرائط المشابهة بالمعاملات الغیر المفتقرة إلی نیة فلا یقر التوصل به إلی المطلق فیسقط الطلب عنده أو به و خص البطلان بما کان هو الساتر أو کان بحیث یقدم علیه و یعضد أما الأول فلما ذکرناه و أما الثانی فلتعلق النهی بحرکاته حینئذٍ معه فتفسد صلاته و لا یقدح فی الأول ما ذکرناه سابقاً و نقول بالثانی و لکن لا نقصر التصرف علی ما ذکره کما ذکرناه و قد یستند البطلان إلی اقتضاء الأمر بالشی ء النهی عن الضد لتعلق الأمر برد المغصوب المنافی للصلاة فتبطل و هو شامل للملبوس و غیره و هو ضعیف لمنع الاقتضاء أولًا، و لشموله لغیره المستصحب من المغصوب ثانیاً، لو کان بعیداً فتبطل صلاته کل من تحت یده مال مغصوب و هو یعبد و لعدم منافاة الصلاة للرد فی کثیر من المقامات.

ثالثاً، کما إذا کان لابساً سواه و عنده من یؤخره و یرده من غیر أبطال صلاته.

ص: 44

فروع:

أحدها: جاهل موضوع المغصوب من قضاء و إعادة

لأن مناط البطلان توجه النهی و مع الجهل لا نهی و لیس الحل من الشرائط الواقعیة فلا یبعد إلحاق الناسی به سواء کان ناسیاً حین الصلاة أو کان ناسیاً حین اللبس و من اللبس عازماً علی الصلاة فیه فصدرت منه الصلاة مستنده إلی العزم الأول بطلت صلاته و أن کان حین صلاته کالذاهل و الغافل و حکم بعض أصحابنا بوجوب إعادة الناسی فی الوقت و خارجه تنزیلا له لتفریطه منزلة الشرط الواقعی و قیل بالفرق بین الإعادة فتجب و بین القضاء فلا یجب و هو قریب للاحتیاط.

ثانیها: جاهل حکم الغصب و عالمه و ناسیه کجاهل الموضوع لعدم تعلق النهی به

و لعدم کون الحل من الشرائط الواقعیة التی یجب فیها التقلید کی تکون عبادة جاهلة عبادة الجاهل فقد و یحتمل القول بالفساد لکون الجاهل غیر معذور و ینزله اشتراط الحل منزلة الشرائط الواقعیة و أما جاهل حکم البطلان مع علمه بتحریمه حرمة الغصب فالأظهر بطلان صلاته لدوران النهی مدار العلم بالتحریم و لو اجتمع جهل الحکم و الموضوع غلبا هاهنا جانب الجهل بالموضوع و صحة صلاته و مع تغلیب جانب الجهل تبطل صلاته.

ثالثها: لو احل المالک للغاصب و لغیره الصلاة حلت لهما

و لو أحلها لغیر الغاصب خصوصاً لو أطلق التحلیل فالظاهر خروج الغاصب عن الإطلاق عرفاً بعد الحاق لعموم بالإطلاق أیضاً فیخصص بالغاصب قضاء لظاهر الحال.

رابعها: لو تبین له الغصب فی أثناء صلاته

نزع المغصوب فوراً و صحت صلاته أن بقی علیه غیره و إلا قطع الصلاة و استأنف و یحتمل مع ضیق الوقت عن القطع وجوب الصلاة عاریاً.

خامسها: لا یجوز الصلاة بجلد المیتة ملبوساً أم لا محمولًا أم لا

للأخبار المتکثرة المعتبرة الدالة علی النهی عن الصلاة فیه و لو دبغ سبعین مرة و ظاهر الأخبار و أن

ص: 45

انصرفت للباس لمکان إلقاء الدالة علی الظرفیة و للبس و الاشتمال لکنه قد ورد ما یشعر بالمنع من حمله أیضا ففی الخبر أیضاً إلی أبی محمد (علیه السلام) یجوز للرجل یصلی و معه فارة مسک فقال لا بأس إذا کان ذکیا و فی الموثق لا باس بتقلید السیف فی الصلاة و فیه الفراء و الکیمخت ما لم یعلم أنه میته و الظاهر أن صاحبه السلاح حمل لا لبس کی یکون ملبوسا و فی روایة مکان الفاء الباء فی المصاحبة و الذی یظهر تفید المیتة بذات النفس السائلة التی تتصف بالنجاسة بعد الموت لتبادرها من الأخبار و کلام الأصحاب و سائر الأبواب و لظهور تعلق الأحکام من المنع عن استعمال جلودها و لبسها فانه لا یمکن فی اکثر ما لیس له نفس سائلة و لعدم قیام عموم حکم یشمل الأفراد النادرة و أن تعلق عموم بغیر أفرادها من أجزائها و شبهها و الاحوط التجنب إلا فی الحیوانات التی لا جلد لها و لا لحم کالقمل و البرغوث و الدیدان و البق و هوام الأرض و نحوها فانه لا اشکال فی جواز الصلاة فی محمولها و الاحوط ترک الملبوس منها لو أمکن هذا کله فیما علم انه میتة و أما ما کان فی ید کافر و وجد مطروحاً فی غیر سوق المسلمین أو طرقهم أو کان بید مجهول الحال فی سوق الکفار أو فی سوق مجهول الحال فالأظهر الحاقة بالمیتة للأصل و الاحتیاط و الأخبار و المشهور بین الأصحاب خلافا لمن حکم بطهارته فی محل الشک للأصل بعد تعارض الأصلی و استصحاب الطهارة و بعض الأخبار و فیه إن الأصل و الاستصحاب مقطوعان بالأخبار الناهیة عنه إلا مع العلم بالتذکیة و الأخبار المجوزة محمولة علی ما إذا کان موجودا فی سوق المسلمین لتبادر السوق یومئذ إلی سوقهم و نحن نقول إنه إذا کان السوق غالباً علیه اسم الإسلام فی ید مسلم أو فی سوق المسلمین و لم یعرف صاحبه بإسلام أو کفر و کان السوق غالباً علیه اسم الإسلام و تردد المسلمین فلا بأس به کما دلت علیه الأخبار بل و یلحق به ما کان مطروحاً فی طرق المسلمین و علیه أثر استعمالهم للسیرة المستمرة علی جواز استعماله نعم ما لا أثر علیه أو کان فی سوق مشترک بین المسلمین و الکفار بحیث لم یغلب علیه اسم الإسلام و کان للکفار فلا شک بعدم جواز استعماله و لا فرق فی ید المسلم و سوقه بین من مستحل المیتة بالدبغ و غیره لإطلاق الأخبار الدالة علی ذلک و ما ورد من نزع علی بن

ص: 46

الحسین (علیه السلام) الفراء وقت الصلاة معللا له باستحلال أهل العراق المیتة بالدبغ و من عدم جواز بیعها مخبرا بذکائها معللا بذلک أیضاً فهو دلیل علی الجواز لا علی المنع لأنها لو جرت علیها أحکام المیتة لما لبسها الامام (علیه السلام) و لا أحل بیعها مطلقاً و یجوز الأخذ منه لو اخبر بالتذکیة بالطریق الأولی لتصدیق خبر ذی الید خلافاً لمن منع و لو مع الأخبار و هو ضعیف.

سادسها: لا تجوز الصلاة بجلد غیر مأکول اللحم إذا کان لباساً ساتراً أولا

أو کان جزء اللباس أو متصلا به اتصال الجزء و أما المحمول فیقوی القول بجوازه لعدم شمول الأدلة له و خلو الأخبار و کلام الأصحاب عن بیان حکمه مع توفر الدواعی لبیانه و الاحوط ترکه لشبهة شمول النهی عن الصلاة فی کل شی ء منه لم لاستعمال فی للظرفیة و المصاحبة کثیراً و لا لحاق المحمول بالشعرات الملقاة علی الثوب المنصوص عدم جواز الصلاة فیه فیحصل الشک فی الخروج عن العهدة یحمله و لا تجوز الصلاة من شعره و صوفه و وبره سواء کانت لباساً أو اتصلت به اتصال الجزء أو کانت ملقاة علیه و یجزی فی المحمول منها ما قدمنا و لا شی ء من فضلاته من رطوبات و البان و ابوال و ارواث سواء دخلت فی اللباس أو وقعت علیه و اتصلت به أو وقعت علی البدن أو اتصلت به ما دامت عینها موجودة فلو ذهبت وجفت رطوبتها فلا أشکال إلا من حیثیة النجاسة فیما کان نجساً و لا یتفاوت الحال فی عین مأکول اللحم من السباع و غیرها و لا بین ما حرم بالأصالة و بالعارض علی الظن کالوطواط و الجلال و لا بین کونه حیا أو میتا مذکی أو میتة له نفس سائله أم لا کالسمک و شبهه مدبوغ الجلد أم لا کل ذلک للاحتیاط اللازم فی مقام الشک و اطلاقات الإجماعات المنقولة و الأخبار المستفیضة المعتبرة المجبورة بالفتوی و العمل فمنها ما ورد فی السباع خصوصاً و هی ما تتغذی باللحم کقوله فی الصحیح عن الصلاة فی جلود السباع فقال لا تصل و الموثق المروی بعدة طرق متفاوتة لفظاً و معنی فی جلود السباع فقال أرکبوها و لا تلبسوا شیئاً منها تصلون فیه و منها ما ورد فی غیرها کما سیأتی إن شاء الله تعالی بالخصوص و منها ما ورد عاماً کقوله (علیه السلام) إن الصلاة فی وبر کل شی ء حرام أکله و الصلاة فی وبره

ص: 47

و شعره و جلده و بوله و روثه و کل شی ء منه فاسدة لا تقبل تلک الصلاة حتی یصلی فی غیره مما احل الله تعالی أکله و فیه و أن کان غیر ذلک مما نهیت عن أکله أو حرم علیک أکله فالصلاة فی کل شی ء منه فاسدة ذکاه بالذبح أو لم یذکه و فی الخبر کتب إلیه یسقط علی ثوبی الوبر و الشعر مما لا یؤکل لحمه من غیر تقیة و لا ضرورة فکتب لا تجوز الصلاة فیه و غیر ذلک من الأخبار الدالة مفهوماً و منطوقاً علی ذلک و یخرج من ذلک فضلات الإنسان لنفسه أو لغیره و کذا الشعر للسیرة القطعیة و للصحیح المجوز للصلاة فی ثوب فیه شعر من شعر الإنسان و أظفاره و الصحیح الآخر النافی للباس عن الصلاة فی شعر نفسه و أظفاره و الخیر النافی للباس عن البزاق أصیب الثوب و لا قائل بالفرق بین الشعر و غیره و بین البزاق و غیره نعم لو صنع الشعر ثوبا و شبهه فلا یبعد دخوله تحت أدلة المنع و عدم شمول أدلة الجواز من السیرة و الأخبار له و کذا یخرج منه ما لا لحم له کالزیتون المتولد منه الشمع و العسل و الدود المتولد منه القز و البرغوث و القمل و الخنافس و العقارب و شبهها لعدم صدق الأخبار علیه أما لعدم اللحم أو لوجوده و عدم الاعتداد به بحیث یکون مورداً للحل و الحرمة أو بخروجه للسیرة القطعیة کخروج اللؤلؤ و المسک و أخرج بعضهم کل ما لا نفس له سائله عن حکم ما لا یؤکل لحمه لروایة السکونی أن علیاً (علیه السلام) کان لا یری بأسا بدم ما لم یذک یکون فی الثوب فیصلی فیه الرجل بغیر دم السمک و لما دل علی خروج بعض ما لا یؤکل لحمه قطعاً و لا خصوصیة له و لانصراف اطلاق الألفاظ فی الأحکام الشرعیة إلی الأفراد الشائعة لا الفروض النادرة و فی الروایة ضعف و الاستناد إلی بعض الخصوصیات قیاس مع احتمال الفرض للعسر و الجروح و دعوی انصراف الإطلاق إلی ذی النفس ممنوعة لصدق الأکل و اللحم علی غیر ذی النفس کصدقه علی ذی النفس بل هو أولی منه فی بعض الحیوانات.

ص: 48

فوائد:

الأولی: استثنی الشیخ (رحمه الله) من المنع فی الصلاة فیما لا یؤکل لحمه التکة و القلنسوة

استناداً إلی أن لهذین خصوصیة من دون باقی الملابس کجواز الصلاة بهما إذا کانا نجسین أو کانا حریراً و للمکاتبة الصحیحة هل یصلی فی القلنسوة علیها وبر ما لا یؤکل لحمه أو تکة حریر محض أو تکة من وبر الأرانب فکتب لا تحل الصلاة فی الحریر المحض و أن کان الوبر ذکیا صلیت فیه و فی الأولی منع التعدی إن أرید فهمه من الأخبار و بطلانه أن أرید منه القیاس و فی الروایة ضعف لکونها مکاتبة و لاحتمال إرادة ما لا یؤکل لحمه من قوله ذکیاً لا إرادة الطهارة و التذکیة المقابلة للموت لبعد إرادتهما هاهنا لعدم القول باشتراطها هنا ممن یعتد به و لموافقتها للتقیة و مخالفتها للعمومات و فتوی المشهور و الأصحاب و لظهور الروایة فی الوبر الملقی علی القلنسوة لا فیها إذا عملت منه و قوله (علیه السلام) أو تکة من وبر الأرانب لا دلیل فیها علی کون التکة منه لاحتمال کونه معطوفاً علی وبرها لا یؤکل لحمه علی أن فی خصوصیات الروایات ما یدل علی المنع فی القلنسوة و التکة و هی أقوی لتأییدها بالاحتیاط فتوی المشهور کصحیحة علی بن مهزیار کتب إبراهیم بن عقبة عندنا جوارب و تکت تعمل من وبر الأرانب فهل تجوز الصلاة من وبر الأرانب من غیر ضرورة و لا تقیة فکتب لا یجوز الصلاة فیها و کذا مکاتبة أحمد بن إسحاق الأبهری و أن کان عاماً لکنه فی مورد المسئول عنه کالخاص فلا تصلح تلک الروایة لمعارضة هذه و حملها علی التقیة هو الأوجه.

الثانیة: أجاز جماعة من أصحابنا الصلاة فی الشعرات الملقاة علی الثوب

استناداً إلی ظهور أخبار المنع فی الملابس لمکان فی و للمکاتبة المتقدمة المجوزة لذلک و فیه إن فی الإیراد حقیقتها قطعاً لاشتمال الروایات علی المنع فی الروث و البول و لا یمکن إرادة الظرفیة الحقیقیة منها فأما أن یراد منها المصاحبة أو الظرفیة المجازیة فیما اتصل بحیث یکون خبره أو القی علیه و غایة ما یخرج منه المحمول حرفها و أما المکاتبة فلا

ص: 49

تعارض عموم الأخبار المانعة المعتضدة بفتوی المشهور و الاحتیاط و خصوص الروایة المتقدمة المانعة عن الصلاة فی الثوب الذی یسقط شعرا أو وبراً ما لا یؤکل لحمه المنع من المحمول و هو قوی لو لا ما قدمنا.

الثالثة: جلود الثعالب و الأرانب حکمها حکم غیرها مما لا یؤکل لحمه

للأخبار المستفیضة عموماً و خصوصاً المنجبرة بالاحتیاط و فتوی الأصحاب و البعد عن العامة فما ورد فی بعض الأخبار و مال إلی العمل به بعض الأصحاب مطرح أو محمول علی التقیة و کذا ما ورد فی جواز الصلاة فی السمور و الفنک من الأخبار و ما ظهر من عبادة الصدوق من القول بجواز الصلاة فیه شاذا لا یلتفت إلیه و أما الحواصل الخوازمیة فالأقوی فیها عدم الجواز أیضاً و ان وردت فیها روایة و نقل الشیخ (رحمه الله) علیها الإجماع إلا أنهما لا یصلح لمعارضة ما تقدم.

الرابعة: ورد النص بالنهی عن الصلاة فیما یلی جلود الثعالب

و قد فسرت فی الأخبار بما فوقها و ما تحتها و فی بعض الأخبار أنه الذی یلصق بالجلد فیکون ما تحتها و الظاهر ان المراد به ما یباشرها و لا یبعد ابقاء النهی علی ظاهره للعلم غالبا بسقوط شعرات منها علی الثوب الذی یلیها و عدم انفکاکه و لو علم بالعدم أوشک فالظاهر الجواز لأن التحریم تعبداً مما یبعد عن مذاق الفقه و الفقهاء نعم قد یراد بالنهی عن الکراهة فی صورة الشک تحرزاً عن الشبه و لا بأس به.

الخامسة: الأظهر أن هذا الشرط من الشرائط الوجودیة لا العلمیة

کما فی المغصوب و المیتة فان الأظهر فیهما إنهما علمیان و کون الأمر یقتضی بالأجزاء بالنسبة إلی الجاهل و الناسی ممنوع لأن الأصل فی الشرائط الواقعیة لظهور الخطاب فیها و للاحتیاط فلا إجزاء حینئذٍ.

السادسة: ذهب جمع من أصحابنا إلی جواز الصلاة فی فرو السنجاب

و نسب للأکثر و نقل علیه الإجماع و جعله الصدوق (رحمه الله) من دین الإمامیة و ادعی أنه المشهور عند المتأخرین و نطقت به الأخبار المتکثرة المستفیضة و فیها الصحیح و غیر

ص: 50

الصحیح و هو منجبر بالشهرة و الإجماع المنقولین و اشتهار الأخبار بما نقول به لا یبطلها بل یوهنها عند المعارضة و لیس فی الأخبار ما یعارض لخصوصها و ان ابتنی العام فی بعضها علی جواب السؤال من خصوص السؤال لا یصیر العام نصاً فی مورده و سوی روایة الفقه الرضوی و هی ضعیفة لا تصلح للمعارضة و ذهب جمع من أصحابنا إلی المنع و نسب إلی اکثر الأصحاب بل المشهور و نقل علیه الإجماع و دلت علیه عمومات أدلة المنع روایة و إجماعا و یؤیده الاحتیاط و روایة الفقه الرضوی و البعد عن العامة و الکل ضعیف لمقابلة نقل الشهرة و الإجماع بمثلها باقوی منها لأنها بمنزلة النص و العمومات مخصوصة روایة و جماعاً و الاحتیاط لا یعارض الدلیل و روایة الفقه ضعیفة علی أن فیه وروده روایة بالرخصة و هو مشعر بأن الجواز رخصة و البعد عن العامة مسلم لو لم یکن فی الروایات المنع من غیره و المفروض اشتمالها علی المنع فیضعف الحمل علی التقیة.

السابعة: یستثنی من عموم المنع من الصلاة فی وبرها ما لا یوکل لحمه وبر الخز

للأخبار المتکثرة و الاجماعات المنقولة علی لسان طائفة من أصحابنا من غیر معارض یعتد به و لا یلحق بوبره فضلاته علی الظاهر اقتصاراً علی المتیقن و منها جلده فقیل باستثنائه و نسب للأکثر للصحیح عن جلود الخز قال هو فی فلیس فقلت ذاک الوبر فقال إذا حل وبره حل جلده و الموثق عن الصلاة فی الخز قال صل فیه و الخبر ما تقول فی الصلاة فی الخزلة فقال لا بأس بالصلاة فیه إلی أن قال (علیه السلام) فان الله عز و جل أحله و جعل ذکاته موته یفهم من ترتیب التعلیل علی السؤال أنه کان علی الصلاة فی الجلد لأنه هو الموثوق علی التذکیة و للصحیح عن جلود الخز قال لیس بها بأس و احتمال إرادة بیان التلازم فی الروایات الأولی بین حل لبس الجلد لا بین جواز الصلاة فی الوبر و بین جوازها فی الجلد و أن کان ممکنا لکنه لا ینافی الظهور فی العموم أن لم یکن فی جواز الصلاة اظهر لأن المحتاج للبیان ذلک الیوم ذلک کاحتمال إرادة الوبر من الموثق فإنها و أن کانت ممکنة لکن یبعدها ترک الاستفصال من أمام (علیه السلام) عن خصوص المسئول عنه لأن الخز مقتضیه فی نفس الحیوان و لا یراد قطعاً فیصرف لما

ص: 51

هو أهم من جلده و وبره و أما نفی اللباس فی الصحیح الآخر فهو ظاهر فی نفیه مطلقاً إن لم یکن فی الصلاة اظهر هذا کله فی الوبر الخالص و أما المغشوش کوبر الثعالب و الأرانب فحکمه حکمها للأخبار و الاحتیاط و الإجماع خلافاً للصدوق (رحمه الله) مستنداً لروایة شاذة موافقة للعامة یجب طرحها أو حملها علی التقیة.

الثامنة: لو لم یعرف الجلد أو الوبر أو الفضلة و شک فی أنها مما یؤکل لحمه أو لا

حرم علیه الصلاة فیها لتعارض أصلی کل منهما فیبقی دلیل الاحتیاط اللازم فی مقام الشک الخروج عن العهدة بعد ثبوت التکلیف من دون معارض و لأن الشرط فی الصلاة بالجلود و هو لبس جلد ما لا یؤکل لحمه فیجب إحرازه و الشک فی إحراز الشرط یعود للشک صحة المشروط نعم یستثنی من ذلک الشعرات الملقاة علی الثیاب المشکوک فیها فانه لا یجب رفعها للزومها للثیاب غالباً و عدم انفکاک ثوب صوف أو عمامة من دخول شعره فیها مشکوک فی جنسها أو وقوعها علیها غالباً و علی ذلک فالخز المستثنی إن علم الیوم من روایة صحیحة أو من أخبار المعتمدین فی التاریخ أو فی اللغة عمل علیها و کذا لو کان له معین معلوم فی هذا الیوم فانه یبنی علیه لا صالة عدم النقل و أن أشکل أمره و وجب اجتنابه من باب المقدمة و الأخبار و کلمات الأصحاب أهل التواریخ فیه مختلفة فمن الروایات ما دل علی أنها کلاب الماء و إنها إذا خرجت لا تعیش خارج الماء کما فی صحیحة عبد الرحمن لقوله فیها ذلک و تقریر الامام (علیه السلام) له علی ذلک و منها ما دل علی إنها من دواب الماء و إنها تصاد منه و إنها إذا خرجت من الماء تموت و إنها دابة تمشی علی أربع و أن الله تعالی احله و جعل ذکاته موته کما احل الحیتان و جعل ذکاتها موتها کروایة ابن أبی یعفور و فیها أشعارا بأنه لیس مما له نفس سائله و منها ما دلت علی انه کلب الماء و أن له فردین فرد له ناب یحرم أکله و فرد لا ناب له فیحل أکله کروایة ابن أبی یعفور و منها ما دلت أنه من السباع یرعی فی البر و یأوی الماء کروایة حمران بن أعین و منها ما دلت علی أن ما له ناب یحرم أکله کروایة زکریا بن آدم و یستفاد من مجموعها أنه دابة تمشی علی أربع و أنه کلب الماء و أنه من السباع و أن منه ماله ناب و منه ما لیس له ناب و الأول محلل و الثانی محرم و لا

ص: 52

یبعد حمل الروایة الدالة علی أنه من السباع مطلقاً علی الروایة المفصلة بین ما له ناب و ما لا ناب له فیکون السبع منه هو الأول و أن ذکاته موته خارج الماء و مع ذلک فالعمل علیها مشکل لحکمها بحلیّة ما لا ناب له و من المعلوم من القواعد المقررة فی الأحکام أنه لا یحل من حیوان البحر إلا ما له فلس من السمک و حکمها بأن ذکاته موته خارج الماء و من المعلوم من القواعد أیضاً أن ماله نفس سائله تلک ذکاته فیعارض الحکم فیها بأنه کلب الماء و أنه ذو قوائم أربع و أنه یرعی فی البر و أنه سبع مطلقاً أو ما کان له ناب منه فان الظاهر من هذه أنه ذو نفس سائله و ذکاته بالذبح لا غیر و الخروج عن تلکما القاعدتین بهذه الأخبار فلیس لنا إلا اطراح أحکامها و الأخذ بأوصافها و مع ذلک تقل الثمرة لأن المعروف الیوم بنقل أهل المعرفة أن الخز من دواب البر و لا یتوقف حیاتها علی الماء و دعوی أن له فردین بری و بحری و ما فی الأخبار هو الثانی یدفعها ظاهر الأخبار لأن ظاهرها الحصر فی مقام البیان و أما کلمات الأصحاب فجملة منها تبع للروایات و أن حصل فیها اختلاف فی الجملة کما نقل عن ابن إدریس (رحمه الله) و طائفة من المحققین أنه القندس و قال بعضهم و لا یبعد هذا القول عن الصواب لقوله (علیه السلام) لا بأس فی الصلاة فی الخز ما لم یکن مغشوشاً بوبر الأرانب و الثعالب و القندس أشد شبهاً بهذین الوبرین و عن الشهید (رحمه الله) سمعت بعض مدینی السفر یقول إن الخز هو القندس قال و هو قسمان ذو إلیه و ذو ذنب فذو الألیة الخز و ذو الذنب الکلب و مرجعه تواتر الأخبار قلت لعلها تسمی الآن بمصر وبر السمک و هو مشهور و القندس هو کلب الماء علی ما قطع به بعضهم و عن المعتبر حدثنی جماعة من التجار أنه القندس و عن المعتبر و المنتهی و التذکرة و نهایة الأحکام أن الخز دابة ذات أربع تموت إذا فقدت الماء و عن بعض أصحابنا المصنفین أنه دابة صغیرة تطلع من البحر شبه الثعلب ترعی فی البر و تترک البحر و صیدها ذکاتها و بعضها مخالف للروایات و أنه من دواب البریة و لیس من کلاب الماء و أنه من البحریة و یحتاج التذکیة بالذبح أو أنه من البحریة و لیس من کلاب الماء و الظاهر أن ما جمع الأوصاف الموجودة فی الروایات و فی کلمات الأصحاب التابعین لها و یسمی الیوم بهذا الاسم فلا اشکال فیه من جهة

ص: 53

الوبر و الاحوط من جهة جلده تذکیته بالذبح لا ما نراه بید مسلم فتحکم علیه بذلک فی وجه قوی و کلما شک فیه وجب اجتناب وبره و جلده بالطریقة الأولی.

التاسعة: تجوز الصلاة عند الضرورة إلی لباس ما لا یؤکل لحمه علی الأظهر

و تصح و کذا للتقیة و تشعر بذلک بعض الأخبار و لو دار الأمر بین الصلاة عاریا و بینها قدم الصلاة عاریة علی الأظهر.

بحث: کلما یحرم لبسه یحرم الصلاة فیه

اشارة

کلما یحرم لبسه یحرم الصلاة به علی الأظهر للاحتیاط للازم فی العبادة و لخبر کمیل و وجوب کون الصلاة علی افضل الأحوال

فهاهنا مواضع

أحدهما لباس المرآة و کل لباس نهی عنه لتقیة أو لضرورة أو لغیر ذلک تحرم الصلاة به

و تکون بمنزلة عدم الساتر لمکان النهی فی وجه قوی.

ثانیها: لباس الذهب تحرم الصلاة به

لتحریم لبسه و تحریم استعماله و الصلاة فیه تصرف و استعمال له منهی عنهما و للآمر بنزعه و الأمر بالشی ء نهی عن ضده و فی الأخیرین نظر أما الأول فلمنع تحریم استعماله و التصرف فیه و انما المحرم لبسه و هو لیس من اجزاء الصلاة و لا داخلا فیها، و أما الثانی فلمنع اقتضاء الأمر بالشی ء النهی عن ضده و منع تضاده مضادة النزع للصلاة إلا فی بعض الصور فالأقوی استناداً إلی الأول و إلی الاحتیاط و إلی عدم انصراف الأمر بالساتر للذهب لو کان هو الساتر و للأخبار کقوله (علیه السلام) فی خبر عمار لا یلبس الرجل الذهب و لا یصلی فیه و ما ورد عن الرضا (علیه السلام) و لا یصلی فی جلد المیت علی کل حال و لا فی خاتم ذهب و فی خبر موسی بن اکبر الضمیری الذهب فی الدنیا زینة للنساء و یحرم علی الرجال لبسه و الصلاة فیه و تکفی هذه الأخبار فی مقام الشک و أن ضعفت و لیس الذهب عرفاً أما یجعله خاتماً أو حلیاً متعارفاً وضعاً و مکانا و الاحوط تجنب غیر المتعارف أیضاً أو یدخل فی الثیاب تطریز أو بوضع و إدخال فیه بحیث یکون کالجزء منه و الاحوط تجنب الممرة بالذهب علی وجه الطلی بالذهب نفسه لشبهة صدق لباس الذهب علیه و أما المخلوط

ص: 54

فان لم یستهلک فالأقوی وجوب اجتنابه و المحمول لا بأس به لما ورد من جواز ضب الأسنان به و للسیرة القاضیة به و لانصراف أخبار المنع للبس لمکان فی الدلالة علی الظرفیة حقیقة أو ما قرب منها مجازاً إلا لمطلق المصاحبة و الظاهر أنه شرط وجودی لا علمی إلا مع الاضطرار إلی لبسه و الصلاة فیه فلا یلحق الصحة حینئذٍ و یلحق به التقیة.

ثالثها: یحرم علی الذکر لبس الحریر المحض و الصلاة فیه دون حمله و مصاحبته فیما لا یسمی لباساً

کشد عضو و تجبیر کسر للأصل و انصراف أدلة التحریم إلی اللبس خاصة و یدل علی ذلک الاجماعات المستفیضة النقل و الأخبار الناهیة عن لبسه و الصلاة فیه القاضیة بالفساد و قد ادعی تواترها و لا فرق فی إطلاق النص و الفتوی بین کونه ساترا أم لا عدا ما استثنی مما لیس له قابلیة الستر لصغره لا لرقته و یخرج من أدلة تحریم لبسه النساء فانه یجوز لهن لبسه بالإجماع و الأخبار و کذا الصبیان للأصل و عدم صدق الرجال علیهم و توجه المنع إلی أولیائهم لا دلیل علیه و کذا الخناثی للأصل أیضاً و للشک فی توجه الخطاب لهن و یخرج أیضاً من تحریم لبسه ما اضطر إلیه لدفع ضرر علی النفس أو دواء أو برد أو أذی حیوان من قمل و شبهه لأن الضرورات تبیح المحظورات و لأن ما غلب الله علیه فالله أولی بالعذر و لحدیث رفع ما لا یطیقون و للإجماع المنقول و الآذن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لعبد الرحمن بن عوف فی لبسه لأنه رجل اقملا فغیره کذلک و کذا یخرج منه حال الحرب المأذون فیه و أن لم یکن جهاداً للإجماع المنقول و لزیادته فی قوة القلب و دفع أذی الزرد عند حرکته فجری مجری الضرورة و الأخبار المستفیضة و منها عن لباس الحریر و الدیباج فقال أما فی الحرب فلا باس و فی أخر لا یلبس الرجل الحریر و الدیباج إلا فی الحرب و غیر ذلک و هی منصرفة إلی الحرب الجائز اقتصاراً علی المتیقن من الجواز و یخرج أیضاً من أدلة التحریم المختلطة بغیره مما تجوز الصلاة فیه مزجاً لا یستهلک فیه الخلیط للإجماع و الأخبار ففی الصحیح عن الثواب الملحم بالقز و القطن و الفراء أکثر من النصف أ یصلی فیه قال لا بأس و فی أخر فی الثوب یکون فیه الحریر فقال أن کان فیه خلط فلا بأس و فی أخر إلا ما کان من حریر مخلوط بخز لحمته أو سداه خزّ أو شدد جزء أو قطن أو کتان و إنما

ص: 55

یکون المحض للرجال و النساء و المراد بالخلط ما کان ممزوجاً عرفاً و لا یکفی مزج الخیاطة و الحشو و لا التوقیع و لا التطریز فی الثوب الحریر و یکفی مزج ما یحل لبسه فی اللبس و ما تحل الصلاة فیه فی الصلاة و لا یشترط أن یکون قطناً أو کتاناً کما یظهر من بعضهم و دلت علیه بعض الروایات بضعفها عن مقاومة الأخبار الأخر و فتوی المشهور و أما ما کان طریق متواصلة منها حریر خالص و منها غیره فلا تخرج عن دلیل المنع إذا کانت کل طریقة ساترة و إن لم تکن ساترة لکنه یحصل من مجموعها فهو مشکل فی غیر المکفوف و غیر ما صغرت طریقته جداً بحیث یقال عرفاً أنه ممتزج و لا یبعد منعه سیما لو زادت کل طریقة علی أربع أصابع هذا کله بالنسبة للبس و أما بالنسبة إلی الصلاة فالأظهر أن حکمها حکمه إلا بالنسبة للصبی فإن الأقوی منع الولی له للصلاة به لعدم تحقق الصلاة الشرعیة به لاحتمال الشرطیة فی حقه و کذا الخنثی فإن الأظهر وجوب نزع حلیها عند الصلاة للاحتیاط اللازم فی العبادة بعد شغل الذمة الیقینی المستدعی للفراغ الیقینی و یقوی القول بجواز الصلاة لها فیه لأصالة البراءة و إدخاله تحت الشک فی التکلیف لا فی المکلف به و الأول أحوط و أما النساء فحکم الصلاة حکم اللبس فیهن علی الأظهر الأشهر و قد حکی علیه الإجماع و دلت علیه السیرة و عمل المسلمین فی الأمصار و فی جمیع الأعصار و نفی العسر و الحرج و إطلاق روایات اللبس من دون بیان المنع أو إطلاقها باستثناء الإحرام فقد دون غیره و بین هذه الإطلاقات الشاملة للصلاة و غیرها و بین روایات المنع من الصلاة الشاملة للأنثی و الذکر عموم من وجه و الترجیح للإطلاقات الأدلة لاعتضادها بما ذکرنا و قد یناقش فی شمول إطلاق اللبس لجواز الصلاة و یدعی أن الثانی لیس من أفراد الأول و لا یضر فالقوة الأول علی کل حال و قبل بالمنع من الصلاة فیهن استناداً لعمومات المنع و لخصوص روایة زرارة (یکره الحریر المحض للرجال و النساء) و روایة الخصال یجوز للمرأة لبس الحریر و الدیباج فی غیر صلاة و إحرام و الکل ضعیف لقوة عمومات الجواز علی عمومات المنع و ضعف الروایات تبین مسنداً و احتمال إرادة الکراهة التنزیهیة عن الأولی فلا یعارض ما تقدم.

ص: 56

فائدة: فی الحریر

الحریر یجوز افتراشه و الصلاة علیه للأصل و الخبر الصحیح و غیره بدون معارض سوی بعض العمومات الضعیفة فی المعارضة المنصرفة للبس کقوله (علیه السلام): (هذان محرمان علی ذکور أمتی) و الرضوی الناهی عن ذلک و لا یقاوم ما تقدم لضعفه و یجوز الالتحاف به و التوسد علیه ما لم یصل الالتحاف إلی حد صدق الاسم اللبس للأصل و السیرة المأخوذة یداً عن ید الکاشفة عن تقریر المعصوم (علیه السلام) و یجوز الکف به و التحنیط و التطریز ما لم یکن کالثوب الآخر و یجوز جعل السفائف و القیاطین دائرة علی الثوب بنفسه و لو بالإدارة مرات إلا أن یخرج بکثرتها عن جسم قابلیتها للستر کسفیفة طویلة أو مکفوف رفیع طویل کذا یجوز وضع الجیوب إذا لم تکن ساترة و الأحوط ترک ذلک مطلقاً و ترک المکفوف مطلقاً و إن نقل علیه الإجماع و أفتی به المشهور و دلت علیه بعض الروایات النبویة لقوة العمومات المانعة و الأولی أنه لو استعمل المکفوف أن لا یزید علی أربع أصابع مضمومة لا مفتوحة و إن احتملها بعض الأصحاب لظهور النبوی الدال علی جواز المکفوف بالمضمومة لقوله: (ینهی عن الحریر إلا فی موضع إصبع أو إصبعین أو ثلاث أو أربع و الظاهر منها بل المتیقن هو المضمومة و قد یفرق فی الاحتیاط بین اللبس و الصلاة فیترک بالثانیة للاحتیاط و لقوله (علیه السلام) فی الموثق عن الثوب یکون عمله دیباجاً قال: (لا تصل فیه) و یلبس فی الأول لفتوی المشهور و الإجماع المنقول علی جوازه و القول بعدم الفرق لم یثبت لقوله (علیه السلام) لا بأس بالثوب یکون سداه وزره و عمله حریراً و لقائل أن یقول یجوز المکفوف و العلم و اللبینة و هو الجیب لبساً و صلاة مطلقاً ساترة أم لا قابلة للستر أم لا زائدة علی أربع أصابع أم لا لإطلاق بعض الأخبار و فتاوی بعض الأصحاب سیما فی المکفوف و لکنه لا یقاوم إطلاق الفتوی و الروایة بالمنع المؤیدین بالاحتیاط اللازم فی الصلاة.

ص: 57

فائدة: ما لا تتم الصلاة به لصغره من ملابس الرأس و القدمین أو غیرهما

بحیث أنه لا یستر العورة للمصلی المستوی الخلقة لا المتناهی فی الصغر أو المتناهی فی الفطر مع بقائه علی حاله من دون تصرف کجعل الطول فی العرض أو تمطیه أو بإدارته مرات کثیرة خارجة عن المعتاد کحبل و سفیفة طویلتین إذا تعمم بهما أو تحزم بخلاف الوزرة فهل تجوز الصلاة به إذا کان حریراً محضاً کالتکة و القلنسوة و الجورب و الخف و بعض الحزم علی البطن و الظهر و غیر ذلک وفاقاً لفتوی جماعة من الأصحاب للأصل و لقول الصادق (علیه السلام) فی روایة الحلبی (کلما لا تجوز الصلاة فیه وحده فلا بأس بالصلاة فیه) مثل التکة الابریسم و القلنسوة و الخف و الزنار یکون فی السراویل و ظاهره الجواز فیما تجوز به الصلاة وحده حال کونه علی حاله من دون معالجة نعم لو افتقر وضعه إلی علاج شد خیط أو تعلیق بحبل أو أداره دون المستر به لم یخرج عن کونه مما تتم الصلاة به وحده لأن الفلاح فی وضعه غیر العلاج فی ستره أم لا تجوز وفاقاً لفتوی آخرین استناداً للعمومات و الإطلاقات القویة التی منها ما هو کالمنصوص علی المنع

کصحیحة محمد بن عبد الجبار لترتیب المنع من الصلاة فی الحریر المحض فیها علی سؤال علی المعمول منه من نحو التکة و القلنسوة و هما و إن کانتا مکانیة لکنهما حجة علی الأصح سیما أنهما صحیحتان و استضعافاً للروایة الأول سنداً لاشتمالها علی محمد بن هلال و هو ضعیف و تقل عن ابن أبی عمیر لا یفید قوة یصلح بها للحجیة و لموافقة مفهومها لفتوی العامة علی ما نقل و إن خالفت فتواهم بالمفهوم المانع عن الصلاة فیما تتم به وحده لا قلیلة المخالفة فیها مما دلت علیه الصحیحان المانعتان و لمخالفتها للاحتیاط فی مقام الشغل فالقول بالمنع أقوی إلا أن یقوم شهرة تجبر مضمون الروایة الأولی أو یفهم من العفو عن النجاسة المتعلقة بهما جواز کونهما حریراً و لم یثبت کل من الأمرین و إن نقل عن المشهور القول بالجواز إلا أن النقل غیر التحصیل و لو حصلت شهرة محققة لقلنا و الأحوط ما لا تتم به الصلاة بهیئته کالعمامة من الحریر الغیر المنسوج غزلًا کان أو غیره مما قبل الغزل و کذا الحشو بین طاقات الثیاب و الأقوی الجواز لعدم انصراف أدلة تحریم الصلاة فیه إلیه لظهورها فی الملابس المعتادة و لما ورد

ص: 58

من جواز حشو الثوب بالقز و حمل القز علی قز الماعز خلاف الظاهر و عدم لبس الحریر من الشرائط الواقعیة للأصل فیعید المصلی فیه جهلًا أو نسیاناً و یجب اجتنابه مع الشک أو کان من المشتبه المحصور و لو صلی فی المشتبه نسیاناً احتملت الصحة و الأقوی وجوب الإعادة.

بحث: یشترط فی الساتر للصلاة أن یکون معتاد الهیئة بوضعه وضع الثیاب المعتادة

لما یفهم من الأخبار الآتیة إن شاء الله تعالی فلا یکفی التستر بالورق و الحشیش و الغزل غیر المنسوج و الصوف و القطن و الطین و الأحوط تجنب ما کان معتاد الهیئة غیر معتاد المادة کثوب ورق و طین أو خوص و شبهها و لا یشترط فیما یستر ظاهر القدم من ملابسه لا مطلقاً أن یکون له ساق یغطی المفصل بین الساق و القدم و شیئاً من الساق و لو من باب المقدمة کما علیه جماعة و ظاهرهم بطلان الصلاة بدون ذلک و حکی عدم الجواز عن کشهور القدماء و استدل لهم بأن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و أتباعه لم یصلوا بهذا النوع و لما روی ابن حمزة (إن الصلاة فی النعل السندی و الشمشک محضورة) و هما یغطیان القدم و لا ساق لهما و الکل ضعیف لا یقاوم إطلاق الأخبار و خلوها من بیان هذا الحکم المتوفرة إلی بیانه الدعاوی و لا یقاوم روایة التوقیع لا شعارها بالجواز مع تأییدها بفتوی المشهور بین المتأخرین تحصیلًا و نقلًا و عدم فعل النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) له لا یدل علی العدم و لا یجب به التأسی إلا إذا أنبأ عن حکم و إلا لزم ما بطلانه بدیهی عندنا و روایة ابن حمزة ضعیفة بالجهل و الإرسال و الأحوط تجنب النعل السندی و الشمشک و أحوط من ذلک تجنب کل ما لا ساق له مما یغطی ظاهر القدم تفصیاً عن شبهة الفتوی و الروایة.

القول فی ستر العورة:

بحث: یجب ستر العورة عن کل ناظر محرم

اشارة

لأن عورة المؤمن علی المؤمن حرام بإجماع المسلمین و یجب سترها فی الصلاة من حیثیة الصلاة وجوباً شرعیاً و شرطیاً حصل الناظر أم لا بالإجماع بقسمیه و للروایات المستفیضة المسقطة بحد الأرکان بفقده

ص: 59

محافظة علیه مهما أمکن من الرکوع و السجود فی الروایة الآتیة و لم یکن شرطاً ملحوظاً لما شرع لأجله ذلک و فی المقام أمور:

أحدها: شرط الستر مع العمد

و الجهل بالحکم حکمه حکمه و مع النسیان ابتدأ بحیث أنه نسی أن یستر ابتدأ و فی الأثناء فالظاهر أنه غیر شرط و تصح بدون الصلاة مطلقاً سواء قارن التکشف جمیعها أو بعضها للصحیح عن الرجل یصلی و فرجه خارج لا یعلم به هل علیه الإعادة قال: (لا إعادة علیه و قد تمت صلاته) و ترک الاستفصال یفید العموم فی المقام للابتداء أو الاستدامة لکل الصلاة و بعضها و الإعادة شاملة للوقت و خارجه کما أن إطلاق الفرج شامل للأمرین معاً و لو خص القبل من ظهور الخطاب لعمها عدم القول بالفرق بینهما من أوجب الإعادة فی الوقت دون خارجه مطلقاً و أوجبها عند نسیان التستر فی الابتداء دون التکشف فی الأثناء أو أوجبها لخلوها عن الدلیل عند نسیان التستر فی الابتداء دون التکشف فی الأثناء عند التکشف فی جمیع الصلاة دون بعضها أو غیر ذلک لا تسمع دعواه لخلوها عن الدلیل نعم لو تعمد التکشف و علم به إلا أنه نسی کونه فی الصلاة أو بشی ء حکم التکشف فی الصلاة کان القول بالإعادة وجه لعدم ظهور شمول الروایة لهذین الفردین و الأصل فی الشرائط الواقعیة.

ثانیها: یجب ستر العورة عن الناظر المحترم من جمیع الجوانب

بالإجماع و کذا یجب سترها عن الناظر أیضاً من جمیع الجهات للمصلی من حیثیة الصلاة و لو کان محللًا کزوجة أو مملوکة علی وجه قوی یساعده الاحتیاط و لا یجب سترها عن نفسه و یجب ستر العورة لنفسه فی الصلاة من الجانبین الیمین و الیسار و یلحق بها الفوق علی الأظهر إذا خرج عن المتعارف و أما الأسفل فلا یجب الستر منه مطلقاً سواء سامت أسافله الأرض بحیث لم یکن مستقلًا لإمکان النظر إلیه أو مسامتها بشباک أو فضاء کأن یصلی علی حائط بحیث یمکن رؤیتها لو کان تحته و الأحوط تجنبه.

ص: 60

ثالثها: المراد بالعورة الذکر و البیضتان و حلقة الدبر ظاهراً أو باطناً

و الأظهر عدم لحوق ما نبت علیها من شعر و أما نبت علیها من عظم و لحم فلا شک فی أن حکمه حکمها و الخنثی یجب علیها ستر الفرجین و من کان له آلتان و اشتبه الزائد بالأصلی وجب سترهما و معلوم الزیادة أن نبت فی الأصلی وجب ستره و إلا فالأحوط ذلک و یدل علی أن خصوص ذلک عورة الرجل و إن عورة المرأة فی النظر من حیث الفرج أیضاً الإجماع المنقول و الأخبار و العرف القاضی بتسمیة ذلک عورة خلافاً لما یظهر من شاذ من التردد فی جواز البیضتین و یدل علی أن ما عداهما لیس من العورة أیضاً الإجماعات المنقولة و الشهرة المحصلة و المنقولة و الروایات منها (العورة عورتان القبل و الدبر مستور بالألیتین فإذا سترت القضیب و الألیتین فقد سترت العورة) و فی آخر (الفخذ لیس من العورة) و فی آخر (الرکبة لیس من العورة) نعم الأحوط ستر ما بین البیضتین و الدبر و أحوط منه ستر ما بین السرة و الرکبة و هو ضعیف نعم یستحب ذلک لما ورد عن الإمام (علیه السلام) أنه أظل ما بین الرکبة بعد أن أمر صاحب الحمام بالخروج دأبه و أنه سترها عنه.

رابعها: یجب ستر اللون لا الحجم

فلا یضر نفس حجم لو ستر بثوب أو بطین عن الناظر بحیث بان قدره فلا یضر أیضاً لو بان أحجم منه وراء الثوب بنفسه بحیث یری مادة و هیئة و لکن لا یری لونه بل یری کالخیال و یدل علی جواز الأمرین ما ورد من الاکتفاء بستر النورة فی الحمام للامام فی الأول و ما ورد من الاجتزاء بثوب واحد للرجل و هو غالباً لا یستر الحجم و الخیال فی الثانی نعم ورد النهی عن الصلاة فیما شف أو صف علی بعض النسخ فیکون معناه وصف الحجم فیحمل علی الکراهة خیر من اطراحه و إن ضعف سنداً و دلالة و تکثرت فیه الروایة أنه بالسین أو بالصاد و أنه بالواو أو بحذفها.

خامسها: یجب علی المرأة فی الصلاة ستر ما یحرم علی الأجنبی النظر إلیه

فهی کلها عورة فی الصلاة عدا ما استثنی و یدل علی أصل الحکم الإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و الإجماع المنقول علی أنها عورة ما عدا ما استثنی و کل عورة یجب سترها فی

ص: 61

الصلاة و للاحتیاط اللازم فی مقام الشک و لقوله فی الصحیح عن أدنی ما تصلی فیه المرأة قال: (درع و ملحفة تنشرها علی رأسها و تجلل بها) و فیه (المرأة تصلی فی الدرع و المقنعة إذا کانت کتیفاً) و للصحیح و الموثق (تصلی المرأة فی ثلاثة أثواب إزار و درع و خمار و لا یضرها بأن تقتنع بالخمار فإن لم تجد فثوبین تتأزر بأحدهما و تقتنع بالآخر) و للخبر عن المرأة تصلی فی درع و ملحفة لیس علیها إزار و لا مقنعة قال: (لا بأس إذا تقنعت بها و إن لم یکفها عرضاً جعلتها طولًا إلی غیر ذلک من الأخبار الموجبة للدرع و هو القمیص و یسمی الآن ثوباً و للمقنعة أو الخمار و هما ما یوضعان علی الرأس فیستر بها الشعر و الرقبة و طرف العنق و البارز من الصدر الذی لا یغطیه الدرع کما هو الیوم أیضاً کذلک و فسر قوله تعالی: [وَ لْیَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلیٰ جُیُوبِهِنَّ] به أو الملحفة القائمة مقامها أو مقام الکل لأنها ثوب واسع یجلل للمرأة من قرنها إلی قدمها کما ورد فی صحیح علی بن جعفر عن المرأة لیس علیها إلا ملحفة واحدة فکیف تصلی قال: (تلتف بها و تغطی رأسها فإن خرجت رجلاها أو لیس تقدر علی ذلک فلا بأس أو الدرع أو الخمار کما تقدم فی الموثق فیفهم من جمیعها أن المقصود الأصلی ستر بدن المرأة و ذکر هذه الخصوصیات للإرشاد إلی ما یحصل به الستر بسهولة و إلی ما یحصل به الفرد الأکمل و الأفضل کما یشیر إلیه قوله (أدنی ما یصلی فیه) فإنه منه یقهم حد آخر أعلی من ذلک فیبطل بذلک قول من ساوی به عورة الرجل و المرأة فی الصلاة و بطلان ما یتوهم أن لبعض هذه الأفراد خصوصیة نعم یستثنی من وجوب ستر البدن الوجه العرفی البارز غالباً لعدم شمول الأخبار له و للإجماع المنقول و العسر و الحرج و للروایة المشعرة بذلک و لیس المراد منه وجه الوضوء إلا إذا قلنا أن التحدید فیه لبیان المصداق العرفی و لکنه بعید و لا یبعد اغتفار بعض الشعر المتدنی علیه الذی لا تنفک النساء غالباً من ظهوره و لا یلحق به الشعر الذی لا تنفک النساء من إظهاره للزینة لعدم الدلیل علی استثنائه و یجب ستر المشکوک به من باب المقدمة و باطن الوجه کباطن المنخرین و الفم لا یجب ستره بلثام و شبهه و لا تفسد صلاة المرأة إذا نظر إلیها ناظر محرم أو محلل علی الأظهر بخلاف باقی الجسد لو نظر إلیه ناظر من تحت الثیاب فإنه لا یبعد الفساد

ص: 62

و یستثنی الکفان علی الأظهر لعدم شمول الأخبار الآمرة المتقدمة لها لخروجها غالباً عنها سیما ما ورد من الدرع و الخمار فإنه غالباً لا یستر الکفین کما فهم ذلک الأصحاب و هم أعرف بما علیه کانت الثیاب و للإجماع المنقول و لاستثنائها من النهی عن إبداء الزینة لأنهما مما ظهر منها فیهم أن دروعهن ذلک الیوم لا تستر الکفین و العسر و الحرج و لا یتفاوت بین ظهرها و بطنها و ینبغی الاقتصار علی المتیقن من ابا المقدمة و الأحوط سترهما تغضیاً من خلاف من أوجب ذلک مدعیاً أن الثیاب المذکورة فی الأخبار مما تشمل الکفین ذلک الیوم کما نراه الیوم فی ثیاب العرب و یستثنی من ذلک ظاهر القدمین أیضاً لما ذکرناه من السیرة و من عدم دخوله فی الثیاب المعتادة کما ذکر الأصحاب ذلک أیضاً و هم أعرف بما کانت علیه الثیاب و من العسر و الحرج و من الشهرة المنقولة و ادعی بعضهم عدم القائل بالفرق بین الکفین و ظاهر القدمین و الاحتیاط أیضاً فیه مطلقاً تغضیاً من خلاف شبهة من منع مستنداً إلی أن ثیاب الأعراب کانت طویلة تجر إلی الأرض فیشملها ما جاء فی الأخبار و أما باطن القدمین فالظاهر عدم استثنائها لاستنادهما بالأرض حالة القیام و بالثیاب فی الأحوال الأخر کما نراه الیوم و لعدم کونه من الزینة علی الأرض و لتفسرها بالوجه و الکفین و القدمین و یراد بهما الظاهر لأنه هو الظاهر عند المشی فی بعض النساء اللاتی لا یستعملن الخف لا دلیل فیه علی أنه داخل تحت قوله تعالی: [إِلّٰا مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا] و فی الصحیح المتقدم و قوله فیه و إن خرجت رجلاها و لیست تقدر علی ذلک فلا بأس دلیل علی المنع من خروج الرجل و غایة ما خرج منه ظهر القدم فیبقی باطنه تحت دلیل المنع عموماً و خصوصاً و تخیل بعض الأصحاب عدم لزوم ستر الشعر و هو ضعیف جداً لشمول الأخبار له قطعاً و لأنه من الزینة المنهی عن إبدائها و لیس من الظاهر و لشمول ما دل علی أن بدن المرأة عورة له و هو أشد من بعض أماکن الجسد و لما ورد عن فاطمة (صلوات الله علیها) أنها صلت فی درع و خمار و لیس علیها أکثر مما وارت به شعرها.

ص: 63

سادسها: یجب علی الخنثی و الممسوح ستر البدن کله فی الصلاة دون النظر

للأصل فی الثانی و الاحتیاط اللازم بعد یقین الشغل فی الأول و قد یقال بعدم الوجوب تمسکاً بالأصل و یصیر من باب الشک فی التکلیف لا فی المکلف به.

سابعها: یستثنی من حکم المرأة الأمة الغیر مبعضة لجمیع أقسامها و الصبیة قبل البلوغ

فإنه لا یلزم علیهما ستر رءوسهما فی الصلاة إجماعاً منقولًا علی لسان جماعة و للأخبار المستفیضة فی حق الأمة الشاملة لذات الولد و غیرها و لمفهوم الخبر فی الصبیة علی الجاریة إذا حاضت الصیام و الخمار إلا أن تکون مملوکة لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة أن تصلی و هی مکشوفة الرأس بحملها علی الصغیرة لخروج الکبیرة بما قدمناه و لکن الظاهر فیه لزمن المرأة البالغة فیبعد الاستدلال به و لعدم انصراف الأمر بالساتر و الصلاة بالثیاب لها لأن الأمر لمکان ستر العورة و کون رأس الصبیة عورة ممنوع و فیه أن رأسها کلها و الأولی الاستناد إلی کلام الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و لا یحرم علی الأمة ستر الرأس کما یظهر من شاذ من أصحابنا و شاذ من الروایات من الإمام (علیه السلام) فصرف الجواری إذا تسترت لیفرق بین الحرة و المملوکة و الإضراب إلا علی معصیة و هی مطرحة أو محمولة علی التقیة نعم هل یستحب لها التکشف کما یلوح من أخبار الباب أو یندب لها التستر کما یظهر من الأصحاب و هو الذی تؤیده الأخبار و یساعده الاعتبار و یدخل فی الرأس الرقبة کما هو الشائع فی الإطلاق و یفهم المفهوم من کلام الأصحاب لبعد عدم ستر الرأس و سترها دونه کما هو ظاهر و لو أعتقت الأمة فی الأثناء و لم تعلم بالمعتق صحت صلاتها لعدم العلم بتبدل موضوعها فهی أولی من الناسی فی الصحة و إن علمت تسترت فوراً فإن لم یمکنها و کان الوقت ضیقاً عن القطع و الإتیان برکعة متسترة بها قضت و لا شی ء علیها مع احتمال البطلان و إن کان متسعاً قطعت الصلاة و استأنفت علی الأظهر لتحصیل الشرط و یحتمل عدم وجوب القطع لعدم وجوب التستر فی مثل هذا الفرد لعدم انصراف أدلة وجوبه لمثله و لتحریم قطع العمل و یحتمل الفرق بین ما وسع الوقت للقطع و استئناف کل الصلاة

ص: 64

فیجب و بین ما یسع للقطع و إدراک رکعة فلا یجب لتنزیلها منزلة المضطر من عمد و نسیان و شبههما.

ثامنها: إذا فقد الساتر المعتاد

جنساً و هیئة النقل الغیر المعتاد منها مقدماً معتاد الهیئة کالثوب منه اللیف علی معتاد الجنس کوضع الغزل و القطن علی العورة و مقدماً لغیر معتاد الهیئة علی غیر معتادهما کالطین و النورة کل ذلک للاحتیاط و لحدیث (لا یترک المیسور بالمعسور) و لروایة علی بن جعفر (إن أصاب حشیشاً یستر به عورته أتم صلاته بالرکوع و السجود و لما ورد من أن (النورة ستر) و الستر واجب وجوبها علی الترتیب المتقدم یقضی به الاحتیاط و إطلاقات وجوب الثیاب المفهوم منها أن لها خصوصیة فی الستر الصلاتی و لقوله تعالی: [خُذُوا زِینَتَکُمْ عِنْدَ کُلِّ مَسْجِدٍ] و غیر الثیاب لیس من الزینة فالثیاب مقدمة علی القطن و الصوف و الغزل و الورق و الحشیش و الطین و الثلاثة الأول مقدمة علی الأخیرین لقربها من الثیاب و هما مقدمان علی الأخیر لبعده مادة و هیئة و ما ورد من أن النورة ستر یراد بها عن الناظر و لا شک و ذهب جمع من أصحابنا إلی مساواة المراتب المتأخرة للثیاب مطلقاً استناداً منه إلی أن المطلوب حصول الستر بأی ساتر و قد حصل و بعض إلی مساواة ما عدا الطین للثیاب و أما الطین فلبعده عن لفظ الساتر یکون متأخراً عن الجمیع و الذی تقضی به القواعد الاحتیاطیة هو ما ذکرناه.

تاسعها: إذا فقد جمیع ما تقدم انتقل إلی شبه الساتر

و وجب علیه لحدیث (لا یترک المیسور بالمعسور) و للاحتیاط فینتقل إلی وضع یده أو ید زوجته أو شعره و شعر لحیته أو عانته فإن فقد ذلک وجب علیه الدخول فی وحل أو طین أو مائع ساتر أو فی حفرة ضیقة أو تابوت أو حب أو فسطاط صغیرة للاحتیاط و لمرسل أیوب إذ لو وجد حفرة دخلها و یسجد فیها و یرکع و یدل علی وجوب وضع الید علی العورة علاوة علی الاحتیاط و ما ورد من الباقر (علیه السلام) (بوضع ید المرأة علی فرجها و وضع ید الرجل

ص: 65

علی سوأته) و ما ورد من أمر الباقر (علیه السلام) النهی عن الرکوع و السجود لئلا یبدو ما خلفها و لئلا یفوت الستر بالالیتین و ظاهر ذلک الستر بأجزاء بدن المصلی مهما أمکن.

عاشرها: لو فقد جمیع ما تقدم لم تسقط الصلاة بحال

و وجبت علیه قائماً مومئاً للرکوع و السجود إذا أمن المطلع لأن الأصل وجوب القیام و إذا لم یأمن صلی جالساً للإجماع المنقول علی ذلک مع عدم الأمن و للأخبار الدالة علی ذلک المنجبرة بفتوی مشهور الأخبار و المؤیدة بالاعتبار ففی مرسل ابن مسکان (یصلی عریاناً قائماً إن لم یره أحداً فإن رآه صلی جالساً) و فی صحیح ابن مسکان أیضاً (إذا کان حیث لا یراه أحد فلیصل قائماً و الجامعة بین الأخبار الآمرة بالقیام کقوله فی الصحیح و إن لم یصب شیئاً یستر به عورته أومأ و هو قائم و الصحیح الآخر و إن کان معه سیف و لیس معه ثوب فلیتقلد السیف و لیصل قائماً و الأمر بالجلوس کقوله (علیه السلام) فی حسن زرارة (یصلی إیماء و إن کانت امرأة جعلت یدها علی فرجها و إن کان رجلًا وضع یده علی سوأته ثمّ یجلسان مومئان فلا یسجدان و لا یرکعان فیبدو ما خلفهما تکون صلاتهما إیماء برءوسهما) و کقوله (علیه السلام) فی خبر أبی البختری المروی فی قرب الإسناد للحمیری (صلی عریاناً جالساً یومئ إیماءً بجعل سجوده أخفض من رکوعه) و فی آخر (یتم و یصلی عریاناً قاعداً و یومئ إیماءً) و فی آخر عمن أصابته جنابة بالفلاة و لیس علیه إلا ثوب واحد أصابه المنی قال: (یتیمم و یطرح ثوبه و یجلس مجتمعاً و یصلی فیومئ إیماء) و أوجب جماعة من أصحابنا الجلوس مطلقاً لهذه الأخبار و أوجب جماعة القیام إلا أنه الأصل و للاهتمام به فی إسقاط الرکوع و السجود و لاستتار القبل بالید و الدبر بالألیتین و من أصحابنا من خیر بین الأمرین لتعارض الدلیلین و هو مخالف للمشهور و الاحتیاط الذی یظهر لی من الأخبار و فتاوی الأصحاب إن الصلاة بالإیماء إنما تجب عند فقد الساتر الملابس للعورة علی ما هو معهود من وضع شی ء علیها لقوله (علیه السلام) (فإن لم یصب شیئاً یستر به عورته أومأ و هو قائم) و الظاهر من الشی ء هو ذلک فلا یجزی وضع الیدین فی الإتیان بالأرکان الاختیاریة لتمکن العاری منهما و لورود الأمر بوضعهما مع الأمر بالصلاة مومئاً و وجوب وضعها لحدیث (لا یسقط) و الاحتیاط لا

ص: 66

یوجب حصول الستر بهما الموجب للإتیان بالأرکان الاختیاریة کما أن وجوب الستر بالماء الراکد و المائعات الساترة و الدخول فی الحفیرة و الفسطاط الضیق من حیثیة الحدث و الاحتیاط لا یخرج العاری عن اسم العاری و وجوب الصلاة علیه قائماً مع الأمن و جالساً مع عدمه و احتمال خصوص الستر بهذه الأمور و شبهها و تقدیم الإتیان بالأرکان الاختیاریة علی الاضطراریة واجب غایة ما خرج منه ما لم یحصل الستر و شبهه فیبقی الباقی عن إطلاقات الأخبار و فتاوی الأصحاب من أن العاری حکمه ذلک و انصراف العاری لفاقد جمیع ما تقدم لأنه الغالب لا وجه له للتمکن من الحفیرة غالباً و مرسلة أیوب الآمرة بالرکوع و السجود فیها لضعفها لا تعارض إطلاق الأخبار و کلام الأصحاب و لعل المراد منهما الاضطرارین جمعاً و وجوب الإیماء دلت علیه الأخبار فی حالتی القیام و الجلوس و المنصرف إلیه الإطلاق الإیماء بالرأس مضافاً إلی التصریح به فی روایة زرارة و لا یشترط الوصول إلی الرکوع الحقیقی فی الإیماء و لمنافاته لإطلاق الأخبار بل لا یبعد منعه نعم یجب جعل السجود أخفض من الرکوع فلا یبعد أن الوصول إلی حد الرکوع الحقیقی فی السجود لا بأس به و ذهب بعض من أصحابنا إلی وجوب الرکوع و السجود الحقیقیین عند الصلاة قائماً لا من المطلع و محافظته علی الأرکان ما أمکن و ترده الصحیحة المتقدمة و فتوی المشهور و استغرب بعضهم وجوب الإیماء إلی حد لو زاد علیه لبدت الصورة و یضعفه إطلاق النص و الفتوی و ما ورد من وجوب السجود أخفض من الرکوع و قوی بعضهم وجوب الجلوس للقائم عند الإیماء للسجود و لأقربیته من هیئة الساجد فیدخل تحت (فأتوا منه ما استطعتم) و یدفعه إطلاق النص و استلزامه العوض لکشف العورة عند القیام و القعود و أوجب بعضهم وضع الیدین علی الأرض عند الإیماء للسجود جالساً للاحتیاط و لحدیث (ما استطعتم) و یضعفه إطلاق النص و الأمر بوضع یده علی سرته فی روایة و الأمر بجلوسه مجتمعاً فی أخری و أوجب بعضهم رفع ما یصح السجود علیه حین الإیماء للسجود للاحتیاط و لوجوبه فی المریض فههنا أولی و یضعفه إطلاق الروایات هنا و تقییدها هناک و الأولویة ممنوعة و لکنه أحوط و أوجب جماعة من أصحابنا فی المریض فهنا أولی

ص: 67

و یضعفه إطلاق الروایات هنا و تقییدها هناک و الأولویة ممنوعة و لکنه أحوط و أوجب جماعة من أصحابنا أنه إذا صلی العراة جماعة جلوساً الإیماء علی الإمام فقط و الرکوع و السجود الاختیاریین علی من خلفه و لقوله (علیه السلام) فی موثق عمار (و هم یرکعون و یسجدون خلفه علی وجوههم) و یضعفه إطلاق الأخبار و الإجماع المنقول علی وجوب الإیماء لوجود المطلع من بعضهم علی بعض لأن المراد من المطلع مما من شأنه ذلک لأن الناظر بالعقل للعورة کما هو المفهوم من الأخبار و لأن الید ساترة عن الناظر فاندفع ما یقال أنهم باعتبار التصاقهم و تضامهم کانوا بمنزلة عدم المطلع فلا اعتداد بهم علی أنهم لو کانوا بتلک المنزلة لوجب القیام للأخبار الموجبة له عند أمن المطلع و خیال أن الالتصاق فی الجلوس أسقط اعتبار الاطلاع بخلاف القیام فکان المطلع موجود حالة القیام و غیر معتد به حالة الجلوس بعید بعد ما ذکرنا من أن المراد من المطلع ما من شأنه ذلک لا ما کان بالفعل مطلقاً و لا یبعد توجیه قوله: (یرکعون و یسجدون علی وجوههم)، بإرادة أنهم علی الوجه الذی لهم و هو الإیماء.

فروع: فی الساتر

أحدها: من کان یرجو الساتر فالأحوط له التأخیر تحصیلًا لشرائط الصلاة الاختیاریة مهما أمکن

و لروایة ابن البختری و فیها (ما عرفت قیاسه فلا ینبغی له أن یصلی حتی یخاف ذهاب الوقت یبتغی ثیاباً) و أوجبه بعضهم من باب المقدمة لتحصیل الشرط و للروایة و فیه نظر لضعف الروایة سنداً و ظهورها فی الاستحباب دلالة و لأن باب المقدمة إنما یجب تعلق الخطاب بذی المقدمة و هو ممنوع حالة عدم التمکن بل هو مخاطب بما تمکن منه لانحلال الخطاب فی الوقت الموسع و إلی خطابات متعددة فیجب المقدور من المقدمات حین الخطاب بحسب القدرة الظرفیة من الزمان لا بحیث أنه یترک الساتر و لو کان قریباً إلیه و لا بحیث یتأخر إلی ضیق الوقت إلا فیما دل علیه الدلیل و من کان لا یرجو الساتر قطعاً فالتقدم أفضل محافظة علی أول الوقت و تحصیلًا للاحتیاط فی المبادرة.

ص: 68

ثانیها: یجب شراء الساتر لمن یتمکن منه بثمن المثل أو فوقه ما لم یضر بالحال

و لو بذل له وجب القبول عیناً أو منفعة کالإعارة و لو کان من الحقوق و هو من أهلها وجب القبول و لا یجب الالتماس علی استعارته أو هبته لما فیه من المنة و هی ضرر علی النفوس الآبیة و لا ضرر و لا إضرار بل لو وهب له فلا یجب القبول لما فیه من تلک الشائبة.

ثالثها: من وجب علیه القیام عند أمن المطلع فهل یجب علیه التشهد جالساً أم لا

و الأظهر عدم الوجوب لإطلاق الأخبار و کلام الأصحاب و لأن القیام و القعود مظنة التکشف.

رابعها: من لم یتمکن من الإیماء بالرأس أومأ بعینیه

و إلا فبواحدة کما تشعر به أخبار المریض و الأحوط الإتیان بواجبات السجود عند الإیماء مهما أمکن.

خامسها: لو کان الموجود أعمی أم من علم أنه لا ینظر فهو بمنزلة عدم المطلع

و لو کان المطلع محرماً کالزوجة و ملک الیمین فالأظهر حکمها حکم الأجنبی من المحرم لإطلاق الأخبار و لوجوب الستر عنهما.

سادسها: بدن المرأة کعورة الرجل

لما یفهم من أنها عورة فإذا لم تأمن الناظر علی بعض بدنها صلت جالسة فإذا لم تأمن الناظر جالسة صلت نائمة إذا أشفقت عند ضیق الوقت و الأحوط ترک ذلک بالسعة.

سابعها: إذا ضاق الوقت و وجب علیه التستر بالحریر أو بالذهب

أو بجلد المیتة أو بما لا یؤکل لحمه من جهة خوف الناظر لعورته الواجب سترها مقدماً علی تحریم ما حرم فهل له أن یصلی فیها و هل صلاته صحیحة أم لا الصحة و مع لبسه فلا تبعد الصحة أیضاً و الأحوط.

ثامنها: إذا ضاق الوقت صلی عریاناً نائماً

و الأحوط ترک ذلک مع السعة.

ص: 69

تاسعها: کلما حرم لأصله من الملابس وجب تقدم العراء علیه

لأنه بمنزلة العدم و کذا ما حرم للصلاة کغیر مأکول اللحم فی وجه قوی و الأحوط الصلاة به.

عاشرها: یجری فی أبعاض الصلاة ما یجری فی الکل

فلو أمن فی الرکعة صلی قائماً و إذ لم یأمن فی الثانیة صلی جالساً و الظاهر أن القیام مقدم علی الستر فی الصلاة من جلوس و لو بالمعتاد نظراً إلی أدلة القیام و الاهتمام و یحتمل التخییر و لو أمکنه المکان الذی یأمن فیه بسهولة وجب طلبه لإمکان إدراک القیام اللازم تقدیمه علی القعود و لا یبعد وجوب التستر جالساً مقدماً علی القیام فی النافلة لجواز الجلوس فیها.

القول فی القبلة:

اشارة

و هی شرعاً ما یستقبل و خص بشرع الإسلام فی الکعبة و ما فی حکمها ضرورة من الدین و بدیهة من المسلمین و المراد بالکعبة موضعها من تخوم الأرض إلی عنان السماء و لا عبرة بالحیطان فتصح صلاة من کان أعلی من الکعبة أو أخفض منها و یکفی استقبال أی جزء من أجزائها لامتناع استقبال مجموع البدن لمجموع الکعبة و ورد فی الأخبار ما یدل علی جواز الصلاة فوق جبل أبی قبیس و الکعبة تحته لأنها قبلة من موضعها إلی السماء و لو صلی صف مستطیل فخرج جزء منه عن الکعبة بطلت صلاته الخارج و لو خرج المصلی من الکعبة فسدت صلاته علی الأظهر إذا خرج منه جزء لا یعتد به أما لقلته و الاحتیاط یقضی بخلافه و الحجر من البیت کما نسب للأصحاب و نقل علیه الإجماع قال: (فی الذکری) و قد دل علیه النقل أنه کان منها زمن إبراهیم (علیه السلام) و إسماعیل (علیه السلام) إلی أن بنیت قریش الکعبة فأعوزتهم الآلات فاختصروها بحذفه و کان ذلک فی عهد النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و نقل عنه (علیه السلام) الاهتمام بإدخاله فی بناء الکعبة و بذلک احتج ابن الزبیر حیث أدخله فیها و أخرجه الحجاج (لعنه الله) تعالی بعده و رده إلی ما کان و لأن الطواف یجب خارجه و بموجب ذلک یجوز استقباله کما حکم به بعض الأصحاب و لکن ورد فی أخبارنا المعتبرة (أنه لیس من البیت) و فی بعضها (و لا قلامة ظفر) و معه یشکل الحکم بجواز

ص: 70

الصلاة إلیه لتوقفها علی الیقین و لا یقین مع هذه الأخبار فالظاهر عدم جواز إجراء أحکام البیت من الصلاة إلیه و الذبح و شبهها علیه و إن جرت علیه أحکام البیت من الاحترام و الآثار و ما سامت الشاذروان فهو الکعبة قطعاً لأنه حذف اختصاراً.

فروع:

أحدها: من صلی فی وسطها استقبل أی جدرانها شاء

للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و لاستواء أجزائها فی الاستقبال فترجیح أحدهما ترجیح من غیر مرجح و إن کان الأفضل استقبال الرکن الذی فیه الحجر لفتوی المشهور و قد وردت روایتان لم یقل بمضمونهما أحد ممن یعتد به مع ضعف أحدهما بالإرسال و الثانیة بالجهالة ففی الأول وجوب الصلاة إلی أربع جوانبها إذا اضطر ذلک و فی الثانیة (إذا حضرته الصلاة الفریضة و هو فی الکعبة و لم یمکنه الخروج منها استلقی علی قفاه و یصلی إیماء) و إنما الکلام فی جواز صلاة الفریضة اختیاراً فیها و عدمه بعد عدم الخلاف فی جوازه فی النافلة و حال الاضطرار و الأصل و الاحتیاط و ظاهر الأمر بالاستقبال یقضی بعدم الجواز لأن ظاهر الأمر بالاستقبال هو جعل جمیع الکعبة أمام المصلی و أن یسامته سوی جزء منها مضافاً إلی الإجماع المنقول علی عدم الجواز و الصحیح (لا تصل المکتوبة فی جوف الکعبة) فالقول بالمنع أقوی لو لا أن الجواز هو المشهور و علیه الإجماع المنقول و یشمله ما ورد فی الموثق إذا حضرت الصلاة المکتوبة و أنا فی الکعبة أصلی فیها قال: (صل) و ظاهر قوله تعالی و الرکوع و السجود و ظهور لفظ لا یصلح فی الکراهة و استعمال صیغة النهی فی الکراهة کثیراً و لأن الکراهة وجه جمع و قد یعارض الإجماع بمثله و الموثق بالصحاح علی أنه یمکن تقیده بحال الضرورة و المشهور بموافقته العامة و منع ظهور لفظ لا یصح فی الکراهة بل ظاهر فی الأعم و منع کون کثرة الاستعمال من مرجحات صرف اللفظ عن حقیقته و منع کون الجمع أولی من الطرح بعد قوة أحد الدلیلین فیبقی کون أقوی سالماً عن المعارض.

ص: 71

ثانیها: من صلی علی سطحها صلی قائماً

و أبرز بین یدیه شیئاً زائداً علی بدنه حتی علی رأسه عند سجوده للأصل و فتوی المشهور و الإجماع المنقول و لوجوب المحافظة علی الأرکان التی منها القیام نصاً و فتوی خلافاً لمن أوجب الصلاة مستلقیاً علی قفاه مومئاً إلی البیت المعمور للخبر و الإجماع المنقول عن الشیخ (رحمه الله) و هما ضعیفان لمخالفتهما المشهور و عموم الأدلة الدالة علی وجوب الأرکان جواز تفویتها لأجل تحصل الاستقبال لا وجه لها لأن الإیماء إلی البیت المعمور لیس استقبالًا داخلًا تحت الأوامر فی الاستقبال کتاباً و سنة هذا کله حالة الاضطرار أو النافلة و أما المکتوبة حالة الاختیار فالأظهر عدم جوازها علی سطح الکعبة مطلق لشمول الأدلة المتقدمة کلًا أو جلًّا لها.

ثالثها: یجب تحصیل العلم للقریب بعین الکعبة

للأصل و الاحتیاط و إن عسر علیه العلم لدخوله فی سرداب أو سفح جبل کفاه الظن.

بحث: الکعبة قبلة البعید

قبلة البعید جهة الکعبة للنصوص الدالة علی أن الکعبة قبلة و معنی ذلک أنها للبعید جهتها و لما ورد أن الرسول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حول إلیها وجهه و ما ورد من أن (ما بین المشرق و المغرب قبلة) و لا ینطبق إلا علی الجهة لعدم القائل بصریحه و للسیرة القطعیة علی ذلک و المراد بالجهة هی السمت الذی لو استقبل قیل له استقبلها عرفاً هو الذی یحتمل کل جزء منه اشتماله علیها و یقطع بعدم خروجها من جمیع أجزائه بالجملة لیس البیت فی الاستقبال إلا کغیره من المحال عند إرادة استقبالها للبعید لزیارة و نحوها فإن الاستقبال لها عرفاً هو التوجه إلی سمتها الذی یشار إلیها به عرفاً و البعد یفید الاستقبال توسعة لا یفید المستقبل بل المستقبل هو أمر واحد لا یزید و لا ینقص و لا ینقص و لا یتبدل و لا یتغیر إلی أمر آخر و المفهوم من الأخبار و الآیة الشریفة الآمرة بالتوجه إلی شطر المسجد الحرام و هو النحو المعهود من عدم اعتناء النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیهم السلام) بضبط القبلة و من عمل المسلمین و اکتفائهم بالأبنیة و عدم رجوعهم إلی

ص: 72

علماء أهل الهیئة و من اختلاف أهل الهیئة و رجوعهم للقواعد الحدسیة من غیر إنکار من العلماء علیهم و من جعلهم من علمائها مهب الأهویة الغیر المنضبطة و کذا مواضع النجوم المختلفة و أقواها الجدی و هو مختلف بحسب الأزمنة و الأمکنة ارتفاعاً و انخفاضاً و من رجوع العلماء إلی قبلة أهل البلد مع اختلافهم مکاناً و حدساً و رجوعهم إلی وضع محاریب المساجد و وجود التفاوت فیها کمسجد الکوفة أن الأمر فی الاستقبال ملحوظ فیه السهولة و لا یطلب فیه التدقیق و أنه یکتفی منه بمجرد اسم الاستقبال عرفاً و لا یضر به الانحراف الیسیر الذی لا یخرج به عن المسمی و أنه لا یجب علی من تمکن من العلم بمقابلة الکعبة حقیقة أن یقابلها کذلک بحیث لو خرج منه خط معتدل لا تصل بالکعبة فظهر من ذلک إن الجهة هی الاستقبال العرفی للعین نعم لا یجوز تخطی علی ما صدق علیه العرف و یعرف ذلک بالتجاوز عن حدود العلائم الشریعة و العرفیة کما سیأتی إن شاء الله تعالی.

بحث: قال الشیخ (رحمه الله) و جماعة إن الکعبة قبلة لأهل المسجد و المسجد قبلة لمن فی حلی الحرم و الحرم قبلة لأهل الدنیا

و ظاهرهم جواز الانحراف عن الکعبة إلی المسجد لمن شاهدها و عن المسجد إلی الحرم لمن شاهده و هو مخالف للشهرة المحصلة و الاحتیاط لفراغ الذمة بالتوجه إلیها قطعاً بخلاف غیرها و الأخبار الدالة علی أن الکعبة قبلة و خصوص المروی فی الاحتجاج و فیه (ثمّ أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها فی سائر البلدان) و مسنده أخبار ضعیفة لا تقاوم ما قدمنا مع إمکان حملها علی بیان إرادة الجهة لمن لم یتمکن من العین بمعنی أنه من خرج عن المسجد لا یجوز له أن ینحرف عنه إذا لم یر الکعبة لاستلزامه الانحراف عنها أیضاً بل یصلی علی سمتها لتحصیل جهة الکعبة و یظهر من جماعة منهم الشیخ (رحمه الله) فی بعض کتبه إن المسجد قبلة لمن لم یتمکن من المسجد فیمکن إرجاع هذا القول للمختار بإرادة أن غیر المتمکن یستقبل المسجد المحتمل دخول الکعبة فیه فیما استقبله و کذلک یستقبل الحرم المحتمل دخول المسجد الداخل فیه الکعبة إلا أنه یخالف المختار من ظهور إیجاب استقبال نفس المسجد لمن کان فی الحرم و نفس الحرم لمن کان خارجاً عنه فیلزم منه بطلان بعض صلاة البلد

ص: 73

المتسعة بعلامة واحدة للقطع بخروج أکثرهم عن عین الکعبة و عدم إمکان العلم باستقبال عین الحرم للبعید غالباً سیما البلدان المتواصلة التی تجمعها علامة واحدة فلا بد من إرجاع ما ذکروه إلی جهة الحرم وجهة الکعبة و لا شک بتقدیم الثانیة کما ذکرنا.

بحث: [المراد من قولهم یجب استقبال کل أهل إقلیم للرکن الذی یلیهم]

لما کانت قبلة البعید هی استقبال الکعبة عرفاً المسماة بالجهة فی لسان الفقهاء کان المراد من قولهم یجب استقبال کل أهل إقلیم للرکن الذی یلیهم فأهل العراق و من والاهم و کان فی جهتهم إلی الرکن العراقی و فیه الحجر الأسعد و أهل الشام و من والاهم و کان فی جهتهم إلی الرکن الشامی و أهل المغرب للرکن المغربی و أهل الیمن للیمانی و یعنون به سمت الرکن وجهته لا نفسه و عینه و یراد بالرکن مجموع صفحة البیت من أحد أرباعه المسامت لذلک الإقلیم و من کان بسمته لا نفس الرکن الذی بین الصفحتین و قد ذکروا لأهل الأرکان علامات دالة علی الجهة المأخوذة من علم الهیئة و معرفة الأرصاد و طول البلد و عرضها بالنسبة إلی مکة زادها الله تعالی شرفاً فلأهل الشام و من کان بحکمهم جعل الجدی خلف الکتف الأیسر و سهیل عند طلوعه بین العین و عند غروبه علی الیمین و بنات نعش عند غیبوبتها خلف الأذن الیمین و لأهل الیمن جعل الجدی بین العینین و سهیل عند غروبه بین الکتفین و لأهل المغرب جعل الجدی علی الحد الأیسر و الثریا و العیوق علی الیمین و الیسار و لأهل السند و الهند جعل الجدی علی الأذن الیمین و سهیل عند طلوعه خلف الأذن الیسری و بنات نعش عند طلوعها علی الخد الأیمن و الثریا عند غروبها علی العین إذا نزلت للمغیب بین العینین و النسر الطائر عند طلوعه بین الکتفین و لأهل المشرق و منهم أهل العراق جعل المشرق علی المنکب الأیسر و هو مجمع العضد و الکتف و المغرب علی الأیمن و الشمس عند الزوال علی الحاجب الأیمن مما یلی الأنف و القمر لیلة السابعة من کل شهر عند غروب الشمس بین العینین و کذا لیلة إحدی و عشرین عند طلوع الفجر و الجدی خلف المنکب الأیمن و لم یرد فی هذه نص سوی کون الجدی علامة لأهل العراق و خص بالعراق لأن السائلین کانوا عراقیین فجوابهم علی ما یحتاجونه فی بلدهم إلا أنه ورد فی الموثق (ضع الجدی فی قفاک) و فی آخر (اجعله علی یمینک و إن

ص: 74

کنت فی طریق الحج فاجعله بین کتفیک) و کلاهما ضعیف السند و الدلالة لخلوهما عما ذکروه من وضع الجدی علی المنکب الأیمن و غایة ما یقضی به الجمع بینهما هو جعله خلف الکتف لا خلف المنکب الأیمن و لا یخفی ما بینهما من التفاوت علی أنه قیده جماعة بما إذا کان فی غایة الارتفاع و الانخفاض لصیرورته حینئذٍ علی دائرة نصف النهار و إذا لم یکن کذلک صار فیه انحراف لجهتی المشرق و المغرب و أنکر بعضهم ذلک مدعیاً أن الجدی فی جمیع أحواله لا یبعد عن القطب الحقیقی بل هو أقرب إلیه من کل نجم و خصه جماعة بأواسط العراق و الکوفة و بغداد و الحلة و المشاهد المقدسة لانحراف قبلتها عن نقطة الجنوب یسیراً إلی المغرب بخلاف البصرة و نواحیها فإن فیها انحراف کثیر إلی المغرب فیوضع الجدی و بخلاف أطراف العراق الغربیة فإن نقطة الجنوب الموصل و سنجار و نواحیها فیوضع الجدی فیها خلف الکتف الأیمن دون المنکب قلیلًا، نعم تصلح أن تکون علامة هذه جعل الشمس علی الحاجب الأیمن و جعل المشرق و المغرب علی الکتفین سواء أرید بهما الاعتدال أو مشرق أو مغرب کل یوم بحسبه.

بحث: من عرف الجهة بقطعة وجب علیه اتباعه

اشارة

و إلا وجب علیه الرجوع إلی اجتهاده إن کان من أهله بالعقل و لا یجب علیه التعلم و الاجتهاد للسیرة القطعیة و خلو الأخبار عن ذلک و لزوم العسر و الحرج لکافة الناس و من لم یکن مجتهداً وجب علیه الرجوع لأهل المعرفة بعلم الهیئة أو للعارفین بالقبلة من شهرة مستفیضة و عمل مستمر بالنسبة إلی سائر بلدان المسلمین من نصب محاریبهم و دفن موتاهم و ذبح ذبائحهم و تخلیهم و صلواتهم و لو تعارض أهل المعرفة و أهل البلد أخذ بأقوی الظنین و إلا تخیر و البلدان و المساجد إن علم فیها نصب محراب المعصوم و الصلاة فیه علی نحو نصبه أو دفنه أو عدم تغیره وجب اتباعه لأنه یفید علماً بالجهة و إن لم یعلم ذلک بل کان مجرد نسبته و کان مشهوراً کان حکمه حکم محاریب باقی البلد و لا یجب مع العلم بصلاة المعصوم فی محراب الصلاة فیه و عدم تجاوزه للعلم باستقبال العین من المعصوم (علیه السلام) و لا یجوز التعدی عنها لأنا لا نسلم وجوب استقبال المعصوم للعین و إن علمها إذا کان مستقبلًا للجهة و لو سلمنا فلا نسلم ذلک إلا إذا کان بالعلم البشری لا

ص: 75

بالعلم الإلهی لعدم تکلیف الشارع لهم بالأخذ بالعلم الإلهی و لم یثبت حصول العلم البشری و لو سلمنا فلا نسلم وجوب التوجه للبعید لنفس العین إذا کان ممن یعلمها و لو لم یکن المصلی فی بلد کأن یکون مسافراً و کانت فی السماء علة و قد فقد البینة الشرعیة و خبر العدل وجب الاجتهاد علیه فی معرفة القبلة من الإمارات الأرضیة أو السماویة و الحدث بحیث یحصل له الظن فیعول علیه و لا تجب الصلاة إلی أربع خلا فالشاذ و وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول و رفع العسر و الحرج و الصحیح یجزی التحری أبداً إذا لم یعلم أین وجه القبلة و الموثق إذا لم تر الشمس و القمر و لا النجوم قال: (اجتهد رأیک و تعمد القبلة جهدک).

و الآخر فیمن صلی لغیر القبلة فی یوم غیم، قال: (إن فی وقت وقت فلیعد صلاته، و إن کان مضی الوقت فحسبه اجتهاده و لا یجب علیه تأخیر الصلاة)، نعم یجب علیه تحری أقوی الظنون إلی أن ینتهی إلی لزوم المشقة أو التأخیر و من لم یتمکن من الاجتهاد وجب علیه الرجوع لأخبار المخبر العدل و الظاهر أن فی الرتبة سواء مع اجتهاد مع اجتهاد من وجب علیه التقلید لأنه لا تقلید بل لأنه تحری و مفید للظن و یجب مراعاة الأعلم و الأعدل و لا یبعد قبول قول الفاسق لو أفاد ظناً لأنه نوع تحری و کذا غیر البالغ و یجوز الرجوع لذی الدار و البستان و لو لم یفده التقلید ظنیاً و تحریاً وجب تعبداً و یحتمل هنا وجوب الصلاة إلی أربع و لا یجب الخروج لتحصیل أقوی الظنون إذا أفاد قوله ظناً للسیرة المستمرة علی سؤال الدار مع إمکان الخروج و الصلاة فی مساجد البلد المعلومة و المشاهد المشرفة و الأعمی فرضه التقلید و لا یجب علیه أیضاً طلب العلم مع إدامة إلی المشقة و التأخیر و لا طلب أقوی الظنون کذلک. نعم فی مکانه یجب علیه تتبع أقواها و ترجیح الفاضل علی المفضول و الأعدل علی غیره و الرجوع للمخبر عن قطع بالجهة أو قطع بالإمارة و لیس من التقلید بل هو رجوع للحجة و یقدم علی التقلید و هل یقدم علی الاجتهاد أم لا و الأقوی تقدیم ما کان فیه زیادة و الذی یظهر لی أن الشاک فی أصل الجهة فی مکان یمکنه العلم بها إذا خرج عن مکانه غیر الشاک فی الانحراف الجزئی فی التیامن و التیاسر فالشاک فی الجهة یجب علیه الخروج

ص: 76

و کذا إذا أمکنه تحصیل الاجتهاد عند خروجه بحیث لو بقی لا یمکنه إلا التقلید فإنه یجب علیه عند خروجه أیضاً معرفة التیامن الجزئی و التیاسر الجزئی لا یبعد جواز التقلید فیه لصاحب الخبرة أو الدار إذا افتقر ترک التقلید إلی الخروج منها نعم لو لم یفتقر لم یجز التقلید و وجب علیه ما دام فی المکان طلب العلم ثمّ أقوی الظنون و لو لم یجد المصلی من یقلده أو وجد و لکنه غیر جامع للشرائط بأن کان متهماً بالکذب غیر متصف بالعدالة بحیث لم یحصل من قوله ظن أو کان صبیاً أو کافراً أو فاسقاً من غیر أهل الخبرة و لم یحصل بقوله ظن وجب علیه الصلاة إلی أربع جهات متقاطعة إلی أربعة خطوط متقابلة لأنه المتبادر من النص الآتی إن شاء الله تعالی و الفتوی و الأقرب للاحتیاط فی تحصیل الجهة و لا یجب علیه تکریر الصلاة إلی أن یعلم الاستقبال للجهة الخاصة و لا یجب علیه تکریر الصلاة إلی أن یعلم الاستقبال و الجهة الخاصة من غیر خلاف للزوم العسر الحرج و زیادة تکریر و لا تکریر أزید من أربع لقربه إلی تحصیل الجهة و لا إلی أربع جهات غیر متقابلة بأن یصلی إلی واحدة أو یصلی إلی أربع بینها ما لا یعتد به و کانت بحیث تسمی قبلة واحدة عرفاً أو یصلی إلی أربع بینها ما یعتد به بحیث تعد قبلة أخری و لا إلی ثلاث جهات بأن یکون تقطع الجهات إلی ثلاثة کشکل المثلث کتحصیل المشرق و المغرب قطعاً و لا إلی واحدة مخیراً فیها و لا إلی واحدة معینة بالقرعة و یدل علی وجوب الصلاة إلی أربع فتوی المشهور و الإجماع المنقول و الأقربیة من کثیر من غیرها للاحتیاط و مرسل خداش أنه قال للصادق (علیه السلام) جعلت فداک فإن هؤلاء المخالفین علینا یقولون إذا طبقت السماء علینا أو أظلمت فلا نعرف السماء کنا و أنتم سواء فی الاجتهاد فقال: (لیس کما یقولون إذا کان ذلک فلیصل لأربع وجوه) فإن ظاهره الصلاة إلی الأربع و لو مع الاجتهاد و حیث أن القول به شاذ کان محمولًا علی الاجتهاد من دون مرجح أو المراد سواء فی الاجتهاد بمعنی عدم تیسر حصوله فلیس له إلا التخییر فأمر الإمام (علیه السلام) بالأربع هذا کله فی حالة الاختیار و فی حالة الاضطرار و عدم الإمکان تخییر فی الواحدة یجعلها أی الجهات أراد و الأحوط جعلها فیما خرج بالقرعة أو أخبر فاسق بها أو قلد بها من لیس أهلًا للتقلید و من تمکن

ص: 77

من اثنین أو ثلاث فلا یبعد وجوب الإتیان بها لأنه مقدمة لتحصیل الصلاة إلی الجهة لمنع کونها مقدمة قطعیة و منع وجوب الأربع إنه لا یسقط بعدم القدرة علیها أجمع بل یؤتی منها بما یتیسر إذ لا یسقط المیسور بالمعسور.

تنبیهات:

أحدها: ذهب بعض أصحابنا إلی وجوب القرعة للمتحیر

لأنها لکل أمر مشکل فما خرجت علیه القرعة صلی علیه و لا تجب الصلاة إلی أربع و هو ضعیف إذ لا إشکال بعد ما قدمنا من الروایة المعتضدة بفتوی المشهور و الإجماع المنقول و الاحتیاط و أیضاً روایة القرعة ضعیفة لا یعمل بها إلا أن تعتضد بفتوی المشهور و هاهنا لم یعمل بها من یعتد به و أیضاً ظاهر أدلة القرعة اختصاصها بالمعاملات فتسریتها للعبادات یخالف مذاق الفقاهة و أیضاً إن خرجت القرعة علی الجهات الأربعة قلت ثمرتها و إن خرجت علی جهة القبلة حقیقة کانت کالمتعسرة فینا فیها ما دل علی نفی العسر و الحرج.

ثانیها: اکتفی بعض بالصلاة إلی ثلاث جهات متقاطعة

لأنه بها یحصل ما بین المشرق و المغرب أو ما کان بحکمه و هو قبلة و التربیع لا یزید علیه فلا داعی له و فیه أنه اطراح لباب المقدمة و النص أما الأول فلأن ما بین المشرق و المغرب قبلة للمخطئ لا المتخیر للإجماع علی وجوب الاجتهاد فی تحصیل الجهة الخاصة مهما أمکن و عدم الاکتفاء بالتوجه إلی ما بین المشرق و المغرب و ما بحکمه و ما جاء فی الصحیح إن ما بین المشرق و المغرب قبلة محمول علی من صلی فتبین خطأه و إنه ما ما بین المشرق و المغرب کما تشعر بذلک کلمات الأصحاب و بعض روایات الباب و أما الثانی فلاحتمال إرادة الأربع لتحصیل القبلة الواقعیة بالمقدمة الاحتمالیة التوصل أما تعبداً و إما تخفیفاً علی المکلف عن فعل المقدمة القطعیة التوصل.

ثالثها: لو دار أمره فی الجهة الخاصة بین جهتین أو ثلاث أو أربع أو خمس

بحیث کان محصوراً وجب علیه الإتیان بالجمیع من باب المقدمة لأن مورد الروایة فی

ص: 78

الاشتباه بین الجهات أجمع لا فی جهة محصورة بین جهات قلیلة و لو حصل الاشتباه فی الجهة الخاصة فی جهة واحدة من الامام و الوراء و الیمین و الشمال کان محصوراً و وجب الإتیان به و إلا احتمل وجوب الأربع جهات متباعدة فی الجملة و احتمل الاکتفاء بواحدة و هو أقوی و علیه ینزل ما جاء من (أن ما بین المشرق و المغرب قبلة المتحیر).

رابعها: لو صلی فریضة علی أربع متقاطعة

لم یجب علیه أن یصلی کل فریضة علی تلک الأربع بل له أن یصلی علی أربع أخر غیر تلک الأربع و کذا لو قلنا بالتخییر للمتخیر فی کل الجهات و للمتحیر فی الجهة الخاصة فی الجهات فصلی فریضة علی جهة خاصة لم یجب علیه أن یصلی باقی الفرائض علیها لعموم أدلة التخیر و خیال أنه لو صلی إلی غیر جهته الأولی لزم المصلی إلغاء إحدی الصلاتین فیجب القضاء ضعیف لأن مثل هذا العلم الإجمالی لا یوجب القضاء بعد أمر الشارع به و حصول الامتثال و قضاء الأمر بالأجزاء.

خامسها: من صلی دون الأربع حال السعة حتی مضی الوقت

وجب علیه القضاء لأنه بمنزلة من لم یصل و لو ضاق علیه الوقت أتی بما تمکن و لو واحدة و لا شی ء علیه و لو کان الضیق باختیاره فالأحوط القضاء.

سادسها: لا یجب الانتظار إلی آخر الوقت

کسائر أولی الأعذار و الأحوط لمن دخل فی الصلاة بعلم أو ظن بالجهة ثمّ عرض له التخییر فی الأثناء أن یجری حکم المتحیر علیه و یحتمل الاستمرار علی ما افتتح الصلاة علیه و الاجتزاء بذلک و عدم تعددها.

سابعها: ذهب جمع من أصحابنا إلی التخییر بالنسبة إلی المتحیر

لما ورد فی الصحیح (یجزی المتحیر إذا أینما توجه إذا لم یعلم أین وجه القبلة) و الآخر عن قبلة المتحیر قال: (یصلی حیث شاء) و الصحیح الآخر فیمن صلی فتبین أنه انحرف یمیناً و شمالًا قال: (قد مضت صلاته فیما بین المشرق و المغرب قبلة و نزلت هذه الآیة فی قبلة

ص: 79

المتحیر [فَأَیْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ] و لضعف أدلة من أوجب الأربع و أما الاختیار فلعدم وجوب الاستقبال إلی القبلة الحقیقیة حالة الجهل کی تجب مقدمته علی أن الأربع لا تحصل العلم بالإتیان بالمأمور به و أما الخبر فللإرسال و لاشتمال علی ما نقول به من المنع عن الاجتهاد و أما الإجماع فلقیام النزاع و فی الکل ضعف أما الروایات فهی و إن صحت فلا تعارض مجبوراً بالشهرة الموافقة للاحتیاط مخالف للعامة علی أن الأول منها مروی بلفظ المتحری أیضاً وجوباً مما لا ینکر و مع اتحاد الروایة و اضطراب النسخة یحصل فیها الوهن و الثانی منها مرسل و الثالث منها موضع الحاجة الاشتهار بالآیة و الظاهر أنه من کلام الصدوق (رحمه الله) لروایته فی تهذیب خال منها علی أنه قد وردت روایات متکثرة أنها نزلت فی النافلة و إن الفرائض نزل فیها [وَ حَیْثُ مٰا کُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَکُمْ شَطْرَهُ] و أما ضعیف أدلة الموجبین تضعف الأول بأن التکلیف حاصل حالة العلم و الجهل إذا کان للمکلف طریق إلیه و الأربع و إن لم تحصل قطعاً لکنه أقرب إلیه و الزائد منفی بالإجماع و الثانی بأن الإرسال و الاشتمال علی ما لا نقول به لا یضر مع القوة بالانجبار و الاشتهار و حکایته فی الفقیه خال عن الزیادة ما لا نقول به و الثالث بأن النزاع لا یوهن نقل الإجماع فالأولی حمل هذه الأخبار علی التقیة أو حال الاضطرار أو عند تعلق الظن بجهة خاصة.

ثامنها: تقدم وجوب رجوع الأعمی إلی من یسدده

و لا کلام فیه إذ لا مندوحة له عن ذلک و نفی العسر و الحرج قاض به و فی حسن زرارة أصلی خلف الأعمی قال: (نعم إذا کان له من یسدده) و فی صحیح الحلبی (لا بأس أن یؤم الأعمی القوم و إن کان هم الذین یوجهونه) هذا کله إذا کان المبصر مخیراً له فلا یتعارض اجتهاده مع أخبار المبصر أخذاً بأقواهما و أما إذا کان المبصر مجتهداً لا راویاً فهل یجب علیه التقلید أیضاً لمکان الضرورة و دفع المشقة و لإطلاق الروایات السابقة أم لا بل یصلی إلی أربع کما نسب إلی الشیخ (رحمه الله) للاحتیاط و یقین الفراغ و الأقوی الأول.

ص: 80

تاسعها: لا یجب تحدید الاجتهاد عند کل صلاة

للأصل و لسهولة الشریعة و صعوبة التحدید إذا مضی زمان کثیر یحتمل فیه احتمالًا عادیاً تغییر الإمارات فلا یبعد وجوب تحدید النظر أخذاً بالاحتیاط.

عاشرها: تغیر الاجتهاد فی الأثناء أو تبدل التقلید إلی أقوی منه تحول إلیه

و یقطع القراءة و الذکر لخوف فوات الاستقرار.

حادی عشرها: لو صلی المجتهد و المقلد علی غیر ظنه عامداً فأصاب

بطلت صلاته لمکان النهی و إن کان ناسیاً فالأقوی الصحة.

ثانی عشرها: یجوز للمختلفین ائتمام بعضهم ببعض علی الأظهر

و کل یصلی بسمته بشرط أن لا یتقدم المأموم علی الإمام فی القبلة و الأحوط عدم ائتمام بعضهم ببعض إذا أدی ظن أحدهم إلی بطلان صلاة الآخر من جهة القبلة الاستدبار و شبهه للعلم من المأموم ببطلان صلاته أو صلاة إمامه فیشکل الاقتداء و إن کان الجواز قویاً من جهة أنها یشبهه فی المکلف فیجوز إلغاؤها لا شبهه فی المکلف به فیمتنع الإقدام علیها و الأحوط ترک الائتمام مطلقاً حتی لو اختلفوا فی جهة واحدة ما لم یکن یسیراً یتسامح به عادةً و لو تضادا و قطع أحدهما بجهة و ظن الآخر مقابلتها بمقابلها لم یجز للقاطع الائتمام بالظان علی وجه ضعیف و هو صحة قبلة الظان فی حقه و صحة صلاته فیکون کالمصلین فی الکعبة و ظهور الاستدبار للظان مفسداً من حینه لا کاشفاً عن الفساد من أصله و کل عمل صدر من المختلفین بالظن یلزم الآخر تصحیحه و إجراء الحکم علیه کدفن میت أو الصلاة علیه أو ذبح أو نحر دون المختلفین بالقطع.

بحث: وجوب تعلم علائم القبلة

یجب علی سائر المکلفین تعلم علائم القبلة و إمارتها المعتادة لسائر الناس لا المأخوذة من الاضطراب عند دخول الوقت و یضیق بضیقه و لو ضاق الوقت عن التعلم باختیاره عصی و وجب علیه التقلید فإن لم یمکنه التقلید صلی إلی أی الجهات و لا شی ء علیه و الأحوط الصلاة إلی الأربع بل الأحوط الصلاة إلی ما أمکن من الجهات

ص: 81

لاختصاص روایة الأربع بفاقد البصر لا بفاقد البصیرة و الأحوط لکل من فقد الظن الاجتهادی أو التقلیدی لغیر عذر سماوی أن یصلی مهما أمکن إلی کل جهة کانت لاختصاص روایة الأربع و روایات التخیر بالمتحیر العارض له ذلک بسبب سماوی.

بحث: الخطأ فی القبلة

اشارة

من صلی معتقداً أو مجتهداً أو مقلداً أو واحدة من الأربع أو جمیعها أو واحدة مخیرا فیها أو ناسیاً أو ساهیاً فبان خطأه فی أثناء الصلاة أو بعدها عن الجهة الخاصة إلی دون ما بین الیمین و الیسار أو المشرق و المغرب سواء کان یسیراً أو متفاحشاً و لکن لا یبلغ المشرق و المغرب صحت صلاته و لا شی ء علیه لقوله (علیه السلام) فی صحیح عمار عن الرجل یقوم فی الصلاة ثمّ ینظر بعد ما فرغ أنه انحرف عن القبلة یمیناً و شمالًا فقال له: (قد مضت صلاته و ما بین المشرق و المغرب قبلة) و فی آخر فیمن صلی إلی غیر القبلة و علم بالأثناء قال: (إن کان متوجهاً ما بین المشرق و المغرب فلیحول وجهه إلی القبلة ثمّ یفتتح الصلاة) و فی آخر (من صلی علی غیر القبلة و هو یری أنه علی القبلة ثمّ عرف بعد ذلک فلا إعادة علیه إذا کان فیما بین المشرق و المغرب و للإجماعات) المحکیة و لأن موافقة الأمر تقتضی الإجزاء و ظاهر الأدلة شمول الحکم لجمیع من تقدمه و من صلی فتبین خطأه إلی محض الیمین أو الیسار بجمیع صوره المتقدمة بعد الفراغ أو فی الأثناء أعاد فی الوقت للإجماع المنقول و للأصل و الشهرة المحصلة لا فی خارجه إذ القضاء لأمر جدید و الإجماع المنقول و فتوی المشهور و للخبر المعتبر فیمن صلی لغیر القبلة فی یوم غیم فصحا فیعلم أنه قد صلی لغیر القبلة قال: (إن کان فی وقت فلیعد صلاته و إن کان قد مضی الوقت فحسبه اجتهاده) و فی آخر (إذا صلیت و أنت علی غیر القبلة و أنت فی وقت فأعد و استبان لک أنک صلیت و أنت علی غیر القبلة و أنت فی وقت فأعد و إن فاتک الوقت) و من صلی فتبین خطأه إلی جهة الاستدبار و هی علی الأظهر ما فوق الیمین و الیسار إلی نقطة جهة الخلف أعاد فی الوقت للإجماع و الأخبار و فی خارجه قولان أظهرهما العدم لاحتیاج القضاء إلی أمر جدید و لإطلاق الأخبار المتقدمة بعدم

ص: 82

الإعادة و قیل بوجوب القضاء استناداً للخبر المتقدم الأمر بالقطع للصلاة لمن کان مستدبراً و للأصل فی الشرائط من کونها واقعیة و المشروط عدم عند عدم شرطه فیصدق الفوت فیجب القضاء و للخبر عن رجل صلی علی غیر القبلة ثمّ تبین القبلة و قد دخل فی وقت آخر قال: (یصلیها قبل أن یصلی هذه التی یدخل وقتها) و فی الکل نظر لظهور الخبر المتقدم بإیجاب القطع فی الوقت و الظاهر اتساعه أیضاً و لمنع صدق الفوت بعد حصول الفعل المأمور به شرعاً و لضعف الخبر سنداً و شموله دلالة لما لا نقول به مما هو أکثر من الداخل و یقید بحالة الاستدبار و تقید الأخبار الأولیة بحالة محض الیمین و الیسار فرع التکافؤ و من المحتمل إرادة وقت الفضیلی من لفظ الوقت فیکون الأمر مراد به الإعادة.

مسائل:

الأولی: حکم الناسی حکم الظان

لإطلاق الأخبار و عموم رفع النسیان فی مقام عدم الإعادة و عموم ترک الاستفصال فی أکثر تلک الأخبار المتقدمة و لفحوی ما دل علی حکم الخطأ فی الظن وجوب الإعادة فی مقامه و عدم فی مقام عدمه و لأصالة عدم الإجزاء فی مقام وجوب الإعادة و الأصالة فی مقام عدم تأییدها بالأخبار و ذهب جماعة إلی عدم الإلحاق فتجب الإعادة مطلقاً فی الوقت و خارجه کثیراً کان الانحراف أم یسیراً للأصل و لاختصاص الأدلة بالظان المخطئ و لانصراف رفع النسیان برفع الإثم و الأول أقوی و أما جاهل الحکم فیعید مطلقاً حتی لو أصاب علی الأظهر لأن حکمه حکم العامل و لعدم انصراف الأخبار إلیه بوجه.

الثانیة: من ذکر فی الأثناء

فإن کان عن تبدل ظن إلی ظن الخوف إلی ما ظنه ثانیاً و لا شی ء علیه فی جمیع الصور لإجزاء ما فعله أولًا و وجوب العمل علی ما ظنه ثانیاً و لا یحکم ببطلان الأول لو کان مستدبراً لأن الأخبار و کلام الأصحاب ظاهران فیما لو تبین خطأه قطعاً فیبقی ما لو تبدل إلی ظن علی الأصل و یحتمل إلحاق تبدل الظن إلی ظن تبدله إلی قطع فإن کان مما یوجب الإعادة مطلقاً استأنف مستدبراً کان أو

ص: 83

لمحض الیمین و الیسار و لموثقة عمار فی الأول و لوجوب إعادة الکل فکذا لا یعارض فی الثانی و للاحتیاط خلافاً للشیخ (رحمه الله) فلم یوجب القطع و نقل علیه الإجماع و هو ضعیف و إن کان مما لا یوجبها استمر و إن کان مما یوجبها فی الوقت فقط و کان الوقت متسعاً و لو لرکعة قطعاً و إن لم یتسع لرکعة فالظاهر أنه یستقیم و یتم صلاته لأن الظاهر إن وجوب الإعادة علی من ذکر فی الوقت و کان متمکناً من الإتیان بها فی الوقت إلا أن مجرد الذکر فی الوقت موجب للإعادة بل ینزل الذاکر فی الوقت الغیر متمکن من الإعادة فیه منزلة الذاکر بعد الوقت لاهتمام الشارع بالصلاة فی الوقت علی کل حال و إن ترک فیها من الشرائط و الأجزاء ما ترک و یحتمل وجوب الإعادة و القطع لأنه لم یأت بالصلاة فی الوقت و ظاهر الأخبار أن من صلی بالوقت و ذکر الانحراف کخارجه لا یعید و هذا لیس منه و لأن ما بعد الوقت هنا بحکم الواقع فیه و لشمول روایة عمار له و هو قوی و الاحتیاط لا یقضی بالإتمام و القضاء.

الثالثة: المضطر یجزی ما فعله

سواء ارتفع الاضطرار فی الابتداء أو فی الأثناء کصلاة المحارب و الخائف و شبههما و الذاکر فی الوقت إذا لم یبق منه ما یسع رکعة حکمه حکم الذاکر بعد الوقت و القضاء وقته مستمر لیس له حد و الظاهر أن المراد بالمشرق و المغرب فی الأخبار هو ما بین الیمین و الیسار من باب المثال کما فهمه مشهور الأصحاب و أشعرت به روایة عمار حیث انه سأله عن الانحراف عن القبلة یمیناً و شمالًا و لأن أغلب الرواة کان مشرقهم و مغربهم یمین القبلة و شمالها فإن وقع عندهم انحراف فهو جزئی إلی نحو المغرب و تخیل بعضهم إرادة نفس المشرق و المغرب تعبداً لا من جهة قلة الانحراف و کثرته أخذاً بظاهر الأخبار و لعدم وجود قبلة هی نفس المشرق و المغرب علی ما یظهر من النقلة فتظهر الثمرة فیما کان قریباً إلیهما کثیراً و لو کان دون الیمین و الیسار و الانحراف إلی الیمین و الیسار قلیلًا و إن کان متجاوزاً لهما.

ص: 84

بحث: المواضع التی یسقط فیها فرض الاستقبال

اشارة

یسقط فرض الاستقبال فی مواضع منها النافلة لو صلاها ماشیاً أو راکباً سفراً أو حضراً کما دلت علی جوازه الأخبار المتکثرة المستفیضة و کلام الأصحاب خلافاً لشاذ فمنع الصلاة فی الحضر ماشیاً و راکباً و الأخبار ترده و یستحب التوجه إلی القبلة بتکبیرة الإحرام کما دلت علیه الصحیحة و قیل بالوجوب و ترده الأخبار الباقیة المطلقة و فیها ما یدل علی الوجوب و لکنه أحوط عند الإمکان و یستحب أن یجعل إیماء السجود اخفض من الرکوع و أن یحول وجهه إلی القبلة فیرکع الرکوع الحقیقی و السجود الحقیقی و لا یجوز حالة الاستقرار ترک الاستقبال لتوقیفیة العبادة و المعهود من صاحب الشرع خلافه و منها صلاة الخائف ماشیاً أو راکباً أو فی سفینة أو فی المطاردة فإنه یسقط فرض الاستقبال عند عدم الإمکان و لو أمکن الاستقبال ببعض أجزاء الصلاة فلا بد منه إذ لا یترک المیسور بالمعسور و یجب تقدیم تکبیر الإحرام علی غیرها و منها صلاة المتحیر إذا لم یتمکن من الأربع و منها صلاة من لم یتمکن من النزول عن دابته من جهة أذی المطر کما ورد به النص خصوصاً و لا تجوز الصلاة علی الراحلة اختیاراً للإجماع و الأخبار و لو کانت معقولة بحیث لا یفوت شیئاً من الاستقبال و لا الاستقرار و کانت مأمونة عن الحرکة قدر الصلاة فلا یبعد جواز الصلاة علیها لشمول المقتضی لها و عدم دخولها تحت الدلیل المنساق من الصلاة علی الراحلة المنصرف لغیر المستقرة کما هی عادة الرواحل و مع ذلک فالاحتیاط یقضی بالترک حتی مع العلم باستقرارها و اطمئنانها لحصول الشک فی الصحة و انصراف الأمر بالاستقرار إلی الأرض و شبهها و أما السفینة المربوطة المستقرة عادة فیجوز الصلاة فیها اختیاراً لوجود المقتضی و عدم شمول دلیل المنع لهذه الصورة و أما السائرة إذا تمکن المصلی من الصلاة فیها من دون الإخلال أیضاً لوجود المقتضی للصحة و الأخبار علیه و لا یلزم من حرکة ما یقصر علیه حرکته المنافیة فلیس لما ورد فی الأخبار المعتبرة من جواز الصلاة بالسفینة و مع السیر ففی الصحیح فیمن یصلی فی السفینة أمّا ترضی بصلاة نوح و فی آخر عن الصلاة فی السفینة و هو یقدر علی الجدر قال: (نعم لا بأس) و مع ذلک

ص: 85

فالأحوط ترک ذلک لشبهة انصراف أدلة القرار و الاستقرار للأرض و شبهها من المثبتات المستقرة و شبهة منافاة مسیر السفینة لاستقرار المصلی فیها عرفاً و لاحتمال حمل أدلة الجواز علی غیر السائرة من السفن المربوطة الموثق بها لما ورد فی حسن حماد عن الصلاة فی السفینة و هو یقدر علی الشط و للأخبار و ان کان الأول هو الأقوی و ان لم یتمکن المصلی من تمام الأفعال و الاستقرار و لم یکن مضطراً فالأقوی انه لا یجوز له الصلاة فی السفینة للاحتیاط و للنهی عن تفویت الأفعال و الاستقبال و للأخبار الناهیة الظاهرة فی هذا الفرد و ما دل من الأخبار علی الجواز فإطلاقه محمول علی حالة الاضطرار کقوله (علیه السلام) فی صحیح معاویة بن عمار عن الصلاة فی السفینة قال: (تستقبل القبلة بوجهک ثمّ تصلی کیف دارت قائماً فإن لم تستطع فجالساً لجمع الصلاة فیها إذا أراد و یصلی علی القیر و القفر و یسجد علیه) و قریب إلیه خبر حماد بن عثمان (فإن استطاع أن یتوجه إلی القبلة فلیفعل و إلا فلیصلی قائماً و إلا فلیقعد ثمّ یصلی) کما أشعرت به الأخبار الأخر کقوله (علیه السلام) فی صحیح أبی أیوب الخراز: (إنا ابتلینا و کنا فی سفینة و أمسینا و لم نقدر علی مکان نخرج إلیه) فإن ظاهرهم أن هذا الحال من أحوال الابتلاء و الاضطرار و فی آخر هذا الصحیح (أما ترضی بصلاة نوح) و هو مشعر بأن سؤالهم إنما کان عن حال الاضطرار فالجواب علی طرزه و فی آخر قریب إلیه أیضا و فی آخر عن الصلاة عند الضرورة فی الحمل قال: (هو بمنزلة السفینة) و هو مشعر بأنها من مواضع الاضطرار و کالمحمل و المقید منه فی حال الاختیار ضعیف محمول علی حالة استقرارها أو مسیرها بحیث لا یختل منه جزء و لا یفقد شرط أو مطرحة لضعفها سنداً کما فی روایة هدایة الصدوق و الفقه الرضوی.

فروع:

أحدها: لا فرق فی هذه الأحکام بین الفریضة الأصلیة و المنذورة

لإطلاق الأخبار و الاحتیاط و أجاز بعضهم صلاة المنذورة علی الراحلة مطلقاً لعدم انصراف لفظ الفریضة فی الأخبار إلیها إلی الأصلیة و لروایة علی بن جعفر عن رجل جعل لله أن

ص: 86

یصلی کذا و کذا هل یجزیه أن یصلی ذلک علی دابته و هو مسافر قال: (لا بأس) و بالطریق الأولی لو نذر أن یصلیها علی ظهر الدابة لعموم أدلة وجوب وفاء النذر و الکل ضعیف لمنع عدم الانصراف للمنذورة و لضعف الروایة و لعدم لزوم نذر الصلاة علی ظهر الدابة لو تعلق بها النذر بل أما أن یلغو الوصف فقط و ینعقد الأصل فتعود فریضة لا تصلی علی راحلة و أما أن لا ینعقد أصلًا و یحتمل قویاً انعقاده عند رجحانه فیلزم کونه علی الدابة و لا یلزم منه وقوع الفریضة علی الدابة لعدم تقدم وصف الفرض علی الالتزام بکونها علی الدابة بل وقعاً دفعة واحدة و لا بأس به.

ثانیها: یجب علی المصلی علی الراحلة ماشیاً للخوف

و ما شابهها و المصلی فی السفینة و ما شابهها الإتیان بجمیع فعله من جزء أو وصف مهما أمکن و لو دار بین تکبیرة الإحرام و غیرها قدم الاستقبال بها و إن أمکنه الإتیان بالأرکان الاختیاریة وجب و إلا أومأ و الأحوط أن یجعل الرکوع أخفض من السجود و الأحوط أن یرفع إلی جبهته ما یصح السجود علیه مهما أمکن و لو لم یتمکن من السجود علی الأرض فی السفینة سجد علی قیرها أو غطاه بترب و سجد علیه و روی أن من لم یتمکن من الاستقبال فی السفینة صلی إلی صدرها.

ثالثها: یستحب تأخیر الصلاة إلی آخر الوقت

و الأحوط التأخیر لمن رجا زوال عذره لشبهة باب المقدمة و الاحتیاط و إن کان إطلاق الأخبار ینفی وجوبه.

القول فی مکان المصلی:

اشارة

و هو الفراغ الذی یشغله بدن المصلی و یستقر علیه و لو بوسائط أو ما یلاقی بدنه أو ثوبه أو ثیابه لذکرهم أحکام طهارته و نجاسته.

بحث: لا تصح الصلاة فی المغصوب من المکان فرضاً أو نقلًا

اشارة

لتعلق النهی بها الموجب للفساد لأن نفس الصلاة تصرف بالمغصوب فهی غصب و اجتماع الأمر و النهی فی شی ء واحد لا نقول به و لو لجهتین تقیدیتین لواحدة بالشخص فیلزم المحال و ترجیح جانب الأمر لا نقول به لمخالفته الاحتیاط و الإجماع المنقول علی البطلان و ما

ص: 87

ورد من تحلیل المساکن لتصح العبادة و روایة کمیل و مشهور الأصحاب إن لم یکن إجماعاً بل هو إجماع و غیر المغصوب هو المملوک عیناً أو منفعة و لم یتعلق حق رهانة و شبهها علی المأذون فیه شرعاً کالأراضی المتسعة التی یلزم من تجنبها العسر و الحرج و المشقة علی المسلمین لتعطیل مارتهم و استطراقهم فإن هذه تحل لغیر الغاصب و إن منع المالک بل و لغاصبها و الأحوط تجنبه لأنه یؤخذ بأشق الأحوال و أما غیر المتسعة التی لا یلزم من تجنبها العسر فلا یبعد جواز الصلاة فیها لغیر الغاصب إذا لم یعلم منع المالک و إن لم یلزم من التجنب عنها المشقة للسیرة و الإجماع المنقول و لأن المنع فی المتسعات یشتمل علی العسر و الحرج و لأن نفس الاتساع مما یؤذن بأذن المالک کشاهد الحال و من المأذون به شرعاً المضطر إلی دخول مکان مغصوب لتقیة أو حبس فإن الظاهر جواز الصلاة إذا لم یمکنه الخروج و لا یجب علیه التأخیر و هل یجب علیه الاقتصار علی أقل التصرف کالإیماء الظاهر لا لإباحة الشارع له الکون و شغل الخیر فجمیع أکوانه مباحة و الأحوط له الاقتصار علی أقل تصرف یمکن الصلاة فیه بل علی الإیماء و تأخیر الصلاة لأن الصلاة الاختیاریة تصرف زائد عند أهل العرف و لو حبسه شخص فی داره و نهاه عن الصلاة فالأقوی عدم سماع نهیه و جاز أن یصلی تماماً أو المأذون فیه من المالک صریحاً أو بالفحوی من ظاهر الخطاب أو من الفعل القائم مقامه کوضع المضیف للضیوف و استعداد أهل القریة للنزول علیهم و شبه ذلک و القطع بذلک من قرائن الأحوال و من غیرها أو القطع بالرضا التقدیری أعنی أنه لو علم لرضی کل ذلک للسیرة القطعیة و لقوله (علیه السلام): (لا یحل مال امرءٍ مسلم إلا بطیب نفسه و لا فرق بین المحقق و المقدر علی ذلک طریقة العالم و سائر بنی آدم و یقوم مقام أذن المالک أذن وکیله المطلق أو ولیه غیر الإجباری إذا کان فی أذنه مصلحة و إن لم تعلمها حملًا له علی الصحة کإذن الوصی و الحاکم الشرعی و یعتبر فی الأذن مال الغائب رفع المفسدة عنه مما یکون مال الغائب لتحمل الإذن علی الصحة عند عدم العلم بکیفیة أذنه و یعتبر فیما یولیه الحاکم الأذن منه أو العلم برضا نوع الحاکم به کالتصرف بمال الیتیم مع المصلحة و التصرف بمال الغائب لدفع الفساد عنه و التصرف بالحقوق العامة کالخمس

ص: 88

و الزکاة و الأوقاف العامة فیما کان له التولیة فیه و لکن الأحوط ترک العمل بالأذن التقدیریة بالنسبة إلی أذن الأولیاء و خصوصاً أذن الحاکم و خصوصاً أذن نوع الحاکم الغیر معین.

مسائل:

الأولی: جاهل موضوع الغصب لا شی ء علیه

و صلاته صحیحة و فی جاهل الحکم وجهان کما تقدم فی اللباس من أذن الجاهل کالعامد فلا یعذر و من الفساد یتبع النهی لا لأنه شرط واقعی و لا یتعلق بالجاهل نهی فلا فساد و کذا فی القول فی جاهل الحکم و الموضوع من تغلیب جهل الموضوع و عدم تعلق النهی و من أن الجاهل کالعامد فی الحکم فلیغلب علی جهل الموضوع و أما الناسی فالأقوی صحة صلاته سواء کان ناسیاً للغصب أو ناسیاً عند الدخول أو ناسیاً عند الصلاة إلا إذا انحل نسیانه إلی عمد لعدم الاعتناء بالمغصوب و الاستمرار علی بقائه فیه فإنه بمنزلة العامد و الأحوط الإعادة فی جمیع ما تقدم سوی جاهل الموضوع الغصب سیما فی الوقت.

الثانیة: لو أذن المالک بالدخول

فلا یسری إلی الأذن بالصلاة إلا إذا کان من اللوازم المتعارفة کالأذن للضیف و الأذن فی الدخول فی الحمام أو الخان فإن الأذن بالنزول فیها یستلزم الأذن بالصلاة و أذن المالک بالصلاة فی أرضه المغصوبة مجوزة لها للغاصب و غیره و دعوی عدم الاعتداد بإذنه کما یظهر من بعض لا وجه لها کدعوی بعضهم عدم صحة صلاة المالک فی أرضه المغصوبة لصدق الغصب و هی کما تری.

الثالثة: لو صادف جزء من الصلاة غصب المکان فسدت علی الأظهر

و لو کان زمان قنوت أو جلسة استراحة لأن فساد الجزء یقضی بفساد الکل و لا تقبل الصلاة تحلل جزء فاسد فیها و لو أعید علی الأظهر و کذا لو صادف جزء من البدن جزءاً من المکان المغصوب الأجزاء لا یتعلق بالصلاة و لا یدخل فی أکوانها کأن یدخل یده فی مکان مغصوب أو یضعها علی مغصوب فلا یبعد الصحة إذا لم یکن حال القنوت أو رفع الیدین بالتکبیر فالأحوط فیهما البناء علی البطلان.

ص: 89

الرابعة: یلحق بالمکان المغصوب ما استلزم تصرفاً بالمغصوب أو انتفاءً به حال الصلاة

کالصلاة تحت سقف مغصوب کلًا أو بعضاً أو خیمة أو حبلها أو بیت شعر أو قصب فیه مغصوبة أو فی مکان جداره المحیط به أو بابه أو صخرة واحدة فیه مغصوبة بحیث یعد عرفاً أنه تصرف فی المغصوب أو انتفاعاً ما لم یکن متسعاً أو یلزم العسر و الحرج من اجتنابه کسور بلد فجاریه أو جصه مغصوبان فإنه لا یعد المصلی متصرفاً و لو عداً فالصلاة صحیحة لنفی العسر و الحرج و أما ما جلس علیه و إن لم یسجد کسرج مغصوب أو رحل کذلک و نعل الدابة فالأظهر بطلان الصلاة و یحتمل الصحة لتعلق النهی بالجلوس علیه لا بالانتفاع بالصلاة و هو ضعیف لأن الجلوس عوض القیام و الکون الصلاتی انتفاع فیه.

الخامسة: لو دخل المغصوب مختاراً فنوی الخروج فیه

فلا یبعد صحة النافلة خارجاً مومئاً متحریاً أقرب الطرق مستعجلًا و کذا صحة الفریضة کذلک عند ضیق الوقت إذا جاوزت الفریضة للمصلی ماشیاً و احتمال أن الجزئیة العقابیة مانعة من الصلاة حین خروجه لعدم اجتماعها بالصلاة إلا مع ضیق الوقت بعید لعدم ممانعة العقاب علی الخروج و الأمر بالصلاة إنما الممتنع النهی عن الخروج و الأمر بها أما لو دخل اضطراراً فأراد الخروج صحت الصلاة مومئاً للنافلة و الفریضة مع الضیق و السعة إذا أمکنت صلاة الإیماء مع السعة من غیر إشکال و النطق و تحریک اللسان لا یعد تصرفاً حین الخروج و أجاز بعضهم النافلة إیماء فی المکان المغصوب فی غیر حال الخروج و ضعفه ظاهر لأن کون الصلاة منهی عنه.

السادسة: لو أذن المالک صریحاً بالدخول و الصلاة فتلبس المصلی بها فمنعه

فالأقوی جواز الإتمام و عدم سماع منعه و تکون کالإعادة اللازمة بالعارض أو الناشئة من لا ضر و لا ضرار نعم یجب علیه الاقتصار علی أقل الواجب و احتمال وجوب القطع مطلقاً فیقضی لو قطع عند الضیق و یعید مع السعة أو وجوب القطع مع الإتمام خارجاً مع الضیق هذا کله بعید و إن کان أحدهما أقرب من الآخر و لو دخل بأذن فحوائیة فبان خلافها فالأظهر وجوب القطع مع السعة و الإتمام خارجاً مومئاً مع

ص: 90

الضیق و الاکتفاء بالإیماء حال السعة مع تفویت الأرکان تنزیلًا لحرمة قطع العمل و حرمة التصرف فی المغصوب منزلة العذر بعید و کذا لو تعلقت الأذن بالدخول قرأها المأذون بالفحوی للصلاة و احتمال أن الفحوی الابتدائیة کالأذن الأصلیة تلزم الشروع فی الصلاة بعید أیضاً.

بحث: لا یجوز السجود و هو وضع الجبهة إلا علی الأرض أو ما أنبتته

إجماعاً محصلًا و منقولًا و لو کان غیرهما ابتداء کالصوف و الشعر أو منها و لکن خرج بالاستحالة عنها کالمعادن من الذهب و الفضة و الملح و العقیق و الدر و ضابطه ما خرج عن اسم الأرض الخاصة فیه أو کان ما أنبتته الأرض مأکول أو ملبوس بحسب العادة لم یجب علیه السجود علیه قولًا واحداً و فی الصحیح (السجود لا یجوز إلا علی الأرض أو علی ما أنبتت الأرض إلا ما أکل أو لبس) و قریب منه روایات أخر فیها الصحیح و غیره و فی ثالث أسجد علی الزفت أی القیر قال: (لا و لا علی الثوب الکرسف و لا علی الصوف و لا علی شی ء من الحیوان و لا علی طعام طعام و لا شی ء من ثمار الأرض و لا علی شی ء من الریاش) و فی آخر (لا تسجد علی الذهب و الفضة) و فی آخر (لا تصلی علی الزجاج و إن حدثک نفسک أنه مما ینبت الأرض و لکنه من الملح و الرمل و هما ممسوخان) و فی آخر (السجود لا یجوز إلا علی الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا ما أکل أو لبس) و فیه أن السجود هو الخضوع لله عز و جل فلا ینبغی أن یکون علی ما یؤکل و یلبس لأن أبناء الدنیا عبید ما یأکلون و یلبسون و الساجد فی سجوده فی عبادة الله عز و جل فلا ینبغی أن یضع جبهته فی سجوده علی معبود أبناء الدنیا الذین اغتروا بغرورها

بحث: یستثنی من هذا الحکم القرطاس مکتوباً أم لا

إلا إذا حالت الکتابة بین القرطاس و محل السجود فإنه لا قائل بالجواز و لا یتفاوت الحال فیه بین ما أخذ من نبات یصح السجود علیه أو لا یصح کالقطن و الکتان إذ لم یؤخذ من نبات کالمتخذ من الحریر و لا فرق بین ما إذا غلبت علیه أجزاء النورة أو لم یغلب علیه لإطلاق الصحیح أنه رأی الصادق (علیه السلام) فی المحمل یسجد علی القرطاس و خبر داود بن فرقد

ص: 91

عن القراطیس و الکواغذ المکتوب علیها هل أم لا فکتب (یجوز) و صحیح جمیل عن الصادق (علیه السلام) أنه کره أن یسجد علی قرطاس فیه کتاب و المراد به الکراهة التنزیهیة بقرینة الأخبار و یراد به ما لم تکن الکتابة حائلة بدیهة و لفتوی المشهور و الإجماع المنقول و حیث کان الاستثناء للنص و کلام الأصحاب و هما مطلقان فتقییدها بما إذا اتحد عن غیر الابریسم جمعاً بین ما دل علی المنع من السجود علی غیر الأرض و نباتها و بین ما دل علی جوازه فی القرطاس و فیه أولًا أنه جمع لا شاهد علیه و ثانیاً أنه یقید أدلة جواز السجود علی القرطاس کله یدخل بتلک دون العکس ترجیح من دون مرجح و ثالثاً إن القرطاس کله لا یدخل تحت ما أنبتت الأرض لاستحالته عن ماهیة أخری و إجراء الاستصحاب و مع تبدل الموضوع مشکل فلا یکون ما نحن فیه من العام و الخاص فی وجه بل من العام و الخاص المطلق و رابعاً أن المأخوذ من القطن و الکتان حکمه حکم الابریسم فی المنع فما الفائدة و خامساً أنه لو أخذ من نبات لامتنع من جهة اختلاط أجزاء النورة فیه و هی غیر أرض و دعوی أن النورة بعد جمودها عادة أرضاً أو أنها مستهلکة أو إنها بعد الغسل تذهب و إنها غیر خارجة عن الأرضیة کلها بعیدة من غیر مستند کدعوی أن الخز الذی هو من النورة مستقر إلی أدلة جواز القرطاس و من لوازمه النورة دون الحریر لانفکاکه عنه فیقتصر علی تقید ما دل علی الأرض أو ما نبت علی المتیقن فإن ضعفها بعد ما قدمناه ظاهر مضافاً إلی أنه تفکیک للأدلة من دون داع یدعو إلیه.

بحث: استثنی بعض الأصحاب من الحکم المتقدم القطن و الکتان قبل النسج و بعده

للأخبار المجوزة لذلک و منها هل یجوز السجود علی الکتان و القطن من غیر تقیة فقال: (جائز) و فی آخر کتبت إلی أبی الحسن الثانی (علیه السلام) أسئلة عن السجود علی القطن و الکتان من غیر ضرورة و لا تقیة فکتب إلی (ذلک جائز) و غیر ذلک من الأخبار و الأقوی المنع وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول و العمومات المحکمة المانعة من السجود علی ما یلبس و هذان منه سیما بعد غزلها أو نسجها و الروایات ضعیفة لیس لها مقاومة تلک الأخبار العامة و الأخبار الخاصة أیضاً کالرضوی و روایة الخصال

ص: 92

المانعتین من السجود علیهما مطلقا المختار ضعفها بفتوی المشهور و الاحتیاط فالواجب طرحهما أو حملهما علی التقیة و لا ینافیه تضمن السؤال عنهما عدم التقیة و الضرورة إذ لا یجب علی الإمام متابعة قول السائل و قد ورد فی الصحیح لا بأس بالسجود علی النبات فی حال التقیة و حمل الأخبار الأخر المجوزة علی الضرورة کما ورد فیمن یؤذیه حر الأرض فی السجود هل یصح له أن یضع ثوبه إذا کان قطناً أو کتاناً قال: (إذا کان مضطراً فلیفعل) و فی أخبار أخر دلالة علی ذلک.

بحث: یستثنی من حکم ما تقدم التقیة و الاضطرار

فإنهما مسوغان للسجود علی ما لا یصلح السجود علیه و قد ورد فی الصحیح نفی البأس عن السجود علی المسح و البساط فی التقیة و ورد فی غیره أیضاً ما یدل علی ذلک و ورد نفی البأس علی الثوب من شدة الحر و ورد نفی البأس عن السجود علی الکم من أذی الحر و البرد و ورد أیضاً الأمر بالسجود علی بعض الثوب مخافة الرمضاء فإن لم یکن الثوب فعلی الکف و الظاهر أن المراد أنه یسجد علیها بقرینة السیاق لا أنه یسجد لها کما تخیل و ورد أیضاً الأمر بالسجود علی ظاهر الکف لمن خاف من الرمضاء و الذی یظهر وجوب تحری الأقرب فالأقرب فی التقیة و الضرورة فیقدم القطن و الکتان قبل التصرف فیهما ثمّ غزلهما ثمّ المنسوج منهما ثمّ الملبوس بالفعل ثمّ ما یلبس من غیرهما بتلک المراتب ثمّ الید کما یفهم من الخبر ثمّ القیر و الثلج ثمّ المأکول ملاحظاً فیه مرتبه السابقة و اللاحقة و یحتمل فیه تقدیم الثلج و القیر علی الید لما ورد من أن الأمر بالسجود علی الثلج و لما ورد من جواز السجود علی القفز و القیر و ما ورد من الأمر بالسجود علی الکف بعد مرتبة الثوب محمول علی الغالب و یحتمل تساوی مرتبة الکف و الثلج و القیر و یحتمل تقدیم القیر علی جمیع مراتب الاضطرار للأخبار المتکثرة الآمرة بالسجود علیه و فیها الصحیح و غیره و منها ما فیه أنه من نبات الأرض فإذا لم تحمل علی الاختیار لإطلاقها حملناها علی أول مراتب الاضطرار إذ لا قائل بجوازه اختیاراً ممن تعبد به فلیحمل أما علی التقیة أو الاضطرار و الثانی أقرب لسیاق أکثر الأخبار و لأنه من المعلوم أن أخبار

ص: 93

الغیر مطلقة بالنسبة إلی تقدیمها علی الثوب و الکف و الغالب حصولهما فی السفینة و غیرهما فالأمر به یقضی بالتقدیم علیهما قطعاً

بحث: مما یستثنی من حکم ما تقدم عدم وجدان ما یسجد علیه و لو بثمن لا یضر بالحال

اشارة

أو یبذل عین أو منفعة خالیة من المنة فإنه یجوز السجود علی ما یصح السجود علیه للغیر ثمّ الثوب المتخذ من النبات ثمّ الثوب الغیر متخذ منه ثمّ الثلج کما ورد فی الأخبار من جواز السجود مطلقاً و بتقدیم الثوب علیه ثمّ الید ثمّ أجزاء البدن غیر الید ثمّ تساوی المراتب و الأحوط تقدیم ما قرب إلی الأرض من المعادن علی غیر البدن من أجزاء البدن من الصوف و الجلد و الشعر و الأحوط تأخیر الصلاة لمن لم یتمکن من السجود علی ما لا یصح السجود علیه لمانع و لعدمه إلی ضیق الوقت لا یلحق بأقسام الاضطرار من صلی فانکشف له عدم ما یصح السجود علیه و لا من صلی محرزاً لذلک فغاب عنه فی الأثناء بل یقطعها و مع ضیق الوقت عن القطع و إدراک رکعة فلا یبعد إلحاقه بالمضطر و الأحوط الإتمام ثمّ القضاء.

فروع:

أحدها: ما خرج بالطبخ عن اسم الأرض کالزجاج و شبهه لا یصح السجود علیه

و ما شک فی خروجه کالخزف و الآجرة و کذا الجص قبل الطبخ و بعده فإن الأظهر جواز السجود علیه فی الصحیح ما یشعر بذلک سأله عن الجص یوقد علیه بالعذرة و عظام الموتی ثمّ یجصص به المسجد أ یسجد علیه فکتب إلیه بخطه (أن الماء و النار قد طهره) و لأن الظاهر عدم خروجه عن مسمی الأرض قبل الطبخ و بعده.

ثانیها: النورة قبل الطبخ و بعده یقوی فیها الخروج عن مسمی الأرض عرفاً

و إلحاقها بالمعادن من الکحل و الزرنیخ و البورق فلا یصح السجود علیها و کلما شک فی أرضیته و معدنیته وجب تجنبه للاحتیاط اللازم فی مقام الشغل و کذا المشتبه بین الفردین بالعارض و کلما علمت أرضیته و شک فی خروجه منها من حیث عمل و شبهه جری علیه الاستصحاب و یجوز التمسک بالاستصحاب للمجتهد فی الجزئیات

ص: 94

و الکلیات و للمقلد فی الجزئیات بإذنه و قد یقال الأصل فی کل مشتبه نوعاً أو أفراد الأرضیة لأنها الأغلب و المستصحب فی ابتداء الخلق و لکن الأحوط خلافه.

ثالثها: الرماد من الخشب و النبات مستحیل لا یجوز السجود علیه

و الأقوی إلحاق الفحم به لخروجه عن اسمه و حقیقته عرفاً.

رابعها: لا یشترط وضع باقی المساجد علی ما یصح السجود علیه

للأخبار و الإجماع و یفهم من هذه الأخبار الموجبة للسجود علی الأرض دون باقی المساجد و به یقید الأخبار الوارد فی السجود (أن السجود علی سبعة أعظم).

خامسها: یراد بالمأکول و الملبوس المعتادان لنوع الإنسان فی حالة المعتادة

فلو أکل للدواء و لغرض آخر لم یکن بأس و الأحوط تجنب ما اعتید التداوی به أکلًا و شرباً لمائه بعد عصره و یراد به ما کان معتاداً عاماً أو معتاداً عند کل قوم بحسبهم فلا یضر السجود علی ما یعتاد أکله فی بعض بلدان العبید و السودان أو بعض الأعراب من الحشائش نعم لو لم یعتد أکله لندرة وجوده إلا فی بعض الأمکنة کان من المعتاد.

سادسها: یراد بهما ما کانا متصفین بالأکل و اللبس بالفعل أو القوة القریبة

فلو توقف علی حصاد و دیاس و طحن و نخل و عجن و خبز کان مأکولًا و کذا لو توقف علی حلج و ندف و غزل و نسج و خیاطة کان ملبوساً.

سابعها: ما اتصل بالمأکول مما لا یؤکل کقشر الجوز و البندق و الرز و شبهها یجوز السجود علیه

لأنه ما لا یؤکل عدا النخالة و السحالة فإن الظاهر منهما مما یؤکل و إنما أخرجهما المترفون و الأحوط أن لا یصلی علی المتصل ما دام متصلًا غیر مفصول و أما ما ترکب مع المأکول و کان متصلًا کالمفصول کالسنبل و فیه الحب و کالورد و فیه الثمرة فلا إشکال فیه و فی النهی عنه عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) و هی (لا یسجد علی کدیس حنطة و لا شعیر) ضعیفة سنداً و متناً و الاحتیاط غیر مخفی فیها و أما ما کان من القشور متصلًا یمکن أکله لغیر المترفین بل یقطع بأکله فی بعض الأمرار و البلدان بنفسه أو بعد

ص: 95

عمل فیه فلا یجوز السجود علیه کقشر النومی و الدرانج لا بأس به الاتصال و الانفصال ما عدا ما یؤکل منه و الأحوط تجنبه مع الاتصال.

ثامنها: لا اعتبار بالأوصاف و الإضافات و الأسماء المستقلة بعد العلم بصدق إطلاق الأرض علی شی ء

کأرض الجص و الطین و السبخة کما لا یعتبر الوصف فی الماء المطلق و لا ینافیه إطلاقه کماء البئر و ماء زمزم و الفرات و البحر و لا اعتبار بصدق اسم الأرض مطلقاً مع القید فی تحقق اسم الأرض مطلقاً.

تاسعها: إذا امتزجت الأرض بغیرها

بحیث لم یستهلک الممتزج بها لم یجز السجود علیه للشک فی حصول صدق الشرط فیشک فی صحة المشروط.

عاشرها: إذا کان الشی ء مأکولًا فی التصرف السابق فهجر أکله فی هذا العصر اللاحق

لا یبعد جواز السجود علیه و الأحوط الترک.

حادی عشرها: إذا اعتید أکل شی ء للاضطرار فی الغلاء

کالخرنوب فالأحوط تجنبه ما دام علی صفة المأکولیة فإذا ارتفعت ارتفع.

ثانی عشرها: إذا اعتید أکل شی ء فی إقلیم عالم

عمم عدم جواز السجود علیه جمیع الأقالیم و لو خص الاعتناء ببعض البلدان و القری لم یعتد به.

ثالث عشرها: ما نبت علی وجه الماء حکمه حکم النابت علی وجه الأرض علی الأظهر

و مبدأ المأکول لیس مأکولًا کالطلع و شبهه.

بحث: طهارة محل السجود

یشترط طهارة محل السجود للاحتیاط و للإجماعات المنقولة و قوله (علیه السلام): (جنبوا مساجدکم النجاسة) و هل هی شرط واقعی أم علمی الظاهر الأول فمن سجد جاهلًا بوقوع النجاسة علی نجس أو متنجس أعاد فی الوقت و خارجه و یحتمل إلحاقه بالثوب فیکون شرطاً علمیاً و یحتمل الفرق بین العلم فی الوقت فیعید و خارجه فلا و لو کانت جبهته نجسة وجب إزالة النجاسة فلو جهلها فلا یبعد عدم وجوب الإعادة

ص: 96

و یکون حکمه حکم باقی أجزاء البدن و یجب اجتناب المحصود عرفاً و لو سجد ساهیاً علی المشتبه فالأقوی القول بالصحة و الأظهر و الأحوط الإعادة و لا یجب اجتناب باقی المساجد للنجاسة ما لم تکن ملوثة متغذیة وفاقاً للمشهور و ظاهر الروایات کصحیح علی بن جعفر عن البواری یبل نصبتها بماء قدر أ یصلی علیها قال: (إذا یبست فلا بأس) و الصحیحة الأخری عن البیت و الدار لا یصیبهما الشمس و یصیبهما البول و یغتسل فیهما من الجنابة أ یصلی فیهما إذا جفا قال: (نعم) و فی آخر عن الشاذ کونه یکون علیها الجنابة أ یصلی علیها قال: (لا بأس) فإن ظاهرها بل عمومها الناشئ من ترک الاستفصال دال علی جواز المباشرة للموضع النجس و غایة ما خرج موضع السجود بالإجماع فیبقی الباقی و احتمال حمل هذه الأخبار علی بیان جواز الصلاة مع الجفاف دون الرطوبة لسریان النجاسة إلی ثیاب المصلی معها فیکون السؤال عن الصلاة مع الحائل من الثیاب بعید عن معرفة زرارة و علی بن جعفر لعدم خفاء صحة الصلاة مع الحائل إذا کان جافاً و فسادها فإذا کان رطباً بحیث یلوث ثیاب المصلی علیها و أوجب بعضهم طهارة جمیع محال السجود و بعضهم طهارة جمیع البدن لقوله تعالی: [وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ] و قوله (علیه السلام): (جنبوا مساجدکم النجاسة) و النهی عن الصلاة فی الحمام و للخبرین الناهی أحدهما عن الصلاة علی الشاذ کونه التی یصیبها الاحتلام و الکل ضعیف لاحتمال إرادة الغصب من الأول و الجهة من الثانی و المبتدأ من الثالث علی أنه من المکروه و لعدم مقاومة الرابع و الخامس لما تقدم فیحملان علی الکراهة أو النجاسة المتعدیة.

بحث: الاستقرار فی المکان

یشترط الاستقرار فی المکان مطلقاً فی الصلاة و فی المسجد أیضاً فلا یجوز السجود علی شی ء لا قرار له أو رمل أو جص أولا علی طین غیر جامد و لا علی وحل و لا تجوز الصلاة علی بیدر تبن أو طعام أو رمل أو ارجوحة أو شبه ذلک و الاستقرار و عدمه موکول معرفته إلی أهل العرف فمن حکموا بعدم استقراره بطلت

ص: 97

صلاته للاحتیاط و لظاهر الاتفاق و لمنافاته لهیئة الصلاة و یشترط فی المکان أن یکون ممکناً لتأدیة الأفعال فیه فلو لم یمکن لم تنعقد صلاته من أول الأمر و یشترط أیضاً فیه سکون النفس باطمئنانه و استقراره و بقائه علی وضعه إلی تمام الصلاة و لو بعادة أو استصحاب یفید ظناً أو سکون النفس بالبقاء.

بحث: عدم جواز مساواة الرجل للمرأة فی الصلاة

اشارة

الأظهر و الأحوط عدم جواز مساواة الرجل للمرأة فی الصلاة إماماً کان الرجل أو منفرداً و عدم تقدمها علیه إلا أن یکون بینهما حائل أو عشرة أذرع للإجماع المنقول و الشهرة المنقولة بین المتقدمین و الاحتیاط و الأخبار الناهیة الظاهرة فی التحریم و البطلان لمکان النهی أو لتصریحها بالبطلان الغیر ممکن خروجها عن حقیقتها إلی الکراهة من غیر صارف سوی ما یتخیل من فتوی مشهور المتأخرین فی أماکن بالکراهة فتکون الشهرة قرینة علی ذلک و من کثرة استعمال النهی فی هذه الأماکن فی الکراهة و من اشتمال بعض الأخبار علی لفظ لا ینبغی و من ورود الرخصة فی مکة و إنه إنما یکون فی سائر البلدان و من اختلاف الأخبار المانعة لما عدا المقادیر الخاصة المجوزة معها ضعیف لأن فتوی المشهور قرینة حیث لا یحصل لها معارض مثلها أو یقوی علیها و کثرة الاستعمال موهن حیث لا یوجد مرید للمعنی الحقیقی و لفظ لا ینبغی صالح للتحریم و الکراهة و کذا لفظ یکره نعم یصلحان للتأیید حیث لا معارض و اختلاف الأخبار حیث لا یمکن الجمع و الجمع ممکن بإبقاء أخبار النهی علی حالها کصحیح محمد بن مسلم سألته عن المرأة تزامل الرجل فی المحمل یصلیان جمیعاً قال: (لا و لکن یصلی الرجل فإذا صلی صلت المرأة) و الصحیح الآخر عن الرجل یصلی و بحیاله امرأة نائمة علی فراشها جنباً فقال: (إن کانت قاعدة فلا یضره و إن کانت تصلی فلا) و فی آخر عن الرجل یصلی و المرأة بحذائه یمینه أو یساره قال: (لا بأس به إذا کانت لا تصلی) و فی الموثق عن الرجل یستقیم له أن یصلی و بین یدیه امرأة تصلی قال: (لا یصلی حتی یجعل بینه و بینها أکثر من عشرة أذرع و إن کانت عن یمینه أو یساره جعل بینه و بینها مثل ذلک و إن کانت تصلی خلفه فلا بأس) و فی آخر عن الرجل یصلی

ص: 98

الضحی و أمامه امرأة تصلی بینه و بینها عشرة أذرع قال: (لا بأس لیمض فی صلاته) و غیر ذلک من الأخبار و حمل أخبار الجواز المطلقة و العامة علی ما إذا صلت خلفه و لو قلیلًا لأنه یطلق علیها أنها تصلی بحذائه کما صرحت به الموثقة السابقة فقوله فی صحیحة جمیل (لا بأس أن تصلی المرأة بحذاء الرجل و هو یصلی) محمول علی ذلک و کذا روایته الأخری أیضاً و حمل أخبار الجواز المقیدة علی مراتب الاستحباب فی التأخیر و الإرشاد إلیه فأقلها ما دل علیه صحیح زرارة أن یکون قدامها و لو بصدره و یلحق به العقب و الکتفان علی الأقوی ثمّ شبر کما دلت علیه صحیحة معاویة ثمّ قدر ما یتخطی أو قدر عظم ذراع کما دلت علیه صحیحة زرارة أو شبر أو ذراع کما دلت علیه روایة أبی بصیر ثمّ مقدار رجل کما دلت علیه حسنة حریز ثمّ سجودها مع رکوعه بمعنی وصول رأسها إلی حد یصل إلیه مؤخره علی الظاهر کما دلت علیه روایة ابن أبی بکیر ثمّ بحیث لا یحاذی جزء منها کما یظهر من الموثقة السابقة و تقیید هذه الأخبار بما ذکرناه من المقید لقوته خیراً من بقائها علی إطلاقها بالنسبة إلی التقدم و المحاذاة لاحتیاجها إلی ضمیمة أن مفهوم الباءین بدون هذه المقادیر ملغی بالإجماع علی عدم القول بحصول التحریم بدونها و الجواز مما عدا الجعفی حیث منع ما دون عظم الذراع و جوز معه و هو نادر فلیحمل المنع المفهوم منها علی مراتب الکراهة و الجواز علی بیان أقلیتها و هو کما تری تکلف فی الاستدلال و طرح لجملة من الأخبار سیما موثقة عمار و خروج عن الظاهر.

مسائل:

الأولی: تعلق الحکم منعاً و کراهة علی الصلاة الصحیحة لو لا المحاذاة

لانصراف لفظ الصلاة إلی الصحیح و دعوی شموله للأعم فتفسد صلاة أحدهما و لو قارنت صلاة الآخر الفاسدة بعید کل البعد ظاهر اللفظ و الأخبار و کلام الأصحاب نعم لو أقدم فصلی مع علمه بصلاة المرأة فسدت صلاته و إن کانت فی الواقع فاسدة لتوجه النهی إلیه لأن الأصل صحة فعل المسلم فیکون بمنزلة من أقدم علی ترک شرط فی الصلاة زاعماً فقده و هو واحدة متلبساً به.

ص: 99

الثانیة: یقوی القول بأن هذا الشرط من الشرائط الوجودیة لا العلمیة

فلا یفتقر فیه الجهل بالحکم و لا الموضوع و لا النسیان و الغفلة و ذهب قوم إلی أنه من الشرائط الوجودیة و نسب للأصحاب و لا یخلو من قوة و الظاهر أنه شرط فی الابتداء و الاستدامة لقاعدة الشروط.

الثالثة: لا یبعد عدم إجراء الشرطیة و المانعیة للصبی یزولا للصبی و المرأة

و لا للرجل و الصبیة لاختصاص الأخبار بالرجل و المرأة و یحتمل تسریة الحکم للصبی مع الرجل دون الرجل و المرأة بالنسبة إلیهما دون بعضها مع بعض.

الرابعة: الخنثی مع الخنثی و مع الرجل و المرأة

للاحتیاط و یحتمل جواز تمسکهما بالأصل لأنه شک فی التکلیف لا فی المکلف به و هو قوی.

الخامسة: إذا کان بینهما عشرة أذرع بذراع الید المتوسطة

ارتفع المنع للإجماع و الروایة و ما دل علی الأکثر محمول علی إرادة إحراز العلم بها لأنه لا تعلم العشرة الحقیقیة غالباً إلا بإجراء الأکثر أو یراد به العشرة الأکثر منها تفنناً فی التعبیر کقوله تعالی: (فَإِنْ کُنَّ نِسٰاءً فَوْقَ اثْنَتَیْنِ) أی اثنتین فما فوق.

السادسة: تحسب العشرة من الموقف

لأن السجود إلی الموقف لتبادر ذلک من الأخبار و الأحوط الاحتیاط من سجوده إلی موقفها.

السابعة: الأظهر سقوط هذا الحکم عمن کان موقفها بالجهة العلیا

کأن تکون سامته لرأسه أو بالجهة السفلی کأن سامت رجلیه و إن لم یکن بینهما حاجز لعدم انصراف الشرطیة فی الأخبار لذلک نعم لو کان مکانها العالی عن الیمین أو الیسار أو بین یدیه اعتبر ذلک لإطلاق موثقة عمار بل الأحوط اعتبار العشرة مطلقاً لمفهوم قوله (علیه السلام) و إن کانت خلفه فلا بأس.

الثامنة: إذا کان بینهما حاجز یمنع المشاهدة

ارتفع حکم المنع لصحیحة محمد بن مسلم إذا کان بینهما حاجز فلا بأس و ظاهره أنه مما یمنع المشاهدة و صحیحة

ص: 100

الأخری إذا کان بینهما ستر آخر و فی آخر مثله و لو لم یمنع المشاهدة لقصره لا لوقته أو تحریمه فالظاهر جوازه ما لم یخرج عن اسم الحائل عرفاً بحیث یری أغلبها فإنه لا یعتد به لروایتی علی بن جعفر من جواز الستر بالحائط القصیر أو الطویل و نفی البأس عن صلاة رجل فی مسجد حیطانه کری و امرأة تصلی حیاله یراها و لا تراه و لکن الأحوط ملاحظة الساتر کلا فی جمیع أحوال الصلاة لإطلاق السابقة فی الفتوی و النص و ضعف الروایتین عن معارضتها.

التاسعة: حکم البطلان یتعلق بالصلاتین معاً إذا تقارنا بهمزة التکبیر أو بجمیع أجزاء التکبیر

و لو کان الأول بالأخیر علی الأظهر و یتعلق بالمتأخرة فی تکبیرة الإحرام من الآخر و لا یتعلق بالمتقدمة و إن أطلق ذلک فی کلامهم استصحاباً لصحة الصلاة المتقدمة و استبعاداً لبطلان فعل شخص بفعل غیره و لصحیحة علی بن جعفر فی المرأة المصلیة خلف إمام إنه لا یفسد علی القوم و تعید المرأة و لو وقعت الصلاتان صحیحتین قبل ذلک فتدانیا دفعة فلا یبعد بطلانهما تنزیلًا للجزء منزلة الکل و لو دنی أحدهما فقط دون الآخر فلا یبعد بطلانهما تنزیلًا للجزء منزلة الکل و فی أحدهما فقط تعلق البطلان بالدانی فقط دون المدنی إلیه مطلقاً أو بفرق بین علم المدنی إلیه و تمکنه من الهرب و الافتراق من إبطال العمل و بین عدم علمه أو عدم تمکنه فإن کان الأول ثبت فی مکانه و بطلت صلاته أیضاً و إن کان الثانی صحت أو یفرق بین الدانی اضطراراً فتصح صلاتهما و بین الدانی اختیاراً فتفسدان إذا أمکن المدنی إلیه التفرق و لم یفعل.

العاشرة: لا تکفی الظلمة أو العمی أو تغمیض العینین و الغبار و الدخان

لعدم ثبوت کون العلة عدم الروایة کما تخیله بعض أصحابنا لأنه یقید للنص من غیر دلیل فلو صلی فی ظلمة و شبهها أعاد إن علما و إن لم یعلما بنی علی أن المسألة من الشرائط العلمیة و الواقعیة.

ص: 101

الإحدی عشر: لا یبعد استثناء مکة المشرفة من هذا الحکم

للروایة أو للضرورة و لا ینافی الروایة لأن المسجد منها و الأحوط الاجتناب حتی فی مکة المشرفة لضعف الروایة.

الثانیة عشر: یستثنی من الحکم المتقدم الضرورة لضیق المکان أو الخوف أو الازدحام

فیجوز صلاتهما فی مکان الاضطرار مقترنین أو مقتربین إذا لم یمکن تقدم الرجل فی المکان أو تقدم أحدهما فی الزمان و لو استلزم تأخیر الآخر إلی آخر الوقت فالأحوط التأخیر و فیما ورد فی الصلاة بمکة إشعار بالرخصة حین الاضطرار و لو اختص الاضطرار بأحدهما اختص بالجواز و وجب علی الآخر البعد إلا إذا کان متلبساً بالصلاة فلا یبطل أحدهما حینئذٍ.

الثالثة عشر: یتخیر کل منهما فی التقدم الزمانی فی الاختیار و الاضطرار بصلاته

للأصل و لقوله (علیه السلام) فی الصحیح: (إلا أن تتقدم هی أو أنت) لظهور إرادة التقدم الزمانی منه دون المکانی کما یتخیل نعم یستحب تقدیم الرجل لنفسه و الأمر له لروایة المحمل لا یجب کما أفتی به بعض الأصحاب.

الرابعة عشر: لو جعلت عدم التقدم و التقارن من الشرائط العلمیة فصلیا و علما فی الأثناء و هل تبطل من حینها أیضاً

أو تبطل إذا لم یمکنهما التباعد فإن أمکنهما تباعدا و صح عملهما أو تبطل مع السعة دون الضیق أو تبطل إذا أمکن التباعد من دون ما فی مقتضی البطلان وجوه أقواها عدم البطلان عند الضیق أو الاضطرار و إمکان التباعد فوراً.

الخامسة عشر: لو جعلنا الحکم من الشروط الواقعیة فوقع الشک بعد الفراغ من الصلاة

أو فی الأثناء بالتقدم و التأخر و التقارن فإن علم تاریخ أحدهما فالأظهر الحکم بصحتها لکون السابقة و إن لم تعلم احتملت الصحة فیها لأنه شک بعد تجاوز المحل و احتملت القرعة و احتملت الإعادة.

ص: 102

السادسة عشر: لا فرق بین الصلاة الفرضیة و النفلیة فی الحکم

و کذا رکعات الاحتیاط و کذا الأجزاء المنسیة علی الأظهر و لا فرق بین الأجانب و المحارم من النساء کل ذلک لإطلاق النص و الفتوی.

السابعة عشر: الأحوط التأخیر عند الاضطرار فی المکان الواحد مع عدم إمکان التقدیم المکانی أو الزمانی

الذی لا یوجب التأخیر إلی آخر الوقت کسائر أهل الأعذار و احتمال الوجوب مع رجاء العذر قوی.

القول فی الأذان و الإقامة:

اشارة

الأذان لغة الإعلام و مثله الإیذان من أذن و یمد و یشدد للتعدیة و الإقامة لغة مصدر أقام بالمکان بمعنی ثبت فیه و التاء عوض الواو المحذوفة لأن أصله أقوام و شرعاً عبادتان مخصوصتان موضوعتان للصحیح من ماهیتها نزل بهما الوحی من الرب الجلیل علی لسان جبرئیل کما نطقت بذلک الأخبار عن السادات الأطهار إلا إن الأذان أخذه رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من رؤیا عبد الله بن زید و عمر بن الخطاب حیث علمهما فیه شخص فی المنام لاجتماع الناس للصلاة عوض الناقوس الذی ضربه رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و استحسنه و أمر به بلالًا کما قال أهل السنة لأنه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لم ینطق عن الهوی و لا یأمر إلا عن وحی یوحی

و یقع الکلام فیهما فی مواضع:

أحدها: أذان الإعلام مشروع بالنص و الإجماع

و لم نر مخالفاً فیه من العامة و الخاصة و هو عبادة مخصوصة یشرع لنفسه عند دخول الأوقات للتنبیه علی الصلاة فیهما و یشترط فیه نیة القربة و التعیین و القصد إلی الإعلام فیه لیفارق أذان الصلاة بالقصد لأن أذان الصلاة عبادة أخری مشروع لها لا یخاطب به إلا من یصلی لصلاته و وظیفته تقدیمه فی الصلاة و هو من المندوبات العینیة لسائر المکلفین و سقوطه بفعل الغیر کما فی الجماعة و عند سماعه للدلیل بخلاف أذان الإعلام فإنه یصح للمصلی و غیره و لا یبعد أنه من المندوبات الکفایة إذا حصل الفرض من فعل واحد سقط عن الباقین

ص: 103

و ما یفعله المؤذنون من الکثرة إنما هو للشک فی حصول من الفرض الإعلام التام بالنسبة إلی أهل تلک البلاد و ما شابهها و فی القول بأنه من المندوبات العینیة العینیة أیضاً قوة و أذان الصلاة لا یشرع إلا بعد دخول وقتها و أذان الإعلام کذلک إلا أنه قد رخص فی تقدیمه علی الصلاة الصبح تقدیماً عرفیاً بحیث لا یفوت الفرض و أذان الصلاة لم یرخص فیه ذلک و قد یقال بعدم جواز تقدیمهما تداخلهما لأنهما عبادتان مستقلتان و لکن الأظهر جوازه و إذا نوی أحدهما بخصوصه فالظاهر عدم إجزائه عن الآخر منهما إلا إذا حصل الإعلام بأذان الصلاة فإنه یسقط أذان الإعلام لفوات محله و یجوز أن ینوی الفائتین فی الأذان الصلاتی و یکون من الضمائم الراجحة فی العبادة و لا یجوز فیهما التوکیل و لا الإنابة و مؤذن الجماعة لیس وکیلًا عن الإمام و لا نائباً عنه بل یؤذن لصلاتهم إن لم یؤذن الإمام فإن أذن الإمام سقط عن المأمومین و الأذان واحد من المأمومین فیسقط عن الجمیع لکونه فی الجماعة کالمندوب یسقط بفعل البعض.

ثانیها: یشترط فی الاعتداد بالمؤذن

بمعنی سقوط الکفایة به فی الإعلام و سقوط الخطاب به مرة أخری فی الجماعة و الاکتفاء بسماعه لمرید الصلاة و الاکتفاء به لمن دخل المسجد و وجد الجماعة قد أذنت و أقامت و غیر ذلک العقل و الإسلام فلا یجزی أذان المجنون حال جنونه و لا الکافر کذلک و لا الصبی غیر الممیز للإجماع بقسمیه و للاحتیاط و لتوقیفیة العبادة فی الاعتداد بها و لم یثبت عن صاحب الشرع ذلک و المفهوم من الأخبار أن المؤذن مؤتمن و المؤذنون أمناء الله إن الأذان وظیفة لمن هو أهل للأمانة و هل یشترط الإیمان الأقوی اشتراطه لمفهوم الأخبار المتقدمة و للاحتیاط و لقوله (علیه السلام) یؤذن لکم خیارکم و فی الخبر أذن خلف من خلفه و للصحیح الدال علی (من دخل المسجد و هو لا یأتم بصاحبه أذن و أقام و إلا قال قد قامت الصلاة الله أکبر الله أکبر لا إله إلا الله) و للموثق الدال علی عدم أذان غیر المسلم العارف و المراد المؤمن کما هو المعلوم استعماله لا فی الأخبار و لا یعارض ما ذکرناه من الأخبار المرخصة للصلاة بأذانهم لحملها علی الاعتداد به فی معرفة الوقت سیما لو کان مانعاً عن الاختیار بقرینة قوله فی الصحیح فإنهم أشد مواظبة علی الوقت و یصح أذان الممیز للأخبار و الإجماع و کذا

ص: 104

العبد للإجماعات المنقولة و یعتد بأذان المرأة للمحارم و الأماثل للعمومات و للموثق (لا یؤذن إلا رجل مسلم عارف) و المراد به الاعتداد قطعاً لأن الأذان مشروع للنساء و الرجال و لأنها إن أسرت لم یعتد به و إن جهرت کان منهیاً عنه فیفسد و قد یورد علی ذلک بأن الإسرار لا ینافی الاعتداد إذ لا یلزم الاعتداد استماع کل من جاء لجماعة قد أذنت و أقامت و بالمنع من کون صوتها عورة مطلقاً أو بالمانع من کونه عورة عند الحاجة و الأذان منها و بالمنع من أن الفاسد فی الأذان لا یعتد به و بالمنع من أن النهی یقضی بالفساد هنا لتعقله بالکیفیة و بالمنع من تعلق النهی بها دائماً لجواز وقوعه سهواً أو استماعه کذلک أو استماعه عمداً و لا یضر و فیما قدمناه کفایة.

ثالثها: یستحب للمؤذن أن یکون عدلًا

للإجماع المنقول و لأنه أمین و ان یکون صیتاً و لقوله (علیه السلام): (ألقه علی بلال فإنه أبدی صوتاً) و الصیت حسن الصوت و عالیه و أن یکون أمیناً عارفاً بصیر فی الأوقات کما تشعر به الأخبار و خطاب الاستحباب متوجهاً للحاکم فی نصبه أو للمسلمین إذا جعلوا لهم مؤذناً فی الأذان الإعلامی أو الجماعة إذا ارتضت مؤذناً أو إمام الجماعة إذا أذن لواحد إذ المراد تأکد خطاب الاستحباب للمتصف أو استحباب تقدیم غیر المتصف عند التشاح و یستحب أن یکون المؤذن متطهراً من الحدث الأکبر و الأصغر للإجماع المنقول و لقوله (علیه السلام): (حق و سنة أن لا یؤذن أحد إلا و هو طاهر) لمعارضته بالمعتبرة المستفیضة الدالة علی جواز الترک و أن یکون علی موضع مرتفع إذا کان إعلامیاً لقوله (علیه السلام): (یا بلال اعلُ فوق الجدار و ارفع صوتک) و للإجماع المنقول و أن یکون مستقبل القبلة للإجماع المنقول و للأخبار و یستحب أن یرفع صوته للأخبار الآمرة بأنه أجهر به صوتک و الدالة علی أن کلما اشتد صوتک زاد أجرک.

رابعها: الأظهر عدم جواز تکریر الأذان بنیة الوظیفة إلا الإعلامی

إذا احتمل عدم الکفایة بما صدر من الواحد و الاثنین فلا یجوز تکریره فی الجماعة لمؤذن الجماعة الواحد و المتعدد إلا إذا طال الفصل أو فاتت الموالاة و لا تکریر للمصلی المنفرد إلا مع

ص: 105

الفصل الکثیر و لا تجوز الشرکة فیه لأنه خلاف المعهود و لا یجوز الاعتداد بأذان من صلی أو من لم یکن عازماً علی الصلاة لجماعة أو لانفراد و لا یسقط عمن سمعه.

خامسها: الأذان فی الصلاة عبادة مستقلة

شرع قبل إکمالها فی الفضیلة و دل علی ذلک الإجماع و الأخبار عن الهداة الأطهار (علیه السلام) و کذا الإقامة و هی أکد فی المشروعیة و التوظیف و الحث علیها فی الأخبار المتکاثرة عن العترة الطاهرة و هما مستحبان معاً فی الفریضة الیومیة و الإقامة أکد استحباباً و منها الجمعة دون غیرها للإجماع بقسمیه و لتوقیفیة العبادة و لما ورد فی العیدین لیس فیهما أذان و لا إقامة و لا قائل بالفرق فیه و لکنه ینادی الصلاة ثلاث مرات و الظاهر أنها وظیفة لصلاة العید و سراها بعضهم لما عدا الیومیة مطلقاً حتی فی النوافل و لا بأس به مسامحة فی أدلة و قیل یجبان مطلقاً و قیل یجبان فی الجماعة مطلقاً و قیل علی الرجال خاصة و قیل بوجوبهما فی المغرب و الغداة و زاد الحسن فأبطلهما ترکهما و قیل بوجوبهما فیها و فی الجمعة علی الرجال خاصة و قیل بوجوب الإقامة مطلقاً دون الأذان و الأقوی استحبابهما للأصل و ضعف إجزاء الاحتیاط لضعف الشک بالشرطیة لندرة القول به و إعراض الأصحاب عنه و للقطع بأن افتتاحها التکبیر فتوی و روایة و لعدم عدهما من الشرائط مع اعتناء الفقهاء بتعدادها و ضبطها و لفتوی المشهور الجائزة لروایة العلل (الإقامة و الأذان فی جمیع الصلوات أفضل) و للرضوی (أنهما من السنن اللازمة و لیستا بفریضة و لیس علی النساء أذان و لا إقامة) سنداً و دلالة و للأخبار الدالة علی جواز ترک الأذان و الصحاح المعتبرة الدالة علی استحبابه فیلزم منه الحکم باستحباب الإقامة لعدم القول بالفصل کما نقله العلامة (رحمه الله) و أذعن له جماعة و لإشعار بعض الأخبار الآتیة إن شاء الله فی استحبابها جمعاً أیضاً و لأنهما لو وجبا أو وجب أحدهما لما خفی علی أکثر الأصحاب بل علی عامة الناس وجلهم مع توفر الدواعی لمعرفة وجوبهما قدیماً و حدیثاً و تکثر الحاجة إلیهما و فی روایة حماد ما یشعر باستحبابها لعدم بیانهما فیهما و لو قولًا إن لم یکن مقامهما فعلًا فظهر ضعف القول بوجوب الإقامة دون الأذان مطلقاً و القول بوجوبهما فی الجماعة مطلقاً أو علی الرجال خاصة و القول بوجوبهما فی الغداة و المغرب خاصة

ص: 106

و وجوب الإقامة فی البواقی لما ورد فی الأخبار من الأمر بالإقامة الظاهرة فی الوجوب و ما ورد من إجراء حکم الصلاة من ستر و طهارة و قیام و استقبال الظاهر فی وجوب ذلک و وجوبه ظاهراً فی وجوب أصله بخلاف الأذان فقد وردت الرخصة فی ترکه و ترک ما ینبغی له أیضاً سنداً للأول و لما ورد فی الخبر (إن صلیت جماعة لم تجز الأذان و الإقامة و إن کنت وحدک تبادر أمراً تخاف أن یفوتک یجزیک الإقامة إلا الفجر و المغرب فإنه ینبغی أن تؤذن فیهما و تقیم) سنداً للثانی و لما ورد فی الأخبار المعتبرة و فیها الصحیح (یجزیک فی الصلاة إقامة واحدة إلا الغداة و المغرب) و فیه أدنی ما تجزی فی الصلاة إقامة واحدة إلا الغداة من الأذان أن یفتح اللیل بأذان و إقامة و یفتتح النهار بأذان و إقامة فی الحضر و السفر سنداً للثالث و فی الجمیع ضعف لانصراف الأمر للاستحباب بقرینة فهم الأصحاب و إجراء الأحکام لا یدل علی الوجوب و الإلزام فی الأول و لظهور لفظ الجزاء فی الفضل و الاستحباب لا الإلزام و الإیجاب بقرینة السیاق و لفظ لا ینبغی لقوله (علیه السلام) فی الصحیح تحضرنا الصلاة و نحن مجتمعون فی مکان واحد تجزینی إقامة بغیر أذان قال: (نعم) و الظاهر أن المراد به صلاة الجماعة و للخبر إذا کان القوم لا ینتظر أحد اکتفوا بإقامة واحدة و قصور سنده و دلالتهما مجبور بفتوی المشهور فی الثانی و لمعارضته النصوص المستفیضة فی الثالث ففی الصحیح أنه (علیه السلام) کان إذا صلی وحده فی البیت أقام إقامة واحدة و لم یؤذن و الصحیح الآخر (یجزیک إذا خلوت فی بیتک إقامة واحدة بغیر أذان) و الصحیح عن الإقامة بغیر أذان فی المغرب فقال: (لیس به بأس و لا أحب أن یعتاد) و لا قائل بالفرق بینهما و بین الغداة فبان ضعف جمیع الأقوال و قوة القول بالفرق بینهما و بین الغداة للاستحباب کما علیه مشهور الأصحاب و الاحتیاط لا یخفی سیما فی الإقامة.

سادسها: لا یجوز تقدیم الأذان الصلاتی علی الوقت

و لو قدمه سهواً أعاد و کذا الإعلامی فیما عدا الصبح للإجماع المحکی و توقیفیة العبادة و التأسی و لأن المفهوم من مشروعیته أنه بعد مشروعیة الصلاة أما مکملًا لها و أما متعلماً بدخول وقتها و للأخبار الدالة علی المنع من تقدیم لمن تأملها و أما الإعلامی فی الصبح فالظاهر جوازه لخبر ابن

ص: 107

سلمان عن الصادق (علیه السلام) قال له إن مؤذناً یؤذن باللیل قال: (أما إن ذلک ینفع الجیران لقیامهم إلی الصلاة) و لما ورد أنه کان لرسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) مؤذنان أحدهما ابن أم مکتوم و کان یؤذن قبل الصبح و قال بالمنع للأصل و لأمره (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بلال بالإعادة إذا أذن قبله و نهیه له عن الأذان قبل طلوع حتی یستبین و الکل ضعیف لانقطاع الأصل بما مر من الدلیل و الأحادق بقوله بها ندباً للاعتبار و الأخبار و أصالة عدم السقوط و نهی بلال لا یعارض ابن أم مکتوم لأذانه قبله نعم ورد فی الصحیح عن الأذان قبل الفجر فقال: (إذا کان فی جماعة فلا و إذا کان وحده فلا بأس) و الظاهر حمل النهی عنه علی الصلاتی و المأمور به علی الإعلامی و إن لم یظهر لی من الفقهاء هذا التفصیل و الأحوط تارک الأذان قبل الصبح تغضیاً عن شبهة الخلاف و من غرور الناس بطلوع الفجر بل و من غرور العلماء المجوزین لذلک.

سابعها: فصول الأذان ثمانیة عشر

التکبیرات الأربع ثمّ الشهادتان بالرسالة ثمّ الحیعلات الست ثمّ التکبیرات ثمّ التهلیلتان و الإقامة کذلک إلا أنه یسقط من أولها تکبیرتان و من آخرها تهلیلة و یزاد فیها قد قامت الصلاة مرتین بعد حی علی خیر العمل وفاقاً للمشهور و فتوی المعظم و الاحتیاط و قوله (علیه السلام) فی الصحیح أو الموثق (الأذان و الإقامة خمسة و ثلاثون حرفاً فعد ذلک بیده واحداً واحداً الأذان ثمانیة عشر حرفاً و الإقامة سبعة عشر حرفاً) و لا قائل بغیر المشهور بعد ثبوت کونها خمسة و ثلاثین لقوله (علیه السلام) فی الصحیح الحسن و غیره (أنه الله أکبر إلی آخر الثمانیة عشر) و فی الصحیح (تفتح الأذان بأربع تکبیرات و تختمه بتکبیرتین و تهلیلتین) إلی غیر ذلک من الأخبار و یجوز إفراد فصولها عند الحاجة و الاستعجال فی السفر و الحضر علی الأظهر للصحیح رأیت أبا جعفر (علیه السلام) یکبر واحدة واحدة فی الأذان فقلت: له لم تکبر واحدة واحدة فقال: (لا بأس به إذا کنت مستعجلًا) و فی آخر (الأذان یقصر فی السفر کما تقصر الصلاة و الأذان واحداً واحداً و الإقامة واحدة واحدة) و فی آخر (یجزیک عن طاق طاق فی السفر و یجوز لمن دخل المسجد و هو لا یأتم بصاحبه و خشی إن هو

ص: 108

أذن و أقام أن یرکع أن یقول قد قامت الصلاة مرتین و الله أکبر مرتین و لا اله إلا الله) للصحیح الدال علی ذلک و یجوز للنساء رخصة أن تقتصر علی التکبیر و الشهادتین.

ثامنها: روی أن فصولها سبعة و ثلاثون

یجعل التکبیرات فی أول الإقامة أربعاً و روی ثمانیة و ثلاثون یجعل التهلیل فی آخرها مع ذلک مرتین و نقل عن بعض الأصحاب و روی ستة و ثلاثون یجعل الإقامة کالأذان و روی ثلاثة و ثلاثون بإسقاط التکبیرتین من أول الأذان و فیها الصحیح و المعتبر و فصل ابن الجنید فی تهلیل الإقامة بین إتیانها بعد الأذان و فیها الصحیح فیوحد و بین الإتیان بها منفردة فیثنی و الکل لا یقاوم المشهور و ما علیه العمل و الإجماع المنقول و السیرة و الاحتیاط فلا یجوز العمل بها بالتخییر و لا بدونه لأن التخییر فرع المقاومة فلا بد من اطراحها أو حملها فی بیان الناقص علی بیان العدد لا إتمامه أو الرخصة بعد مشروعیة الأصل أو بیان أن التکبیرتین الأولیتین للإعلام أو علی بیان الأغلبیة فی الفصول کما ورد أن الأذان مثنی مثنی و من بیان الزائد علی التأکید فی القول أو المماثلة فی الألفاظ کما ورد إن الإقامة مثنی مثنی.

تاسعها: یجب وجوباً شرطیاً الترتیب بین الأذان و الإقامة و بین فصولهما علی النحو المعهود

لتوقیفیة العبادة و الإجماع المنقول و لظواهر جمیع النصوص فلو خالف الترتیب عمداً أثم و شرع و فسد السابق و صح اللاحق مطلقاً و أما لم ینو الخصوصیة فی تأخیر السابق فإنه لا یبعد فیه الفساد و لو خالف سهواً أعاد بما یحصل معه الترتیب بأنه یلغی اللاحق إذا أتی به سابقاً لموثقة عمار فیمن نسی من الأذان حرفاً فذکره حین فرغ من الأذان و الإقامة قال: (یرجع إلی الحرف الذی نسیه فلیقله و لیقل من ذلک الحرف إلی آخره) و یکتفی بالسابق الواقع لاحقاً و إن نوی به وصف التأخیر سهواً فالأحوط الإعادة علیهما مع احتمال أنه لو أقام متعمداً تقدیم الإقامة و تأخیر الأذان صحت الإقامة دون الأذان و احتمل صحة الأذان دونها و إنه لو فعل ذلک سهواً ناویاً التقدیم و التأخیر أولًا صحتهما معاً و احتمل صحة الأذان دون الإقامة و احتمل صحة الإقامة دون الأذان و احتمل فسادهما معاً عند نیة التقدیم و التأخیر و أما لو أقام ناسیاً للأذان

ص: 109

أو متعمداً ترکه جاز له إلغاؤه و إعادة الأذان و الإقامة معاً فلو فعل ذلک فنسی و أذن صحت إقامته و ألغی أذانه مع احتمال صحة الأذان و إعادة الإقامة.

عاشرها: الأحوط فی الإقامة الطهارة من الحدثین و استقبال القبلة و القیام و الاستقرار و عدم الکلام

للأخبار الدالة علی لزومها فیها و قد وردت رخصة فی الإقامة ماشیاً و الأحوط إجراء جمیع شرائط الصلاة و موانعها علی الإقامة لما ورد إن الإقامة من الصلاة و جریان جمیع ذلک علی الأذان و إن لم یقم علیه دلیل سوی ما قدمنا ذکره و لو لا فتوی المشهور و فهمهم من الأخبار الاستحباب لکان القول بوجوب الطهارة من الحدث و القیام و الاستقبال و تحریم الکلام متجهاً و کما أن الأحوط ألا یقیم إلا و هو متطهر أنه یعید الإقامة لو أحدث فی أثنائها أو أحدث بعد إتمامها لما روی أن الإقامة من الصلاة و من الرجل یحدث فی أذانه أو فی إقامته قال: (إن کان الحدث فی الأذان فلا بأس و إن کان فی الإقامة فلیس ضار و لیقیم إقامة) و کذا لو تکلم فی أثنائها أو بعدها لقوله (علیه السلام) فی الصحیح: (لا تتکلم إذا قمت فإنک إذا تکلمت أعدت الإقامة) و کذا لو أحدث فی أثناء الصلاة أو أبطلها فإن الأحوط تجدید الإقامة و إن لم یمضی علیه زمان یعتد به لتبعتها لصلاتها فتفسد بفسادها و حکم جمع بعدم إعادة الإقامة فی هذه الصورة لأنه صلی بالإقامة و لم یحدث بعدها و لا یجری هذا الحکم علی الأذان بل یتطهر المؤذن و یبنی علی ما مضی ما لم یخل بالموالاة بین الفصول أو بینه و بین الإقامة أو بینه و بین الصلاة نعم یکره الکلام فی خلال الأذان کما أفتی به المشهور و نقل عدم الخلاف فیه و یکفی فیه التسامح بأدلة السنن فتصرف الأخبار الدالة علی نفی البأس عن الکلام فی الأذان علی نفی الحرمة لمفهوم المشهور ذلک و لقضاء الاعتبار من حسن التوجه و الإقبال فیه به و حکم جمع من أصحابنا بتحریم الکلام فی حال الإقامة للأخبار الناهیة عن ذلک و جمع بتحریمه بعد قول المقیم قد قامت الصلاة و الظاهر منهم تعمیم الحکم للمقیم لنفسه و للجماعة تکلم هو أو غیره من أهل الجماعة نعم یستثنی من ذلک الکلام بما یتعلق بأحوال المصلین مطلقاً أو فی خصوص تقدیم الإمام لقوله (علیه السلام): (إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة فقد حرم الکلام علی أهل

ص: 110

المسجد إلا أن یکونوا قد اجتمعوا من شی ء أو لیس لهم إمام فلا بأس أن یقولوا بعضهم لبعض یا فلان تقدم) و فی آخر إذا قام المؤذن فقد حرم الکلام إلا أن یکونوا القوم لیس بهم إمام) و کلا القولین موافق للاستحباب و للاحتیاط و لکنه ضعیف لما ورد من نفی البأس عن الرجل یتکلم بعد ما یقیم الصلاة، قال نعم و هی مع اشتمالها علی الصحیح و المعتبر مجبورة بفتوی الأکثر و عمل الأشهر فالجمع بینهما یحمل النهی علی الکراهة و نفی البأس عن التحریم یقیم أولی هو مقیم الصلاة أو بعد ما یقیم الصلاة و ما ورد من نفی البأس عمن یتکلم فی اذانه و اقامته و ما ورد من نفی البأس عمن یتکلم بعد ما یقام الصلاة و ما ورد فی الصحیح عن الرجل یتکلم فی أذان و إقامته.

حادی عشرها: یشترط فی الأذان الصلاتی و الإقامة عدم الفصل الطویل بینهما و بین الصلاة

و لا یجوز العدول من أحدهما إلی الآخر و لا تداخلهما بعض ببعض و لا بد من تمیزهما فی النیة فلا یکفی وقوع النیة المشترکة و لا یجوز أخذ الأجرة علیهما لعود نفعهما إلی الفاعل لا إلی المستأجر و ما ینتفع به للجامع و السامع فهو حکم شرعی و فی الخبرین ما یدل علی منع أخذ الأجرة علی الأذان فالإقامة بالطریق الأولی و یوافقهما فتوی المشهور و الإجماع المنقول نعم فی الأذان الإعلامی قد یقال بجواز الاستئجار علیه لعدم وجوبه علی المستأجر کی لا تصح الأجرة علیه و لعدم اختصاص النفع بالعامل أیضاً بحیث لا یسری للمستأجر کی یمنع أخذ الأجرة علیه للزوم السفه و لعدم ظهور المباشرة فی خطاباته و تحریم التوکیل و النیابة فیه کی یحکم بعدم صحة قیام فعل الغیر عن فعل الأمر فیصح أخذ الأجرة علیه و یملک المستأجر العمل علی المستأجر و لکنه بعید عن إطلاق النص و الفتوی بالتحریم و یجوز أخذ الرزق من بیت المال للمؤذن الإعلامی و الجماعة و المقیم لها لدخوله تحت مصارفه لأن من مصالح المسلمین و هو معد لذلک سواء کان فقیراً أو غنیاً و لأنه من البر و التقوی و لو حصل متبرع فالأحوط إعطاء الرزق من بیت المال و لو تعددوا لوحظ الأقل مصرفاً إلا إذا کان الأزید للمعنی الزائد و لیکن الرزق من مال المصالح لا من الوجوه المخصوصة کالأخماس و شبهها

ص: 111

و لا یجوز دفع الرزق بعنوان الأجرة لإطلاق النص و الفتوی و لو قام الفاسق بالأذان أو أدنی المعرفة أو من لا یکفی للإعلام جاء إعطاء الرزق للعدل و الفارق و من یکتفی به.

ثانی عشرها: تحریم الزیادة علی فصول الأذان و الإقامة بنیة أنهما منهما

أو إنه مشروع فیهما فلو نوی التعبد بالمجموع عن أحدهما و الزائد ابتداء بطل العمل أول الأمر و إن نوی الأصل و نوی الزائد علی حدة أو فی محله حرم الزائد و صح الأذان و الإقامة ما لم یخل بالموالاة و لو زاد لا بنیة المشروعیة کان مکروهاً ما لم یکن ذکراً صرفاً أو قرآناً لأنهما لا یزیدان علی الصلاة و لا یتفاوت الخلل فی الکراهة بین أن یکون المزید من فصول الأذان سوی التکبیر أو من غیرها و لا فرق بین فصوله کلها أو بعضها سوی التکبیر و یحتمل إجراء حکم الکراهة علیه فیکون من مکروهات العبادة و إن کان ذکراً و إلحاق الشهادتین بالتکبیر فی الحکم بأنهما ذکراً مشکل جداً و بین أن یکون البعض تکریر للشهادتین فیه من أخری کما سماه جماعة ترجیعاً و تکریراً لها و للتکبیر مرة أخری کما جعله بعضهم معنی الترجیع أو تکریراً للشهادتین جهراً بعد اخفاتهما کما جعله بعضهم معناه أیضاً و تکریراً لأی فضل کان علی الموظف مرة أو مرتین کما یفهم من بعضهم أنه هو الترجیع أو تکون للحیعلتین الأولیتین مثنی بین الأذان و الإقامة کما جعله بعضهم تفسیر للتثویب و لا فرق فی المزید من غیرهما بین أن یکون شهادة بأن محمد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) خیر البریة أو شهادة بأن علیاً ولی الله أو یکون قول الصلاة خیر من النوم أو غیر ذلک و دعوی استحباب الشهادة بالولایة لعلی (علیه السلام) بعد الشهادة لمحمد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بالرسالة لم تثبت بخصوص هذا المکان و استحباب إظهارها لنفسه لا ینافی کراهتها من حیث أنه کلام أجنبی بین فصول الأذان لا ینبغی قوله فیه علی أن فی ترکه من قدیم الزمان و إعراض المؤذنین عنه فی جمیع طوائف الإسلام و کون الأذان من شعائر الإسلام لا من شعائر الإیمان و عدم التعرض له فی الأخبار من الأئمة الأطهار و عدم نقل استعماله عن خواص السادة الأخیار دلیل علی عدم استحبابه فی الأذان و لو من حیثیة تعقیبه بالشهادتین للشهادة بالرسالة و یظهر من بعضهم استحباب قول

ص: 112

الصلاة خیر من النوم فی أذان الفجر بعد قول حی علی خیر العمل لما روی فی الصحیح (کان آبی ینادی مربیته بالصلاة خیر من النوم) و فی الموثق الندی و التثویب فی الإقامة من السنة و فی الصحیح (إذا کنت فی أذان الفجر فقل الصلاة خیر من النوم بعد قول حی علی خیر العمل و لا تقل فی الإقامة) لشذوذ الکل و إعراض الأصحاب عنها و موافقتها لفتوی العامة و للصحیح عن التثویب الذی یکون بین الأذان و الإقامة قال: (ما نعرفه) و لعدم التصریح فی الأول یفعله فی الأذان و لعدم معروفیة المراد بالتثویب فی الثانی و یظهر من جماعة حرمة ذلک مطلقاً لإطلاق الإجماع المنقول علی حرمة التثویب و إنه بدعة فی العشاء الآخرة و تشریع و الإجماع المنقول علی حرمة التثویب المفسر بقول ذلک أو تکریر الحیعلتین الأولیتین بین الأذان و الإقامة أو بتکریر الشهادتین لأنه مأخوذ من ثاب إذا رجع و لعدم الدلیل علی مشروعیته و للاحتیاط و هو حق و لکن لا علی إطلاقه لأن الظاهر أن المراد بالإجماعات و إطلاقات المنع هو خصوص ما أرید به أنه من فصول الأذان أو من مستحباته و لواحقه و لأن ذلک هو المنصرف إلیه الإطلاق منعاً و جوازاً لما روی عن الکاظم (علیه السلام): (الصلاة خیر من النوم بدعة بنی أمیة) و لیس ذلک من أصل الأذان و لا باس إذا أراد الرجل أن ینبه الناس للصلاة أن ینادی بذلک و لا یجعله من أصل الأذان فإنا لا نراه أذاناً لا ما أرید به مجرد التنبیه و الإعلام و استثنی جماعة من کراهة الترجیع ما کان للإشعار و التنبیه علی الصلاة لأنه حث علی الخیر و یظهر من بعضهم نقل الإجماع علی ذلک و یشعر به خبر أبی بصیر لو أن مؤذناً أعاد فی الشهادة أو حی علی الصلاة أو حی علی الفلاح المرتین أو الثلاث و أکثر من ذلک إنما یرید به جماعة القوم لیجمعهم لم یکن به بأس و لا بأس بالقول به و منع بعضهم کراهة الکلام فی خلال الأذان مطلقاً لعدم ورود النص به و هو مخالف للاحتیاط و فتوی الأصحاب و التسامح بأدلة السنن.

ثالث عشرها: یجوز أن یجتزئ سامع الأذان و الإقامة أو الأذان وحده أو الإقامة وحدها لمن لا یؤذن عن أذانه و إقامته أو أذانه فقط رخصة لا عزیمة

سواء کان السامع إماماً أو منفرداً و سواء کان المسموع منه إماماً أو منفرداً منجبر و الإمام بمؤذن جماعة

ص: 113

أخری أو یؤذن إمام آخر أو بأذان منفرد و یجتزأ المأموم بأذان الإمام قطعاً أو بأذان من اجتزأ به الإمام و إن لم یسمعه و یجتزأ المنفرد بأذان الإمام أو مؤذن الجماعة أو منفرداً آخر و یختص ذلک بالصلاتی دون الإعلامی لأنه المتیقن من النص و الفتوی إذا لم ینادی به الفرض من الإعلامی و یجوز له الإعادة و تستحب بل لا یبعد عدم السقوط لمن تکلم فی الإقامة أو بعدها بل و فی الأذان أیضاً کما یظهر من روایة أبی مریم من اشتراط عدم کلام السامع إلی أن یصلی و للأمر بالإعادة لمن أقام فتکلم فللسامع بالأولویة و یستثنی من ذلک أذان المنفرد إذا أراد الجماعة و قد أذن لانفراده إماماً أو مأموماً فإنه لا یکتفی بذلک الأذان لتلک الجماعة لخبر عمار المنجبر بالشهرة محصلة و منقولة بل الظاهر الإجماع المنقول و الملازمة بین هذه الصورة الباقیة فی محل المنع و کذا الأولویة بعد ورود النص نعم یجتزئ غیره بأذانه فیکون إماماً له عند سماعه و الأخبار الدالة علی الاجتزاء و إن کانت حکایة فعل إلا أن فیها ما یشعر بالعموم کروایة أبی مریم لإخبار الإمام (علیه السلام) فیها باجتزائه بأذان جعفر من دون تفصیل و لقوله (علیه السلام) فی خبر عمر بن خالد یجزیکم أذان خادمکم و لو سمع البعض احتمل الإجزاء به و الاکتفاء بسماع البعض و احتمل عدم الاجتزاء به رأساً و احتمل الاکتفاء بما یسمع و الإتیان بما لا یسمع و هو أقرب لصحیحة ابن سنان فیمن أراد الصلاة بأذان من نقص أذانه إنه یتم ما نقص من أذانه و فی اجتزاء سامعهما بالأذان الملفق منهما و کذا اجتزاء الجماعة به وجه غیر بعید إلا أن الأقوی خلافه و کذا لو قصد و أخذ بتبعیض الأذان فذکر البعض سهواً أو عمداً فأکمله آخر ففی إلحاقه بالناسی وجه الأقوی عدمه.

رابع عشرها: تستحب حکایة الأذان المشروع لفاعله صلاتیاً أو إعلامیاً لمرید الصلاة أو لغیره

فلا تصح حکایة أذان المجنون و الکافر و من فعله عوض الأجرة علی الأظهر و لا أذان غیر المؤمن و لا من لم ینو فیه القربة و لا ما نهی عنه لذاته کأذان عصر الجمعة لو قلنا به المرأة للأجانب و أذان الجنب فی المسجد أو فی المکان المغصوب علی تأمل فی الأخیرتین کل ذلک اقتصاراً علی مورد النص و الفتوی و المتیقن منهما فی حکم المستحب و لاستحباب حکایته علی نحو ما ذکر للصحیح کان رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إذا

ص: 114

سمع المؤذن یؤذن قال: (ما یقول فی کل شی ء) و لظاهر الإجماعات المحکیة علی مشروعیة الحکایة خلافاً للدروس فجوز الحولقة بدل الحیعلة لروایة عامیة لا تصلح لمعارضة ما قدمناه و لکن لا یبعد الأخذ به تسامحاً فی أدلة السنن کاستحباب حکایة الإقامة لفتوی الفقهاء و لأن ذکر الله حسن علی کل حال و المراد فی الحکایة علی المتابعة العرضیة فلو سبقه أو تأخر عنه حتی خلص أذانه أو تشاغل بأوله حتی فرغ المؤذن لم یکن آتیاً بالمأمور به لما یظهر من إرادة المتابعة فی النص و الفتوی و لو سمع البعض دون البعض حکی ما سمع و أتم ما لم یسمع ندباً و لو سها عن حکایة البعض أو تعمد ذلک حکی الباقی و لو لم یسمع الأول حکی الأخیر و الظاهر أن له الإتیان بالأول مسرعاً فیه ثمّ حکایة الآخر و الظاهر عدم مشروعیة الإتیان بالأخیر ثمّ الإتیان بالأول و لو سمعه فی الخلاء حکاه و لو سمعه فی الصلاة حکاه ما لم یخل بنظم الصلاة و علیه أن یبدل الحیعلة بالحولقة و الأحوط ترک الشهادتین فیها للشک فی کون مجموعها ذکراً و الأحوط ترک حکایته بنیة الوظیفة فی الصلاة و ورد الاستحباب قول و أنا أشهد ان لا إله إلا الله و أن محمداً (صلّی الله علیه و آله و سلّم) رسول الله اکتفی بها عن کل من أبی و جحد و أعین بهما من أقر و شهد لمن سمع الشهادتین من المؤذن.

خامس عشرها: یستحب ترک الإعراب فی فصوله و الوقف علیها

للإجماع المحکی و الأخبار الدالة علی أن الأذان جزماً و الأذان و الإقامة مجزومات و فی آخر موقوفان و جعل بعضهم و هو بعید عن ظاهر المشهور و للأخبار و الإجماع المنقول و یستحب الثانی فی الأذان و الحدر فی الإقامة للأخبار و للإجماع المنقول و یستحب الفصل بین الأذان و الإقامة بجلسة أو رکعتین وفاقاً للمشهور و للصحیح أفرق بین الأذان و الإقامة بجلوس أو رکعتین و الأحوط أن تکون الرکعتان من رواتب الوقت لئلا یلزم التطوع فی وقت الفریضة و لما تشعر به بعض الأخبار الدالة علی الفصل بالرکعتین أو بسجدة أو خطوة کما نسب للأصحاب و دل علیه خبر فلاح السائل عن الصادق (علیه السلام): (کان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یقول لأصحابه: (من سجد بین الأذان و الإقامة فقال فی سجوده: (رب لک سجدت خاضعاً خاشعاً) غفر الله له ذنوبه)) و خبر الفقه

ص: 115

الرضوی (و أما المنفرد نحا القبلة خطوةً برجله الیمنی ثمّ یقول و ذکر الدعاء) و لا فرق بین الإمام و المنفرد فی عبائر الأصحاب یجوز الفصل بالتسبیح و التحمید للموثق الدال علی ذلک و یستحب فی أذان خصوص المغرب الفصل بخطوة أو سکتة أو تسبیحة لقصر وقته و ورد فی بعض الأخبار الجلوس مطلقاً و فی بعض أن بین کل أذانین قعدة إلا المغرب فإن بینهما نفساً و المراد بهما السکوت بقدرة و الأحوط ترک الجلوس وفاقاً لفتوی المشهور و لا یبعد التفصیل بین الخفیف منه فیجوز و غیره فلا یجوز تأدیة الوظیفة عنه جمعاً بین الأخبار و کلام الأصحاب.

سادس عشرها: القاضی لصلاته رخص له الاکتفاء بأذان واحد

لوروده المعتاد وقوفه له الذی لم یفصل فیه بجلوس أو ذهاب أو غیرهما مما یعتد به و یقیم بعد ذلک لکل صلاة للأخبار و کلام الأصحاب و لو جمع بین الأذان و الإقامة کان أفضل وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول و قوله (علیه السلام): (من فاتته فریضة فلیقضها کما فاتته) و ظاهرها شامل لما کان مکملًا و مطلوباً لأجلها و معدوداً من توابعها و لقوله (علیه السلام): (الإقامة و الأذان فی جمیع الصلوات أفضل) و للموثق عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل یعید الأذان و الإقامة قال: (نعم) خلافاً لمن منع مشروعیة الإعادة للخبر (یعیدها بأذان و إقامة فکیف یعیدها بإقامة) و هو ضعیف لا یعارض ما تقدم مع استصحاب الجواز و الاحتیاط القاضیین بعدم سقوطه فلیحمل علی الرخصة و کذا الأخبار الآمرة بالإقامة محمولة علی الرخصة أیضاً و یقوم سماع الأذان الأول و وروده فی مقام أذانه علی الأظهر و یجری الحکم للجامع بین الأدائیة و القضائیة فی ورود واحد و کذا المعادة و المعادتین فی وجه قوی.

سابع عشرها: من جمع بین صلاتین و لم یفصل بینهما بنافلة أو فصل طویل

من سکوت أو ذهاب أو تعقیب مستطیل جداً سقط عنه الأذان للثانیة وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول و الصحیح أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) جمع بین الظهر و العصر بأذان و إقامتین و جمع بین المغرب و العشاء بأذان و إقامتین و یجوز إعادة الأذان للاستصحاب و للعمومات و لأن ذکر الله حسن علی کل حال و الأفضل الترک بنیة الجمع و عدم

ص: 116

التفریق و الأحوط ترک الأذان لعصر الجمعة و لعصر عرفة لمن جمع فی عرفة و العشاء المزدلفة لمن جمع بالمزدلفة لما یفهم من الأخبار من شدة إرادة الجمع و کراهة التفریق و سقوط النوافل فیها و کون الجمع معهوداً من الأئمة (علیهم السلام) و من فعلهم و عمل أصحابهم و بهذا حصل الفرق بین الجمع فی الأداء و بین الجمع فی القضاء لعدم معهودیته عن الأئمة (علیهم السلام) و أحوط من ذلک ترکه حتی لمن فرق بالنافلة فی الثلاثة الأول المتقدمة و الأظهر إن هذا کله فی الأذان الصلاتی و أما الأذان الإعلامی فالأظهر منع، التکریر فیه فی الوقت الواحد للجامع بین الصلاتین و التارک للتفریق سواء کان لعذر کالمسافر و شبهه مما تقدم أو من دون ذلک اختیاراً لکونه إعلاماً بالوقت و قد حصل و لو جمعها فی وقت الثانیة فالظاهر إن الإعلام للأولی مع احتمال أنه لهما.

ثامن عشرها: یسقط الأذان و الإقامة رخصة من المصلی بل یکره لمکان النهی المحمول علیها

فیما ورد عن علی (علیه السلام) فی رجلین دخلا المسجد و قد صلی علی (علیه السلام) بالناس فقال: (إن شئتما أن یؤم أحدکما صاحبه) و لا یؤذن و لا یقیم إذا دخل المصلی المسجد أو غیره لإطلاق قوله (علیه السلام) عن الرجل ینتهی إلی الإمام حین یسلم قال: (لیس علیه أن یعید الأذان فلیدخل معهم فی أذانهم فإن وجدهم قد تفرقوا أعاد الأذان) و لظهور أن السقوط إنما هو لمراعاة حال الائتمام المتقدم مطلقاً و الراتب لا لحال المکان و لا لحالهما و ما ورد فی بعض الأخبار بخصوص المسجد فی السؤال أو غیره محمول علی الغالب من کون الجماعة یومئذٍ فی المساجد لا لأنه قصر للحکم علیه فلا یصلح أن یکون مقیداً للمطلقات الأخر و وجد جماعة قد حلت أو فرغت أو بعد لم تفرغ لإطلاق النصوص و أراد الصلاة جماعة أو فرادی للإطلاق فی قوله (علیه السلام) فی الموثق قلت له الرجل یدخل المسجد و قد صلی القوم یؤذن و یقیم قال: (إذا کان دخل و لم یتفرق الصفوف صلی بأذانهم و إقامتهم و إن کان تفرق الصفوف أذن و قام) و نحوه و للأولویة الناشئة من سقوطها عمن أراد الجماعة لأولویة الأذان فیها فسقوطه عن المنفرد أولی من سقوطه فیها لفتوی المشهور خلافاً لابن حمزة فخص السقوط فی الجماعة اقتصاراً علی مورد الیقین و یعضده الموثقة فی الرجل أدرک الإمام حین سلم

ص: 117

قال: (علیه أن یؤذن و یقیم) یحملها علی المنفرد و هما ضعیفان بعد إطلاق الأدلة الأول المعتضدة بفتوی المشهور فلا بد أن تحمل الموثقة علی إدراکها بعد التفرق أو علی الجواز أو علی الصلاة خلف من لا یعتد به و وجد الصفوف غیر متفرقة عرفاً بأن لا یتفرق أغلبها لتعلق الحکم علی التفرق وجوداً و عدماً فلا عبرة بتفرق الواحد و الاثنین فی الجماعة الکثیرة و لا ببقاء الواحد و الاثنین فیها و لا یبعد الاکتفاء بالسقوط و لو مع بقاء واحد لما ورد فی الخبر (صلینا الفجر فانصرف بعض و جلس بعض فی التسبیح فدخل علینا رجل المسجد فأذن فمنعناه فقال (علیه السلام): (أحسنت ادفعه عن ذلک و امنعه أشد المنع) و البعض یصدق علی الواحد سیما و إن أهل التعقیب هم الأقلون لکن الروایة ضعیفة سنداً أو متناً لتضمنها ما لا نقول به من تحریم الأذان و النهی عن أن یبدو بهم إمام و إن لم یؤذن له کما صرحت به فی آخرها فلا تصلح للمعارضة للإطلاقات و لو قام الإمام و بقی المأمومون کلهم أو أغلبهم بقی الحکم علی الأظهر و لو اقام المأمومون و بقی الإمام وحده لم یجز الحکم فی السقوط لأن الأمر دائر مدار التفرق و یلحق بالتفرق الموت و الجنون و الفراغ من التعقیب و الجلوس لأمر آخر من درس أو کتابة أو صنعة بل طول التعقیب جداً بحیث یخرج عن المعتاد هذا إذا کانت الجماعة الأولی قد أذنت و أقامت قطعاً أو أخذ بظاهر الحال مع الشک علی الأظهر لظاهر الأخبار أو یسقط عنها الأذان و الإقامة لسماع أذان لوجدان جماعة متقدمة علیها أو لغیر ذلک فلو علم عدم أذانها و إقامتها عمداً أو نسیاناً أو اضطراراً من غیر مسقط فالأظهر عدم السقوط و لو علم أنها أذنت فقط لم تسقط الإقامة و لو علم أنها أقامت فقط احتمل سقوطها و سقوطها فقط و لا یشترط تساوی الصلاتین أداء و قضاءً و لا نوعاً و لا شخصاً لإطلاق الأخبار و لا یشترط فی السقوط الإتیان للاقتداء بالجماعة الأولی فی المنفرد و الإمام و ذهب بعض الأصحاب بعضهم إلی أن السقوط هنا عزیمة لمکان النهی فی بعض الأخبار و روایة المنع المتقدمة و هو ضعیف بالاستصحاب و عموم الأخبار و فتوی مشهور الأخیار و اشتمال بعض الروایات کقوله (علیه السلام): (لیس علیه أن یعید) و الأمر فی الآخر محمول علی الأذان فالقول بالکراهة أقوی و لا یبعد إلحاق من

ص: 118

صلی جماعة فرضاً و أراد صلاة فرضاً ثانی بما تقدم فی السقوط إذا لم یحصل الفرق و لو تعددت الصلاة.

تاسع عشرها: تارک الأذان و الإقامة متعمداً حتی دخل فی الصلاة یمضی

و لا یجوز له القطع نعم لو تلبس بتکبیرة الإحرام و لم یتمها فالأظهر جواز قطعها و ذهب إلی جواز قطع الصلاة مع العمد طائفة من أصحابنا و هو ضعیف لتحریم إبطال العمل سیما الصلاة و لمفهوم أخبار جواز الإعادة للناسی ففی الصحیح (إذا افتتحت الصلاة فنسیت أن تؤذن و تقیم ثمّ ذکرت قبل أن ترکع فانصرف و أذن و أقم و استفتح الصلاة و إن کنت قد رکعت فأتم علی صلاتک) المؤید دلالة بفتوی المشهور و الاحتیاط فیما ورد فی الخبر عن رجل نسی أن یؤذن و یقیم حتی کبر و دخل فی الصلاة قال: (إن دخل المسجد و من نیته أن یؤذن و یقیم فلیمضی فی صلاته و لا ینصرف) المشعر بالإعادة مع العمد دون السهو ضعیف سنداً و دلالة لأنه بالمفهوم الضعیف و منطوقه لا نقول به و تارکهما سهواً یجوز له القطع و الإعادة وفاقاً للمشهور و الأخبار ناطقة به و منها الصحیح المتقدم خلافاً لمن منع فی صورة السهو لظاهر الخبر المتقدم و للأخبار المانعة من الإعادة و منها الصحیح رجل نسی الأذان و الإقامة حتی دخل فی الصلاة قال: (لیس علیه شی ء) و فی آخر رجل نسی الأذان و الإقامة حتی کبر قال: (یمضی علی صلاته) و الکل ضعیف لعدم مقاومته للأخبار المعتضدة بفتوی الأخیار فلتحمل علی الرخصة فی المضی جمعاً و یختص جواز القطع بما إذا لم یتلبس بالرکوع اقتصاراً علی المتیقن و للصحیح المتقدم و للإجماع المنقول علی عدم جواز القطع بعد الرکوع فما ورد فی الصحیح من جواز الرجوع للإقامة ما لم یفرغ من صلاته محمول علی ما قبل الرکوع جمعاً و احتیاطاً خلافاً لمن أجاز ذلک من أصحابنا و یلحق بناسیهما ناسی الإقامة فقط للأخبار الآمرة بذلک لنسیان الإقامة فقط و إن کان منهما ما تضمن الأمر بالإعادة مطلقاً و منها ما تضمن الأمر بها قبل القراءة کحمل الأول علی ما قبل الرکوع و الثانی علی أولیة الرجوع قبلها و لا یلحق بما تقدم ناسی الأذان فقط أو ناسی أبعاض الإقامة أو ناسی أبعاضها مع احتمال التسریة لناسی أبعاض الإقامة و یلحق بالناسی المشتبه

ص: 119

بالموضوع و لا یلحق جاهل الحکم بالأذان الصلاتی دون الإعلامی و الأحوط ترک القطع لناسیهما أو ناسی الإقامة بعد التلبس بالقراءة للصحیح الدال علی أن ناسیهما یمضی إذا قرأ و للحسن الدال علی أن ناسی الإقامة یمضی إذا قرأ أیضاً و إن کان حملها علی مراتب الأفضلیة أقرب و یستحب أن یصلی علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أو یسلم عند القطع للخبرین الدالین علی ذلک و الظاهر أنه إنما یؤتی بهما لینوی القطع بهما و لا قائل بوجوب أحدهما و کذلک صرف الأمر فیها إلی الندب و ورد فی بعض الأخبار أن

ناسی الإقامة یقول قد قامت الصلاة مرتین ثمّ یمضی فی صلاته و فی بعضها أنه یقیم من دون أمر بقطع الصلاة فیفهم منه جواز الإقامة فی أثناء الصلاة و الکل متروک مخالف للمشهور و عمومات الأدلة الناهیة عن الکلام ما لم یکن ذکراً أو دعاء فالأظهر حملها علی صورة القطع و إرادة الإعادة من الأمر بالصلاة دون البناء علیها و المضی علی ما افتتحت علیه.

القول فی النیة:

بحث: النیة فی اللغة القصد المطلق أو المقارن للمقصود

اشارة

سواء سبقه تردد یظهر من لفظ العزم أم لا و سواء صاحبه میل قلبی أو انجذاب نفسی کما یظهر من لفظ الطلب و الإرادة و المحبة أم لا و فی الشرع یراد بها قصد خاص علی وجه خاص علی سبیل الحقیقة الشرعیة أو علی سبیل الشرطیة فی المعنی اللغوی فی عبادة أو معاملة و إن کان استعمالها فی قصد الفعل المقارن لقصد القربة هو الدائر علی ألسنة الفقهاء المعروف فی کتبهم حیث جعلوها عنواناً فی کتب العبادات دون المعاملات و شبهها و هی لازمة فی العبادات الواجبة و المندوبة و المعاملات و کثیر من الأحکام سوی ما علم أن وقوعه لکونه من الأسباب الشرعیة و لو بمحض الاتفاق و قلما یوجد ذلک فی العقود و الإیقاعات لأنها روح العمل و العمل الرافع بدونها کل عمل و الإجماع بقسمیه دال علی ذلک و الأخبار المتواترة أیضاً دالة علیه و یدل علی خصوص لزوم الفعل و قصد القربة مع ذلک فی العبادات ظواهر الأوامر و التکالیف الصادرة من الشارع فإن الظاهر من حال الأمر إرادة إیقاع الفعل من المأمور بقصد فعله لا مجرد وقوعه فی الخارج اتفاقا

ص: 120

و لو من غیر قصد إلا ما أخرجه الدلیل من غسل الثیاب و دفن الموتی و تکفینهم و شبهها و کذا حکم العقل القاضی بوجوب شکر المنعم فإنه لو وقع الفعل بلا قصد إنه لم یکن شاکراً للمنعم و کذا جمیع ما ورد من الأوامر بالامتثال و الانقیاد و التسلیم و الطاعة و الإخلاص و قوله تعالی: [وَ مٰا أُمِرُوا إِلّٰا لِیَعْبُدُوا اللّٰهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ] و یدل علیه ما رتب الشارع علیه آثار المنوی و إن لم یقع مصاحباً للنیة لمکارم الأخلاق و زیارة الإخوان و التختم بالعقیق فذلک للدلیل القاضی بسببیته و مساواته للمنوی و کذا ما دل علی إجزاء منوی خاص عن منوی آخر کإجزاء آخر شعبان عن رمضان و غسل الجمعة عن الجنابة لو قلنا به و غیر ذلک مما قضی به الدلیل.

فوائد:

الأولی: لا بد فی النیة من مقارنتها للمنوی

لمکان باء المصاحبة فی قوله (علیه السلام) (إنما الأعمال بالنیات) و لأن الحال مقیدة للعامل فی قوله تعالی: [مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ] و لظهور ما جاء فی النیة فی المقارنة و لأنه مع عدم المقارنة لم یستند العمل إلیها فیکون حکمه حکم غیر المنوی فلا بد من مقارنة النیة لأول أجزاء الصلاة و أولها أول تکبیرة الإحرام أو مستمرة جمیع تکبیرة الإحرام و هو الأحوط علی القول بالإخطار لأن عقد الصلاة إنما یکون بها و یکفی فی غیرها مقارنته للأجزاء المستحبة المتقدمة کالمضمضة و الاستنشاق فی الوضوء بل یکفی ذلک فی الصلاة لو جعلنا بعض التکبیرات المستحبة المتقدمة علیها منها فالأحوط ترکه و القاعدة تقضی بوجوب استمرارها فی کل و بمصاحبتها لکل جزء لعدم أدلتها القاضیة بذلک لو لا الدلیل الدال علی کفایة حکمها فی الاستدامة بحیث لا ینقصها بما یضادها و یبطلها من سیرة و عسر و حرج و غیر ذلک کما سیأتی إن شاء الله تعالی.

الثانیة: الأظهر الاکتفاء فی النیة بالداعی للعمل الاختیاری الغیر ممکن صدوره من غیر قصد و إرادة و انبعاث نفس

فهو عبارة عن تحریک نفسانی محرک للأعضاء الجسمانیة و هذا لم یزل مصاحباً لکل عامل فی کل عمل ابتداء و استدامة عند قصد

ص: 121

العمل و صدوره منه بالاختیار نعم الداعی للعمل بالأبدان یکون هو الارتباط بالحضرة القدسیة لا أمراض الأمور الدنیویة فینبغی تجرید النفس فی العبادة لذلک و تهذیبها عن الشوائب هنالک فمتی صفت و تخلت و وقع الفعل بالاختیار لزم کونه مقصوداً قهراً و کونه لوجه الله تعالی و إن لم یکن له تصور فعلی و إخطار للمنوی و داعیة إلی ربه و إن کان ما فی قلبه من الاخطارات الفعلیة و التصورات الفکریة الآنیة أمر آخر غیر الصلاة المرادة له من أمور دنیویة أو أخرویة فیکفی حینئذٍ کما فی النیة و وجود الفعل المتصور و الداعی فی خزانة الخیال فی القوة الفکریة و إن حصل ذهول و سهو فی القوة الذاکرة بالعقل و الحافظة کذلک و هذا التصور و الانبعاث بعد حصوله فی النفس یصح جمیع ما ترتب علیه من الأفعال المشروطة به ابتداء و استدامة و حینئذٍ نقل الثمرة فی اشتراط مقارنیه للمنوی و فی اشتراط الاستدامة الحکمیة فی العمل المرکب و مع ذلک فالأحوط فی النیة الإخطار و التصور الفعلی و الترتیب الذهنی لکن لا یبعث علی الوسواس و علیه تظهر ثمرة وجوب المقارنة للمنوی و استمرار حکمها و وجوب اتصالها آخرها بأول تکبیرة الإحرام و استمرارها إلی انتهاء تکبیرة الإحرام فظهر من ذلک وجه سهولة الخطب فی النیة و خلو الأخبار عن بیانها التام کما أشار إلیه بعض الأعلام و کذا وجه صعوبتها باعتبار الدواعی من الإخلاص المأمور به و التقرب المراد فی العبادة.

الثالثة: الداعی المراد فی النیة کون الباعث علی العبادة جانب الحضرة القدسیة و الارتباط به

أما بالقرب منه قرب الشرف و الوجاهة و هذا من قبیل المجمل فی النیة و تفصیله حین التصور أما بجعله هو الغایة أو بجعله غایة الغایة کما سیجی ء و أما الأهلیة للعبادة أو للحیاء منه أو لمحبته أو لطلب رضاه أو لشکر نعمته أو لطلب عفوه أو لخوف سخطه أو لمغفرته أو لأهلیة العابد للعبودیة أو لدفع عقابه أو لجلب ثوابه أو لتعظیمه و احترامه أو لإظهار ذل العابد و تصاغره أو لإظهار هیئة المعبود و کبریائه أو لغیر ذلک بسیطاً أو مرکباً متعدداً أو منفرداً و الثواب و دفع العقاب دنیویین أو أخرویین إن جعلا غایة العمل فی النیة بحیث لینوی أن العمل مقابل هما کما یقابل الأجیر العمل الأجرة فسد العمل و إن جعلا داعی الداعی و غایة الغایة کأن یکون

ص: 122

الباعث علی القرب الطمع الدنیوی و الأخروی صح العمل و الأولی ترکه و علیه تنزل أکثر عبادات العبید و تنزیل عباداتهم علی الوجه الأول و تصحیحها للسیرة و العسر و الحرج بعیداً و لا داعی له و إن جعلا سببین مستقلین بحیث یصح استناد العمل لکل منهما منفرداً صح و الأحوط ترکه و إن جعلا مسبباً واحداً بحیث کان کلًا منهما جزء سبب فالأقوی البطلان و کذا إن جعل الداعی هو الأمر الدنیوی أو الأخروی و القرب ضمیمة و أما لو عکس فالأقوی الصحة و لکن الأحوط عدم ضمیمة الأمور الدنیویة غیر المنصوصة کصلاة الاستسقاء و الحاجة و شبههما إلی نیة القربة و عدم جعلها غایة الغایة هذا کلام فیما عدا الریاء و أما ما دخل فی عنوانه فلا یجوز ضمیمته و لا قصده أصالة و لا تبعاً و لو جعله غایة الغایة لأنه من الإشراک المنهی عنه کتاباً و سنةً و إجماعاً و یفسد العمل به لمکان النهی خلافاً لبعض أصحابنا حیث صحح العبادة المشتملة علیها و جعلها مجزیة مسقطة للقضاء و العقاب إن لم تکن مقبولة یثاب علیها و هو بعید عما یفهم من الأخبار و من کلام الأخیار و من القواعد المحکمة و الأصول المحکمة.

الرابعة: الأصل فی کل مأمور به دخول النیة فیه إلا ما خرج بالدلیل

لعمومات أدلة النیة و ظواهر الأوامر و سیما لو کان المأمور به عبادة مجملة فإن الأصل فیما شک فی دخوله فیها أو خروجه عنها هو الدخول علی وجه الشرطیة أو الجزئیة لرجوع الشک فی تحقق الماهیة بدون الإتیان بالمشکوک به و هل دخولها فی العبادة علی وجه الجزئیة أو علی وجه الشرطیة وجهان أظهرهما الثانی لخروج النیات عن اسم الأعمال عرفاً و لغة و من البعید دخولها فی العبادة الشرعیة المجملة فقط دون سائر الأسماء لمسمیاتها لأن الوضع الشرعی علی نحو الوضع اللغوی و إن عاد اشتراطها نفسه إلی الجزئیة لأن العبادات المجملة بناء علی المذهب الصحیح من وضعها للصحیح یدخل الاشتراط فی مانعیتها و إن خرج الشرط نفسه و تظهر الثمرة فی اشتراطها بشرائط العمل کما لو کان صلاة فإنه یشترط فیها سیما علی القول بأنها عبارة عن الاخطاء و التصویر الفعلی شرائط الصلاة من الطهارة و ساتر و استقبال و قیام سوی النیة نفسها لأنها لو شرطت لنفسها لزم التسلسل و یجب دفع الموانع عندها أیضاً من ضحک و کلام و أکل

ص: 123

و شرب و تترتب أیضاً ثمرات أخری من توزیع الأجرة علیها إذا لم یتمکن المستأجر من إتمام العمل و من اشتراطها فی الوقت المشروط أو المستلزم بنذر و شبهه و من احتسابها للنائب أو المنوب عنه و من حرمة قطع العمل عند التلبس بها و من أصالة الخطاب بها و تبعیته و من البراءة لمن علق البینة علی الدخول فی الأعمال إلی غیر ذلک و الأظهر لزوم القیام فیها لظاهر الاتفاق و التأسی و السیرة بل لا یبعد إجراء جمیع الشرائط و الموانع علیها استناداً لذلک سیما الاستقبال و الطهارة و ما یقال من أن النیة من المجملات فما شک فی شرطیته فیها و شرط فی مانعیته فیها مانع لا وجه له إذ هی من الأمور المبنیة المعلومة سواء قلنا ببقائها علی المعنی اللغوی أو قلنا بنقلها للمعنی الشرعی إذ لیس کل معنی شرعی مجمل.

الخامسة: المدار فی النیة علی قصد الفعل و قصد داعیته

و لا یتحقق القصد الأول المأمور به کتاباً و سنةً إلا بتعیین الفعل و تمییزه عرفاً بحیث یعرف و یتشخص عن غیره بالفعل عند الناوی فلو نوی المبهم أو المردد بین أمرین سواء کانا ماهیتین أو فردین بطل العمل إذ لا وجود للمبهم فی الخارج و کذا لو نوی أمراً و وضعه بوصف لو سئل عنه لم یمیزه بالفعل و لا یقال أنه شخصه و عرفه کما إذا صلی کصلاة زید أو حج کحج عمر أو تصدق کتصدق فلان أو خمسه أو صام یوماً کصوم فلان هذا إذا تعدد ما علیه و تکثر و إن اتحد ما علیه و احتمله فی أمور متعددة کأن فاتته رباعیة من یوم محتمل لجمیع الفرائض الرباعیة أو محتملة للأصالة و التحمل احتمل قویاً الاجتزاء فی تعیینها بأن ینوی ما علیه و ما أراد الشارع منه أو ما خاطب به و الأحوط التعیین و إن لم یتمکن من تعیینها و دار الأمر بین تکریر ما علیه و بین تعیینه بذلک النحو فالأقوی الاجتزاء بتلک النیة و عدم وجوب التکریر لأن تقدیم التعیین الغیر مجزوماً بأنواعه فی کل فرد مرجوح بالنسبة إلی التعیین الأول و یقوم مقام نیة ما علیه ما شابهها من الأمور المعینة للعمل عرفاً و لو کان المطلق عملًا واحداً متحدة أفراده لم یحتج إلی التعیین کإفراد نافلة اللیل و الزوال و شبهها و لو کان المطلق عملًا فردان قوی القول بعدم وجوب تعین الفرد إلی أن یتشخص بمشخصاته کالقصر و الإتمام فی مواضع التخییر و سورة خاصة

ص: 124

من بین السور و بعد تعین الفعل و تشخیصه فلا قصور إلی جمیع صفاته منوعة أو غیر منوعة کصفة الوجوب و الندب و الأداء و القضاء و النیابة و التحمل و القصر و الإتمام نعم لو توقف حصول التعیین علیها لتعین الفردین منها بذمة المکلف و لم تکن هناک صفة أخری یمتاز بها أحد الفردین عن الآخر لزمت نیتها لتشخیص الفعل المنوی و دعوی لزوم نیة هذه الأوصاف لدفع الاشتراک الجعلی من المکلف بحسب نیته و قصده لإمکان أن ینوی الصلاة المندوبة فی مقام وجوبها و الأدائیة فی مقام قضائها و بالعکس تشریعاً منه و دعوی لا وجه لها لأن قصد الامتثال بالفعل المعین صارف عن إرادة الخلاف اللازم منه حصول التشریع بل لو نوی الخلاف بعد نیة الامتثال بالعمل المطلوب وقعت نیة الخلاف لا عینه لغلبة نیة الامتثال علیها و إن عادت کل واحدة علی الأخری بالنقض سواء وقعت نیة الخلاف عمداً علی وجه التشریع فی النیة أو سهواً أو اشتباهاً کمن نوی تأدیة الظهر المخاطب بها لکنه تخیل خروج الوقت فنواها قضاء أو تخیل أنه مسافر فنواها قصراً و تخیل ندباً لله تعالی فنواها ندباً و یصح عمله فی جمیع هذه الصور کمن صلی فی المسجد ناویاً أنه فی البیت أو بالعکس لحصول الامتثال بنیة المعین المطلوب منه أو المخاطب به و إلغاء نیة هذه الأوصاف لعدم کونها ممنوعة للمنوی بعد حصول النیة نعم لو لم تقع منه النیة الأولی بحیث لم یقصد أداء محتمل الوجود و عدمه بحیث لم تسکن النفس بوجوده أو نوی عدم إتمام الفعل أو تردد فی إتمامه ابتداء أو عزم علی فعل قاطعه أو عمله بطل العمل فی جمیع ذلک إلا ما قام الدلیل علی التعبدیة صورةً فإن وقع انکشف وقوعه صحیحاً و إلا انکشف فساده.

السادسة: یجب استمرار حکم النیة علی القول بأنها الإخطار الفعلی

بمعنی أن لا ینتقل إلی نیة یخالفها و تنقص النیة الأولی للعمل المنوی أجزاء ضمناً فی ضمن نیة الکل و إن لم یکن متذکراً لها متفطناً لها فی أثناء العمل لکفایة القصد الأول فی القصد إلی الفعل تفضلًا و التقرب إلیه بأجزائه الصادرة تدریجاً لطفاً منه و کرماً و لاستغناء الباقی عن المؤثر مع الغفلة و عدم الشعور و یجب استمرارها نفسها علی القول بالاکتفاء بالداعی للفعل و المحرک له و الباعث علیه کما یظهر ممن اشترط استدامتها بمعنی بقائها

ص: 125

متذکر و السهو و النسیان فیجوز صدور الفعل الاختیاری حینئذ من المکلف بالنسبة إلی أجزاء العمل و إن کان غافلًا عن العمل نفسه و علی أی تقدیر فنیة القطع و الإعراض عن العمل عمداً من القواطع للنیة نفسها و لحکمها و کذا الصارف إلی داع من أمر دنیوی أو ریاء و شبهها من القواطع أیضاً فی جمیع العمل الباقی أو بعضه لکن نیة القطع قطع للنیة الأولی بها و إن استمرت و استمر القطع فسد العمل إن کان مما یفسده القطع قطعاً و إن لم تستمر و إن عاد إلی النیة الأولی فهل تبطل العمل مطلقاً أو تبطله فی الموصول الذی فی جمیع أکوانه المستمرة داخلة فیه کالصلاة علی الأظهر دون المرکب المفصول الذی لم یدخل الکون المسمی فی أجزائه أو تبطله فیما إذا صادفت جزءاً و لا تبطله إذا لم تصادف إیقاع جزء أو تبطله فیما إذا صادفت جزءاً لا یعاد و لا تبطله فیما إذا صادفت جزءاً یعاد أو تبطله فیما إذا کانت الزیادة مخلة فیه إذا عید أو لا تبطله فیما إذا لم تکن مخلة أو تبطله فیما إذا کانت بنیة القطع فی الحال و لا تبطله إذا کان القطع منویّاً فی المال أو تبطله فیما إذا لم نجز القطع شرعاً و لا تبطله إذا ساغ القطع أو بالعکس علی وجه أو تبطله فیما إذا لم یتخیل حصول القطع و البطلان توهماً أو اشتباهاً و لا تبطله فیما إذا تخیل ذلک فانکشف فساده أو تبطله فیما إذا نوی معلقاً لحصول القطع بالقاطع و لا تبطله فیما إذا نوی القاطع فیحصل منه نیة القطع ضمناً أو تبطله فیما إذا نوی معلقاً حصوله علی أمر ممکن فحصل و لا تبطله فیما إذا لم یحصل أو تبطله فی الابتداء مطلقاً دون الاستدامة لانحلاله إلی نیة بعض العمل و هی مفسدة فی الابتداء وجوه أقواها البطلان به فی الموصول ابتداء أو استدامة إلا فیما نص علیه کالصوم ونیة السفر و یلحق به جمیع المضیقات إذا سوغ الشارع قواطعها فإنه یجوز نیتها ونیة قاطعها علی الأظهر سیما لو تخلل جزء من أجزائها مصاحبة لنیة القطع و سیما لو کان الجزء مما تفسد زیادته عمداً کأن یکون غیر قرآن و غیر دعاء أو غیر فعل من الأفعال الجزئیة التی تدخل فی النعل دون الفعل الکثیر و سیما لو استمرت نیة القطع إلی تمام العمل و الذی یفهم من الأخبار فی بیان الموانع و الشرائط إن الصلاة عمل موصول کالصوم فنیة القطع تفسدها مطلقاً ابتداء و استدامة و یحتمل قویاً عدم إفسادها إذا لم یصاحبها

ص: 126

جزء من أجزاء الصلاة أو صاحبها و لکنه أعید و لم یحصل بزیادته إخلال لخلو الأخبار و کلمات عن عدّ نیة القطع و القاطع من القواعد لکن الأقوی الأول لقوة احتمال اکتفائهم بسبب مانعیتها بما جاء فی النیة و ما ذکروه فیها و أما التردد فی القطع و عدمه فالظاهر أنه غیر قاطع سواء صاحبه جزء من العمل أم لا موصولًا کان أو مفصولًا بقی التردد إلی التمام أم لا و الأحوط أن لا یردد و أنا تردد فالأحوط الإعادة و کذا التردد فی العدول من نوع إلی آخر یصح قیامه أو من صنف إلی آخر أو من وصف إلی آخر فإنه یبنی فی کل ذلک علی الصحة و بقاء ما نواه و الأحوط التعین و أما غیبوبة العمل و الداعی عن العسرة المنکرة رأساً بحیث أن الأعمال الواقعة منه تکون لمحض الاتفاق الأظهر أنه غیر قاطع للصلاة و لو عند مصاحبته لجزء من أجزاء العمل لما یرشد إلیه أخبار من تکلم فی الصلاة ناسیاً نعم یعاد الجزء الصادر لمحض الاتفاق من دون داع و أما نیة القاطع متذکر القطعیة فالظاهر أن حکمه کحکم نیة القطع و مع السهو و عدم التذکر فلا بأس و ترشد إلیه الأخبار أیضاً.

السابعة: لا یجوز العدول فی النیة من نوع إلی نوع آخر

أو صنف إلی صنف آخر أو وصف إلی وصف آخر فی غیر ما دل الدلیل علیه لأن الأصل عدم إجزاء المنقول إلیه عن المنقول عنه إذا کان علیه نوعان متغایران و لو کان علیه نوع واحد و قصد ما أمر به وقعت نیة العدول لغواً و بقیت الصلاة علی ما افتتحت به عمداً کان أو سهواً و قد یظهر من الأخبار صحة فریضة معینة فاشتبه فی الأثناء فزعمها فتواهم أو بنافلة فبنی علیها أو بغیر ذلک هل تصح و تقع علی ما نواه أو لا و کذا من نوی عصراً فتخیل فی الأثناء عدم فعل الظهر فعدل إلیها فذکر فعلها فإنه یعود إلی العصر و لا شی ء علیه من الظهر.

الثامنة: لو وقع الشک فی النیة بعد الدخول فی العمل

مضی و لا شی ء علیه و لو شک فیما نواه علی وجه الإطلاق و أتی بما لم ینوه ناویاً ما لم ینوه بعد أن تلبس بالصلاة فإن ذکر ما قام إلیه بنی علیه استصحاباً بالبقاء تذکره إلی حین التلبس و إن لم یذکر ما قام إلیه أتمه علی ما نواه علی وجه الإطلاق و أتی بما لم ینوه ناویاً ما لم ینوه إن

ص: 127

اتحد کیفاً و کماً و تکفی هذه النیة أو ینوی أربعاً فی ذمته إن اختلفا کیفاً علی الأظهر فیها و إن اختلفا کماً وجب التکریر لتحصیل المأمور به و یقوی انه لو وقع الشک بین الأولی و الثانیة المترتبین کان من قبیل الشک بعد تجاوز المحل فیبنی علی أنها الأولی.

التاسعة: یجب تعین النوافل ذوات الأسباب و المعینة بعینها أو مسببها الخاص

من استسقاء أو عیدین أو راتبة معینة کنافلة الظهر و العصر و غیرهما و لا یجب التعیین فی النوافل المطلقة و لا النوافل المتحدة فی السببیة کآحاد نوافل الزوال و اللیل و غیرها.

العاشرة: و نوی الأوصاف الخارجة عن الذاتیات فظهر خلافها لم یفسد العمل

کالإمامیة و المأمومیة و کونها فی مکان شریف أو زمان کذلک أو فی زمان له خصوصیة أو مکان کذلک.

الاحدی عشر: لو کان المأمور به کلیاً ذا أفراد

فإن کانت أفراده ما بین الأقل و الأکثر لم یجب تعیین الفرد فیه و إن کان مختلف الفرد کالقصر و التمام فی موضع التخیر و سورة الجحد بعد الحمد و غیرها قوی عدم وجوب التعیین و الأحوط التعیین.

فائدة: لو نوی بجزء من أجزاء الصلاة غیر الصلاة من الأمور المباحة

التی لیست کالریاء و العجب بناء علی إفسادهما احتمل بطلان الصلاة مطلقاً کما یظهر من جماعة لانحلال هذه النیة إلی نیة الخروج و احتمل صحتها إن کان فعلًا قلیلًا لا تفسد زیادته عمداً کتطویل جلوس أو سجود أو کان قولًا کذلک لکونه قرآناً أو دعاء لکن تجب إعادته حینئذٍ لو کان واجباً و فسادها إن کان مما تفسد الصلاة بتکراره أو فعلًا کثیراً و لا یبعد الصحة فی الفعل القلیل المندوب إذ الواجب الذی لا تفسد زیادته إذا أعاده قولًا أو فعلًا عمداً أو سهواً تمحضت نیة غیر الصلاة له إذا انضمت إلیه بحیث کان کل متهماً سبباً مستقلًا أو مجموعهما سبباً واحداً و لو کان القصد الأصلی للصلاة و التبقی غیرها فلا یبعد الصحة ابتداء و عدم وجوب الإعادة و الأقوی أن الریاء المتأخر لا یفسد العمل و کذا العجب مطلقاً إلا أن الأخبار یظهر منها فساده مطلقاً و المشهور علی خلاف ذلک

ص: 128

و الاحتیاط لا یخفی و الریاء ببعض اجزاء العمل المفصول لا یفسده و یجب إعادة الجزء و الاحوط إعادة الکل.

القول فی تکبیرة الإحرام

اشارة

تکبیرة الإحرام بها یتحقق تحریم ما کان محللًا فیها لقوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (تحریمها التکبیر) و وجوبها إجماعی نقلًا و تحصیلًا و الکتاب دال علیه و النصوص مستفیضة به و رکنیتها فی العمد و السهو بمعنی بطلان الصلاة بترکها إجماعی أیضاً و النصوص دلت علی بطلانها بترکها نسیاناً فمع العمد بالطریق الأولی و الأصل أیضاً قاض بذلک لمکان الشک فی العبادة المجملة و ما شک فی رکنیته رکن لرجوعه إلی الشک تحقق الماهیة و أصالة عدم الخروج عن العهدة و ما ورد فی بعض الأخبار من عدم البأس بترکها نسیاناً مطلقاً کما فی بعض و إذا کبر للرکوع فیجتزئ به کما فی آخر و إن ذکرها قبل الرکوع أتی بها و إلا فلیمض کما فی ثالث و إن ذکرها قبل الرکوع بعد الصلاة قضاء و لا شی ء علیه کما فی رابع شاذ مطرح أو مؤول لا یعتد به و أما بطلان الصلاة بزیادته عمداً أو سهواً فالأصل و الاحتیاط الناشئان من الشغل الیقینی یقضیانه لأنه من الشک فی المانعیة و کذا ظاهر بعض الإجماعات المنقولة و هل تفسد الصلاة بالابتداء بها أو عند انتهائها کاشف وجوه أقواها الأخیر و الذی یظهر لی فی المقام أن التکبیر الزائد إذا قصد به الإحرام أما أن یکون عمداً أو سهواً و علی کلا التقدیرین فإما أن یقصد به تکبیرة هذه الصلاة أو غیرها و علی کلا التقادیر فإما أن ینوی القطع قبل فعلها أو القاطع و لو کانت هی بنفسها أو لا ینوی بل تقع مصاحبة لنیتها من دون نیة أخری فإن نوی القطع أو القاطع قبلها بطلت الصلاة بها و صح تکبیره فإن نواه لتلک الصلاة مبتدأ بالتکبیرة لها کانت لما نواه و إن نوی غیرها کانت أیضاً علی ما نوی هذا فی صورة العمد و أما فی صورة السهو فالأظهر أنه لو نواه لها فسدت صلاته لزیادة الرکن و لا تصح المتحدة للشک فی صحتها باعتبار وقوعها فی غیره موقعها و یحتمل صحة الثانیة فتفسد غیرها و تصح نفسها و لو نواه لصلاة غیرها فالأظهر صحة الأولی من فساد التکبیر و ما بعده للشک فی رکنیته ما بعده هو منوی لغیره إن لم ینوِ القطع أو القاطع

ص: 129

فکبر فإن کان عمداً و نواه لتلک الصلاة فالأظهر فساد الأولی و لا یمکن انعقاد الثانیة و إن کان سهواً فإن کان نواه لتلک الصلاة فسدت صلاته لزیادة الرکن و لا تنعقد الثانیة لوقوعها فی غیر محلها و إن نواه لغیرها صحت صلاته و وقعت الزیادة لغواً و الاحتیاط لا یخفی فی کثیر منها.

بحث: التکبیر

التکبیر جزء من الصلاة فیشترط فیه شرائطها حتی القیام بل القیام رکن فیه و کذا الاطمئنان و الاستقرار فمن کبر قاعداً أو کان فرضه القیام أو بالعکس أو ماشیا أو غیر مستقر لم تنعقد صلاته لقاعدة الشک و للتأسی و للاحتیاط و لظاهر منقول الإجماع و لروایة (لا صلاة لمن لا یقیم صلبه) و لمفهوم الصحیح فیمن کبر و هو مقیم صلبه فقد أدرک الرکعة و للموثق فیمن افتتح و هو قائم و کان فرضه القعود قال: (یقعد و یفتتح الصلاة و هو قائم) و جوز الشیخ (رحمه الله) الإتیان ببعض التکبیر منحنیاً مطلقاً أو فی بعض الموارد و هو ضعیف.

بحث: یجب فی تکبیرة الإحرام الصیغة المعلومة بالترتیب المعلوم و الموالاة المعلومة العرفیة

فیجب نفس لفظ الجلالة دون باقی الأسماء الحسنی و یجب أن یکون مقطوع الهمزة للتأسی و لو وصل کلام أو دعاء متقدم وجب الوقف لأنه إن حذف الهمزة خالف المعهود و إن أبقاها خالف العربیة و إنه أمر لا بد أما هذا أو ذاک فحذفها فی الأصل أقرب و إن لم یکن لا بد منه و فعل أحدهما فلا بد من الإعادة و یجب عدم مد الألف الأولی فوق المتعارف خلافاً للبعض فأجازه و کذا عدم اللحن العربی و الأحوط عدم توقیف اللام و یجب نفس أکبر دون ما یوری معناها علی وزن أفعل و یجب عدم مد ألفها و عدم إشباع الباء بحیث یتولد منه ألف خلافاً لبعض و عدم تحریک الراء ملحوناً أو غیر ملحون علی الأظهر و فیه قوة خلافاً لجملة و عدم إضافة أکبر لاسم آخر و عدم تعریفها خلافاً لشاذ و عدم تحریک المدغم منها کل ذلک للتأسی و قاعدة الشک

ص: 130

و إطلاق الأخبار فیه لا یحکم علی ذلک لضعف الإطلاق بعدم عمل المشهور به سیما الملحون إعراباً و بنیة.

بحث: یجب التعلم علی من لا یحسنها

و لو بأجرة لا تضر بالحال و إن حرم أخذها غالباً و یجب السفر للتعلم کذلک فإن لم یکن التعلم و لو مع السعة أو ضاق الوقت اختیاراً أو اضطراراً صح ما أتی به من الملحون إعراباً خلافاً لمن أفسدها لو کان التأخیر باختیاره فإن لم یمکنه الملحون إعراباً انتقل إلی الملحون فی لغته الخاصة به علی الأظهر فإن لم یمکن قدم الفارسیة لورودها فی الأکثر أو العبرانیة أو السریانیة لنزول الکتب فیها و الظاهر التساوی و التجوز یحتمل تقدیم الفارسی و العبرانی و السریانی علی لغته الخاصة به إن کانت من غیر هذه و الألثغ و الألتغ یأتی بما أمکنه من لسانه و الأخرس لعارض له الخرس بعد سماعه لها یعقد قلبه بنیتها و یتصور ألفاظها و یلوک لسانه بها و شفته و لهواته و یشیر بیدیه معها فإن لم یمکن له کل ذلک أتی بما تیسر و لا یجب علیه تصور معانی الألفاظ علی الأظهر و إن لم یسمعها کانت تکبیره بالإشارة مع إفهامه ذلک بالقرائن و یضم إلیها تحریک الشفة و اللسان إذا فهم ذلک و بالجملة فالواجب بعد شغل الذمة الخروج من العهدة قطعاً بکل ما تیسر و لا یسقط المیسور بالمعسور.

بحث: یجب نیة الافتتاح و الإیجاب أو الإحرام بها تمییز بینها و بین تکبیرة الرکوع و غیرها

و قد یقال لا یجب ذلک لأن نیة الصلاة تصرف أجزاؤها لمحلها قهراً ما لم ینو فیها الخلاف فمن نوی الصلاة و کبر انصرف إلی الصحیح و هو تکبیرة للافتتاح التی محلها ابتداء الصلاة و الأقوی الأول و لو نوی تکبیرة الإحرام و الرکوع معاً فالأظهر عدم الجواز لأصالة عدم تداخل الأسباب و یقوی الجواز لو کانت تکبیرة الرکوع ضمیمة تابعة و علیه تنزل روایة ابن شریح الدالة علی إجزاء تکبیرة واحدة عنهما عند خوف فوت الإمام و کذا الإجماع المنقول و لکن الأحوط ترک ذلک و حمل الروایة علی الأجزاء المسقط للندب عندها و الأجزاء فی الثواب أو الکفایة عن سقوط المندوب فی معارضة الواجب و أما التمییز بینها و بین التکبیرات الست المستحبة للافتتاح فلا بد منه

ص: 131

أما بنیة الفرضیة و أما بنیة الإحرامیة لتردد الفعل بین نوعین واجب و مندوب فلا بد من التعیین و یتخیر فی وضعها حیث شاء علی الأظهر وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول و لا یتعین الأول و لا الأخیر و إن ظهر من الأخبار أنها الأولی فهو محمول علی کونه أفضل و الظاهر أفضلیة تقدیمها و لا یعارضه قرب الآخرة و بعدها عن احتمال عروض المبطل للأخبار المحمولة علی الاستحباب جمعاً بینها و بین کلام الأصحاب و قد یقال بجواز إیقاع السبع ناویاً بأحدها الإحرامیة فتصح و تنصرف إلی الأولی منها قهراً مطلقاً و إذا لم یأت بما بعدها قضاء لحق نیة الصلاة جملة و إن أتی بما بعدها کان الافتتاح فیها مردد أو علمه عند الله تعالی و له أن ینوی بمجموع السبعة أو بثلاثة منها أو بخمس منها الافتتاح فیکون مجموع ما نوی به واجباً و یمکن استفادة ذلک من الأخبار و لکنه ضعیف لمنافاته لأدلة النیة و الاحتیاط فی الأول و کلام الأصحاب بل إجماعهم و کثیر من الأخبار الباب فی الثانی لأن المفهوم من جمیعها هو أن التکبیرة الإحرامیة واحدة و ما یقال من أن أجزاء تنصرف لمحالها قهراً بعد نیة الجملة فهو مسلم بعد انعقاد الصلاة بتکبیرة الإحرام و الأحوط جعل تکبیرة الإحرام أخیراً تغضیاً عن شبهة فتوی جماعة بتعیین ذلک و تصریح الفقه الرضوی به و لکن الأفضل جعلها الأولی کما تقدم و جمیع التکبیرات حکمها حکم تکبیرة الإحرام لکن یکره بعدها و ینبغی القطع فی أولها و الجزم فی آخرها و إن اقترنت بأدعیة مأثورة للاحتیاط و لما ورد من أن التکبیر الإحرام.

فائدة: استحباب رفع الیدین بالتکبیر

یستحب رفع الیدین بالتکبیر و لا یجب خلافاً للمرتضی لصحیحة علی بن جعفر الدالة علی عدم وجوب الرفع علی غیر الإمام و لا قائل بالفصل و للإجماعات المنقولة المجبورة بالشهرة المحصلة و لأنه لو کان من الواجبات لما کان القول به من المنفردات فیصرف جمیع ما استند إلیه المرتضی (رحمه الله) من الکتاب و السنة المفسرة لقوله تعالی: [فَصَلِّ لِرَبِّکَ وَ انْحَرْ] و الآمرة بالرفع إلی الاستحباب کما هو الغالب فی مثل أخبار هذه الأبواب و إجماعه المنقول علی الوجوب یوهن بفتوی الأصحاب بخلافه

ص: 132

و الأحوط الرفع فی تکبیرة الإحرام بل فی کل التکبیرات و إن کانت مستحبة تغضیاً عن شبهة فتوی المرتضی و مستنده علی القول بالوجوب فهو شرعی مقارن لا شرطی و لا بأس باجتماعه مع الحکم باستحباب التکبیرات لأنه یکون من قبیل الواجب المشروط بحصول آخر و لا بأس به و حد الرفع فی الأخبار مختلف لکنه متقارب ففی بعضها رأیت أبا عبد الله (علیه السلام) (رفع یدیه حذاء وجهه) و فی آخر مثله و فی آخر (ترفع یدیک فی افتتاح الصلاة قبالة وجهک) و فی صحیح معاویة بن عمار (رفع یدیه حتی تکاد تبلغ أذنیه) و فی صحیحته الثانیة (أسفل وجهه قلیلًا) و فی صحیحة زرارة (و لا تجاوز بکفیک أذنیک أو حیال وجهک) و فی صحیحة ابن سنان (حذاء وجهک) و کل هذا لا بأس به لأن المفهوم منها استحباب الرفع ما بین الأذنین إلی الأسفل من الوجه قلیلًا فیکره ما فوقه بل یکون محرماً بنیة الوظیفة و کذا ما سفل عن الوجه کثیراً و یحتمل قویاً استحباب الرفع مطلقاً و إن کان مجاوزة الأذنین من مکروه العبادة و ما سفل عن الوجه من

ضعیف الثواب لعدم وجوب حمل المطلق علی المقید فی الأوامر الندبیة لکن الأحوط الاقتصار علی ما تقدم و المقطوع باستحبابه فی کلامهم أن یبتدئ بالتکبیر بابتداء الرفع و ینتهی بانتهائه ثمّ یرسلها بعد ذلک و نقل علیه الإجماع و هو المفهوم

من الأمر بالرفع بالتکبیر و ما دل من الأخبار علی خلافه مؤول إلیه و قیل یبتدئ بالتکبیر عند انتهاء الرفع و تشعر به بعض الأخبار و یمکن الأخذ بجمیعها علی أن الکل مستحب و أن المراد مقارنة رفع الیدین للتکبیر عرفاً و هی أعم من المقارنة الحقیقیة و التأخیر فی الجملة و لکن الأقوی و الأحوط ما ذکرناه و یحتمل قویاً الاجتزاء بمسمی الرفع تعارفاً لجزء من أجزاء التکبیر أولًا أو آخراً أو وسطاً و الاجتزاء جزء التکبیر مقارناً لإطلاق ما دل علی الأمر بمصاحبة الرفع للتکبیر.

ص: 133

القول فی القیام:

بحث: یجب القیام کتاباً و سنةً و إجماعاً محصلًا و منقولًا

و الأصل فی الخبر الواجب الرکنیة لقاعدة الشک فی العبادة و لقوله (علیه السلام): (من لم یقم صلبه فلا صلاة له) و للإجماع المنقول علی الرکنیة إلا ما خرج بالدلیل من عدم إفساد زیادته و نقصه و إنه تابع لما وقع فیه فرکن فی الرکن و واجب فی الواجب و مندوب فی المندوب و الأظهر إن کلی القیام رکن فی کل رکعة و استمراره و الاستدامة علیه یختلف وضعه باختلاف وصف ما قارنه من وجوب و استحباب و لا منافاة بین رکنیة أفراده و استحبابها لکن لا بمعنی استحبابها الأصلی لامتناع اجتماع حکمین فی موضوع واحد بل بمعنی أنه مستحب یتأدی به الواجب و یسقط الواجب عنده کسقوط القیام الذی عنه ترکع بالقیام المصاحب للقنوت و لا ثمرة یعتد بها بعد الاتفاق علی نقصانه مقارناً للتکبیر أو زیادته معه أو نقصانه قبل الرکوع کأن وقع عن جلوس أو زیادته معه مفسدان و إن استند الفساد فی صورة الزیادة للرکنین معاً و أما فی غیر ذلک زیادته سهل لا تخل حتی القیام الذی بین الرکوع و السجود.

بحث: یجب القیام فی الفریضة الأصلیة دون النافلة

فیجوز فیها الجلوس و له أن یحتسب کل رکعة برکعة قائماً و له أن یحتسب کل رکعتین برکعة و یجوز فیها الرکوب و المشی سفراً و حضراً کل ذلک للأخبار و فتوی الأصحاب و الأحوط ترک الاضطجاع و الاستلقاء فیها و أجازه جماعة و فیه قوة و کذا الأحوط التلفیق بین القیام و الجلوس و المشی فی رکعاتها و یقوی الاحتیاط فی الرکعة الواحدة و أما الفریضة العارضة بنذر و شبهه لو نذرت مطلقاً فی الابتداء أو فی الأثناء إذا أمکن أو وجبت بعارض آخر کذلک فالأقوی وجوب القیام فیها لانقلابها فریضة و المفهوم من الأخبار أن التسامح إنما ینشأ من حیثیة النقل فلو صارت دخلت عمومات الأدلة الموجبة للقیام و شک فی دخولها تحت عمومات النافلة و إطلاقاتها مضافاً لقاعدة وجوب البراءة الیقینیة فی مقام شغل الذمة و فی روایة علی بن جعفر فی رجل جعل لله علیه أن یصلی کذا و کذا هل یجزیه أن یفعل ذلک علی دابته و هو مسافر قال: (نعم) غیر صریح فی الجواز اختیاراً

ص: 134

و لاحتمال الضرورة و ضیق وقت النذر عن النزول و لاحتمال إرادة الوعد لا النذر بصیغته و لاحتمال خصوصیة السفر و الرکوب و لو نذر النافلة جالساً أو ماشیاً احتمل عدم انعقاد نذره لمرجوحیة و احتمل انعقاده علی نحو ما نذر لراجحیة الموصوف و إن لم یلاحظ الوصف و احتمل انعقاده و إلغاء الوصف فیجب فیها القیام حینئذٍ وجوه أقواها الأول و لو نذر المشی و الجلوس فی النوافل لم ینعقد نذره و جاز له أن یصلی قائماً و غیر قائم.

بحث: یجب فی القیام الانتصاب عرفاً ینصب فقار الظهر

للإجماع المنقول و الأخبار و منها (من لم یقم صلبه فلا صلاة له) و المراد به خرز الظهر المتضامة للنخاع فمن انحنی أو مال أحد الشقین أو استلقی لم یکن منتصباً و بطلت صلاته عمداً و فی السهو علی الأظهر و الظاهر أن الاعتدال بإقامة النحو أفضل من تنکیسه کما أفتی بعضهم لقوله (علیه السلام): (الاعتدال فی القیام أن یقیم صلبه و نحره) و یجب فی الوقوف علی الرجلین معاً و لو علی جزء من کل منهما وفاقاً للمشهور و اتباعاً للتأسی بناء علی أن التأسی یخصص مطلقات أدلة القیام لأنه أخص منها لقوله (علیه السلام): (صلوا کما رأیتمونی أصلی) و الظاهر أن رفعهما من الأرض معاً سهواً لا یضر و الأحوط الإعادة علیهما فی الطفرة و شبهها و أما دفع أحدیهما سهواً فالأظهر أنه غیر مبطل و أما الاعتماد علیهما معاً فالظاهر انه غیر واجب لما ورد أن علی بن الحسین (علیه السلام) کان یتوکأ علی رجله الیمنی مرة و علی الیسری مرة و لإطلاقات روایات القیام و لم یثبت تأسی یخصصه نعم لا یبعد وجوب الاعتماد علی أحدیهما تحقیقاً للاستقرار الواجب و محافظة علی الاحتیاط و لا یجوز تفریج الرجلین بحیث یخرج عن مسمی القیام و کذا إخراج الرکبتین و یجب فیه الاستقلال بمعنی عدم الاستناد علی شی ء لولاه لسقط و إن کان أحد السببین التامین فیه فلا یبعد الصحة و یدل علی وجوب الاستقلال التأسی و الاحتیاط و تبادره من الأمر بالقیام أما علی وجه الحقیقة کما یظهر من بعض أو علی وجه الظهور المنصرف إلیه إطلاق الخطاب و الإجماع المنقول و الأخبار المؤیدة بفتوی المشهور ففی الصحیح (لا تشتد بمحزمک و أنت تصلی و لا تستند إلی جدار إلا أن تکون مریضاً) و فی

ص: 135

أخری عن الصلاة قاعداً أو متوکئاً علی عصا أو حائط قال: (لا) و ذهب جمع من أصحابنا إلی جواز الاعتماد تمسکاً بأخبار یمکن حملها علی التقیة أو علی التوکؤ الذی لا اعتماد فیه جمعاً و إن الأظهر فیه لغة و عرفاً الاعتماد علی ما توکأ علیه أو تطرح لعدم مقاومتها لما تقدم و إن اشتملت علی الصحیح المشتمل علی الاستناد الظاهر فی الاعتماد و لکن قوة المعارض توجب التأویل و اطراح الدلیل و الظاهر إن الاستقلال رکن فی العمد و السهو تبطل الصلاة بترکه مطلقاً نعم لو کان مریضاً أو مضطراً وجب الاعتماد و قدمه علی النثر و لأن فوات الوصف یقدم علی فوات الذات و یجب تقدیم القیام علی الجلوس و لو تمکن من الرکوع و السجود الاختیاری جالساً و لم یتمکن من الإیماء قائماً لتقدمه بتعلق الخطاب و الأمر به و لظاهر الاتفاق و إن لم یتمکن من القیام معتمداً قام منحنیاً و قدمه علی الجلوس و لو تمکن مع الجلوس من الرکوع و السجود الاختیاریین و لو دار بین الإغماء و الانحناء قدم الاعتماد و لو دار بین الاعتماد و الاغماء للرکوع و السجود و بین الجلوس مختاراً فیهما قدم الاعتماد و کذا لو دار بین الانحناء مومئاً و بین الجلوس مختاراً فیهما علی الظاهر و کذا لو دار بین الانحناء و الاعتماد معاً و الجلوس قدمهما علیه و لو لم یتمکن إلا من الإیماء معهما و تمکن من اختیارهما فی الجلوس و لو دار بین ما تقدم و بین الصلاة ماشیاً قدم ما تقدم لبعد المشی عن هیئة المصلی لفقدان الاستقرار و لو دار بین القیام منفرجاً و بین الانتصاب معتمداً قدم الانتصاب و لو دار بینه و بین المشی و لو دار بینه و بین الجلوس قدمه علیه و لو کان مع ذلک معتمداً و لو دار بین المشی و الجلوس قدم الجلوس علی المشی لقرب الجلوس مستقراً لهیئة المصلی و لو دار بین المشی إتیاناً بالأرکان الاختیاریة و بین الجلوس مومئاً تخیر إن لم یمکنه الاحتیاط.

بحث: من لم یتمکن من جمیع مراتب القیام ما عدا المشهور

وجب علیه الصلاة قاعداً للکتاب و السنة و الإجماع و حد ذلک أما بالنسبة لغیر المرض کالعرج و التقید و شبهها و الإجماع و حد ذلک بالنسبة إلی المرض فإن کان من جهة خوف العاقبة فالمرجع فیه نفسه أولًا ثمّ إلی الأطباء ثانیاً ثمّ لأهل الخبرة و المعرفة من غیرهم و إن کان

ص: 136

من جهة عدم القدرة الفعلیة و المشقة التی لا تتحمل عادة فالمرجع إلی نفسه للأخبار الدالة علی ذلک و فیها فی حد المضطر الذی یضطر صاحبه و یدع الصلاة من قیام فقال: ( [بَلِ الْإِنْسٰانُ عَلیٰ نَفْسِهِ بَصِیرَةٌ] و هو أعلم بما یطیقه) و فی آخر (و ذلک إلیه و هو أعلم بنفسه فإن لم یعرف نفسه لعارض رجع فی کونه مشقة أو غیر مقدور له إلی عامة الناس).

و حکی (رحمه الله) أن حده أن لا یتمکن من المشی مقدار زمان الصلاة للخبر (المریض إنما یصلی قاعداً إذا صار بالحال الذی لا یقدر فیها أن یمشی بقدر صلاته إلی أن یفرغ قائماً) و هو مع ضعفه سنداً و دلالة بعیداً عن الاعتبار لجواز تخلف القدرة علی المشی زمن الصلاة عن القدرة علی الصلاة قائماً مستقراً و لا علی المشی و لا یقدر علی الصلاة بتلک الحال و الأخذ به تعبداً فیصلی قاعداً إذا لم یقدر علی المشی و إن قدر علی الوقوف أبعد و یحتمل الحمل علی إرادة وجوب تقدیم الصلاة ماشیاً علی الصلاة قاعداً و إن لم نذهب إلیه فترجیح أحد المعنیین علی الآخر من غیر مرجح فالأظهر حمله علی إرادة الکتابة عن القیام لتلازمهما غالباً و یکون المدار علی عدم التمکن من القیام و إلا فلو تمکن وجب و إن لم یقدر علی المشی زمن الصلاة و کما أن ما ذکرناه حد لجواز الجلوس موضع القیام فکذلک هو حد لجمیع المراتب المتسافلة و فی الأخبار ما یدل علیه ففی الصحیح عن الرجل و المرأة یذهب بصره فتأتیه الأطباء فیقولون نداویک شهراً و أربعین لیلة مستلقیاً کذلک تصلی فرخص فی ذلک و قال: [فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ بٰاغٍ وَ لٰا عٰادٍ] و فی آخر عن الرجل یکون فی عینه الماء فیستلقی علی ظهره الأیام الکثیرة أربعین یوماً أو أقل أو أکثر فیمتنع من الصلاة الأیام و هو علی تلک الحال قال: (لا بأس بذلک و لیس شی ء مما قد حرم الله إلا و قد أحله الله تعالی لمن اضطر) و غیر ذلک من الأخبار و هو ظاهرة فیما قدمنا من الرجوع إلی نفسه و لأهل الخبرة و الأظهر وجوب الاستقلال فی النصوص و الاحتیاط أیضاً و التأسی و انصراف الأوامر إلیه خلافاً لبعض المتأخرین.

ص: 137

فائدة: الصلاة فی مرتبة أعلی من القعود و أدنی من القیام

لو تمکن القاعد من الصلاة مستقراً فی مرتبة أعلی من القعود و أدنی من القیام وجب طلبها لقربها من القیام و إطلاق الأخبار فی الرجوع للجلوس إذا لم یتمکن من القیام مبنی علی الغالب و کذا ما بین المراتب الأخر المتنازلة و یجب أیضاً علی القاعد أنه لو تمکن فی الأثناء من مرتبة علیا وجب الارتقاء إلیها و کذا باقی المراتب و یجب قطع القراءة إلی أن ینتهی إلیها لتحصیل الاستقرار و الاطمئنان و لو تمکن من القیام ببعض الصلاة وجب الحدیث لا یسقط و للاحتیاط و لشمول قوله فی الصحیح: (إذا قوی فلیقم لذلک) و لو دار بین جعله أولًا کالمقارن للقراءة و آخر کالمتصل بالرکوع إذا کان أهم مع العلم بإدراکه قوی الحکم بوجوب تقدیم المتقدم لتعلق الخطاب به و لم یعلم زواله بإمکان تحصیل الأهم و کذا باقی المراتب و لا یجب علی القاعد نیة البدلیة عن القیام و لا غیره من المراتب فلا یجب علیهم نیة بدلیتها عن القیام و لا بدلیة کل عن سابقتها و لو نوی المصلی الخلاف کأن نوی أصالة المرتبة المتأخرة و إنها جلوسیة ابتداء کان لکل أمر ما نوی فیقوی البطلان حینئذٍ و لو تکررت علی المریض أحوال من خفة و ثقل وجب الارتقاء إلی الأعلی فی حال الخفة و إلی الأدنی فی حال الثقل إلا إذا کثر بحیث یخرج عن هیئة المصلی و عن العادة فی الکثرة فإنه یجب علیه لزوم الدنیا محافظة علی نظم الصلاة و یجب علیه إنه لو خف فی حال القراءة السکوت إلی أن یصل إلی المرتبة العلیا و لا یجب علیه الإعادة إلا إذا فاتت الموالاة بین الکلمات فیعید و لا یبعد أنه لو تلبس بکلمة ثمّ أتمها و هو جالس فقام و لا یجب علیه قطعها و الأحوط الأول و لو خف قبل الرکوع فقام لیرکع عن قیام لو لم یجب علیه الاطمئنان الزائد علی ما یحصل مسمی القیام لعدم الداعی إلیه و وجوبه سابقاً إنما کان مکان القراءة فینتفی بانتفائها و لو خف فی الأثناء ابتداء الرکوع قبل الاطمئنان قام منحنیاً و لو خف بعد الاطمئنان قبل الذکر أو قبل تمامه احتمل قویاً وجوب القیام منحنیاً و احتسابه رکوعاً واحداً لعدم الفاصل بینهما بالاعتدال فإن تلبس بالذکر قطعه فإن فاتت الموالاة أعاده و إلا بنی علیه و احتمل وجوب الإتمام و حرمة القیام بعد الرکوع مطمئناً و وجوب الاطمئنان فیه و لو

ص: 138

بعد الرفع من الرکوع قبل الاطمئنان قام أیضاً لیسجد عن قیام و لا یجب الاطمئنان زیادة علی ما یحصل به القیام الواجب و لو خف و هو هاو للسجود مضی و لا یجب علیه القیام و یحتمل وجوبه و هو الأحوط و لو أثقل فنزل إلی المرتبة الدنیا قطع القراءة محافظة علی الاستقرار فیها و یحتمل وجوب القراءة هاویاً لقربه للمرتبة العلیا و الأحوط الجمع و لو ثقل عند الرکوع جلس فی الجملة لیرکع عن جلوس لأن الجلوس هنا بمنزلة القیام و یحتمل الاکتفاء بالأول و لو ثقل فی الرکوع قبل الاطمئنان هوی و رکع عن جلوس مطمئناً و أتی بالذکر و لو ثقل بعد الاطمئنان قبل الحط للجلوس بعد الرکوع لأنه بمنزلة القیام و لو ثقل بعد الاطمئنان و الذکر فکذلک بالطریق الأولی و لو ثقل بعد الارتفاع قائماً قبل الاطمئنان فالأحوط الجلوس مطمئناً قبل السجود.

بحث: مراتب القعود

للقعود مراتب یجب تحری الأقرب فالأقرب استقلالًا و اعتماداً و انحناء و استقرار و طمأنینة و غیرها فإذا لم یمکن بجمیع مراتبه انتقل مرتبة دنیا فإذا لم یتمکن انتقل إلی الاضطجاع علی الأیمن وجوباً عینیاً وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول و الاحتیاط اللازم بعد الشک فی العبادة و الأخبار الموجبة تقدیمه الحاکمة علی إطلاقات إیجاب الاضطجاع مطلقاً لقوتها و انجبارها بما ذکرنا و المقید یحکم علی الظاهر إذا قوی علیه قطعاً و لأن الله یحب التیامن فی کل شی ء و لا یبعد وجوب إقامة الصلب عند الاضطجاع لعموم الروایة المتقدمة فلا یجوز أن ینحنی مضطجعاً و قیل بالتخییر بین الیمین و الأیسر أخذاً بالإطلاق و هو ضعیف و فی بعض الأخبار وجوب الانتقال من الجلوس إلی الاستلقاء و لا عامل علیها فهی إما مطرحة لشذوذها أو محمولة علی حالة العجز عن الاضطجاع فإذا لم یتمکن من الاضطجاع علی الأیمن فهل ینتقل إلی الاستلقاء کما دلت علیه بعض الروایات أو ینتقل إلی الأیسر ثمّ الاستلقاء أو یتخیر وجوه أضعفها التخییر لعدم القائل به و إن کانت بحسب الجمع بین الأخبار قویاً لأن منها ما هو ناص علی تقدیم الأیسر و منها ما هو ناص علی تقدیم الاستلقاء و منها ما هو مخیر بعد تعذر الأیمن بقوله: (فإن لم یقدر علی جانبه الأیمن فکیف ما قدر فإنه

ص: 139

جائز) و لکن فیه بعد ذلک (و یستقبل بوجهه القبلة ثمّ یومی بالصلاة إیماءً) و هو مما یؤید وجوب تقدیم الأیسر لمکان الاستقبال بوجهه لبعده عن المستلقی علی قفاه و لعله هذاء بالمرسل الآمر بتقدیم الأیسر و بالإطلاقات المعتبرة الآمرة بتقدیم الاضطجاع علی الاستلقاء الشاملة للأیسر و غایة ما تفید بوجوب الترتیب لما قدمناه و إذا لم یتمکن من الأیسر انتقل إلی الاستلقاء مستقبلًا بباطن قدمیه القبلة کهیئة المحتضر للاحتیاط و فتوی الأصحاب و إن لم یتمکن انتقل إلی المراتب الأخر مثل کونه مکبوباً علی وجهه و نحو ذلک و لا تسقط الصلاة بحال.

بحث: من لم یتمکن من هذه المراتب من الرکوع و السجود الاختیاریین

وجب الانحناء بما أمکن و وجب الإیماء للأخبار و کلام الأصحاب و تقدیم الإیماء بالرأس لظهوره من إطلاق لفظ الإیماء و لتخصیصه به فی عدة أخبار و فیها الصحیح و غیره و هی رددت فی المضطجع لکن لا قائل بالفرق بینه و بین غیره ممن یعتد به و لقربه من هیئة الرکوع و السجود الاختیاریین فإن لم یقدر علی الإیماء بالرأس أو ما بعینه للأخبار و هی و إن وردت فی المستلقی لکن لا قائل بالفرق ممن یعتد به و وروده فی أخبار الاستلقاء محمول علی الغالب من عدم تمکن المستلقی من تحریک رأسه و یجب جعل السجود أخفض من الرکوع للاحتیاط و الخبر و یجب فی العینین تغمیضهما عند الرفع کما فی الخبر و علیه کلام الأکثر فلا یتحقق الفرق فإن لم یتمکن من تغمیضهما أومأ بواحدة فإن لم یتمکن فعل ما تیسر و فی وجوبه إشکال فإن لم یقدر علی الإیماء بالعینین مطلقاً أومأ بإصبعه علی وجه الاحتیاط فإن لم یتمکن عقد بقلبه و أتی بذکر الرکوع و السجود.

بحث: یجب علی المومئ رفع ما یصح السجود علیه إلی جبهته

فإن أمکن وضع جبهته علیه و وجب للاحتیاط و لحدیث (لا یسقط) و للأخبار الآمرة بذلک و فیها الصحیح و الحسن و غیرهما و إن لم یمکن وضع جبهته علیه وضعه علی جبهته حین

ص: 140

السجود و للأخبار و فیها (لیضع علی جبهته شیئاً إذا سجد) و لفتوی الأخبار و الاحتیاط فإذا فرغ من السجود فالأحوط رفعه ثمّ یضعه فی السجود الثانی مرة ثانیة و الأحوط للمصلی قاعداً أن یقعد قعدة القرفصاء لقربها من هیئة القیام بأن یضع قدمیه و آلیته علی الأرض و ینصب ساقیه و الاحتیاط یقضی بإجراء جمیع أحکام الرکوع و السجود الاختیاری علی الرکوع و السجود الاضطراری من الإخلال بزیادتها أو نقصانها و کذا إجراء باقی الأحکام.

القول فی القراءة:

بحث: البسملة جزء من الفاتحة و من کل سورة

بإجماعنا و أخبارنا فهی مشترکة بین سائر السور التی بعدها ما لم تکن معینة واقعاً کما سیأتی إن شاء الله تعالی لعدم انصراف ما یقع من المشترک لحد فردیه من دون نیة المعین و لأن المشترک لا ینصرف إلی أحد فردیه إلا بقرینة و لأن ما لم ینو ابتداء لا یصدق علیه اسم السورة فلا یجزی عما أمر الشارع به من السور المعینة و لعدم تیقن الخروج عن العهدة إلا بالتعیین و لأن المأمور به ذوی الأفراد إذا اختلفت مشخصاتها و وجب تشخیصها و قد یقال و لا یبعد البناء علیه لعدم وجوب التعیین مطلقاً لتشخص المشترک بما بعده و بما یختص به من الممیزات المقارنة أو المتأخرة فیصدق علیه عرفاً أنه العمل الکفائی عم بعد تشخیصه نعم لو لم یتشخص و یتمیز بوجه بقی مشترکاً و لا تمییزه إلا بالنیة ابتداء و المفروض أنه متشخص بحسب المشخصات فلا یجب أن یعین الشخص ابتداء بل نیة المطلق المأمور به و أی فرد وقع بمشخصاته حصل به الامتثال لصدق المأمور به عرفاً علیه و الأصل عدم وجوب تشخیص المأمور به ابتداء فی مثل هذا و نحوه مما یعلم المأمور بحصول الامتثال به عند الفراغ منه و صدق إطلاق الأمر و إن لم یعین ما کان مشترکاً فی الابتداء بینه و بین غیره نعم لو عینه فی الابتداء للفرد الآخر کأن عین البسملة بسورة خاصة کان القول حینئذٍ بتعیین المشترک و انصرافه إلی ما قصده متوجهاً فلا یجوز إتمامه إلا بما عینه حینئذٍ مع أن للمناقش أن یناقش فی لزوم و یدعی غلبة المشخص الخارجی علی ما قصده فی المشترک بنیته فیجوز حینئذٍ العدول فی المشترک بعد نیة لفرد خاص إلی آخر

ص: 141

و آخر مشخص بالمشخصات الخارجیة و یحصل به الامتثال لصدق المأمور به علیه عرفاً لکنه بعید عن مذاق الفقهاء و عن ظواهر أدلة النیة و عن ظاهر الأخبار الآمرة بالعدول الظاهرة فی الإعادة من أول السورة مع حصول الاشتراک فی أوائلها غالباً و یدل علی عموم وجوب التعین للسورة عند البسملة خلو الأخبار البیانیة عن بیانه مع توفر الدواعی إلی بیانه بالخصوص و احتیاج الناس إلیه غالباً و لا تکفی فی بیانه أدلة وجوب النیة لعدم ظهور الحکم منها للعلماء الأعلام فضلًا عن العوام و یدل علیه أیضاً أنه لو وجب ذلک لوجب أیضاً فی کل مشترک فی الابتداء من قول أو فعل أو تسبیح و تحمید و لا یلتزمه واحد و یدل علیه أیضاً أنه وجب ما سیجی ء إن شاء الله تعالی فی أخبار العدول المتضمنة للسؤال عمن قصد سورة فقرأ غیرها الظاهرة فی صحة قراءة غیرها و إن لم ینوها ابتداء بل تعلقت النیة بشی ء لم یقع و إن ما وقع لم یقصد و حملها علی التزام تجدید النیة غفلة لغیرها بعد أن نوی الأول تخصیص من غیر مخصص و کذا الصحیح المتضمن قرأ سورة إلی نصفها ثمّ نسی فقرأ غیرها حتی أتمها الدال علی صحة القراءة الثانیة و هو بإطلاقه بل بظهوره شامل لوقوع السورة ابتداء من غیر نیة و کذا غیرها من الأخبار و بما ذکرنا ظهر الفرق بین هذه المسألة و مسألة العدول لانتفاء مسألة العدول علی تشخیص السورة ثمّ العدول عنها و تشخیصها أما بتعین المشترک ابتداء بالنیة أو تعینه و تشخیصه بالمشخصات الخارجیة أو بالمجموع المرکب فلا یکون العدول إلا بعد صحة المعدول عنه و تمییزه و ابتناء هذه المسألة علی أن المشترک هل تعینه مشخصاته من دون نیة أو لا بد من نیة ابتداء فعلی القول یلزم النیة ابتداء صح العدول ابتداء إذا وقع التعیین بها و لا یصح إذا لم یقع لوقوعه باطلًا فلا مورد للمعدول و علی القول بعدم لزوم البینة ابتداء فإن عدل بعد اتصافه بمشخصاته کان من موارد المعدول و إلا کان عدل قبل المشخصات و لم یکن من موارد العدول لأن العمل لم یتمیز بشی ء فیعدل عنه و کل شی ء نواه کان معیناً للمشترک لا عدول هذا کله فیما لم یکن معیناً من المشترکات بفردها و لم تجر عادة المکلف بالإتیان بفرد منه معیناً و إلا کفی التعین الواقعی عن نیة التعین لحصول تعینه فی ابتداء العمل ضمناً فی صورة ما إذا کان جزء

ص: 142

من عمل مرکب کبسملة سورة الحمد و السورة المنذورة و المستأجر علیها کبسملة سورة معتادة للقراءة فإن الاعتیاد ینزل منزلة القصد الضمنی إلی المعتاد علیه.

بحث: وجوب القراءة شرعاً و شرطاً فی الجملة فی الفریضة و وجوبها شرطاً فی النافلة إجماعی

بل ربما یدعی إن ذلک من ضروریات المذهب و کذا تعین الفاتحة للقراءة شرعاً و شرطاً فی الفریضة لا کلام فیه أیضاً و أما تعینها بشرط فی النافلة فالأظهر الأشهر أنه کذلک و قد یظهر من بعض فقهائنا عدم اشتراط تعیین الفاتحة فی النافلة و هو بعید مخالف للأصل فی توقیفیة العبادة و المشهور و الأخبار و الاحتیاط و أما وجوب سورة تامة بعد الحمد غیر الحمد فهو الأقوی و الأظهر الأشهر خلافاً لمن ندب السورة من أصحابنا و لمن اجتزأ ببعض منها للاحتیاط و توقیفیة العبادة و الحکم بجزئیة ما شک فی جزئیته و للإجماعات المنقولة و الشهرة المحصلة من المتقدمین و المتأخرین و للتأسی الواجب بضمیمة قوله (علیه السلام): (صلوا کما رأیتمونی أصلی) و لمداومتهم علیها و مداومة أصحابهم و اتباعهم مداومة یعرف منها الوجوب لأن أکثر المستحبات ورد ترکه فی بعض المقامات عن الأئمة الأطهار (علیهم السلام) و لأنها لو کانت من المستحبات لاشتهر حکمها و کان من الواضحات لتوفر الدواعی إلی بیان حکمها و إظهار رسمها و للأخبار المتکاثرة الآمرة بالقراءة فإن العدول عن الأمر بالحمد إلی الأمر بالقراءة الشامل لها و للسورة لا یخلو من مفهوم دال علی وجوبها معاً و لیس هو من قبیل المطلق و المقید لظهور القراءة فی إرادتهما معاً فی الأخبار حتی کادت أن تکون حقیقة شرعیة فی قراءة الحمد و السورة و قد ورد فی صحیح محمد بن مسلم القراءة فی الصلاة فیها شی ء موظف قال: (لا إلا الجمعة) فإنه من البدیهی أن مورد السؤال هو خصوص السورة و فی آخر (إنما أمر الناس بالقراءة فی الصلاة لئلا یکون القرآن مهجوراً مضیعاً) فإن التعلیل ظاهر بإرادة السؤال أو إرادتهما معاً و فی آخر (لا قراءة حتی یبتدأ بها) أی بالفاتحة فإنه ظاهر فی أن القراءة هی و غیرها و للأخبار الدالة علی وجوبها کقوله (علیه السلام) فی صحیح زرارة (فی کل رکعة مما أدرک خلف الإمام فی نفسه بأم الکتاب و سورة فإن لم یدرک السورة تامة أجزأه أم الکتاب) و فیه أیضاً (قام فقرأ بأم الکتاب و سورة) و فی

ص: 143

صحیح معاویة بن عمار (من غلط فی سورة فلیقرأ قل هو الله أحد) و مفهوم صحیح منصور (لا تقرأ فی المکتوبة بأقل من سورة و لا بأکثر) و مفهوم صحیح الحلبی (بأن یقرأ الرجل فی الفریضة بفاتحة الکتاب فی الرکعتین الأولیتین إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوف شراً) و مفهوم صحیح ابن سنان یجوز للمریض أن یقرأ فاتحة الکتاب وحده و یؤید الوجوب ما سیجی ء من حرمة القران بین السورتین و من الإجماع المنقول حتی من المخالف علی وجوبها فی صلاة العید و الجمعة و صلاة الکسوف و ما ورد من سؤال محمد بن مسلم فی الصحیح قلت أیهما أحب إلیک إذا کان خائفاً أو مستعجلًا یقرأ بسورة أو بفاتحة الکتاب قال: (بفاتحة الکتاب) فإنه یدل علی معلومیة وجوبهما معاً ذلک الیوم و کذلک صحیحة محمد بن إسماعیل قال: قلت: له أکون فی طریق مکة تنزل للصلاة فی مواضع فیها الأعراب فتصلی المکتوبة علی الأرض فنقرأ أم الکتاب وحدها أم نصلی علی الراحلة فنقرأ فاتحة الکتاب و السورة فقال: (إذا خفت فصل علی الراحلة المکتوبة و غیرها و إذا قرأت الحمد و سورة أحب إلی و لا أری بالذی فعلت بأساً فإنه لو لا وجوبها لما جاز لأجلها ترک الواجبات الأخر و کذلک ما ورد من الأمر بالإعادة للصلاة أو للسورة لمن ترک البسملة من السورة فإنها ظاهرة فی وجوبها بوجوبها و کذا صحیح الفقه الرضوی و یقرأ بسورة بعد الحمد فی الرکعتین الأولیتین إلی غیر ذلک مما یفید الفقیه الظن القوی الحکم بالوجوب احتج النادبون لها بالأصل و بما ورد فی الصحیحین بجواز الفاتحة وحدها فی الفریضة و بما ورد من جواز التبعیض اللازم للندب للإجماع المرکب من کل من قال بالإیجاب قال بعدم جواز التبعیض و من قال بجوازه بالاستصحاب قال بجوازه و بما ورد فی الموثق صلی بنا أبو جعفر (علیه السلام) و أبو عبد الله (علیه السلام) فقرأ بفاتحة الکتاب و أخر سورة من المائدة فلما سلم التفت إلینا فقال: (إنی أرید أن أحلکم) و غیر ما ورد و هو مردود لانقطاع الأصل بتعین الشغل و لمعارضته الصحاح بما هو أقوی منها فی مقام التعارض فلا یلتفت إلیها و لا مکان حملها علی حالة الاضطرار و یجوز معه ترک السورة بلا خلاف أو علی التقیة لموافقته لمذهب کثیر من العامة و لأنها أساس کل بلیة علی أن أخبار التبعیض مطلقاً أو بعضها

ص: 144

علی التقیید بما کانت ست آیات منتصفة بین الرکعتین کروایة أبی بصیر و فی بعضها علی الزیادة علی الثلاث کقوله فی الصحیح أ یقرأ الرجل السورة فی الرکعتین من الفریضة قال: (لا بأس إذا کان أکثر من ثلاث آیات) و هذا التعلیل لا یقول به أهل الندب فلا بد من طرحها أو حملها علی التقیة إذ حمل الأخیر علی قراءة السورة مکررة فی الرکعتین و یکون المدار بقوله أکثر من ثلاث آیات وصفاً موضحاً لأنه لا یوجد فی السور إلا و هو أکثر من ثلاث آیات کما إنه تحمل الصحاح الواردة فی جواز التبعیض مطلقاً فی الصلاة علی صلاة النافلة جمعاً و لا شک فیه حینئذٍ.

بحث: أ لیست الفاتحة رکناً خلافاً لشاذ

استناداً للأصل المقطوع بالأخبار و الإجماع و لقوله: (لا صلاة إلا بفاتحة الکتاب) و هو محمول علی حال العمد و علی نفی الکمال و یجب قراءتها هی و السورة و کل القرآن فی الصلاة و غیرها علی نحو ما أنزل فی الموارد و الهیئات و الإعراب و لا یجوز فیه التغییر و لا التحریف و لا الاجتهاد فی الإعراب و لو کان نحو الوقف العربی أو اللحن فی هیئته و کذا تجب المتابعة علی نحو ما أنزل فی صفات التکلم و عوارضه کالقطع و الوصل و الوقف و الدرج و ما یتوقف علیها من إدغام أو مد أو إشباع و أضدادها و کذا فیما کان من عوارض الأصوات کالهمس و الرخاوة و الجهر و الترقیق و التفخیم کل ذلک لتوقیفیة الکتاب المجید و عدم جواز الخروج به عن النحو المعهود الذی أنزل لمکان الفصاحة و البلاغة و الإعجاز الدائر مدار الأسالیب النازلة علی لسان نبیه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الطریق أما التواتر أو الآحاد بالمأمورین بالأخذ منهم لجریان سیرة علمائنا بالأخذ بأقوالهم فی الموضوعات و إن کانوا فسقة بالعقائد بل ببعض الجوارح أو بتقریر الأئمة (علیهم السلام) و أمرهم بالقراءة بها کما ورد (اقرءوا کما یقرأ الناس) لکن تقریرهم یکشف عن المشارکة فی الحکم و جواز القراءة لا عن کونه قرآناً واقعیاً و علی أی تقدیر فالقراءات السبع بل العشر یجب القراءة بها إما لتواترها کما ادعاه جماعة و لعلهم وصلوا لذلک و إما لنقل تواترها آحاد فهی کالمنقول آحاداً ابتداء و إما لأنها آحاد معتبرة یلزم من التعویل علیها و أما النقل و الإجماع علی تواترها و إما لتقریر الأئمة (علیهم السلام) أصحابهم علی القراءة بها و أما غیر السبع و العشر

ص: 145

فإن نقل بنقل معتبر أو لم یکن مهجوراً فلا بأس بالأخذ به و الأوجب ترکه و الظاهر أکثر إخفات الأصوات و کذا عوارض التکلم مما یباح الأخذ فیه بالاجتهاد و الرجوع فیه إلی قواعد الصرف و التجوید رخصة من الأئمة (علیهم السلام) لا من ذاتیات القراءة لعدم الأمر به فی الأخبار و کلام الفقهاء الأخیار مع إنه لا یعرفه إلا أوحدی الناس من القراء و التکلیف به عسر و حرج بل الظاهر أنه لا یجب کثیر مما أوجبوه فی الصرف و القراءة من وقف أو مد زائد و أمثالهما للقطع بعدم إیجاب الشارع لهما علی أهل زمانه من العوام و الجاهلین بعلوم العربیة و للقطع بعدم کون مثل هذا اللحن فی العربیة و بأن لغة العرب لا تأباه و إنهم ینطقون به و قد ورد فی الصحیح الأخبار ما یؤذن بتکذیب القراءات السبع و فیها أن الناس یقولون أن القرآن نزل علی سبعة أحرف فقال: (کذبوا أعداء الله و لکنه نزل علی حرف واحد من عند الواحد بناء علی أن المراد بالأحرف القراءات کما هو مشهور فی ذلک الزمان لکنه غیر معمول علیه بین الطائفة فأما أن یطرح أو یؤول باللغات و غیرها و ورد فی الصحیح عن أبی عبد الله (علیه السلام): (أما نحن فنقرأ علی قراءة أبی) و هو أیضاً شاذ مطرح أو محمول علی التقیة و بالجملة فجواز القراءة بالقراءة المتداولة لا شک فیه و الأخبار آمرة به لقوله (علیه السلام): (اقرءوا کما تقرأ الناس) حتی یقوم العلیم فالاحتیاط حینئذٍ بالقراءة لجمیع القراءات السبع من باب المقدمة للقراءة الصحیحة المشتبهة فی ضمن الجمیع لا وجه له بل هو مفسد للصلاة.

بحث: تبطل القراءة بالإخلال بالإعراب

خلافاً لما نسب للمرتضی (رحمه الله) فی غیر المغیر للمعنی تمسکاً بإطلاق القراءة و لا وجه له لانصراف القراءة للصحیح و المعهود من اللفظ العربی و التأسی المحقق وجهه عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیهم السلام) و الاحتیاط یقضی بإخلاله و الأمر بقراءة الفاتحة و السورة یقضی به لانصرافه إلی تمام الأجزاء منهما و صدقهما علی ناقصة الأجزاء من المسامحات العرفیة و تبطل أیضاً بالإخلال بحرف واحد مغیراً للبینة و إن کان الحرف الواحد المستقل لا تبطل به الصلاة أو بحرکة مغیرة لها أو بفک مدغم أو إدغام مفکوک أو بترتیب کلمة أو آیة من تقدیم مؤخراً و تأخیر مؤخراً و بإثبات حرف کان بدل حرف مکان آخر و لو ظاء بضاد أو بعدم

ص: 146

إخراج الحرف من مخرجه ککثیر من حروف العوام المحرفة کإبدال الجیم و نحوها أو موالاة بین الحروف و الکلمات و لا یأتی کأن سکت أو فرق بین حروف الکلمة فإذا بطلت القراءة فإن کان سهواً أعادها و إن کان عمداً فإن اجتزأ بها بطلت الصلاة مطلقاً سیما لو نوی الاجتزاء بها فی ابتداء الصلاة و إن نوی الاجتزاء بها و جزئیتها عند قراءتها فاستدرک بالإعادة فالأقوی البطلان أیضاً إن کان لحناً یخرج به عن مسمی القرآن لدخوله تحت کلام الآدمیین و إن کان لحناً لا یخرج به عن مسمی القرآن فلا یبعد البطلان أیضاً لتعلق النهی به فیکون من القران المحرم فیشک فی دخوله تحت القران الغیر مفسد لانصرافه المحلل و لأن الجزء المنهی عنه یسری فساده لفساد الکل لعدم قابلیة الکل للفاسد و للشک فی المانعیة و إن نوی عدم الاجتزاء به و عدم جزئیته فإن کان لحناً یخرج به عن القرآنیة بطلت لدخوله تحت الکلام و إن لم یخرج عن کونه قرآناً صحت صلاته و الأحوط الإعادة لشبهة أن الملحون من القرآن لیس من القرآن فی شی ء و إن نوی فی الکلمة القرآنیة و الجزئیة ابتداء فعدل عنها إلی غیرها فقطعها مکرراً لها أو لجزء فیها بعد أن وصل الحرف الأخیر منها فأعادها و لم یکن نوی القطع عند الابتداء بها قوی القول بالصحة سیما فی صورة قطع عند الابتداء اللحن و لو نوی الإتیان ببعض الکلمة لا بقصد الجزئیة بل بقصد القرآنیة ناویاً لقطعها فی الابتداء فالأقوی البطلان لعدم شمول أدلة استثناء القران لهذه الصورة و إن نوی قطعها فی الأثناء فالأقوی الصحة و الأحوط الإعادة و لو شک فی صحة الکلمة و کان شکه معتبراً قطعها و أعادها و کذا لو علم الخلل فیها لأن إتمامها یلزم منه زیادة غیر مأمور بها و تبطل الصلاة بالترجمة سواء کانت عربیة أو غیرها و سواء کانت ألفاظ الترجمة من القرآن أو من غیره إلا لغیر القادر فیجب علیه الترتیب فی الترجمة إلی أن یصل حد لا یمکنه القرآن و لا الذکر و لا اللفظ العربی فیجب علیه الترجمة بلسانه أو بالعبرانیة أو السریانیة أو الفارسیة و الظاهر التسویة و یحتمل وجوب تقدیم الأول و یحتمل الثانی و یحتمل الثالث و الأقوی الأول و بعض من أصحابنا لم یوجبوا الترجمة علی هذا النحو بعد عدم التمکن من القرآن و الذکر لکنه ضعیف للاحتیاط و لما ورد (أن القرآن

ص: 147

یقرأ بعجمیة فترفعه الملائکة علی عربیته) و لحدیث (لا یسقط) و لوجوبها فی تکبیرة الإحرام فکذا هاهنا بالطریق الأولی و لأنها لا تخرج عن کونها ذکر و دعاء و ثناء و کله لا یفسد الصلاة علی الأظهر و من ظهور أن الترجمة الواجبة هی ترجمة نفس الحمد و السورة لا ترجمة الذکر الذی هو بدلها لعدم خروج ترجمتها عن الذکر و الدعاء کترجمة الذکر و لکن ذلک مخصوص بسورة الفاتحة و بعض السور دون سائر السور فالأحوط الاقتصار علیها و الإتیان بترجمة الذکر إذا لم یتمکن من ترجمتها و إن کان أقرب للقرآن.

بحث: یجب تعلم الفاتحة مقدماً للعمل

إجماعاً و لو بثمن لا یضر بالحال و فیما ضر إشکال و إن حرم علی المعلم أخذ الأجرة لأنه لیس بقصد الإعانة علی الإثم و یجب حفظها لوجوب القراءة عن ظهر القلب لانصراف إطلاق الأوامر إلیه و للتأسی و السیرة و قیل بجواز القراءة من المصحف اختیاراً لإطلاق الأمر بها و للصحیح للبأس عمن یضع القرآن أمامه ینظر فیه و یقرأ و یصلی و هو مردود بما ذکرناه و بروایة الحمیری النافیة للاعتداد بصلاة القارئ من المصحف فلتحمل الصحیحة علی الضرورة و النافلة أو التقیة فلا یجوز ترک التعلم و ترک الحفظ اتکالًا علی قارئ فیقرأ خلفه أو إمام فیصلی خلفه لعدم الوقوف بحصولهما و لإطلاق الأمر بالتعلیم نعم لو قطع بحصولهما فلا یبعد القول بسقوط الوجوب و إنما یجبان بعد دخول الوقت أو بعده مع العلم بعدم سعته للتعلم علی الأظهر لأنه من قبیل الواجبات المضیقة نعم لو لم یمکنه التعلم أو قصر فیه حتی ضاق الوقت وجب علیه إتباع قارئ أو للصلاة جماعة و هما سواء فإن لم یمکن قرأ فی المصحف و وجب علیه التأخیر إلی الضیق مع رجاء التعلم جاز له القراءة فی المصحف أول الوقت و هکذا فی جمیع المراتب و من لم یتمکن من جمیع ما تقدم بالنسبة إلی الفاتحة فإن کان من جهة اللحن فی الإعراب و فی البناء الذی لا یخرج به عن مسمی القرآن وجب علیه الإتیان به لحدیث (لا یسقط) و للاحتیاط و لعود الأمر بالمطلق عند عدم التمکن من المقید علی الأظهر و إن کان من جهة إخلال المعنی و اللفظ أو عدم استطاعة اللسان له ککثیر من لسان العبید فهناک أما أن یتمکن من البعض

ص: 148

صحیحاً أم لا فإن تمکن من البعض صحیحاً وجب الإتیان به لحدیث (لا یسقط) و الاحتیاط أو لظهور الأمر بالکل هاهنا أمر بالأجزاء مفصلة مع الکل و لم یثبت أخذاً لکل قید و هذا إذا کان آیة لا کلام فیه کما لا کلام فی أنه لو کان بعض معهما به کلمة لا یجوز الإتیان به بل و مثله الکلمة المفردة علی الأظهر إنما الکلام فیما لو کان بعض أیة معهما فهل یجب الإتیان به أم لا وجهان أحوطهما ذلک بل أقواهما و قیل لا یجب لأمر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) الأعرابی بأن یحمد الله و یکبره و یهلله و قوله الحمد لله بعض أیة و لم یأمره بتکرارها و فیه نظر و مع الإتیان به فهل یقتصر علی ذلک البعض أو یجب التعویض عن الباقی بقدره کلمات أو حروف و هو الأحوط وجهان أقواهما الوجوب للاحتیاط و مع التعویض فهل یجب علیه أن یکرر ما عرفه بقدر الباقی بدلًا عنه لقربه إلیها أو یستبدل بغیره من القران لعدم جواز کون الشی ء أصلیاً و بدلیاً وجهان أقواهما الأول مع عدم إمکان التکریر وجب علیه الإتیان بغیره من القران عینیا و لا بد من إقامة البدل مقام المبدل عنه وسطاً و أولًا و آخراً و الأحوط أن لا یأتی ببدله سورة تامة قصیرة بل یأتی ببعض غیرها دفعاً لشبهة القران بین سورتین و مع عدم إمکان معرفته القرآن استدل بالذکر بقدره حروفاً علی الأظهر علی الأحوط ما لم یلزم منه حال آخر و إن لم یتمکن من البعض صحیحاً فإما إن یتمکن من القران غیرها أو لا یتمکن فإن تمکن وجب علیه أن یقرأ بقدرها لعموم الأمر بالقراءة عند عدم المقید و للصحیح لو أن رجلًا دخل فی الإسلام ثمّ لا یحسن أن یقرأ أجزأه أن یکبر و یسبح و یصلی و هل یجب بقدرها آیات أو کلمات أو حروف و الأحوط الحروف و لا یبعد أنه لو تمکن من سورة تامة قرأها عوض الحمد و إن زادت أو نقصت بنیة العوضیة و قرأها مرة أخری لامتثال السورة فإن لم یتمکن من قدرها أتی بالممکن إذا کان مرکباً معها و هل یقتصر علیه أم لا الظاهر عدم جواز الاقتصار علیها و لا بد من تکراره و علیه فهل یکرره بقدرها أو یعوض الذکر عوض الباقی وجهان و الأظهر الأول و إن کان فی أمر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) للأعرابی ما یرشد إلی عدم التکریر لکن الروایة ضعیفة و إن لم یتمکن من القران غیرها کبر و سبح کما فی الصحیح أو سبح و استحمد کما فی النبوی و الأحوط الجمع

ص: 149

بینهما و أحوط منهما التهلیل أیضاً کما أوجبه بعض الأصحاب و أحوط من الکل الإتیان بصورة ما یقال فی الأخیرتین کما أفتی به بعض الأساطین و هل یجب تکریره قدر الفاتحة کلمات أو حروف الأحوط ذلک و الأخبار خالیة من وجوبه و أدنی المساواة فی الحروف إلی قطع کلمة غیر مفهمة کان له الزیادة و الزیادة أحوط و کذا الکلام فی بدلیة القرآن عن الفاتحة أو بعضها هذا کله بالنسبة للفاتحة و أما بالنسبة إلی السورة فمن لم یمکنه التعلم أصلًا أو ضاق علیه الوقت فإن عرف بعضها فقط وجب علیه قراءته علی الأظهر لما قدمناه و إن عرف أبعاضها متفرقة غیره کلها بقدر قصر سورة نادباً بها ذلک فی البدلیة إن لم یتمکن من التلفیق بقدر الطوال أو الوسط و إن تمکن کان له الخیار و إن لم یعرف أبعاضاً متفرقة فالأحوط تکریر ما عرف بقدره سورة مخیراً فیها و إن لم یعرف بعضها فالأحوط إقامة الذکر المتقدم مقام السورة أیضاً بل ینوی ذلک للأمر به بعد معرفة القرآن و الأحوط أن یکون بقدر سورة کانت هذا کله لمن لم یعرف الحمد و من عرفها فلا یبعد قراءتها مرتین بنیة الأصالة و البدلیة و قد یقال بسقوط وجوب البدل عن السورة رأیاً و أصلًا لا اختصاص وجوبها فیمن أمکنه قراءتها و أمکنه التعلم لها و نقل علی ذلک عدم الخلاف و أفتی به المشهور من الأصحاب و الظاهر أن الشهرة محققة فیه و القول به قوی لکن الأول أحوط و من لم یتمکن من جمیع ما ذکرناه فی الحمد أوفیه و فی السورة علی وجه قوی قام بقدر قراءتها ساکتاً عاقداً بقلبه الثناء و الدعاء لکنه یقتصر علی قدر زمن أقل السور خوفاً من فوات الموالاة.

بحث: یسقط وجوب السورة عن الخائف من قراءتها

من حیثیة نفسها أو الخائف من مضی زمان قراءتها علیه من جهة نفس أو مال أو غیره عرض لنفسه و عمن أعجلت به حاجة یضر فوتها أو یفوت نفعها نفعاً یعتد به لإطلاق بعض الأخبار فی الحاجة و بعض آخر فی الاستعجال و بعض آخر فی إعجال شی ء و تقییدها بما أخر فوتها أحوط و عن المریض الغیر متمکن من القیام بقدرها فلا یجب علیه الجلوس بقدرهما ثمّ القیام بعد ذلک و لو تمکن من أبعاضها المفهمة فی جمیع ما قدمناه أتی به لأنه لا

ص: 150

یسقط المیسور بالمعسور و الظاهر إن السقوط عزیمة لا رخصة و الأظهر إن له التخییر فی البعض بین الأول و الوسط و الأخیر و الأول أحوط و یلحق بذلک خائف فوات الرکوع مع الإمام جاهل السورة أیضاً علی وجه قوی و کذا لو ضاق الوقت عنها بحیث یخرج جزء من الرکعة عن الوقت لأن فوات الصلاة حاجة فوتها أما لو أدی الإتیان بها إلی خروج جزء من الصلاة بعد إحراز الرکعة الأولی عند الوقت فوجهان ینشئان من ان تدارک جمیع الصلاة فی الوقت حاجة و استعجال تسقط لأجلهما و من أن من أدرک رکعة من الوقت فکأنما أدرک الوقت کله و الثانی أقوی و علی الأول فلو دار بین إسقاط السورة من الأولی أو الثانیة أو إسقاط نصف من کل رکعة و توزیع واحدة علی الرکعتین فالظاهر تقدیم الإسقاط من الثانیة و وجوب الإتیان بالسورة کاملة فی الرکعة الأولی لتقدم الخطاب بها.

بحث: لا تجب السورة فی النافلة مطلقاً

و لو نذرت فی الابتداء أو فی الأثناء لزمت فیها السورة علی الأظهر و لو نذرت بلا سورة لم یلزم النذر أما لمرجوحیة أو لکونه علی محرم لأنه یجب السورة فلا یلزم بها ترکها مع احتمال لزومه مطلقاً و احتمال لزوم أهل النذر و إلغاء قید عدم السورة فتجب و الأوجه الوسط و تحقیق القول إن حرمة ترک السورة و سور العزائم و القرآن إذا عممنا تحریمها لصفة الغرض الأصلی و العارض لا نرید به إلا تحریمه بعد أن یکون فرضاً و لا یکون فرضاً إلا بعد صحة الالتزام بالنذر و شبهه و لا یصح الالتزام إلا بوجوب متعلقه الذی هو القرآن و ترک السورة و شبهها فحینئذٍ إما أن یلزم من وجوده ثبوت کونه فرضاً عدمه و بقاؤه نفلًا لمن فاته طبیعة الوجوب مطلقاً للقرآن و شبهه و أما أن یلزم ثبوت کونه فرضاً و لزوم القرآن فیه و کذا ترک السورة دفعة واحدة و هو الأقوی جمعاً بین دلیل صحة النذر و دلیل عدم جواز لما قدمناه فی الفرض بحمله علی ما تقدم وصف فرضیته.

بحث: یجب الترتیب بین الحمد و السورة

شرطاً و شرعاً فی الفریضة و شرطاً فی النافلة للإجماع و التأسی و للاحتیاط فی مقام الشک فی الشرطیة و لما ورد من إنه لا صلاة لمن لا یبدأ بها و لا قراءة حتی یبدأ بها و إنه إنما بدأ بها دون سائر السور لأنه لیس

ص: 151

شی ء من القرآن و الکلام جمع فیه من جوامع الخیر و الحکم ما جمع فی سورة الحمد و کذا یلزم الترتیب بین أبعاضها آیات و کلمات للإجماع و الاحتیاط و ظاهر أوامر القراء و التأسی نعم یجوز فی النافلة تقدیم بعض السورة و تأخیر بعض لا بنیة إنها الوظیفة فلو نوی إنها الوظیفة شرع فی نیته و فعل حراماً فیها و هل یفعل حراماً بنفس الفعل لترتبه علی النیة المحرمة أم لا وجهان أقربهما ذلک و مع الحرام و الفساد فیما قرأه فهل تبطل النافلة وجهان و لا یبعد الفساد و لو قرأ فی النافلة جزءاً مؤخراً بنیة الجزئیة ثمّ قرأه جزءاً مقدماً بنیة الجزئیة لم یکن به بأس ما لم ینوِ الوظیفة بنفس التقدیم و التأخیر و یجوز التاد من أخل بالترتیب فی الفریضة ساهیاً أعاد المقدم الذی وظیفته التأخیر و أبقی ما کان وظیفته التقدیم و صحت صلاته کما دلت علیه الأخبار و کلام الأصحاب و عمومات رفع السهو و لا یتفاوت الحال بین کون السورة طویلة أو قصیرة و یشعر بذلک إطلاق الأمر بقراءة الفاتحة لمن قرأ سورة قبلها نسیاناً فی روایة علی ابی جعفر (علیه السلام) خلافا لما یظهر من جماعة حیث أوجبوا الإعادة علی الأصل و وجهه ضعیف لأن الشی ء بعد وقوعه جامعاً لشرائطه فاقد لموانعه کان واقعاً موقعه و تقدیم ما لا یستحق التقدیم علیه لا یخرجه عن محله نعم یخرج عن محله إذا لم یتدارک بعد ذلک و لم یتأخر عنه المقدم بعد تقدیمه و یجب إعادة الکل إذا فاتت الموالاة و من أخل متعمداً بنیة الجزئیة کان مشرعاً فی نیته و فاعلًا حراماً فی فعله و مبطلًا لصلاته قطعاً إذا استمر علی ذلک و علی الظاهر إنه لم یستمر لوقوع جزء محرم بأثناء العمل الذی لا یقبل الزیادة و لأنه فی حکم کلام الآدمیین لأن المتیقن من جواز القران فی الصلاة هو القران المحلل و خالف بعض آخر ففرق بین من زعم علی الإعادة ابتداء و بین من لم یزعم فتفسد.

بحث: تجب الموالاة فی الحروف و الکلمات و الآیات و لحمد و السورة کل بحسبه

و هی عرفیة مختلفة باختلاف الموارد فلا یضر بها السکوت الجزئی و لا السعال و التثاؤب إلا إذا کانت بین الحروف فالأحوط الإعادة و لا یضر بها المنصوص من سؤال الرحمة و التعوذ من النقمة و تسمیت العاطس و شبهها إذا کانت بین الکلمات و لو کانت بین

ص: 152

الحروف أبطلت الکلمة و وجوبها شرعی دل علیه ظاهر الإجماع و الاحتیاط فی مقام الشک و التأسی المحقق فی مقام بیان الواجب و ظهور إطلاق أوامر القراءة فیه و انصرافها إلیه و یحصل الإخلال بها بالسکوت الطویل مع التلبس بعمل آخر و بدونه مع نیة القطع و بدونها و مع الداعی و بدونه و مع نیة القطع ارتج علیه الأمر أو اشتغل بالذکر و مع تأدیة السکوت لمحو صورة الصلاة و بدونه و قد یحصل بالکلام فی أثنائها من غیرها مما یصح سهواً من کلام الآدمیین أو مما یصح فی الصلاة عمداً أو سهواً کقراءة القرآن و الدعاء و الذکر و وجوبها شرعی و شرطی لصحة القراءة فی صورة العمد علی الأظهر و احتمال أنها واجب شرعی فقط فلا تفسد القراءة و لا الصلاة بترکها إلا علی القول بأن الأمر بالشی ء نهی عن ضده فیکون القراءة الواقعة فی خلالها منهیاً عنها لکونها زیادة منهیاً عنها کلام الآدمیین مخالف لظاهر فتوی الأصحاب و قاعدة الاحتیاط عند الشک و حینئذٍ فمن ترک الموالاة متعمداً بحیث سکت طویلًا فإن خرج به عن کونه مصلیاً بطلت صلاته قطعاً و إن خرج به عن کونه قارئاً بطلت قراءته من أصلها لأن المأمور به من الفاتحة الموالی فیها و عند انتفاء القید ینتفی المقید و هل تبطل بذلک إن لموالاة صلاته فیقطعها أو تصح فیعید القراءة من رأس وجهان الأول أن الموالاة فیما قرأ جزء قد فوته متعمداً و هو منهی عن تفویته فیکون مما تعلق النهی بها بجزئیتها و إن تفویتها زیادة فی المکتوبة و هو منهی عنها و إنه قران بین سورة و بین بعضها و هو محرم و للثانی إن النهی عن أمر خارج و الزیادة مأمور بها ابتداء فلا یضر العدول علی أنها من القران الغیر منهی عنه فلا تضر زیادتها و القرآن و الدعاء الذی یحصل به الإخلال بالموالاة لیسا من الحرام لأن الأمر بالشی ء لا یقتضی النهی عن ضده و شبهه القران هنا خاصة فیما نوی ابتداء الإخلال بها و نحن نقول أنه لو نوی ابتداء قراءة سورة یقطعها فی الأثناء ناویاً الجزئیة بطلت صلاته لدخول المحرم فیها من التشریع و القواعد فیفسدانها علی الأظهر فیها و لیس الکلام فیه إنما الکلام فیما نوی الإتمام ابتداء فأخل استدامة و هذا أقوی سیما لو کان الإخلال سبب سکوت لا سبب قرآن آخر و دعاء و شبهها

ص: 153

و من أخل بهما نسیاناً أعاد القراءة و صحت صلاته کما تشعر به أخبار الإخلال بالترتیب إلا الماحی صورة الصلاة فالأظهر بطلان الصلاة به سهواً.

بحث: التمتام و الفأفاء الألثغ و الألتغ و کل موذ اللسان إذا لم یتمکن من إصلاح لسانه أجزأت قراءته

و لا یجب علیه الائتمام کما علیه الأصحاب و تشیر إلیه بعض أخبار الباب و ما ورد أن سین بلال عند الله شین یدل علیه أیضاً و أما الأخرس فیجب علیه العمل بما وصل إلیه فهمه فیجب علیه تحریک لسانه و قضی بها الاحتیاط و ربما دلت علیه روایة (لا یسقط المیسور بالمعسور) و یجب علیه الإشارة بإصبعه کما دلت علیه الروایة و أفتی به المشهور و نقل علیه الإجماع و المراد أی إصبع کانت فإن لم یتمکن أشار بعضو آخر علی الأحوط و یجب علیه عقد قلبه بمعناها لا بمعنی تصور معانی الألفاظ للزوم العسر و الحرج و زیادته علی الصحیح بل بمعنی تصور الألفاظ إن وصل فهمه إلی تصورها أو تصور إن هذا التحریک عوض ما یفعله الصحیح عند قیامه و کذا الإشارة إذا فهم وجوبها و بالجملة فالأبکم الأصم خلقه الذی لا یصل إلی ما یراد منه تکلیفه ما وصل إلیه و لو مما یراه من قیام و قعود و دفع و وضع و تحریک شفة و لسان و لیشار إلیه بلزوم الإشارة دائماً و علی رأس کل کلمة و الذی حصل له ذلک بالعارض وجب علیه تصور الألفاظ و ترتیبها و تحریک لسانه مع الصوت إن تمکن و إلا فبدونه و الإشارة بإصبعه علی قدر زمن القراءة أو علی رأس کل کلمة و الذی یسمع الکلام و یفهمه أو یعرف الکتابة حکمه کذلک أیضاً و یحتمل أن السامع للکلمات الفاهم لمعانیها من أقسام الأخرس یجب علیه عقد قلبه بمعانیها مع تصور ألفاظها لأن سقوط تصور المعانی بالنسبة إلی الصحیح إنما کان لقیام تلفظه بألفاظها مقامها فمع عدم ذلک یجب تصور المعانی بعید عن مذاق الفقاهة و الاحتیاط لا یخفی علی ذی مسکة.

ص: 154

القول فی الجهر و الإخفات الواجبان فی الصلاة فی الجملة

بحث: الجهر و الإخفات حقیقتان متضادتان

لا یصدق أحدهما علی فرد مما یصدق علیه الآخر و المرجع فیهما إلی العرف کما هو الشأن فی سائر الألفاظ العرفیة المعلقة علیها الأحکام الشرعیة و لیس بینهما عموم من وجه کما تخیله بعض أصحابنا من أن أعلاه فی الجهر و أدناه أن لا یسمع إلا نفسه و أعلی الجهر لا حد له و أدناه أن لا یسمع سوی القریب إلیه لبطلانه بداهةً بامتناع إسماع نفسه دون القریب غالباً و لحصول الاشتراک بینهما فی کثیر من الأفراد و ظاهر الکتاب و الأخبار و کلام الأصحاب بنفیه و بالتزام نیة التشخیص فی الإخفات تمییزاً للاشتراک الواقع بینهما و هو لا یلتزم أحد و لیسا من المتضادین المختلفین فی الحد بأن یکون أدنی الجهر إسماع القریب تحقیقاً أو تقدیراً و علی الإخفات إسماع نفسه تحقیقاً أو تقدیراً لبطلانه بالتزام ما علیه السیرة و الطریقة فی الإخفات غالباً و بتأدیة للعسر و الحرج و بامتناع انفکاک إسماع القریب عین أسماع النفس غالباً بل قیل أنه مما لا یطاق و بما ورد من أن أحمد بن علی صحب الرضا (علیه السلام) فکان یسمع ما یقوله فی الآخرتین من التسبیحات فالقول به ضعیف و إن نقل علیه الإجماع و لعل الإجماع محمول علی بیان حد الإخفات الذی لو تجاوزه لا یجزی فی القراءة و کان کحدیث النفس و لا تنصرف إلیه إطلاقات القراءة کما ورد فی الصحیح و لا یکتب منه القراءة و الدعاء إلا ما أسمع به نفسه و نقل علیه الإجماع فما ورد فی بعض الصحاح من أنه لا بأس بأن یحرک لسانه یتوهم توهماً محمولًا علی التقیة عند الصلاة خلف من لا یقتدی به کما لا یشعر به الأخبار المجوزة للقراءة معهم مثل حدیث النفس و أنه یقرأ معهم لنفسه و إن لم یسمع نفسه فلا بأس و هل یجب علی هذا إسماع مواد الحروف أو یکفی صورة الهمهمة وجهان من انصراف إطلاق الأوامر إلی الأول و ظهور الإجماعات المنقولة فیه و الاحتیاط یقضی به و من ورود الصحیح بجوازه عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال سألته: هل یقرأ الرجل فی صلاته و ثوبه علی فیه قال: لا بأس بذلک إذا أسمع أذنیه الهمهمة. و الأول أقوی

ص: 155

لضعف دلالة الروایة علی الحکم لجواز حملها علی السماع التقدیری و لا بأس به فظهر مما ذکرناه أن الجهر و الإخفات عرفیان فلیس کلما سمع الغیر جهراً أما ما لم یشتمل علی صوت جوهری معه لا یصدق الإخفات و لا کلما لا یسمع إلا نفسه إخفات ما لم یتجرد عن الصوت الجوهری المصاحب له المستمع جهراً فی العرف و لیس بینهما و أوسطه کما یظهر من بعضهم أن الجهر ما اشتمل علی الجوهریة و إسماع الغیر و الإخفات ما خلا عنهما و هو مخالف لما دل علیه الأصحاب کما إن ما یظهر من بعض آخر من أن ما أجمع الجوهریة و إسماع الغیر جهراً و ما عداه إخفات شاذ لم نرَ من أفتی به.

بحث: یجب الجهر علی الرجال فی الصبح و أولتی المغرب و العشاء

و الإخفات فیما عداها فی القراءة و بدلها من التسبیح وفاقاً للمشهور و الإجماع المقول و التأسی المحقق بالعقل فی مقام الشک و للأخبار و منها الصحیح رجل جهر بالقراءة فیما لا ینبغی أن یجهر فیه أو أخفی فیما لا ینبغی الإخفات فیه فقال أی فعل ذلک متعمداً فقد نقص صلاته و علیه الإعادة فإن فعل ذلک ناسیاً أو ساهیا أو لا یدری فلا شی ء علیه و منها غیر الصحیح المعتضد بما تقدم و لفظ لا ینبغی لا یخص الاستحباب کما إن لفظ نقض بالضاد المعجمة لا بالصاد و لو سلم فلا تدل علی الاستحباب أیضاً و إن لم تدل علی الإیجاب علی أن فی إیجاب الإعادة ما یرفع الاحتمال فی الاستدلال و منها المعتبرة المستفیضة المقسمة للصلاة إلی قسمین جهریة و إخفاتیة الظاهرة فی التوظیف الظاهرة فی الوجوب خلافاً لمن ندبها للصحیح فی الجهریة إن شاء جهر و إن شاء لم یجهر و هو أخص من الدعوی و شاذ لا یعارض ما تقدم فهو أما مطرح أو محمول علی التقیة أو علی نوافل اللیل و لقوله تعالی: [وَ لٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِکَ وَ لٰا تُخٰافِتْ بِهٰا وَ ابْتَغِ بَیْنَ ذٰلِکَ سَبِیلًا] حیث أنه أمر بالوسط فی الجمیع و فیه إن حمل الآیة علی النهی عند قید الکلیة فی الصلاة محتمل فیراد بالسبیل الإتیان فی البعض و النفی بالعض الآخر فیکون المعنی لا تجهر فی جمیع أفراد الصلاة و لا تخافت فی جمیعها بل اجهر فی بعض و اخفت فی آخر و مع صحة هذا الاحتمال یقدم علی ذلک الاحتمال الذی یبنی علیه الاستدلال لضعف ذلک بمخالفته

ص: 156

ظاهر الأمر بالتخیر لظهوره فی وجوب القراءة الوسطی فی جمیع الصلاة و لا قائل برجحانه فضلًا عن وجوبه و لظهوره فی أن هناک واسطة بین الجهر و الإخفات لتعلق النهی بهما و الأمر بما بینهما و لا قائل من أصحابنا و قد یقال فی معنی الآیة أن النهی عن الجهر هو المتجاوز الحد لأنه مفسد علی الأظهر لعدم انصراف إطلاق القراءة و الجهر إلیه و عن الإخفات هو الذی لا یسمع نفس القارئ کما دلت علیه الأخبار المفسرة للآیة الشریفة و الأمر بالسبیل یراد به الجهر المتعارف و الإخفات المتعارف من دون ذکر المتعلق فتکون مجملة بالنسبة إلیه و لما ورد بعدم ظهور السنة فی الندب و باحتمال إرادة النافلة من الصلاة.

بحث: ناسی الجهر و الإخفات أو ناسی حکمهما أو ناسی موضوعهما فی الموارد الجزئیة

و کذا الساهی و الغافل و الجاهل الساذج الغیر متفطن للسؤال إذا خالف المأمور به صح عمله و لا یعید ما مضی من صلاة أو قراءة و لو فی أثناء کلمة واحدة فیبنی علی ما فعل و یتمها إذا ذکر علی نحو ما وجب علیه و لا یجوز له إتمامها علی نحو ما افتتح خلافاً لما نقل عن بعضهم کل ذلک للصحیح المتقدم بإطلاقه و إطلاق الإجماعات المنقولة و ظواهر فتاوی الأصحاب من غیر تفصیل بین الجاهل بحکمها و الجاهل بموضوعها و الجاهل بمواردها الجزئیة الخاصة فقوی مع احتمال الصحة و إن جهل هنا من تبدل الموضوع کالمرض بالنسبة للصحیح فیکون حکم الجاهل التخییر و العمل بما اعتقده حینئذ إلی حین العلم فیتعین ما علمه حینئذ و الأقوی الأول لأن الظاهر أن الصحة هنا عبارة عن إسقاط القضاء لا موافقة الأمر و المراد بقولهم أن الجاهل معذور هاهنا أن الشارع عذره و أسقط عنه آثار الحکم الواقعی من إیجاب القضاء عند عدم الإتیان به و من الإثم عند التقصیر فی المقدمات و من إثابته ثواب المصلین لأن المراد به الصحة التی هی موافقة الأمر لظهور بطلانه و لأن المراد به سقوط القضاء عفواً و کرماً و الفعل منهی عنه و لا إثبات علیه فیکون المأمور به فی مقامه فسدت عبادته و القول بالصحة قوی الأولویة صحتها مع المخالفة.

بحث: لا یجب علی النساء جهراً

لانصراف أدلته إلی الرجال و للأخبار الخاصة

ص: 157

و للإجماع المنقول بل حکمها التخیر فی مقام الجهر و الأحوط و الأفضل لها الإخفات فإذا أمت النساء فالأحوط لها أن تجهر بقدر ما تسمعهن و لا تتجاوز عن ذلک کما نطقت بذلک الأخبار و فیها بقدر ما تسمع إن قرأت بضم التاء و إن قرأت بفتحها کان دلیلًا علی استحباب الإخفات و لو أسمعت الأجانب حرمت قراءتها بناءً علی أن صوتها عورة کما هو المشهور و علیه الإجماع المنقول و فسدت صلاتها لتوجه النهی لنفس العبادة لا لأمر خارج کما قد یتوهم و الأظهر وفاقاً للأکثر و عمومات الأدلة و الاحتیاط و لأصالة الاشتراک فی التکلیف و لما جاء من أن صوتها عورة إن الإخفات واجب علیها فی مقامه خلافاً لجمع تمسکاً بالأصل و صرفه للأدلة عنها إلی غیرها من الرجال و لا یخفی ضعفه و الخنثی تلحق بالرجال هنا للاحتیاط و تعلق الشک فی المکلف به فیجب الإتیان بما یعلم الخروج عن العهدة و یقوی القول بإلحاقها بالنساء فی الحکم للأصل و تعلق الشک فی نفس التکلیف بها لا نفس المکلف به بعد العلم بالتکلیف لعدم تحقق ما کلفت به فلا یکون من موارد الاحتیاط الواجب و الأقوی الأول لعموم الأدلة و غایة ما خرج النساء فیبقی الباقی.

بحث: یجب الإخفات فی الأخیرتین قراءةً أو تسبیحاً للتأسی

و ظاهر بعض الأخبار کقوله سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن الرکعتین اللتین یصمت فیهما الإمام و ظاهر الإجماعات المنقولة و ظاهر التخییر بین القراءة و التسبیح هو بدلیة أحدهما عن الآخر فیجری أحکام کل منهما و إن لم یذکر البدلیة فی الأخبار و أوجب الجهر بعد العشویة و هو شاذ مخالف لفتوی أصحابنا و روایة من صحب الرضا (علیه السلام) و سمعته ما یقول فی التسبیحات لا دلیل فیه علی الجهر کما هو ظاهر و یتخیر المصلی فی باقی الأذکار بین الجهر و الإخفات و یستحب الجهر فی صلاة الجمعة من دون شک و فی ظهرها علی الأظهر و للأخبار و الإجماع المنقول و الأحوط ترک الجهر لغیر الإمام کما دلت علیه بعض الروایات و أفتی به بعض الأعلام و أحوط منه ترک الجهر مطلقاً للأخبار الناهیة عن ذلک و هی و إن تقاوم ما قدمناه لکنها توافق الاحتیاط و یستحب الجهر بالبسملة فی الأولتین للأخبار و الإجماع إماماً کان أو مأموماً خلافاً لأبی علی

ص: 158

فخصها بالإمام و هو متروک و یلحق بالأولتین الآخرتین علی الأظهر الأشهر و لإطلاق الأخبار و کلام الأخیار خلافاً لابن إدریس فمنع الجهر فیهما اقتصاراً علی الیقین و هو الأولیتان و هو أحوط و أما الجهر بها فی جهریة المسبوق و إخفاتیة فمشکل و الأحوط الإخفات علی المأموم المسبوق حتی ینفرد.

القول بما لا تجوز قراءته

اشارة

و هو أمور:

أحدها: تحرم قراءة العزائم الأربع بنیة الجزئیة

للاحتیاط فی مقام الشک و الإجماع المنقول و الشهرة المحققة و الأخبار الناهیة و لاستلزام قراءتها إما فعل السجود و هو زیادة فی المکتوبة منهی عنه و هو من الفعل الکثیر و إما تأخره بعد الصلاة و هو من الفوریات التی یحرم تأخیرها و کون المانع منه شرعیاً لا یقضی بجوازه بعد کون السبب اختیاریاً بفعل المکلف فیقضی بتحریم السبب ابتداءً و تحریم تأخیر المسبب استدامة و أما ترک ما یوجب السجود فیلزم نقصان السورة و أما العدول عنها ناویاً ذلک فی الابتداء فیلزم القران بین سورة و بعضها و ما یقال من أن هذا مع ابتنائه علی وجوب إکمال السورة و تحریم القران مبنی علی فوریة السجود و الإبطال بزیادته و کله ممنوع لا وجه له لوجوب إکمال السورة کما تقدم و لوجوب الفوریة بالإجماع المصرح به و بالأخبار المشعرة بذلک المؤیدة بفتوی الأصحاب و لبطلانها بزیادة السجدة للإجماع المصرح به و لفتوی المشهور و للأخبار الناهیة عن زیادة السجود خصوصاً و عن الزیادة مطلقاً فی المکتوبة القاضی بالفساد و لکونه من الفعل الکثیر مطلقاً أو فی خصوص المقام و کحرمة القران بین سورة و بعضها لظاهر الصحیح الناهی عن قراءة أکثر من سورة و للتشریع بنیة الجزئیة فی البعض فیکون محرماً فیشبه کلام الآدمیین و ما ورد فی بعض الصحاح من جواز السجود فی الفریضة محمول علی حالة السهو و وقوع السجود إیماءً أو علی التقیة فظهر مما ذکرنا أن قراءة أحد العزائم فی المکتوبة أصالة بل و عارضاً علی الأظهر مبطلة للصلاة من حین الابتداء بها و بالتسمیة ناویاً أنها منها إذا نوی بها الجزئیة لحرمة الأصلیة و التشریعیة فیشبه کلام الآدمیین و لعدم قبول الصلاة للفاسد فی أثنائها

ص: 159

للشک فی المانعیة و لو لم ینو الجزئیة فلا بأس ما لم یقرأ نفس موجب السجدة فإن قرأه بطلت صلاته أیضاً لظاهر التعلیل فی الأخبار من أن النهی عن قراءة العزائم إنما هو لمکان السجود فیدور مداره وجوداً و عدماً لو لا تحریم القران و لظاهر أخبار أخر دالة علی تحریم إیقاع الإنسان نفسه فی موارد الاضطرار إلی تلک الواجبات الفوریة إن أوجبنا علیه تأخیر السجود إلی تمام الصلاة و علی تحریم قطع العمل فیحرم ما یؤدی إلیه إن أوجبنا القطع و لا یصح الحکم بصحة الصلاة و الإتیان بالسجود فی أثنائها لمخالفته للأخبار و کلام الأخیار و إما قراءتها سهواً فإن کانت تماماً فلا یبعد الاجتزاء بها و الإیماء إلی السجود لا بنیة أنه السجود الأصلی بل بنیة أنه بدله إلی أن یفرغ فیسجد بعد ذلک استصحاباً لبناء وجوبه و جمعاً بین ما دل علی وجوب الإیماء و ما دل علی وجوب السجود من دون بیان إقامة الإیماء مقامه و إعطاؤه أحکامه و الأحوط إعادة سورة أخری و لو ذکر بعد قراءة السجدة فلا یبعد وجوب إتمامها و الاجتزاء بها و یومئ و یسجد علی نحو ما تقدم و الأحوط العدول إلی غیرها و عدم إتمامها و شبهة القران هنا ضعیفة کشبهة المنع من العدول عند مجاورة النصف لأن المتیقن من المنع فیهما غیر ما نحن فیه و لو ذکر قبل قراءة آیة السجدة وجب علیه العدول و إن بلغ النصف و شبهة المنع من هاهنا أضعف لقوة دلیل قراءة آیة السجدة و لعدم انصراف الأمر بقراءة السورة لمفروض المسألة و یسجد فی النافلة إذا قرأ العزیمة للأخبار المجوزة لقراءتها و السجود لها و لو ترک السجود بنی علی مسألة النهی عن الضد و لا یبعد الصحة.

ثانیها: یحرم القران بین السورتین و سورة و بعضها

علی أن ینوی ابتداء قبل التلبس بالسورة ذلک قاصدا لجزئیتها وفاقا للمشهور و الإجماع المنقول و للنهی عنه فی صحیح الأخبار و الآمر بإعطاء کل رکعة حقها من الرکوع و السجود و فیها ما یشمل السورة و بعضها و لا یحمل علی التامة کما فی البعض الآخر لعدم حمل العام علی الخاص فی مقام الإثبات و لحرمة التشریعیة المؤدیة إلیها نیة الجزئیة و تبطل به الصلاة لفهم المانعیة من النواهی الأصلیة و لعدم قبول الصلاة لجزء فاسد فی أثنائها محرم بالحرمة الأصلیة و التشریعیة و لشبهه بکلام الآدمیین لعدم انصراف القول إلا المحلل

ص: 160

الثانی بهما حصول الشک فی المانعیة الموجب للاحتیاط و إجازة بعضهم استناداً للأصل و استضعافاً لروایات المنع و فیه أن الأصل مقطوع و الروایات أغلبها بین صحیح و موثق و کلاهما حجة و تمسکاً بصحیحة ابن یقطین الناهیة للبأس عن القران فی المکتوبة و النافلة و بموثقة زرارة المشتملة علی لفظ (یکره أن یجمع بین سورتین فی الفریضة) و فیه إن لقی البأس منافٍ للاتفاق علی المرجوحیة و لا قائل بظاهره فحمله علی التقیة أولی لموافقته لمذهبهم و لفظ (یکره) فی الموثقة لا تدل علی الکراهة بل هی قابلة للأمرین و تخصیصه بأحدهما لا مرجح له و لو قصد القرآنیة المحضة فالأظهر انه لا بأس به للعمومات المجوزة للقرآن و المتیقن من الأخبار المنع و الظاهر منها بقرینة لفظ (یقرن و یجمع) انهما علی نهج واحد و ان الإتیان بهما علی طرز واحد و لا شک أن أحدهما یقع بنیة الجزئیة و إن کان الأحوط ترک السورة التامة مطلقاً و لو بعنوان القرآنیة نظراً إلی إطلاقات المنع و یشتد الاحتیاط فیهما لوقوفهما قبل الرکوع کما یفهم من لفظ (یقرن و یجمع) و لو أتی بهما قاصداً القرآنیة فی الرکوع و السجود أو التشهد أو القنوت لم یجزِ علیه حرمة القران الأصلی و إن جرت علیه حرمة التشریعیة و بطلان الصلاة به بناءً علی بطلان الصلاة بالمحرم من القران لنسبته التشریعیة و لا فرق بین تحریم القران بین أن تکون السورتان متماثلتین أو مختلفتین حمدین أو غیرهما فصل بینهما الحمد أم لا علی الأظهر فی ذلک کله و یجوز القران فی النافلة بنیة الوظیفة فیها لجواز القلیل فیها و الکثیر.

ثالثها: یحرم قراءة ما یعتقد فوات الوقت بقراءته أصاب الواقع ام لا

لتوجه النهی إلیه القاضی بفساد المنهی عنه القاضی بفساد العمل المرکب الموصول المشتمل علیه للشک فی مانعیته و شبهه بکلام الآدمیین هذا إن نوی الاستمرار علیه و إن نوی العدول إلی غیره تدارکاً للوقت لزم القران المنهی و لو قرأه نسیاناً فإن أمکن العدول إلی ما لا یفوت الوقت به من القصار وجب و إن لم یمکن قرأ ما تیسر و لکن و لو بان اتساع الوقت مضی عمله و لو خاف الضیق فی سورة طویلة و قد جاوز النصف وجب العدل و لیس هذا من موارد المنع عنه فلو عدل فتلبس بقصیرة فتبین له السعة فهل یرجع إلی

ص: 161

الأول أو یتم ما فی یده أو یرجع ما لم یبلغ نصف القصیرة و یتجاوزه وجوه أوجهها المضی و الاحتیاط لا یخفی.

رابعها: یحرم قراءة واحدة منفردة من السور الأربع

و هی (و الضحی و أ لم نشرح و الفیل و لإیلاف) للاحتیاط فی مقام الشک بإجزاء الواحدة بعد الیقین بعدم مانعیة الجمع بین اثنتین منهما و عدم إجزاء حکم القران علیها تحریماً و کراهةً للإجماع محصلًا و منقولًا علی ذلک و بعد الشک فی شمول السورة لها فیشک فی اندراج الواحدة فی الأوامر المطلقة بالسورة و ذلک لأن السورة توقیفیة لا عرفیة و لم یثبت من الشارع أن الواحدة منهما سورة إن لم یثبت أن الاثنین سورة و تصدیرها بالبسملة و إفراد کل منهما بالعنوان و إن کان یحصل به الظن یکون کل واحدة سورة و الظن بالموضوع کافٍ لکنه مع عدم المعارض و المعارض موجود لما ورد من أن أبی بن کعب لم یفصل بینهما بمصحفه و للإجماعات الحکمیة المستفیضة من أن کل اثنتین سورة نقلها المتقدمون و المتأخرون و نسب ذلک جماعة منا إلی روایات الأصحاب المشعر بحصول الإجماع فی الروایة و روی فی الفقه الرضوی انه روی و الضحی و ا لم نشرح سورة واحدة و روی الصدوق فی الهدایة مرسلًا أن الضحی و أ لم نشرح سورة واحدة و کذا الإیلاف و أ لم ترَ و روی العیاشی عن أبی العباس عن أحدهما قال: أ لم ترَ و الإیلاف سورة واحدة و روی أبو العباس و أبو جمیلة عن الصادق (علیه السلام) أن الضحی و أ لم نشرح سورة واحدة و روی آخر بشیر النبال عن الصادق (علیه السلام) إن أ لم تر و لإیلاف سورة واحدة و مع وجود هذا المعارض لا یمکن الحکم بأن کل واحدة سورة علی أن ما یشک فی جزئیته یحکم بأنه جزء فی مثل هذا المقام و أما ما ورد من قوله (علیه السلام) لا یجمع بین سورتین فی رکعة واحدة إلا الضحی و أ لم نشرح و سورة الفیل و الإیلاف فهو محمول علی الاستثناء المنقطع بقرینة ما تقدم و لأن إطلاق السورتین علیهما مجازاً مشهوراً و علی الاستثناء المتصل من باب الحقیقة الادعائیة لأن أکثر العوام فی ذلک الوفاق لا یعرفون إلا أنهما سورتان و یدل علی وجوب قراءة کل اثنتین منها و إن کانتا

ص: 162

سورتین الإجماع المنقول بل المحصل و الصحیح صلی بنا أبو عبد الله (علیه السلام) فقرأ الضحی و أ لم نشرح فی رکعة و ظاهرها الفریضة و لا قائل بالفصل بین هاتین و بین الباقیتین و ظاهر فعله (علیه السلام) لعدم استثنائه من تحریم القران أو کراهته بوصف الاستحباب لعدم القائل به و بعده عن المقام و ما ورد فی الصحیح صلی بنا أبو عبد الله (علیه السلام) فقرأ فی الأولی الضحی و فی الثانیة أ لم نشرح مهجور غیر معمول علیه أو محمول علی التقیة أو نافلة تجوز فیها الجماعة و الصحیح الأول الموافق و إن کان قابلًا للحمل کالأخیر إلا أن الشذوذ صیر الحمل الثانی مقبولًا و حمل الأول مردوداً و هل تجب البسملة بینهما یقوی القول بالعدم لما فی الجمع أن الأصحاب لا یفصلون بینهما بها و لارتباط السورتین بعضاً ببعض الدال علی زیادة البسملة لظهور ما دل علی أنهما سورة واحدة فی عدم فصل البسملة بینهما و لما ورد من حذفها فی مصحف أبی و لکن الأحوط للمصلی الإتیان بها الاحتیاط الواجب فی مقام الشک فی الخروج عن العهدة بدونها مع القطع بعدم المانعیة بالإتیان بها و مع الشک فی تحقق موضوع السورة بدونها أیضاً لاحتمال أنها سورة واحدة فبینهما بسملة کما فی سورة النمل و إن یظهر ربطها المتساوی و الأحوط تعیین السورة عند ابتداء البسملة من السورة الثانیة و أن کانتا بسورة واحدة و تجزی الواحدة منها فی النافلة غیر الواجبة بالعارض.

خامسها: یحرم قول آمین بعد الفاتحة

للمنفرد و المأموم سراً و جهراً بقصد المشروعیة و الجزئیة للأخبار الناهیة عن ذلک و للإجماعات المنقولة و الشهرة المحصلة و الاحتیاط فی العبادة و لکونه من شعار العامة و الرشد فی خلافهم و تبطل الصلاة لقاعدة الشک فی المانعیة و لظواهر النهی عن الشی ء فی العبادة فإن تدل علی المانعیة حتی صار من قبیل الحقائق العرفیة و للإجماعات المنقولة علی الإبطال و لشبهها بکلام الآدمیین یعد تعلق النهی به و لو کانت دعاء لانصراف المستثنی منه إلی المحلل و لتعلق النهی التشریعی بها إن لم یلحظ النهی الأصلی فتحرم علی الأظهر لتغیر هیئة الصلاة بها أو لأنها تشبه بکلام الآدمیین حینئذ و لمنع أنها من الدعاء و الذکر إما لأنها کلمة تقال

ص: 163

أو تکتب للختم کما ورد أنها خاتم رب العالمین و أما لعدم عدادها فی الأسماء الحسنی فلا تکون ذکراً و لعدم وصفها للدعاء نفسه بل الاسم الدعاء و الاسم غیر المسمی فلا تکون دعاء و هو مبنی علی أن أسماء الأفعال موضوعة لألفاظ الدعاء لا لمعانیه و إن الدال علی ألفاظ الدعاء لا یدخل تحت لفظ الدعاء و کلاهما منظور فیه لأن الظاهر إن کلما قصد به دعاء سواء وضع له اللفظ إصالة أم لا و سواء کان الدعاء بعد مدلوله حقیقة أم لا بل کان مجازا و لو من المستعمل نفسه کان داخلًا تحت اسم الدعاء و یشمله حکمه و آمین أما من ألفاظ الدعاء أو من المشترک بینه و بین غیره فإذا أرید منه الدعاء صار دعاءً فالوجه فی المنع ما ذکرناه من الوجوه أو لا و لکن إن اقتصرنا فی تحریمها و إبطالها علی الأخبار الواردة عن الأئمة (علیه السلام) الأطهار کالصحیح الناهی عن قول

المأموم لها و لا قائل بالفرق ممن یعتد به و کروایة الحلبی و حسنة زرارة و روایة دعائم الإسلام الدالة علی تحریمها مطلقاً و کالروایة الدالة علی أن النصاری تقولها و کالروایة الواردة عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لا تزال بخیر و علی شریعة من دینها و لحسنة جمیل ما لم تکن صحة آمین و کصحیحة مطولة ابن وهب أقول آمین إذ قال الإمام غیر المغضوب علیهم و الضالین قال: هم الیهود و النصاری. المشعرة بالمنع من ترک الجواب و من إرجاع الضمیر للقائلین أما حقیقةً أو کنایة عن العامة اقتصرنا فی التحریم علی قولها بعد الحمد فلا یسری لقولها فی مکان آخر لکنها مطلقة بالنسبة إلی قصد الجزئیة و عدمه فیظهر منها الإبطال بها مطلقاً و لکن بقرینة الجواب و السؤال و السیاق الأخبار لان المنهی عنه هو ذلک المعهود الذی یفعله العامة و یجعلونه من الوظائف الشرعیة فی المکان الخاص فیصیر المحرم المقطوع به من الأخبار هو ذلک و إن استندنا إلی تحریمها مع ذلک لحرمة التشریع و إلی إبطالها لمشابهة المحرم لکلام الآدمیین أو لتغییر هیئة الصلاة به فیشک فی مانعیتها حرم قولها فی جمیع الصلاة بتلک النیة و إبطالها و لیس للمکان الخاص فیه مدخلیة و إن استندنا مع ذلک إلی أنها من کلام الآدمیین و لیست دعاء و لا

ص: 164

ذکر حرم قولها بنیة الجزئیة ونیة القربة المطلقة فی المکان الخاص و فی غیره و لکن هذا الأخیر لا یخلو عن إشکال بل الأقوی خلافه و جواز قراءتها لا بذلک النیة مطلقاً سیما فی غیر المکان المخصوص بنیة الدعاء و الأحوط ترکها فی المکان المخصوص مطلقاً لإطلاق الأخبار و أحوط منه ترکها فی غیره حتی فی القنوت ما عدا المنصوص به من الأدعیة عموماً و خصوصاً و الأحوط ترکها فی الأدعیة العامة أیضاً و کذا فی النفلة إذا لم یقصد الجزئیة و لو قصدت حرم ذلک و ما ورد فی روایة جمیل بعد السؤال عنها ما أحسنها محمول علی التقیة إن أرید بها التعجب و إن أرید النفی کان فاعل أخفض هو الإمام (علیه السلام) و الجملة من کلام الراوی و اخفاضه کان للتقیة و إن اخفاض الصوت منه أو من الراوی کان علامة علی عدم رضاه بها.

القول فی العدول:

بحث: الأصل الأول یقضی بجواز العدول من عمل إلی عمل

بمعنی نقض الأول و الإتیان بالثانی أو إعادته مرة أخری فتبین بطلان ما فعله ابتداءً لتوقف صحته علی إتمامه إذا کان من الأعمال المرکبة الداخلة فی المأمور به الهیئة المجموعیة لا من الأوامر المستقلة التی لا تبطل بعدم الانضمام نعم لو بقی الأول بحدیث (لا تبطلوا أعمالکم) منظور فیه لعدم الظن بعمومه من حیث أن الخارج منه أکثر من الداخل فیه و من جهة عدم العامل بعمومه فلیحمل علی المجاز المرسل و یراد منه الصلاة بخصوصها أو یراد منه إبطال بالکفر و النفاق و الربا و العجل کما ذکره أو المراد لا تأتوا بها باطلة ابتداء و قد یقوی القول بالحاق أجزاء الصلاة فی تحریم الإبطال العمل المأتی و العدول إلی غیره أو الإتیان به ابتداءً لتأدیته للزیادة المنهی عنها فی الصلاة و لیعتبر الهیئة به المتلقاة من الشارع لعدم ورود فعله عن المعصومین (علیه السلام) بقول أو فعل عدا ما استثنی و للشک فی مانعیة القطع و الإعادة و العدول إلی آخر و لشبهة القران فی بعض الموارد من القراءة فحینئذٍ لا یجوز قطع العمل مجاناً و إعادته و لا یجوز العدول إلی غیره من الأمور المخیر فیها کالعدول من التسبیحات الصغریات إلی الکبریات و العدول من القراءة إلی

ص: 165

التسبیح أو بالعکس فی الأخیرتین و قطع السورة الواحدة و تحدید ابتداء و غیر ذلک و یلحق بذلک العدول من المعدول إلیه المنصوص علی جوازه إلی آخر و إلی العدول عنه لأنه المتیقن من الجواز هو العدول فی مرتبة واحدة و إلی غیر المعدول عنه و کذا یلحق به المشکوک بجوازه لفقد الدلیل علیه کالعدول بعد تجاوز الحمد من النصف و العدول من الحمد و الإخلاص إلی غیر الجمعة و المنافقین أو إلیهما فی غیر یوم الجمعة أو إلیهما بعد تجاوز النصف و المعدول من الجمعة و المنافقین لغیرهما مطلقاً فی یوم الجمعة و العدول من الجحد إلی الإخلاص و بالعکس و هکذا کل مشکوک به.

بحث: یجب العدول لضیق الوقت عما قرأه من السورة خاصة راجحة

أو لنسیان بعض السورة أو لتعلق النذر بسورة خاصة راجحة للنسیان و للشک فی صحة جزء منها أو لامتناع إتمامها لخوف أو تقیة فإنه فی ذلک کله یجب العدول مطلقاً تجاوز النصف أو الثلثین أم لا تقد للأمر بالسورة و الاهتمام بها علی النهی عن العدول عنها لانصراف النهی عن العدول إلی غیر محل الفرض قطعاً و لو دار غلطه بین کلمتین فهل یأتی بهما احتیاطاً أو یعدل و أن تجاوز حمل العدول الأظهر الثانی.

بحث: یجوز العدول من سورة إلی أخری فی غیر ما ذکرناه بنیة الوظیفة الشرعیة و الجواز لا بنیة الاستحباب

اشارة

و لو نوی الاستحباب فی القطع و الإتیان بالمعدول إلیه شرع فی نیته و صحت صلاته و یدل علی ذلک الأخبار و فتوی مشهور الأخیار و لا یتفاوت الحال فی جوازه بین نیة السورة المعدول عنها ابتداء أو استدامة إلی حین العدول و بین نیة غیرها ابتداء و لکنها غربت حین إرادتها فتوی غیرها فذکر إرادتها فعدل إلیها أما لو قرأ سورة فهی فقرأ غیرها من و دون قصد لها و شعورها وجب علیه الرجوع إلی الأول و هو من أمور العدول الواجب أو من الخارج عن مسألة العدول

و یستثنی من جواز العدول أمور:

أحدها: لا یجوز العدول عند تجاوز النصف الأول

الذی یستحب منه الصلاة لبسملة لأصالة عدم جوازه کما ذکرنا و المتیقن من جوازه فی الأخبار هو ما قبل مجاوزة

ص: 166

النصف و سبب ذلک أن الغالب فی موارد العدول تذکر ما یجب قراءته هو ما دام ما لم یتجاوز النصف و مع مجاوزته فالأغلب المضی فیه و لروایة دعائم الإسلام و فیها و له ذلک ما لم یأخذ فی السورة الأخری و للإجماعات المنقولة و لفتوی المشهور الجابر لما تقدم و المؤید بحدیث (لا تبطلوا أعمالکم) و بما جاء من المنع عن القران خرج ما قبل التجاوز فیر عدد الحروف و لو بحرف واحد فمتی تجاوز حرم علیه العدول و لو عدل لم تبطل صلاته بالنیة مجردة حتی یدخل فی المعدول إلیه فإذا دخل بطلت الصلاة لحرمة المعدول إلیه فیشبه کلام الآدمیین و یحصل منه التعیین لهیئة الصلاة و الزیادة المنهی عنها نهیاً یظهر منه إبطال العمل به و لو عدل سهواً عاد علی المعدول عنه وجوباً و إلا بطلت صلاته علی الأظهر کما قدمناه و لو شک فی مجاوزة النصف تمسکاً بالأصل علی الأظهر و قیل بتحریم المعدول عنه عند بلوغ النصف و إن لم یتجاوزه نسب للمشهور استناداً لبعض العمومات المتقدمة و لروایة الفقه الرضوی و احتیاطاً للعبادة فی مقام الشک و هو ضعیف ترده الروایات المستفیضة المجوزة للعدول مطلقاً و منها الصحیح یرجع من کل سجدة إلی قل هو الله أحد و قل یا أیها الکافرون و الصحیح الآخر من افتتح بسورة ثمّ بدا له أن یرجع فی سورة غیرها فلا بأس إلا قل هو الله أحد لا یرجع منها إلی غیرها و کذا قل یا أیها الکافرون و الروایات المجوزة للعدول مع بلوغ النصف کروایة علی بن جعفر فیمن أراد فقرأ غیرها حتی بلغ نصفها هل یصلح له أن یقرأ نصفها ثمّ یرجع إلی السورة التی أرادها قال: (نعم ما لم یکن قل هو الله أحد و قل یا أیها الکافرون) و ظاهرها أنه بعد أن أراد سورة نسی ما أراد فنوی غیرها أو أطلق فقرأ غیرها حتی بلغ النصف و هو من مواضع محل المنع فی العدول و الجواز و لا یمکن حملها علی الساهی بقراءته بالخصوص لبعده عن الإطلاق و عدم ملائمته الاستثناء السورتین و الصحیح فی الرجل یقرأ فی المکتوبة بنصف سورة ثمّ ینسی فیأخذ فی أخری حتی یفرغ منها ثمّ یذکر قبل أن یرکع و لا یضره و هو بإطلاقه شامل لما ذکرناه و کالمنقول عن نوادر البیزنطی فی الرجل یرید أن یقرأ فی سورة فیقرأ أخری قال یرجع إلی التی یرید و إن بلغ النصف و القول بالتفصیل بین من أراد قراءة سورة فقرأ غیرها فإنه یعدل و إن تجاوز النصف

ص: 167

و بین من لا یرید ابتداء غیر ما قرأ فإنه لا یعدل إذا بلغ النصف قول لم نرَ به قائلًا ممن یعتد به و قیل بعدم تحریم العدول إلی بلوغ الثلثین فیحرم تمسکاً بإطلاقات جواز العدول و بروایة عبید بن زرارة و فیها أن له أن یرجع ما بینه و بین أن یقرأ ثلثها و هو ضعیف محمول علی إرادة مجاوزة النصف من باب مجاز المقاربة.

ثانیها: لا یجوز العدول عند قراءة الجحد و الاخلاص قبل البسملة أولًا
اشارة

إذا تشخصا بها الأخبار المستفیضة و الإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و الشک فی المانعیة الموجب للاحتیاط فی العبادة نعم لو وقعا سهواً من دون نیة أصلًا و غلط بعد نیة غیرهما لم یعتد بهما و کانا بمنزلة العدم و یستثنی من ذلک العدول منها إلی الجمعة و المنافقین فإنه یجوز العدول منهما إلیهما للشهرة المحصلة و الإجماع المرکب المنقول المدعی ترکیبه إن کل من قال بجواز العدول من التوحید قال بجوازه من الجحد و لروایة علی بن جعفر و فیها سألته عن القراءة فی الجمعة بما یقرأ قال بسورة الجمعة و إذا جاءک المنافقون و إن أخذت فی غیرها و إن کان قل هو الله أحد فأقطعها من أولها و أرجع إلیها و لا یبعد أن الأخبار الناصة علی جواز العدول من التوحید إلیها من باب التنبیه بالأدنی إلی الأعلی کما تشعر به الروایة و لا یشترط فی جواز العدول منها إلیهما قصد الجمعة و المنافقین ابتداءً ثمّ یسهو فیقرأ الجحد و الاخلاص کما هو مدلول بعض الروایات الصحیحة لإطلاق الفتاوی و بعض النصوص کروایة علی بن جعفر المتقدمة و روایة الدعائم و خصوص المورد فی الروایات الصحیحة لا یقید إطلاق الروایات الأخر علی أن القصد الأول إلی الجمعة و المنافقین ابتداءً بعد الغفلة عنه و القصد إلی غیرهما و عدم وقوع غیرهما غلطاً و سهواً بل وقع عمداً لا یصلح فارقاً بعد صحة القصد الثانی و ترتب أثره.

فائدة: یشترط فی العدول من الجحد و الاخلاص إلی الجمعة و المنافقین عدم بلوغ النصف

کما نسب للأکثر و الأظهر و یؤیده الاحتیاط و أنه المتیقن أخبار العدول المسوقة لتخصیص حکم المنع من العدول منهما لا لعموم الأذن و الرخصة و عدم استثناء أحد من الأصحاب العدول منهما إلی الجمعة و المنافقین من حکم المنع بعد مجاوزة النصف

ص: 168

و روایة الرضوی تشعر به و الاعتبار أیضاً فأضر به لأن الانتقال من عدم جواز العدول منهما مطلقاً إلی جوازه حتی مع التجاوز عن النصف بالنسبة للجمعة و المنافقین بعید کل البعد و الاحتیاط الواجب عند تعارض العامین من وجه یقضی به لا بین ما دل علی جواز العدول منهما إلی الجمعة و المنافقین و بین ما دل علی عدم تحریم العدول بعد تجاوز النصف عموم من وجه و یؤید الأول أخبار جواز العدول من سورة إلی أخری مطلقاً و یؤید الثانی ما دل علی المنع من العدول عن التوحید و الجحد مطلقاً و الجمع بالتخییر لا قائل به فلم یکن إلا الاحتیاط بالمنع لقوة دلیله و موافقته للاحتیاط و الشک فی عموم جواز العدول منهما إلی السورتین حتی فی الصورة المفروضة و منه یظهر عدم جواز العدول منة غیر الجحد و التوحید بعد مجاوزة النصف إلیهما فلا یبعد جوازه بالطریق الأولی فی غیرهما.

فائدة: یشترط فی جواز العدول منهما إلی الجمعة و المنافقین أن یکون فی یوم الجمعة دون لیلتها و دون صبیحتها

لاختصاص الأدلة بیوم الجمعة و انصراف یومها إلی صلاة أو ظهرها بل لا یبعد الاقتصار علی صلاة الجمعة ظهرها دون عصرها بل الاقتصار و علی صلاة فقط و دعوی دوران الحکم من جواز العدول مدار ما شرعت فیهما فضیلة السورتین لم یقم علیهما دلیل یقضی بتخصیص دلیل المنع من العدول عن هاتین السورتین و الأحوط الاقتصار فی دلیل الجواز علی تقیید الجمعة فی الرکعة الأولی و المنافقین فی الثانیة فلا ینبغی العدول منهما إلی المنافقین فی الأولی و الجمعة فی الثانیة اقتصاراً علی المتبقی من تخصیصه دلیل المنع من باب الاحتیاط فتسقط من الصور الثمانیة المتصورة أربعة و تبقی أربعة.

ثالثها: لا یجوز العدول عند قراءة الجحد و التوحید منها الأخری علی الأظهر

لعموم أدلة المنع فتوی و روایةً و قد یقال بجوازه للأصل من الاقتصار علی الیقین من دلیل المنع أو جواز العدول من الجحد إلی التوحید لشرفه دون العکس و لکنه ضعیف.

ص: 169

رابعها: لا یجوز العدول عند قراءة الجمعة و المنافقین إلی غیرهما فی یوم الجمعة

و الأحوط إلحاق لیلتها و صبیحتها به و یدل علی ذلک ما دل علی جواز العدول من الممنوع عنه إلیهما فإنه یبنی علی أنهما غایة المعدول إلیه و لو إلی ما جاز أن یعدل عنه إلیهما بعد المنع فی غیره.

خامسها: لا یجوز عند قراءة إحدی هاتین الجمعة و المنافقین فی یوم الجمعة العدول عنهما إلی الأخری

للشک فی شمول دلیل الجواز لمثله و یحتمل الجواز فی صورة وقوع المنافقین و هو قوی.

سادسها: لا یجوز عند دوران العدول و تسلسل العدول من معدول إلیه إلی معدول منه و لا إلی غیره

و من غیره إلی غیره للاحتیاط و الشک فی شمول أدلة الجواز و یحتمل الجواز تمسکاً بعموم الأدلة و هو قوی و الأقوی جواز العدول فی النافلة مطلقاً من أی سورة لأی سورة تجاوز النصف أم لا لاغتفار الزیادة فیها.

بحث: یتخیر المصلی فی کل ثالثة أو رابعة بین قراءة الفاتحة و بین التسبیح

منفرداً کان أو إماماً أو مأموماً خلافاً لمن منع القراءة علیه فی أخیرتی الإخفاتیة أو منعها و التسبیح أو خیر بینهما و بین السکوت و سیجی ء بطلانه فی الجماعة إن شاء الله تعالی ناسیاً للصلاة فی الأولتین أم لا لإطلاق الأخبار المستفیضة و الإجماعات المتکثرة و الشهرة المحققة المحصلة بل الاتفاق عند الشیخ (رحمه الله) فی الخلاف فعین القراءة علی من نسیها فی الأولتین و الأخیرتین و ظاهره أنه تساهل فی کلا الأولتین وجبت فی کلا و إن نسیها فی واحدة وجبت فی واحدة و یحتمل أنه فی الصورة الأولی یوجبها فی واحدة للزم خلو الصلاة من الفاتحة لو لا ذلک و فی الصورة الثانیة لا یوجب شیئاً و علی کل حال فمذهب شاذ و مستنده ضعیف لأن عموم لا صلاة إلا بفاتحة الکتاب مخصوص بصورة العمد فی الأولیتین لتبادره منه و فهم الأصحاب له و لتخصیصه بالأدلة المتکثرة الغالبة علیه فی القوة بنفسها و بالاعتضادات الخارجیة الدالة علی سقوط حکم الفاتحة عن الناسی فلو کان بین الحروف الخبر و بین ما جاء فی التخییر عموم مطلقاً من وجه کما

ص: 170

یتخیل فی بادئ النظر لکان الترجیح لما جاء من التخییر مطلقاً لقوته و شهرته و کثرته فلا یعارض الضعیف النادر و أما خصوص ما ورد فی الصحیح الوارد فیمن نسی القراءة فی الأولتین فقال: یقضی و التکبیر و التسبیح الذی فاته فی الأولیتین فی الأخیرتین و عنه قلت أسهو فی الثانیة قال اقرأ فی الثالثة و فیه أولًا أنه أمر بالقضاء و ظاهره أنه مع التسبیح لا تعیینه مکان التسبیح و ثانیه أنه موافق لفتوی العامة کما نقل أنه مشتمل علی ما لا نقول به من قضاء التکبیر و التسبیح و ثالثاً أنه موافق لفتوی العامة و رابعاً أنه مشتمل علی ما لا یقول به أحد من قضاء القراءة الشاملة للحمد و السورة و مع ذلک فلیس له قابلیة المعارضة لما هو أقوی منه مما ذکرناه و من الأخبار المصرحة بإجزاء تکبیرة الرکوع و السجود عن ناسی القراءة و بإجزاء الرکوع نفسه الظاهرة فی مقام البیان فی سقوط إیجاب شی ء آخر و من الصحیح المصرح بکراهة القراءة فی خصوص المکان و عنه الرجل یسهو عن القراءة فی الأولیتین فیذکر فی الأخیرتین قال أتم الرکوع و السجود قلت: نعم قال: إنی أکره أن أجعل آخر صلاتی أولها. و الظاهر أن المراد منه علی سبیل الإیجاب.

بحث: یجب قول سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أکبر بهذه الکیفیة الخاصة

و الترتیب الخاص لورود الأمر به فی الأخبار العدیدة بهذه الکیفیة الخاصة الإجماع المنقول و للتأسی بالمحقق صدوره عن الأئمة (علیهم السلام) و للاحتیاط الواجب فی مقام الشک و الواو داخلة فی القول لا عاطفة للقول کما هو المفروض من فعلها و الظاهر من الأخبار الآمرة بها ذلک و الاحتیاط و الأخبار أیضاً یدلان علی دخولها و ما ورد فی الأخبار مما دل بإطلاقه علی خلاف ذلک محمول علیه حملًا للمطلق علی المقید فظهر بذلک ضعف قول من اجتزأ بمطلق الذکر لروایة عبید بن زرارة فیها و إن شئت فاتحة الکتاب فإنها تحمید و دعاء لمکان التعلیل الدال علی إجزاء مطلق الذکر لروایة علی بن حنظلة و فیها و إن شئت فأقرأ فاتحة الکتاب و إن شئت فأذکر الله لا یعارضان ما تقدم فیحملان علیه و کذا ظهر ضعف قول من خیر بما فی الأخبار جمعاً بینهما بالتخییر لأن الجمع بالتخییر إنما یکون بعد المقاومة و لیس للأخبار الدالة علی الذکر أو

ص: 171

علی التسبیح أو علی سبحان ثلاثاً أو علی التسبیح و التکبیر و التهلیل و الدعاء کما فی الصحیحین مقاومة لغیرها مما دل علی خصوص الصورة الخاصة باعتبار الإطلاق و التقید لأن الجمع بالإطلاق و التقیید مقدم علی أن الجمع بالتخیر و مفهوم ترک البیان هنا ضعیف جداً فلا یعارض المنطوق و کذا قول بالتسبیح مسقط للتکبیرات الثلاث و نسب لوالد الصدوق (رحمه الله) و لغیره تمسکاً بالصحیح المروی فی الفقیه فی بحث الجماعة الحاکم بالتسع و هو مضطرب لروایته له فی باب الصلاة بالاثنی عشر بروایات التکبیر الثلاث و کذا فی البراءة فی ما استطرفه من کتاب حریز فیضعف الظن به و یکون احتمال السقوط أقوی من احتمال الزیادة سیما إن التکبیر بخصوصه موجود فی الأکثر من روایات المسألة بصفته الخاصة و بمصدره العام و قد روی راوی التسع روایة الأربعة المشتملة علی التکبیرات و فیه ما یجزی من القول فی الرکعتین الأخیرتین فقال تقول سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أکبر و کذا قول من قال بالعشر یرید للتکبیر فی الأخیرة بواحدة منها مطلقاً و مع ذلک لم نعثر علی مستنده سوی أن روایة التسع فیها بعد إتمامه العدد ثمّ تکبر و ترکع و الظاهر منه إرادة تکبیر الرکوع و لا أقل من التردد و الاحتمال المبطل للاستدلال هذا کله فی الکیفیة و أما الکمیة فالأقوی فیها التخیر بین الأربع و الاثنی عشر علی أن تکون الوظیفة أحدهما لا أزید من الاثنی عشر و لا أنقص منها ما عدا الأربع و یفسد بحیث لو أتی به بعنوان الوظیفة کان تشریعیاً و لا یبعد أنه یفسد و یفسد و الدلیل علی التخیر هو الجمع بین ما جاء فی الأربع فی مقام البیان فإن ذکر شی ء و عدم ذکره خلافه فی مقام یفهم منه الاقتصار علیه و هو من المفاهیم الصالحة للحجیة مع عدم المعارض و ظهور لفظ یجزی فی الصحیحة فی الاکتفاء بها عدداً و کیفیة لا ینکر فلا یرفعه احتمال أنه لبیان المادة و الکیفیة لا لبیان العدد کما قیل و بین ما دل علی خصوص الاثنی عشر من روایة حکایة فعل الرضا (علیه السلام) فی بعض النسخ و هی و إن ضعفت فتوی بالاحتیاط و بظهور بعض الأخبار بالبدلیة و المساواة بینهما و بین القراءة و الثلاث أقرب للفاتحة من الواحدة و بروایة مستطرفات السرائر المشتملة علی النسخة المذکور فیها التکبیر و مع قوتها بذلک صلح المقاومة

ص: 172

للجمع بالتخییر و التخییر بین الزائد و الناقص و المجتمع و المنفرد و الأقل و الأکثر لا بأس بوقوعه و قصوره لأنّه إن أحدثت الزیادة و الاجتماع و الکثرة وصفاً آخر فرعت المأمور به کالقصر و الإتمام فلا اشکال فی تحقق الوجوب التخییری و یکون المفرد الزائد لا یجوز ترکه و لا إلی بدل مغایر له لا یدخل تحته سواءً أتی به دفعةً أو تدریجاً فإن لم تحدث وصفاً منوعاً فالأقوی إمکانه أیضاً و یکون ملاحظاً وصف النقصان و القلة و الانفراد مجوزة لصدق الوجوب التخییری و إن لم تکن هذه الأوصاف داخله فی المأمور به منوعة له و التعدد و الکثرة مجوزان لتعدد الأمر و اختلاف المأمور به بحسب الاعتبار و إن لم ینوعا المأمور به نعم لو کان الزائد و الأکثر مأموراً بکل فرد منه علی حدة کما یؤمر بالأشیاء المتعددة لم یکن للوجوب التخییری معنی و کان الزائد مندوباً قطعاً و علی ما ذکرنا فالمکلف مخیراً بین الإتیان بالفرد بشرط لا و بین الإتیان به بشرط الزیادة و الاجتماع و الکثرة و دخول الناقص فی ضمن الزائد غیر مخل بعد ملاحظة وصف الدخول و عدمه و لا یعود علی الوجوب التخییری بالنقص سواء أتی به دفعةً أو تدریجاً و ذلک کمنزوحات البئر من الثلاثین و الأربعین و تسبیحات الرکوع و السجود و أمثالها فحینئذ یتصف کل من الفرد الناقص و الزائد بالوجوب التخییری و لا یتخلص الفرد الزائد للاستحباب و لا تتشخص زیادته بوصف الندب کما علیه جماعة من الأصحاب فراراً من شبهة جواز الترک لا إلی بدل و هی من خواص الندب لما ذکرناه من البدل و لا حاجة إلی تکلف اتصاف الفرد الزائد أو الزیادة بوصفی الوجوب و الاستحباب من جهتین متعددتین لحصول البحث و الکلام فی تحققه و جوازه و عدمها و تظهر الثمرة بین القولین إنه علی القول بالوجوب التخییری فیبقی الاحتیاط فی تعیین أحد الفردین قبل العمل و إن کان الأقوی کفایة نیة القدر الکلی مع التفرق عن نیة الفرد الخاص و أنه لو عین الفرد الزائد لم یجز له الاقتصار علی الناقص مع عدم نیة العدول و انه لو عینه وجب علیه الإتیان بجمیع أجزائه مصباحاً للشرائط المشترطة فی الواجب تارکاً لجمیع الموانع و إنه لو نسی فاقتصر علی الناقص لم یجز المکلف بعد نیة الزائد و إن الأحوط له عدم العدول فی الأثناء بل إتمامه علی نحو ما نوی و أنه لو عین الناقص لم یجز له الإتیان

ص: 173

بالزائد بنیة الوجوب و أنه لا ینبغی أن یعینه من بین الأفراد الأولیة و الأخیرة أو الوسط عند وقوع العمل منه تدریجاً و إن قوی القول بانصرافه إلی الأول مع عدم تعینه فی فرد و إن المکلف لو لم ینوِ الامتثال بالزائد و الناقص و أطلق کان له التعیین فی الأثناء و إن لم یعین فی الأثناء انصرف إلی الأقل و انصرف الأقل إلی أول فرد وقع من المکلف بنیة القربة لانصراف أجزاء الصلاة إلی الواجب منها ابتداء و أنه لو عین الناقص فتبین بطلانه لم یجز عنه غیره من الأفراد الصحیحة الغیر منویة و أنه لو أطلق و صح واحد و فسد الباقی انصرف الواجب للصحیح من الناقص قضاءً لجزئیة أجزاء الصلاة للجملة و إن الأحوط أن المکلف لو أطلق ابتداءً لا ینوی بالزائد الوجوب بعد ذلک لشبهة التشریع إلی غیر ذلک و هذا الکلام کله فی الوجوب التخییری الأصلی الوارد بصیغة (افعل) أو لفظ الوجوب المتعلق بکلا الفردین و أما الوجوب التخییری العقلی الناشئ من الأمر بالکلی فالأظهر عدم تحقق الوجوب التخییری فیه و عدم جواز نیة الوجوب فی الفرد الزائد دفعیاً أو تدریجیاً لإرادة الطبیعة من المأمور به و لا معنی لحصول الامتثال مرة أخری بعد ایجادها فی الفرد الأول التدریجی و فی فرد لا بعینه فی الدفعی و لا تجوز النیة أیضاً کما یتخیل لأن النیة لا تؤثر وجوباً و إنما تؤثر فی الواجب المقوم له وصف الأمر و غیره.

بحث: لا یجوز جمع الحمد مع التسبیح بنیة الجزئیة

و من فعل ذلک بتلک النیة بطلت صلاته عند الابتداء علی الأظهر و لا یجوز تلفیق أحدهما من الآخر و لا یجوز العدول من أحدهما إلی الآخر فی وجه قوی و لو فعل أحدهما من دون نیة التعیین لأحدهما قوی القول بالإجزاء و الأحوط التعیین و الإعادة إلی الفرد الذی فعله و لو نوی أحدهما فسبق لسانه إلی الآخر لم یعتد به و عاد علیه ابتداءً أو علی الفرد الآخر.

بحث: الأفضل التسبیح مطلقاً

لما ورد من شبهة النهی عن القراءة فی الأخیرتین و لما نقل أنها موافقة لفتوی العامة و لجریان السیرة علیه و لإشعار بعض الأخبار بأصالته فی الأخیرتین خلافاً لمن حکم بالتساوی مطلقاً أو أفضلیة القراءة مطلقاً أو للامام خاصةً و فی غیر متساویان أو للامام خاصةً أو لمساواة المنفرد و أفضلیته التسبیح للمأموم أو

ص: 174

أفضلیته للمنفرد أو أفضلیة التسبیح للامام إذا تیقن عدم المسبوق و القراءة مع تیقن ذلک له و احتماله و للمأموم أفضل و التخیر للمنفرد تمسکاً بظواهر الأخبار و استناداً لاختلاف الإفهام.

بحث: من تمکن من بعض الذکر فقط و کان کلاماً وجب الإتیان به

اشارة

و هل یجب تفویض ما لم یتمکن منه بذکر آخر لا یبعد ذلک و من لم یتمکن من الإتیان به علی وفق العربیة أتی به ملحوناً و من لم یتمکن منه ملحوناً أتی بذکر آخر بدله و الأحوط الإتیان به علی قدره فإن لم یتمکن من الذکر العربی ترجمه بالعجمیة علی الأظهر أو بغیرها من الألسنة و الأحوط أن لا یترجم عن الفاتحة فی الأخیرتین فإن لم یتمکن وقف بقدر الذکر و تصور ألفاظه إن تمکن و إلا فبمعانیه مجملًا أو مفصلًا و الأخرس یحرک لسانه و یعقد قلبه بصور الألفاظ مفصلًا و إلا یتمکن فمجملًا و الأحوط أن لا یشیر بیده مع ذلک.

فائدة: لا یجب الاستغفار مع التسبیح

و إن نطقت به الروایة المعتبرة لخلو الأخبار البیانیة عنه و لإعراض الأصحاب عن العمل بمضمونها نعم هو أحوط.

فائدة: یستحب الاستعاذة قبل الفاتحة فی الرکعة الأولی بنیة الوظیفة

للکتاب و الأخبار و کلام الأصحاب و یستحب الإسرار بها وفاقاً للمشهور و عمل الجمهور و یستحب أن یکون بصیغة أعوذ بالله من الشیطان الرجیم و یستحب قراءة الجمعة و المنافقین فی الظهرین یوم الجمعة الأولی فی الرکعة الأولی و الثانیة فی الثانیة للأخبار و فتوی الأخیار و الجمعة فی الأولی و الأعلی فی الثانیة فی عشائها و الجمعة فی الأولی و التوحید فی الثانیة فی مغربها و صبحها و عکس الترتیب فلا یبعد الإتیان بالوظیفة لکن لا ینبغی مخالفة المعهود فی صبح الخمیس بهل أتی و هل أتاک و العصر و المغرب بقصار السور و الظهر و العشاء المتوسطات.

ص: 175

القول فی الرکوع:

بحث: الأظهر کون الرکوع حقیقة شرعیة فی المعنی المراد للشارع

لظهور استعماله فی المعنی الجدید و کلما کان کذلک فهو حقیقة شرعیة و هو موضوع للصحیح و إن أفسده فاسد و صحیحه فی الزیادة علی الأظهر و حقیقته تقویس الظهر علی الصدر و البطن بالنحو المعهود حتی یصل راحتیه إلی رکبتیه علی الأظهر للتأسی و للاحتیاط فی العبادة و لقاعدة الشک فی الجزئیة و لظاهر الإجماع المنقول و لا یکفی مجرد وصول أطراف الأصابع و إن نسب إلی الأکثر و اختاره الوالد (قدّس سرّه) حتی قال کما ینبئ عنه ظاهر العرف و استدلوا علیه بصحیحة محمد بن مسلم إذا وصلت أطراف أصابعک إلی رکبتیک أجزأتک ذلک و مثلها غیرها بالإجماع المنقول علی کفایة وصول الیدین بقوله مطلقاً و الکل کما تری لعدم مدخلیة الفهم العرفی فی الموضوعات الشرعیة المستحدثة مع الشک فی معناها و عدم دلالة الصحیحة و شبهها علی المطلوب و إن استدل بها أکثر الأصحاب و لم أداراد لها لظهور لأنها فی بیان حکم الراکع بالنسبة إلی وضع کفه و عدمه و بالنسبة إلی الاجتزاء بوضع أصابعه فقط و إیصالها و عدمه لا فی بیان ماهیة الرکوع و تفضیلها و یشعر بذلک أطراف أصابعک فی رکوعک و لا أقل من الإجماع فیسقط بها الاستدلال علی أنه یمکن حمل أطراف الأصابع المتصلة بالراحة من الأسفل و لأن الإجماع المنقول من قبیل المطلق بالنسبة إلی الإجماع المنقول علی وصول الراحة فیحمل علیه.

بحث: مستوی الخلقة و إن تفاوت لا یرجع إلا إلی لنفسه

فکل مستوی یرجع لنفسه و غیر المستوی یرجع إلی المستوی بمعنی أنه یحنی نفسه إذا کان طویل الأعضاء و القامة لنسبة أعضائه قدرها ینحنی المستوی نفسه بنسبة أعضائه و کذا لو کان طویل الیدین فقط رجع بهما إلی المستوی فیهما و کذا قصیرهما أو طویل الرجلین فقط أو قصیرهما و هکذا.

ص: 176

بحث: کل فعل مشترک لا یتشخص الاحد فردیة بالنسبة التفصیلیة أو الإجمالیة و هو کونه مصلیاً

فإن الظاهر إن الجمیع ما یصدر منه من المشترکات إرادة الفعل الصلاتی و هو معنی النیة الإجمالیة و لو صدر منه الفعل المشترک مع عدم النیة أصلًا و رأساً أو مع نیة الخلاف لا یکون من الأفعال المعنیة للصلاة المبطل سبب فعلی هذا لا یتشخص الرکوع الصلاتی أو مطلقاً إلا بنیة بخلاف السجود فإنه مفسد فی العمد و إن لم ینوِ السجودیة و أما مع السهو فلا یفسد إلا مع نیة أنه من الصلاة و أما السجود فالذی یظهر أنه لا یفتقر إلی نیة أنه سجود و علاوة علی ذلک أن الرکوع ربما یقوی فیه دوران التسمیة مدار قصده فما قصد منه الخلاف لا یسمی رکوعاً مطلقاً لأنه رکوع لکنه لیس صلاتیاً فعلی ما ذکرناه لا تبطل الصلاة بزیادة الانحناء إذا لم یقصد به الرکوع بل قصد مطلباً آخر عمداً أو سهواً ما لم یکن فعل کثیر و قد ورد أن الإمام (علیه السلام) انحط فی الصلاة و ناول الشیخ العصا و ظاهره أن ذلک الانحطاط کان علی هیئة الراکع هذا کله فی نفس الرکوع و أما الهوی له فیظهر من کثیر وجوب القصد إلیه فلو هوی لغیر الرکوع فلما وصل ذکر أنه لم یرکع لم یجز أن یجعله رکوعاً إلا برفع تجدید هوی و هو مشکل لعدم الدلیل و منع تسلیم کون الانحطاط مأموراً به أصالة فیمکن أن یکون مأموراً به من باب المقدمة و مع ذلک فلا یجب تشخیصه بالنیة و لو کان مشترکاً.

بحث: الأظهر أن الرکوع رکن فی العمد و السهو و الزیادة و النقصان

کما هو الموافق للاحتیاط و لقاعدة الشغل و للمشهور بل المجمع علیه فی کثیر من أحواله و لما ورد من أنه إذا استیقن أنه زاد فی صلاته المکتوبة لم یعتد بها و استقبل صلاته استقبالًا و ورد أنه لا تعاد الصلاة إلا من خمس وعد منها الرکوع إلی غیر ذلک من الأخبار و عن المبسوط عدم البطلان بترکه فی آخرتی الرباعیة فلو سجد و لما یرکع أعرض عن السجود و رکع و سجد و هو بالحقیقة قول بعدم رکنیة السجود فی الزیادة بل بعدم رکنیتها و علی کل حال فهو ضعیف جداً و نقل عن بعض من الأصحاب أن من یسجد سجدتین من رکعة حتی رکع بعدهما أسقط الرکوع و اکتفی بسجدتین بعده عوض

ص: 177

المستبنی و جعل الثانیة أولة و الرابعة ثالثة و الثالثة ثانیة و هو قول متروک ضعیف و ورد فی الصحیح أن من نسی سجدة و رکع یقضی ذلک و لا یعید و هو متروک و لا قائل به فحمله علی بقاء المحلل أولی و علی ما ذکرناه فلو زاد رکوعاً و ذکر بطلت صلاته و لا یجوز له أن یجر نفسه إلی السجود و إذا لم ینتصب و یحتسب هویه ذلک للسجود فتصح صلاته لأن الانتصاب لا مدخلیة له بتحقیق الرکوع فما دل علی فساد الصلاة بزیادته شامل لصورة الانتصاب و عدمها فما یتوهم من صحة الصلاة لمن ذکر ذلک قبل الانتصاب فجر نفسه لعدم شمول أدلة البطلان بزیادة الرکوع لمثل هذه الصورة ضعیف.

بحث: یجب فی الرکوع الطمأنینة

و هو السکون حتی یرجع کل عضو إلی مستقره و وجوبها إجماعی و دلت علیه الروایة أیضاً و یجب أن تکون بقدر الذکر الواجب و لا یکفی مسماها فلو واصل حرکة الهبوط بحرکة الصعود و أتی بالذکر مصاحباً للحرکتین لم یصح فی حالة العمد و إن صادف الذکر حالة الرکوع و حصل مسماها و نقل الإجماع أیضاً علی وجوبها قدر الذکر الواجب و الاحتیاط الواجب یقضی به و ادعی الشیخ (رحمه الله) الإجماع علی رکنیتها و ظاهرة الفساد بترکها سهواً و هو بعید عن الأخبار و کلمات الأصحاب سواء أراد بها مسماها أو أرید بها قدر الذکر الواجب و إذا أرید بها ما یتحقق به مسمی الرکن فهو مسلم و تبطل الصلاة بترک الطمأنینة قدر الذکر الواجب المعین وجوبه بالنیة و لا تصلح إعادته مطمئناً قبل الرکوع إذا کان الترک عمداً علی الأظهر و یحتمل فیه الصحة و إن فعل حراماً کما نقول فی الطمأنینة فی الذکر المستحب فإنه لا یبعد کون ترکها فیه محرماً غیر مفسد للصلاة لعدم خروجه عن کونه ذکراً و دعاءً و لو أتی بجملة أذکار و لم ینوِ الوجوب بأحدها معیناً و إن اطمأن بأحدها انصرف ما اطمأن به للواجب و إن لم یطمئن بها وجب علیه الإتیان بما یطمئن به و لو نوی الوجوب فی جمیع أذکاره بناءً علی الوجوب التخییری بین الکل و أبعاضه فهل یکفی الاطمئنان فی أحدها أو لا بد من الاطمئنان فی جمیعها فتفسد الصلاة بدون ذلک وجهان و الأظهر فی هذه الصورة عدم کفایة الاطمئنان بقدر واحد منها.

ص: 178

بحث: لو لم یذکر اطمأن ساکتاً بمقداره

و وجوب الطمأنینة فی الجملة عند عدم التمکن من الذکر لا شک فیه و أما الطمأنینة بقدر الذکر عند عدم التمکن منه فلا یخلو من إشکال سیما عند عدم التمکن من عقد القلب فیه لعدم وجوبه أصالةً و لکنه أحوط فحینئذ یکون مخیراً بین الطمأنینة قدر الواجب و بین قدر أکثره.

بحث: لا شک فی وجوب الانتصاب بعد رفع الرأس و إقامة الصلب

للاحتیاط و التأسی و الأخبار ففی روایة أبی بصیر عن أبی عبد الله (علیه السلام) إذا رفعت رأسک من الرکوع فأقم صلبک فإنه لا صلاة لمن لم یقم صلبه و فی غیرها ما یدل علی وجوب ذلک أیضاً و فی وجوب الطمأنینة فی الانتصاب أیضاً للاحتیاط و الإجماع المنقول و لیست رکناً کما یظهر من الأخبار خلافاً للشیخ (رحمه الله) و کیف کان یکون الفرع رکناً من دون أصله.

بحث: رکوع الجالس بالنسبة إلی جلوسه کرکوع القائم بالنسبة إلی قیامه

و یتحقق بانخفاضه إلی ما یقابل جبهته مسجده و لا یجب فیه رفع الفخذین أو الامتداد إلا إذا توقف علیه مسمی الرکوع.

بحث: لو أمکنه القیام مع التقویس

وجب لأنه یجب الارتقاء إلی المرتبة العلیا قبل تمام المرتبة الدنیا لتوقف یقین البراءة علی ذلک و لو کان متلبساً بالذکر قطع إلی أن یصل إلی المرتبة العلیا و لو فاتت الموالاة أعاده و لا یلزم هنا زیادة الرکن لعدم تحققه فی مثل هذه الصورة و مع ذلک فالحکم لذلک لا یخلو من اشکال لصدق مسمی الرکوع أو بدله علیه و إن لم یتحقق کماله بإتمام الذکر فالأحوط الإتیان بهما ثمّ الإعادة و إذا کمل الرکوع الاضطراری أجزأه و لا یجوز له الإتیان بالاختیاری منه.

بحث: الأصل فی کل واجب فی الفرض أن یکون شرطاً فی الفعل إلا ما أخرجه الدلیل

لتوقیفه العبادة و لظهور اتحاد طبیعتهما و إن اختلفا فی وصف الوجوب و الاستحباب و یخرج من ذلک ما لو علق الحکم علی وصف الفرض فی الأخبار بحیث

ص: 179

استفید منه نفی الحکم عن غیر محل الوصف مفهوماً کان ذلک لا یجزی فی النقل إلا بدلیل.

بحث: من عجز من الاستقرار فی الرکوع و الانتصاب مستقلًا

وجب علیه معتمداً لوجوب تحصیل الذات و إن فات الوصف و إن توقف الاعتماد علی مقدمات وجب تحصیلها و لو ببذل مال لا یضر بالحال.

بحث: العاجز عن الرکوع الاختیاری یجب علیه الإتیان بما أمکنه من الانحناء

لأنه لا یترک المیسور بالمعسور فإن لم یمکنه الانحناء أومأ برأسه و إلا بعینیه و إلا فبواحدة و إلا فبإصبعه و إلا عقد قلبه و لو توقف رفع العجز عنه علی دواء یسیر فالأقوی وجوب رفعه مع الیقین أو الظن من أهل الخبرة و الأحوط رفعه حتی مع البذل الکثیر و لا یجب الانتظار علی العاجز کسائر أهل الأعذار حتی مع القطع بالزوال علی الأظهر لتعلق الخطاب به فی کل آن و وصف العجز مبدل للموضوع فی تعلق التکلیف فلا یجزی فیه باب المقدمة.

بحث: من کان علی هیئة الراکع وجب علیه أن یزید انحناء لرکوعه إن أمکنه

و إلا وجب الإیماء علیه مضافاً لانحنائه للاحتیاط الواجب فی فراغ الذمة و لأن المفهوم من الشارع إرادة الخضوع من المکلف مهما أمکن فارقاً بین قیامه و رکوعه.

القول فی السجود:

بحث: الذی یظهر أن للفظ السجود حقیقة شرعیة

جدیدة الاستعمال فی الأخبار فی معنی مغایر للمعنی اللغوی کما هو ظاهر للتدبر و فهم قدماء الأصحاب و القدماء یعطی ذلک أیضاً و فی الموثق قال سألته عن الرکوع و السجود هل نزلا فی القرآن قال: نعم قوله عز و جل: [یٰا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ارْکَعُوا وَ اسْجُدُوا] فإنه یظهر منه معروفیة المعنی الشرعی عند السائل ذلک الیوم و کل ما استعمل فی الأخبار المتقدمة أو المقارنة لزمان الصادقین (علیهما السلام) و فی الکتاب فی المعانی الجدیدة فالأصل فیه الحقیقة الشرعیة و هو

ص: 180

موضوع لوضع الجبهة علی الأرض بالنسبة الخاصة لأنه المتبادر فی لسان المتشرعة فدعوی وضعه لوضع أحد المساجد مطلقاً ضعیف جداً و دعوی وضعه لوضع الکل مجتمعاً و إن ظهر من الروایات فی مقام البیان کقوله (علیه السلام) السجود علی سبعة أعظم و قوله (علیه السلام) السجود علی سبعة أعضاء و قوله (علیه السلام) یسجد ابن آدم علی سبعة أعظم لکنه بعید لما سیجی ء إن شاء الله تعالی فی باب السهو إن مسمی السجود یتحقق مع وضع الجبهة فقط وجوداً و عدماً و إن من وضع جبهته فقط علی الأرض مرتین فی رکعة بطلت صلاته عمداً و سهواً و أن من وضعها مرتین فقط و ترک وضع باقی الأعضاء سهواً اجتزأ به و من لم یفعل ذلک حتی دخل فی رکن آخر بطلت صلاته و إن وضع غیرها من المساجد و لأنه یلزم القائل بذلک أن من رفع یده أو أحد المساجد بعد وضع المساجد فوضعها مرتین أزاد سجودین فتبطل صلاته عمداً و سهواً لارتفاع المرکب بارتفاع جزئه و عوده بعوده و لا أظن قائلًا به من حمل الروایات علی بیان الواجب فی السجود لا علی بیان الماهیة و هو الأظهر و أما وضعه لما قام مقامه من إشارة برأس و عین فلا یخلو من تأمل لأن بدلیة الإشارة للمضطر أو العاجز عن السجود الحقیقی لا تقضی بوضع الاسم و إن اقتضت المشارکة فی الحکم علی أن القدر الجامع مما یشکل تصوره و هل هو موضوع للصحیح أو للأعم الأظهر الأول لأن أسماء العبادات موضوعة علی الصحیح و لکن یشکل إنه علی القول بالوضع للصحیح أن من رفع یده أو أحد المساجد عمداً بعد وضع الکل ثمّ أرجعها مرتین فقد زاد سجودین فتبطل صلاته و کذا من رفعها مرة لزیادته السجدة عمداً و إن من وضع جبهته مرتین دون أحد المساجد الأخری أو سهواً لا شی ء علیه إلا أن یلتزم الأول و یجعل للأول مدار الرکنیة مسمی السجود صحیحاً أو فاسداً.

بحث: و من عجز عن السجود یومئ برأسه

فإن عجز فبعینیه بعد العجز عن الانحناء المقارب للسجود أو ما تمکن منه لأن الانحناء أقرب إلی هیئة الساجد من الایماء و الایماء بالرأس أقرب إلیها من الایماء بالعین بل ربما یدعی أن الایماء بالرأس و الانحناء داخل فی ماهیة السجود فیتناوله ما لا یدرک کله لا یترک کله و لا یسقط المیسور

ص: 181

بالمعسور و الأخبار و إن وردت مطلقة فی الایماء و بعضها مقیدة فی حال الصلاة مضطجعاً و بعضها مقیدة بالعینین فی حالة الاستلقاء فهی محمولة علی ما ذکرناه لانصراف إطلاق الایماء بالرأس و تقیده به فی أخبار الأخر و ورودها بالنسبة إلی المضطجع لتمکنه غالباً منه و تقییده بالعینین بالنسبة للمستلقی لأغلبیة عدم تمکنه من الایماء بالرأس فیفهم منه أن من لم یتمکن من الایماء برأسه أومأ بعینه و فهم المشهور علی ذلک أیضاً و هو من أعظم القرائن و من لم یتمکن من العینین فبواحدة و من لم یتمکن من الکل عقد سجوده بقلبه و یحتمل قویاً وجوب الإشارة علیه بباقی المساجد و لا یبعد وجوب جعل إیماء السجود أخفض من الرکوع حتی لو أومأ بالغیر نعم لو جعل التغمیض هو الرکوع و السجود و الفتح هو الرفع بطل لوجوب الفارق.

بحث: و یسقط عن المومی السجود علی الأعضاء

لخلو الأخبار الموجبة للإیماء عن ذلک و کذلک کلمات الأصحاب و الأحوط وجوبه لأن ما لا یدرک کله لا یترک و لقربه من الهیئة الشرعیة.

بحث: جمیع الأحکام الجاریة فی سجود المختار تجری فی سجود العاجز

لظهور البدلیة منه و یجری للبدل أحکام المبدل عنه و للشک فی الفراغ بعد الشغل الیقینی لولاه فیحکم بالبطلان بزیادة إیماءین عمداً و سهواً و زیادة واحد عمداً و کذا نقصانها و الدخول فی إیماء رکن آخر کل ذلک مع نیة البدلیة علی الأظهر فلو زاد و نقص بلا نیة الرکنیة لم یکن به بأس.

بحث: فی کل رکعة سجدتان

و هما جزءان جزءان لا شک کل سجدة جزء من الصلاة و کل جزء من کل رکعة تبطل بالإخلال بها عمداً لعدم الامتثال و للإجماع و تبطل بزیادتها عمداً لقوله فی الصحیح إذا استیقن أنه زاد فی صلاة المکتوبة لم یعتد بها و للإجماع أیضاً و لا تبطل بالإخلال بها سهواً لمنقول الإجماع و الصحیح فی رجل نسی السجدة الثانیة حتی قام فذکر و هو قائم إنه لم یسجد قال یسجد ما لم یرکع و إن ذکر بعد رکوعه لم یسجد فلیمضِ علی صلاته حتی یسلم ثمّ یسجدها فإنها قضاء

ص: 182

و نحوه غیره و لا تبطل بزیادتها سهواً أیضاً لقوله (علیه السلام) و الله لا تفسد الصلاة بزیادة السجدة مؤیداً بالشهرة المنقولة و المحصلة بل بالإجماع من المتأخرین و نقل عن الکلینی و ظاهر العمانی القول بالبطلان بالإخلال بها مطلقاً للتخییر فیمن نسی السجدة قال: إن ذکرها بعد رکوعه أعاد الصلاة و لا یعارض ما تقدم لضعفه عن مقاومته مع احتمال إرادة السجدتین من لفظ السجدة علی إرادة الجنس و نقل عن السید و الحلبی القول بالبطلان بزیادتها سهواً مطلقاً لإطلاق الصحیح فی البطلان بالزیادة و فیه أنه مخصوص بما ذکرناه و نقل عن الشیخ (رحمه الله) القول بالبطلان إذا کان الإخلال بها سهواً مطلقاً لإطلاق الصحیح فی البطلان بالزیادة و فیه إنه مخصوص بما ذکرناه و نقل عن الشیخ (رحمه الله) القول بالبطلان إذا کان الإخلال بها سهواً فی الأولیتین دون الأخیرتین لما دل علی أنه لا سهو فی الأولیتین و لخصوص الصحیح إذا ترک السجدة فی الرکعة الأولی فلم قدر واحدة أو اثنتین استقبلت حتی یصح لک اثنتان و هو مردود بما سیجی ء إن شاء الله تعالی من إرادة الرکعات من تلک الأخبار الأول و من إجمال الصحیح و ضعف مقاومته لما تقدم من کل وجه علی أن السؤال فیه ممن ترک سجدة فی الأولی نسیاناً و الجواب غیر مطابقٍ له لتضمنه حکم الشک إلا بطریق الأولویة و هو ممنوع فلنحمل الصحیحة علی ما ذکر و هو مرید الرکوع إلا أنه متلبس.

بحث: الرکن هو السجدتان معاً فی رکعة واحدة کانت مع نیة إنهما سجدتا صلاة

لا سجدتا شکر و تلاوة أو وقعا بلا نیة فعلًا أو ترکاً و هو الطبیعة ترکاً و هما معاً و لیس الرکن هو الطبیعة فی الفعل و الترک لعدم البطلان بزیادة واحدة سهواً و لا المجموع لعدم البطلان بترک واحدة سهواً و لا المنفردة لعدم البطلان بها سهواً فعلًا و ترکاً و لا کل سجدتین و لو کانتا للشکر و التلاوة و عن الشیخ القول بعدم البطلان بزیادة سجدتین فی الأخیرتین للخبر فی رجل شک بعد ما یسجد أنه لم یرکع فإذا استیقن فلیلق السجدتین اللتین لا رکعة لهما فیبنی علی صلاته علی التمام و هو محمول علی الاستئناف و لا

ص: 183

یعارض فتوی المشهور و ما علیه الجمهور و ما نطقت به عموم الأخبار المزبورة المؤیدة بالاعتبار.

بحث: الحکم برکنیة الارتفاعین قبل السجدتین

و کذا الاستقرار فیهما و إن وافقته قاعدة الشغل و إن ما شک فی رکنیته رکن و لکن روایة لا تعاد الصلاة إلا من خمس و عدم تعرض الفقهاء له مما یوهن تلک القاعدة و یقضی بخلافها فالمریض المنکب علی وجهه لو صحی عند السجود فنسی الرفعین و نوی بوضع جبهته السجود فقام و دخل فی الرکوع المستقبل لم تبطل صلاته علی الأظهر و إن شخصاً هوی من رکوعه مستقبل إلی سجوده فقام ساهیاً من سجدة واحدة و دخل فی الرکوع مستقبل لم تبطل صلاته کذلک نعم الرفع ما بین السجدتین تقوم لهما و لا یتحقق سجدتان بالنیة من دون رفع عمن نسی السجدتین موضع واحدة وجب علیه قضاء واحدة بعد الصلاة.

بحث: یشترط فی السجود قصده إجمالًا

و عدم قصد خلافه فلا یصح مع عدم قصده بحیث لم یشمله استمرار النیة الأولی و لم یدخل تحت النیة الحکم فلو رفع بلا قصد لم یکن مجزیاً بل قد یقال أنه لا تخل زیادته لو رفع الاضطرار أو سهواً مراد متعددة مع عدم قصد السجودیة و أما الهوی إلیه فالذی یظهر لأنه لو وقع بلا قصد لم یکن به بأس بل و کذا لو وقع بقصد الخلاف لعدم ثبوت وجوبه أصالة و کونه من أجزاء الصلاة نعم یجب من باب المقدمة للسجود فیجری بأی نحو اتفق وقوعه.

بحث: لا یجوز ارتفاع المسجد عن الموقف أزید من ثخن لبنة للشک فی ماهیة السجود فیما زاد علیها

للإجماعات المنقولة و الشهرة المحصلة و المرسلة المنجبرة سنداً و دلالة عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال فی السجود علی الأرض المرتفعة فقال إذا کان موضع جبهتک مرتفعاً عن رجلیک قدر لبنة فلا بأس فإرساله و نفی البأس فیه الشامل بمفهوم المحرم و المکروه منجبر بما ذکرناه و لما ورد أن الشیخ (رحمه الله) عن عبد الله بن سنان قال: إذا کان موضع جبهتک مرتفعاً عن موضع بدنک قدر لبنة فلا بأس. و فی سند هذه الروایة الهدی و هو و إن کان مشترکاً بین الموثق و غیره إلا أن الظاهر إرادة

ص: 184

الهیثم بن مسروق منه لروایة ابن محبوب منه و هو ممدوح و کفی روایة الأعاظم عنه مدحاً کروایة حسنة و مؤیدة بشهرة الفتوی و العمل و المراد باللبنة مقدار أربع أصابع مضمومة لمستوی الخلقة و الأقوی الأخذ بأعلاها و تقدیرها بهذا القدر هو الظاهر فی لسان الفقهاء و المعروف منها فی زمن الصدور کما یری الیوم من بنائهم و هو المتیقن من تحصیل مسمی السجود الشرعی و یراد بالعلو النوع هو العلو القیامی لظهوره منه لا الأعم منه و من الشرعی کما أختاره جماعة بل المدار فی التسریحی علی عدم التفاحش جداً بحیث تفوت هیئة السجود لعدم إمکان التحرز منه غالباً و قلما تخلو الأرض عن علو تسریحی بذلک القدر و المراد بما قام علیه القدمین هو ما وضع علیه الإبهامین حالة السجود فلو تغیر مکان وقوفه بعد أن علا علیه مکان السجود إلی ما هو قدر لبنة حالة السجود لم یکن به بأس هذا کله فیما لو کان موضع الجبهة مرتفعاً و لو کان منخفضاً فالأقوی انه کذلک مشروط یذلک فالشک فی السجود الشرعی بعد إجماله و لتوقف البراءة الیقینیة علیه و لموثق عمار فی المریض إذا کان الفراش غلیظاً قدر آجرة أو أقل استقام له أنه یقوم علیه و یسجد علی الأرض و إن کان أکثر من ذلک فلا و قیل بجواز الانخفاض مطلقاً و حمل الموثق علی الاستحباب و ذهب إلیه الوالد (قدّس سرّه) لصد قاسم السجود معه و لظاهر کلام المتقدمین و للإجماع المنقول و فی الکل نظر لمنع تحقق صدق الاسم بعد العلم بعدم إجزاء کل وضع لأیٍّ کان و اشتراطه بکیفیة خاصة فلا تجدی مطلقاً مثل قوله (علیه السلام) السجود علی سبعة أعظم فی بیان تمام الماهیة قطعاً و لمنع الإجماع المنقول و الشهرة المحققة فی کلام المتقدمین و غیرها لا یجدی و لمنع الإجماع المنقول المحقق علی ذلک و حمل المطلقات علی ما قیدته الروایة و لصحیحة ابن سنان عن موضع جبهة الساجد أ یکون أرفع عن مقامه فقال لا و لکن و لیکن مستویاً خرج منها ما کان بقدر اللبنة فما دون ارتفاعاً کما تقدم و انخفاضاً أیضاً و بقی الباقی بل لا یبعد الاستواء علی هذا القدر دون ما فوقه فیکون المراد به الاستواء الشرعی و بعض المتأخرین أخذ بظاهر الصحیحة فمنع من الارتفاع مطلقاً و فیه ما قدمناه من قوة دلیل جواز الارتفاع بذلک القدر فیکون مقیداً لها و لو منع حصول الإطلاق و التقید بینهما

ص: 185

و حکم بالمباینة بینهما لمنافاة التساوی لمطلق الارتفاع و منافاة جوازه علی أی نحو کان لمطلق المساواة فاللازم الحمل علی الاستحباب کما فهم أکثر الأصحاب و دلت علیه صحیحة أبی بصیر إنی أحب أن أضع وجهی فی موضع قدمی جمعاً بین الأخبار و أما المساواة بین بقیة المساجد مع موضع الجبهة و بین بعضها مع بعض و بین أبعاضها فالظاهر عدم وجوبها و عدم تحدیده بحد ما لم یتفاحش و یخرج عن مسمی السجود عرفاً و الأحوط المساواة و فی روایة علی إحدی النسخ إذا کان موضع جبهتک مرتفعاً عن موضع یدیک قدر لبنة فلا بأس بتباین و لا یخلو عن دلالة علی وجوب مساواة الیدین لموضع الجبهة.

بحث: یکفی المسمی فی الوضع علی الأرض علی الأقوی

لعدم الدلیل علی وجوب استقبال الموضع لأن فعل الوضع و السجود علیه لا یقضی بالاستیعاب کالضرب بخلاف الأکل و شبهه لظاهر الإجماعات المنقولة فی غیر الجهة و أما فیها فیدل أیضاً علی کفایة المسمی مع ما تقدم من الأخبار المستفیضة الدالة بعمومها علی إجزاء وضع أی مکان من الجبهة کقوله (علیه السلام) ما بین قصاص الشعر إلی طرف الأنف مسجد أی ذلک أصبت به الأرض فی السجود أجزأک و السجود علیه کله أفضل إلی غیر ذلک من الأخبار و عمومها شامل لقدر الدرهم و الأنملة و الأقل منهما فلا یعارض ما دل علی وضع مقدار درهم و أنملة لأن المتیقن فی العام و الخاص لا تعارض بینهما و عموم الأمکنة یستلزم عموم المقادیر قطعاً فلا و ذهب جملة من علمائنا إلی وجوب وضع قدر الدرهم استناداً إلی أن تلک الروایات مطلقة و إن ما دل علی مقدار الدرهم مقیداً لها کقوله (علیه السلام) فی صحیح زرارة الجبهة کلها من قصاص الشعر إلی موضع الحاجبین موضع السجود فأیما سقط من ذلک إلی الأرض أجزأک مقدار الدرهم و مقدار طرف الأنملة و فیه أن الروایة ظاهرة فی المثال لاقتران قدر الأنملة مع قدر الدرهم سواء جعل مقدار فاعل أجزأک أو بدلًا مما تقدم أو منصوباً بنزع الخافض و لم یقولوا به أو محمولة علی مراتب الاستحباب و یکون المخبر أی المسمی و یستحب قدر الأنملة

ص: 186

و أفضل منه قدر الدرهم و أفضل منه وضع الجبهة کلها کما أشارت إلیه روایة و لو قلنا أن لفظ مقدار الدرهم بدلًا و هو من المخصصات لکان مخصصاً لما اتصل به و تردد العلامة (رحمه الله) فی الاجتزاء من المسمی بالکفین و لو لا إطلاقات لکان تردده فی محله و لا یبعد وجوب قدر الدرهم فما فوق.

بحث: یجب السجود علی باطن الکفین أیضاً و وجوب السجود علی الباطن قضی به التأسی یقین الفراغ مع الشک به

و المشهور فتوی و روایةً و بهذا یقید إطلاق الکفین و التأسی و إن لم یجب فیما لم یعلم وجهه و لا یعارض المطلق القول بنفسه و لکن بضمیمة صلوا کما رأیتمونی أصلی وجب التأسی فیه و صلح لتقید مطلقات وضع الکفین.

بحث: یجب السجود علی طرف إبهامی الرجلین

للروایات و التأسی و بهما یقید ما دل علی وجوب وضع الرجلین کما یقید به کثیر من مطلقات أصحابنا بوجوب وضع أصابع الرجلین و إیجاب أطراف الإبهام و هو الأنملة العلیا یقضی به التأسی و الشک فی الفراغ بوضع غیره و یجزی ظاهر الأنملة و باطنها و مسطحها الأعلی و لا یجب وضع المسطح الأعلی لعدم الدلیل علیه و قد یراد من طرف الإبهام فی کلامهم هو السطح الأعلی لعدم الدلیل علیه و قد یراد من طرف الإبهام فی کلامهم هو المسطح الأعلی و لا دلیل علی وجوبه و هذا یجب الاعتماد علیها عند السجود حالة الإمکان لظهور أوامر السجود علیها بذلک و ورد فی سجود الجبهة ما یدل علیه أیضاً قال سألته عن الرجل یسجد علی الحصی و لا یمکن جبهته من الأرض قال یحرک جبهته حتی یتمکن و یجب أن یجافی بطنه علی الأرض فلو انکب علی وجهه لم یسمی سجوداً شرعاً قطعاً.

بحث: لو سقط أحد الأعضاء أصلًا

سجد علی العضو الآخر و لو سقط ما یسجد علیه من الأعضاء و بقی أصله سجد علی أصله فلو سقط الکف سجد علی الزند و لو سقط الإبهام سجد علی غیره من الأصابع مقدماً الأقرب فالأقرب کل ذلک لا شک فی

ص: 187

الفراغ نعم لولاه یعد شغل الذمة الیقینی و لو دار بین المساجد قدمت الجبهة لأنها الأصل فی السجود و الست الباقیة متساویة و لا یبعده تقدیم ما هو أقرب لهیئة الساجد منها و إن تعذرت الجبهة وجب السجود علی غیرها و وجوب السجود علی باقی الست عند تعذر الجبهة یقضی به عموم ما لا یدرک کله لا یترک کله و الاحتیاط المفرغ للذمة بعد یقین الشغل و کونها واجباً شرطیاً للسجود لا ینافی وجوبها الأصلی معه کما یظهر من الأخبار.

بحث: یجب استمرار السجود علی جمیع الأعضاء بقدر الذکر الواجب للذاکر

و هو ما لا یشک فیه و کذا جواز رفع ما عدا الجبهة و وضعه قبل الذکر الواجب و بعده علی الأقوی إنما الکلام فی رفعها حالة الذکر الواجب مع إعادتها أو حالة الذکر المستحب بنیة الوظیفة و یقوی القول بالصحة و الاحتیاط یقضی ببطلان الصلاة لحصول التشریع المحرم.

بحث: إذا وضع الجبهة علی ما یصح السجود علیه لارتفاعه فوق الحد الجائز

أو لعدم أرضیته أو لعدم طهارته أو لعدم الاستقرار علیه أو لحصول ضرر منه وجب الجر مع الإمکان و الأوجب الرفع و الوضع و یجب إعادة الذکر و لو ذکر فإن لم یمکنه الجر و الرفع بطلت صلاته مع السعة و مع الضیق فالأقوی الإتمام ثمّ الإعادة و فی الأخبار الصحیحة النهی عن الرفع لمن سجد علی الحصی و لم یمکن جبهته من الأرض و فیها أیضاً إذا وضعت جبهتک علی نبلة فلا ترفعها و لکن جرها علی الأرض و هی بإطلاقها شاملة للمرتفع فوق الحد و دونه و کذلک روایة الحسین بن حماد أضع وجهی للسجود فیقع وجهی علی حجر أو علی شی ء مرتفع قال جرک وجهک علی الأرض من غیر أن ترفعه و ما دل علی جواز الرفع مثل روایة الحسین بن حماد قال قلت لأبی عبد الله (علیه السلام) أسجد فتقع جبهتی علی الموضع المرتفع قال: ارفع رأسک ثمّ ضعه. و کذا روایته الثانیة لا یقاوم ما ذکرناه من الأخبار المؤیدة بالاحتیاط عن الزیادة فی المکتوبة و عن زیادة السجدة فیها و احتمال أن الواضع الأول هو السجود الشرعی و إن لم یکن

ص: 188

صحیحاً قائم لاحتمال وضعه لما هو أعم من الصحیح و الفاسد فلتحمل هذه الأخبار علی صورة الاضطرار و عدم إمکان الجر و من الفقهاء من جمع بین الأخبار بحمل ما دل علی جواز الرفع علی موضع یکون السجود علی مرتفع یزید علی الحد الشرعی و ما دل علی المنع علی غیره استناداً إلی عدم تحقق مسمی السجود فی الصورة الأولی و منهم من جمع بحمل ما دل علی المنع ما إذا تحقق السجود الصحیح و لکنه أرید الرفع طلباً للأفضل و الفرد الأکمل و ما دل علی الجواز علی غیره استناداً إلی عدم تحقق مسمی السجود الشرعی عند فوات شرط من شرائطه أو وصف من أوصافه فلا بأس بإعادته و ادعی أن جواز الرفع عند عدم تحقق السجود الصحیح هو المعروف من الأصحاب من غیر خلاف فإن تم ما ذکره بحیث کان إجماعاً فهو الحق و إلا ففی کلا الجمعین نظر ظاهر بعد ما قدمناه من الروایات و الاحتیاط.

بحث: یلزم انفصال محل مباشرة الجبهة و لا نقول به فوراً

إذ لا دلیل علیه و استصحاب بقاء المانع یعارضه استصحاب بقاء التذکر و أما لزوم انفصالها عند السجود فلتحقق وضع الواجب الظاهر فی الابتداء دون الاستدامة و الاحتیاط یقضی به و ما دل علی رفع الحصی عن الجبهة عند السجود یشعر به و أما ما بقیة المساجد فالأحوط ذلک فیها ما عدا المتعارف من اللباس و المحشو و شبهها.

بحث: لا یجوز وضع ما یسجد علیه علی ثلج أو تبن مقدار الذکر الواجب المنوی وجوبه

أو بمقدار واحد من الأذکار المنصرفة إلی الواجب أما لتقدمه أو لعدم اجتماع الشرائط فی غیره فینصرف للواجب إما لتقدمه أو لعدم اجتماع الشرائط فی غیره فینصرف للواجب قهراً و لا إشکال فیه لفقد الاستقرار معه و الاطمئنان قدر الذکر المستحب بنیة الوظیفة فهل یصح الذکر و الصلاة أو یفسدان أو یفسد الذکر و تصح الصلاة وجوه أقواها صحتها و إن شرع بنیة الخصوصیة معتمداً.

بحث: لا شک فی وجوب ما یتوقف علیه الواجب من حفیرة أو غیرها فی جمیع المساجد عند الامکان

و إن لم یمکنه معها فی خصوص الجبهة انتقل للسجود علی

ص: 189

الجبینین عند امکان الوضع و المماسة و إن تعسر علیه الاعتماد و وضع الثقل فإن لم یمکنه السجود علیهما انتقل إلی السجود علی الذقن من فوق الشعر و من تحته وفاقاً للمشهور بینهم و لتوقف یقین البراءة علیه و للإجماع المنقول و ظهور الأخبار فیه عند جمیعها و فهم معانیها و النظر فی مبانیها لأن منها ما أوجب الحفیرة فقط و منها ما أوجب السجود علی الذقن مستدلًا بقوله تعالی: [وَ یَخِرُّونَ لِلْأَذْقٰانِ] و منها ما أوجب بعد تعذر الجبهة السجود علی الحاجب الأیمن ثمّ الأیسر ثمّ الذقن منها ما دلت بعد تعذر الجبهة علی القرن الأیمن ثمّ الأیسر ثمّ الذقن و إرادة الجبین کان من المجازات الظاهرة بعدم إرادة الحقیقة لعدم القائل بها فمن یعتد به و یؤید تقدیم الجبین علی الذقن قربهما أو اتصالهما بالجبهة فکان الساجد علیها ساجد علیها و أما وجوب الترتیب بین الجبهتین فیدل علیه الاحتیاط و الأخبار المتقدمة و شهرته فیما بین الأصحاب.

بحث: مراتب السجود الاضطراری یدل علیها الأخبار

سوی الانتقال من العینین إلی الخفین و منها إلی بقیة الأعضاء و إلا فإنه لا یخلو من إشکال لعدم ظهور دلیل علیه و أما وجوب وضع لجبهة علی الأرض مهما أمکن فی جمیع هذه المراتب فیدل علیه الأخبار الصحیحة الخاصة و حدیث لا یترک المیسور بالمعسور و ورد فی الصحیح المریض إذا صلی علی الدابة مستقبل القبلة و یضع بوجهه علی الفریضة علی ما أمکنه من شی ء إذ لا قائل بالفصل إنما الکلام فی وجوب وضع شی ء علی جبهته و إلصاقها به و لو کان مستلقیاً مومیاً بعینه أو غیر مومی فهل ذلک واجب أم لا و الأوفق بالاحتیاط وجوبه و قد یدخل تحت عمومات لا یترک المیسور بالمعسور أیضاً و فی الأخبار الخاصة ما یدل علی وجوبه ففی الموثق فی المریض الذی لا یستطیع الجلوس قال لیصلّ و هو مضطجع و لیضع علی جبهته شی ء إذا سجد و قریب منه الآخر و لکن ورد فی صحیح الأخبار ما یؤذن بالاستحباب کقوله (علیه السلام) و إن یضع جبهته إلی الأرض أحب إلی و بمعناه آخر یراد بهما وضع الأرض علی الجبهة إذ لا قائل باستحباب العکس فلیحمل علیه

ص: 190

و کذا لا قائل بالتخییر بین الإیماء و بین وضع الجبهة علی الأرض و لأن هذا الکلام یطلق فی العرف علی ذلک المعنی إطلاقاً متعارفاً من باب القلب و القول بالایجاب أقرب للصواب.

بحث: الذی یظهر لی أن السجود لیس من العبادات المستقلة القابلة لتعلق النذر بها بنفسها

کی ینصرف نذره إلی وضع الجبهة فقط أو إلیه و إلی بقیة المساجد بل هو من ذوات الأسباب صلاة أو شک أو تلاوة أو سهواً و کل یتبع حکمه فیه أن یقال إن کل هیئة أو شرط لحقت السجود لنفسه من بیان کیفیة أو کمیة کقوله (علیه السلام) السجود علی سبعة أعظم و إن السجود لا یکون إلا علی الأرض أو ما نبت و ما دل من عدم صحة السجود علی المغصوب فلا بأس و غیر ذلک و قوله إذا کان موضع جبهتک مرتفعاً عن موضع بدنک قدر لبنة فلا بأس و غیر ذلک و الظاهر تساوی جمیع أفراد السجود فیه من واجب و مستحب فی صلاة أو غیرها فإن الظاهر أن المراد به بیان الماهیة لا خصوص سجود الصلاة بحمل اللام علی العهد و لئن أرید خصوص سجود الصلاة لظهور اللام فیه أو انصراف الفهم إلیه فکذلک أیضاً لأنا لا نفهم أن للسجود الصلاتی خصوصیة فیما بنیته أنه لما کان محتاجاً إلیه صار عنواناً للبیان کما فهمنا أن المراتب الاضطراریة فی السجود یجزی فی سجود التلاوة و لسجود السهو و إن اختصت مواردها بالمصلی و کل هیئة أو شرط أو وصف فهمنا منها لجزمها للسجود باعتبار الوصف الصلاتی کوجوب الستر و الاستقبال و الطهارتین الخبثیة و الحدثیة و الذکر الخاص و وجوب الرفع و وجوب الانخفاض بنیة و غیر ذلک لم تسر لکل فرد من أفراد السجود المامور به فی غیر الصلاة و هذا یشمه الفقیه من موارده و کل هیئة أو بشرط أو وصف وقع الشک المعتبر فی لحوقها لنفس السجود أو لنفس وصف الصلاتی حکمنا بجزئیة المشکوک به و شرطیته و مانعیته للقاعدة المبینة علی وضع أسماء العبادات للصحیح کالشک فی مانعیة جلد المیتة و السجود علی النجس فی التلاوة و مانعیة لبس الحریر و الذهب و شرطیة الاستقرار و الاطمئنان فی الجملة فی سجود التلاوة و الشکر.

ص: 191

القول فی الذکر:

بحث: یشترط فی الذکر أن یکون تسبیحاً

للإجماع المنقول المؤید بالشهرة المنقولة و المحصلة علی الظاهر بالاحتیاط و بظواهر الأخبار الواردة فی التسبیح کقوله (علیه السلام) لما نزلت فسبح باسم ربک العظیم قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) اجعلوها فی رکوعکم و لما نزلت سبح اسم ربک الأعلی قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) اجعلوها فی سجودکم إذ لا قائل بوجوب التسبیح و غیره و ظاهر الأمر الوجوب التعیینی لا التخییری و قوله (علیه السلام) فی الصحیح قلت له ما یجزی من القول فی الرکوع و السجود فقال ثلاث تسبیحات فی ترسل و واحدة تامة تجزی فإن الظاهر ما الاستفهامیة هو السؤال من جمیع أفراد

المجزی و لو کان الذکر مجزیاً لوجب الجواب به علی إطلاقه فما ورد من الأخبار الصحیحة الدالة علی الاجتزاء بالذکر مطلقاً محمولة علی جواز اجتماعه مع التسبیح فی مکانه لا جعله بدلًا عنه حقیقةً و إن کان القول به مشهوراً بین المتأخرین و نقل علیه الإجماع و تجتمع فیه الأخبار بحمل أخیار التسبیح علی أنه هو الواجب الأصلی و الذکر علی أنه بدله و یجزی عنه أو علی أن التسبیح أفضل فردی الواجب المخیر إلا أن الأول أقوی و أحوط و الأقوی موافقاً للاحتیاط و للمشهور بین الأصحاب و للجمع بین روایات الباب هو التخییر بین تسبیحة کبری و ثلاث صغریات للمختار و إجزاء صغری واحدة للمضطر و أن تکون الکبری تامة مضافاً إلیها و بحمده و قد تقدم فی الصحیح ما یدل علی ذلک و فی صحیح أخری عن الرکوع و السجود کم یجزی فیه من التسبیح فقال ثلاث و تجزی واحدة بحملها علی التامة الکبری أو الصغری مع الاضطرار و فی صحیح أخر مثله و فی کثیر من الروایات أن الواجب ثلاث تسبیحات صغریات و هی سبحان الله سبحان الله سبحانه الله و هی محمولة علی أنها أحد فردی الواجب المخیر فیه لما ذکرنا من الصحیح الأول و فی جملة من الروایات ترک و بحمده و فی جملة منها ذکرها قولًا و فعلًا و فی روایة أنه یجزی المتنفل و المریض واحدة بعد ذکر التسبیحات الصغریات الثلاث فیراد منها الواحدة الصغری و نقل الإجماع أیضاً علی

ص: 192

الاجتزاء بها فیکون المحصل من الأخبار لمن نظر إلیها بعین الاعتبار هو ما ذکرناه من التخییر.

بحث: مع العجز یرجع إلی باقی اللغات

و لکن الانتقال عند العجز عن العربی الملحون إلی باقی اللغات مطلقاً أو مرتبة لا یخلو من إشکال و دعوی أن المطلوب هو الذکر و کونه بالعربی مطلوب آخر فعند انتفاء الثانی لا ینتفی الأول و فیه من المناقشة ما لا یخفی.

بحث: جلسة الاستراحة استحبابها هو المشهور نقلًا و تحصیلًا

و دلت علیه روایة زرارة قال: رأیت أبا عبد الله و أبا جعفر (علیهما السلام) إذا رفع رءوسهما من السجدة الثانیة نهضا و لم یجلسا و قیل بوجوبها استناداً للإجماع و للاحتیاط و ظاهر الأوامر بها الدالة علی الوجوب و التأسی فی مقام البیان و غیره و ما دل علی ترک الإمامین ضعیف لعدم ترکهما لهذا المستحب إلا لعذر و معه فلیحمل ترکهما علی التقیة لما ورد أن الشیخین کانا یترکانها و أن المخالفین ینفون رجحانها و یشعر بذلک ما ورد عن الرضا (علیه السلام) بعد ما قیل له أراک إذا صلیت فرفعت رأسک من السجود فی الرکعة الأولی و الثانیة فتستوی جالساً ثمّ تقوم فتصنع کما تصنع فقال: (لا تنظروا إلی ما أصنع إنما تصنعون ما تؤمرون) لظهور الروایة فی الأمر بالترک و هو من جهة التقیة قطعاً و هذا القول أقوی لو لا أن المشهور علی خلافه و أنها لو کانت واجبة لما خفی علی المشهور وجوبها و الأوامر نصب أعینهم و کانوا فی أشد الحاجة إلی بیان حکمها و لما عدها الفقهاء من المستحبات و نسبوا الوجوب إلی المرتضی (علیه السلام) و لما کانت معدودة فی الأخبار فی سلک المندوبات کما یلوح منها ذلک بل کانت معدودة فی سلک الواجبات فإن لها مقامات معلومة و حالات مشهورة فالاستحباب أقوی و الإتیان بها علی کل حال أحوط.

بحث: لا کلام فی کراهة الاقعاء

للأخبار الناهیة عنه و المجوزة له الجامع لها الحمل علی الکراهة فالحکم بتحریمه ضعیف جداً و هو لما کان اختلاف الأخبار و کلام

ص: 193

الأصحاب و کلام أهل اللغة و اختلاف ما عند أهل العرف مجملًا لدینا وضعاً أو إرادة أو کالمجمل کان الاحتیاط بالحکم بکراهة کلما شک فی فردیته له من باب المقدمة أو من باب التسامح فی أدلة السنن و لو فرضنا ظهور فرد له معلوم له قطعاً و شککنا فی آخر المکان الاحتیاط فی ترکه أیضاً.

بحث: وجوب السجود علی القارئ للتلاوة بقصد القرآنیة

و کذلک المستمع إجماعی و الأخبار دالة علیه و لم یقصد القارئ القرآنیة لم یجب علیه شی ء و کذا لو خلا عن القصد کالمجنون قرأها فأفاق و کذا الممیز و لا یجب علی المستمع لهم علی شی ء علی الأظهر و لو قرأها الممیز وجب علی المستمع و إن لم یجب علی القارئ و قد یقال أنها من الأسباب الشرعیة إذا لم یؤدها الممیز وجبت بعد البلوغ و ذهب جماعة إلی وجوبها علی السامع أخذ بالإطلاق الأخبار و الاحتیاط و هو مردود بتقییدها بما دل علی خصوص المستمع من الأخبار و الإجماع المنقول و بأصالة البراءة.

بحث: الأقوی عندی وجوباً علیهما بلفظ أسجد

و إن جاز تأخیر السجود إلی تمام الآیة و لا یجب قطعها و الوقف و ذلک لأن الأخبار فیها لفظ السجدة قراءة و سماعاً و هی تطلق علی السورة و الآیة و ما اشتمل علی مصدرها من الألفاظ کاسجدوا و شبهه و الأخیر هو الأقرب و الأظهر فیجب الحمل علیه لکن القول بعدم الوجوب إلا بعد تمام الآیة نسب للمشهور و یظهر من بعض الروایات و یساعده الأصل فلا یخلو من قوة.

القول فی التشهد:

بحث: الظاهر أن التشهد حقیقة شرعیة فی التلفظ بالشهادتین التوحید و الرسالة

مذکوراً فیهما لفظ أشهد دون أعلم و لفظ الجلالة دون باقی الصفات بل و الأسماء الأخر و اسم النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و مشتقاته دون أسمائه الأخر و ألقابه و کناته

ص: 194

(صلّی الله علیه و آله و سلّم) و یقوی دخول وحده لا شریک له و عبده و الصلاة علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی حقیقته شرعاً و إن خرجت هذه کلها عن اسم الشهادتین کما تدل علی ذلک الأخبار فی مقام المجمل و البیان و جواب السؤال عنه کما أنه یقوی القول بتخصیص التشهد بذکر الشهادتین و ما بعدهما فی خصوص الصلاة و إن کان حقیقة فیهما فقط فی غیرها.

بحث: تجب الشهادتین إجماعاً محصلًا و منقولًا

و ما دل من الروایات علی خلاف ذلک من الاجتزاء بالتحمید فهو مطرح أو مؤول علی إرادة الاجتزاء بما یستحب فیه أو محمول علی التقیة و ما ذهب إلیه فی المقنع من التخییر بین التشهد و قول بسم الله و بالله و صاحب الفاخر من الاجتزاء بشهادة واحدة فی التشهد الأول شاذ لا یلتفت إلیه و ما ورد فی الصحیح مؤیداً للثانی من الاجتزاء بشهادة واحدة فی الرکعتین الأولیتین و فی غیره مؤیداً للأول أن من نسی التشهد و ذکر أنه قال بسم الله جازت صلاته محمولًا علی المثال فی الصحیح و ترک غیره لظهوره و علی ما نقول به فی الثانی و إن لم نقل بما دل علیه ذیله من إعادة الصلاة علی من لم یقل بسم الله.

بحث: و الأقرب منهما للاحتیاط قول أشهد أن لا آله إلا الله بل وجوبه هو الأقوی

لصحة الروایات الدالة علی هذه الصورة و إن اشتملت علی واجب و مندوب لأن المشتمل علیها کالمقید لإطلاق ما دل علی الاجتزاء بالشهادتین و إن کان القول به مشهوراً بین الأصحاب بل هو الأشهر و دلت علیه روایة سورة بن کلیب و الفتوی مما یرجح القول بوجوب الصورة الخاصة بالألفاظ الخاصة بالهیئة الخاصة بالترتیب الخاص و الجمع بین ما دل علی إجزاء الشهادتین و بین ما دل علی أنه بخصوص الصورة الخاصة بالحمل علی الوجوب التخییری و إن کان ممکناً و ربما یشیر إلیه قوله فی روایة سورة عن أدنی ما یجزی لکنه بعید فلیحمل ذلک علی إرادة الشهادتین المترتبتین بالترتیب المعروف الموصوفتین بالوصف المعهود الذی تستعمله سائر الناس المتلقی عن أصحاب العصمة کما فی الخبر المعتبر عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: (التشهد فی

ص: 195

الرکعتین الأولیتین أشهد أن لا آله إلا الله وحده لا شریک له و أشهد أن محمداً عبده و رسوله اللهم صل علی محمد و آل محمد و تقبل شفاعته فی أمته و ارفع درجته). و هذا فی مقام البیان و الحمل ظاهر فی أن هذا کله حتی الصلاة علی محمد و آله و ما بعده هو التشهد الشرعی و إن هذه جمیعاً أجزاؤه علی هذا الترتیب و إن دل الدلیل علی استحباب ما بعد الصلاة و مما قیل أشهد و فی صحیح محمد بن مسلم إلا أنه لم یذکر علی محمد و آله و کذا فی روایة الخصال و أما وجوب الصلاة علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بهذه الصیغة الخاصة فی التشهدین علی أنهما منهما و من أجزائهما و یلحق حکمهما فقد دل علیه الخبر الأول فی مقام البیان و بالجملة و لا قائل بالفصل بین الأولیتین و الأخیرتین و غیره من الأخبار و إن اشتملت علی کثیر من المستحبات و الاحتیاط الواجب فی مقام شغل الذمة یقضی به أیضاً و یدل علی وجوب الصلاة علیه فی التشهدین و إن لم یکن بهذه الصیغة الإجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة المحصلة و الأوامر الدالة علی وجوب الصلاة علیه کتاباً و سنةً المحمولة علی وجوبها فی الصلاة تقدیماً للتقید علی المجاز الندبی و فی هذین المکانین الخاصین إذ لا یجب فی غیرها و غیرهما إجماعاً منقولًا معتضداً بالشهرة المحصلة و بالأخبار المبینة للصلاة فإن الصلاة علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لم تذکر بغیر هذا المکان کذکرها بهذا المکان و لا یضر اشتمالها علی مستحبات أخر لا نقول بوجوبها و یدل علی الوجوب أیضاً بخصوص هذا المکان ما ورد فی الصحیح لا صلاة له إذا ترک الصلاة علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و ورد أیضاً إذا صلی أحدکم و لم یصل علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) سلک بصلاته غیر سبیل الجنة بضمیمة عدم القول بوجوبها فی غیر هذا المکان و ورد فی الحسن فی حدیث المعراج فی الجلوس فی الرکعة الثانیة ثمّ أوحی له (یا محمد صل علی نفسک و أهل بیتک) و أما الصلاة علی الأول فی التشهدین فیدل علیهما أیضاً الإجماعات المحکیة المعتضدة بالشهرة المحصلة بل الإجماع کذلک و الأخبار المتقدمة فی بیان الکیفیة و یدل علیها أیضاً الدوام علیها فی مقام البیان فی لسان النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و من تتبع

ص: 196

طریقتهم بسیرتهم و کلما دل علی وجوب الصلاة علیه یدل علی الصلاة علیهم لأن المعهود منها ذلک حتی کالکلمة الواحدة مضافاً إلی ما ورد من النهی عن الصلاة البتراء التی لم تقترن بالصلاة علیهم و النهی یقضی بالفساد و أما وجوب الصلاة علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) کلما ذکره ذاکر فلا نقول به سواء ذکره باسمه أو لقبه أو کنیته أو بضمیره أو بالإشارة إلیه سواء کان عادة الصلاة إلیه أو لغیرها و سواء تکرر الذکر بمجلس واحد أو بمجالس متعددة و سواء تخلل بین الأذکار الصلاة أو لم یتخلل و سواء کان بإذن أو غیره للأصل و خلو الخطب و المواعظ عنه و لعدم اشتهاره مع توفر الدواعی للاشتهار و لخلو کثیر من الأدعیة عن ذلک و للإجماعات المنقولة و الشهرة المحصلة فما دل من الأخبار علی ذلک مما ظاهره الوجوب مصروف إلی الاستحباب کما هو الظاهر من هذه الأبواب کما أنه قد جاء فی عدة من أخبار الصلاة علی محمد و آل محمد فی التشهد و فیها المعتبر أن المحدث بعد الشهادتین لا بأس بصلاته و قد مضت صلاته و فیها الأمر بالانصراف بعد ذکر الشهادتین و غیر ذلک و هی متروکة الظاهر غیر معمول علیها مؤولة بإرادة المثال و التنبیه علی مبتدأ التشهد و إیکال ما بعده إلی المعروف ذلک الیوم عندهم و المألوف ما بینهم و لم یفت بمضمونها أحد من الأصحاب سوی ما یظهر من الصدوق (رحمه الله) و تأویل کلامه قریب من کالأخبار.

بحث: یشترط فیه الجلوس

للإجماع و لظاهر الأخبار الآمرة بالجلوس و المعلقة له کقوله (علیه السلام) إذا استویت جالساً و نحوه و ظاهرها أن التشهد یقارن الجلوس لأن المراد مجرد وقوعه بعده و للاحتیاط و لا یجب کیفیة خاصة للجلوس و إنما یجب فیه الاستقرار للتأسی و الاحتیاط هذا کله فی العمد و أما مع السهو فالتارک للجلوس فیه و إن أتی به فی حال النهوض و القیام غیر آت به فتجب إعادته لأن المشروط عدم عند عدم شرطه و هل یجب قضاؤه و الحال هذه لا یبعد ذلک مع احتمال عدمه لأن القضاء بأمر جدید و سیأتی إن شاء الله تعالی تمام الکلام و لو ترک الجلوس متعمداً قدر الواجب ثمّ عاد إلیه جالساً مستقراً فالظاهر البطلان و لا تنفعه الإعادة لتوجه النهی إلیه

ص: 197

و هل یجب الجلوس علی من لم یتمکن من التشهد بقدره أو ما قام مقامه من ذکر أو ترجمة أو إشارة أو لا الذی یظهر وجوبه لاجتماع الحیثیتین فیه من الوجوب النفسی أو الشرطی کما تدل علیه الأخبار و لحدیث لا یترک المیسور بالمعسور.

القول فی التسلیم:

بحث: الظاهر أن التسلیم لیس له حقیقة شرعیة

اشارة

و أن وجب الاقتصار علی الصیغ المعهودة المتلقاة من الشارع قولًا و فعلًا لتوقیفیة العبادة و انصراف الإطلاقات للمعهود منها و الکلام فیه یقع فی مقامات:

الأول: إن ماهیة التسلیم هی واجبة أم لا بعد الاتفاق علی رجحانها

و الحق وجوبها لتوقف العلم ببراءة الذمة من التکلیف الواجب عند الشک المعتبر علی الإتیان بها فیجب الإتیان بها من باب المقدمة و للاحتیاط و لمداومة النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیهم السلام) علی فعله و ملاذتهم علیه فی مقام البیان و غیره و الأصل فیما فعلوه فی الصلاة الوجوب إلا ما قام الدلیل علی خلافه لقوله (علیه السلام) (صلوا کما رأیتمونی أصلی) فیجب التأسی بهم هنا و إن لم یجب التأسی فیما لم یعلم وجهه مطلقاً و للأخبار المتکثرة المستفیضة المشهورة نقلًا و فتوی و عملًا حتی إن من لا یعمل بخبر الواحد تمسک بها کالمریض الدالة علی أن تحلیلها التسلیم المفیدة لخبر العدل لحصر التحلیل الواجب فیه لعموم المبتدأ و خصوص الخبر لأن الأول مصدر مضاف و هو یفید العموم و الثانی معرف بلام الجنس أو العهد فإذا وقع الخاص خبراً عن العام أفاد الحصر قطعاً لعدم جواز الأخبار بالحصر و وجوب مساواة الخبر للمبتدأ أو کونه أعم و التحلیل واجب قطعاً لأن بقاء تحریمها أما لبقاء أجزائها الواجبة بدونه فیثبت المطلوب و أما لبقاء حرمتها و حکمها قبل التسلیم فلا یجوز فعل المنافی قبله و رفعه واجب فیجب التحلیل حینئذ و لو من باب المقدمة و لو حصل الفراغ منها و التحلل عند الفراغ من التشهد لزم تحصیل الحاصل حینئذٍ و لا معنی له و ما ذکره بعضهم من حمل التحلیل علی الاستحباب فیکون المراد منه طلب البقاء علی التحریم علی سبیل تجعیل الفضیلة

ص: 198

و الکمال بعید کل البعد کما أن حصول التحلی بالمنافیات لا یشمله لفظ التحلیل المصحح للصلاة لا المفسد لها و القاضی بابطالها و للأخبار المتکثرة الآمرة بالتسلیم و الأمر للوجوب ما لم یصرفه صارف کقوله (علیه السلام) فی صحیح زرارة فی قضاء الفوائت ثمّ سلم بعد ذلک قال: (فانوها المغرب و سلم) و ورد فی الشک فی عدة أخبار أنه یبنی علی الأربع و یسلم و ورد أنه یأتی برکعتین من جلوس و یسلم و ورد أنه یصلی رکعة من قیام و یسلم و للأخبار المتکثرة الدالة علی سبق السلام علی السجدة المنسیة و التشهد مع أنهما من الصلاة فلا یتقدم علیهما ما لیس یجزی واجب حتی أنه ورد فی بعض الروایات أنه لا یسجد حتی یسلم فإذا سلم سجد و هو ظاهر فی التحریم و لما ورد فی حدیث المعراج أمر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بعد الصلاة علیه الأمر بالسلام قال: (قلت السلام علیکم) و لما ورد فی معتبر أبی بصیر إن آخر الصلاة التسلیم فإن الآخر داخل فی الشی ء قطعاً و لیس الآخر کمدخول إلی کی یقع الخلاف فی دخوله و خروجه و الظاهر أیضاً من الآخر أنه آخر أجزائه الداخلة الواجبة لا مستحباته العارضة بقرینة قوله فیما قبل ذلک (فلیتم صلاته) و التمام مقابل للنقصان الذاتی کما هو ظاهر و لما ورد فی الموثق عن التسلیم ما هو فقال: (أذن) فإن الظاهر منه الرخصة بعد المنع و لو کانت حاصلة عند الفراغ من التشهد لزم تحصیل الحاصل و لما ورد من وجوب إعادة من صلی أربعاً و إن تشهد بینهما لو کان مسافراً غیر جاهل و إطلاق الروایة یشمل ما لو نوی التمام أولًا أو لم ینوه و لما ورد من الأخبار الدالة علی انحصار إلا فطرف من الصلاة بالسلام علینا فإنه یفهم منها عدم جوازه قبلهما و لما ورد من لزوم التسلیم بین الرکعتین الشفع و مفردة الوتر و لما ورد إن الشک فی صلاة الصبح مبطل و ظاهرها شمولها للتشهد و غیره ما لم یسلم و لو کان التشهد فراغاً لما کان الشک مبطلًا للاتفاق علی عدم ابطال الشک بعد الفراغ و لقوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (و سلموا تسلیماً) و لا یجب فی غیر الصلاة إجماعاً و لما ورد فی السؤال عن العلة التی لأجلها وجب التسلیم فی الصلاة فإنه یفهم من السؤال أن لوجوب کان موکول فی الأذهان لا یحتاج إلی البیان

ص: 199

و قیل باستحباب التسلیم استناداً للأصل و هو مقطوع بما تقدم و لصحیح ابن مسلم عن الصادق (علیه السلام) حیث قال بعد ذکر الشهادتین (ثمّ ینصرف) و هو مردود و لظهور سیاق الروایة فی بیان التشهد و کیفیته لا غیر و لهذا ترک فیه لفظ الصلاة علی محمد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فالمراد بالانصراف هو الإتیان بما بعد التشهد أو المراد خصوص التسلیم لما ورد فی الصحیح من الأخبار من إطلاق الانصراف علی خصوص السلام علینا کقوله (علیه السلام) فی صحیح الحلبی: (فإن قلت السلام علینا و علی عباد الله الصالحین فهو الانصراف) و یؤید هذا أیضاً بناء علی ذلک یبقی الأمر بالانصراف علی وجوبه و بناء علی حصول الانصراف بالتشهد یلزم أما تحصیل الحاصل إن أرید به الفراغ من الصلاة أو خروج صیغة أفعل عن الوجوب إن أرید به فعل المنافی علی الحمل علی قولهم توهم الحصر فیکون للإباحة و هو بعید و لصحیح علی بن جعفر عمن یعرض له البول أو یطیل الامام التشهد قال یتشهد هو و ینصرف و یدع الامام و هو مردود بظهور إرادة ما یشمل التسلیم من إطلاق التشهد کما هو المعروف استعمالًا و بوجود (یسلم هو و ینصرف) فی نسخة الفقیه و نسخة أخری من" التهذیب" و هو أحوط سیما مع موافقة" التهذیب" له فی مکان آخر و بمناسبة التسلیم للمقام حیث أن الإمام قد أطال التشهد و من البعید عدم تشهده معه بقدر الواجب لأن الواجب مقدم علی المستحبات الخارجة فی التشهد غالباً و بورود أخبار أخر دالة علی مضمون ما دلت علیه نسخة الفقیه فیضعف الظن حینئذ بنسخة التهذیب المذکورة و لصحیح الفضیل و زرارة و محمد بن مسلم عن الباقر (علیه السلام) قال: (إذا فرغ من الشهادتین فقد مضت صلاته فإن کان مستعجلًا فی أمر یخاف أن یفوته فسلم و انصرف أجزأه) و هو مردود بحمله علی مجاز المشارفة علی مضی الصلاة بقرینة ترک الصلاة علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و بقرینة ذکر الأجزاء فی آخر الروایة حیث أن ظاهرها أجزاء الواجب و للأخبار المعتبرة الدالة علی عدم ضرر المنافی قبل التسلیم کقوله (علیه السلام) فی

ص: 200

الصحیح رجل یصلی ثمّ یجلس فیحدث قبل أن یسلم قال: (تمت صلاته) و فی آخر فتشهد ثمّ ینام قبل أن یسلم قال (تمت صلاته) و فی حسنة الحلبی: (إذا التفت فی صلاة مکتوبة من غیر فراغ فأعد الصلاة إذا کان الالتفات فاحشاً و إن کنت قد تشهدت فلا تعد) إلی غیر ذلک من الأخبار بهذا المعنی و هو مردود بحمل الأولیین علی خصوص التسلیم بالسلام علیکم کما هو المعروف من إطلاق السلام فی الأخبار فإن الحدث قبلها لمن سلم بالسلام علینا و علی عباد الله الصالحین لا بأس به کما سیجی ء إن شاء الله تعالی و ظاهر أن المصلی لا یترک صیغة السلام علینا و علی عباد الله الصالحین کما هو المعهود و بإن التشهد روایةً ما یعم صیغة السلام مطلقاً لا خصوص صیغة السلام علینا و علی عباد الله الصالحین کما هو المعروف لعدها منه کما تشعر به کلمات الأصحاب و مع إرادة ذلک فلا یضر حصول الحدث الانصراف بها علی الأقوی کما سیجی ء إن شاء الله تعالی و بأن الروایات لا دلیل فیها علی الاستحباب بل غایة ما تدل علی خروج التسلیم من الصلاة قبله فیحتمل أنه من الواجبات الخارجة مضافاً إلی أن عدم ناقضیة الحدث للصلاة قبله لازم أعم للاستحباب فلا تدل علیه لاحتمال ورود هذه الروایات مورد ما جاء من عدم ناقضیة الحدث للصلاة و وجوب البناء علی ما فات فإما أن نقول به أو نحمله علی التقیة و لصحیح زرارة عن رجل صلی خمساً قال: (إن کان جلس فی الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته) و هو مردود بأن هذه الروایة لا تلائم کلا المذهبین لاشتمالها علی الاکتفاء بالجلوس قدر التشهد دون التشهد نفسه فأما أن نقول بمضمونها تخصیصاً لما دل علی وجوب التشهد و التسلیم و جزئیتهما أو لا نقول بها و نطرحها و علی أی تقدیر فیشترک فی حکمها کلا المذهبین علی أن إطلاق التشهد علی ما یشمل التسلیم شائع کثیر لا ینکره أحد.

الثانی: فی أن التسلیم واجب صلاتی بعد التشهد لا واجب خارجی

و لا مستحب خارجی کما احتمله بعض القائلین بالاستحباب و الدلیل علی ذلک القاعدة الحاکمة بالجزئیة عند الشک حتی علی القول بوضع أسماء العبادات للأعم علی الأظهر و الأخبار الدالة علی أن تحلیلها التسلیم فإن ظاهرها أنها علی طرز تحریمها

ص: 201

التکبیر فکما أن التکبیر جزء فکذلک التسلیم و من البعید تحریم الصلاة إلی الإتیان بمحلل خارجی عنها بل ربما یدعی الاتفاق علی الجزئیة و إن اختلفوا فی وجوبه و استحبابه و ظهور الأخبار البیانیة قولًا و فعلًا بالجزئیة کسائر ما عرفنا به الأجزاء الصلاتیة فإنا عرفناها کذلک أما بالأمر بها أو بالفعل لها أو ادعاء بعض علمائنا الإجماع المرکب علی الجزئیة حتی قال أن القول بعدم الجزئیة مع القول بالوجوب خرق للإجماع المرکب و ما روی فی کتاب العلل حیث قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن العلة التی لأجلها وجب التسلیم فی الصلاة ظاهراً فی التسلیم من أجزائها لمکان فی التی للظرفیة و کذا روایة أبی بصیر حیث قال: (فإن آخر الصلاة التسلیم) و غیر ذلک من الأخبار الغیر خالیة من الاشعار و ذهب بعض إلی أنه واجب خارجی أخذ بالروایات الدالة علی تمامیة الصلاة قبله کقوله (علیه السلام) فی الصحیح فیمن نسی التشهد الأول (فلیتم صلاته ثمّ یسلم) و فی الصحیح الآخر أیضاً (فلیتم صلاته إذا فرغ فلیسلم) و فی ثالث أیضاً (فلیتم الصلاة حتی إذا فرغ فلیسلم) و فی رابع (فلیتم صلاته ثمّ یسلم و استناداً إلی أنه وجه جمع بین ما دل علی وجوب التسلیم و بین ما دل علی عدم ناقضیة الحدث للصلاة إذا وقع قبل التسلیم و الجواب عن الأول أنا نقول بموجبه لو تقدمت علی صیغة السلام علیکم المتبادرة من الأخبار و المعهودة عند الإطلاق صیغة السلام علینا لحصول التمام و الفراغ بها فلتحمل الأخبار علی حصول ذلک کما تشعر بذلک الأخبار الدالة علی ذلک و إنا نحمل الفراغ من الصلاة و التمام لها علی إرادة الفراغ و التمام من أعظم أجزائها کالتکبیر و الرکوع و السجود و القیام و نحوها فإنه یطلق علیه اسم الصلاة و عن الثانی أن الجمع لا ینحصر فیما ذکره فیحتمل الحمل علی التقیة أو القول به فی خصوص هذا المکان للدلیل و الحمل علی أن وقوع الحدث کان بعد صیغة السلام علینا و بعض المتأخرین حکم بأنه خارج عن الصلاة و لا ینافیه تخلل الحدث سهواً لکن لا یجوز تعمد المنافی جمعاً بین ما دل علی تحلیلها التسلیم و ما دل علی أن وقوع الحدث غیر منافٍ و هو کما تری لا قائل به و لا داعی إلیه.

ص: 202

الثالث: فی أن الواجب من السلام ما هو فهل الثلاث عیناً أو الثلاث تخییراً

أو الأخیرتین عیناً أو هما تخییراً أو الثانیة عیناً فقط أو الثالثة عیناً إذ لم یأت بالثانیة و إلا کانت الثانیة مسقطة للثالثة کالتعلم المسقط للفرض أو الثالثة تخییراً بینها و بین الفعل المنافی و الذی یظهر لی وجوب السلام علیکم علی کل حال لکن إن تقدمتها السلام علینا و علی عباد الله الصالحین حصل بها الانصراف و کانت واجباً خارجیاً و إن لم تتقدمها تلک الصیغة صارت واجبات داخلیاً فهو مخیر بالخروج لا واجب تخییری جمعاً بین ما دل علی وجوب السلام علیکم من الأخبار الصریحة فی ذلک بلفظها و من الأخبار الآمرة بالتسلیم مطلقاً المنصرفة إلیها قطعاً و اتفاق مع تقدم صیغة السلام علینا و مع عدمه کما صرحت به الأخبار و الآمر للوجوب و من الإجماعات المحکیة علی ذلک و ما دل علی تحقق الخروج بها من الأخبار أیضاً و الإجماعات المحکیة کذلک و روایات آخر الصلاة التسلیم و تحلیلها التسلیم المنصرفة إلی السلام علیکم قطعاً و بین ما دل علی حصول الانصراف بقول السلام علینا و علی عباد الله الصالحین فقد انصرفت و فی بعضها فهو الانصراف و فی بعضها فإذا قلت ذلک فقد انقطعت الصلاة بحمل الأدلة الأول علی الوجوب العینی للسلام علیکم و حصول الخروج بها إن لم یتقدم علیها صیغة السلام علینا لوجوب التحلیل بصیغة التسلیم و حمل الأدلة الثالثة علی حصول الخروج بها و انقطاع الصلاة بذکرها و إن کانت مستحبة و تبقی أدلة وجوب السلام علیکم لا معارض لها فتحمل علی أنه واجب خارجی لأنه لا معنی للخروج بعد حصوله و تکون صیغة السلام علینا نفلًا ینادی بها الفرض الواجب من تحلیل الصلاة و لا یسقط بها أصل الوجوب لصیغة السلام علیکم و قد یحتمل قویاً سقوط وجوب السلام علیکم أصلًا و رأساً خارجیاً و داخلیاً لأن مشروعیة التسلیم للتحلیل کما یفهم من الأخبار فإذا حصل التحلیل لم یکن للشارع بعد غرض فیه فتحمل الأوامر الدالة علی الأمر به بعد صیغة السلام علینا علی الاستحباب و لأن أصل البراءة من الوجوب تقضی به و لما یظهر من المنتهی من دعوی الإجماع علی أنه بعد الخروج من الصلاة بالسلام علینا لا یجب شی ء و قد یظهر من بعض أخبار

ص: 203

الانصراف الآمرة من دون الأمر بالتسلیم بعد ذلک لانصراف إطلاق الانصراف للسلام علینا و کذا القول بالوجوب الخارجی أقوی لقوة دلیله أو أوضحیة سبیله لمن تفکر و تبصر.

الرابع: علی ما حققناه من وجوب السلام علیکم مطلقاً و التخییر فی الخروج بینها و بین الإتیان بالسلام علینا و علی عباد الله الصالحین و الخروج بها لا یجب نیة الخروج فی المخرج

بل یکفی الإتیان بها علی أنها جزء صلاتی و یکون الخروج بالمأتی به أولًا قهریاً بل لو نوی عدم الخروج وقعت نیته لاغیة بعد نیة أنها المأمور بها فی الصلاة نعم لو نوی بها عدم جزئیة الصلاة وقعت فاسدة و أفسدت الصلاة لأن التسلیم الغیر محلل مبطل للصلاة و کذا لو نوی بها التحیة المجردة أما لو نوی بها التحیة الصلاتیة کان لا بأس به.

الخامس: علی ما اخترناه من وجوب السلام علیکم خارجاً بعد الإتیان بالسلام علینا فالأظهر وجوب الإتیان بها مستجمعة الشرائط الصلاة

کما هو المعهود من فعل النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیهم السلام) و وجوب الإتیان بها فوراً بعد الصلاة کما هو ظاهر من الأخبار و الأحوط أن لا یخلل بینها و بین الصلاة ما ینافیها علی سبیل العمد متعمداً تخلصاً مما یظهر من بعض الأخبار و من خلاف بعض الأخبار و یجب الإتیان بها علی النحو المعهود أیضاً فلا یجوز تنکیرها و لا یجوز عکسها لتوقیفیة العبادة و لقوله (علیه السلام): (صلوا کما رأیتمونی أصلی) و هی من الصلاة أو من توابعها و لانصراف الأوامر بالتسلیم و ما جاء من تحلیلها التسلیم إلی الصیغة المعهودة و أما إضافة و رحمة الله إلیها فالظاهر عدم وجوبه لعدم ذکرها فی أکثر الأخبار و خلو أوامر التسلیم عنها و قلة القائل بوجوبها و إن کان الأحوط وجوبها لإشمال بعض الروایات علی الإتیان بها و للخروج عن شبهة من أوجبها و أما إضافة و برکاته بعد نقل الإجماع علی استحبابها و هو الظاهر من أکثر الروایات.

ص: 204

السادس: من أصحابنا من ذهب إلی وجوب السلام علیک أیها النبی و رحمة الله استناداً

لقوله تعالی: [صَلُّوا عَلَیْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِیماً] و لقوله فی روایة أبی بصیر (إذا کنت إماماً فإنما التسلیم أن تسلم علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و لوروده فی الصلاة البیانیة قولًا و فعلًا و الحق خلافه وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول علی عدم وجوبه و لظهور الاستحباب فی تلک الأخبار و لمن جاس خلال الدیار و ظهور إرادة التسلیم المعهود من و سلموا تسلیماً و لا یجب اخماد علیه لعدم الداعی إلیه و من أصحابنا من ذهب إلی وجوب السلام علیکم عیناً و عین بها الخروج فقط و ترده الأخبار الدالة علی جواز الانصراف بالسلام علینا و من أصحابنا من یظهر منه وجوب الصیغتین معاً جمعاً بینهما لکن الشهید (رحمه الله) قال أنه لم یقل به أحد فیما علمته و یرده فیما قدمناه و من أصحابنا من ذهب إلی وجوب الصیغتین تخییراً و بأیهما جی ء خرج من الصلاة أو لأن الثانی مستحباً جمعاً بین ما دل علیه إجماع الأمة من وجوب السلام علیکم و الخروج بها ما دل علیها من الأخبار الإمامیة من وجوب السلام علینا و الخروج بها و حکم الشهید (رحمه الله) بأن هذا القول مخترع من زمن المحقق (رحمه الله) أو قبله و لم یعهد من القدماء القول به و فیه مع ذلک إن الحکم بالوجوب التخییری لا داعی إلیه لعدم التعارض بین وجوبیهما فینبغی أن یحکموا بوجوبهما عیناً معاً فإن لم یمکنهم القول به لعدم القائل به فالمصیر إلیه الاستحباب صیغة السلام علینا کما هو المشهور و ربما یدعی اتفاق الأصحاب علیه و الحکم بالتخیر فی الخروج بینهما لا بالتخییر الوجوبی هو الأرجح و الأولی و به تجتمع الأخبار و الإجماعات المحصلة و المنقولة علی أن استحباب السلام علینا بعد قول السلام علیکم و الخروج محتاج إلی دلیل و لم یکن فلم یکن إلا أن یکتفی بأدلة السنن بفتوی الفقیه الواحد و فیه ما فیه.

بحث: الحدث الأکبر و الأصغر عمداً و سهواً اختیاراً أو اضطراراً لمتطهر طهارة رافعة أو مبیحة مائیة أو ترابیة فی السعة و الضیق مبطل للصلاة

و إن أمکن رفعه بزمان یسیر من غیر فعل کثیر و من غیر فعل مناف کالاستدبار و شبهه و للاحتیاط و توقف یقین

ص: 205

البراءة علی ذلک لأن الصلاة محل موصول من التکبیر إلی التسلیم لا اجزاء مثلًا حقه موصولة أو مفصولة فالکون الرافع بعد التکبیر إلی التسلیم کله صلاة فإذا حصل الحدث فی جزء من أجزاء تلک الأکوان فإن شرط الطهارة و شرط الکون شرط لإجزائه و المشروط عدم عند عدم شرطه و للأخبار الدالة علی البطلان المؤیدة بالشهرة المحصلة و الإجماعات المنقولة و المعتبرة المؤیدة بذلک فیما دل من الأخبار علی صحة الصلاة من أحداث مطلقاً و إنه یتطهر و یبنی أو صحة صلاة قبل التشهد أو کانت صحیحة أو صحة صلاة من صلی متیمماً فأحدث ففاجأه الماء لا تعارض ما تقدم فهی أما مطرحة أو محمولة علی التقیة أو مؤولة.

بحث: وضع الیمین علی الشمال کف علی کف أو ... [بنیة أنه جزء من أجزاء الصلاة و عمل من أعمالها محرم قطعاً و بدعة یأثم فاعلها]

زند علی ساعد أو زند علی زند أو کف أو ساعد أو ساعد علی کف أو زند أو ساعد فوق السرة أو تحتها مع الحائل و بدونه و کذا وضع الشمال علی الیمین بتلک الصورة المتقدمة حال الصلاة فی أی مکان منها قیام أو قعود أو رکوع أو سجود فی حال القراءة أو غیرها بنیة أنه جزء من أجزاء الصلاة و عمل من أعمالها محرم قطعاً و بدعة یأثم فاعلها لکن لا تفسد صلاته إلا إذا وقع منه ما یسمی تکفیراً و هو ما یفعله العامة و المعهود عندهم من وضع الیمین علی الشمال أو العکس علی الأظهر کما تشعر به الروایات کفاً علی کف أو زند حال القیام مقصوداً به العبودیة و الخضوع لأنه المتیقن من النواهی المقتضیة لفساد محل المنهی عنه إذ تعلق النهی بأمر خارج عن العبادة فیها و للإجماع المنقول علی حرمته و الإبطال به و الاحتیاط فی فراغ الذمة بعد شغلها بجعله مانعاً فلو وضع یداً علی ید بنیة أمر آخر أو لا بنیة التعبد لم یکن مفسداً و لا حراماً و علیه السیرة و لو وضع کذلک فی حال القیام و القراءة بنیة التعبد کان محرماً لا مبطلًا و دعوی أن الوضع بنفسه محرم و مفسد و إن لم یکن بنیة التعبد لقوله (علیه السلام) وضع الرجل أحد یدیه علی الأخری فی الصلاة عمل و لیس فی الصلاة عمل مردود بظهور إرادة فعله للتعبد به و التشریع کی یکون من الأعمال المنافیة و إلا فالصلاة لا تخلو من عمل من هذه الأعمال و لا تخلو من وضع ید فی حال من الأحوال و لیس من العمل الکثیر کی یحمل

ص: 206

علیه لفظ العمل نعم نفس الوضع مکروه کما یظهر من الأخبار فضلًا عن أن یکون ترکه مستحباً فإن الاحتیاط یقضی به و لو وقع التکبیر سهواً أو اضطراراً فی غیر مورد التقیة فالأظهر البطلان و إن وقع تقیة فلا شک فی صحة صلاته إذا کانت من العامة أو ممن یتدین بدینهم علی الأظهر لا یبعد أن ترکه فی مقام التقیة مفسد.

یجب الاستقبال علی الأظهر و لو تکلم بحرف سهواً فأتمه عمداً فالأظهر الصحة و لو کان الحرف الواحد مغیراً لهیئة القرآن کان زاده فی کلمة فاختلفت بنیتها به فسدت صلاته علی الأقوی و لو قرأ نصف کلمة بنیة أنها من القرآن أو الدعاء أو الذکر أو قطع فإن کان من نیته الأول ذلک فالأظهر البطلان و إلا فالأقوی الصحة فتأمل جیداً.

بحث: التبسم لا ینقض الصلاة لا عمداً و لا سهواً

للأخبار و الإجماع و القهقهة تنقضها عمداً للأخبار و الإجماع و یلحق بالعمد الاضطرار و لا تنقضها سهواً علی الأظهر لعمومات أدلة السهو و للإجماع المنقول و هی مجملة أو کالمجملة لدورانها بین الضحک مطلقاً ما عدا التبسم بناء علی أن التبسم ضحک کما هو الأقوی و بین شدة الضحک و بین المشتمل علی صوت فیه و بین الترجیع و بین قوله (قه قه) و بین قوله ذلک و ما شابهه من (جه جه) و (که که) و (شه شه) و (سه سه) و بین المد فیه و بین المشتمل علی المد و الترجیع و لا یمکن حمل المطلق علی المقید فی کلام أهل اللغة لأنهم لیسوا بمنزلة متکلم واحد و لا الأخذ بالجمیع علی سبیل الاشتراک اللفظی لبعده فمادته مجملة أو کالمجملة وجب اجتناب الجمیع تحصیلًا للبراءة الیقینیة و قد یقال بوجوب اجتناب ما علم أنه من أفرادها کالجامع للأقوال المتقدمة و تجویزها ما سواه للأصل لکن الأقوی ما ذکرناه نعم یخرج منها ما یزید علی التبسم و لا یندرج فی اسمها عرفاً و لا یدخل فیما حده اللغویون منها فإن الظاهر جوازه و عدم بطلان الصلاة به.

بحث: الفعل الکثیر عمداً مفسد للصلاة

إجماعاً بخلاف الفعل القلیل أو الفعل الواقع سهواً و لو کثیراً لم یکن ماحیاً للصورة فإنهما لا یفسدان قطعاً بل و إن کان ماحیاً للصورة علی الأقوی و نقل علیه الإجماع بل الظاهر من الکثیر ما کان ماحیا

ص: 207

لصورة الصلاة بحیث اتصف الفاعل بفعله لا بفعل الصلاة و إن کان المصلی متلبساً بها و ذلک لأن الکثیر فی الإجماعات المنقولة لیس له حد مضبوط و لم یقدر فی الشرع له حد و ارجاعه إلی العرف العام کما أرجعنا کثیر الشک إلیه مشکل جداً هنا لبطلان الصلاة بما یسمی قلیلًا عرفاً و عدم بطلانها بما یسمی کثیراً کما جاء فی الأخبار من عدم البطلان بغسل الرعاف و شبهه و البطلان بالتخطی أزید من خطوة علی أن العرف العام هنا مضطرب لعدم معلومیة المراد بالکثرة فهل هی الکثیر بالنسبة إلی القلیل من ذلک النوع فیلزم أن یکون کثیره النظر إلی غیر ما نص علیه النظر إلیه و کذا تحریک الإصبع الواحد کثیر و کثرة الغمز بالعین مفسدة و لا أظن قائلًا به أو الکثیر بالنسبة إلی المتلبس بالصلاة و إن لم یکن کثیراً فی نفسه و لا أظن قائلًا به أیضاً لعدم معرفة أهل العرف لأحوال المصلی و انتفاء کثرة الفعل فیها و عدمه لأنها من الوظائف الشرعیة و إن أرید معرفة المتشرعة به معرفة اصطلاحیة فلا وجه له أیضاً لعدم معلومیة المعنی الشرعی عندهم بعد البناء علی إجمال العبادات و أنها موضوعة للصحیح و إن أرید معرفة المتشرعة به معرفة توقیفیة ناشئة من کلام الشارع فلا یمکن أیضاً لاختلاف الأخبار فی ذلک ففی بعض منها النهی عن زیادة الخطوة و فی بعض منها النهی عن بعض الأفعال المقطوع بقائها و فی بعض منها و الأحوط الإعادة.

بحث: الأکل و الشرب لا یفسد قلیله و یفسد کثیره قطعاً

معتاداً کان المأکول و المشروب أم لا و الإجماع المنقول علی الإفساد به ینصرف للکثیر منه کما أنه مخصوص بحال العمد دون السهو إن کان ماحیاً للصورة.

بحث: لا یجوز ابتداء السلام بقصد التحیة لشخص معین أو لا بنیة أنه لجزء من الصلاتی

کقوله و سلام علی المرسلین و یجب رده إذا حیاه به محیی و کان ممیزاً مسلماً عاقلًا و لو کان غیر بالغ أو غیر رشید فإن لم یرده فعل حراماً و لا تبطل صلاته علی الأظهر أما لأن الأمر بالشی ء لیس نهیاً عن ضده و أما لأنه نهی عنه لا یفسد للسیرة و الطریقة المستمرة علی ذلک مع عدم البیان و توفر الدواعی إلیه و أما لأن الضد المنهی هو ما لا یمکن اجتماعه مع المأمور به و لا یتیسر حصوله معه کالسفر و إیفاء الغریم و هو

ص: 208

هنا لیس کذلک و لو سلم علی جماعة فإن بادر أحدهم بالرد سقط عنه الوجوب و لو کان الراد غیر بالغ من أهل التمییز لأن عباداتهم شرعیة علی الأظهر و لا یجب الاسماع عند الرد تحقیقاً أو تقدیراً لعدم الفائدة بالرد لولاه و یجب أن یرد بالمثل و لا یجوز أن یخالف حتی لو کان الابتداء بتقدیم الظرف خلافاً لابن ادریس (رحمه الله) حیث جوز الرد بالمخالف أخذ بالعمومات و ترده الروایة الموجبة للمماثلة و أصالة الشغل المثبت المشکوک بمانعیته و الأحوط الجواب بالمثل من کل وجه حتی بالتعریف و التنکیر و الأجزاء و الجمع فتکون الصور ثمانیة التی یجب فیها المماثلة و لا یجوز الزیادة علی السلام برحمة الله و برکاته و ما شابهها و الأقوی القول بوجوب الرد بصیغة سلام علیکم مطلقاً للروایة لکن الأول أقوی لظهور احتمال أن ایجابها بالخصوص إنما کان لورودها مورد الغالب من أن الابتداء انما یکون بسلام علیکم دون غیره فتکون دلیلًا علی وجوب المماثلة.

القول فی صلاة الکسوف و الخسوف و الخوف:

بحث: تجب الصلاة لکسوف الشمس و خسوف القمر

للإجماع و الأخبار دون غیرهما من الکواکب للأصل و للشک فی دخولها تحت الآیات المخوفة و تجب للزلزلة و لکل آیة مخوفة سماویة للأخبار و لا یلحق بها المخوفات الأرضیة کطغیان المیاه و الخسف و شبهها علی الأظهر و یراد بالسماویة ما انتسبت إلی السماء و هو جهة العلو علی الأظهر و یرجع کثیر الخوف و شدید القلب إلی مستوی الخلقة من عامة الناس فی تحقیق الخوف و عدمه و یثبت الکسوف و الخسوف برؤیتهما للناظر و بالبینة علی ذلک و لا یکفی قول المنجمین و إن کثروا و یراد به ما یسمی کسوفاً و خسوفاً عرفاً و لو کان بحیث لو أطلق علیه المسماة بذلک فلو کان جزئیاً لا یدرکه إلا النظر الخارج عن النظر المتعارف کمن نوی من مسیرة شهر الراحل من الفارس لا عبرة به.

بحث: صلاة الکسوف و الخسوف مؤقتة إلا من ذوات الأسباب

لقوله (علیه السلام) وقت الکسوف فی الساعة التی تنکسف و حکمها حکم المؤقتات بالنسبة إلی أول الوقت

ص: 209

و آخره و لو أخرها المکلف إلی آخر وقتها بحیث لا یدرک منها رکعة مع الطهارة إن لم یکن متطهراً وجب علیه الإتیان بها لقوله (علیه السلام) من أدرک الرکعة و کذا لو کان التأخیر من جهة عدم حصول الشرط أو وجود المانع کعدم البلوغ و الحیض علی الأظهر و لا بد من انطباق وقتها علی الفعل مع مقدماته أو بدونها علی الأظهر و لو انطبق وقتها علی الفعل دون مقدماته قوی القول بوجوبها و یکون کالصوم و لو قصر الوقت عن فعلها قوی القول بسقوطها حتی لو تلبس بها فتبین له القصر قطعها لاستحالة التکلیف بموقت یقصر عنه وقته و احتمال أنها تعود من ذوات الأسباب عند ذلک ممنوع لعدم الدلیل علی ذلک سوی الإطلاقات الموجبة للصلاة عند الکسوف و الخسوف و هی منصرفة للفرد الظاهر و هو ما إذا اتسع الزمان للفعل کما هو الغالب و الأصل البراءة من التکلیف و فی الصحیح ما یدل علی ذلک کقوله (علیه السلام): (کل أخاویف السماء من ظلمة أو ریح أو فزع فصل له صلاة الکسوف حتی یسکن) و لو صلی رکعة تامة بخمس رکوعات فتبین له القصر قطعها و الأحوط الاتمام حینئذ لادراکه رکعة بل الأحوط الاتمام لو تلبس برکوع واحد بل تجزأ من الصلاة لظاهر الصحیح و إذا تجلی قبل أن یفرغ صلاتک فأتم ما بقی و الظاهر منه حصول التحلی بالتمام و آخر وقت صلاة الکسوف و الخسوف تمام الانجلاء علی الأظهر للاستصحاب و لظاهر الأدلة المعلقة وجوب الصلاة علی حصولها خرج منه ما بعد الانجلاء التام و بقی الباقی و لقوله (علیه السلام) فی الصحیح المتقدم (حتی یسکن إلی أن یذهب الکسوف التام) و لقوله (علیه السلام) فی الموثق (إن صلیت الکسوف إلی أن یذهب الکسوف عن الشمس و القمر و تطول فی صلاتک فإن ذلک أفضل و إن أحببت أن تصلی فتفرغ من صلاتک قبل أن یذهب الکسوف فهو جائز) و لقوله (علیه السلام) فی الصحیح عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (أنه فرغ حین فرغ و قد انجلی کسوفها) و نسب للمشهور أن آخر وقتها الشروع فی الانجلاء و یدل علیه قوله فی الصحیح إذا انجلی منه شی ء فقد انجلی و هو قوی لصحة الروایة و اعتضادها بالشهرة و تنزیل ما جاء من تعلیق الحکم بالانجلاء علی

ص: 210

انجلاء البعض لحکم الإمام (علیه السلام) بتساویها فی الحکم فقط أو الحکم علی طریقة البیان و الکشف أو الجعل من الشارع و حمله علی المساواة فی رفع الشدة بعید و مع ذلک فالأول أقوی لما قدمناه.

بحث: صلاة الزلزلة من ذوات الأسباب لا من المؤقتات لقصر الوقت فیها غالباً عن الفعل

و تجب فوراً لا موسعاً علی الأظهر من مشروعیتها لأنها شرعت لتدارک رفع ما یحتمل وقوعه من آثارها و یحتمل أن وقتها من حین وقوعها إلی حین انقضاء صلاتها لمن یصلی و کل مصلی بحسبه من الطول و القصر و من جهة السرعة و البطؤ و احراز المقدمات و عدمها و بقدره إن لم یصل و تکون بعد ذلک قضاءً و هو تکلف بعید.

بحث: باقی صلوات الآیات مؤقتة بتمام انجلائها إلا بالشروع فی الانجلاء

و لا تمتد بامتداد العمر موسعاً و لا تمتد کذلک علی جهة الفور لأنها لیست من ذوات الأسباب لظاهر الصحیح المتقدم فإن قوله (علیه السلام) (حتی یسکن) إما لانتفاء الغایة کما هو الظاهر لقوله تعالی: (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلیٰ غَسَقِ اللَّیْلِ) أو للتعلیل فعلی الأول یکون التوقیف صریحاً و علی الثانی یکون ضمنیاً و لو قصر وقتها عن الفعل لم یجب علی الأظهر و لو أدرک رکوعاً أو رکعة کذلک و احتمال عودها عند ضیق الوقت إلی ذوات الأسباب کاحتمال عودها إلی التوقیت قدر الفعل ابتداؤه بحصولها و انتفائه بانتفائها بعیدان لأن ما دل من ظواهر الأخبار علی سببیتها بخصوص بما دل علی تحدیدها و تعلیلها بالسکون و الأصل البراءة و احتمال أن الشروع فی الصلاة علة فی السکون فی الروایة کاحتمال أن التوقیت للتکرار لا نفس الصلاة فیها بعیدان عن الفهم و العرف.

بحث: الجاهل بوقوع الکسوف سواء کان جاهلًا بموضوعه أو حکمه أو عالماً بهما لا قضاء علیه

للأخبار الخاصة و للأصل و للشک فی صدق من فاتته فریضة فلیقضها

ص: 211

علیه للشک فی صدق الفوت و الشک فی شمول الفریضة لمثل هذه الصلاة إلا إذا احترق القرص کله فإنه یقضی قطعاً للروایات المتکثرة الدالة علی ذلک و للمشهور و العالم بوقوعه یقضی مطلقاً للروایات الدالة علی ذلک المؤیدة بالشهرة فتوی و روایةً و عملًا نقلًا و تحصیلًا سواء به عمداً أو نسیاناً أو جهلًا أو سهواً أو نوم ثمّ أو غفلة أو غیر ذلک و کذا باقی الآیات علی الأظهر ما عدا الزلزلة من أنها من ذوات الأوقات لا من ذوات الأسباب فتجب الصلاة مطلقاً مع العلم أو الجهل بل یقوی القول علی القول بأنها من ذوات الأسباب بعدم وجوب الإتیان بها عند الجهل بحصولها حتی تسکن و لما ورد فی بعض الروایات و قد سئل عن الریح و الظلمة و الکسوف فقال: (صلاتها واحدة سواء) و لإشعار عدم وجوب القضاء علی الجاهل بباقی الآیات و علی ذلک فیکون حکم الزلزلة حکم باقی الآیات بالنسبة إلی الجهل و العلم من ذوات الأسباب و الأحوط فیها الصلاة مطلقاً مع الجهل و العلم.

بحث: لا یجوز الأخذ بالظن فی صلاة الآیات مطلقاً

و لو کان فی السماء علة علی الأظهر و لا یجب القضاء علی من ظن فلم یفعل مطلقاً و تثبت الآیة بخبر العدل الواحد علی الأظهر إذا أفاد ظناً و استند إلی حس و یجب علی الأعمی الرجوع إلی المبصر العدل و إلا فإلی المبصر المتعدد و لو کان فاسقاً و إلا فإلی المبصر مطلقاً.

بحث: ذهب المفید (رحمه الله) إلی وجوب القضاء علی الجاهل عند افتراق بعض القرص

و نسب إلی ظاهر المرتضی (رحمه الله) و ابن بابویه و ابن الجنید و أبی الصلاح (رحمه الله) أیضاً کذلک و فی بعض الأخبار أیضاً ما یدل بإطلاقه علیه کمرسلة حریز و نحوها و إن کان الأقوی ما قدمناه لقوة الأخبار المفصلة و کذا الأحوط قضاء صلاة جمیع الآیات مع الجهل بسببها لاحتمال أنها من ذوات الأسباب لا من أمهات الأوقات کی یحتاج القضاء فیها إلی أمر جدید و کذا لو کانت من أمهات الأوقات فالاحتیاط فی الإتیان بها قضاء لاحتمال دخولها فی قضاء الفوائت.

ص: 212

بحث: ذهب المرتضی (رحمه الله) فی مصباحه إلی عدم الوجوب علی العالم بالکسوفین ما لم یحترق القرص کله إن ترک متعمداً

و ذهب الشیخ (رحمه الله) إلی عدم وجوب القضاء علی الناسی ما لم یستوعب الاحتراق و هما مردودان بعموم قضاء الفوائت بخصوص مرسلة حریز و إن اشتملت علی وجوب الغسل أو علی القضاء مع عدم العلم بغیر غسل و لا نقول بهما و اشتمال الروایة علی ما نقول به لا یبطل حجیتها و بموثقة عمار الشاملة للتارک عمداً بعد العلم و نسیاناً و بروایة الکافی فی خصوص الناسی و ضعف هذه الروایة مجبور بالشهرة المحصلة و صحیحة علی بن جعفر و إن صلحت شاهداً لقول المرتضی (رحمه الله) حیث أنها أسقطت القضاء مطلقاً حتی مع الاحتراق لکنه خرج بالروایات الأخر فیبقی الباقی لکنها مخصوصة بما ذکرناه من الأخبار الخاصة فلا تصلح للأخذ بها مطلقاً.

بحث: هیئة صلاة الآیات علی ما فی الأخبار و کلام الأخیار رکعتان

فی کل رکعة خمس رکوعات و یقنت فی کل شفع من الرکعات و یسجد سجدتین فی الأولی و سجدتین فی الأخیرة و یتشهد بعدها و یسلم و ما ورد بخلاف ذلک شاذ لا یلتفت إلیه و لا یعول علیه و حکم رکوعاتها حکم الأفعال الباقیة فی الشک لا حکم الرکعات تبطل فی الشک فیها بین الاثنین و الواحدة و الرکعة شرعاً علی ما ترکبت من الرکوع و السجدتین و إن أطلقت لغةً علی الرکوع فقط و الرکوع فیها رکن کباقی الصلاة و یجب فیها قراءة الحمد أولًا ثمّ هو بالخیار فإن شاء قرأ بعدها سورة تامة فإذا أتمها وجب أن یعید الحمد للسورة الثانیة فی القیام الثانی و هکذا و إن شاء قرأ بعد الحمد بعض السورة ثمّ قام فقرأ بعضاً آخر یفرق السور علی القیامات إلی الرکوع الأخر و الرکعة الأولی و إن شاء قرأ بعد الحمد ثمّ ابتدأ بالقیام الثانی بالحمد و بعض السورة علی البواقی و إن شاء فرق سورة علی ما یشاء من الأوائل ثمّ ابتدأ بالحمد و سورة و له أن یغیر السورة و له أن یعیدها بعینها إلا الحمد فلیس له اعادتها مطلقاً و لیس له عند الابتداء بسورة أن یترک الحمد کما فی بعض الأخبار خلافاً لابن ادریس (رحمه الله) و هو شاذ بل للإجماع علی خلافه علی الظاهر و هل له عند التبعیض إعادة الحمد الظاهر ذلک کما یظهر من

ص: 213

صحیح الحلبی و إذا قرأت نصف سورة أجزأک أن لا تقرأ فاتحة و الأخبار الناهیة عن قراءة الحمد عند التبعیض محمولة علی الاباحة لتوهم الوجوب و الأحوط الترک و هل له أن یقرأ سورتین أو ثلاثة الظاهر ذلک لجواز الواحدة المفروقة و الخمس فیجوز الوسط و هل یجب قراءة سورة کاملة فی خمس الخمس الظاهر ذلک لأنها بمنزلة رکعة و هل له أن یقرأ سورة و بعض أخری الظاهر ذلک و لا یجب الاتمام فیجوز أن یقرأ سورة و أربعة أنصاف من سور متعددة و هل یجب الحمد للابتداء بسورة أم لاختتام الأولی و الابتداء بالأخری الظاهر الأخیر للجمع بین الأخبار و هل یجوز عند القطع علی بعض سورة أن یأتی بها فی الرکعة الثانیة مبتدئاً بها قبل الحمد الظاهر أنه لا یجوز و هل یجوز أن یأتی بها بعد الحمد ثمّ یأتی بسورة کاملة الظاهر جوازه و هل یجب عند التبعیض القراءة من موضع القطع أو لا یجب الظاهر وجوب ذلک لروایة محمد بن مسلم و هل یجوز أن یقرأ الحمد و بعض سورة ثمّ یقوم فی الرکوع الثانی فیعید ذلک البعض مع اتمام السورة الظاهر جوازه و هل یجب الحمد حینئذ معها الظاهر عدم الوجوب و هل یجوز أن یقرأ بعد الحمد بعض السورة أولًا ثمّ یقطعها و یبتدئ بأخری فی الرکوعات الباقیة أم لا یجوز الأظهر الجواز و هل یجب الحمد حینئذ الأظهر عدم الوجوب و لا یجوز القران بین السورتین و سورة و بعض أخری فی رکوع واحد الظاهر جواز العدول من سورة إلی أخری فی رکوع واحد و کذا فی رکوعین علی الأظهر.

بحث: تجوز صلاة الآیات جماعة أو فرادی قضاء و أداء

و یدرک المأموم الامام بأول رکوع من الأولی و أول رکوع من الثانیة و یقوی القول بأن له إدراکه بأثناء الرکوعات فإذا سجد الإمام انفرد المأموم بأول رکوع من الأولی و أول رکوع من الرکوعات و لحقه فی السجود إن أمکن و إلا لحقه فی القیام فی الرکعة الثانیة بعد أن یسجد هو و فوات الرکن لعذر لا بأس به بعد البناء علی المتابعة لکن الأحوط ترک الجمیع ذلک نعم لو اقتدی بالإمام و لم یعلم أنه فی غیر الرکوع الأول بسهو أو شبهه قامت تلک الاحتمالات مع احتمال بطلان القدرة ناسیاً و الأحوط الانفراد ثمّ الاعادة و احتمال تحمل الإمام ما فات المأموم من الرکوع و لا یلتفت إلیه قطعاً فی الصورتین.

ص: 214

بحث: إذا تعددت الآیات تعددت صلواتها

فإن کانت فی وقت واحد و لم یتسع الوقت إلا لواحدة وجبت الصلاة للأهم منها کالکسوف مع غیره و الزلزلة مع الباقیات و لو أتی بغیرها بطلت لعدم صلاحیة الوقت لها فإن تساوت تخیر المکلف بإتیان أیها شاء فإن فرط کان علیه قضاء أیها شاء علی الأظهر و لو حصل الکسوف فی وقت فریضة یومیة و کانا موسعین تخیر فی تقدیم أیها شاء و الأفضل تقدیم الفریضة سیما مع فوت خوف فوات الوقت الفضیلی للفریضة الیومیة و إن تضیقا بالأصالة کان بلغ الصبی أو طهرت الحائض فی وقت لا یسع إلا الفرضین و کسفت الشمس وجب تقدیم الیومیة للاهتمام بها من الشارع و لا یقضی الکسوف لفواتها من غیر تفریط و لعدم تعلق الخطاب بها و إن تضیقا بالعارض و من جهة التأخیر فالأظهر وجوب تقدیم الیومیة و قضاء صلاة الکسوف خصوصاً مع العلم بذلک و کذا العکس إن أمکن وقوعه و مع وجوب تقدیم الیومیة تبطل الکسوفیة لعدم صلاحیة الوقت لها لا لأن الأمر بالشی ء یقتضی النهی عن الضد و لو تضیقت أحدهما و توسعت الأخری کان الوقت للمضیقة و لو أتی بالموسعة و الحال ذلک قوی القول ببطلانها و لو دار الأمر بین صلاة الکسوف و إدراک رکعة من الیومیة تامة مع عدم صلاة الکسوف فلا یبعد التخییر و الأقوی تقدیم الیومیة و لو شرع فی الکسوفیة فبان ضیق الحاضرة قطعها و صلی الحاضرة و لا تجب الکسوفیة و یقوی القول بأنه یعید و بعد صلاة الیومیة إلی تمام الکسوفیة و یفتقر توسط الیومیة فیها للأخبار و المشهور بین الأصحاب و ظاهر الإطلاق أنه لو خرج وقت الکسوفیة عند تمام الباقی بعد صلاة الیومیة و لو أمکنه إدراک رکعة من الیومیة بعد الشروع فی الکسوف قوی القول بوجوب اتمام الکسوفیة ثم الابتداء بالیومیة لقوة الکسوفیة بالشروع.

ص: 215

القول فی صلاة الأموات:

بحث: تجب الصلاة علی المیت من المقر بالأئمة الاثنی عشریة

للأخبار و الإجماع بقسمیه کما لا تجوز علی الکافر الأصلی الذی لم یثبت بالإسلام قطعاً لقوله تعالی: (وَ لٰا تُصَلِّ عَلیٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً وَ لٰا تَقُمْ عَلیٰ قَبْرِهِ) و یلحق بالکافر الأصلی المرتد فطریاً أو ملیاً و من الکفر ضروریاً من ضروریات الدین کالمجبرة و المجسمة و المشبهة و الخوارج و الغلاة و الناصبة و المتدینین ببغض علی (علیه السلام) و أولاده (علیهم السلام) لصدق الکافر علی هؤلاء حقیقة.

کل کافر لا یصلی علیه و أما المخالفون من العامة فالظاهر أن لهم أحوالًا ثلاثة حال فی العالم الدنیوی و هو عالم الحیاة و الظاهر أنه فیه مسلمون و تجری علیهم أحکام الإسلام (1) و للسیرة القاطعة علی معاملتهم معاملة المسلمین من دون تقیة و شبهها و لتقریر الأئمة (علیهم السلام) أصحابهم علی ذلک خلافاً لمن ادعی کفرهم بإطلاق لفظ الکافر علیهم فی الأخبار و لفظ الناصب أیضاً.

و کل کافر نجس للأخبار و الإجماع و بقوله تعالی: (یَجْعَلُ اللّٰهُ الرِّجْسَ عَلَی الَّذِینَ لٰا یُؤْمِنُونَ) و هو مردود و لحمل الأخبار علی التجوز فی الصدق لعلاقة المشابهة و أظهر أفرادها المساواة فی عالم الآخرة و لا أقل من الاجمال و دعوی عموم التشبیه ممنوعة و لو سلم فإنما یسلم فی التشبیه الصحیح لا الاستعادة و یراد بالحمل حینئذ المبالغة فی المساواة فی عالم الأخری و حال فی العالم الأخروی و المقطوع به فی الأخبار و المجمع علیه بنینا أنهم کفار یخلدون فی النار و لا یخرجون منها إلی الجنة و لا إلی غیرها خلافاً لما یظهر من بعض الأصحاب و حال ثالثة متوسطة و هو ما بین الموت إلی


1- من طهارة و حلیة ذباح و مناکحة للأصل و الأخبار الدالة علی أن من قال لا إله إلا الله جرت علیه أحکام الإسلام.

ص: 216

الإقبار و الأظهر الحاقه بالعالم الدنیوی إحراماً للاسلام فیجب تغسیلهم و تکفینهم و الصلاة علیهم للأخبار الدالة علی وجوب الصلاة علی أمة محمد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و علی من قال لا آله إلا الله المؤیدة بالشهرة و الاستصحاب لحکم الإسلام بل الإجماع المرکب علی ما نقل و بهذا نقول الأدلة الدالة علی کفرهم و نصبهم تحمل علی کفرهم فی الآخرة و لیس بین الأدلة بالنسبة إلیهم عموم من کما قد یتخیل نعم بالنسبة إلی الغلاة و الخوارج یکون بین الأدلة ذلک و یرجع دلیل أحکام الکفر بالنسبة إلیهم لقوته و دعوی أن المخالفین منکرون لضروری الدین لان النص من ضروریاته لا وجه لها و لو سلمنا ان إطلاق الکافر و الناصب علیهم حقیقة لها و ان الادلة بینهما عموم من وجه فالأقوی تخصیص هذه بتلک لا العکس لقوة الدلیل الملحق لهم بالمسلمین و أما باقی الفرق من الشیعة فبالأولی إجراء أحکام المسلمین علیهم للعمومات و الإحرام.

بحث: لا تجب الصلاة علی مسلم إلا إذا بلغ ست سنین کاملة

هلالیة و أحد عشر شهراً هلالیاً أو شهراً عددیاً للصحاح المستفیضة الدالة علی ذلک صریحاً و المعلقة وجوب الصلاة علیه علی تعلقه لها و یجعل التعلیق بالست قطعاً للعادة و الأخبار و للمشهور بین الأصحاب خلافاً لابن أبی عقیل فلم یوجب الصلاة إلا علی من بلغ استناداً للاعتبار لأن غیر البالغ لا حاجة له إلی الدعاء و الاستغفار و لبعض الأخبار کالموثق (إنما الصلاة علی الرجل و المرأة إذا جری علیهما القلم) و هما مردودان لعدم اعتبار الأخبار و ضعف الأخبار و جواز حمل جری القلم علی بلوغهما حد الخطاب التمرینی أو الشرعی الاستحبابی و لا تستحب الصلاة علی من لم یبلغ ستاً فضلًا عن وجوبها للأخبار الناهیة عن ذلک فالمجوزة محمولة علی التقیة و لا یجوز الأخذ بها للتسامح بأدلة السنن لأن التسامح مشروط بعدم المعارض و ذهب ابن الجنید (رحمه الله) إلی وجوب الصلاة علی من استهل لوجوب الأخبار الدالة علی ذلک و هی محمولة علی التقیة و لو لا المعارض لحملناها علی الاستحباب.

ص: 217

بحث: تجب الصلاة علی ولد الزنا لإسلامه و إیمانه علی الأظهر الأشهر

و ما دل علی خلاف ذلک مطروح أو مؤول و ما جاء من عدم جریان أحکام المسلمین علیه فی بعض المقامات للدلیل و تجب الصلاة علی من أسلمت أمه أو أسلم جده أو التقط فی دار الإسلام أو فی دار الحرب و یمکن تولده من مسلم أو لحق بأبیه المسلم لعموم الأخبار و کلام الأخیار.

بحث: تجب الصلاة علی الصدر وحده لو یقی من الانسان

و لو انفسهم نصفین صلی علی ما فیه الصدر للأخبار و المشهور بین الأصحاب و کذا مجموع العظام و الأحوط الصلاة علی العظم التام المشتمل علی العظم التام مما سین باسم کالرأس و الید و الرجل و الفخذ و الظهر بل الأحوط الصلاة علی العظم المجرد التام أیضاً و ما ورد من النهی محمول علی الإباحة لتوهم الوجوب و کذا أبعاض الصدر و العظام المطحونة فإن الأحوط الصلاة علیها.

بحث: تجب الصلاة علی المسلمین کافة کفایة

إجماعاً لکن بشرط أذن الولی و هو شرط فی الصحة لا فی الوجوب فیجب حینئذ إحرازها فإن لم یأذن و أراد التقدم حرمت مزاحمته و إن امتنع من الأذن و الفعل بطل حق الاستئذان منه قطعاً وجب الرجوع إلی الحاکم علی الأظهر لأنه ولی من لا ولی له و کذا لو کان غائباً و لم یتمکن من الرجوع إلی الحاکم جاز الفعل لکل أحد حینئذ مع احتمال وجوب تقدیم العدل علی غیره و کذا لو کان الولی محجوراً علیه لصغر أو جنون و شبههما و لو کان فی الطبقة الأولی محجوراً علیه و فی الطبقة الثانیة غیر محجور علیه کان الولی من کان فی الطبقة الثانیة دون من کان فی الطبقة الأولی و دون الحاکم علی الأظهر مما ذکرناه من اشتراط أذن الولی فی الصلاة به تجتمع کلمات الأصحاب من وجوب الصلاة کفایة و بعض الأخبار الموجبة الصلاة مطلقاً مع الأخبار الدالة علی وجوب الصلاة علی الولی و إن المیت یصلی علیه أولی الناس به خلافاً لابن زهرة حیث حکم باستحباب تقدیم الولی للأصل و قواه بعض المتأخرین و خلافاً لمن جمع بین ذلک بالفرق بین الصلاة جماعة فخصها بالولی أو من یأذن له فجعلها علی السویة بین سائر المکلفین

ص: 218

و لا شاهد له خلافاً لمن جعل الوجوب ترتیباً فیجب علی الولی عیناً إن اتحد ابتداء و کفایة إن تعدد و یجب کفایة علی غیره عند فقده أو امتناع أذنه و ما اشتهر بین الفقهاء من أنه لا مانع من الوجوب کفایة و الوجوب علی الولی بمعنی أن قام به بنفسه أو أمر به الغیر فقام سقط الوجوب کفایة و الأوجب القیام به علی کافة الناس إن أرادوا به ما ذکرنا فهو حسن و إلا عاد إلی الوجوب الترتیبی و کلاهما خلاف ظاهر ما اتفق علیه من وجوب الکفایة.

بحث: ولی المیت هو أولی بمیراثه للنسبیة لا السببیة

و هو الأولی عرفاً و الأشد علقةً به و الأقرب إلیه لآیة أولی الأرحام کما هو الظاهر من معناها من أن المراد أن أولی الأرحام بعضهم أولی ببعض من البعض الآخر منهم فی المیراث و علی التفسیر الآخر بأن یراد منها بعضهم أولی ببعض من غیرهم تکون دلیلًا لتقدیم أولی الأرحام علی غیرهم و للأخبار الظاهرة فی أن الولی هو الأولی بالمیراث کالروایة علی ترتیب الأولیاء و الفرق أیضاً یساعده علی ذلک لأن أولی الناس بالمیراث هو الأولی بحسب العرف فلا معنی لإنکار بعض الأصحاب أولویة من هو أولی بالمیراث استناداً إلی أن المراد بالأولی هو من کان أمس الناس بالمیت رحماً و أشدهم علاقةً بتقدیم الأب علی الابن فیکون المراد الأولی العرفی لا و الأولی بالمیراث مخالف لما یظهر من الأخبار و فیها التصریح بقول أولی الناس بمیراثه من مقام آخر و ما یظهر من الأخبار من تفسیر الآیة من أن کل من یرث هو الأولی و الأقرب فیلزمه أن الأولی هو من یرث و هو الأقرب نعم لو تساوی فی الإرث قدم الذکر علی الأنثی و لو لم یتساووا فالأنثی مقدمة علی الأظهر و قدم من هو أقرب علاقةً و أشد علقةً کتقدیم الأب علی الابن أو من هو أکثر نصیباً کالأخ من الأب علی الأخ من الأم و بالجملة فالمراد بالأولی فی الأخبار هو الأولی بالمیراث بقرینة الأخبار الأخر و الشهرة بین الأصحاب و العرف یساعد علیه فی أغلب المقامات و تخصیص ما ذکرناه للدلیل و قد یراد بالأولی ما هو الأعم من الشرعی و العرفی و تظهر الثمرة فی تقدیم الأب علی الولد و تقدیم الجد للأب علی الأخ کما قیل و هو أحوط و تقدیم الأخ من الأبوین علی الأخ من الأب و تقدیمهما علی الأخ من الأم

ص: 219

لکثرة النصیب و الأقربیة و تقدیم العم للأبوین علی العم لأحدهما و کذا الخال للأبوین علی الخال لأحدهما و تقدیم العم أو الخال للأب علیهما للأم فقط و تقدیم العم للأب علی ابن العم للأبوین مع أن المیراث له و إن ورد النص فی ترتیب کثیر مما ذکرناه و الأخذ به هو الموافق للاحتیاط و أصالة الشغل للذمة و أما تقدیم الوارث الفعلی کغیر القائل و غیر العبد علی القائل و العبد فی طبقة واحدة أو فی جمیع الطبقات علی الأظهر فیحتمل لأولویة المیراث و یحتمل للأولویة العرفیة و کذا تقدیم الزوج علی جمیع الأقارب فإنه للأخبار بل و المجمع علیه بین الأصحاب و من روی من تقدیم الأخ علیه شاذ محمول علی التقیة و الأظهر الحاق المتمتع بها بالدائم و أمام الأصل أقدم من أولی الأرحام علی الأظهر لقوله تعالی: (النَّبِیُّ أَوْلیٰ بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) و ما ورد من خلافه مؤول و المالک أولی بمملوکه من کل أحد حتی من الزوج و الذکر مقدم علی الأنثی فی الطبقة واحدة کما یظهر من الأصحاب و أشعرت به روایات الباب و إن کانت أکثر نصیباً کالأخت من الأب مع الأخ من الأم و ولی الطفل و المجنون و نحوهما لا یقدم علی ولی المیت نفسه و إن کان فی طبقة ثانیة علی الظاهر و حد انتظار الولی أو من بأمرهم إلی أن یخشی خراب الجنازة أو فسادها و إذا تشاح الأولیاء أقرع بینهم و إن کان النظر للحاکم و لا یصلی علی الجنازة مع البعد المفرط جداً و بالجملة فالظاهر من الأخبار و کلام الأخیار الموافق للاعتبار و الذی یقضی به أصل الشغل هو تقدیم أولی الأرحام علی غیرهم ما عدا الزوج و المالک إلا أن یمنع من ولایتهم مانع من کفر أو رق أو قتل علی الأوجه ثمّ الأرحام یترتبون فالأشد علقة و الأکثر شفقة یقدم علی غیره کثر نصیبه کالأب و الولد و الجد و الأخ للأبوین و الذکر یقدم علی الأنثی و الخنثی علیها و لو کثر نصیبها کأخت لأب و أخ لأم و کذا المتقرب بسببین یقدم علی المتقرب بسبب واحد کالأخ و العم و الخال للأبوین مع المتقرب بأحدهما و کذا الأکثر نصیباً یقدم علی الأقل نصیباً کالأخ للأب مع الأخ للأم و أمثالهما و المتحدون من کل وجه یتساوون و الأحوط مراعاة الأکبر کالأخوة و الأولاد و لا بتفاوت الحال فی وجوب تقدیم ما ذکر بین أن یوصی المیت أجنبیاً أو بعیداً من الأرحام أو لا یوصی و تقدیم الموصی له کما

ص: 220

ذهب إلیه بعض أخذ بقوله تعالی: (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ (ضعیف لضعف العموم أولًا لوروده مورد المال و لقوة أدلة الأولویة ثانیاً فنحکم علیه و لو کان بین الدلیلین عموم من وجه.

بحث: تجب فی صلاة المیت خمس تکبیرات

إن کان المصلی علیه مؤمناً إجماعاً و أربعاً إن کان منافقاً أو مخالفاً و هل یجب الفصل بین کل تکبیرین بذکر أو دعاء أو شبههما أو لا یجب الأظهر وجوب الفصل للأمر به فی الأخبار و لمنقول الإجماع و لقاعدة الشک الموجبة للاحتیاط و ما ورد من الأخبار المطلقة الموجبة للتکبیر فقط لا تنافی ما جاء بوجوب الفضل لوجوب تقییدها بها و إن ورد تلک فی مقام البیان لکمیة التکبیر لا أصل کیفیة الصلاة کما یلوح منها و هل یجب الفصل بشی ء خاص من تشهد و صلاة و دعاء أم لا یجب قولان أظهرهما عدم الوجوب لما یظهر من بعض الأخبار النافیة لتوقیت الدعاء فیها و الآمرة بالدعاء بما فدی للتشخص فیها و الصحاح المستفیضة المختلفة فی بیان کیفیة الفصل بین التکبیرات المشعرة بالتفویض فیها بالنسبة إلی خصوص الفاضل نعم یقوی القول بوجوب الدعاء للمیت فی ضمن تلک الفواصل کلًا أو بعضاً لظهور الأخبار فی مشروعیة الصلاة أنها للدعاء للمیت و لعدم خلو أکثرها عن الدعاء له و القول الآخر وجوب الفاصل المعین و الأکثر من هؤلاء أوجبوا ما فی الفقه الرضوی و روایة ابن مهاجر و هی الشهادتان بعد الأولی و الصلاة علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بعد الثانیة و الدعاء للمؤمنین بعد الثالثة و للمیت بعد الرابعة و منهم من أوجب بجمیع بعد کل تکبیرة و إن اختلفوا فی التأدیة لاختلاف الصحاح فیها و الأقوی ما قدمناه و علی قول الأکثر أیضاً لا یجب لفظ مخصوص عندهم بل قارئ الشهادتین و الصلاة و الدعاء موزعة علی أی کان من التأدیة و بأی لفظ کان.

بحث: صلاة الأموات لیست صلاة حقیقیة

و إن اطلقت علیها الصلاة فی الأخبار بوجود علائم المجاز فیها القاضیة بعدم صیرورتها حقیقة فیها فی زمن الشارع فلا تدخل فی الحقائق الشرعیة و لحکم مشهور من الفقهاء بذلک و لقوله (لا صلاة إلا بطهور و لا

ص: 221

صلاة إلا بفاتحة الکتاب) و هی خالیة عنهما و لقوله (علیه السلام) مشبهاً: لها (إنما هو تکبیر و تسبیح و تحمید و تهلیل کما تکبر و تسبح فی بیتک) و لقوله (علیه السلام) فی الصحیح: (إنما هو استغفار) فإذا لم تکن صلاة حقیقة فلا یشملها ما دل علی اشتراط شی ء و ما دل علی مانعیة شی ء فیها إلا ما یقضی به الاحتیاط لنفسه من حصول شک معتبر فی اشتراط شی ء و مانعیة آخر فلا تبطلها الحدث و لا الخبث و لا یشترط فیها الطهارة منهما و لا یشترط الستر و لا یشترط فی اللباس کونه من مأکول اللحم و عدم کونه حریراً أو ذهباً و لا یبطلها الاستدبار و لا الکلام و لا السلام و لا التفکیر و لا القهقهة و لا البکاء و لا الأکل و الشرب نعم ما دل علیه الدلیل أو قضی به وجوب التأسی یحکم به کوجوب الاستقبال فیها مع المکنة و عدم الفصل الکثیر الماحی لصورتها و النیة و الوقوف مستقراً و عدم الفعل الماحی للصورة کالرقص و اللعب و شبههما و اباحة المکان و الصلاة فیه و موانعها ما عدا ما دل الدلیل علی عدمه کما دل علی وجوب طهارة الحدث.

بحث: لو نوی الزیادة علی الخمس تکبیرات ابتداء بنیة أن المجموع عبادة واحدة

فسدت صلاته و لو نوی أنه یزید علی الخمس بعد الامتثال و الإتیان بها فأتی بالسادسة أو أتی بسادسة بعد الخمس بنیة جدیدة صح عمله و فعل حراماً و أما لو أتی بسادسة سهواً صح عمله و لا حرام علیه.

بحث: تستحب الطهارة من الحدث فیها علی الأظهر

من الأخبار و کلام الأصحاب و ما ورد مما یعارض ذلک متروک أو مؤول و یجوز التیمم لها مع عدم وجود الماء أو مع وجوده و خوف فوات الصلاة باستعماله لفوات الجنازة و شبهه و هل یجوز التیمم مطلقاً کما دلت علیه الروایة بإطلاقها للإجماع المنقول أم لا الأظهر عدم الجواز حملًا للمطلق علی المقید بعدم الوجدان و شبهه و استضعافاً للإجماع.

بحث: یجب وضع المیت حیال القبلة

بحیث یکون رأسه إلی یمین المصلی و یساره إلی شماله إذا کان منفرداً و إماماً و لو کان مأموماً فلا بأس لغلبة استطالة الصف فلا

ص: 222

یمکن ذلک فیه فلو صلی علیه علی غیر تلک الحال عمداً أو سهواً أعیدت الصلاة للأصل فی الشرائط و للروایة.

بحث: تجب الصلاة علی المیت قبل دفنه

إجماعاً و بعد تغسیله و تکفینه کذلک فلو صلی علیه کذلک لم تجب و لو کان عن سهو للأصل فی الشرائط و لو تعذرا معاً أو تعذر الکفن وضع علی عورته خرقة و صلی علیه و لو تعذرت سترت عورته بما أمکن من حشیش أو طین أو حجارة وصلی علیه فإن تعذر وضع فی لحده و ستر بأحجار اللحد وصلی علیه و دفن بعد ذلک و فی الروایة الانتقال إلی اللحد بعد تعذر الکفن و فی أخری بعد تعذر الساتر للعورة من الثیاب و هما محمولان علی ما قدمناه من المراتب لظهورها فی ذلک و لا یتفاوت فی وجوب الستر بین إمکان النظر من المصلی و عدمه لظلمة أو عم أخذ بمنطوق الروایات.

بحث: یدرک المأموم الإمام بإدراکه التکبیر معه مطلقاً

سواء کان الأول أو غیره و بإدراکه ما بین تکبیرتین من الدعاء و لو تم التکبیر الخامس فأتت القدرة و ما دام متلبساً به تصح القدرة علی الأظهر و یجب علی المأموم المتابعة و لا یجوز أن یتقدم علی الإمام بالتکبیر و الأحوط أن لا یتقدم بالدعاء أیضاً و لا بأجزائه فلو تقدم عمداً أثم علی الأظهر و صح ما عمل و وجب علیه التأتی إلی أن یلحقه الإمام و یقوی القول بجواز إعادة التکبیر مع الإمام مرة أخری و الأقوی ما قدمناه و احتمال بطلان التکبیر من أصله لتعلق النهی به ضعیف لأن النهی لأمر خارج عن نفس العبادة و أضعف منه بطلان الصلاة من رأس أو بطلان القدرة و وجوب نیة الانفراد و لو سبق المأموم الإمام بالتکبیر سهواً قوی القول بالصحة و الثانی أن یلحقه الإمام و لا یبعد وجوب إعادة التکبیر مع الإمام جدیداً و لو لم یعد لم تنفسخ القدرة و احتمال انفساخ القدرة و وجوب نیة الانفراد ضعیف.

بحث: تجوز نیة الانفراد اختیاراً للمأموم

کما فی الفرائض الباقیة و لو سبق الإمام المأموم فی التکبیر جعل ما أدرکه من تکبیرات الإمام أول صلاته فتشهد المأموم و یصلی

ص: 223

الإمام و یصلی المأموم و یدعو للمؤمنین الإمام و هکذا و الظاهر أن هذا لا خلاف فیه و إن لم تصرح الأخبار به لأن الأخبار فیها أنه یقضی ما أتی علیه فیحتمل أن یراد بها جعل آخر صلاة الإمام هی بنفسها أول صلاة المأموم ثمّ قضاء المتقدم کما یشعر به لفظ القضاء لکنه لم أر قائلًا ثمّ أن ما بقی علی المأموم من التکبیرات یجب علیه الإتیان بها بالتتابع فیها فإن الظاهر من لفظ التتابع اسقاط الدعاء بینها کما فهمه الفقهاء لأن المراد ذکره بین التکبیرات موالیاً کما قد یحتمل و لا یتفاوت الحال فی المتابعة بین إمکان الدعاء قبل حمل الجنازة و بین عدم إمکانه قبل دفنها و بین عدمه أخذاً بالإطلاق المخصص لما دل علی وجوب الدعاء و یخصص الإطلاق بصورة عدم الإمکان تخصیص من غیر مخصص و لأن فرض عدم الإمکان نادر الوقوع سیما بعد البناء علی إجزاء الدعاء فما بنی علیه بعض الأساطین من تخصیص قضاء التکبیر أولًا بصورة عدم إمکان الدعاء للأدلة الدالة علی وجوبه و لإشعار الروایة الآمرة بإتمام التکبیر و هو یمشی معهم و إن لم یدرک التکبیر کبر علی القبر و إلا کبر بعد الدفن لبعد ابتداء أن من التکبیر فقط ولاء و هذا القدر منظور فیه أما الأول فلما قدمناه و أما الثانی فلقرب ما یعدونه للقریب و لاحتمال أن التکبیر علی القبر و بعد الدفن لمن لم یصلی رأساً کما هو سیاق کثیر من الروایات فیکون موردها موضوعاً آخر.

بحث: سقوط الدعاء من المسبوق عزیمة

کما هو الظاهر من الأمر و یحتمل قویاً أنه رخصة لأنه بعد ظن الوجوب بالقراءة فیکون من قبل النهی بعد الواجب و قد وردت روایة بسقوط قضاء الباقی و لا عامل علیها و حملها الشیخ (رحمه الله) علی سقوط القضاء من غیر متابعة.

بحث: یجوز تکرار الصلاة علی المیت مطلقاً بأذن الولی

و یحتمل عدم توقف غیر الصلاة الأولی علی أذنه لکنه خلاف للاحتیاط سواء کان التکرار من المصلی أو من غیره و سواء کانت جماعة أو فرادی و سواء کان قبل الدفن أو بعده کما تشعر به الروایة المتقدمة لبعد دفن المیت من دون صلاة علیه و یدل علی جواز التکرار فی الجملة

ص: 224

الإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و الأخبار الدالة علی ذلک فی مواضع متعددة فعلًا و قولًا و تأویلها بعید و علی الکراهة الأخبار الناهیة فحملها علی الکراهة جمعاً و لا یراد أن الحکم بالکراهة لا یجتمع مع الأخبار الدالة علی وقوعه من أمیر المؤمنین (علیه السلام) یوم قبض رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و یوم مات سهل بن حنیف لأن الکراهة فی العبادة قد ترتفع ببعض المرجحات فتخلص للاستحباب حینئذ.

بحث: تجوز الصلاة علی المنافق و المخالف المظهرین للشهادة

و إن لم تجب و یجب الاقتصار بها علی أربع تکبیرات و یجب الدعاء فیها علیهما لظاهر الأخبار عن الأئمة الأطهار و ما ورد من الاقتصار علی أربع تکبیرات من الرسول من دون دعاء علی المیت محمول علی المنافق فی زمانه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و کذا یجب الدعاء علیهما لوجوب الصلاة علیهما لتقیة و شبهها و لکن سراً لا جهراً و یجب الدعاء للمستضعف و هو الذی لا یعرف الحق و لا یعاند علیه و لا یوالی أحد و لا یتبرأ منه أو غیر ذلک من التفاسیر المتفاوتة بدعاء المستضعفین و یجب التکبیر علیه خمساً و الأظهر أن المراد بالمستضعفین هو من کان کذلک ابتداء و أولًا و آخراً و إلا فالمتصف بذلک لشبهة و نحوها من عجز و عدم وصول و کان أبواه و أهله من أهل الإیمان ألحق بهم و کذا لو کان أهله و أبواه من الکفار ألحق بهم و کانت الصلاة علیه کالصلاة علیهم و من اتصف بذلک لا عن شبهة و لا عن عجز فهو علی أی حال یلحق بالمخالفین و معدود من الفاسقین و الصلاة علیه کالصلاة علیهم علی الأظهر.

بحث: من دفن من غیر صلاة جازت الصلاة علیه

و هو مدفون للأخبار و الإجماع المنقول و لاستصحاب الجواز الحاصل قبل الدفن بل یقوی القول بالوجوب لإطلاق أدلة وجوب الصلاة و الدفن لیس مانعاً و کذا خروجه عن أهل الدنیا لا یصلح للمانعیة کما تخیله المحقق و وجوب الصلاة علیه قبل الدفن لیس توقیتاً به کی ینتفی بانتفاء وقته بل واجب آخر و لا تمانع بین الوجوبین و لا تقیید لمطلق الوجوب کی یحمل مطلق الوجوب علیه لظهور العموم فی قوله (علیه السلام): (لا تدع أحداً من أمتی بغیر صلاة)

ص: 225

فلا یصح الحمل و لا ینصرف إلی الفرد الشائع المتکرر کما قیل و الأظهر أن وجوب الصلاة علیه إلی یوم و لیلة صحیحین و إن لم یکن فیهما کسر ومکسرتین إن انکسر أحدهما وفاقاً للمشهور و لظهور البعدیة فی الصحیح فی الیوم و اللیلة بقوله (علیه السلام): (لا بأس أن یصلی الرجل علی المیت بعد أن یدفن) و کذا باقی الأخبار المجوزة فإنها لا تخلو من إشعار و أما بعد الیوم و اللیلة فالظاهر المنع لروایات المنع غایة ما خرج منها الیوم و اللیلة و بقی الباقی فلا تجوز إلی ثلاثة أیام کما عن الدیلمی أو إلی أن تتغیر صورته کما عن الاسکافی و یظهر من المشهور أیضاً المنع بعد المدة المقررة فالقول بالتحریم بعدها متجه لتقوی أدلة المنع بعدم الیوم و اللیلة فیخص بها أدلة الجواز حینئذ.

بحث: من صلی علیه و قد دفن جازت الصلاة علیه لمن لم یصل علیه یوماً و لیلة أیضاً علی الأظهر

للأخبار الدالة علی الجواز و الاقتصار علی المتیقن فی الجواز لمعارضته بدلیل المنع و مشهوریة التحریم بعد المدة المزبورة فیقتصر علیها لکنها مکروهة کما تقدم بل الأحوط ترکها تغضیاً عن شبهة الخلاف و القول بالتحریم کما نسب للصدوق (رحمه الله).

بحث: إذا صلی علی جنازة و حضرت الأخری

جاز إتمام الأولی و استئناف صلاة ثانیة علی الثانیة و هو الأحوط و الأولی و جاز قطع الأولی و استئناف صلاة لهما معاً و لا یحرم قطع الأولی کما قد یتخیل لعموم (و لا تبطلوا أعمالکم) و لتسمیتها صلاة لضعف العموم فلا یقطع أصل البراءة و لاستعمال الصلاة فیها مجاز فلا تجری علیه أحکامها و لا یجوز التشریک بین الجنازتین فی أثناء الصلاة الأولی لعدم الدلیل علیه و صحیحة علی بن جعفر لیست صریحة فیه و لا ظاهرة کذلک نعم لو خیف علی الجنازة الثانیة من البقاء أو الفوات قبل إتمام الصلاة المستأنفة علیها قوی القول بجواز التشریک کجواز القطع حینئذ لمشروعیة التشریک ابتداء فی حالة الاختیار فلیجتزئ فی حالة الاضطرار فی

ص: 226

الأثناء بالأولی و عند التشریک یأتی بکل تکبیر مشترک بینهما بالجامع بینهما إن أمکن و إن لم یمکن جمع بین الدعائین و التشهد و الدعاء و الصلاة أو غیرهما.

بحث: لو تضیق وقت الفریضة و وقت صلاة الجنازة

قدمت الفریضة للاهتمام و تأخرت صلاة الجنازة إلی الإقبار و الدفن و لو صلیت الجنازة ذلک الوقت فلا یبعد بطلان صلاتها لعدم صلاحیة الوقت لها أو لأن الأمر بالشی ء نهی من ضده و لو توسعت أحدیهما و تضیقت الأخری وجب تقدیم المضیقة و لو عصی و صلی الموسعة فلا یبعد الصحة مع احتمال البطلان لما قدمنا و لو توسعتا معاً فالأقوی التخییر مع أفضلیة تقدیم الحاضرة جمعاً بین الأخبار و أخذاً بمجامع الاحتیاط و الاعتبار سیما لو خیف فوات وقت الفریضة کله.

بحث: لا تفسد النافلة لو صلیت وقت صلاة الجنازة مع توسعها

و الأحوط ترکها بعموم (لا تطوع وقت فریضة).

بحث: لو تعددت الجنائز جاز جعلها صفاً واحداً

و جاز جعلها کالدرج رأس واحدة یلی إلیه الأخری و یقف الإمام وسطاً حینئذ.

القول فی موانع الصلاة:

بحث: من صلی بمغصوب سائراً کان له ام لا ملبوساً کان او محمولًا علی الاقوی

و لو صلی بمکان مغصوب او توضأ بمکان مغصوب او آنیة مغصوبة و اغتسل کذلک او تیمم بمکان مغصوب او تراب کذلک بطلت صلاته و وضوءُه و غسله إذا کان عالماً بالحکم التحریمی و الوضعی کالصحة و البطلان و بالغصبیة النهی بعلمه و حرکته و تصرفه و هو مفسد و لانصراف الشرائط و الأجزاء للمحلل منها لانصراف إطلاقات الساتر و المکان و الماء و المحلل منها علی وجه قوی و إن کان جاهلًا بموضوع المغصوب و معتقد أنه حلال صح عمله و لا إعادة علیه فی الوقت و خارجه و إن تعلق به ضمان عین او منفعة و إن کان عالماً بالغصبیة و بأنه مال الغیر لکنه جهل الحکم التحریمی او الوضعی فصلی جاهلًا بالحکم بحیث تتحقق منه نیة القربة قوی القول بالصحة لدوران الفساد

ص: 227

مدار النهی لا مدار أنه من الشرائط الوجودیة لعدم دلیل علی ذلک و مع الجهل فلا نهی عنه فلا فساد و یحتمل الفساد لاحتمال أن الحل الواقعی شرط وجودی کما یلوح من بعض الأخبار و لاحتمال دخول هذه العبادة تحت عبادة الجاهل لعدم تقلیده بها و ان وافقت الواقع فتفسد و هو احوط لإطلاقهم القول بان الجاهل بالحکم کالعامد و یقوی القول بصحة صلاة الغاصب العالم بالغصب عند الخروج لو ضاق الوقت و قصد التخلص من المکان المغصوب لیخلص الخروج الأمر حینئذ و کذا لو لم یضیق الوقت فی النافلة إذ لم یستلزم الصلاة تصرفاً زائداً علی الکون الخروجی و کذا القول بصحة الوضوء بالماء المغصوب و الآنیة المغصوبة إذا نوی الغسل بإخراج الوضوء من ذلک و تلک الآنیة بنیة التخلص و إن فعل حراماً بإدخاله العضو فیهما لأن الإخراج قد تلخص للأمر علی الأظهر لکن بشرط عدم انحصار الآنیة و الماء فی المغصوبین فلو انحصر فیهما توجه خطاب التیمم و لم یکن لخطاب الوضوء و الغسل محمل فیفسدان علی الأظهر و الأقوی و الأحوط و لو ارتمس فی الماء المغصوب نسیاناً صح غسله لو نواه بالخروج و لو مع الانحصار و یحتمل صحته و لو مع العمد و أما ناسی الغصبیة فالأظهر صحة صلاته بل الأحوط الإعادة علیه مطلقاً و لو کان الإناء المغصوب طرفاً للاغتراف منه لا لغسل العضو فیه فی وضوء و غسل صح الغسل و الوضوء فیه مع عدم الانحصار علی الأظهر لعدم اجتماع الأمر و النهی فیه فی محل واحد کی یغلب جانب النهی و لم یکن منحصراً کی ینحصر الخطاب بالتیمم.

بحث: لو صلی بجلد ما لا یؤکل لحمه أو بالحریر جهلًا بالحکم أو بالموضوع أو نسیان

بطلت صلاته لظهور الشرطیة فی الشرائط الواقعیة و المشروط عدم عند عدم شرطه و لو صلی بجلد میتة کذلک أعاد إلا إذا أخذه من مسلم أو من سوق المسلمین فتبین بعد ذلک أنه میتة فإن الأقوی و الأظهر صحة الصلاة کما یظهر من الأخبار و کلام الأبرار و کشف الحال أن یقال إن الأصل فی الجلود و ما شابهها من لحم و نحوه عدم التذکیة و الحکم بأنه میتة إلا أن یقوم دلیل علی الخلاف و هذا الأصل مستنبط من الأخبار و کلام الأبرار و من فحاوی السائلین من قدیم الأعصار للأئمة الأطهار

ص: 228

(علیهم السلام) فلا تجوز الصلاة فی جلد میتة إلا مع العلم بالتذکیة أو ما یقوم مقامه و فی موثقة ابن بکیر (إذا علمت أنه ذکی قد ذکاه الذبح) و فی آخر (لا تصل إلا فیما کان منه ذکیاً) و لا یجوز استعماله فی غیر الصلاة أیضاً و بحکم تنجیسه لضعف القول بالفصل بین الصلاة و غیرها و لأن أصل عدم التذکیة یتضمن أصولًا عدیدة من أصالة عدم فری الأوداج و عدم الاستقبال و عدم باقی الشرائط فلا یعارضه أصالة عدم موته حتف أنفه بل هی أقوی منه و هی واردة علی أصل الطهارة الشرعی و هو کل شی ء لک طاهر فتحکم علیه لأن هذه الأصول بمنزلة العلم منقطة و لا یضرنا أن هذه الأصول مثبتة للوازمها الشرعیة و نرید بقولنا الأصول تکون مثبتة للوازم عرفیة یقضی الأصل بعدمها و دعوی أن أصالة عدم التذکیة یعارض أصالة عدم الموت حتف الأنف فیتساقطان و یبقی استصحاب طهارة الجلد خال عن المعارض لأن الاستصحاب لا یقطعه الاحتمال المردد بین أمرین من جهة الاجمال بل یقطعه الیقین مردودة أولًا بأن استصحاب طهارة الجلد إن کان ما دام متصلًا بالحیوان الحی فقد تغیر موضوعه و إن کان مطلقاً فباطل لأن هذل الجلد کان حکمه لو انفصل حال الحیاة عن الحیوان النجاسة فلیستصحب ذلک الحکم فاستصحاب طهارته معارض باستصحاب نجاسته عند الانفصال و المفروض انفصاله الآن فیحکم بنجاسته و ثانیاً إن کل میتة نجسة للأدلة الدالة علی ذلک و غایة ما خرج من ذلک المذکی و هو مشروط بشرائط و الأصل عدمها عند الشک و ظهور لفظ المیتة فی غیر المذکی لم یصل إلی حد وجوب انصراف لفظها إلیه فی الأخبار و بعد هذا کله فیقوی القول بحرمة الصلاة فیه و حرمة کل مشروط بالطهارة للاحتیاط بعد العلم بشغل الذمة و یجوز استعماله و مباشرته لأصالة الطهارة و أصل الحل و استصحاب طهارة المباشر فتعمل کل من أصل عدم التذکیة و عدم الموت حتف أنفه و أصل الطهارة عملها ثمّ أن هذا الأصل یخرج عنه ما وجد فی ید مسلم معلوم إسلامه فإنه یحکم بطهارته سواء کان متصرفاً فیه بالفعل أم لا و سواء أخبر بتذکیته أم لا و سواء کان ثقة أم لا و سواء کان ممن یستحل جلد المیتة بالدبغ أم لا و سواء علم بمذهبه أم لا علی الأظهر فی ذلک کله لأصل صحة فعل المسلم و تصرفاته

ص: 229

فی نفس الأمر و للأخبار الدالة علی ذلک خلافاً لمن منع الأخذ ممن یستعمل جلد المیتة بالدبغ حتی تسری بعضهم إلی المنع و لو أخبر بالتذکیة و بعضهم إلی المنع و لو کان المخبر ثقة فی دینه و بعضهم إلی المنع من الأخذ من مجهول الحال الذی لا یعلم مذهبه استناداً إلی الأصل و هو مردود بالأخبار و إلی روایة زین العابدین علیه السلام و هی لنا لا علینا لتضمنها لبسه لها و هو دلیل علی عدم المنع و جواز استعماله و کذا الروایة الأخری الآمرة ببیعه من غیر إخبار بالتذکیة فإنها دلیل علی جواز استعماله و التصرف فیه و یلحق بید المسلم المأخوذ من مجهول الحال لکنه فی سوق المسلمین کلًا أو کان الغالب علیها المسلمون لظاهر الروایات ما لم یخبر و الید بعدم التذکیة و قد یقوی إلحاق الجلد المطروح فی سوق المسلمین إذا کان علیه أثر التصرف من حذاء و ظرف و دلو أو شبهها بل المطروح فی طرقهم بالمأخوذ من ید المسلم عملًا بالظاهر و لو تعاقبت ید المسلم و الکافر علی الجلد کان الحکم لید المسلم کما لو اشترکا مع احتمال تبعیة الحکم للأخیر منهما.

بحث: من سجد علی نجس عمداً أو جهلًا بالحکم أو نسیاناً

بطلت صلاته و من سجد جاهلًا بالنجاسة احتمل إلحاقه بجاهل النجاسة فی الثوب و البدن فلا یعید مطلقاً و احتمل وجوب الإعادة مطلقاً لعدم الدلیل علی عدم وجوبها و الأصل فی الشرائط أن تکون واقعیة و الأول أقوی و الثانی أحوط.

بحث: من صلی بالنجاسة فی ثوب أو بدن عمداً أو جهلًا بالحکم

أعاد و إن صلی جهلًا بالموضوع لم یعد مطلقاً علی الأظهر الأشهر للأخبار سواء ظن بها أو لا فلم یخترها تمسکاً بالاستصحاب و لم یجتهد فی النظر إلیها أو اجتهد أو لم یظن بها أو شک بها فاجتهد فی النظر إلیها أو لم یجتهد أو لم یشک بها أصلًا علی الأقوی فی ذلک کله سواء کان فی الوقت أو فی خارجه علی الأظهر و إن کانت الإعادة ما دام فی الوقت و لو بمقدار رکعة قریبة و یوافقه الاحتیاط و إن صلی ناسیاً للنجاسة أعاد مطلقاً فی الوقت و خارجه علی الأقوی و ما ورد مما یخالف ذلک لا یقاوم ما دل علیه و أخبار

ص: 230

ناسی الاستنجاء لو قلنا بها قصرناها فأتمها و لو بلغ الصین و تبعه علی ذلک بعض المتأخرین و جعل الإعادة مستحبة جمعاً بین الأخبار و الکل ضعیف بمخالفته للمشهور بل المجمع علیه فلتحمل الأخبار علی التقیة أو علی النافلة فی کثیر منها أو علی صورة الشک بعد خروج الوقت فیستحب الإتمام حینئذ و خلافاً لجماعة فصححوا الصلاة فی صورة الإتیان بالفعل الکثیر مطلقاً و لو کان ماحیاً أخذاً بالإجماع المنقول علی الصحة و بظاهر کثیر من الأخبار الدالة علی الصحة مع الزیادة الفعل الماحی للصورة و هو قوی لکن الأقوی البطلان أخذ بالروایات المعارضة لذلک الموافقة لقاعدة الشروط و الاحتیاط بعد شغل الذمة و الإجماعات المنقولة علی إبطال الفعل الکثیر مطلقاً إذا کان ماحیاً للصورة نعم قد یقال أن طول الفصل بالجلوس غیر مضر و إن انمحی به صورة الصلاة أخذ بظاهر بعض الروایات المعتبرة.

القول فی نسیان بعض الأفعال:

بحث: نسیان التسلیم غیر مبطل

لأنه رکن و إن قلنا بالفساد بوقوع الخلل بینه و بین الصلاة عند نسیانه فذلک لأجل وقوع الخلل فی الصلاة لا لنسیانه فعلی ذلک لو نساه و ذکر قبل الفعل المنافی عمداً أو سهواً تدارکه أداء لبقاء محل التدارک و لا یکون قضاء.

بحث: ناسی السجدتین الأخیرتین حتی سلم بطلت صلاته

لخروجه عن الصلاة و لم یأت برکن فحکمه حکم ناسی الرکن حتی دخل فی رکن آخر و یحتمل قویاً إلحاقه بناسی الرکعة حتی سلم لدلالته علیه بالفحوی و لو نسیهما حتی تشهد و یسلم عاد إلیهما لأن الخروج لا یتحقق به بل بالتسلیم علی الأقوی ثمّ تشهد و سلم و الاحتیاط یقضی أن ناسیهما حتی یسلم یعود علیهما و علی التشهد و التسلیم ثمّ یعید الصلاة لاحتمال أن الخروج بالتسلیم لم یصادف محله فلا یکون خروجاً حقیقة و أما الناسی السجدة الواحدة فإن ذکر بعد التسلیم کانت قضاء و إن ذکر قبل التسلیم عاد إلیها و إلی ما فعله مما محله بعدها کالتشهد علی الأقوی لأن الخروج لا یتحقق به و ناسی أحد التشهدین یقضیهما بعد التسلیم إذا لم یذکر الأخیر إلا بعد التسلیم و إن ذکره قبل التسلیم أتی به أداء لبقاء محله.

ص: 231

بحث: من نسی جزءاً غیر رکن حتی دخل فی رکن

و لو سها مسمی السجود بوضع الجبهة علی الأرض مضی و لا شی ء علیه قراءة او غیرها علی الأقوی و الأظهر و الأشهر و کذا لو نسی جزء فی رکن لو أعاده أعاد الرکن مضی أیضاً و لا شی ء علیه قراءته لاستلزامه زیادة الرکن کمن نسی التسبیح أو الاطمئنان فی الرکوع أو التسبیح أو الاطمئنان و وضع أحد المساجد ما عدا وضع الجبهة فی السجود علی الأرض فالأظهر أنه لا سجود له و من نسی الجهر و الإخفات و إن لم یدخل فی رکن آخر للأخبار و فی غیر ما ذکرنا یعود علی المنسی إذا لم یکن رکناً محافظاً علی الترتیب حتی لو نسی الاستقرار فی القراءة فإنه یعیدها علی الأظهر و لو کان المنسی سجدة أعادها و أعاد ما بعدها من قراءة و تسبیح و أعاد الجلوس ما بین السجدتین إذا لم یقع منه جزم أو شک فیه بعد عوده إلی السجدة لدخوله فی الشک و المحل و یکفی منه لو وقع جلوس بنیة جلسة الاستراحة علی الأظهر و الاحتیاط لا یخفی.

بحث: لو کان المنسی رکناً عاد إلیه ما لم یدخل فی رکن

و لو کان مسمی السجود و لم یأت بالثانیة خلافاً لبعض المتأخرین و لا بد فیه من وضعها علی الأرض فلا یکفی الانحناء بذلک القدر و الوضع مطلقاً علی الأظهر محافظاً علی الترتیب و لو کان المنسی رکناً فی رکن کالقیام فی تکبیرة الإحرام و فی النیة لو قلنا برکنیتها أو کان المنسی نفس النیة أو نفس تکبیرة الإحرام فسدت صلاته و وجب علیه استقبالها و وجوب تدارک السجدة لأولویة تدارکهما من تدارکها و لأن المضی لا قائل به و البطلان بمجرد النسیان ضعیف لا دلیل علیه و قوله (علیه السلام): (لا تعاد الصلاة إلا من خمس ...) و السجود منها ظاهر فی نقصانها أصلًا و استصحاب الصحة أیضاً یقضی بالصحة و وجوب الإعادة و لو نسی الرکوع فإن سجد بطلت صلاته و إن ذکر قبل وصوله إلی الأرض فإن کان نسیان الرکوع من حین الهوی بحیث وقع الهوی بقصد السجود أو لا وصوله إلی محل الرکوع فتجاوز عاد منحنیاً إن لم یتقوس تقوس الرکوع قام وجهان المضی لإتیانه بمسمی الرکن فلا یعود إلیه و لبقاء محله فیعود و هو الأوجه و الأحوط الإعادة.

ص: 232

بحث: لو قطع بعد الفراغ من الصلاة بنسیان شی ء و لم یدر بوحدته و تعدده و رکنیته و عدمها و تقدمه و تأخره

بنی علی الصحة لأصالة الصحة و لقوله (علیه السلام): (لا تعاد الصلاة إلا من خمس) و لم یعلم أنه منها و قوله (علیه السلام): (لا یعید الصلاة فقیه) و الأحوط الإعادة لیقین الفراغ و لو نسی شیئاً مرددا بین الرکن و غیره و لو کان مما یوجب القضاء بنی علی الصحة أیضاً و قضاه و احتاط بالإعادة و لو نسی شیئاً مردداً بین ما یوجب القضاء و عدمه بنی انه علی ما یوجب و احتاط بالقضاء و لو نسی شیئین و دار بین لأنهما من رکعة أو رکعتین بنی علی أنهما من رکعة أخیرة لأصل تأخر السهو إلی حین العلم إلا إذا استلزم الحکم بأنهما من رکعة الفساد فیرجح جانب الصحة کمن نسی سجدتین و لم یدر بأنهما من رکعة أو رکعتین واو نسی شیئاً دار الآمر بین تأخره و تقدمه حکم بأنه المتأخر عن إشکال و لو احتمل أن المنسی هو المتأخر مع بقاء محله أتی به لدخوله تحت الشک فی محل و لا شی ء علیه و لو دار المنسی بین أشیاء متعددة و کان محل التدارک باق بالنسبة إلیها أتی بها کمن دار أمره بین نسیان السجدة الأخیرة أو التشهد بعد القیام للثالثة و إن بنی علی المتأخر لأن رجوعه للمتأخر یکون فی محل المتقدم فیکون شکاً فی المحل و إن لم یکن کذلک قوی القول بالبناء علی المتأخر و الأحوط إعادة الجمیع و لو دار الفائت بین رکن و غیره أعاد الجمیع و قوی احتیاطاً الإعادة و لو علم أنه نسی رکناً فلم یدر مما سبق أو مما محله باق بنی علی الثانی و أتی به للشک فیه فی المحل و لو علم أنه نسی رکناً فلم یدر أنه من سابقه أو لاحقه حکم بأنه من اللاحقة و قضاها و الأحوط قضاهما جمیعاً و لو لم یدر أنه من نافلة أو فریضة احتمل الحکم بأنه من النافلة و الأقوی الإعادة و لو صلی فرکع فهوی إلی السجود فنسی فقام فقرأ و هوی إلی الرکوع فنسیه احتسبت له أولی و لو فعل مثل ذلک مراراً کثیرة ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً فلا یبعد صحة صلاته لکن الأظهر بطلانها لمحو الصورة و لا بد من الإعادة و مثل ذلک ما لو صلی فهوی إلی الرکوع فنسیه ثمّ هوی إلی السجود فنسیه ثمّ قام و قرأ و فعل کالأول مراراً أربعاً أو خمساً فذکر بعد ذلک فرکع فلا یبعد الصحة و احتساب رکوعه الأول الرکعات لکن البطلان أوجه لما ذکرنا.

ص: 233

بحث: یجب قضاء التشهد مطلقاً

للأخبار و یسجد له سجدتی السهو للأخبار و الإجماع المنقول و لا فرق بین التشهد الأول و الأخیر لإطلاق الأمر بالقضاء علیه مطلقاً تخلل المنافی و الحدث بینه و بین الصلاة أم لا لإطلاق الأخبار و إن کان الأحوط الإعادة مع تخلل الحدث و کذلک الصلاة علی محمد و آله لعموم وجوب قضاء ما فات من الصلاة و إن خرج أکثر مما دخل لأن فتوی المشهور یقوی الظن بشموله لها لإطلاق التشهد علیها فیشملها ما دل علی قضائه لأن الأصل تسویة الکل و الأبعاض فی الحکم ما لم یکن الحکم علی الکلیة بنفسها و لأن الخروج من العهدة فی الصلاة موقوف علی قضائها و یجب الخروج من العهدة و یجب قضاء السجدة المنسیة إذا فات محلها بعد الصلاة للأخبار و الإجماع المنقول و المشهور خلافاً لمن أبطل بنسیانها الصلاة و لمن أبطل به الصلاة إذا کان النسیان فی الأولیتین خلافاً لمن أوجب قضاءها فی ثالثة المنسی فیها من الرکعات إن کانت من الأول و فی الرابعة إن کانت من الثانیة و یجب لها سجدتا السهو علی الأشهر الأحوط و القول بعدم الوجوب قوة لخلو الأخبار البیانیة عنها و مع تخلل الحدث بینها و بین الصلاة فالأحوط الإعادة.

بحث: من قام فرکع قبل حصول القیام قوی القول ببطلان صلاته

لدخوله فی الرکن الرکوعی بعد فوات القیامی الذی عنه یرکع و الأحوط الإتمام ثمّ الإعادة و من رکع بعد القیام قبل حصول الاستقرار و الاطمئنان به ناسیاً مضی و لا شی ء علیه و من هوی بفعل السجود حتی وصل إلی محل الراکع و لم ینوه الرکوع رجع منتصباً لعدم تشخص الرکوع بغیر نیة فالأقوی الصحة و الأحوط الإتمام ثمّ الإعادة و کذا من هوی لحاجة حتی وصل إلی محل الرکوع و لم ینو الرکوع فإن الأقوی فی هذه الصورة الرجوع إلی القیام و الرکوع و إن نوی الرکوع عند وصوله إلیه أشکل الحال فیهما و الأحوط حینئذ الرجوع إلی القیام و الإتمام ثمّ الإعادة و من رکع فنسی الرفع فهوی للسجود رجع منتصباً ما لم یسجد فإن سجد فلا شی ء علیه و إن نسی الاستقرار و الطمأنینة عند الرفع من الرکوع قوی القول بوجوب الرجوع أیضاً ما لم یسجد و الأحوط الرجوع و الإتمام و الإعادة من هوی للرکوع فنسی فتجاوزه عاد منحنیاً إن لم یتحقق منه مسمی

ص: 234

الرکوع و إن تحقق منه ذلک لکنه فاته الاطمئنان و الذکر قام احتمال الوجهین و الأحوط الرجوع متقوساً و الإتمام ثمّ الإعادة.

بحث: یجب قضاء التشهد مطلقاً

للأخبار المنجبرة بفتوی الأصحاب و قضاء السجدة لو لم یأتِ بها مطلقاً أو لم یضع جبهته علی الأرض و إن وضعها علی غیرها علی الأظهر للأخبار بقضائها و المتبادر منها شرعاً ما حصل وضعه علی الأرض و کذا لو لم ینحنِ الانحناء الخاص المعهود من معناه عند أهل الشرع فإنه یجب قضاءها و یجب سجود السهو للأول للأخبار و فتوی الأصحاب و للثانی علی الأظهر أیضاً لبعض عمومات قضاء ما فات من الصلاة و للإجماع المنقول المنجبر بالشهرة المحصلة المنقولة.

بحث: یراد بقولهم إن زیادة الرکن و نقصانه مفسدة و ان محل تدارک المنسی ما بین الرکنین

و ان الرکن یصح تدارکه ما لم یدخل فی رکن آخر و إن من فاته واجب من واجبات الرکن تدارکه ما لم یخرج منه هو الرکن الصحیح شرعاً و إن قلنا بوضع أسماء العبادات للصحیح و لا یراد به الصحیح لو لا الزیادة أیضاً لعدم إمکان الصحیح فی الزیادة بل و فی نقصان واجب من واجباته أو شرط من شرائطه بل یراد به المسمی الأعم من الصحیح و الفاسد و الجامع للشرائط و الفاقد و لو مجاز بقرینة فهم الفقهاء ذلک لاتفاقهم علی إبطال زیادة الرکوع و إن لم یجتمع فیه شرائط الصحة و کذا السجود إذا حصل مسمی وضع الجبهة علی الأرض و الانحناء الخاص و لتصریحهم یمضی محل الرکن إذا أتی بمسماه و إن لم تجتمع فیه الشرائط و إن من أتی برکن غیر صحیح عمداً فسدت صلاته و من أتی بجزء آخر فاسداً عمداً قام الوجهان من الصحة و البطلان و لا یبعد الصحة و إن من نسی رکناً و دخل فی آخر و إن لم یأتِ بشرائطه فسدت صلاته و إن من نسی سجدة قضاها إذا لم یأت بها أصلًا و لو أتی بها غیر جامعة للشرائط نسیاناً فرفع فلا قضاء علیه فالأمر بالأرکان ینصرف للصحیح و أما الاجتزاء بها فی السهو و کذا لا فساد بها فی العمد و السهو یدور مدار تحقق الطبیعة الشرعیة و یکون استعمالها بهذا المعنی فی الأخبار و کلام الأخیار.

ص: 235

بحث: یجب قضاء أبعاض التشهد مطلقاً علی الأظهر

و لو نقص ما لیس بکلام قضاه بما یکمل به الکلام علی الأقوی و فی وجوب سجود السهو لها بحث و الاحتیاط یقضی به.

القول فی أحکام الشک و السهو فی الصلاة:

بحث: من شک فی عدد رکعات الفریضة الثنائیة و الثلاثیة بالأصل أو بالعارض کالمنذورة

و لو وترا زیادة علم فعل القدر المأمور به و شک فی الزائد أو نقصاناً کأن علم بفعل رکعة و شک فیما زاد علیها بطلت صلاته للأخبار و الإجماع و الاحتیاط و ما جاء من الروایات بخلاف ذلک متروک مهجور أو منزل علی التقیة و لو ظن بعد الشک بعدد خاص قوی القول بالصحة لقوله (علیه السلام): (المرء متعبد بظنه) و للزوم العسر و الحرج لو لا الأخذ به و لقوله (علیه السلام): (إن کنت لم تدرکهم صلیت و لم یقع وهمک علی شی ء فأعد الصلاة) و للخبر النبوی المؤید بفتوی المشهور و عملهم (إذا شک أحدکم فی الصلاة فلینتظر أخری ذلک إلی الصواب فلیبین علیه) و لظهور لفظ الشک فی متساوی الطرفین أما علی وجه الحقیقة العرفیة العامة أو علی أنه أظهر فساداً القدر المشترک اللفظی فیحمل جمیع ما جاء من الأمر بالإعادة لمن شک علی من تساوی عنده الفعل و الترک و کذا تحمل الأخبار الآمرة بالإعادة لمن لم یدرک کم صلی علی صورة تساوی الفعل و الترک عنده و کذا یحمل ما جاء من الأمر بحفظها أو ابقائها علی ما یشمل الظن و الیقین و هو إطلاق متعارفاً و لئن منعنا ذلک الحمل کله قلنا بین الأدلة عموم و خصوص مطلقاً فیخصص لفظ لا یدری و لفظ من شک بصورة تساوی الطرفین.

بحث: الأصل فی إجزاء الصلاة عند الشک بصحته و فساده بعد وقوعه

أو عند الشک فی وقوعه الحکم بالصحة فی الأول لأصالة الصحة و عدم الوقوع فی الثانی فیجب الإتیان به ثانیاً و بذلک تصح الصلاة و یخرج المکلف عن عهدة التکلیف و قد یقال أن الأصل عند الشک بطلان الصلاة أما لأنه بنفسه مانع للشک فی مانعیته و ما شک فی مانعیته مانع و أما لأن الخروج من العهدة یقتضی الإتیان العمل خالیاً عن

ص: 236

الزیادة و النقیصة علی وجه العلم و مع الإتیان فی المشکوک فی الإتیان بعد ترک المشکوک فی صحته و فساده لأصلی العدم و الصحة لا یقضیان بالعلم بالإتیان بالمأمور به علی وجهه لاحتمال الزیادة و النقصان فلا یخرج المکلف من العهدة حینئذ لکنه لا یخلو من نظر و تأمل لأن الشک فی المانعیة إذا لم یکن معتبراً لا عبرة به و لا اعتبار هنا بعروض الشک فی جمیع الأحوال علی الأظهر و لأن الخروج من العهدة بالأصل الشرعی منزلة العلم علی الأقوی فی سائر المقامات فعلی ما ذکرناه فوجوب الإتیان فیه فی محله علی وفق القاعدة و البناء علی صحة المشکوک فی صحته بعد الفراغ منه علی القاعدة و وجوب الإتیان بالمظنون عدم الإتیان به علی القاعدة و أما البناء علی الإتیان بالمظنون منه فی الرکعتین الأخیرتین فللدلیل و کذا الأولیتین علی الأظهر و کذا فی أجزائهما علی الأقوی لفهم الأولویة و لأنه إذا ثبت التعبدیة به فی الکل و هو الرکعات ثبت التعبد به بالنسبة إلی أجزائها بحسب المفهوم و لعموم الروایة السابقة المؤیدة و للعسر و الحرج و کذا البناء علی الأکثر فی الشک فی الأخیرتین مع الاحتیاط فللروایات و کذا الحکم بالاتیان بالمشکوک فی الإتیان به بعد تجاوز محله و الدخول فإنه للدلیل و کذا التخییر فی النافلة بین الأقل و الأکثر و کذا الحکم ببطلان الصلاة فیمن شک فی الزیادة کم صلی و کذا الحکم ببطلان الصلاة فیمن شک فی الزیادة علی الرکعات المفروضة بعد إحرازها و غیر ذلک.

بحث: إذا وقع الشک فی الأجزاء و هو فی المحل

وجب الإتیان بها أرکاناً کانت أم غیرها للإجماع و الأخبار فإن ظهرت له بعد ذلک الزیادة و کان المزید رکناً أعاد و إن کان رکوعاً لم یرفع منه وفاقاً للمشهور و للأخبار و الاحتیاط خلافاً لجماعة من أصحابنا حیث صححوا صلاة من تذکر أنه رکع و هو فی الرکوع المتدارک و أوجبوا علیه إرسال نفسه للشک فی کونه رکوعاً بدون الرفع منه أو للشک فی کونه رکوعاً مفسداً من دون رفع منه لعدم انصراف إطلاق لفظ الرکوع و لعدم ثبوت الهیئة بدون ذلک و الکل کما تری لا تصلح لمعارضة ما ذکرناه و إن کان المزید غیر رکن صحت صلاته و لو کان

ص: 237

سجدة للصحاح الدالة علی عدم الإفساد بزیادة السجدة خلافاً لمن أبطل الصلاة بزیادتها.

بحث: لا فرق فی ذلک بین الأولیتین و الأخیرتین

خلافاً للشیخ (رحمه الله) حیث أبطل الصلاة بالشک المتعلق بأجزاء الأولیتین تمسکاً بالصحاح الواردة ببطلان صلاة من لم یحفظها و هی مردودة بإعراض المشهور عنها و بإطلاق الأخبار الآمرة بالعود علی المشکوک فیه إذا کان فی المحل و بعدم العود إذا دخل فی غیره و هی و إن کان بینهما عموم من وجه لکن الترجیح للأخبار المعتضدة بالشهرة فیقید بها تلک الأخبار و تحمل علی إرادة بطلان الصلاة عند تعلیق الشک فی الرکعات فی الأجزاء علی أن فی الأخبار ما هو مخصوص بالرکعتین الأولیتین و لا یحتمل غیرها کالصحاح المشتملة علی السؤال عمن شک فی الأذان و الإقامة أو تکبیرة الافتتاح.

بحث: إذا شک فی شی ء و دخل فی غیره علی وجه العموم فیهما

کما هو ظاهرة الروایة فشکه لیس بشی ء بمعنی إلغاء الشارع اعتبار شکه و تنزیله له منزلة العلم بالوقوع تصحیحاً لعمله الذی بیده علی وجه العزیمة و الوجوب لا الرخصة لعدم دلالة الأخبار علیها بوجه لا بمعنی الحکم من الشارع بوقوع الشک فیه حقیقة کی یترتب علیه أحکامه اللازمة فی عمل آخر و ذلک کمن شک فی الوضوء أو الغسل و هو فی الصلاة فإنه یلغی الشک و یحکم بصحة صلاته و لکن یجدد الوضوء أو الغسل للصلاة الآتیة و کذا من شک فی الستر و الاستقبال فی صلاته الأولی فإنه یبنی علیها و یستأنف لباقی صلاته و کذا من شک فیها و هو فی أثناء الصلاة فإنه یبنی علی إلغاء الشک فیما مضی من صلاته و صحتها و وجب علیه الاختبار لما بقی منها و یؤید وجوب المضی سهولة الشریعة السمحة و الأخذ بظاهر الحال فیما مضی من صلاته و صحتها و وجب علیه الاختبار لما بقی منها و یؤید وجوب المضی سهولة الشریعة السمحة و الأخذ بظاهر الحال فیما مضی و حملًا لفعل المسلم علی الصحة.

ص: 238

بحث: لا یراد بالغیر فی قوله (علیه السلام): (و دخل فی غیره) و فی قوله: (یا زرارة إذا خرجت من شی ء فشکک لیس بشی ء) کل مغایر

و حصل الشک فی شی ء بعد الدخول فیه ضرورة إن الأفعال المتغایرة التی لا ربط لبعضها فی بعض لا مدخلیة لبعضها فی إلغاء الشک عن بعض آخر بل هو من الشک فی المحل کمن شک فی الوضوء و هو فی صفة أو عمل أو غیر ذلک بل یراد بالغیر کل عمل کان مترتباً علی الأول فی عبادة أو معاملة فی عقد أو إیقاع أو أحکام علی وجه الشرطیة أو علی وجه الوجوب الشرعی سواء کان جزء من أجزاء العبادة أو غیرها وجوباً و استحباباً أو وظیفة أو آداباً مستنة کالوضوء بالنسبة إلی الصلاة الواجبة و المندوبة بالنسبة إلی مُسمّی المصحف و بالنسبة إلی دخول المساجد و الغسل بالنسبة للصلاتیة و دخول المساجد و الزیارة و تأخر الوضوء و الغسل المترتبة بعضها علی بعض لو لا الدلیل الدال علی عدم إلغائه فی الوضوء و کأجزاء الصلاة المترتبة بعضها علی بعض و کالصلاتین المترتبة أحدیهما علی الأخری و لو فی حال العمل کصلاة الظهر و العصر و نحوهما إن لم یقم إجماع علی بقاء محل الظهر لمن صلی العصر أو کان فیها و لا یتفاوت الحال فی أجزاء الصلاة بین أجزائها المعدودة المعروفة عند الفقهاء و بین مقدماتها لعموم الدلیل و لأصالة الصحة فیما لو وقع الشک فی صحة المتقدم و فساده و لخصوص بعض الصحاح فیمن هوی إلی السجود فلا یدری أرکع أم لا قال قد رکع و فیمن استتم قائماً فلا یدری أرکع أم لا قال بلی قد رکعت و لا یخص الأفعال المعروفة کما ذهب إلیه جماعة استناداً للأصل و لمفهوم بعض الروایات و إن شک فی الرکوع بعد ما سجد فلیمضِ و إن شک فی السجود و بعد ما قام فلیمضِ فإن مفهومه یدل علی وجوب الرجوع للمشکوک فیه و إن دخل فی مقدمات الفعل الآخر و لقوله (علیه السلام): (ثمّ دخل فی غیره) لاقتضاء ثمّ للترتیب و التراخی المشعر بوجود الفاصلة بین الدخول و الخروج و لقوله (علیه السلام) فیمن شک فی سجوده قبل أن یستوی قائماً قال: (یسجد) و الکل ضعیف لانقطاع الأصل بالعموم و لضعف المفهوم و أدلته ثمّ فلا یصلحان للتخصیص علی أن المفهوم خاص فی الشک فی

ص: 239

الرکوع بعد ما سجد و فی السجود بعد ما قام فلا یسری لجمیع الأفعال المعدودة دون مقدماتها و لاحتمال الروایة الأخیرة للحمل علی حالة الجلوس دون النهوض و إن قلنا بها قصرناها علی موردها و مع ذلک فعدم اعتبار الشک فی الشی ء بعد الدخول فی الغایات المستحب فیها الإتیان بالعمل المشکوک فیه أو الموظف له ذلک من الآداب و السنن و کذا المعتاد و ترتیبه عند العامل فی جمیع الأوقات مشکل و الأحوط الإعادة علیه بل الأحوط الإعادة علی المترتب فی حالة العلم فقط دون حالة السهو کصلاة الظهرین و نحوهما فی الوقت المشترک.

بحث: من شک فی الحمد و هو فی السورة

مضی لثبوت الغیریة و ترتب آثارها علیهما خلافاً لمن جعل القراءة فعلًا واحداً و من شک فی الآتیة السابقة و هو فی اللاحقة أعاد علی الأقوی لعدم انصراف الغیر به إلیها و عدم تیقن دخوله فی قوله (علیه السلام): (و کلما شککت فیه مما قد مضی فامضه) للشک فی صدق المضی علیه و أما ما دل ورد فی صحیحة زرارة من قوله فی القراءة و قد رکع لا دلالة فیه علی وجوب الرجوع إلی الحمد و هو فی الصلاة و لا إلی الأبعاض مع دخوله فی البعض الآخر لضعف مفهومه و لکونه من کلام السائل و من شک فی الرکوع و قد استتم قائماً بعد علمه أنه هو فی الجملة فرفع من ذلک الهوی مضی أیضاً علی الأظهر و الأحوط الإعادة علی الرکوع و أعاد الصلاة و من شک فی الرکوع و قد هوی أیضاً للسجود بنیة أنه للسجود مضی أیضاً علی الأقوی و لو لم یکن بنیته أعاد الرکوع و من شک فی الرکوع و هو فی السجود مضی و من شک فی السجود مطلقاً و قد أخذ بالنهوض أو قام مضی علی الأقوی و من شک فی السجود مطلقاً و قد أخذ بالتشهد مضی علی الأقوی و من شک فی التشهد و قد قام أو نهض مضی و من شک فی الشهادتین و هو فی الصلاة علی النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم مضی و من شک فیها و هو فی التسلیم مضی و من شک فی القراءة و هو فی القنوت مضی و من شک فی تسبیح الرکوع و السجود و هو فی الصلاة علی محمد و آله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) مضی و الأحوط الإعادة و من شک فی القراءة أو القنوت و قد کبر للسجود قوی القول بالمضی

ص: 240

و الأحوط الإعادة علی الرکوع و من شک فی السجود بعد أن جلس جلسة الاستراحة بتلک النیة قوی القول بالمضی و الأحوط الإعادة و ذهب بعضهم إلی وجوب العود إلی السجود عند الشک فیه حالة التشهد لروایة عبد الرحمن فیمن شک فی السجود قبل أن یستوی قائماً قال: (یسجد) و هو یشمل الشک حالة التشهد و هو ضعیف لظهور الروایة فیمن قام بعد سجوده و بعضهم إلی وجوب العود إلی التشهد ما لم یستکمل القیام استناداً إلی عدم حصول الغیریة و بعضهم إلی وجوب العود إلی السجود و التشهد بعد استکمال القیام قبل الرکوع استناداً إلی ما ورد الأمر بإعادة السجود لمن شک فیه و هو ضعیف لتخصیصه بما قدمنا و بعضهم إلی وجوب العود علی القراءة و إن قنت استناداً إلی ما دل علی وجوب العود إلی القراءة ما لم یرکع فیشمل حالة و هو ضعیف لضعف المفهوم و ظهور الروایة فی الرکعة الأولی.

بحث: الشک فی عدد الأولیتین من الرباعیة مفسد

و کذا من لم یدرِ کم صلی خلافاً لابن بابویه علی ما نقل عنه من أن الشک کذلک یبنی فیه علی الأقل تمسکاً بروایات کثیرة دالة علی البناء علی الأقل لکنها شهادة متروکة محمولة علی التقیة و ابن بابویه قد خالفها و أفتی بالبطلان فی کمیة المعروفة و إن کان العمد بها لازماً فلتحمل علی النافلة و احتمل التخییر بین الاستئناف و البناء علی الأقل جمعاً بین الأخبار و لا وجه له و قد ورد فی بعض الروایات وجوب البناء علی الأکثر أیضاً و هو متروک و قد وردت أخبار مضطربة فی شکوک متعددة مبطلة للصلاة عندنا مصححة للصلاة علی أنحاء مختلفة رواها ابن بابویه و غیره و لا عامل بها إلا من شذ و ندر و الإعراض عنها أجمل.

بحث: من شک بین الاثنین و الثلاث بعد سلامة الاولیتین من الشک

بحیث ان لم یتم الاولیتین یعود للشک فی الاولی بین الواحدة و الاثنتین و للشک الذی هو فیها بین الثانیة و الثالثة و یتحقق الفراغ من الأولیتین برفع الرأس من السجدة الأخیرة قطعاً و هل یتحقق بإکمالها قبل الرفع أم لا یقوی ذلک لأن الرفع من السجود الأخیر لا یبعد أنه مقدمة لتحصیل ما بعد السجود من الأعمال و أما ما تحققه بعد الفراغ من الرکوع

ص: 241

أو فی الدخول فی السجود أو ما بین السجدتین فلم یتحقق و الاحتیاط یقضی بخلافها و کذا ظاهر المشهور و حسنة زرارة یدلان علی خلافها بل تدل الحسنة علی شرطیة المتلبس بالرکعة الثالثة فی الصحة و أما شرطیة الفراغ من ذکر السجود فلا یبعد أنه کذلک بالنسبة إلی الذکر و یقوی عدمها بالنسبة إلی الساهی و لو قام ناسیاً للسجدة فرجع إلیها فشک بین الاثنین و الثلاث بطلت صلاته علی الأظهر و کذا لو شک فیهما و رجع إلیها بعد القیام لو أوجبنا الرجوع إلی السجدة المشکوک فیها بعد القیام علی الأظهر و یحتمل أنه فراغ و الرجوع حکم تعبدی و حکم هذا الشک البناء علی الأکثر لما ورد فی المعتبرة أن الشک بعد سلامة الأولیتین یوجب البناء علی الأکثر و إن هذه قاعدة و أصل و قال أبو عبد الله (علیه السلام): (أجمع لک السهو فی کلمتین متی شککت فخذ بالأکثر) و غیرهما من الروایات نظیرهما و هی معتضدة بالشهرة عملًا و فتوی و بالروایات الخاصة فی مقامات الشکوک الخاصة فلا یعارض فیها ما ورد فی الموثق (إذا شککت فابن علی الیقین) قلت: هذا أصل قال: (نعم) و فی الصحیح فی السهو یبنی علی الیقین و یأخذ بالجزم و یحتاط بالصلاة کلها لعدم قابلیتها للمعارضة و مع احتمال حملها علی إرادة البناء علی الأکثر و الاحتیاط من الیقین لأن العمل بالاحتیاط أکل مع البناء علی الأکثر عمل بالیقین و یشعر به قوله (علیه السلام) فی الصحیح: (و یحتاط بالصلاة کلها) و ما ورد فی صحیحة علی بن یقطین عن الرجل لا یدری کم صلی واحدة أو اثنین أو ثلاث قال: (یبنی علی الجزم و یسجد سجدتی السهو و یتشهد تشهداً خفیفاً) محمول علی التقیة لمخالفة مفهومها الأخبار و کلام الأخیار و کذا ما ورد فی روایة سهل رجل لا یدری ثلاثاً أم اثنین قال: (یبنی علی النقصان و یأخذ بالجزم) محمول علی التقیة أو علی إرادة البناء علی عدم الزیادة لأن من بنی علی الأکثر فقد قطع بعدم زیادة صلاته فإذا أکملها فقد قطع بعدم النقصان و کذا لا یبعد حمل الیقین و الجزم علی ذلک و یدل أیضاً علی حکم هذا الشک من البناء علی الأکثر خصوص حسنة زرارة قلت رجل لا یدری اثنین صلی أم ثلاثاً قال: (إن أدخله الشک بعد دخوله فی الثالثة مضی فی الثالثة ثمّ صلی الأخری و لا شی ء علیه و سلم) بناء علی أن

ص: 242

معناها کما هو الظاهر انه إذا دخله الشک فیما مضی من الرکعات بین الاثنین و الثلاث بعد دخوله فی الثالثة المرددة بین أن تکون ثالثة أو رابعة مضی فیها و جعلها رابعة ثمّ صلی الأخری و هی الاحتیاطیة و کلامهم یکشف بعضه عن بعض و لو فهمنا من المضی فی الثالثة البناء علی تثلیثها و من الأمر بالصلاة إلی الأخری إتمامها رابعة کانت دلیلًا لمن یوجب البناء علی الأقل کما نسب للمرتضی (رحمه الله) لکنه مخالف للمشهور و الأخبار المتکثرة الدالة علی ما قدمناه و نقل عن ابن بابویه بطلان الصلاة فی الشک بین الاثنین و الثلاثة الصحیح فی رجل لم یدرِ رکعتین صلی أم ثلاث قال: (یعید) و هو متروک أو محمول علی الشک قبل إکمال الأولیتین و درج بعضهم بطلان الصلاة فی الشک بینهما قبل الدخول فی الرکعة المرددة بین الثلاث و الأربع استناداً لمفهوم الروایة و یجب فی هذا الشک الاحتیاط برکعة قائماً أو رکعتین جالساً مخیراً وفاقاً للمشهور و نقل عن العمانی تواتر الأخبار بذلک و نقل علیه الإجماع و التخییر فی الصورة الثانیة و هی من شک بین الثلاث و الأربع یشعر به هاهنا لتقاربهما مصداقاً و تلازمهما غالبا بالنسبة إلی ما مضی و إلی ما کان متلبساً به المصلی من الرکعات و الأحوط القیام هنا فی رکعة الاحتیاط لتیقنه من الأخبار و القواعد و من نسی سجدة فقام للثالثة فشک بین الثلاث و الاثنین بطلت صلاته سواء کان ترکه السجدة لاحقاً للشک أو کان سابقاً و لو استدام النسیان إلی أن حصل الشک فیبنی علی الثلاث و رکع المرددة بین الثالثة و الرابعة قوی القول بصحة شکه إذا تذکر السجدة بین الرکوع و یحتمل بطلان الصلاة لتعلق الشک قبل تمام الأولیتین و لکن الأول أقوی لتمام رکعة الساهی.

بحث: من شک بین الثلاث و الأربع بعد رکوعه أو فی رکوعه أو فی سجوده أو بعد تمام سجوده

أو فی قیامه للرکعة المرددة بین الأربع و الخمس بعد أن یهدم فإنه فی ذلک کله یبنی علی الأکثر و هو الأربع و یحتاط مخیراً بین رکعة قیامیة و رکعتین جلوسیة للأخبار الصحیحة الدالة علی البناء علی الأکثر و الاحتیاط برکعتین جلوسیتین و المرسل المخیر بفتوی الأصحاب و عملهم و بأصالة القیام المخیر بین رکعة قائماً و رکعتین جالساً المؤیدة بالإجماعات المنقولة و الشهرة المحصلة و قیل بالتخییر هنا بین

ص: 243

البناء علی الأکثر و الاحتیاط و بین البناء علی الأقل و الإتمام جمعاً بین ما تقدم و بین صحیحة زرارة فیمن لم یدر فی ثلاث هو أم فی أربع و قد أحرز الثلاث قام فأضاف إلیها أخری و لا شی ء و للروایات الدالة علی جواز البناء علی الأقل و جنح إلیه طائفة من المتأخرین و هو ضعیف لضعف ما دل علی البناء علیه عموماً و ضعف دلالة هذه الروایة خصوصاً لجواز إرادة الرکعة المفصولة الاحتیاطیة منها کما فهمه المشهور و دلت علیه أکثر الروایات فإنه أکثرها فیها الأمر برکعة و رکعتین من دون ذکر الفصل بینهما بالتسلیم نعم قد یظهر فی کثیر منها بحسب القرائن من وجود قراءة الفاتحة و الأمر بالجلوس فیهما أو التخییر بین القیام و الجلوس و غیر ذلک کونها مفصولة و قد لا یظهر فی بعضها و ما لم یظهر فیه ذلک ینزل علی الفصل لا علی الوصل بقرینة أخبار البناء علی الأکثر فإنها لازمة لذلک و کذا لفظ الاحتیاط و فهم المشهور مما یقویه و یؤیده و استدلال الأصحاب قدیماً و حدیثاً بهذه الروایات علی کون الرکعة مفصولة یساعده فلا إشکال فی الحکم و لا شبهة و نقل عن الجعفی و ابن أبی عقیل وجوب الرکعتین الجلوسیة للأخبار الآمرة بها و هو ضعیف و فی بعض الروایات ما یخالف ما قدمناه کما روی عن محمد بن مسلم فی صورة الشک بین الثلاث و الأربع (أنه یقوم و یتم و مع ذلک یحتاط برکعتین جالساً) و هذا لا قائل به و الأمر فی ذلک سهل لعدم ثبوت هذه الروایة عن الإمام (علیه السلام) فلعلها فتواه و روی فی الموثق أنه رأی فی الثالثة و فی قلبه من الرابعة شی ء سلم و بین نفسه و هو محمول حصول الشک و لا یراد منها الظن کما یتراءی عن ظاهرها لمخالفتها حینئذ الأخبار و الإجماع علی کفایة الظن بالأخیرتین و من المتأخرین من حمل الروایة علی البرزخ بین الفصل و الوصل و کأنه لمکان الاخفات أعاذنا الله تعالی من هذا البرزخ الذی لا محصل له.

بحث: من شک بین الاثنین و بعد إحراز الاثنتین و لو فی قیام مردد بین خمس و ثلاث فیهدم عنه

فإنه یبنی علی الأکثر و یحتاط برکعتین قائماً للأخبار و للمشهور بین الأصحاب و قیل بالتخییر بین ذلک و الإعادة لروایة محمد بن مسلم علی الظاهر فیمن لا یدری صلی رکعتین أو أربعاً قال یعید و هو قول متروک و روایته لا تصلح لمقاومة ما

ص: 244

قدمناه و قیل بالتخییر بین البناء علی الأکثر و الاحتیاط و البناء علی الأقل استناداً لظاهر جملة من الروایات الآمرة فیها برکعتین من دون قرینة الفصل و من دون الأمر بالبناء علی الأکثر فاستظهر منها إرادة البناء علی ذلک و أیدها بالروایات الدالة علی البناء علی الأقل و هذا کله ضعیف لما قدمناه من ترجیح روایات البناء علی الأقل کثر و من فهم الفصل من الروایات الخالیة من قراءته لفهم المشهور و لسوق أکثر الأخبار بذلک فیرتفع حکم الظهور و ینعکس الحال لا أقل یکون بینهما و بین الإطلاق و التقیید و الإجمال و التبین فیحکم المبنی علی المجمل و المقید علی المطلق و أما الأمر بسجدتی السهو هاهنا فی بعض الأخبار فلا قائل به من یعتد به فهی إما محمولة علی التقیة و الوصل فی الرکعات أو تحمل علی الاستحباب أو تطرح.

بحث: من شک بین الاثنین و الثلاث و الأربع

بنی علی الأکثر و أتی برکعتین قیامیتین ثمّ رکعتین جلوسیتین وفاقاً للمشهور و لا یبنی علی الأقل و القائل به هنا نادر من أصحابنا فلا یلتفت إلیه و یقوی القول بوجوب رکعة قیامیة و رکعتین جلوسیتین لموافقته للاعتبار لأنه إن کانت الصلاة اثنتین انضما لإتمامها و إن کانت ثلاثاً اجتزأ بواحدة منهما و للصحیح عن أبی إبراهیم عن أبیه عمن لا یدری اثنین صلی أم ثلاثاً أم أربعاً فصلی رکعة من قیام و رکعتین من جلوس و هو و إن اضطرب متنه و سنده و روی فی بعض النسخ علی ما یوافق المشهور لا یبعد القول به لصحته و موافقته للفقه الرضوی و الاعتبار لکن إعراض لمشهور عنه و إفتاؤهم بمرسل ابن أبی عمیر الذی هو بمنزلة الصحیح مما یقدم الصحیح علیه و یقوی الظن به دونه و الاحتیاط غیر خفی بالتخیر بین الرکعة و الرکعتین جمعاً بین الروایتین ضعیف لا قائل به و الأظهر علی ما ذکرناه الاقتصار علی الیقین من وجوب تقدیم القیامتین علی الجلوسیتین و عدم اعتناء القیامیة عنهما کما فی النص الدال علی الحکم فالقول بالتخیر بین الجلوسیتین و واحدة قائماً أو القول بوجوب الواحدة قائماً أو القول بالتخییر فی تقدیم أیهما شاء أو القول بتعیین تقدیم الجلوسیتین کلها ضعیفة بلا مستند سوی الاعتبار و لا یصلح دلیلًا علی الحکم.

ص: 245

بحث: من شک بین الخمس و الأربع بعد رفع الرأس من السجود الأخیر

بنی علی الأربع و لا یبنی علی الأکثر فی هذا المقام لاستلزامه الفساد بل یبنی علی الأقل و یتم الصلاة و یسجد السهو کل ذلک للأخبار المعتبرة المشهورة فتوی و روایة خلافاً للصدوق (رحمه الله) حیث أوجب الاحتیاط هنا برکعتین جالساً کما فی الفقه الرضوی و روایة أبی أسامة و هما ضعیفان لا یصلحان لمعارضة ما قدمنا و الشاک بین الأربع و الخمس فیما مضی من رکعتاه إن وقع شکه ما بین رفع رأسه من السجود الأخیر إلی ما قبل رکوعه فی المرددة بین الخمس و الست هدم و صح شکه و إن دخل فی الرکوع و ما بعده بطلت صلاته لتردده فیما بعده بین الخمس و الست و إن تعلق الشک بین الأربع و الخمس بما فی یده من الرکعات فإن کان ما بین رفع الرأس من سجوده الأخیر إلی ما قبل التلبس رکوع المرددة ما بین الأربع و الخمس هدم و رجع شکه إلی ما بین الثلاث و الأربع فتشمله أدلة ذلک الشک و یسجد للسهو لمکان زیادة القیام و إن کان بعد التلبس بالرکوع أو بعد الرفع منه أو ما بینه و بین السجود أو فی الأول أو بعد الرفع منه أشکل الحال لتردده بین الزیادة و النقیصة و للشک فی شمول دلیل الشک بین الأربع و الخمس و الأحوط الإتمام و إدخاله فی حکم الشک بین الأربع و الخمس بعد رفع الرأس و سجود السهو و الإعادة و إن وقع فی السجود الأخیر قبل الذکر أو بعده فالأقوی دخوله فی حکم الشک بین الأربع و الخمس بعد رفع الرأس لتمام الرکعة بالسجود الثانی کما هو الأظهر أو لتنزیل فوات معظمها منزلة الفراغ منها حتی أن ذلک یجزی فی السجود الأول أو بین السجدتین علی وجه.

بحث: من شک فیما بیده من الرکعة أنها ثالثة أو خامسة و کان قبل الرکوع

هدم و رجع شکه ما بین الاثنین و الأربع و کذا من شک بین الثلاث و الأربع و الخمس قبل الرکوع فإنه یهدم و یرجع شکه إلی ما بین الاثنین و الثلاث و الأربع و کذا لو شک فیما بیده بین الخمس و الست قبل الرکوع فإنه یهدم و یرجع شکه إلی ما بین الأربع و الخمس و فی الجمیع یسجد للسهو و یعمل عمل تلک الشکوک المتقدمة.

ص: 246

بحث: صور الشک المرددة بین الثنائی ستة:

الأولی: الشک بین الاثنین و الثلاث. الثانیة: بین الاثنین و الأربع. الثالثة: بین الاثنین و الخمس. الرابعة: بین الثلاث و الأربع. الخامسة: بین الثلاث و الخمس. السادسة: بین الأربع و الخمس.

و المترددة بین الثلاثی أربعة:

الأولی: الشک بین الاثنین و الثلاث و الأربع. الثانیة: بین الاثنین و الثلاث و الخمس. الثالثة: بین الاثنین و الأربع و الخمس. الرابعة: بین الثلاث و الأربع و الخمس.

و بین الرباعی واحدة و هو ما کان بین الاثنین و الثلاث و الأربع و الخمس و محل الشک فی جمیع ذلک یتصور علی تسعة أنحاء:

الأولی: أن یقع بعد إکمال السجدتین. الثانی: أن یقع قبل رفع رأسه من السجدة الأخیرة. الثالث: أن یقع بین السجدتین. الرابع: أن یقع بین الرکوع و السجود. الخامس: أن یقع فی أثناء الرکوع. السادس: أن یقع بعد القراءة قبل الرکوع. السابع: أن یقع حال القراءة. الثامن: أن یقع قبل القراءة حال القیام. التاسع: أم یقع قبل تمام القیام.

و إذ قرنت هذه التسعة فی صور الشک المتقدمة الإحدی عشر بلغت تسعاً و تسعین مسألة و کل شی ء من هذه إن کان منصوصاً أو رجع إلی شک بسیط منصوص صح و إلا بطل لأن الأصل البطلان فی الشک و البناء علی الأقل لا نرضیه و دلیله ضعیف لا یعول علیه فی ذلک فلو دخلت السادسة فی الشک بجمیع صور الثنائیة و الثلاثیة و الرباعیة البالغة خمس عشرة صورة فی أی حال من أحوالها التسعة التی لو ضربت فیها بلغت مائة و خمس و ثلاثون کانت جمیع تلک الصور باطلة ما عدا المنصوص منها

ص: 247

او یرجع الی شک منصوص فلا عبرة به حتی لو کان منحلًّا إلی منصوصین و مرکباً منهما فإنه أیضاً لا عبرة به جزماً لأن المرکب من الداخلین کالمرکب من الداخل و الخارج خارج لکونه غیر منصوص فعلی ما ذکرناه لو شک بین الاثنین و الأربع و الخمس بعد رفع الرأس من السجود بطلت صلاته و إن اشتمل علی منصوصین و کذا لو شک بین الاثنین و الثلاث و الأربع و الخمس بعد رفع رأسه و کذا لو شک بین الأربع و الخمس فالضابطة أن کل شک لم یقم علیه دلیل مبطلًا للصلاة للشک فی التأدیة بعد العلم بشغل الذمة بالصلاة و الفراغ بأصل عدم الزیادة و أصالة البناء علی الأقل لأخبار وجوب البناء علی الأقل غیر معلوم لضعف الأخبار و انقطاع الأصل و عموم (لا تبطلوا أعمالکم) و (لا یعید الصلاة فقیه) و أصالة صحة فعل المسلم و استصحاب صحة الصلاة کل ذلک لا یعارض القاعدة المشهورة فتوی و عملًا بل ربما یدعی الإجماع علیها و مع ذلک فالأحوط فی غیر المنصوص البناء علی الأقل و إجراء حکم الشک بین الأربع و الخمس إلی ما فوقها و الإتیان بسجدتی السهو کما یظهر من بعض الأصحاب و بعض أخبار الباب و لا فرق بین أن یکون شکاً بسیطاً کالشک بین الأربع فما زاد علی الخمس إلی أن یصل إلی العشرات فما فوقها أو مرکباً کأن یشک بین الأربع و الخمس و الست و السبع و غیر ذلک من الترکیبات الثنائیة و الثلاثیة و الرباعیة و هکذا و لا فرق بین أن یکون أحد أرکان الشک الأربعة أو یکون غیر الأربعة من الاثنین و الثلاثة و لا فرق بین أن یکون متعلقاً بما مضی ابتداءً أو یکون متعلقاً بما تلبس به من الرکعات ابتداءً ثمّ ینتقل منه إلی مضی و لا فرق حینئذ بین أن یکون من المجال التسعة المتقدمة المذکورة فإن الأقوی فی جمیع ذلک بطلان الصلاة من رأس و الأحوط البناء علی الأقل و الإعادة لازمة علی کل حال.

بحث: رکعة الاحتیاط صلاة

و کما شک فی جزئیته أو شرطیته أو مانعیته هو جزء و شرط و مانع و المفهوم من الأخبار و کلام الأصحاب و قاعدة الشک أن لها حکم الوصل فی الصلاة لأنها مکملة مع النقیصة کما تشعر به الأخبار و لأنها مأمور بها علی سبیل التعقیب فی بعض الأخبار و الحدث و عدم الطهارة ینافیه و کذا تخلل المنافیات

ص: 248

و تأخیرها إلی ما بعد الوقت و للأمر بسجود السهو للکلام قبلها و هو دلیل الجزئیة و للشک فی صحة الصلاة و صحتها مع تخلل المنافی بینها و بین الصلاة و لها مع ذلک کما یفهم من الأخبار و کلام الأخیار و الفصل و الصلاة الخارجیة فیجب الخروج بالتسلیم قبلها کما فی الأخبار و تکبیرة الإحرام لها لأنها و افتتاحها التکبیر و لإشعار بعض الروایات به کروایة زید الشحام و کذا النیة و کذا الفاتحة و لا صلاة إلا بها و لو ورد بعض الأخبار بها و لصیرورتها نافلة لو تبین التمام و لا صلاة إلا بها و القول بجواز نقل التسبیح عوض الفاتحة لأنها بدل فی الأخیرتین المخیر فیهما بینهما و البدل مساوی للمبدل منه فی الأحکام ضعیف لمخالفته لظواهر الأخبار و قواعد الاحتیاط فی مقام الشک و الأحوط إجراء حکم الوصل للأجزاء المنسیة فلا یجوز فعل المنافی قبلها و إجراء حکم البطلان علیها لو تخلل المنافی قبلها و عدم جواز تأخیرها إلی فوات الوقت و جماعة حکموا بإجراء حکم الوصل إلیها علی سبیل القطع و البت و هو لا یخلو من إشکال نعم الأحوط ذلک.

بحث: لو ذکر المصلی النقصان بعد فعل الاحتیاط ثمّ عمله و لا شی ء مطلقاً بجمیع الصور علی الأظهر

کما یظهر من الأخبار و کلام الأخیار لقاعدة الإجزاء فی مثل هذه المقامات و لو ذکره قبل التلبس به بعد البناء علی الأکثر لم یتلبس و وجب علیه الإتمام للقواعد المعلومة و لأن أخبار الاحتیاط خاص فی استمرار الشک إلی حین عملها و یجری علیه أحکام السهو ما یجری علی المصلی و لو ذکره قبل النقصان فی أثناء العمل و کان العمل مطابقاً کما إذا کان الشک بین الثلاث و الأربع و تلبس برکعة قائماً فالأقوی الصحة و المضی فی الرکعة الاحتیاطیة لظاهر الأمر و الأحوط الإعادة لأن المتیقن صحته من الأخبار ما إذا استمر الشک أو بان الخطأ بعد الصلاة الاحتیاطیة و إن کان العمل غیر مطابق کالشاک بین الاثنین و الثلاث و الأربع و قد تلبس برکعتین قائماً فذکر أنها ثلاثة فهناک وجوه:

أحدها: الصحة و المضی فی الاحتیاط لظاهر الأمر. ثانیها: بطلان الصلاة أصلًا. ثالثها: بطلان الاحتیاط و صحة الصلاة و إتمامها بعد عدم الاحتیاط.

ص: 249

رابعها: الاقتصار علی القدر المطابق إن لم یتجاوزه فإن تجاوزه فبطلان الصلاة أو الاحتیاط. و أقواها الأول و الأحوط الإتمام علی النحو الأول و الإعادة و لو ذکر الإتمام قبل الاحتیاط أثم و لا شی ء علیه و لو ذکره بعد فعل الاحتیاط کان نفلًا و لو ذکر فی الأثناء عدل به إلی النفل و إن کان رکعتین قیامیتین أو جلوسیتین و إلا أتمها برکعة ثانیة قیامیة إن کانت رکعة واحدة علی الأظهر.

بحث: العاجز عن القیام و عن الجلوس یمیز بین قیامیته و جلوسیته بالنیة

و یحتمل احتسابها جلوسیة مطلقاً للعاجز عن القیام أو احتسابها قیامیة مطلقاً لتنزیل الشارع الجلوس هنا منزلة القیام کما أنه یحتمل احتسابها قیامیة للعاجز مطلقاً عن الجلوس و الأظهر الدوران مدار النیة و أما الاضطجاع و الاستلقاء و الرکوب و المشی فلا شک فی تبعیته للنیة و احتمال إلحاقها بالجالس بعید.

بحث: یجب الاخفات فی القراءة فی رکعة الاحتیاط

لشبهة البدلیة و یجب الاستمرار علی القیامیة أو الجلوسیة بعد التلبس بها فی مقام التخییر إلا عند ذکر فوات رکعة قیامیة و قد تلبس بالجلوس قبل الرکوع فإنه یقوی احتمال العدول إلی القیامیة حینئذ.

بحث: لو ترک البناء علی الأکثر حتی لو صلی رکعة فیمن شک بین الاثنین و الثلاث

فالظاهر صحة صلاته إلا إذا بنی علی الأقل فالظاهر البطلان لتعلق النهی لها من جهة نیة الخلاف لإیجاب الشارع عدم البناء علی الأقل فالعمل المصادف للنیة یقع باطلًا.

بحث: لو تلبس بفریضة أخری سهواً قبل عمل الاحتیاط احتمل وجوب العدول إلی الأول

و هو الأقوی و احتمل بطلان الصلاتین معاً و احتمل بطلان الثانیة فقط و لا بد من الإتیان برکعة الاحتیاط بعدها و احتمل احتسابها عوض رکعة الاحتیاط قهراً مع المطابقة للاحتیاط و مع عدم المطابقة فبطلانها و بطلان الآخرة فقط و الأولی فقط و الکل محتمل و الأقوی الأول.

ص: 250

بحث: من شک فیما طرأ علیه أنه شک أو ظن

حکم بأنه شک لأصالة عدم الرجحان و من ظن أنه کان سری ظنه إلی الظن بالفعل بنی علیه و إلا فلا عبرة به و من ظن بشکه فی الحال بالفعل کان بمنزلة الشاک و من ظن بأنه شک فیما سبق من محل الشک و الظن برکعات الاحتیاط یجری مجری العلم لأنها لا تزید علی أصلها و هو مما یکتفی فیه بالظن و الظن بالتمام أو النقصان فی أثناء الاحتیاط کالعلم فیجری علیه ما یجری علی العالم بهما کما تقدم.

بحث: ورد فی الصحیح (و لا علی السهو سهو)

اشارة

و فی المرسل (و لا سهو فی سهو) و أفتی الفقهاء بمضمونها لکن لا یخلو المراد منهما من إجمال لإطلاق السهو علی السهو مشترکاً لفظیاً أو معنویاً أو مجازاً مشهوراً و علی الأمر منه فیقوم احتمال إرادة الشک فی المقامین و احتمال إرادة السهو فیهما و احتمال إرادة الأول و الثانی فی الثانی و احتمال إرادة العکس فهذه أربعة و علی تقدیرها فلا بد من إضمار الشی ء فیهما لعدم إرادة نفی الذات فی الأول و عدم إرادة النفی عن الذات فی الثانی فلا بد من إضمار الحکم أو أثر أو علاج فی الأول أو إضمار موجب بکسر الجیم أو فتحها فی الثانی فیضمان إلی الأول فتترقی الصور إلی ثمان و قد ترجح إرادة الأعم من اللفظین معاً بنی علی أن السهو موضوع للقدر المشترک بین السهو و الشک لتقدیم القدر المشترک علی الحقیقة و المجاز و الاشتراک اللفظی فتعود الصور إلی صورتین بحسب تقدیر الموجب بالکسر أو الموجب بالفتح و یعود الإجمال إلی هاتین الصورتین و لکن لم یثبت وضع لفظ السهو للأعم من معناه المعروف و من الشک بل العرف علی خلافه بل لم یثبت الاشتراک اللفظی بینهما أیضاً و لو ثبت فاستعمال المشترک اللفظی فی عموم الاشتراک من المجازات البعیدة و الذی یظهر أن إطلاق السهو علی الشک أو علی الأعم منه و منه مجاز شائع فی العرف و فی الروایات و لکنه یحتاج عند إرادته إلی قرینة لأن شیوعه و شهرته لم تبلغ حداً بحیث یکتفی بها فی الحمل علی المعنی المجازی من دون قرینة و لم تظهر من هذه الروایات قرینة علی إرادة معنی الشک أو المعنی الأعم بحیث توجب صرف اللفظ إلیهما فلم یبق إلا إرادة المعنی الحقیقی من اللفظ و کان بمقتضی القاعدة وجوب حمل

ص: 251

اللفظین علیه و إن بقی الإجمال فی تقدیر الموجب بالکسر أو الموجب بالفتح إلا أن الأصحاب أعرضوا عن تناول المعنی الحقیقی و الحمل علیه فی هذا المقام و لئن قالوا به ففی بعض موارده واجبات السهو دون سائرها و القواعد و الاحتیاط الخاصة أیضاً مما نزل الحمل علی المعنی الحقیقی و لیس له مقاومة تخصیصها أجمع فإذا لم یبق ظن بإدارة المعنی الحقیقی و لم تدل قرینة علی المعنی المجازی عاد مجملًا أیضاً إلا أن یدعی أن قرینة المعنی الشک و أولویته و أظهریته من بین المعانی المجازیة إلی المعنی الحقیقی و یؤید ذلک ما نقل عن المنتهی من فهم الأصحاب حیث نسب إلیهم فهم معنی الشک من اللفظین و فهم تقدیر الموجب بالفتح لتمثیله له بالشک فی الرکعات الاحتیاطیة و کذا یظهر من المعتبر و علل بلزوم الحرج لو لا سقوط حکمه و لأن الاحتیاط شرع لإزالة السهو فلا یکون سبباً لزیادته و لا یبعد صحة هذه الدعوی و البناء علیها لما ذکرناه و لکن فی الجملة لعدم لزوم طرح الروایة و هی معمول علیها فی الجملة فحینئذٍ قبل تعلق الشک برکعات الاحتیاط عدداً لم تبطل لأنها ثنائیة و یبنی علی الأکثر علی الأقل کما تخیله بعضهم لأن المفهوم من البناء حکم الشک فیها هو البناء علی الأکثر لأن البناء علی الأقل و کذا لو تعلق بها أجزاء لم یعید لو کان فی المحل و کذا لو شک فی عدد سجدتی السهو لمن شک بین الأربعة و الخمس أو مطلقاً و لو کان من واجبات السهو کما نقل عن الأصحاب

و ینبغی البحث فی أمور:

أحدها: أن یقع الشک فی أصل الإتیان برکعة الاحتیاط و عدمه

و الأظهر لزوم الإتیان به.

ثانیها: أن یقع شک بین موجب الاحتیاط هل هو رکعتان من قیام أو رکعة من قیام أو رکعة من جلوس

و الأظهر هنا و إن کان من الشک فی موجب الشک الإتیان بالکل من باب المقدمة و الإعادة من رأس.

ص: 252

ثالثها: الشک فی موجب السهو بمعنی الإتیان به أم لا

کان شک فی الإتیان بسجدتی السهو أو الإتیان بالأجزاء المنسیة بعد الصلاة و الأظهر هنا لزوم الإتیان به أیضاً علی القاعدة.

رابعها: أن یشک و الإتیان بما سها عنه قطعاً و هو فی المحل

و الأظهر لزوم الإتیان به.

خامسها: أن یشک فی أجزاء السجدة المنسیة أو أجزاء الأجزاء المنسیة و هو فی المحل

و الأظهر لزوم الإتیان به أیضاً للقاعدة.

سادسها: أن یشک فی موجب الشک بالکسر

و ذلک کأن یشک أنه شک أم لا و الأظهر أنه إن أعاد شکه إلی الشک فی أصل الفعل و هو فی المحل أعاد و إن تجاوز المحل لم یعد و کذلک إن شک أنه الآن شاک أو ظان أو عالم و لو شک فیما شک فیه فإن عاد إلی شک آخر و دخل تحته کان شک إن شکه الحاصل قبل تعلق الشک به هل کان بین الاثنین و الثلاثة أو الثلاثة و الأربع عاد إلی أنه شاک بین الاثنین و الثلاثة أو الثلاثة و الأربعة عاد إلی أنه شاک بین الاثنین و الثلاثة و جری علیه الحکم المتعلق به و إن لم یدخل تحت شک آخر فإن دار بین شک صحیح و مفسد و کان فی المحل أفسد کان شکه أنه بین الواحدة أو الاثنتین أو بین الاثنتین أو الثلاثة فإن تجاوز المحل بنی علی الصحة.

سابعها: أن یسهو عن موجب الشک

کأن سها عن رکعات الاحتیاط من أصلها أو سها عن أجزائها و هو فی المحل و الأظهر وجوب الإتیان بما سها عنه و کذلک لو سها عن الإتیان بما شک فیه من المحل و کان بمحل السهو فالأظهر لزوم الإتیان بجمیع ذلک علی وفق القاعدة و لو شک فی الرکن فی المحل فسها عن إعادته حتی دخل فی رکن آخر قوی القول ببطلان الصلاة و الأحوط الإتمام ثمّ الإعادة.

ثامنها: أن یشک فی نفس السهو

کأن یشک فی أنه سها أم لا و الأظهر رجوعه إلی الشک فی أصل الفعل بحسب کونه فی المحل أو کونه متجاوزاً عنه و لیس له خصوصیة و إن ظهر من إطلاقهم خلاف ذلک،

ص: 253

تاسعها: أن یسهو عما أوجبه السهو من قضاء الأجزاء المنسیة أو سجدتی السهو

و الأظهر وجوب الإتیان بهما فی المحل و کذلک لو سها عما ذکره بعد أن سها عنه فأراد تدارکه فإنه یجری علیه من الأحکام ما یجری علی نفس السهو عن الفعل.

عاشرها: أن یسهو عن أنه سها من دون ملاحظة ما أوجبه السهو

و الحکم فیه مثل من عما أوجبه الشک و یرجع إلیه و بالجملة فیما عدا صورة تعلق الشک فی أعداد رکعات الاحتیاط أو أجزائها أو أعداد سجود السهو أو أجزائه کله یقوی فیه إن إرجاعه للقواعد و الضوابط و عدم إجراء الروایة الخاصة فیها لأنها مجملة أو کالمجملة فلا تصح لتخصیص العمومات المتقدمة.

بحث: لو شک المأموم رجع إلی یقین الإمام فی جمیع الصلاة

و فی جمیع أفراد الشکوک مطلقاً و کذا العکس للأخبار و کلام الأخیار و کذا یرجع الشاک إلی الظان علی الأظهر لتنزیل الظن منزلة الیقین و أما رجوع الظان منهم إلی المتیقن فلا یخلو من إشکال إذا یستفید الراجع زیادة ظن من الرجوع إلیه و الأحوط الرجوع إلیه ثمّ الإعادة و لا فرق فی الإمام بین الذکر و الأنثی و الحر و العبد و العدل و الفاسق و الکبیر و الصغیر إن کان مأموماً معتداً بقول لإطلاق الأخبار و لو تکثر المأمومون فاختلفوا مع الإمام و مع بعضهم بعضاً فی الیقین و الشک و الظن کانت لها صور:

الأولی: یقین الإمام مع ظن المأموم و یقوی هنا القول برجوع الظان إلی المتیقن لما ورد أن الإمام یحمل أوهام من خلفه و ما ورد من وجوب متابعة المأموم للإمام خرج الیقین و بقی الظن و ما ورد من نفی السهو عن المأموم والوهم یطلق علی الظن و السهو و یطلق علی الشک الشامل للتردد بین الطرفین و الظن و فی کل هذه الأدلة نظر لعدم شمول ما دل علی وجوب المتابعة لهذا المقام و للشک فی شمول الوهم و السهو لمثل الظن و لم تتحقق شهرة محققة فی المقام کی یعتمد علیها فالأحوط الرجوع ثمّ الإعادة حینئذ.

ص: 254

الثانیة: ظن الإمام مع یقین المأموم باتفاق منهم و قد یقوی القول برجوع الامام إلیهم کما نسب إلی الأصحاب لشمول نفی السهو عن المأموم الشامل للظن و لعدم القول بالفرق بین الصورة الأولی و هذه فی الدلیلین نظر للشک فی الشمول بل الظن بعدمه فی الأول لأن عدم القول بالفرق لیس قولًا بعدمه و الأحوط الرجوع و الاحتیاط بالإعادة.

الثالثة: اختلافهم فی الظن و لا یرجع أحدهما للآخر إذا اتفق المأمومون لأن کلًا منهم متعبداً بظنه و احتمال وجوب رجوع المأموم تعبداً لوجوب متابعته ضعیف.

الخامسة: یقین الإمام مع اختلاف ظن المأمومین و الأظهر عمل کل علی رأیه و یقینه و یحتمل هنا تخیره بالرجوع إلی من شاء منهم و یحتمل وجوب الإعادة علی الإمام لقوله (علیه السلام): (فإذا اختلف علی الإمام من خلفه فعلیه و علیهم الإعادة) فی الاحتیاط و الأخذ بالجزم.

السادسة: اختلاف الإمام و المأمومون بالظن و اختلاف بعضهم مع بعض و الأظهر هنا رجوع کل منهم إلی ظنه و یحتمل وجوب الإعادة علی الإمام لاختلاف من خلفه کما فی الروایة.

السابعة: شک المأمومین متفقین مع یقین الإمام و لا شک فی رجوعهم إلیه.

الثامنة: شک الإمام مع یقین المأمومین متفقین و لا شک فی رجوعه إلیهم.

التاسعة: شک المأمومین مع ظن الإمام و یقوی القول بوجوب رجوعهم إلیه.

العاشرة: شک الإمام مع ظن المأمومین باتفاق منهم و یقوی أیضاً وجوب الرجوع إلیهم.

الحادیة عشر: شک الإمام مع اختلاف المأمومین فی الیقین و الأظهر وجوب العمل علی الإمام بشکه لعدم جواز الرجوع إلیهما معاً و عدم جواز الرجوع لأحدهما لأنه ترجیح بلا مرجح و وجوب عمل کل من المأمومین بیقینه و یحتمل التخییر له

ص: 255

بالرجوع لأیهما شاء أخذ بالعمومات و یحتمل الترجیح بالأکثریة و الأعدلیة و یحتمل القرعة و هما ضعیفان و یحتمل وجوب الإعادة علیه فقط للروایة و احتمال وجوب الإعادة علیهم أیضاً للروایة لا وجه له لعدم قابلیة هذه الروایة لتخصیص العمومات و لو استفاد الإمام ظن من قول أحدهم رجع إلی ظنه.

الثانیة عشر: شک الإمام مع یقین بعض المأمومین و ظن بعضهم و الأقوی رجوع کل إلی حکم نفسه و یحتمل وجوب رجوع الإمام إلی المتیقن و انفراد حکم الظان و یحتمل وجوب الإعادة علی الإمام و علی المأموم الظان.

الثالثة عشر: شک الإمام مع اختلاف المأمومین بالظن و الأظهر رجوع کل حکم إلی نفسه و یحتمل وجوب الإعادة علی الکل و یحتمل التخییر للإمام فی الرجوع إلی من شاء منهم.

الرابعة عشر: شک الإمام مع اختلاف المأمومین بالشک و الیقین و الأظهر رجوع الإمام للمتیقن و رجوع الشاک للإمام و یحتمل وجوب الإعادة علی الشاک للمرسلة.

الخامسة عشر: شک الإمام مع اختلاف المأمومین بالشک و الظن و الأظهر وجوب الرجوع للظان و وجوب رجوع الشاک من المأمومین إلیه.

السادسة عشر: شک الإمام مع شک المأمومین بشک واحد و الأظهر لزوم العمل علیهم بذلک الشک و لهم الانفراد و الاقتداء برکعات الاحتیاط.

السابعة عشر: شک الإمام و شک المأمومین مع الاختلاف فی الشک و عدم الرابط بین الشکین و الأظهر انفراد کل منهما بحکم نفسه کما إذا شک الامام بین الاثنین و الثلاث و المأموم بین الأربع و الخمس مع احتمال رجوع الإمام فی الثلاث للمأموم لأن تیقن الأکثر یرجع إلیه من شک فی الأقل و کذا العکس.

ص: 256

الثامنة عشر: شک الإمام و شک المأمومین مع وجود الرابطة بینهما و الأظهر وجوب الرجوع إلی الرابطة و العمل علیها کما إذا شک الإمام بین الثلاث و الأربع و المأموم بین الاثنین و الثلاث کان الإمام یرجع إلی یقین المأموم بعدم الأربع و المأموم إلی یقینه بالزیادة علی الاثنتین فتکون الرکعات ثلاثة باتفاق منهم فلا یجب علیهم الاحتیاط و کذا لو شک الإمام بین الواحدة و الأربع و المأموم بین الأربع و الخمس فإنه یرجع إلی المأموم فی الأربع و یبقی شکه بین الأربع فیما زاد فإن صححناه هناک صححناه هنا و إن لم تکُ بین شکیهما رابطة عمل کل علی مقتضی شکه کما إذا شک الإمام بین الاثنین و الثلاث و المأموم بین الأربع و الخمس و یحتمل رجوع الإمام إلی یقین المأموم بالثلاث فیعمل علی یقینه و بعمل الإمام علی یقین المأموم و بالثلاث و یأتی برکعة فتکون الرابطة حینئذ رجوع الشاک فی شکه لا فی یقینه إلی تعین الآخر لا إلی شکه و لو کان کل منهما شاکاً إذ لا منافاة بین الشک بشی ء و القطع بعدم النقصان عنه أو الزیادة علیه قطعاً.

التاسعة عشر: شک الإمام و اختلاف المأمومین بالشک فإن کانت رابطة بینهم إلیها کما إذا شک الإمام بین الاثنین و الثلاث و الواحدة و بعض المأمومین بین الاثنین و الثلاث و الأربع و البعض الآخر بین الاثنین و الثلاث و الخمس فتکون الرابطة الشک بین الثلاث و الأربع فیرجعون إلیها و إن لم تکن رابطة رجع کل إلی حکم شکه کما إذا شک أحدهم بین الاثنین و الثلاث و شک الثانی بین الاثنین و الأربع و شک الثالث بین الأربع و الخمس و یحتمل رجوعهم لمن شک بین الأربع و الخمس فیحکم الأول بالثلاث و الثانی بالأربع.

بحث: ورد فی الصحیح (و لا علی الإعادة إعادة)

و ظاهره أن ما وجب فیه الإعادة تحلل لا یعاد و لو حصل فیه الخلل الأول أو غیره لاستلزامه تخصیص الأخبار المتکثرة المقطوع بالعمل بها فی الأحکام المتقدمة بهذه الروایة المتروک العمل علی ظاهرها الشبهة بالمجمل نعم قد یؤخذ بها فیما أعید احتیاط فإنه لا یشرع إعادته أیضاً احتیاطاً خوفاً من مداخل الشیطان فیه سواء أعید احتیاطاً علی وجه الاستحباب أو

ص: 257

أمر بإتمامه ثمّ إعادته علی وجه الإیجاب أو یؤخذ به من مقام کثرة الشک کما إذا شک فی الأولیتین فأعاد ثمّ شک فأعاد ثمّ إنه لا إعادة فی الثالثة أو الرابعة و قد یحمل علی کثرة السهو کمن سها عن رکن فأعاد ثمّ سها فأعاد ثمّ سها فأعاد فإنه لا إعادة فی الرابعة و لکنه بعید و لا نقول و قد یحتمل علی أن المعاد استحباباً کمن صلی منفرداً فإنه یعید جماعة و لا یشرع له الإعادة بعد ذلک و لا بأس بالقول بمضمونه.

بحث: لو سها المأموم و الإمام وجب علیهما الإتیان بموجب السهو

و کذا لو اختص المأموم بالسهو وجب علیه الإتیان بموجبه دون الإمام خلافاً للشیخ (رحمه الله) حیث ذهب إلی عدم لزوم الإتیان بموجبه للمأموم و هو ضعیف سواء أراد بموجبه ما یشمل تدارک المنسی فی محله و لو کان رکناً أو قضاء السجدة و التشهد و سجدتی السهو أو ما یخص الأخیرین أو ما یخص الآخر کما قواه جماعة و هو لا یخلو من قوة و لو اختص الإمام بالسهو اختص بموجبه و لا یسری للمأموم خلافاً له أیضاً حیث أوجب ذلک لوجوب المتابعة و لروایة عامة و لظاهر موثقة عمار و الکل ضعیف لا یعارض الأصول المعتضدة بفتوی المشهور مع موافقتها للعامة و احتمال روایة عمار الاشتراک فی السهو نعم سقوط السهو عن المأموم بالنسبة لسجدتی السهو لا یخلو القول به من قوة لنقل الإجماع علی السقوط و لروایة عمر عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (لیس علیک خلف الإمام سهو) و لروایة عمار و فیها (لیس علیه شی ء إذا سها خلف الإمام و لا سجدتا السهو لأن الإمام ضامن لصلاة من خلفه) و لما ورد مما ضاهی ذلک و لحسنة حفص (و لا علی من خلف الإمام سهو) و کذا صحیحة علی بن جعفر و مرسلة یونس و لروایة الرضا (علیه السلام): (أن الإمام یحمل أوهام من خلفه) و مع ذلک فلا یصلح جمیع ذلک لمعارضته الأخبار المتقدمة الموافقة لفتوی المشهور و الاحتیاط و لما ورد من إن الإمام لا یضمن شیئاً فی الأخبار المتکثرة و للخبرین الآمرین بسجود السهو للمأموم و فی صحیحتهما لمن قال أقیموا صفوفکم و ظاهرها أنه مأموم مع أن تلک الأخبار موافقة لفتوی العامة سیما أخبار ضمان الإمام و قد تحمل أخبار ضمان الإمام علی

ص: 258

ضمان القراءة و غیرها علی غیرها أو تحمل أخبار الضمان علی وجوب الرجوع إلیه عند الشک و أخبار عدم الضمان علی عدم الرجوع إلیه عند السهو أو تحمل أخبار الضمان علی القبول إذا وقعت صحیحة ظاهراً و أخبار عدم الضمان علی وقوعها غیر صحیحة و أما نفی السهو عن المأموم فی الروایات فالأظهر إرادة الشک کما فهم المشهور لا أقل من الإجمال لعدم حصول الظن بإرادة المعنی الحقیقی من جهة السیاق و فتوی المشهور و کذا لفظ الأوهام فان الأظهر إرادة الشک منه أو ما یشتمل الظن فلا شاهد فیه و قد تحمل الروایة علی إرادة أن الإمام بنیة المأموم غالباً علی سهوه أو خطئه فهو حاصل لها مؤدی له ذلک أو یراد أن الإمام یحمل السهو عن غیر الأرکان بمعنی أن الساهی یثاب ثواب الفاعل من برکة الجماعة و ثوابها و یراد أن الإمام تحمل ما إرادة المأموم من الأرکان و غیرها لأجل المتابعة عند السهو.

بحث: یرجع الإمام إلی المأموم و بالعکس عند الشک فی الرکعات و سائر الأفعال

لعموم الأدلة و لو کان أحدهما کثیر الشک رجع الأخیر و لا یجری علیه حکم کثیر الشک لقوة دلیل الرجوع و لو کان بین الأدلة عموم من وجه.

بحث: لا حکم للشک مع الکثرة

للأخبار و الإجماع و المفهوم منها و من کلام الأصحاب هو البناء علی الصحة لو وقع الشک بین الصحة و الفساد و البناء علی وقوعه لو وقع شک فی وقوعه و عدمه و البناء علی الأکثر لو وقع الشک بین الأقل و الأکثر و ارتفاع حکم الشک من وجوب التلاقی فی المحل و وجوب سجدتی السهو فی مقامهما و وجوب رکعات الاحتیاط علی وجه العزیمة لا الرخصة کما هو الظاهر من الأخبار خلافاً لمن حکم بالرخصة و لمن حکم بالتخییر بین البناء علی الأقل و الأکثر و هو مخالف لخصوص الموثق الآمر بترک الرکوع و السجود فی محلهما لکثیر الشک و الظاهر الأخبار الآمرة أیضاً لأن المفهوم من الأخبار أن إلغاء حکم الشک إنما هو لدفع وسواس الشیطان و دفع حبائله لأنه معتاد لما عدد من التخفیف علی المکلف و لیس له و الأول لا یجامع جواز البناء علی الأقل و لو کثر شکه فی أنه یشک أم لا کان ککثیر الشک بنفس الفعل و لو اختص شکه فی مکان خاص اختص حکم الکثرة به و لو

ص: 259

اختص شکه بالشی ء بعد الفراغ منه أو ذهاب وقته لم یسر إلی غیره و لو اختص بعمل لم یسر إلی عمل آخر و لا یتفاوت فی کثیر الشک بین تعلق الشک بنفس العمل أو فی أجزائه و هل یجب نصب العلائم للحفظ من باب المقدمة لکثیر الشک أم لا الظاهر عدم الوجوب لإطلاق الأخبار و ما ورد من الأمر بعد الحصر و بالضبط بالخاتم و غیر ذلک محمول علی الرخصة لعدم مقاومة الإطلاق الأخبار و کلام الأخیار و کذا لا یجب نصب العلائم لمن علم تطرق الشک فی صلاته و لو کان مفسداً علی الأظهر و لو قیل بالوجوب فیمن شک فیه بأصل الفعل کان قویاً لأن ترکه من أصله مشکل و الرجوع إلیه أشکل.

بحث: کثیر الظن و کثیر القطع إن تعلقا بالمصحح احتمل وجوب البناء علیهما و احتمل الرجوع فیهما إلی مستقیمی المزاج مهما أمکن

فإن کان مما یقطعون به تبعهم بذلک و إن کان ممن یشکون فیه صار حکمه حکم الشاک و إن کان مما یظنونه صار حکمه حکم الظان و کان ینبغی لکثیر الشک أیضاً الرجوع إلی مستقیمی لو لا ظواهر الأخبار و کلام الأخیار و ترک الاستفصال یفید العموم فی المقال.

بحث: کثیر السهو لا یلحق بکثیر الشک

کما یظهر من عبائر الجماعة بل تجری جمیع أحکام السهو علی کثیر السهو و قلیله حتی سجدتی السهو علی الأظهر لنقل الإجماع علی أن من فاته رکعة أو رکن من صلاته عادها و إن من ذکر شیئاً فی المجمل تلافاه و ظاهر الإجماع شموله لهذه الصورة أو تخصیصه بها و لأن الأخبار المتقدمة الدالة علی جملة أحکام السهو حتی سجدتی السهو لا تخصها هذه الأخبار لاختصاص جملة منها بکثیر الشک فلا یسری إلی کثیر السهو إلا بضمیمة أن السهو من الشیطان لقوله تعالی: (وَ مٰا أَنْسٰانِیهُ إِلَّا الشَّیْطٰانُ أَنْ أَذْکُرَهُ)، و إن إلغاء حکم الشک إنما کان تخفیفاً علی المکلف لدفع وساوسه و وقع اعتیاده و لإرادة الشارع عصیانه بترک ما شک فیه کی لا یعود و هذا مشترک بین السهو و الشک بین و هو قیاس لعدم إطلاق العلة فی الأخبار لظهورها فی الشک لقوله (علیه السلام) لم یعد إلیه الشک و ما أطلق فیها

ص: 260

مبنی علیه لظهور عمل الشیطان فی کثیر الشک و لو سلم إطلاقها فمفهومها هنا ضعیف و لأن جملة منها و إن ذکر فیها بلفظ السهو الشامل له و للشک علی وجه الحقیقة أو عموم المجاز أو عموم الاشتراک أو المختص به علی وجه الحقیقة أو علی أنه أظهر فردی المشترک أو أظهر فردی القدر المشترک لکنه لا بد أن یراد منه فی هذا المقام خصوص الشک و لا یراد منه خصوص السهو أو الإثم منهما للاتفاق علی إرادة الشک و لا یراد منه خصوص السهو أو الأعم منهما للاتفاق علی إرادة الشک منه فی هذا المقام فیختص به و لا یراد منه کلا المعنیین للزوم استعمال المشترک فی معنییه أو المعنی الحقیقی و المجازی فی معنییه کذلک أو استعمالها فی عموم الاشتراک أو المجاز و کله بعید أو غیر جائز و احتمال وضعه للقدر المشترک بینهما فیکون مستعملًا حقیقةً فیهما بعید عن العرف و اللغة فتحمل الأخبار التی فیها لفظ السهو کقوله (علیه السلام): (إذا کثر علیک السهو فامضِ علی صلاتک) و غیره علی خصوص الشک لا غیر و الحکم بسقوط سجدتی السهو فقط من أحکام السهو دفعاً للحرج و تنزیلًا للأخبار الدالة علی سقوط حکم السهو علیها لعدم ایجاب السهو غیرها لأن التدارک فی المحل و البطلان بترک الرکن و غیرهما من الأحکام قضی دلیلها لا نفس السهو و فیه نظر ظاهر لورود النقض علیه بقضاء الأجزاء المنسیة و لأن لیس فی الأخبار نفی السهو عمن کثر سهوه کی یحتمل ذلک بل فیه الأمر بالمضی علی الصلاة و هو لا یدل علی نفی سجدتی السهو لأن محلهما بعد ذلک فالأظهر حینئذ إجراء الأحکام علی کثیر السهو کقلیله حتی سجدتی السهو و الأحوط الإعادة بعد ذلک.

بحث: یعرف کثیر الشک بعرض نفسه علی عامة الناس أو أغلبهم

و وجد أنها مخالفة لهم أو بإخبار عدلین أو شیاع و مرجعه إلی ما یصدقون علیه فی العرف أنه کثیر الشک لأن العرف هو المرجع فی معرفة مصادیق الألفاظ العرفیة إذا لم یکن لها حقائق شرعیة و یزول عنه بعد اتصافه بعرض نفسه علی عامة الناس أو أغلبهم و وجد أنها موافقة لهم أو شبهها بشهادة عدلین أو شیاع بزوال الوصف و مع الشک فی الابتداء فالأصل عدم تحقق وصف الکثرة فی الاستدامة فالأصل بقائه و ما ورد فی الصحیح (إذا

ص: 261

کان الرجل یسهو فی کل ثلاث فهو ممن یکثر علیه السهو) کاشف عن العرف لا مثبت لحکم جدید لأن لفظ ثلاث نکرة فإما أن یراد أن مجموعها ظرف للشک بمعنی أی ثلاث کانت لا یعلم فمجموعها مدة یحکم العرف بحصول الکثرة فیها بمعنی أن الرجل إذا استمر أیاماً و مدة بقرینة فعل المضارع لا تسلم له أفعال ثلاث بدون شک کان کثیر الشک فهذا لا یمانع المعنی العرفی بل یؤکده أو یراد جمیعها بمعنی أن یسهو فی کل ثلاث متوالیات من رکعات أو صلوات أو غیرها أو یراد فیه أن یسهو فی واحد ثلاث مرات متوالیات بأن یشک فیه ثمّ یذکره فیشک فیه ثمّ یذکره فیشک أیضاً و هکذا أو یشک فیه ثلاث مرات متوالیات عند تکرره کذلک هذا أیضاً لا یمانع العرف لأن من

شک ثلاث مرات فی محل واحد أو أعمال متلاحقة من دون فاصلة حکم علیه أهل العرف بکثرة الشک فیکون شکه الرابع لا حکم له بل و لا یبعد أن لا یبقی حکم الشک الثالث لأنه هو الذی صدق به الوصف و حینئذ فما نقل عن ابن إدریس و ابن حمزة من الاکتفاء بالسهو ثلاث مرات قوی فی النظر و لا بأس به و علی المعنی الأول للروایة أو یکون زواله تقلبه جداً یسلب أهل العرف عنه وصف الکثرة و یحتمل أن یکون زواله بسلامة ثلاث صلوات أو غیرها عن الشک فتکون الروایة تحدیداً للکثرة و تحدیدا لزوالها و علی الوجه الثانی أیضاً یحتمل الوجهان و یحتمل أیضاً ثالث أن حده الأول هو وقوع الشک فی کل ثلاث أولیة ثمّ یستمر و یکون حده بحسب الانقطاع و الزوال بسلامة ثلاث أو اثنتین فیها أو واحدة و لکنه بعید جداً و قد یقال أن المراد بالکثرة المرتین فما فوق بقرینة قوله (علیه السلام): (لا تعودوا الخبیث لأنفسکم) و العادة تثبت بالمرتین و یؤید ذلک قوله (علیه السلام): (و لا إعادة علی الإعادة) لکنه بعید عن ظاهر الفقاهة و الفقهاء.

بحث: من شک فی النافلة تخیر بین البناء علی الأقل و البناء علی الأکثر

و الظاهر أنه إجماعی فی عدد الرکعات و ما ورد فی الأخبار من إبطال الشک فی رکعة الوتر متروک او محمول علی الوتر المنذورة و لو شک فی أفعالها و لو تعلق الشک فی أفعالها

ص: 262

قوی القول بإلحاقه بالرکعات فی حکم التخییر للأولیة و احتمل وجوب المضی و عدم التدارک أخذاً بالصحیح النافی للسهو فی النافلة و المراد منه الشک خصوصاً أو ما یعمه و یعم السهو و احتمل وجوب التدارک للأصل و العموم و غایة ما خرج منها الرکعات و یبقی الباقی و عموم الروایة مشکوک فیه و هذا أحوط و أما السهو فیها فالأقوی وجوب التلاقی ما دام فی المحل و أما القضاء للأجزاء المنسیة و وجوب سجدتی السهو فالأقوی عدمها للصحیح المتقدم و الأحوط قضاء الأجزاء المنسیة فیها و لو زاد فی النافلة رکناً أو رکعة لم تبطل للصحیح و لظهور أخبار البطلان فی الزیادة فی الفریضة دون النافلة.

القول فی سجدتی السهو:

بحث: سجدتی السهو علی کل من تکلم ناسیاً فی صلاته

و إن تعمد الکلام أو من سها عن کلامه و إن ذکر عن صلاته أو من زعم الفراغ من صلاته فتعمد الکلام وفاقاً للمشهور و خلافاً لنادر و للأخبار و الإجماع المنقول و ما ورد من الأخبار بأنه لا شی ء علیه مخصوص بغیر سجدتی السهو أو مطرح أو محمول علی عدم الإعادة أو الإثم و تجب السجدتان أیضاً علی من سلم ساهیاً بغیر محله للإجماع المنقول و الأخبار الموافقة لفتوی المشهور و المؤیدة بفهم الجمهور سواء کان السلام مع الجلوس أو مع القیام و سواء کان بنیة تسلیم الصلاة أو غیره ما لم یکن بنیة الدعاء لا بنیة التحیة و لو کان السلام بنیة الدعاء و القرآن مجردة فلا بأس به خلافاً لجماعة حیث استضعفوا الدلیل و رکنوا لبعض الأخبار القائلة بالتخصیص و التأویل و تجب سجدتا السهو أیضاً علی من شک بین الأربع و الخمس بعد رفع الرأس من السجدة الأخیرة للأخبار الموافقة لفتوی المشهور من الأخیار و یلحق به الشک حالة القیام فیهدم فیجب حینئذ أربع سجدات و کذا الشک حالة السجود و الأحوط إلحاق جمیع أقسام الشک بین الأربع و الخمس بالشک الواقع بعد رفع الرأس من السجود الأخیر إن صححناه و تجب السجدتان أیضاً علی ناسی التشهد و السجدة بعد قضائها للأخبار عموماً فیها و خصوصاً فی الأول المؤیدة بفتوی مشهور الأصحاب و یقوی بوجوبها للقیام موضع السجود و بالعکس للأخبار الدالة علیهما و لکنها غیر سلیمة من المعارض المؤید

ص: 263

بالأصل فاحتمال الندب أیضاً لا یخلو من قوة و یندبان لکل زیادة و نقیصة لبعض الأخبار المحمولة علی الاستحباب لوجود المعارض الأقوی جمعاً بینهما و لخلو الأخبار البیانیة و ما ورد من الصحاح بوجوبهما علی من شک فی الزیادة و النقصان لا یکون دلیلًا علی وجوبهما هنا لأولویة العلم بالزیادة و النقصان علی صورة الشک لأن روایات الأصل لا نقول بها فلا یثبت ما تفرع علیها و لئن سلمناها منعنا الأولویة القطعیة لعدم ثبوتها و غیرها قیاس لا نقول به و لا یتفاوت الحال علی القول بالوجوب أو الندب بین الرکعات و الأفعال و إن قوی القول بتخصیصها بالشک و الرکعات فی تسویة الحکم لزیادة المستحب و نقصه إشکال أظهره العدم و یندبان بأن للشک فی کل زیادة و نقیصة سواء کانت رکعات أو أفعال للأخبار الدالة علی ذلک المحمولة علی الندب جمعاً بینها و بین معارضها المتقدم علیها لاعتضاده بالأصل و فتوی المشهور و خلو الأخبار المتقدمة فی مقام البیان عن ذلک و یندبان أیضاً لمن شک بین الثلاث و الأربع فذهب وهمه إلی الأربع لحسنة الحلبی و موثقة عمار المحمولتین علی الندب لقوة المعارض و تغضیاً عن شبهة خلاف الصدوق (رحمه الله) و بالجملة فالأصل و جملة من الأخبار الدالة علی أن حفظ سهوه فأتمه لیس علیه سجدتا السهو لا یخرج عنهما إلا ما یقوی علیهما.

بحث: سجدتا السهو بعد الخروج من الصلاة بالتسلیم

سواء کانتا لزیادة أو نقیصة وفاقاً للمشهور و للأخبار و منقول الإجماع خلافاً لمن أوجبهما قبل التسلیم مطلقاً و إذا کانت النقیصة للصحیح فی الثانی و لروایة أبی الجارود فی الأول و هما ضعیفان لإعراض الأصحاب عنهما و موافقتها لمذهب العامة فحملها علی التقیة أولی و الجمع بینهما بالتخیر ضعیف أیضاً و یجب فیهما تشهد و تسلیم وفاقاً للمشهور للأخبار و منقول الإجماع و یکفی فی السلام صیغة السلام علیکم لأنه هو المنصرف إلیه اللفظ و یکفی فی التشهد الشهادتان فقط لقوله (علیه السلام) فی الصحیح: (و تشهد خفیفاً) و الظاهر من الخفیف ذلک أو یراد بالخفیف ما یقابل التشهد الجامع للمستحبات

ص: 264

لإطلاقه علیه و لقوله (علیه السلام) التشهد الذی فاتک و لا یبعد الأول لفهم المشهور و هل الخفة عزیمة أو رخصة لا یبعد الثانی لشبهه بالأمر بعد الحضر لکن الأول أحوط و هل تجب الصلاة علی محمد و آله فیها أم لا یحتمل الثانی لخلو الأخبار البیانیة عنها و لکن الأقوی الوجوب لعموم أوامر الصلاة علیه و لظهور إطلاق التشهد علی ما یشملها فی الأخبار و العرف و لما ورد فی بعض الروایات (ثمّ تشهد التشهد الذی فاتک) و هو ظاهر فی المماثلة حتی فی الصلاة علی محمد و آله لإرادتها معه منه.

بحث: و یجب فیها عند السجود و قول بسم الله و بالله السلام علیک أیها النبی و رحمة الله و برکاته

و یجوز عوض السلام اللهم صل علی محمد و آل محمد و صلی الله علی محمد و علی آل محمد و سلم و یجوز حذف الواو و یجوز إثبات الواو قیل السلام علیک أیها النبی و الأولی المحافظة علی صورة الأولیتین کما ورد فی الصحیح و ذهب جمع من أصحابنا إلی عدم وجوب شی ء فیهما استناداً للأصل و للأخبار البیانیة الخالیة عن ذکر شی ء فیهما و لخصوص روایة عمار و فیها (و لیس علیه أن یسبح فیهما) و الکل ضعیف لانقطاع الأصل بالاحتیاط و بما ذکر لعدم دلالة خلو الأخبار البیانیة علی العدم لا یساقها مساق إیجابها لا مساق بیان کیفیتها و ما ورد فی بعضها من بیان بعض الأحکام إنما وقع استطراد و لضعف مقاومة روایة عمار لما ورد من الصحیح الموافق للاحتیاط و فتوی المشهور فی وجوب ما قدمناه علی أن روایته نافیة للتسبیح و نحن نقول بموجبها فلا تصلح دلیلًا لنفی ما قلناه و ما یتخیل من ظاهر الصحیح أن الإمام قالها بعد سهوه و هو لا یصح فیکون مضعفاً له ضعیف إذ لا دلیل علی ذلک من ظاهره لاحتمال القولیة و الفعلیة و هما کفرسی رهان.

بحث: لا یجب فیهما تکبیر و الاستحباب لا بأس به

للروایة و أما وضع الجبهة علی الأرض و السجود علی سبعة أعظم و المساواة بین الموقف و المسجد فالأقوی وجوبها لانصراف لفظ السجود فی لسان الشارع لهذه جمیعاً إن لم یکن موضوعاً لها اللفظ و لما ورد بقول مطلق (إن السجود علی سبعة أعظم) و لما ورد (إن الناس عبید ما

ص: 265

یأکلون و یلبسون فلا ینبغی للساجد أن یضع جبهته علی معبود أهل الدنیا) و احتمال أن یراد بها بسجود الصلاة فقط لظهور الأخبار فی إرادته یعید و هل یجب فیهما الاستقرار أم لا الأقوی الوجوب لانصراف الأمر للفرد الظاهر منه و هل یجب فیهما الطهارة من حدث أو خبث و الاستقبال و الساتر و ترک جمیع منافیات الصلاة من کلام و فعل کثیر و قهقهة و أکل و شرب و غیرهما أو لا یجب لا أری دلیلًا علی ذلک إلا أن الاحتیاط یقضی به لإشعار النصوص الآمرة بهما بعد الصلاة فوراً بإرادة بقاء المکلف علی حالة الصلاة و لاحتمال أن السجود من الحقائق الشرعیة شی ء منه أو شرطیة أو مانعیة جعلناه جزاء أو شرطاً أو مانعاً و یجب مقارنة النیة للسجود أو للتکبیر علی وجه.

بحث: یجب الإتیان بالسجدتین فوراً بعد الصلاة بعدیة عرفیة

کما یشعر به الأخبار الآمرة بها بعد الصلاة بلفظ بعد أو بلفظ لا تعقب و باقترانه بإلغاء الظاهرة فی التعقیب و یحرم الإتیان بالمنافیات قبلهما أیضاً کما تشعر به روایة الأمر بهما بعد السلام و قبل الکلام و لا خصوصیة له علی الظاهر و لو لم یأت بها فوراً أثم و وجب علیه الإتیان بعد کما فی غیرها من الفوریات و لا یضرنا خیرها و لا عدم الإتیان بها عمداً أو سهواً وفاقاً للمشهور و خلاف لنادر و دعوی أن الصلاة اسم للصحیح فیشک فی اشتراط وصلها بها أم لا و فی اشتراط الصلاة فی الإتیان دعوی ضعیفة لعدم حصول الشک المعتبر فی المقام کما تشعر به الأخبار و کلمات الأعلام و یدل علیه جملة من تلک الأحکام ما ورد فی الموثق عمن سها فی الصلاة فنسی السجدتین قال یسجدهما حین ذکر.

بحث: لو تعدد موجب سجدتی السهو و اختلف أجناسه

وجب تعددهما لأصالة تعدد المسببات بتعدد الأسباب کما یقتضیه ظاهر الخطاب و إن اتحدت أجناسه فإن اختلفت محلها عرفاً و تباعدت کان حکمها کالأول لظاهر الإطلاق و شموله للکل و فرق ابن إدریس بین مختلف الجنس و متحده فلم یوجب التعدد فی الثانی لإطلاق الدلیل فی کل واحد و هو ضعیف و إن کانت فی محل واحد و أن کثر ککلام فی محل واحد و یخرج عما ذکرناه التعود المقارن للتشهد أو التسلیم فإن الظاهر الاجتزاء

ص: 266

بسجود واحد بهما معاً لظاهر الأخبار و ما ورد من أنه إذا اجتمعت علیک حقوق أجزأک شی ء واحد لا نقول بظاهره بل هو الی الإجمال أقرب مع ضعف سنده و الصحیح فیه أجزأک غسل واحد و التعلیل فی صحیح أخر لأنهما حرمتان اجتمعتا علی ما نحن فیه بوجه لاختصاصها بالجنابة فلا بد أن یحمل علی تزاحم الحقوق و عدم إمکان تلافیها لضیق وقت و شبهه.

بحث: یجب تقدیم الأجزاء المنسیة و الرکعات الاحتیاطیة علی سجدتی السهو

لشبهة الجزئیة و الاحتیاطیة و لو تعدد موضعهما فالأظهر عدم وجوب الترتیب فیهما علی نحو الترتیب المنسی عنه فلو عکس لم یکن علیه باس و الاحوط الترتیب و ربما قیل بتقدیم ما تقدم سببها ما لم یکن سببها من الاجزاء المنسیة فانه تیقن إلحاق سجده فیهما و فیه نظر و الأظهر أن تعین المسهو عنه مع التعدد شرط فلو أتی بهما لا بینته الخلاف فسدتا و مع الاتحاد یکفی فی النیة الإطلاق.

القول فی أحکام القضاء:

بحث: وجوب القضاء لا یقضی به وجوب الأداء

بل یحتاج إلی أمر جدید نعم وجوب القضاء یستلزم ثبوت الأداء و وقوع الخطاب به إلا ما دل الدلیل علی خلافه و لا یتفاوت بینما یکون سبب ارتفاعه لعدم وجود مسببه أو لانتفاء شرطه أو بحصول مانعه کالصغر و الجنون و الحیض و النفاس و الإغماء و النوم الخارق للعادة و السکر الغالب و فقدان الطهورین و عموم من فاتته فریضة لا یشمل ما ذکرناه لأنا و إن عممنا الفریضة و عممنا اسم الموصول و عممنا الفوت لکنا لا نفهم من الفوت إلا ذهاب الشی ء ممن کانت له قابلیته فعله فلم یفعله تهاوناً أو لعجز أو لغیر ذلک من الدواعی فمن له تلک القابلیة لفقدان شرط أو لوجود مانع لا یصدق علیه الفوت علی أنا نمنع عموم الفوت لعدم الدلیل علیه فیبقی مطلقاً و أظهر أفراده هو الذهاب ممن له قابلیة التکلیف فحینئذ وجوب القضاء علی النائم نوما معتاداً أو علی الساهی و السکران اختیاراً و علی الغافل قضی به الدلیل من الإجماع و الأخبار تدل أیضاً علی عدم وجوب القضاء علی من لم یحرز الشرط أو فاجأه المانع لما ورد من الأخبار حتی صار

ص: 267

أصلًا ثانیاً إن کلما غلب الله علیه فهو أولی بالعذر و إن ما غلب الله تعالی علیه فلا شی ء علیه فمفهوم الأول و منطوق الثانی یدلان علی سقوط القضاء عما ذکرنا.

بحث: لا قضاء علی الصغیر و لا علی المجنون و لا علی الحائض و النفساء

لما ذکرنا و للإجماع أیضاً و لا فرق بین المجنون الحاصل بسبب من المکلف و غیره و کذا الحیض لإطلاق الأدلة و مفهوم ما غلب الله علیه فهو أولی بالعذر و مفهوم وصف وصف ضعیف لا یعارض عمومات الأدلة و کذا لا قضاء علی المغمی علیه لما ذکرناه و للصحاح المستفیضة المؤیدة بفتوی المشهور و هی بإطلاقها شاملة لما کان بالاختیار من المکلف أو بسبب سماوی و المفهوم المتقدم ضعیف لا یعارض إطلاق الأدلة نعم الأحوط القضاء علی المغمی علیه بالاختیار لشبهة المفهوم المتقدم و لما نسب إلی فتوی الأصحاب بحیث یشعر بدعوی الإجماع و هناک أقوال أخر مستندة إلی الأخبار بحیث لا تعارض ما قدمناه من الأخبار فحملها علی الاستحباب أو علی اختلاف مراتبه أو علی التقیة أو طرحها أولی و فی النصوص ما یشهد بحملها علی الاستحباب لأن فیها إن شئت أخبرتک بما آمر به نفسی و ولدی أن تقضی کلما فاتک فظهر أن القول یوجب القضاء علیه مطلقاً أو قضاءً مدة شهر و قضاء ثلاثة أیام أو قضاء یوم الإفاقة فیه و لیلتها إن أفاق فیها ضعیف هو و ما بعده.

بحث: السکران لا قضاء علیه إذا لم یکن باختیاره

و یظهر من طائفة من الأصحاب ایجاب القضاء علیه مطلقاً و لیس علیه دلیل و لو کان السکر باختیاره فالأقوی وجوب القضاء تبعاً للمشهور بل ربما یدعی الإجماع علیه محصلًا و هو المخصص للقاعدة المتقدمة فیکون حکمه حکم النوم و الأحوط القضاء علی السکران مطلقاً و علی النائم و لو کان خارجاً عن المعتاد علی الأظهر.

بحث: یجب القضاء علی الجاهل المتفطن

للقاعدة و الاجماع و یجب علی الجاهل الساذج أیضا للاجماع و الأخبار.

ص: 268

بحث یجب القضاء علی الکافر مطلقا لعموم الأدلة خرج من ذلک الکافر الأصلی غیر المرتد و غیر المتثبت بالإسلام فإنه یسقط عنه القضاء بعد ثبوته علیه لطفاً للأخبار و الإجماع و بقی ما عداه مشمول للقاعدة إلا أن یکون مخالفاً ذا مذهب فعمل العمل علی مذهبه صحیحاً و لم یترکه و لم یعمل علی مذهبنا فإن الأقوی أیضاً سقوط القضاء عنه بعد ثبوته علیه لطفاً و کرماً ما عدا الزکاة فإنه یعیدها لأنه وضعها فی غیر موضعها و تدل علی جمیع ذلک الأخبار و فتوی مشهور الأصحاب و یحتمل القول بصحة عبادة غیر الکافر الأصلی لو فعلت علی مذهبه و أسلم بعد ذلک فیکون الإسلام شرطاً مؤخراً کما أن الکفر مانع متأخر بالنسبة إلی المقید حین إسلامه فینکشف بکفره فساد ما تقدم من عبادته و لا بأس بالقول تغضیاً عن شبهة القول بالاحتیاط هذا کله فی غیر المرتد فإن کان غیر فطری وجب علیه القضاء لعموم الأدلة عند فطرته و إن کان فطریاً فإن قلنا بقبول توبته باطناً و ظاهراً فکذلک و إن قلنا بقبولها باطناً فقط لا ظاهراً جمعاً بین ما جاء من قبول التوبة من الله من فضله و رحمته و من شبهة لزوم تکلیف ما لا یطاق بحمل الأول علی الظاهر و حمل الثانی علی الباطن فیجب علیه أیضاً القضاء باطناً و یصح منه و إن قلنا بعدم قبولها باطناً و ظاهراً فیجب علیه القضاء حینئذ و لا یصح منه لأن ما بالاختیار لا ینافی الاختیار و خیر الأمور أوسطها.

بحث: فاقد الطهورین لا یجب علیه القضاء

لعدم وجوب الأداء علیه فیشک فی صدق الفوت علیه و دعوی ثبوت الأداء و إن لم یکن علی وجه الوجوب لعموم (الصلاة خیر موضوع) و إن الصلاة لا تسقط بحال لا یخلو من إشکال لعدم شمول العموم لمثل هذه الصورة المفقود فیها شرط الصحة بالکتاب و السنة فیکون الآتی بها مشرعاً و لظهور إن لم یکن شرطاً فی الوجوب ابتداءً لکنه شرط عند عدم القدرة علیه لأن کل شرط للوجود عند عدم القدرة علیه یعود شرط للوجوب و علی ذلک فالأحوط القضاء علی فاقد الطهورین إذا کان الفقدان باختیاره قبل الوقت بل الأحوط القضاء مطلقاً بل الأداء و القضاء معاً.

ص: 269

بحث: یجب القضاء علی نحو ما فات من القضاء کماً و کیفاً و ترتیباً

مع العلم بالترتیب فلا بد أن یقدم السابقة علی اللاحقة بالنسبة للنوم الواحد لا التعدد لعموم التشبیه فی قوله (علیه السلام) لأن التشبیه إذا لم یکن له فرد ظاهر أفاد العموم و للأخبار الآمرة بالبدء بأولاهن عند الفوات و للاحتیاط و للشک فی الفراغ بدونه و للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و أما مع الجهل بالترتیب فیقوی القول بسقوطه لانصراف تلک الأدلة للعالم و للزوم العسر و الحرج معه و لکن الأحوط الترتیب ما لم یود للمشقة العرفیة المنفیة بالکتاب و السنة و یجب نیة الفوائت الأولی فالأولی و لا یجوز عکس الترتیب و لا الإطلاق فی النیة عند العلم بالفوائت و الأحوط العمل علی الظن فی الترتیب إذا حصل ظن به و یجب علی من فاته ظهر و عصر من یومین أن یصلی ظهرین عصرین او بالعکس فلو انضم إلیهما المغرب صلاهما قبل المغرب و بعدها فتکون سبعة فلو انضم عشاء صلاها قبلها و بعدها فتکون خمسة عشر فلو انضم الیها صبح صلی الجمیع قبلها أو بعدها فتکون إحدی و ثلاثین و قد یحصل الترتیب بالتکرار لما فات علی أی کان بمقدار الفوائت إلا واحداً ثمّ یختمه بما ابتدأ به فیحصله حینئذ الترتیب فی الثالثة عشر فریضة و فی الرابعة بإحدی و عشرین و هکذا القیاس فتأمل و هل تترتب غیر الفرائض الخمس من الفوائت بعضها مع بعض و بعضها مع الفرائض الأخر یحتمل العدم لانصراف الأدلة إلی الفرائض الیومیة و خلو الأخبار فی مقام البیان من حکم غیرها و لعدم وجوب ترتیبها فی الأداء فکذا فی القضاء و لا یلاحظ فی القضاء الاتفاق فی الوقوع.

بحث: لو اختلف القاضی و المقضی عنه فی حکم الصلاة

کانت العبرة بحال القاضی کما لو قضت المرأة عن الرجل و یجزی فی القضاء أحکام القاضی من الجهر و الاخفات و الستر و غیرها و کذا لو قضت الصبیة و المملوکة عن الغیر و العبرة بالنسبة للأحوال الطارئة علی القاضی من فضله أو عن غیره من جهة الاختیار و الاضطرار بحال القضاء من عجز أو اضطرار و اختیار و قیام و قعود و ستر فلو فاتته صلاة المختار و کان فی زمن القضاء مضطراً أجزأه صلاة المضطر و لو انعکس الحال ففاته صلاة

ص: 270

الاضطرار وجب علیه عند الاختیار صلاة المختار و ما تعلق بالأجزاء و الصفات أو الأعداد فالعبرة فیه بحال الفوات فتقضی القصریة قصراً و عکسها عکسها لعموم الدلیل و ما کان فی الأماکن الأربعة تخیر فیهما و الأحوط تعین القصر لا غیر فی مکان التخییر و تقضی الجهریة جهراً و عکسها عکسها.

بحث: هل یجب تقدیم الفائتة علی الحاضرة إذا کانت الفائتة من الفرائض الخمس أم لا یجب

قیل بعدم الوجوب مطلقاً و هو مشهور بین أصحابنا لکنهم بین من استحب تقدیم الحاضرة و بین من استحب تقدیم الفائتة و هم کثیر و قیل بالوجوب مطلقاً و هم بین مصرح بالوجوب مطلقاً و بین مصرح بالوجوب الشرطی بمعنی أن الشرط فی صحة الحاضرة تقدیم الفائتة علیها مع العلم مع الوجوب الشرعی الفوری و بین مطلق فی الوجوب الشرعی الفوری ساکتاً عن الوجوب الشرطی و یظهر من بعضهم نفی الوجوب الشرطی لکن الأکثر علی الأول و یلزمهم وجوب البدار للقضاء و حرمة التأخیر و حرمة الأضداد الخاصة بناء علی أن الأمر بالشهرة یقضی النهی عن ضده و بطلان الحاضرة لو قدمت مع العلم و وجوب العدول إلی الفائتة لو تلبس بالحاضرة نسیاناً و یستثنی من ذلک علی مذهبهم ما إذا ضاق الوقت عن تأدیة غیر الحاضرة فإنه لا کلام فی اختصاصه بالحاضرة و أما إذا توقفت ضرورة المعاش و التکسب من أکل و شرب و نوم و استراحة و نفقة و عیال و حقوق زوجیة علی تأخیر الفائتة فإنه لا کلام أیضاً فی عدم وجوب البدار و قبل بالتفصیل بین الواحدة و المتعددة فیجب الترتیب فی الأولی دون الثانیة و قیل بالتفصیل بین فائتة الیوم و فائتة ما قبله فیجب الترتیب فی الأولی دون الأخیرتین و قیل بالتفصیل بین الفائتة و بین الفائتة سهواً أو شبهة فیجب الترتیب فی الأولی دون الثانیة و قیل بالعکس و استند الأولون للأصل المقرر بطرق متعددة بالنسبة لأصالة عدم وجوب الترتیب و شرطیته و أصالة عدم التضییق و أصالة عدم الفوریة و لإطلاق أوامر الصلاة حواضر و فوائت کتاباً و سنةً مقروناً بأوقاتها و غیر مقرون و للزوم العسر و الحرج علی القول بالمضایقة سیما لمن کانت علیه صلاة کثیرة و منافاة الشریعة السمحة السهلة المبینة علی التخفیف و الیسر

ص: 271

و السعة لأن من قال بالوجوب الشرطی قال بالوجوب الفوری من دون تفصیل و لإطلاق الأمر بالقضاء و الأمر المطلق للطبیعة لا للفور و للإجماع المنقول علی المواسعة عن الجعفی الموافق لفتوی المشهور من أصحابنا المتقدمین و المتأخرین و للأخبار الدالة علی جواز لمن علیه فریضة فإنها الدلیل علی التوسعة لأن من قال بها قال بالتوسعة و للأخبار الدالة علی جواز الأذان و الإقامة لمن علیه فوائت فإنها قاضیة و قلما ینفل الإنسان من تعلق القضاء به مع عدم إنکار العلماء ذلک و عدم تفسیقهم له و عدم ذکر ذلک فی الخطب و المواعظ مع احتیاج الناس إلیه و تکرره ما بینهم بل نوی أن من أکثر و استدام علی القضاء حتی واصل الأیام و ترک التشاغل عنه فی جمیع أوقاته عد خارجاً عن متوسطی الطاعة و داخلًا فی مسلک أهل الوسواس و الاحتیاطات و للأخبار الخاصة الدالة علی ذلک بالخصوص کصحیحة ابن بزیع فیمن ترک المغرب و العشاء (فإن استیقظ بعد الفجر فلیصل الصبح ثمّ المغرب ثمّ العشاء) و کروایة أبی بصیر و هی قریبة إلیها إلا أن فیها ما لا نقول من امتداد وقت العشاء إلی الفجر و من وجوب تأخر العشاء إذا خاف طلوع الشمس إلی أن یذهب شعاعها و لصحیحة محمد بن مسلم فیمن فاتته صلاة النهار قال: (إن شاء بعد المغرب و إن شاء بعد العشاء) و کروایة جمیل بن دراج فیمن فاتته الأولی و العصر و المغرب و ذکر عند العشاء الآخرة قال: (یبدأ بالوقت الذی فیه فإنه لا یأمن الموت) فیکون قد ترک صلاة فریضة فی وقت دخل ثمّ یقضی ما فاته الأول فالأول و کصحیحة علی بن جعفر فیمن نسی المغرب حتی دخل وقت العشاء الآخرة قال: (یصلی العشاء ثمّ المغرب) و کموثقة عمار فیمن تفوته المغرب حتی تحضر العتمة قال: (فإن یجب أن یبدأ بالمغرب بدأ و إن أحب بدأ بالعتمة ثمّ صلی المغرب بعدها) و کروایة الحسن بن زیاد فیمن نسی المغرب حتی صلی رکعتین من العشاء قال: (فلیتم صلاته ثمّ لیقضِ بعدها المغرب) و هذه الأخبار الأخیرة لا بد من حمل المغرب فیها علی غیر مغرب تلک اللیلة لأنه لو أرید بها مغربها للزم أما عدم وجوب ترتیب الحواضر إن کان الذکر فی الوقت المشترک و عدم وجوب العدول من حاضرة لاحقة إلی حاضرة سابقة و هذا لا نقول به و أما عدم مناسبة الأخبار للحکم

ص: 272

بالمواسعة و أخذها دلیلًا لها إن أرید بالوقت الوقت المختص للعشاء للاتفاق علی اختصاصه به و لا معنی للتخییر فی موثقة عمار و أما التزام التفرقة بین وقتی العشاءین و جعل کل منهما مختصاً بوقت مضروب بعد وقت المغرب و هذا لا نقول به أیضاً و استند الآخرون و هما أهل المضایقة المحضة القائلون بوجوب المبادرة بالقضاء و وجوب تقدیم الفائتة علی الحاضرة للإجماعات المنقولة المتکثرة علی لسان جماعة المؤیدة بشهرة الفتوی بمضمونها بین قدمائنا و للاحتیاط القاضی بالفوریة المبادرة و وجوب الترتیب للشک فی صحة الحاضرة مع تقدیمها و ما شک فی شرطیته شرط و لما ورد من النهی عن التطوع لمن علیه فریضة فی أخبارنا کثیرة عموماً و خصوصاً اللازم للقول و المضایقة و لظهور إرادة الفور من أوامر القضاء أما لأن الأمر للفور مطلقاً و أما لأن المقام الخاص یقضی به من القرائن اللفظیة و سیاق المقامات الخطابیة کقوله (علیه السلام) فی صحیحة زرارة: (أربع صلاة یصلیهن الرجل فی ساعة صلاة فاتتک متی ذکرتها) و صحیحة معاویة بن عمار: (إذا نسیت فصلِ إذا ذکرت) و روایة نعمان الراوی فیمن ذکر ما فات عند طلوع الشمس أو غروبها قال: (فلیصل حین ذکره) و صحیحة زرارة فیمن صلی بغیر طهور أو نسی الصلاة أو قام عنها قال: (یصلیها إذا ذکرها فی أی ساعة ذکرها لیلًا أو نهاراً) و صحیحة یعقوب بن شعیب فیمن نام عن الغداة حتی تبزغ الشمس قال: (یصلی حین یستیقظ) و صحیحة زرارة و فضیل فی الفائتة قال: (فإن استیقنت فعلیک أن تصلیها فی أی حال کنت) فإن اقتران الأمر فی هذه بإلغاء مرة و للفظ خبر أخری و بلفظ متی ظاهر فی إرادة الفوریة و إلا للغی هذا الاقتران فیبعد حینئذٍ احتمال إرادة مجرد الوجوب و تعلق الخطاب بالفائتة فی جمیع الأوقات و لو موسعاً رداً علی العامة حیث منعوا من القضاء فی بعض أوقات معلومة کطلوع الشمس و غروبها و للآیة المفسرة بالأخبار المعتبرة الظاهرة بإرادة فوریة القضاء لا مجرد بیان الوجوب و التوقیت کقوله (علیه السلام) فی صحیح زرارة (من نسی شیئاً فی الصلاة فلیصلیها إذا ذکرها فإن الله عز و جل یقول: (وَ أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِکْرِی) و فی

ص: 273

أخری له: (إذا فاتتک صلاة فذکرتها فی وقت آخر فإن کنت تعلم أنک إذا صلیت التی فاتتک کنت من الأخری فی وقت فابدأ بالتی فاتتک فإن الله تعالی یقول: (وَ أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِکْرِی) و للأخبار الخاصة المصرحة بالأمر بتقدیم الفائتة و العدول إلیها إذا ذکرها کصحیحة زرارة الطویلة الجامعة للأمر بتقدیم الفائتة المتعددة أو المتحدة و الأمر بالعدول من اللاحقة إلی السابقة و الذاکر لجمیع فوائت الیوم و اللیلة إلا ان فیها الأمر بالعدول و لو بعد تمام الفریضة و لا نقول به و فی أخراها النهی عن قضاء المغرب و العشاء بعد شعاع الشمس و هو لا نقول به أیضاً و کذلک صحیحته الأخری فیها فإذا دخل وقت صلاة و لم یتم ما قد فاته فلیقضِ ما لم یتخوف إن یذهب وقت هذه الصلاة التی حضرت و ظاهرها أن المراد بالوقت وقت الإجزاء لا الفضیلة لانصراف لفظ الوقت إلیه و کذا روایة عبد الرحمن و فیها الأمر بالبدء بما نسی من صلاته و کذا الصحیح لصفوان فیمن نسی الظهر حتی غربت الشمس قال: (کان أبی یقول إن أمکنه أن قبل أن تفوته المغرب بدأ بها و إلا صلی المغرب ثمّ صلاها) و ظاهر الفوت فی الوقت الإجزاء لا الفضیلی و کذا روایة أبی بصیر و فیها: (و کذا الصلاة تبدأ بالتی نسب إلا أن یخاف أن یخرج وقت الصلاة فتبدأ بالتی أنت فی وقتها) و کذا ورد روایة معمر بن یحیی فیمن صلی إلی غیر القبلة ثمّ تبین له و قد دخل وقت صلاة أخری قال: (یعیدها قبل أن یصلی هذه التی قد دخل وقتها) و کذا روایة قرب الإسناد فیمن نسی العشاء و ذکر بعد طلوع الفجر قال: (یصلی العشاء ثمّ الفجر) و سألته عن رجل نسی الفجر حتی حضرت الظهر قال: (یبدأ بالفجر ثمّ یصلی الظهر) و کذا النبوی: (لا صلاة لمن علیه صلاة) و فی آخر: (من فاتته صلاة فوقتها حین یذکرها) و فی آخر: (من نام عن صلاة أو نسیها فلیقضها إذا ذکرها فذلک وقتها) و فی الجمیع نظر ظاهر أما الأخبار فهی موافقة لفتوی العامة و یشتمل بعضها علی ما تقول العامة لا ما نقول نحن و فی کثیر منها یظهر منه إرادة الوقت الفضیلی لا الإجزائی و الأخبار الدالة علی الفور منافیة لسهولة الشریعة السمحة و موافقة للعسر و الحرج النافی لهما العقل و الشرع فالأقرب فیها الحمل

ص: 274

علی الاستحباب لعدم منافاته السهولة و الیسر أو الحمل علی بیان أصل الوجوب و ثبوته و بیان جواز الفعل فی کل وقت و أما الإجماعات المنقولة فمما یوهن الظن بها کثرة المخالف و قوة المعارض و قلة الاعتماد علی کثیر من إجماعاتهم فی مثل هذه المقامات سیما مع معارضتها بإجماع الجعفی علی المواسعة و أما الأخبار المعتبرة للآیة الشریفة فأولهما لا یدل علی التوقیت بساعة الذکر و لا الفوریة و الثانی منهما و إن دل علی ذلک بحسب الظاهر فی الجملة لکنه یجب حمله علی بیان أصل التوقیت کقوله تعالی: (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ) جمعاً بینه و بین کلام المفسرین الذین یعتمد علیهم فی بیان تفسیر الألفاظ أو علی بیان أصل الوجوب و تکون اللام للتعلیل لا للتوقیت کما هو الظاهر من معناها و یکون المعنی لأجل ذکری فیها أو لأجل لها أو لأجل لک أو لذکری خاصة غیر مشوبة بالریاء أو لغیر ذلک و یکون علة الوجوب الحاضرة و الفائتة و أما الأخبار النبویة فهی ضعیفة أولًا و تحمل أولها علی المبالغة فی طلب الفضیلة و أخیرها علی بیان أصل التوقیت لا تحدید و تضییقه و أما الأخبار الناهیة عن التطوع فی وقت فریضة فالاستدلال بها موقوف علی الأخذ بها و لنا فی الأخذ بها کلام و خصام و أدلة أهل المواسعة و إن کانت فی نفسها أضعف من أدلة أهل المضایقة لأکثریة أخبار أهل المضایقة عدداً وأصحیتها سنداً و قوتها اعتماداً لکثرة روایة زرارة فیها عن الباقر (علیه السلام) و هی أقوی من غیرها و أقلها لاشتمال علی ما لا نقول به نحن من نوم النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) الذی هو فی درجات الکمال الذی لا تنام عیناه و لا ینام قلبه و من حرمة القضاء فی بعض أوقات و شبهها و کذا أکثریة إجماعاتها المنقولة و کذا شهرة الفتوی فیها بین القدماء لکنها تقوی علی أدلة المضایقة بالمرجحات الخارجیة من الموافقة لعمومات الکتاب و السنة و أدلة الیسر و التخفیف و البعد عن العامة و طریقة الفقهاء و المقلدین بحیث یحصل منها سیرة تفید القطع بجواز التراخی و التأنی فی القضاء و إن کان لا یخلو من ظهور عدم المضایقة إلی ذلک الحد و أیضاً ما دل علی فوریة القضاء و إن کان لا یخلو من ظهور لکن ظهوره معارض باستقراء خطابات الشارع فی

ص: 275

جمیع الواجبات المشروطة الواقعیة أو الموقتة الموسعة و غیر الموسعة فإن کلها أو جلها واردة فی الکتاب و السنة علی نمط هذه الخطابات أما مقرونة بالفاء أو بالحین مع اقتران شرطها بمتی و إذا و شبههما فحینئذ یضعف الظن بإرادة الفوریة فیها حداً و لو أمکن القول بالمواسعة و عدم الفوریة و مع ذلک یقال بالوجوب الشرطی الترتیبی بین الفائتة و الحاضرة و من جهة الروایات المتقدمة المؤیدة بالشهرة و الإجماع المنقول و الاحتیاط المفرغ للذمة لکان القول به متجهاً لکنه لا یمکن من جهة شبهة الإجماع المرکب و القول بعدم الفصل بین وجوب الترتیب و وجوب البدار کما یظهر من محققی المتأخرین و من عبائر القدماء فالأقرب لظن الفقیه حمل روایات المضایقة علی الاستحباب لشیوع استعماله فی کلام الأئمة الأطیاب (علیه السلام) جمعاً بین الدلیلین و عملًا بالأخبار من الجانبین و أما ما استند إلیه المفصلون بین الواحدة و المتعددة من الجمع بین صحیحة صفوان الدالة علی تقدیم الواحدة و بین صحیحة ابن سنان الدالة علی قاض المتعددة و صحیحة بن مسلم الدالة علی جواز قضاء صلاة النهار قبل المغرب و بعدها و صحیحة ابن سنان الدالة علی صلاة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) رکعتین نافلة قبل صلاة الفجر فیه نظر أولًا من جهة أن صحیحة صفوان فیها الأمر بتقدیمها علی المغرب و لیس فیها تعرض للعشاء و ثانیاً أن صحیحة صفوان و ابن سنان لیس فیهما تعرض للواحدة و المتعددة و إنما اتفق وقوع ذلک فی الجواب و البیان فلا یصلحان لتخصیص عموم أدلة المضایقة المواسعة کمحکمة فی الجانبین و ثالثاً أن صحیحة ابن مسلم ظاهرة فی النوافل و صحیحة ابن سنان الأخیرة موافقة للعامة لا نقول بها و أیضاً تنافی مذهبه من المضایقة فی الواحدة لأن الفائتة فی الروایة واحدة إلا أن یرید وجوب الترتیب فی الواحدة فقط لا الفوریة و استثناء المفصلون بین فائتة الیوم الذی أعم من الیوم و اللیلة بقرینة استدلاله و بین غیرها بروایة زرارة الطویلة و فیه نظر لأن آخرهما مما یوجب الترتیب بین الأیام المتغایرة أیضاً فلا تصلح أن تکون شاهداً علی التفصیل و لا تصلح أن تکون مخصصة لعموم دلیل المواسعة و المضایقة معاً و غیر هذین التفصیلین عاد عن المستند فلا یلیق البحث عنه.

ص: 276

بحث: علی القول بالمضایقة فی القضاء إنما یختص بأن القضاء عن نفسه

و أما القضاء عن غیره کقضاء الولی و کذا الأجیر فلا دلیل علی مضایقته إلا إذا اقتضی عقد الإجارة الفور و لو اجتمع القضاء عن نفسه مع القضاء عن غیره قدم القضاء عن نفسه علی القول بفوریته دون غیره و بطل القضاء عن غیره لو قدمه بناء علی أن الأمر بالشی ء یقتضی النهی عن ضده و أما الرواتب أداءً و قضاءً و کذا غیر الرواتب فالأظهر بطلانها علی القول بالمضایقة لمن علیه قضاء عن نفسه مع احتمال تجویز أهل المضایقة لها للأخبار الخاصة و سیما إذا کانا معاً قضاءً و سیما إذا کانت النافلة المقضیة نافلة فریضة مقضیة و سیما لو کانت نافلة الفجر بالخصوص لورود الصحاح بها و لکنه بعید و کذا الأحوط ترکها لمن علیه قضاء عن غیره واجباً و علی القول بالمواسعة فالأظهر جواز فعلها أداءً و قضاءً لمن کان علیه قضاء عن نفسه أو عن غیره و إن کان الأحوط ترک التطوع لمن کان علیه فائتة عن نفسه و دونه فی الاحتیاط لمن علیه فائتة عن غیره أصالة و إجارة و شبهها لأنه قد یقال بالمواسعة المحضة و عدم وجوب الفوریة بالقضاء و مع ذلک یقال بحرمة التطوع لمن علیه فائتة للأخبار الصحیحة الدالة علی النهی عن التطوع قبل أداء الفریضة المؤیدة بفتوی المشهور و الإجماع المنقول لکن الأقوی عدم حرمة التطوع لمن علیه ذلک للأخبار الصحیحة الدالة علی ذلک فی نافلة الفجر مع فریضتها و لا قائل بالفرق بین فریضة الفجر و غیرها و العمومات الدالة علی الأمر بالنوافل مطلقاً فی کل وقت سیما أخبار الرواتب المتکثرة فتحمل الأخبار الناهیة علی الکراهة و الآمرة بالفریضة علی الاستحباب و اشتمال الأخبار الصحیحة علی نوم النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لا یقدح فیها لأن الشهید (رحمه الله) قال: (لم أر راد لهذه الأخبار) من حیث توهم القدح بالصحة به و مع ذلک فالاحتیاط شدید لأن العمومات لیست مسوقة لبیان الشرائط أو الموانع و المعارضات و أخبار نوم النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و إن یقدح بعصمة النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لکنه یقدح بعلو شأنه و عظیم منزلته و قول الشهید بعدم رؤیة راد لها یدل علی العدم کیف و قد ردها الشیخ المفید (رحمه الله) فی رسالته و جعل

ص: 277

حکم النوم کحکم السهو هذا کله فیمن تمکن من أداء الفریضة و أما من لم یتمکن فالظاهر أنه لا إشکال فی جواز التطوع لأن المفهوم من الأخبار الناهیة کون النهی بحرمة الفریضة و الحث علیها و متی عدم التمکن فلا حرمة و لا احترام.

بحث: فائتة غیر الفرائض الخمس یقوی إلحاقها بها فی وجوب الفوریة

و الترتیب بینهما و بین حاضرة الخمس و بین بعضها مع بعض مع ترتب أسبابها لعموم کثیر من الأدلة و یحتمل عدم الإلحاق لانصراف الأدلة للیومیة سیما مع بعضها بعض و قد تقدم و فائتة الفرائض الخمس تقدم علی حاضرة غیرها بناء علی المضایقة و فائتة الفرائض الخمس مع حاضرة غیرها لا ترتیب بینهما و یحتمل تقدیم فائتة الفرائض الخمس بناء علی المضایقة.

بحث: لا یجب ترتیب الفوائت عن غیره إذا قضی الولی عن المیت أو المستأجر و لو علم بالترتیب

فیجوز أن یقضیا مرتباً و یجوز عکس الترتیب إن یطلقا و یجوز أن یوقع القضاء دفعة واحدة إذا تعدد الولی و تعدد المستأجر کل ذلک لعموم الأدلة الدالة علی تعدد الولی و تعدد المستأجر کل ذلک لعموم الأدلة الدالة علی بناء الأحیاء عن الأموات من دون بیان للترتیب و ما دل علی وجوب الترتیب بین الفوائت فهو خاص بالحی لظهوره فیه فلا یسری لغیره فلو عکس الولی الترتیب بین فریضة الیوم الواحدة و بین فرائض الأیام المتعددة فنوی الأخیر أو لا جاز علی الأظهر و کذا المستأجر ما لم ینصرف عقد الإجارة لنحو خاص.

بحث: لو فاتته ما لم یعلم قدره

قوی القول بإجزاء ما یعلم شغل ذمته به للأصل لأن الدائر بین الأقل و الأکثر یحکم فیه بالأقل و بشغل الذمة الیقینی المستدعی للفراغ الیقینی لیس من موارده الشک فی التکلیف بین الأقل و الأکثر کما یخیل بل مورده التکلیف بالمجمل أصالةً و عارضاً و ما یقال من أن الشک فی عدد الفوائت یؤول إلی الشک فی تأدیة الحواضر السابقة و الأصل عدمه فیحکم بأکثریة عدم التأدیة و یلزمها وجوب الوفاء بالقضاء حتی یعلم الإتیان بما فات أداء و قضاء منظور فیه فإن القضاء

ص: 278

إنما یجی ء بخطاب جدید و المتیقن منه معلوم الفوات و أصالة عدم التأدیة بعد خروج الوقت غیر معتبره لأنه من قبیل الشک بعد الفراغ کما أشعرت به الروایات ففی الخبر (و إن شککت بعد ما خرج وقت الفوات فقد دخل حائل فلا إعادة علیک من شی ء حتی تستیقن فإن استیقنت فعلیک أن تصلیها فی أی وقت کان) و الأحوط أن یقضی من فاته ما لم یعلم قدره إلی أن یغلب علی ظنه الوفاء وفاقاً للمشهور و لإشعار ما جاء فی النوافل به فیمن فاتته النوافل لا یدری قدرها من کثرتها قال (علیه السلام): (فلیصل حتی لا یدری کم صلی من کثرتها) و القول بوجوب القضاء حتی یحصل العلم بالفراغ استناداً إلی استصحاب الشغل لا وجه له و ضعفه ظاهر مما قدمناه.

بحث: من فاتته فریضة من یوم لا یعلمها

وجب علیه قضاء الجمیع من باب المقدمة للزوم الیقین بالنسبة بحسب الإمکان فی وجه قوی و الشک فی إجزاء الإطلاق فیها و التردید و الاختلاف أوصافها بحسب الجهر و الاخفات فی مقام الاختلاف و غایة ما خرج من هذه القاعدة ما لو نسی صلاة من الخمس حضراً فإن النص و الإجماع المنقول المؤیدین بالشهرة بالإجزاء ثنائیة و ثلاثیة و رباعیة مطلقة ینویها عما فی ذمته فالقول بذلک متعین خلافاً لنادر من أصحابنا و علی ما اخترناه فالاجتزاء بذلک رخصة أو عزیمة و الأقوی الثانی لظاهر الأخبار و کلام الأخیار و هل تجزی نیة التردید فی الرباعیة بین الثلاث أو لا الظاهر عدم إجزائها و هل یسری الحکم للرباعیة الفائتة المفردة عن احتمال الصبح و المغرب أو لا یسری یقوی السریان و الأحوط العدم و هل یسری الحکم لفائتة الیوم من المسافر فیأتی بثلاثیة و باثنین مطلقة بین الأربع و باثنین معینة للصبح و باثنین مطلقاً بین الثلاث أم لا یسری و الأحوط العدم و هل یسری الحکم للفریضتین من یوم فیأتی رباعیتین مطلقة و معینة أو مطلقتین أم لا یسری و الأحوط العدم و هکذا الحکم علی ما زاد کمن فاتته خمس فی خمسة أیام یحتمل رباعیتها کلها أو أربع فی أربع أو غیر ذلک نعم لا فرق فی الحکم بین الناسی و العامد من فقد شرطاً أو ترکها کلها بتنقیح المناط.

ص: 279

بحث: العبرة فی القصر و الإتمام بزمان استقرار الفوت لا زمان الأداء

فلو وجبت علیه قصراً فدخل البلد ففاته وجب الإتمام فی القضاء و لو وجبت علیه تماماً فسافر فی الوقت وجب علیه التقصیر فی القضاء وفاقاً للمشهور و تشعر به الأخبار خلافاً لبعض أصحابنا تمسکاً بروایة ضعیفة سنداً و دلالة لا تصلح لمعارضة ما ذکرناه.

بحث: تقضی الصلاة الواجبة عن المیت إذا فاتته

و کذا المستحبة من الرواتب و غیرها علی سبیل النیابة او علی فعلها لنفسه و إهداء الثواب للمیت من غیر إشکال للأخبار و للإجماع و أما إهداء الصلاة الواجبة الأدائیة له فالأظهر عدم جوازها لعدم انصراف الأدلة الدالة علی جواز الصلاة عن المیت و إنها تدخل فی قبره و أنه ینتفع بها و غیر ذلک لهذه الصورة و العبادة توقیفیة تحتاج إلی دلیل و یؤیده عدم انصراف الأدلة الدالة علی جواز الصلاة عن المیت لمثل هذه الصورة و عدم فهم الأصحاب و هجرهم للعمل بها و عدم ظهور هذه الصورة و شیوعها و ما ورد من حکایة صفوان لا تصلح شاهداً لإمکان إرادة القضاء منها و لعدم حجیة فعله و یجوز القضاء عن المیت من غیر الولی مع وجوده متبرعاً و استئجار من متبرع و استئجار من الولی و استئجار من وصی المیت لو اوصی بها کل ذلک لعمومات الادلة الدالة علی جواز النیابة و الدالة علی صحة الاجارة علی ما یعود نفعه للأجیر و الإجماع المنعقد علی القاعدتین معاً و عدم ظهور هذا الحکم فی الأزمنة السابقة و عدم شیوعه لا یقدح فیه لأن کثیراً من العبادات اشتهرت فی آخر الأوقات إما لقلة احتیاج المتقدمین أو لحدة فطنة المتأخرین و خیال إن الاستئجار ینافی نیة القربة خیال فاسد یکذبه الوجدان و لو لم یکن للمیت و لم یوص بها من الثلث لم یجب إخراجها من صلب الترکة کما وجب فی العبادات المالیة لعدم دلیل علیه نعم الأحوط الإیصاء بها و لو کان للمیت ولی وجب علیه القضاء بنفسه و جاز أن یلتمس غیره و أن یستأجره علی الأظهر لعدم فهم اشتراط المباشرة و فهم إرادة مجرد إیجادها فی الوجود و یراد بالولی الولی الأکبر بالنسبة إلی أبیه و إن أطلق فی

الأخبار لفظ الولی لکن تخصیصه بالولد إنما کان لفهم الأصحاب و لا یتفاوت الحال بینهما إذا کان الفوات لعذر أو عمداً و لا بین ما إذا کان العذر نسیاناً أو مرضاً أو

ص: 280

غیرهما لإطلاق الدلیل و لا یبعد إلحاق الأم بالأب فی وجوب القضاء عنه لاشتراکهما فی الحقیقة و شدة العلاقة و أکثریة إحسان الأم و لإطلاق أکثر الأخبار بلفظ المیت و ما فیه بلفظ الرجل مذکور فی السؤال فلعل الواقعة فیه لا الخصوصیة فیه و الظاهر عدم اشتراط کماله حال الوفاة فلو کمل الولی بعد الوفاة تعلق به وجوب القضاء و الأحوط للولی و للمستأجر عن المیت المبادرة للقضاء لأن الأمر للفور و لم یفهم للمطالبة بالتأدیة فیکون بمنزلة غریم مطالب و الأحوط للولی القضاء بنفسه و کذا للأجیر إذا لم یفهم اشتراط المباشرة و لو فهم وجب علیه ذلک و لو کان الولی لا یحسن القراءة و کان عاجزاً فلا یبعد وجوب الاستئجار علیه و لا یحمل ولی الولی ما فات عن الولی من صلاة تحملها عن أبیه و أمه علی الأظهر لانصراف الأدلة لغیر هذه الصورة و الأصل البراءة و إذا استأجر عن المیت بالصلاة فهل تفرغ ذمة الولی بالاستئجار أو بالتأدیة وجهان و الأقوی الثانی و الأظهر إلحاق الصوم فی وجوب قضائه بالصلاة للأخبار الدالة علی ذلک.

القول فی صلاة الجماعة:

بحث: استحباب الجماعة ضروری فی الجملة

و قد نطق به الکتاب و السنة و قد ورد فی الأخبار الحث علیها و نسبة تارکها إلی الفسق و جواز عقابه علی ترکها مبالغة فی طلبها و بیاناً لحال التارک لها رغبةً عنها و تهاوناً بها و استخفافاً لقدرها و ورد فی فصلها ما لا یحصیه التعداد و لا یقوم به القلم و المداد و استحبابها الآن شامل لکل الفرائض أصلیة کانت أو عارضیة قضائیة أو أدائیة یومیة أو غیر یومیة و إن تأکد الاستحباب فی الیومیة کما دل علی العموم بعض الأخبار و إن کان الأحوط ترک الجماعة فی المنذورة الراتبة و غیرها و ترکها فی الرکعات الاحتیاطیة و کذا الأجزاء المنسیة بل و فی رکعتی الطواف أیضاً لعدم ورود ما یدل علی فعلها عن الأئمة (علیهم السلام) و أصحابهم جماعة بل السیرة علی فعل ذلک کلها فرادی و فی غیر زماننا تجب الجماعة فی الجمعة و العیدین عند اجتماع شرائطها المعلومة و تحرم الجماعة فی النوافل الأصلیة رواتباً أو غیرها للأخبار و الإجماعات المنقولة و للشهرة المحصلة و لأنها بدعة و کل بدعة ضلالة و کل

ص: 281

ضلالة صاحبها فی النار و لانصراف مشروعیتها فی الأخبار و کلام الأخیار للفرائض لانصراف مطلق الصلاة فی هذا المورد الخاص للفرائض المعتادة لانعقاد الإجماع فیها فما ذهب إلیه بعض أصحابنا من مشروعیتها فی النوافل مطلقاً أو فی صلاة الغدیر فقط تمسکاً ببعض الأخبار و قد جاء فی أدلة المنع لا یلتفت إلیه لموافقة أخبارهم لمذهب العامة و مخالفتها للمشهور فلا یصح التمسک بها و کذا الاستناد فی جوازها فی صلاة الغدیر إلی الروایة لا یعتد به لإرسال الروایة و عدم العثور علیها و الأخذ بها من باب التسامح بأدلة السنن حسن لو لا المعارض و مع المعارض لا تخشی المسامحة نعم یستثنی من النوافل صلاة الاستسقاء و العیدین عند عدم اجتماع الشرائط للإجماع و کذا الفریضة المعادة استحباباً للنص کالفریضة الیومیة لمن صلی منفرداً و الکسوفین مطلقاً و للاحتیاط علی الأظهر کالفریضة المحتملة لوقوع الخلل.

بحث: الجماعة کیفیة للصلاة شرعیة مستحدثة و ماهیة جدیدة

فلفظها من المجملات لا من المطلقات التی یراد بها مجرد الاجتماع فلا یصح التمسک بالأخبار الواردة فیها علی نفی المشکوک فیه بالاصل و لا بد فیها من إمام بشرائط خاصة و مأموم بشرائط خاصة و أفعال علی نحو خاص و متابعة علی جهة خاصة إلی غیر ذلک فما جاء به الدلیل نهیاً و إثباتاً تبعناه و ما خلا عنه و کان مشکوکاً فیه شکاً معتبراً أجرینا فیه دلیل الاحتیاط و ما کان شکه لیس بمعتبر فلا یعتبر.

بحث: فساد الجماعة بالإخلال بها یقضی بفساد الصلاة مطلقاً

لعدم کونها من المقامات الذاتیة بل هی من الأوصاف العارضة للموصوف الذاتی فإذا بطل الوصف رجع حکم الموصوف سلیماً عن المعارض و انقلب الموصوف إلی ذاته المجردة المطلوبة حالة عدم الوصف و لا یتفاوت الحال فی الإخلال بین أن یکون عمداً أو جهلًا أو سهواً و بین أن یکون من جهة فقد شرط فیها أو جزءاً أو إیجاد مانع و بین أن یکون فی ابتداء أو یکون فی الاستدامة و بین أن یکون من جهة ما یتعلق المأموم بنفسه و هذا أصل إلا ما یخرجه الدلیل مما سیجی ء إن شاء الله تعالی و ما یجی ء فساده من جهة نقصان القراءة و زیادتها أو من جهة جهر أو إخفات فی الأخیرتین فإنه یعود علی المصلی بالبطلان

ص: 282

لاستلزامه الإخلال بأصل الصلاة لا بوصفها و بالجملة فما عاد خلله علی نفس الصلاة أو علی نفس کونه مصلیاً مبطلًا و ما عدا خلله علی نفس کونها جماعة و کونه جامعاً و مؤتماً لا یکون مبطلًا لنفس صلاته.

بحث: الجماعة خلف المخالف علی نحو جماعتنا

بل یراد بها المعنی اللغوی و أصل الاجتماع و إن لحقتها أحکام جدیدة من الاستحباب و جواز قطع القراءة لإدراکه و الالتزام بمتابعته و إن فاتت بعض أجزاء أو أوصاف واجبة کجهر فی مقامة و مستحبة من المصلی کأذان و إقامة و نحوهما و استلزام وضع واجب فی غیر موضعه کالتشهد حال القیام و الصلاة معهم مستحبة لمن کان له مندوحة و لمن لم یکن علی الأظهر و لا تجب الإعادة علی من صلی خلف إمامهم و إن استلزم فوات ما ذکرنا و بهذا یفارقون باقی الملل فإن الصلاة خلف أئمتها إذا استلزمت ترک واجب فسدت و وجبت الإعادة و الأفضل للمصلی معهم أن یصلی قبل ذلک فی البیت ثمّ یعیدها معهم نفلًا و قد دلت علی جمیع ذلک الأخبار و کلام الأخیار.

بحث: تدرک الجماعة بإدراک الإمام قبل أن یکبر للرکوع

سواء وقع منه التکبیر بالفعل أم لم یقع من غیر خلاف و الأخبار الدالة علی خصوص التکبیر محمولة علی الفائت عن وقوعه من الإمام و قد دلت أیضاً بإدراکه هاویاً للرکوع و راکعاً مستحباً أم لا کان فرغ منه أو نسیه للأخبار المعتضدة بفتوی مشهور الأصحاب و عملهم خلافاً لمن منع من ذلک تمسکاً بأخبار دلت علی أن من لا یدرک تکبیرة الرکوع فلا یعتد بتلک الرکعة و هی و إن کانت صحیحة الإسناد لکنها لیست محلًا للاعتماد لمعارضتها الأخبار المؤیدة بالمشهور و الإجماع المنقول فتضعف عن مقاومتها فتحمل علی الکراهة لتأدیة ذلک إلی الاستعمال و تشویش البال و عدم الإقبال فی غیر ما وجبت الجماعة فیه و ما وجبت فیه قدم الواجب علی المکروه أو یحمل علی إرادة الإدراک فی المسجد لها بمعنی سماعه لها لا الدخول فی الصلاة قبل فعل الإمام لها و یکون منزلًا منزلة الغالب من أن من لم یدرکها فی المسجد لا یلحق علی رکوع الإمام و علی ما اخترناه فلو رفع الإمام رأسه لکن لم یتجاوز رفعه محل الراکع قوی جواز اللحوق به لانصراف الأخبار

ص: 283

المعلقة للإدراک علی ما قبل الرفع إلی الرفع التام أو إلی ما کان ابتداؤه من آخر محل قوس الراکع لأن ما قبله بحکم العدم و مع ذلک فالأحوط هنا الترک و لا یشترط إدراک ذکر الإمام و لا تسبیحه منه و لا ذکر المأموم و لا تسبیحه واحدة منه قبل رفع رأس الإمام کما ینقل عن العلامة لإطلاق الأخبار و لا دلیل علی ما قال سوی روایة ضعیفة السند و المتن و الدلالة لا تصلح مقیدة لما ذکرناه و یکفی الظن باللحوق للمأموم لو رأی الإمام راکعاً بل یجوز له و إن لم یحصل ظن إذا سکنت نفسه بنیة المأمومیة للاستصحاب و عدم السکون و التزلزل کما یقع لکثیر فالأحوط عدم الدخول و لو دخل المأموم فرکع فشک فی تقدیم رکوعه علی رفع الإمام و عدمه تعارض الأصلان و یعضد أصالة تأخر لحوق استصحاب شغل الذمة الیقینی المستدعی للفراغ الیقینی و یعضد أصالة تأخر رفع الإمام أصالة صحة عمله المتقدم و وقوع الشک فی عمل بعد الفراغ منه أو الفراغ من الابتداء به و هذا قوی و یمکن الرجوع لجهل التاریخ و علمه لکن لا یعارض أصل الصحة علی الأظهر.

بحث: یشترط أن لا یکون بین الإمام و المأموم بعضاً مع بعض بالنسبة للمتقدم و المتأخر من الصفوف حائل

یمنع المشاهدة من جدار أو سترة فی جمیع أحوال الصلاة للإجماع المنقول و الروایة الصحیحة و الشهرة المحققة فلا إشکال فی أصل الحکم و إنما الإشکال فی أمور منها الحائل الذی یری من خلفه لرقته کالدقیق من الثیاب أو لصفائه کالزجاج و الأظهر فیه المنع إن لم یشملها لفظ السترة و الجدار فی الصحیح المانع من الصلاة خلف السترة و الجدار و لا یشملهما لفظ ما لا یتخطی فی الصحیح المانع للصلاة إذا کان بین الإمام أو بین الصف الذی یتقدمه قدر ما لا یتخطی لظهور أن المراد بما لا یتخطی هو ما لا یتخطی لبعده مسافة لا ما لا یتخطی الحجیة و منعه أو لعلوه بقرینة ذکر السترة و الجدار بعد ذلک و لکن إجمال الجماعة و حصول الشک فی صحة مثل هذه الکیفیة المعتاد عدمها مما یوجب المنع و منها الحائل الذی یکون فی بعض أحوال الصلاة و ذلک بعض کأن یکون حائلًا عند الجلوس دون القیام أو بالعکس و الأظهر صحة الصلاة معه و عدم الاعتداد به إلا إذا کانت الصلاة جلوسیة و هی حائل عند الجلوس

ص: 284

أو قیامیة فقط إلا و هو حائل عند القیام أو اضطجاعیة و هو حائل عند الاضطجاع فإنه یکون مانعاً من الإتمام و الأحوط تجنب الحائل الذی لا یظهر منه إلا عند سجود المأموم و انخفاضه و منها الشبابیک و المقامر المخرقة المانعة من الاستطراق و الأظهر صحة الصلاة خلفها و لو قل تخریمها حتی انتهی إلی خرم واحد وفاقاً للمشهور و تمسکاً بإطلاق ما جاء من الصلاة خلف الإمام و ما جاء من الصلاة عن یمینه فإنه شامل للمصلی خلف شبابیک و نحوها إذا لم یکن مصمتة و خلاف للخلاف مستدلًا بالإجماع و لا وجه له لثبوت عدمه و بالصحیح إما یمنعه من الصلاة إذا کان بین الإمام و المأموم و بین من تقدمه قدر ما لا یتخطی أو لمنعه للصلاة خلف القاصر و لا وجه لها لظهور الأول فی البعد و ظهور الثانی فی المقامیر الغیر مخرقة بقرینة سیاق الخبر إلا أن سیاقها یقضی بأن ذکرها وقع لا یراد المتوهم علی غیر الحکم بمانعیة الستر و الجدار و لو کانت مخرمة لم تکن واحد منها و الأحوط ترک الائتمام خلف الشبابیک مطلقاً و منها أنه لو حصل ستر أو جدار بین الإمام و المأموم أو بین المأمومین بالنسبة لمتقدم الصفوف و متأخرها و لکن مع ذلک یتصل المأموم یمیناً و شمالًا و یشاهد یمیناً و یساراً لمن یشاهد الإمام أو لمن یشاهده أو لمن یشاهد المشاهد أو لمن یشاهد مشاهد المشاهد فالأظهر الصحة وفاقاً لظاهر المشهور فتوی و عملًا و لظاهر الصحیح (لا أری بالصفوف بین الأساطین بأساً) و لظاهر الصحیح الآخر حیث أنه قال: (إلا فکان بحیال الباب) بعد منعه من الصلاة مع حیلولة الستر و الجدار بین الصفوف و الظاهر منه إرادة الصف و هو ما عدا من یقابل الباب فإنه لا یشاهد الإمام و لا یشاهد المأمومین المتقدمین و إنما یشاهده من علی یمینهم أو علی یسارهم من المشاهدین و قد استثناه بأجمعه من المنع فدل علی صحة صلاة جمیع الصف فعلی ما ذکرناه تصح صلاة الصف المتأخر لو استطال حتی زاد علی المتقدم لاعتصامه بمن علی یمینه و شماله و لو لم یقابله إلا الجدار و کذا تصح صلاة الجناح الزائد الداخل فی قبة من قباب المسجد أو فی بناء بابه إذا کان متصلًا بمن علی یمینه أو شماله و کذا المصلی خلف الاسطوانة إذا اتصل به من علی یمینه و شماله و کذا المصلی فی الصف الأول لو دخل الإمام فی محراب لا یراه سوی من خلفه و الباقون لا

ص: 285

یرون الإمام و لا یتقدمهم أحد فإن الجناحین من یمین الرائی للإمام و یساره تصح صلواتهم لاتصالهم به و مشاهدتهم له و اشتراط هذا الشرط بالنیة للرجل دون المرأة فإن صلاتها تنعقد جماعة مع الحائل و بدونه إذا کان الإمام رجلًا فإن کان امرأة فالأظهر إجراء حکم الرجل علیها.

بحث: هل هذا الشرط و کذا ما بعده علمی أو وجودی

الأظهر انه وجودی لأنه الأصل فی الشرائط و کذا ما بعده علمی أو وجودی الأظهر أنه وجودی لأنه الأصل فی الشرائط و هل هو فی الابتداء أو الاستدامة الأظهر أنه شرط لهما معاً.

بحث: لا یجوز للمأموم أن یأتم بمن هو أعلی منه تسمیاً

للموثق و غیره المنجبر بفتوی المشهور و الإجماع المنقول و الأصل و القاعدة یقضیان به أیضاً أو ما کان کالمتسم کأن کانت به فصول و حدود قلیلة بعضها فوق بعض و ربما أشعرت الموثقة بالمنع منه فی قوله: (یقطع سیل قبة) و العلو التسریحی لا بأس به لعدم دلیل علی منعه و لظهور الروایة فی غیره و لأن إطلاقات الصلاة خلف الإمام و عن یمینه یشمله قطعاً و لتصریح الموثق به و هل المراد بالعلو ما یعتد به فی العرف و تجری علیه أحکامه أم لا یتخطی السنن أو ما کان قدر شبر أو ما کان قدر أربع أصابع مضمومة أو ما ارتفع مطلقاً و لو یسیراً وجوه أقواها أن المراد به ما یعتد به فی العرف بالنسبة لترتیب أحکام الصلاة و أحکامه لا مجرد صدق الاسم و الماهیة لفهم المشهور و لأن المتیقن من تقیید إطلاقات الأدلة الدالة علی بیان وقوف المأموم خلف الإمام و عن یمینه و یلحق بهذا قدر البشر علی الأظهر لأن العرف یعده علواً و یعتد به و لنقل الإجماع علیه و ظهور موثقة عمار علی بعض النسخ و الأحوط أن لا یزید علی أربع أصابع مضمومة أو إصبع طولًا و یجوز الائتمام بالأسفل منه مطلقاً للروایة و الفتوی من المشهور و للإطلاقات فی الموقف إلا إذا استلزم بعداً مفرطاً فالأظهر منعه و ما دل علی وجوب تساوی الموقفین کروایة صفوان ضعیف لا یعارض ما قدمناه کضعف فتوی الشیخ بکراهة کون الإمام عالیاً لا بتحریمه استضعافاً و الدلیل الحرمة و استناداً لروایة عامیة و للإجماع و ضعف استضعافه قوی و روایته ضعیفة و إجماعه لم یثبت.

ص: 286

بحث: لا یجوز بعد الإمام عن المأموم أو عن الصف الذی عن یمینه و یساره فی وجه قوی بما یسمی بعداً کثیراً

بحیث یخرج به صاحبه عن العادة فی وقوف أهل الجمائع من أئمة و مأمومین علی الأشهر الأظهر اقتصاراً علی المتیقن من الأدلة المشتملة علی لفظ الجماعة أو علی المتیقن من إطلاقات موقف المأموم من الخلف و الیمین و الیسار لانصرافها للمعهود المتکرر یداً عن ید و لما فهمه منها المشهور فیضعف الظن بإرادة الإطلاق من حیث هو هو و لما نقل علیه الإجماع من غیر واحد من إخلال البعض الکثیر و للإجماع علی إرادة بعد خاص من إطلاقات الأدلة و لم یتنبه الشارع فوجب الرجوع به إلی العرف لأنه هو المرجع فی ذلک فظهر بذلک ضعف ما نسب جوازه الشیخ (رحمه الله) من تقدیره بثلاثمائة ذراع و کذا ما نسب إلیه من تقدیره بما یمنع من مشاهدة الإمام و الاقتداء بأفعاله لأن منطوق الأول و مفهوم الثانی یجامعان البعد الخارج عن عادة مواقف الأئمة و المأمومین الممنوع منه قطعاً فلا یجوز الأخذ بها و الاعتماد علیها و ذهب جماعة إلی تحدید البعد بما لا یتخطی للصحیح الظاهر فی إرادة ما لا یتخطی لبعده لا لحیلولته و لا لعلوه و هو محتمل لإرادة ما لا یمکن تخطیه لبعده أو لإرادة ما لا یتخطی عادة من الخطی المتعارفة للمسیر و علی کلا التقدیرین فهو محتمل لإرادة احتسابه من مسجد المصلی إلی موقف الإمام أو المأموم المتقدم أو من کان علی الیمین أو الیسار فی وجه قوی و لإرادة احتسابه من موقف المصلی إلی موقفیهما کما یشعر به قوله فی الصحیح و ینبغی أن تکون الصفوف متواصلة و تشعر به روایة أخری و حمل الروایة علی الاستحباب أقرب إلی الصواب لمعارضتها للإطلاقات الدالة علی موقف المأموم من الخلف و الیمین المعتضدة بفتوی المشهور و الموافقة لسهولة مشروعیة الجماعة و استبعاد تحدید البعد بذلک لعدم تیسره غالباً و یمکن إرجاع القول بالتحدید بما لا یتخطی بناء علی احتسابه من مسجد المصلی إلی موقف الإمام أو المأموم المتقدم أو من علی أحد الجانبین إلی القول بتحدیده بما یخرج به عن العادة کما اخترناه لقوة احتمال توافقهما فی العرف و تصادف معناهما سیما علی تفسیر ما لا یتخطی بعدم إمکان تخطیه لا ما کان لا یتخطی عادة فإن تصادقهما فی العرف قریب فی النظر و بهذا

ص: 287

کان الأحوط حینئذٍ عدم البعد بما لا یمکن تخطیه مما بین المسجد و الموقف و دونه فی الاحتیاط عدم البعد بما لا یعتاد تخطیه و دونهما احتساب المسافة من الموقف إلی الموقف علی کلا الوجهین و أحدهما أدنی من الآخر فی الاحتیاط و هذا کله مع عدم اتصال الصفوف فلو تواصلت الصفوف جاز البعد إلی ما لا منتهی إلیه بحیث کان الاقتداء ممکناً بالإمام و کذا یفتقر فی الأعلی البعد فوق ما لا یتخطی قطعاً کما أشعرت بذلک الموثقة أیضاً و الأظهر اعتصام الصف المستطیل علی ما تقدمه من الصفوف بمن علی أحد جانبیه إذا لم یکن بینه بعد یخرج به عن العادة کما تشعر به الأخبار و لو لا ذلک لما صحت صلاة الصف الأول المستطیل لأنهم فی غایة البعد عن الإمام من طرفیه الیمین و الیسار و لا قائل بذلک و لا یجب الترتیب فی لحوق الإمام بالصلاة فیجوز للصف المتأخر النیة و التکبیر قبل ما تقدمه إذا کان من تقدمه علی هیئة المصلی أو علی هیئة المعرضین للسیرة القطعیة و لزوم العسر و الحرج و لا جواز ذلک و لا یخل تخلل الممیزین فی الصفوف لمشروعیة عباداتهم و یخل بها تخلل الأطفال و المجانین و المعلوم بفساد صلاته و هل هذا الشرط فی الابتداء أو فی الاستدامة الظاهر أنه شرط فیهما فلو حصل البعد فی الأثناء قهراً و أمکن القرب مضت القدوة علی الأظهر إذا لم یستلزم فعلًا منافیاً و إن لم یمکن القرب و وجب الانفراد انفسخت القدوة مع احتمال انفساخ القدوة دفعة أمکن القرب أم لم یمکن و لو قصر المتقدمون و أتوا صلاتهم و انفردوا فإن لم یتفرقوا و بقوا علی صورة المأمومین کما إذا أرادوا صلاة أخری فلا یبعد القول بعدم انفساخ القدوة و الأقوی ما ذکرناه و إن تفرقوا انفسخت القدوة و هل هو شرط علمی أو وجودی الأظهر الثانی فلو صلی غافلًا أو جاهلًا بالموضوع لاشتباه أو نحوه فتبین أن لا جماعة فالأظهر صحة صلاته حینئذ إذا لم یفت منه شی ء من أجزائها و شرائطها عند نیة الجماعة کصلاة المسبوق بالأولیتین فی الاخفاتیة و کذا لو کانت القراءة لتنزیل الفائت منه منزلة الفائت سهو علی وجه قوی فیفتقر لذلک نعم لو فعل ما یقضی بالبطلان فی جمیع الأحوال لو لا الجماعة کزیادة الرکن لتحصیلها قوی القول بالبطلان قطعاً.

ص: 288

بحث: تسقط القراءة خلف الإمام المرضی فی الأولیتین وجوباً إذا کانت جهریة

و کان المأموم بحیث تسمع قراءته للأخبار الناهیة عنها السالمة عما یصلح للمعارضة بحیث یقوی علیها و یصرفها للکراهة کما حکم بذلک جماعة و هو ضعیف و یجب علی المأموم الإنصات أیضاً علی الأظهر للأمر به من دون معارض سوی الإجماع المنقول علی استحباب الإنصات و هو مصروف إلی غیر الفریضة و مقید بها کما دلت علیه الروایات المعتبرة و لو کان المأموم لا یسمع سوی الهمهمة فالأظهر أیضا وجوب ترک القراءة لصحیح الدال علی ذلک و لکن لا یجب الإنصات حینئذ للشک فی شمول دلیله لمثل هذه الصورة و لو قرأ المأموم بنیة القرآنیة مطلقاً لا بنیة الوظیفة فلا یبعد الجواز و الأحوط الترک و لو سمع المأموم بعض القراءة دون بعض قوی القول بوجوب ترک القراءة فی الجمیع و احتمل جوازها فیما لم یسمعه فقط و لو کان المأموم لا یسمع شیئاً من قراءة الإمام فی الجهریة و لا من همهمة استحب له القراءة بنیة الوظیفة جمعاً بین الصحاح الدال بعضها علی التخیر بین القراءة و عدمها و الآخر الأمر بالقراءة فی هذه الصورة و أقرب المحامل فی الباب إرادة الاستحباب بذلک یضعف القول بالإباحة حملًا للأوامر علیها لورودها بعد توهم الحضر لأن الحمل علی الإباحة مما یبعد فی مثل هذه المقامات المتعلقة بالعبادات و لأن استعمال الطلب فی المندوبات بلغ فی الکثرة حتی لا یعد فی المجازات و لأن التسامح فی أدلة السنن مما یقضی به و الاحتیاط أیضاً یقضی به لدفع شبهة القول بالوجوب و القول بالحرمة و الکراهة ضعیف جداً لا یلتفت إلیه و لا یعول علیه و أما المأموم فی الأولیتین من الاخفاتیة فیقوی القول بکراهة القراءة له وفاقاً للأشهر للأخبار الناهیة عن القراءة له المحمولة علی الکراهة جمعاً بینها و بین المجوزة کقوله (علیه السلام) فی الخبر: (و إن أحببت أن تقرأ فاقرأ فیما یخافت فیه) و ضعف سنده منجبر بفتوی الأشهر و فی الصحیح عن الرکعتین اللتین یصمت فیهما الإمام یقرأ فیهما بالحمد و هو إمام یقتدی به قال: (إن قرأت فلا بأس و إن سکت فلا بأس) و یحمل نفی البأس عن القراءة علی التحریم و فی غیره فیمن صلی خلف الإمام الأولی و العصر قال: (لا ینبغی أن یقرأ) و للعمومات الآمرة بالقراءة ندباً أو وجوباً أو جوازاً خرج من

ص: 289

کونه مکروهاً فیبقی الجواز و فی الکل نظر لعدم تسلیم انجبار الضعف بالأشهر ما لم یکن هو المشهور و غیر شاذ و لو سلم انجباره فلا نسلم وصوله إلی حد معارضته للصحیح من الأخبار و لإجمال الصحیح بین إرادة الأولیتین أو الأخیرتین و من إرادة التخییر للإمام أو المأموم و بین إرادة السکوت الحقیقی أو ما قابل القراءة فلا یصلح شاهداً و کذا إجمال الخبر الثانی بین الأولیتین و إجمال لا ینبغی فیه و تردیده بین الکراهة و التحریم لأن العمومات مخصوصة فالقول بالتحریم أقوی و عموم الوارد و لا یخصص بالمورد و لو لم یسمع المأموم فمن یقتدی به قراءة الإمام لصممهم أو لعارض نفسانی لا لبعد و حیلولة صفوف و شبهها أو خفت الإمام ساهیاً أو غافلًا أو مضطراً فالأحوط ترک القراءة و إن قوی القول بجوازها لإطلاق ما لم یسمع.

بحث: و أما أخیرتا المأموم مع الإمام إذا لم مسبوقاً فالأظهر الأشهر وجوب أحد الأمرین علیه القراءة و التسبیح و التسبیح أفضل

للأخبار المتکثرة الدالة علی ذلک خلافاً لابن ادریس حیث أسقطهم معاً و لا مستند له سوی الأخبار الدالة علی سقوط القراءة عن المأموم علی وجه الإطلاق و إن التسبیح بدله فإذا سقط البدل و هو ضعیف لانصراف الأخبار لما یتعین فیه القراءة من الرکعات و هی الرکعتان الأولیتان و خلافاً لبعض المتأخرین حیث حرم القراءة دون التسبیح مطلقاً لما قدمنا أو فی خصوص الجهریة و لما ورد فی الصحیح من النهی عن القراءة فی أولیتی الجهریة و الأمر بالانصات و کذا فی جزئها و فیها (و الأخیرتان تبع للأولیتین) و فی خصوص الإخفاتیة لما ورد فی الصحیح عن النهی عن القراءة خلف الإمام فی الإخفاتیة و هو شامل للأولیتین و الأخیرتین و الکل ضعیف لقرب حمل الأول علی مرجوحیة القراءة و رجحانیة التسبیح علی القراءة أو تحریمها بقرینة الأخبار المتکثرة الدالة علی ذلک مطلقاً و ظهور الثانی فی الأولیتین فی الإخفاتیة لأنه هو محط البیان فی الأخبار و السؤال و الجواب و خلافاً لمن خیر بین القراءة و التسبیح و السکوت و إن الأفضل الأول فالاول کابن حمزة و هو ضعیف لعدم المستند و ما ورد فی صحیح ابن یقطین فی الرکعتین اللتین

ص: 290

یصمت بهما الإمام یقرأ فیهما بالحمد و هو إمام یقتدی به قال: (إن تقرأ فلا بأس و إن صمت فلا بأس) محتمل لإرادة الأولیتین أو محمول علی التقیة.

بحث: تجب متابعة المأموم للإمام ما دام مأموماً عازماً علی الجماعة و الاقتداء بأفعاله

اشارة

إجماعاً منقولًا بل محصلًا و للنبوی المشهور (إنما جعل الإمام إماماً لیؤتم به فإذا رکع فارکعوا و إذا سجد فاسجدوا) و فی روایة (فإذا کبر فکبروا) و للأخبار المتضمنة لفظ القدوة و الإمامة و المأمومیة فإنها ظاهرة فی إرادة معنی زائد علی مجرد الاجتماع و هو ما کان مشتملًا علی مقتدی به و مقتدی و إمامیة و مأمومیة و اتباع و عدم مخالفة و إن یفعل لأنه فعل فی وقت فعله و إن اشترکا فی وجوب الفعل و إرادته منهما من الشارع و هذا کله ظاهر

إنما الشأن فی مقامات أخر:

أحدها: أن المتابعة هل یراد منها مجرد فعله مثل فعله

لأنه فعله سواء کانه متقدماً أو مقارناً أو متأخراً أو یراد منها ما کان کذلک بشرط أن لا یتأخر و الظاهر أن الأول مجمع علی عدم کفایته و الأدلة تنفیه أیضاً و أما الثانی فالمشهور الاکتفاء به و لم یکن علیه دلیلًا سوی ما یتخیل من صدق المتابعة و القدوة مع المعیة إذا کانت بنیة التبعیة و ما ورد فی المعتبرة من صحة صلاة من صلیا معاً فقال کل منهما کنت إماماً و ما ورد فی الصحیح عن الرجل یصلی أله أن یکبر قبل الإمام قال: (لا یکبر إلا مع الإمام) و ما ورد فی جامع الأخبار و فیه و رجل یضع رأسه مع الإمام فلو صلی صلاة واحدة و لاحظ له فی الجماعة حیث صحح الصلاة مع المعیة و الکل منظور فیه لمنع صدق المتابعة و الاقتداء مع المعیة و لتوقف صدقهما فی العرف علی التأخر أما علی وجه الحقیقة أو علی وجه الظهور من الإطلاق المنصرف إلیه اللفظ و لا أقل من الشک فیؤخذ مما تیقن من صدقهما عرفاً و فهم المشهور منها ذلک لا یکون حجة مع معارضة فهم العرف و دلالة الدلیل علی خلافه کما سیأتی إن شاء الله تعالی و لمنع دلالة ما فی المعتبرة علی صحة المعیة لاحتمال تعلق الشک فی الإمامیة و التقدم و التأخر من کل منهما و کذا ما ورد فی الصحیح لظهور إرادة البعدیة الاتصالیة من المعیة و لو مجازاً لندرة وقوع المعیة الحقیقیة فلا تناسب الحصر لأن الحصر إنما یناسبه القول الأظهر

ص: 291

و الأکثر و لا یرد علینا قوله فی آخره فإن کبر قبله أعاد لأن المفهوم حجة إذا لم یرد مورد الغالب و هنا کذلک وارد مورده لندرة الحجیة و لمنع دلالة روایة جامع الأخبار علی الجواز و غایة ما تدل علی الصحة علی أنها دلت علی صحة الصلاة و بطلان الجماعة و نحن نقول بذلک کما سیأتی إن شاء الله تعالی فهی دلیل لنا لا علینا فالأقوی حینئذ وجوب التأخیر لإجمال الجماعة و عدم جواز التمسک بإطلاقها فیجب إن یؤخذ بها القدر المتیقن و ما شک فی شرطیته شرط فیها و لظهور النبوی أیضاً بوجوب التأخر لمکان الفاء المفیدة للتعقیب و إن جاز اقتران الفاء بجزاء الشرط المقارن للفعل و بالمسبب المقارن للسبب و العلة المقارنة للمعلول کقوله (علیه السلام): (إن زالت الشمس فصلِ) لکن الظهور لا ینکر و ما ورد فی الروایات الکثیرة فیمن وقع قبل الإمام و هوی قبله لیس فیه دلالة علی جواز المقارنة و المعیة لورود السؤال مورد الغالب ورود الجواب علی طبقة فلا یصلح شاهداً علی ذلک.

ثانیها: المتابعة الواجبة لا شک فی تعلقها بالأفعال

و کذلک تکبیرة الإحرام من الأقوال لعموم الأدلة و شمول الإجماع لها و أما غیرها من الأقوال فالأظهر فیها وجوب المتابعة إذا کانت واجبة دون ما إذا کانت مندوبة لشمول کلمات الأصحاب لها لأنها أفعال فکل إجماع منقول علی عدم وجوب المتابعة یشملها و ظهور إرادة الفعل المقابل للقول فی کلام الأصحاب غیر معلوم و کذلک باقی الأدلة أیضاً یشملها حتی النبوی و قوله (علیه السلام) فیه: (فإذا رکع فارکعوا) الخ لا تعید إطلاق ما تقدم من الأدلة و قیل بعدم وجوب المتابعة استناداً للأصل و لأنه لو وجبت المتابعة لو وجب علی الإمام الجهر فیها لیتمکن المأموم من متابعته و هو منتف بالإجماع و تکلیف المأموم تأخیر الأقوال إلی أن یعلم وقوعها من الإمام بعید و ربما کان مفوتاً للقدوة و فی الکل نظر لانقطاع الأصل بالإجمال و الدلیل و لمنع الملازمة بین الوجوبین کما فی تکبیرة الإحرام فإنه یجب فیها المتابعة وفاقاً و لا یجب الجهر و کذلک الأفعال و لا یجب التنبیه من الإمام علی فعلها و لمنع تکلیف المأموم بحصول العلم لاستلزامه فوات القدوة غالباً بل

ص: 292

یکفی الظن بالفعل منه دفعاً للضرورة و عدم إمکان العلم غالباً بفعله أصلًا و رأساً فضلًا عن تأخره و تقدمه و السیرة أیضاً شاهدة بکفایة الظن و روایة ابن فضال فیمن رکع یظن أن الإمام قد رکع تشیر إلی الجواز العمل بالظن بالأفعال فضلًا عن الأقوال و یجزی فی المتابعة فی الأقوال أن یوقع حرفاً بعد حرف و لا یجب إیقاع کلمة بعد کلمة و الأحوط فی تکبیرة الإحرام إیقاع تکبیرة المأموم بعد الفراغ من تکبیرة الإمام مکملًا لأن تحلیلها التکبیر.

ثالثها: المتابعة کما قضت بعدم جواز التقدم و وجوب التأخر کذلک قضت بعدم جواز التأخر عنه بمجموع ما تلبس به الإمام من الأرکان

واحد کان الرکن أو متعدداً أو کلما زاد زاد التأخر عنه ازداد الإشکال علیه من جهة وجوب المتابعة و دل علی ذلک الأخبار الواردة فی جواز قطع القراءة للحوق الإمام و جواز ترک السورة و إجمال الجماعة القاضی بالاحتیاط فی الکیفیة المتلقاة من الشارع یقضی به أیضاً و الظاهر لأنه متفق علیه فی الجملة و هذا الوجوب کله فی حالة العمد و أما فی حالة السهو فالأظهر عدم انفساخ القدوة و إن تأخر المأموم عن الإمام بأکثر من رکن کما دلت علیه صحیحة عبد الرحمن فیمن منعه زحام الجمعة عن اللحوق إذ لا قائل بالفرق بین أقسام الاضطرار و بین کثرة الأرکان و قلتها و علی کل حال فالمتأخر عن الإمام برکن أو رکنین من غیر عمل یجوز له تلافی ذلک لنفسه و لحوق الإمام فی فعله المتلبس به و أما المتأخر عنه برکعة أو رکعتین أو ثلاث حیث یمکن ذلک مع عدم الخلل بنظم الصلاة فهل له فعلها لنفسه و اللحوق به و لا تنفسخ القدوة أو أنه یجعل أول ما فاته تابعاً لما أدرکه من رکعات الإمام فیکون کالمسبوق وجهان و الأقرب الثانی و الأحوط نیة الانفراد لقوة احتمال انفساخ القدوة حینئذ.

رابعها: الإخلال سهواً أو اضطراراً لا یبطل الصلاة

و لا تخل بالقدوة و لا تنفسخ به الجماعة إلا فی تکبیرة الإحرام للأخبار المشعرة بذلک و فیها الصحیح و الموثق الوارد فیمن رکع قبل أن یرکع الامام و فیمن رفع رأسه من السجود قبل أن یسجد الإمام و فیمن رفع من الرکوع قبل أن یرفع الإمام الأفعال و الأقوال ممن یعتد به و تنقیح المناط

ص: 293

قطعی فیها نعم یجب علی المأموم الرجوع إلی فعل الإمام إن أمکنه قبل فراغ الإمام تحصیلًا للمتابعة رکناً کان الفعل أو غیره سجوداً کان أو رکوعاً للأخبار الآمرة بالرجوع لمن رفع رأسه من السجود قبل الإمام و لمن رفع رأسه من الرکوع قبله و لمن هوی للرکوع قبل الإمام ظناً منه وقوع رکوع الإمام و لا قائل بالفرق بین هذه و بین غیرها ممن یعتد به و تنقیح قطعی فیها أیضاً أن یقدم المأموم علی الإمام فی الهوی و الرفع و شبهها و إن تقدمه بالرکن تماماً کأن رکع و رفع قبل أن رکوع الإمام إلا أنه رفع فقط بعد أن رکع الإمام أو هوی إلی الرکوع و السجود فقط فذکر فی أثنائه إن الإمام لم یدخل فیهما فإنه فی هذه الصورة یشکل الحال و الأحوط فیهما نیة الانفراد لاحتمال زیادة الرکن لو تابع الإمام و احتمال انفساخ القدوة إن لم یتابعه و یبقی منتظراً لفراغه من الرکن و من ذلک ما لو تقدم سهواً برکنین أو رکعة تامة أو رکعتین فهل ینتظر إلی أن یصل الإمام إلی محله فیقتدی به و لا تنفسخ القدوة أو یجعل آخر صلاته مع أول صلاة الإمام فیکون الإمام حینئذ مسبوقاً و لا تنفسخ القدوة أیضاً و یکفی ما فعله قضاء لحق المتابعة وجوه و الأحوط فیها نیة الانفراد و إن قوی القول باحتساب ما تقدم من صلاته و إیصال ما بقی منها بما تلبس به الإمکان.

خامسها: لو لم یرجع فی صورة وجوب الرجوع فالظاهر صحة صلاته

لتعلق الأمر بالرجوع و النهی عن عدمه بأمر خارج فی العبادة غیر متحد معها و هو وجوب المتابعة و لا تنفسخ القدوة استصحاباً لحکمها و عدم ظهور أن عدم اللحوق فاسخ لها و لکن الأحوط الانفراد و لشبهة إن الإخلال بالمتابعة مما یفسد القدوة.

سادسها: من أخل بالمتابعة عمداً مع عزمه علی الجماعة و المأمومیة

فیقدم علی الإمام رکن أو غیره تعدد أو اتحد فهل تفسد صلاته لتعلق النهی بها و اتحاد المنهی عنه بطبیعة المأمور به فیکون واجباً وجوباً شرطیاً تابعاً للأمر بها المستلزم لفسادها لامتناع اجتماع الأمر و النهی فی شی ء واحد أم لا تفسد لمنع اتحاد المنهی عنه بالمأمور به لکن المنهی عنه أمراً خارجاً و عدم تسلیم کون الفرد الواحد من الطبیعتین معاً کی یتحتم القول بالفساد و الأمر بالرجوع فی الروایات المشعرة بصحة الصلاة أو القدوة الشاملة

ص: 294

لصورة العمد و السهو و لئن خصصناها بالسجود فالاستناد حینئذ لروایة غیاث فإنها لا تخلو من اشعار بصحة الصلاة و مع ذلک فالحکم بأن الإخلال بالمتابعة أمر خارجی منهی عنه غیر متحد بأفعال الصلاة مشکل فالأقوی الفساد و إن خالف المشهور و علی تقدیر الصحة فهل تنفسخ القدوة و الجماعة أم لا یبعد عدم انفساخها استصحاباً لانعقادها إلا إذا تقدم المأموم عمداً بأفعال کثیرة کرکعة تامة أو رکعتین فإن الأظهر انفساخ القدوة حینئذ لعدم تحصیل صدق الاقتداء عرفاً.

سابعها: لا یجوز للعامد إذا سبق فی الأرکان الرجوع إلی الإمام

بل یجب علیه الانتظار إلی أن یلحقه الإمام فلو رجعت بطلت صلاته لزیادة الرکن منه و یدل علی ذلک روایة غیاث الناهیة عن رجوع المأموم إذا رفع رأسه قبل الإمام و هی و إن کانت شاملة لحالتی العمد و السهو إلا أن فتوی المشهور بالفرق إذا انضمت إلی الأخبار الآمرة بالرجوع مطلقاً تکون قرینة علی إرادة العمد منها و لأن زیادة الفعل مطلقاً بل الرکن فی العمد أسوأ من زیادته فی السهو و هذا الجمع أحسن من حمل الأخبار الدالة علی الرجوع علی الاستحباب لقلة من احتمله من الأصحاب و أولی من القول بوجوب الرجوع فی حالة العمد أیضاً تقدیماً للأخبار الآمرة بالرجوع بإطلاقها علی روایة غیاث و الظاهر من الروایات الآمرة بالرجوع ورودها مورد السهو لقلة وقوع العمد یومئذ و السؤال عنه و تقریر الإمام (علیه السلام) فی الجواب و عدم الانکار علیهم من جهة المعصیة لعدم المتابعة ظاهر فی وقوع التقدم فیها سهواً لکن لیس فی روایة غیاث ما یدل علی صحة الصلاة أو بطلانها و لا صحة القدوة و انفساخها و إن کانت لا تخلو من اشعار بصحة الصلاة لعدم التعرض للبطلان سؤالًا و جواباً.

بحث: من تقدم علی الإمام بتکبیرة الإحرام عمداً

فلا جماعة له و تصح صلاته علی الأظهر و إن تقدم ناسیاً فکذلک و یجب علیه الاستمرار علی صلاته منفرداً و من کبر مطمئناً باللحوق و الإمام غیر راکع فلم یلحق الإمام لزحام أو لسهو و شبهها أتی بما سبقه به الإمام و لحقه و إن کان الإمام راکعاً فسبق المأموم برفع رأسه فلا یجوز له ذلک

ص: 295

لانکشاف عدم صحة القدوة بنفس هذه الرکعة لعدم إمکان اللحوق بالإمام بها و یقوی هناک وجوه:

أحدها: الانتظار قائماً فیدخل معه فی الرکعة المستقبلة إن ابقیت له لبقاء القدوة فی أصل الصلاة. ثانیها: أن ینفرد و یعمل عمل المنفرد بصلاته. ثالثها: أن یعدل بصلاته إلی النافلة مع نیة الانفراد. رابعها: أن یقطع صلاته و یجددها بعد العدول إلی الفعل أو مطلقاً لانفساخ القدوة فی الأولی فکذا فی غیرها. خامسها: التخیر بین جمیع هذه الصور لدخول کل صورة تحت ضابطة شرعیة.

بحث: لا یجب علی الإمام نیة الإمامة إلا مع وجوبها بوجوب الجماعة

و یجب علی المأموم نیة الائتمام و یجب تعین الإمام فلا یجوز الاقتداء بهم و لا مردد و یجوز الاقتداء باثنین دفعة واحدة و لا یجوز العدول من إمام إلی آخر بصلاة واحدة کل ذلک اقتصاراً علی المعهود فی توقیفیة العبادة المخترعة و یکفی فی تعین الإمام الاسم و الصفة و منها کونه هذا المصلی و هذا الحاضر بعد إحراز عدالته و إن لم یعرفه أو تردد بین کونه أو الشخصین المحتملین و لو نوی هذا الحاضر بزعم أنه زید فبان عمر فلا بأس تغلیباً لجانب الاشارة و لو نوی أنه زید و لم یلتفت لحضوره فی النیة و لا أخذه عنواناً فظهر أنه عمرو الأحوط الإعادة و لو صلی اثنان فنوی کل منهما الإمامیة صحت صلاتهما و لو نوی کل منهما المأمومیة فلا یبعد الصحة لأن فساد الجماعة لا یقضی بفساد الصلاة و ترک القراءة لعذر لا بأس به و إخبار کل منهما بالائتمام بالآخر یتضمن الاقرار علی الغیر فلا یقبل فی صورة إخبارهما دون علم کل منهما بالمأمومیة لأن الأصل الصحة صلاة کل منهما لکن فی الروایة المعمول بها بین الأصحاب الحکم بالفساد و إعادة صلاتیهما معاً فلا یتخطی عن ذلک فیلحق بها صورة العلم بطریق أولی و لو شکا أعنی هذین المصلین فیما أضمراه بأثناء الصلاة وجب علیهما الانفراد و الإتیان بالقراءة إن کان محلها باقیاً فإن تجاوز محلها فلا شی ء علیهما و کذا لو شکا بعد الفراغ من الصلاة لرجوعه للشک بعد الفراغ من العمل و هذا هو الأقوی و الأحوط الإعادة مع العلم بترک القراءة کما اختاره بعض أصحابنا.

ص: 296

بحث: لا یجوز تقدیم المأموم علی الإمام الی نحو القبلة بما یسمی تقدماً عرفاً

کأن تقدم بمقادیمه کلها أو جلها للإجماع المنقول و للاقتصار علی الهیئة المعهودة عند الشک فی کیفیة العبادة و للأخبار الآمرة بوقوف المأموم عن الیمین أو الخلف الظاهرة بالمنع من التقدم و أما التساوی بالموقف فالأظهر جوازه أیضاً لظاهر إطلاق أخبار الیمین و شبهها و للإجماع المنقول و لعدم منافاة الاقتداء للمساواة بخلاف التقدیم و لا یتفاوت الحال بین تعدد المأموم و اتحاده و إن کان الأحوط تقدم الإمام قلیلا خروجاً من خلاف ابن ادریس و سیما فی المتعدد خروجاً من خلاف بعض المتأخرین لإطلاق الأخبار الآمرة بالوقوف خلف الإمام فی حالة التعدد المحمولة عندنا علی الاستحباب وفاقاً للمشهور و الأحوط عدم تقدم المأموم علی الإمام فی المناکب و إن تأخر عنه فی غیرها و عدم تقدمه فی الأعقاب و إن تأخر عنه فی غیرها و أحوط منه عدم تقدم المأموم بجزء من أجزاء بدنه صدراً و بطناً أو أصابعاً للرجلین فی جمیع الأحوال من قیام و قعود و رکوع و سجود و الأظهر جواز استدارة المأمومین علی الکعبة إذا تقدمهم الإمام إلیهم و لو فی الجملة عملًا بالإجماع المنقول و إن کان الأحوط أن یجری وقوفهم علی المعتاد خلف الإمام أو الجانبین و الأقوی جواز اقتداء المجتهدین المختلفین فی القبلة و المصلین فی الکعبة بعضهم ببعض و إن قابل وجه أحدهم الآخر أو استدبر أحدهم الآخر و لا بد من قرب الإمام إلی القبلة التی فی نظر المأموم عند الاختلاف و هذا الشرط و ما قبله وجودیان لا علمیان بالنسبة إلی الجماعة فتنفسخ الجماعة مع فقدها لا بالنسبة إلی الصلاة فإن الصلاة صحیحة حالة العمد و السهو إذا ترک شیئاً من واجبات الصلاة بل مطلقاً و هما کذلک فی الابتداء و الاستدامة فلو تقدم المأموم سهواً فی الأثناء أو غاب الإمام أو أبهم فی الأثناء بطلت الجماعة.

بحث: العراة لهم أن یصلوا جماعة جلوساً مطلقاً علی الأقوی

سواء أمنوا المطلع أم لا للأخبار الآمرة بذلک خلافاً لبعض أصحابنا حیث أوجبوا القیام عند أمن المطلع و یجب علیهم الإیماء مطلقاً للأخبار الآمرة به أیضاً خلافاً للشیخ (رحمه الله) فأوجب علی المأمومین الرکوع و السجود علی وجوههم للموثقة الآمرة بذلک و الأول أقوی لاعتضاد

ص: 297

أخبار الإیماء بفتوی المشهور و الإجماع المنقول و ینبغی أن یجلس الإمام معهم فی صف واحد و یتقدمهم برکبتیه و لا یتقدمهم کثیراً.

بحث: یشترط فی الجماعة توافق نظم الصلاتین فی الأفعال

لأنه المعهود منها و لا یشترط توافق عددیهما و لا وصفیهما و لا نوعیهما و لا صنفیهما للأخبار و فتوی الأصحاب فلا یجوز الاقتداء بیومیة مع صلاة الآیات أو الجنازة أو العیدین أو آیتین أو قضائیتین أو مختلفتین قصریتین أو تمامیتین أو مختلفتین عدداً أو مختلفتین نفلین کالمعادتین و کصلاة الصبی أو فرضین أو مختلفتین کمن صلی فرادی فأعادها جماعة إماماً أو مأموماً للأخبار و فتوی بعض الأخیار لکن الأحوط الترک لانصراف الأخبار لمن صلی منفرداً ثمّ أن المعید إنما یکون فرضه الصلاة الأولی و الثانیة و یحتمل له أن یجعل الأولی نفلًا و ینوی فی الثانیة الفرض فینکشف أن الأولی نفل و یحتمل أن له نیة الفرض فیهما معاً و یختار الله أحبهما و کلاهما بعید و إن أشعرت به بعض الروایات و أفتی به بعض الأصحاب و لو صلی اثنان فرادی فلا یبعد صحة إعادتهما جماعة بأن یکون أحدهما إماماً و الآخر مأموماً و الأولی ترکه و کذا الأولی تخصیص الإعادة فی الوقت کما هو مورد النص و الفتوی فلا یسری لمن صلی منفرداً قضاء و أراد أن یعیدها جماعة کذلک مع کون المأمومین مؤدین أو قاضین أو صلی منفرداً أداء و وجد من یرید أن یقضی من المأمومین و کذا اختصاصه بمتساوی الصف من الفریضة فلا یصلی من صلی الظهر منفرداً مع من یصلی العصر مجتمعاً أو بمن یصلی کذلک و کذا الأولی أن یصلی فریضة أصلیة مع فریضة منذورة و الأحوط أن لا یصلی فریضة مع نافلة أصلیة شرعت فیها الجماعة کصلاة الاستسقاء مثلًا و یکون ائتمام الحاضر بالمسافر و کذا العکس و الأول أشد کراهة و القول بالحرمة فیها ضعیف جداً مخالف للأخبار و فتوی الأصحاب و یمکن تنزیل قوله علی الکراهة و یجوز للمسافر إذا قام الإمام الحاضر التسلیم عن الاثنین قبل التسلیم و یجوز له الانتظار إلی فراغه فیسلم معه و الأحوط ترکه و یجوز للحاضر القیام عن الإمام المسافر قبل التسلیم و یجوز الانتظار إلی أن یفرغ المأموم و یسلم معه و الأحوط ترکه و الأحوط للمسافر البقاء فی مکانه إلی أن یفرغ المأموم من صلاته

ص: 298

التمامیة تغضیاً من خلاف المرتضی و الأولی انتظار الإمام لکل مسبوق من المأمومین للأخبار و لا یبعد جواز الاقتداء بالرکعتین الأخیرتین للمسافر بنیة أنها نافلة کما تشعر به بعض الأخبار و الأحوط الترک و الأحوط أن لا ینتفل المأموم بعد قول المقیم قد قامت الصلاة و الأحوط للنساء أن لا تقف بمحاذاة الإمام بل تتأخر عنه و لو قلیلًا و الأولی أن یکون بشبر و أولی منه بعظم ذراع أو یکون رأسها محاذیاً رکبتیه و أولی منه قدر ما یتخطی و کذا لا تساوی الرجل فی الصلاة أما ما کان أو غیره للأخیار الناهیة عن ذلک إلا مع التقدم بعشرة أذرع عن موقف الرجل إلی موقفها أو مع الحائل أو کون أحدهما أعلی من الآخر علواً تسمیناً قدر قامة فما فوق و للجماعة مکروهات و مستحبات ذکرها أهل المطولات.

بحث: الإمامة فی الجماعة منصب من المناصب یشبه منصب الإمامة

لضمانة قراءة من خلفه و لإیمانه علی صلاتهم و لوجوب اتباعه فی صلاتهم و الاقتداء به فی أفعالهم و الرکون إلیه فی تقدمه علیهم و عکوفهم علیه و انجذاب قلوبهم إلیه فیشترط الاقتداء به شرائط منها وجودیة و منها علمیة و منها شرائط صحة و منها شرائط کمال و کما هو شرط الاقتداء فهل یجب علی الإمام إذا لم یکن متصفاً به عدم التعرض للإمامة و الانتصاب لها و یحرم علیه التعرض لذلک أو لا یجب بل یباح له التعرض قیل بل یستحب وجهان أقواهما حرمة التعرض لذلک و الانتصاب لها مع فقد شرائطها نعم لو لم یتعرض نحاه من یأتم به لم یجب علیه منعه و الفرار منه و یدل علی حرمة التعرض لذلک ظواهر الصحاح الناهیة عن إمامة الناس لخمس أو غیرها مما لا یخلو من اشتمال علی الإغراء بالجهل.

بحث: یشترط فی الإمامة البلوغ للبالغین و غیرهم

لأنها ائتمان و ضمان و منصب و لا قابلیة لغیر البالغ و للإجماع المنقول و الخبر المؤید بفتوی المشهور و لا یؤم حتی یحتلم فإن أم جازت صلاته و فسدت صلاة من خلفه و ما ورد فی بعض الأخبار من جواز إمامة الصبی إذا بلغ عشر أو إذا لم یبلغ الحلم مطرح أو مؤول بإرادة التقدم علیهم فی الصف لاقتدائهم به و لا یبعد جواز ائتمام الصبیان به للعمومات و ضعف المانع إن لم

ص: 299

یقم إجماع علی العدم و یشترط العقل حین الائتمام إجماعاً و لو کان جنونه أدواریاً لا تعرف ساعة إفاقته فالأحوط الائتمام به و یشترط الإسلام و الإیمان و هو الاعتقاد بالاثنی عشر إماماً لان غیر المعتقد فاسق و ظالم فلا یرکن إلیه و لا یقتدی به و لما ورد فی الأخبار المعتبرة (لا تصلّ إلا خلف من تثق بدینه) و ورد أن المخالفین بمنزلة الجور و ورد (من أحب و لا یتبرأ من عدوه أنه مخلط و عدو لا تصلّ خلفه و لا کرامة) إلی غیر ذلک و یشترط طهارة المولد شرعاً فلا تصلح إمامة ولد الزنا و لو لمثله للأخبار المعتبرة و الإجماع المنقول و فتوی الأصحاب و لا یدخل فیه ولد الزنا من الطرفین بل و من طرف واحد للحوقه به و لا ولد الحیض علی إشکال و لا مجهول النسب کاللقیط و یشترط سلامته من الجذام و البرص و التعرب بعد الهجرة و الحد الشرعی للأخبار المعتبرة الناهیة الظاهرة فی الحرمة إما لظهور النهی فیها و إما لاشتمالها علی ما یحرم اتفاقاً فیلزم من حملها علی غیر الحرمة أما استعمال اللفظی حقیقة و مجاز و هو غیر جائز أو فی عموم المجاز و هو بعید و للإجماعات المنقولة فی جمیعها و لمنافاتها لمنصب الإمامة سیما لو کان من علیه الحد لم تحصل منه التوبة و کذا لو کان المتعرب بعد الهجرة عاصٍ بتعربه أو لا یحسن الوظائف الشرعیة حینئذ فإنهما فاسقان لا تجوز إمامتهما لفسقهما و لکن القول بالکراهة فی هذه الأربعة مما لا یدخل أحدهم فی وصف الفاسق قوی للأخبار الواردة فی جواز الائتمام بالمجذوم و الأبرص و إن المؤمن یبتلی بشی ء منهما المجبورة بالعمومات و الإطلاقات الواردة فی الأخبار الواردة فی الإمام فالجمع یقضی بحمل الناهیة علی الکراهة و کذا المحدود إذا حصلت منه التوبة و المتعرب إذا کان تعربه لعذر شرعی و لم یعصِ بترک المهاجرة و کان عارفاً بالأحکام ممیزاً بین الحلال و الحرام فإن إمامته تدخل فی إطلاقات أخبار الإمام جوازاً و لا معارض لها سوی الأخبار الناهیة الظاهرة فی إرادة الکراهة الشاملة للحرمة فیمن فسق منهما لا مطلقاً کما تشعر به أخبار التعرب بعد الهجرة من الکبائر فیمن یفسق و للأخبار الدالة علی جواز الائتمام بمن تثق بدینه و للمشهور بین الأصحاب فیکون ذلک قرینة علی عموم المجاز و لا تفاوت الحال حرمة و کراهة بین ائتمامهم بمن ماثلهم أو بمن لم یماثلهم

ص: 300

علی الأظهر و یشترط فیه العدالة للإجماع و الأخبار المتکثرة و فیها الصحیح رجل یقارف الذنوب و هو عارف بهذا الأمر أصلی خلفه قال: (لا) و غیر ذلک و لقوله تعالی: (وَ لٰا تَرْکَنُوا إِلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا) و الاقتداء و کون الفاسق لیس أهلًا للأمانة و الاعتماد و العدالة ملکة تبعث علی ملازمة التقوی و المروءة و التقوی هی اجتناب الکبائر و عدم الإصرار علی الصغائر و طریقها أخبار العدل أو الشیاع أو التواتر و الأخبار المفیدة للعلم أو الظن بحصولها أو حسن الظاهر المنبئ عنها علی الأظهر لدفع العسر و الحرج و المشقة و لظهور الاکتفاء به فی کثیر من الأخبار و من لازم التقوی و المروءة اتفاقاً إلا الملکة فلا یبعد جواز الائتمام به و الأحوط ترکه و یراد بالإصرار المداومة علی المعصیة من دون تخلل استغفار أو العزم علی المعاودة إلیها و لو فعلها مرة أو کثرتها و لو مع الاستغفار بحیث کان الاستغفار له عنده اعتبار و الکبائر و منافیات المروءة یکفی فعلها مرة فی الإخلال بها و یحتاج إلی اختبار جدید فی عود تلک الملکة إن قلنا بزوالها و فی رجوع أثرها إن قلنا بزواله دونها و یراد بالکبائر ما توعد الله سبحانه علی فاعلها لعقاب علیها أو ما کانت کبیرة بنظر أهل الشرع و یعرف بممارسة أهل الشرع و ما نصوا علیها فی الأخبار عن الأئمة الأطهار (علیهم السلام) و یراد منافیات المروءة ما انبثت عن خساسة النفس و دناءة الهمة و قلة المبالاة فی الدین و لا یبعد القول بأن منافیات المروءة إن عادت علی نقض التقوی أخلت بالعدالة و إلا فلا و ذلک کما یقع من الأتقیاء مما یؤذن بدناءة الهمة و خسة النفس و البخل و عدم المبالاة و لا ینافی تقواهم فتأمل. و یشترط ذکوریة الإمام إن أم ذکوراً أو خنثی مشکل لاحتمال ذکوریته فلا یجوز اقتداء الرجال بالنساء و لا الخناثی بالنساء لاحتمال ذکوریة الإمام للإجماع و الأخبار و أما إمامة المرأة لمثلها فی النافلة التی تجوز فیها الجماعة فلا خلاف فیه فتوی و روایة و کذا فی صلاة الجنازة للفتوی و الروایة و أما الفرائض الیومیة و السببیة فقولان أظهرهما الجواز لعمومات الأدلة و إطلاقاتها بالنسبة إلی الإمام و المأموم و لخصوص بعضها و للإجماع المنقول و لفتوی المشهور و لخصوص الأخبار المجوزة لإقامتها الظاهرة فی الفریضة خلافاً للمرتضی فمنع من إمامتها فی الفرائض و تدل علیه ایضا الأخبار الصحاح لکنها لعدم

ص: 301

مقاومتها لما ذکرناه محمولة علی الکراهة أو علی أن المراد بالمکتوبة هی الجماعة المکتوبة لا أصالة المکتوبة أو محمولة علی التقیة لأنه مذهب الأکثر کما نقل و لاشتمالها علی جواز الاقتداء بالنافلة مطلقاً و لا یقول به أصحابنا.

بحث: یجوز ائتمام المخالفین فی المسائل الظنیة فروعاً و اصولا بعضهم ببعض

فیأتم الاصولی بالاخباری إذا لم یکن مقصرا أحدهما فی النظر فلو کان مقصرا کجهلاء الاخباریة الذین ینعقون خلف کل ناعق علی غیر بصیرة و لا یحفظون سوی لفظ و المظنة فانهم فسقة لا یجوز الاقتداء بهم و کذا لا یجوز الاقتداء بمن یخالف المقتدی المسألة الفرعنة اجتهاداً أو تقلیداً سواء أتی بالعمل أو تأتی به علی الأظهر فیأثم من یوجب جلسة الاستراحة بمن لم یوجبها أتی بها أم لا فیما یتعلق بالقراءة إذا لم یأت بها الإمام کمن یری استحباب السورة و لا یأتی بها فإنه یشکل الاقتداء به لضمانه قراءة من خلفه مع احتمال جواز الاقتداء به و الإتیان بالقراءة لنفسه و ظن کل من المتخالفین بفساد صلاة الآخر لا یمنع من الاقتداء به للحکم بصحتها بالنسبة إلیه و إجراء حکم الصحة علیها لأن کل مجتهد مکلف بظنه و عمله صحیح بالنسبة إلیه نعم مع القطع بالفساد لا یجوز الاقتداء علی الأظهر و من خالف قطعیاً أصولیاً لشبهة لا بأس بالاقتداء به لمعذوریة کمن حرز السهو علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و شبه ذلک.

بحث: لا یجوز أن یؤم القاعد القائم

للمشهور المستفیض عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (لا یؤمن أحد بعدی جالساً) و للإجماع المنقول و فتوی الأصحاب و الأقوی إلحاق جمیع المراتب فیه تنقیحاً للمناط و المقوی لا یؤمن المقید المطلقین و لا صاحب الفالج للأحیاء و الظاهر أنه لفقد الاستقرار بل یقوی إلحاق کل ناقص و کامل به فلا یؤم الناقص الکامل من جهة أفعال الصلاة الاختیاریة و الاضطراریة و یجوز اقتداء المتساویین بعض ببعضهم فیؤم الجالس الجالس و المضطجع المضطجع و یدل علی ذلک صلاة العراة جلوساً و العمومات أیضاً تقضی بالصحة و لا یؤم الموف اللسان السلیم کالأخرس و الألثغ و هو لا یبین الکلام التام و الفاء فاء و هو لا یحسن تأدیة

ص: 302

الحرفین أو هو الذی یتعثر بکلامه فلا یستطیع الإتیان به علی حدة أو هو ما یکرر الحرف لتحصیل حرف آخر و لا یبعد الجواز علی هذا التفسیر لإتیانه بالحروف تامة و اغتفار الزیادة له کل ذلک للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و لأن الإمام ضامن لقراءة من خلفه و لفحوی منع ائتمام الناقص بالکامل المفهوم من الروایات سوی اللحن فعن بعض أصحابنا إجازة الاقتداء المتقن باللاحن مطلقاً أو إذا لم یغیر المعنی و هو ضعیف و یجوز أن یؤم المساوی للمساوی فی جمیع هذه المراتب و لا یؤم الامر للقارئ و الامر و الامر من لا یحسن القراءة لعدم کثرة مخالطة أهل اللسان کالعجم و العبید و غیرهم للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و یجوز أن یومی الأمی مثله إذا تساویا فی قدر ما لا یحسناه عدداً أو وصفاً و مکاناً و إن تقاوما و زاد الإمام لم یجز الائتمام و لو تفاوتا و تأخر ما أجهله الإمام عما جهله المأموم فلا یبعد جواز الائتمام به إلی أن یصل إلیه فیفرد و أما ائتمام المنکسی بالعاری إذا صلی قائمین مومئین أو جالسین لأحد العوارض فلا بأس به من حیث العری و الکسوة و کذا ائتمام المتوضئ بالمتیمم و الرافع للحدث بالمبیح أو جامع للشرائط بفاقد بعضها لأن الکمال و النقصان بالنسبة إلی الأجزاء و لیس القصر من النواقض فی الشرع بل هو من الأحکام الأولیة.

بحث: یقوم إمام الأصل فیقدم صاحب الإمارة من الإمام الأصلی

و إلا فیقدم صاحب المنزل مالکاً کان للعین أو المنفعة او مستعیراً و إلا فیقدم الراتب للمسجد وفاقاً للمشهور بین الأصحاب و إلا فالهاشمی و تقدمهم یستحب لأنفسهم و یستحب لغیرهم تقدیمهم و ینبغی أن لا یتقدم علیهم غیرهم و إذا تشاحوا قدم المأمون اولئک علی غیرهم و الأظهر عدم حرمة التقدم علیهم مع المشاحة و عدم استئذانهم و عدم الاعتداد بمنعهم سوی إمام الأصل فإنه محرمة مشاحته و مزاحمته و مع أمره فالأمر إلیه و لو أذن صاحب الإمارة و من بعده جاز التقدم علیهم لأن حقهم من الحقوق الأدبیة لا من الفضائل الذاتیة و کذا لو تأخر أحدهم حتی ضاق وقت الفضیلة سقط حقه کما یظهر من کثیر من الأخبار و لو تشاح الأئمة علی وجه لا یؤدی بهم إلی الفسق قدم من یختاره المأمون فإن تشاح المأمون قدم الإقراء و هو الأجود قراءة و إتقاناً لمخارج الحروف و الأعرف

ص: 303

بعلم القراءة فالأفقه فالأقدم هجرة و هو الآن من سبق إلی طلب العلم و سکن الأمصار لمعرفة دینه فالأسن فالأصح و یحتمل ترجیح الأفقه علی جمیع هذه المراتب لأنه لا یستوی الذین یعلمون و الذین لا یعلمون و لشدة الوثوق بصحة صلاته و الوثوق بعلاج العوارض من شک و سهو و غیر ذلک و یحتمل تقدیم الأفقه عدل الأورع فی جمیع هذه المراتب لزیادة الوثوق به و یحتمل تأخیره عن الأفقه و یحتمل تساویهما و لکن المشهور علی ما ذکرناه أولًا و الأقوی فی النظر تقدیم الأفقه حتی ادعی بعضهم حرمة التقدم علیه تمسکاً بالعقل و النقل کتاباً و سنةً.

بحث: لو مات الإمام استناب انا المأمومون بدله من یتقدمهم فی الصلاة من المأمومین المؤتمین بذلک الإمام

للأخبار و الإجماع و یلحق بذلک غیر الموت من العوارض علی الأقوی من جنون أو إغماء أو فسق فی الأثناء أو حدث أو مرض و لم یقدم هو أحد فإن للمأمومین أن یقدموا من یأمره تنقیحاً للمناط وفاقاً للمشهور و هذه الاستنابة علی سبیل الاستحباب لا الفرض و لا الایجاب لجواز انفراد المأموم اختیاراً فجوازه اضطراراً أولی و للإجماع المنقول و لإشعار روایة زرارة فیه فما ورد فی صحیحة علی بن جعفر من قوله: (لا صلاة لهم إلا بإمام) محمول علی المبالغة فی تأکد الاستحباب و هل یجوز أن یقدموا غیر أحد من المأمومین کأن یقدموا منفرداً متلبساً أو مبتدئا أو مأموماً بإمام آخر لا یبعد ذلک و الأحوط الترک و هل لهم أن یعدلوا إلی إمام قریب إلیهم یمکن لهم به الاقتداء أولا لا یبعد الأول و الأحوط الترک.

بحث: للإمام أن یقدم أحد من المأمومین بعد تلبسه و تلبسهم بالصلاة فیما إذا صلی ناسیاً للطهارة

أو أحدث فی الأثناء أو أصابه غمز فی بطنه بحیث لا یتحمل و یجوز اقتداء المأمومین به و إن لم یعلموا بوثاقته علی الأظهر أخذاً بإطلاق الأخبار و ربما کان فی ذلک إشعار بقبول تزکیة العدل الواحد و تصح صلاة المأمومین علموا بالاستنابة من الإمام أم لم یعلموا علی الأظهر أخذاً بإطلاق الأخبار و یلحق بما ذکرنا ناسی کل شرط واقعی و یلحق بالعوارض المذکورة کل عارض یعرض للإمام علی الأقوی تنقیحاً للمناط و وفاقاً للمشهور.

ص: 304

بحث: لا یجوز الاستنابة اختیاراً إلا لعارض

سواء نوی الإمام أم لم ینوِ فلا یجوز أن یعود الإمام مأموماً و المأموم إماماً و لا یجوز للمأمومین أن یعدلوا من إمام إلی آخر و لا أن یعدلوا إلی مأموم متلبس بالمأمومیة أو بعد انفراده و لا إلی منفرد و أجاز بعضهم العدول إلی إمام آخر و لا یجوز الائتمام بمأموم نعم للمسبوق إن یأتم بمسبوق مثله عند فراغ الإمام و إما بإمام آخر أو بمنفرد من الأول فالأظهر العدم و للإمام أن یقدم للمسبوقین من یأتمون به إلحاقاً له بالإمام المصلی قصراً.

بحث: یظهر من بعض الأخبار و کلام الأصحاب جواز تقدیم المأمومین لشخص خارج عنهم لم یکن مصلیاً

و ظاهر الأخبار أنه یصلی بهم سواء صلی قبل ذلک أم لا و سواء کانت صلاة علی حد الصلاة أم لا فحینئذ له أن یصلی بهم ما بقی علیهم و لو رکعة واحدة و ینتهی بانتهائهم و یبتدأ من حیث قطع الإمام و هذا حکم غریب من جهة الانتهاء لاستلزامه صیرورة الصلاة رکعة أو ثلاث أو أقل من رکعة و لا قائل به فالأوجه الأخذ بما هو الظاهر من کلام الأصحاب من الاقتداء بمصلی خارج عن المأمومین لکنه علی نحو الصلاة المعهودة و مع ذلک فالأحوط ترک ذلک کما ذکرنا و یکره الائتمام بالمسبوق للروایة الناهیة المحمولة علی الکراهة جمعاً بینها و بین ما دل علی الجواز.

بحث: تصح صلاة الأغلف و إن بقی بلا عذر

لعدم اشتراط الاختتان فی صحة الصلاة و الأمر بالشی ء لا یقتضی النهی عن ضده و إن اقتضاه فلا یفسد علی الأظهر و تکره الصلاة خلفه للأخبار المحمولة علی الکراهة لمعارضتها بما هو أقوی منها و ترک الختان من الصغائر لا یخل بالعدالة إلا مع الاطراد و الأظهر عدم جواز الصلاة خلفه مع ترک الاختتان بالاختیار سواء کان مع الإصرار أو مع عدمه للأخبار الناهیة للائتمام به الظاهرة فی التحریم و غایة ما خرج منها من لم یکن مختاراً فی عدم الاختتان لفتوی مشهور من أصحابنا و إطلاقات الأدلة و ظهور بعض الروایات فی التارک عمداً و بقی الباقی و لکنه یکره تسامحاً بأدلة السنن.

ص: 305

بحث: یحرم إمامة من یکرهه المأمومین لدینه فحملهم علی الائتمام به

کما یفعله العامة و من یحذوا حذوهم و یکره إمامة من یکرهه المأموم لأمور دنیویة کما أشعرت بذلک الأخبار و صدق به الاعتبار فیکره له أن یحملهم علی الائتمام به بقول أو فعل فیقدمهم حینئذ و یکره ائتمام المتوضئ بالمتیمم و کذا الحر بالعبد إن کان غیره موجوداً و لا یحرم الائتمام به مطلقاً أو لغیر أهله کما أفتی به بعض الأصحاب و دلت علیه بعض الروایات الضعیفة.

بحث: لو ظهر بعد الصلاة إن الإمام کافر أو علی غیر القبلة

أو محدث أو من غیر نیة صحت صلاة المأموم و لا یعید للأخبار الواردة فی خصوص کل واحد مما ذکرنا و لفتوی المشهور بین الأصحاب عدا النادر منا و لأن الأمر یقضی بالإجزاء فالإعادة تحتاج إلی دلیل و غایة ما یمکن فساده هو الائتمام و فساده لا یقضی بفساد الصلاة و للإجماع علی بعض الصور المستلزم لصحتها فی البواقی بخلاف ابن جنید و المرتضی حیث أوجبا الإعادة مطلقاً إلا فیمن صلی إلی غیر القبلة فقیده ابن جنید بالوقت ضعیف جداً و الأخبار الواردة بالإعادة ضعیفة السند غیر معمول علیها موافقة لمذهب العامة و فی کثیر منها ما لا تقول به الإمامیة من أن علیاً (علیه السلام) صلی بالناس محدثاً فأمرهم بالإعادة و فیها ما لا یرویه أصحابنا فی کتبهم المشهورة فلا تصلح لمعارضة ما ذکرناه و یلحق بالکفر کل فسق لأنه أعظم أنواع الفسق و هل یلحق بما ذکرناه فقدان کل شرط واقع للإمام یقضی بفساد صلاته الظاهر ذلک تنقیحاً للمناط و أما لحوق فقدان شرط الإمامة من عقل و بلوغ و طهارة مولد و غیرها فلا یخلو من إشکال و إن کان إلحاقه بفقد شرط الإسلام أو العدالة الذین دل علیهما الدلیل لا یخلو من قوة سیما ما بینا علیه من عدم فساد الصلاة بفساد الجماعة و لو ظهر للمأموم ما قدمنا من الخلل فی أثناء الصلاة فالأقوی صحة الصلاة و وجوب نیة الانفراد أو العدول إلی إمام آخر و لو ظهر له قبل الصلاة حرم علیه الائتمام و من صحة صلاته وجهان و یقوی القول بالصحة و الأحوط البطلان.

ص: 306

بحث: لو جاء المأموم و الإمام راکع فخشی أن یرفع الإمام رأسه قبل لحوقه

جاز له التکبیر فی مکانه و إن بعد عن الصفوف بما یخرج به عن العادة أو بما لا یتخطی و یمشی فی رکوعه لیلحق الصفوف فإن سجد الإمام قبل لحوقه سجد فی مکانه السجدتین ثمّ مشی لیلحق الصف و کذلک یتشهد معه إن کان فی محل الشهادة و یغتفر البعد و عدم الاطمئنان فی الرکوع و فی الذکر فیه و الفعل الکثیر کل ذلک لإطلاق الأخبار و کلام الأخیار و إن کان الأحوط عدم التکبیر مع البعد المفرط اقتصاراً علی المتیقن و تحکیماً لما دل علی إخلال البعد فی إطلاق هذه الروایات و کذا الأحوط عدم المشی فی حال الذکر تحکیماً لأدلة وجوب الطمأنینة قدر الذکر فی هذه الروایات و اقتصاراً علی المتیقن و الأحوط أیضاً أن یجر رجلیه جراً و لا یرفعهما رفعاً لجواز ذلک حالة الاختیار إذا کانت المسافة قریبة و لم یناف الاطمئنان فیما وجب فیه الاطمئنان کما إذا أراد اللحوق بصف قریب متقدم أو متأخر فإنه لا بأس به و لکن الأقوی جواز ذلک کله لقوة هذه الأخبار المؤیدة بکلمات الأخیار لأن المفهوم منها ان لحوق الإمام أهم فی نظر الشارع من الإتیان بکثیر من الواجبات کما سیجی ء إن شاء الله تعالی من جواز ترک القراءة و اغتفار زیادة الرکن و شبهها.

بحث: تجوز للمأموم نیة الانفراد اختیاراً عن الإمام علی الأشهر الأظهر فی جمیع محال الصلاة

حتی فی القراءة فیقرأ من حیث انفرد عن إمامه و الأحوط أن یعید القراءة من رأس و لو انفرد بعد إتمام قراءة الإمام فلا تجب علیه الإعادة أیضاً و الأحوط ایضا أن یعید من رأس لبقاء المحل فیها و الشک فی تحمل الإمام عنه سیما فی الصورة الأولی و بعد أن ینفرد و لیس له إعادة الجماعة کما إنه لیس له أن ینوی الانفراد قبل أن یعقد صلاته فینوی الائتمام برکعة فقط من أول وهلة علی الأظهر و یحتمل قویاً جوازه فتنفسخ القدوة قهراً إلی أن ینوی الانفراد و یدل علی جواز الانفراد الإجماع المنقول المؤید بفتوی المشهور و ما جاء فی الروایات من جواز التسلیم قبل الإمام اختیاراً و ما جاء فی صلاة یوم الوقاع حیث صلی بهم رکعة و انفردوا عنه و ما جاء من جواز التسلیم قبل الإمام إذا خاف البول او فوات شی ء منه و إن المأمومیة جائزة ابتداء فلتکن

ص: 307

کذلک استدامة و لأن الغرض منها تحصیل الفریضة فنیة الانفراد تفوت الفضیلة و لا تخل بأصل الصلاة إلی غیر ذلک و هذه و إن أمکن المناقشة فی جمیعها بأن یقال أن الأول للدلیل بخصوصه فلا یسری و الثانی للعذر و الدلیل قضی به فلا یسری لغیره و الثالث للعذر فیقتصر علیه و الرابع بالفرق بین الابتداء و الاستدامة ککثیر مما یستحب ابتداؤه و یجب استدامته و الخامس یجوز تفویت أصل الصلاة بعد حصولها و اتحادها بماهیتها و العبادات توقیفیة یقتصر منها علی ما یتیقن وروده من صاحب الشریعة (علیه السلام) لکن مع ذلک لا یبطل التأیید بها للإجماع المنقول المؤید بالمشهور و الأحوط ترک نیة الانفراد اختیاراً لأن الصلاة علی ما اختتمت علیه و لاستصحاب العقد الأول فی الإمامیة و المأمومیة ففکه یحتاج إلی الدلیل و للنهی عن إبطال العمل و لخلو أخبار الجماعة عن نیة الانفراد فی کثیر من المقامات القاضیة بالمنع منها کما ورد فی المسبوق أنه یقدم علی غیره یصلی بالمأمومین و کذا من أحدث و ورد أن المأمومین یقدمون من یصلی بهم إذا مات الإمام و لم یرد فی هذه المقامات بیان نیة الانفراد و کذا ورد فیمن سبق الإمام برکن أنه یعود إلیه و لم یبین الإمام طریق جواز انفراده عنه و ورد فی التسلیم قبل الإمام الجواز علی وجه الإطلاق من دون الأمر بنیة الانفراد و غیر ذلک و لما کانت هذه لا تصلح لمعارضة المشهور و ما تقدم من الأدلة توجه الاحتیاط من أجلها لا الإفتاء بمضمونها و تجوز نیة الانفراد لعذر لو لم یکن من الواجبات من غیر إشکال و احتیاط و أما التسلیم قبل الإمام و هو فی التشهد فالظاهر جوازه مع نیة الانفراد و مع عدمها و مع العذر و مع عدمه للأخبار الدالة علی ذلک و إن کان الأحوط للمأموم أن لا یسلم قبله إلا مع نیة الانفراد لما دل علی تحریم مفارقة الإمام حال کونه إماماً و أحوط منه أن یقترن مع نیة الانفراد أو حصول العذر المسوغ للانفراد کخوف ضرر علی نفس أو مال أو فوات نفع یعتد به أو غیر ذلک.

بحث: لو دخل المأموم فی نافلة فأحرم الإمام کان له قطعها إن خشی الفوات

کما علیه الأصحاب سواء کان لخوف فوات الصلاة کملًا أو فوات الرکعة الواحدة و لو لم یخش فالأظهر حرمة إبطال العمل و لا یجب القطع إذا خشی الفوات کما قد یتوهم و لا

ص: 308

یجوز الدخول فی النافلة بنیة أنه یقطعها مع حرمة قطعها لتضیق الوقت عن إتمامها علی الأظهر و لو دخل فی فریضة فأحرم الإمام أو أذن و أقام کما یستفاد من نصوص المقام عدل بها المأموم إلی النفل أو أتمها رکعتین و لیس له أن یقطعها لحرمة ابطال العمل هنا من غیر دلیل علی جوازه نعم بعد عدوله إلی النفل هل یجوز له إبطالها أم لا وجهان و الأحوط العدم و لا یجوز أن ینوی ابتداء بفرضه العدول منه إلی النفل مع علمه بقرب وقت صلاة الإمام علی الأظهر و کذا لا یجوز القطع مع إقدامه أولا علی تفویت الجماعة و الاشتغال بالفریضة علی الأحوط هذا کله لو کان محل العدول باقٍ و لو مات کان دخل المأموم فی رکعة ثالثة احتمل وجوب الاستمرار لحرمة قطع العمل و مضی وقت العدول و هو الأحوط و جواز القطع تحصیلًا لفضیلة الجماعة کما جاز القطع تحصیلًا لفضیلة الأذان و الإقامة و جواز العدول إلی النفل بأن یهدم الزائد و تبقی الرکعتان نفلًا و الأظهر الأول أما لو کان الإمام إمام الأصل جاز قطع الفریضة له مطلقاً کما أفتی به جمع من الأصحاب و لو کان الإمام من المخالفین لم یجز القطع و لا العدول بل لا بد من الاستمرار و الالتحاق.

بحث: المسبوق ما یدرکه من رکعات الإمام یکون أول صلاته

فإذا فرغ الإمام أتم ما بقی للأخبار و الإجماع و متی أدرک الأخیرتین قرأ فیهما وجوباً للأمر فی الأخبار المتعددة الظاهرة فی الوجوب و العمومات الموجبة للقراءة و غایة ما خرج منها الأولیتان للمأموم إذا قارنتا أولتی الإمام للأخبار الناهیة عن القراءة خلف الإمام المرضی المنصرف إطلاقها إلی الأولتین من صلاته بقرینة وجوب الإنصات و بقرینة سیاقها فی السؤال و الجواب و بقی الباقی و لوجوب ألب

الاحتیاط هنا من جهة شغل الذمة الیقینی المستدعی للفراغ الیقینی و هو لا یتم إلا مع القراءة و لأن بین ما دل علی سقوط القراءة خلف الإمام و بین ما دل علی سقوط قراءة وجوب الإنصات و بین ما دل علی وجوب القراءة علی المسبوق عموم مطلقاً و الجمع بینهما بالتخصیص خیر من الجمع بحمل الأوامر علی الندب و تلک علی الجواز و اشتمال الروایات هنا علی بعض المندوبات لا یکون قرینة علی الندب قطعاً بل یکون لکل حکمه و یجب علی المسبوق للقراءة لعموم

ص: 309

الدلیل و غایة ما خرج منه حالة العلم بالأولیتین و یحتمل عدم وجوب الاستصحاب بقاء الإمام فی الأولیتین و یحتمل لحوقه قبل الرکوع فیجب و بعد الرکوع فلا یجب و الأول اظهر و یجب الاخفات فی القراءة هنا و لو فی الجهریة للأمر به فیخص ما دل علی وجوب الجهر حتی البسملة علی الأحوط ثمّ إن تمکن المسبوق من الحمد و السورة أتی بهما و إلا أتی بالحمد و بما یمکن من السورة و إلا أتی بالحمد وحدها و إلا أتی ببعض الحمد إذا کان کلاماً مرکباً أو کلمة واحدة علی کثیر من أجزاء الصلاة فعلًا و ترکاً و به یرجح علی احتمال وجوب الإتیان بالحمد ثمّ اللحوق به فی السجود کما تخیله بعض الأصحاب هذا کله إن کبر و الإمام قائم قبل رکوعه و إن کبر و الإمام راکع و خاف فوت القدرة فلا شک هنا بسقوط القراءة عن المأموم کما یشعر به إطلاق کثیر من الأخبار المبینة للحوق المأموم بالإمام من غیر ذکر للقراءة و هی بإطلاقها و إن دلت علی السقوط مطلقاً تمکن من القراءة کلًا أو بعضاً أم لا لکنه یظهر حالة عدم التمکن منها فالاحتیاط یقضی لمن شک قبل دخوله فی إدراک القراءة و عدمها أن لا یدخل مع الإمام حتی یرکع و یخشی فوات رکوعه و یستحب للمسبوق متابعة الإمام فی القنوت و التشهد لأنه برکة و له عند تشهد الإمام الأخیر اتباعه فیه و القیام قبل التسلیم و له الانتظار إلی أن یسلم الإمام للروایة و له أن یقوم قبل التشهد ناویاً للانفراد و غیرنا و له لأن وجوب المتابعة فی هذه الصورة لم یثبت و الأحوط التجافی عند متابعته للإمام فی التشهد تغضیاً من خلاف بعض الأصحاب و یجب علیه الجلوس لتشهده ثمّ القیام لتسبیحه فإذا خاف فوت الامام فی الرکوع ترک التسبیح کلًا أو بعضاً علی الأظهر.

بحث: یجوز لمن أدرک الإمام بعد رفعه من الرکوع أو فی سجوده الأول أو فی سجوده الثانی و جلوسه للاستراحة للتشهد الأول

أو جلوسه للتشهد الأخیر الاقتداء به و متابعته فی فعله تحصیلًا للأجر و لا یجوز له أن یعتد بها رکعة من غیر إشکال و إنما الکلام فی أنه یجب علیه تجدید النیة و التکبیر للافتتاح و الإتمام إن بقی للإمام رکعة و الانفراد بصلاته إن لم یبق أم لا الأقوی وجوب التجدید فی الصور الثلاث الأول دون الأخیرة و إذا جلس معه تخیر بین أن یتشهد معه و بین أن یترک الشهادة کل ذلک

ص: 310

للأخبار الدالة علی مشروعیة القدوة بعد رفع رأس الإمام المؤیدة بالشهرة المحققة ففی الخبر (إذا استقبل الإمام برکعة فأدرکته و قد رفع رأسه فأسجد معه و لا تعتد بها و من أدرکه و قد رفع رأسه من السجدة الأخیرة و هو فی التشهد فقد أدرک الجماعة) و فی الصحیح متی یکون یدرک الصلاة مع الإمام قال: (إذا أدرک الإمام و هو فی السجدة الأخیرة فی صلاته) و الأخبار الدالة علی متابعته فی أفعاله بعد الاقتداء به زیادة علی ما تقدم الموثق فی الرجل یدرک الإمام و هو قاعد فی التشهد و لیس خلفه إلا رجل واحد عن یمینه قال: (لا یتقدم و لا یتأخر و لکن یقعد الذی یدخل معه خلف الإمام فإذا سلم الإمام قام الرجل فأتم صلاته) و النبوی (إذا جئتم إلی الصلاة و نحن سجود فاسجدوا و لا تعتدوها شیئاً إلی غیر ذلک و حینئذ فما یظهر من العلامة (قدّس سرّه) من التوقف فی استحباب الدخول مع بعد رفع رأسه من الرکوع استناداً للصحیح الناهی عن الرجل فی تلک الحال ضعیف لا یعارض ما ذکرناه و یحتمل الحمل علی النهی عند الدخول المعتد فی احتسابه رکوعاً کما یظهر من الروایات الأخر و کما یظهر من انتهاء الاقتصار علی إدراک الفضیلة بإدراک السجود الأخیر دون ما بعده لمفهوم ضعیف لا یعارض ما قدمناه و کذلک ظهر ضعف الأخبار الأخر الناهیة عن المتابعة فی السجود بعد التکبیر و الاقتداء کالخبر (إذا وجدت الإمام ساجداً فاثبت فی مکانک حتی یرفع رأسه) و الناهیة عن الجلوس أیضاً کالموثق فیمن أدرک الإمام و هو جالس بعد الرکعتین قال: (یفتتح الصلاة و لا یقعد مع الإمام حتی یقوم) فلا بد من إطراحها و تقدیم تلک علیها و حملها علی التخییر کما تخیله بعضهم فرع المکافأة و لیس فلیس و أما وجوب تجدید التکبیر فی الصور الأولیة و استئناف الصلاة فهو الموافق لقواعد الشغل و المطابق لما دل علی إبطال الزیادة فی المکتوبة من غیر معارض دال علی الصحة و الاستمرار سوی الاستصحاب و هو مقطوع بما ذکرناه و النهی عن الاعتداد بالرکعة المفهوم منه الاعتداد بالصلاة و هو مفهوم ضعیف من منطوق ضعیف لاحتمال إرادة عدم الاعتداد بالصلاة فی ضمیر منه فیقوم الإجمال و یسقط الاستدلال و أما فی الصور الأخیرة فالظاهر عدم وجوب التجدید لظاهر الموثق المتقدم و للاستصحاب و لعدم تحقق زیادة

ص: 311

مبطلة من رکن أو سجود سوی الجلوس و هو مأمور به للمتابعة فی المسبوق أو التشهد إذا أتی به و هو رکن و برکة و لکن الأحوط إعادة التکبیر للأمر به فی المقطوعة و لعدم تیقن الفراغ بالتکبیر الأول و الأحوط منه أن لا یدخل المصلی مع الإمام فی جمیع هذه الأحوال المتقدمة.

القول فی صلاة الخوف:

بحث: صلاة الخوف حضراً أو سفراً علی الأظهر الأشهر

لقوله تعالی: (وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِی الْأَرْضِ فَلَیْسَ عَلَیْکُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ إِنْ خِفْتُمْ) و لا یراد بالضرب السفر الشرعی لمجازیته و لعدم الفائدة بتقیده بالخوف بل یراد بالضرب مجرد الخروج من الأهل و تعلیق الحکم علیه لخروجه مخرج الغالب من أن الخائف لا یخاف إلا عند خروجه من أهله و إلا فالضرب و غیره سیان و هذا أولی من حمل ضرب الأرض علی السفر الشرعی و إخراج التعلیق بالخوف مخرج الغالب لأن السفر مظنة الخوف لا یستلزم هذا مجازین دون الأول و لکن فی الأخبار ما یدل علی أن المراد بالضرب هو السفر الشرعی و حینئذ یسقط الاستدلال بالآیة الشریفة و لقوله تعالی: (فَلْتَقُمْ طٰائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَکَ) إلی آخره فإن إطلاقها یشمل الحضر و السفر و لا یخصها سیاقها فی السفر لأن السیاق لا یخصص و للصحیح صلاة الخوف صلاة السفر یقصران جمیعاً قال: (نعم و صلاة الخوف حق أن تقصر من صلاة السفر الذی لا خوف فیه) و ظاهر قصر الکمیة و العدد لا الکیفیة فقط کما قد یتخیل و الصحیح الآخر (إذا حالت الخیل تضطرب بالسیوف إجزاء التکبیرتان) و إطلاقها شامل للجماعة و الفرادی فالقول بالتقصیر فی صلاة الخوف سفراً و حضراً کالقول بأنها مقصورة حضراً جماعة لا فرادی ضعیفان لا یلتفت إلیهما کما لا یلتفت إلی ما قاله بعض من تسریه القصر إلی الرکعة الواحدة فی بعض الأحوال استناداً بظاهر بعض الصحاح المهجورة الغیر معمول علیها عند الإمامیة.

ص: 312

بحث: صلاة شدة مقصورة کمیة و کیفیة کصلاة المطاردة إذا انتهی الحال إلی المسابقة و المعانقة

أما الکمیة فهی رکعتان کما تقدم و أما الکیفیة فهی مفسدة بحالة عدم الإمکان وفاقاً للمشهور و الأخبار الآمرة بالإیماء و إن کانت مطلقة لکنها منصرفة للغالب من عدم إمکان الأرکان الاختیاریة فعند عدم إمکان الرکوع و السجود الاختیاریین و لو علی قربوس سرجه و عدم إمکان الاستقبال و الاستقرار یسقط وجوبها فإن لم یمکن فی الکل و إلا سقط فی البعض أو دار بین الاستقبال بتکبیرة الإحرام أو بغیرها وجبت علیه تکبیرة الإحرام و وجب الإیماء عوض الرکوع و السجود و إن لم یمکن الإیماء بهما جعل عوض کل رکعة سبحان الله و الحمد لله و لا آله إلا الله و الله أکبر ففی الثنائیة اثنین و فی الثلاثیة ثلاثة و الأخبار و إن لم یکن فیها هذا الترتیب و لکنه فی کلام الأصحاب و قاعدة تقتضی من باب الاحتیاط و الشهرة تعضده أیضاً و فی بعض الأخبار تکبیر و تهلیل و تسبیح و فی بعضها تکبیر و تهلیل فقط و فی بعضها تکبیر فقط و الکل محمول علی ما ذکره المشهور لقوته دون التخییر و یحتمل أنها مراتب للاضطرار و کل واحدة فی محلها تجزی و لکنه یعید و هل یجب معها تکبیرة الافتتاح و التشهد و التسلیم لا یبعد الوجوب للاحتیاط و لاستصحاب عدم سقوطها و خلو الأخبار من بیانها لا یصلح للحکم بسقوطها و الأحوط إضافة الدعاء لما قدمناه لورود الروایة به و إن لم یوجبه الأصحاب.

بحث: صلاة الخوف و صلاة شدة الخوف لا یتفاوت الحال فیهما بین الخوف من حیوان ناطق أو صامت علی نفس أو مال یعتد به

أو یضر بالحال أو علی نفس مؤمن أو مؤمنة أو عرض کذلک و بین محاربة إنسان أو حیوان تنقیحاً للمناط و للإجماع المنقول و للشهرة و إطلاق الأخبار بالخوف الشامل للکل و للصحیح الذی یخاف اللصوص و السبع یصلی صلاة الموافقة إیماء علی راتبة و لا قائل بالفرق بین هذین و بین غیرهما إلی غیر ذلک من الأخبار و لا یتفاوت الحال فی جمیع ما ذکرناه بین قصر الکمیة و الکیفیة تمسکاً بإطلاق الدلیل من روایة و إجماع منقول و مؤید بفتوی المشهور و بالصحیح المتقدم خلافاً لمن اقتصر علی وجوب قصر الکیفیة دون الکمیة اقتصاراً

ص: 313

فیما خالف الأصل علی المردد الیقینی و فیه ما ذکرناه و کذا عند عدم التمکن من الإیماء و یکتفی بتسبیحتین مطلقاً ایضا وفاقاً للمشهور و تنقیحاً للمناط و للصحیح قد رخص فی صلاة الخوف من السبع إذا خشیه الرجل علی نفسه أن یکبر و یومی و لا یراد بالتکبیر سوی ما قدمناه من قول سبحان الله و الحمد لله و لا آله إلا الله و الله أکبر بقرینة الأخبار المتقدمة و فهم المشهور إلیها.

بحث: اشتراط الخوف فی التقصیر فی الصلاة عدداً و کیفاً لا یدور مدار الواقع

بل مدار قطع المکلف و ظنه فلو تبین خطؤه فی ظنه او قطعه صح عمله و لا شی ء علیه إلا إذا کان قطعه أو ظنه عن شدة وهم و عدم تامل و تقصیر فانه یعید عند تبین الخلاف و وجوب الاعادة مطلقاً و یحتمل عدمها مطلقاً و یحتمل الفرق بین الخطأ بنفس الموضوع کان أخطأ فی کونه إنساناً أو سبعاً أو عدواً أو لصّاً و بین الخطأ بالخوف من حیث یتبین أن المقام لیس من مقامات الخوف فیعید بالأول دون الثانی و الأول أظهر.

بحث: لا یبعد وجوب الانتظار لراجی زوال الخوف قبل خروج الوقت

کما دلت علیه بعض الروایات و إذا فاتت وجب قضاءها مقصورة الکمیة لا مقصورة الکیفیة عذری لا انقلاب تکلیف بخلاف قصر الکمیة و إذا انکشف الخوف فی الأثناء وجب إتمام ما بقی تماماً فی الکم و الکیف ما لم یسلم علی الأظهر و کذا العکس و صلاة التسبیح إذا انتهی الحال إلیها و فاتت قضیت کذلک علی نحو ما فاتت و احتمل انقلابها صلاة اختیاریة.

بحث: الخوف من غیر الحیوان کالخوف من ماء أو نار أو هواء أو برد أو حر لا یخیر قصر الکمیة اقتصاراً علی مورد الیقین

و یجوز معه قصر الکمیة إذا توقفت السلامة علیه و احتمال شمول إطلاقات الأدلة جواز القصر للخوف مطلقاً لأنه من أفراده ضعیف لانصراف الإطلاق لغیر الخوف من الجمادات و العوارض السماویات کما ظاهر فتاوی الثقات و أما الغریق و المتوصل و الحریق فصلاتهم غیر مقصورة کما و إن جاز قصرها کیفاً من أرکان و شرائط و غیرها کما یظهر من الأدلة و لو لم یمکنهم إلا

ص: 314

قصرها کماً لم تجب الصلاة علی الأظهر و یحتمل وجوبها مصورة و لا إعادة و لا یبعد التعمیم للإجماع المنقول و عموم أدلة الخوف و الشهرة المحکیة و لکن الأول هو الأقوی و یحتمل ذلک مع وجوب الإعادة و کلاهما أضعف مما ذکرناه و هل یختص صلاة الخوف بالقتال الذی لا معصیة فیه أو یشمل کل خوف من جهة المقاتلة بحق أو باطل کالفار من الزحف و مدافعة من علیه حداً أو قصاص أو تعزیر وجهان أقواهما و أحوطهما الأول لظهور الإطلاقات فیما وقع فی غیر معصیة و ما لم یعلم وجهه أو ما کانت مقدماته معصیة بسوء الاختیار فإن الأظهر إلحاقه بقتال الحق.

بحث: من جملة صلاة الخوف ذات الرقاع

صلاها رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) جماعة سمیت بذات الرقاع کانت فی الألویة أو لشجرة اسمها کذلک فی مکان الصلاة أو للف الرقاع علی أرجلهم أو لأن القتال کان تحت سفح جبل فیه جدد حمر و صفر کالرقاع و فی روایات أصحابنا أن کیفیتها فی الثنائیة أن یفترق المقاتلون فرقتین فیصلی الإمام بالأولی رکعة و الثانیة تحرسهم بازاء العدو ثمّ یقوم الإمام و من خلفه إلی الثانیة فیفرد الذین من خلف و یطیل الإمام بالقراءة إلی أن یتموا الرکعة الثانیة و یقومون ثمّ تجی ء الطائفة الأخری فیبتدءون بالصلاة معه فی رکوع الثانیة و یسجدون معه فإذا جلس قام المأمومون للرکعة الثانیة و جلس الإمام للتشهد و طال فیه إلی أن یلحقه المأمومون قبل التسلیم فیسلم و فی الثلاثیة یتخیر الإمام بین أن یصلی بالطائفة الأولی رکعة و بالثانیة رکعتین أو بالعکس لورود الأخبار بکل منهما علی التخییر أولی و لا یبعد أن الأول أفضل و کذا لا یبعد جواز تفریقهم ثلاث فرق فیصلی بکل طائفة رکعة لجواز الانفراد اختیاراً فهنا أولی و هل تجب علی الأول نیة الانفراد لا یبعد ذلک لحرمة مفارقة الإمام من دون نیتها إن نوی و إطلاق القدوة فی الابتداء و إن نوی الإتمام برکعة ابتدأ لجوازه هنا علی الظاهر فلا تجب علی الأظهر و أما الثانیة فلا تجب علیهم نیة الانفراد لعدم وجوب متابعة المسبوق لتشهد الإمام کی یجب نیة الانفراد عند قیامه بل لا یبعد إبقاء نیة القدوة بعد القیام للحوقهم له فی السلام و اغتفار عدم المتابعة هنا للنص فتجری علیهم أحکام المأمومین حینئذ و یکون من باب ائتمام القائم بالقاعد و جوازه

ص: 315

هنا للنص و الظاهر عدم وجوب أخذ السلاح للمأمومین و الأمر به للإرشاد و لو وجب لإطلاق الأمر فلا تفسد الصلاة بترکه لتعلق النهی بأمر خارج و من جملة أنواعها جماعة بطن النخل (1) و هی أن یصلی بفرق تمام الفریضة و یعیدها للأخری و التی کانت تحرسهم و لا بأس بها و من جملة أنواعها جماعة صلاة عسفان و هی مشهورة و إن لم یعتمد علی نقلها بین أصحابنا و هی أن یصلی الإمام و یصلون خلفه صفین فإذا سجد الإمام الأولیتین سجد الصف الأول معه السجدتین و بقی الصف الآخر لم یسجد حارساً لهم فإذا رفعوا رءوسهم من السجدتین سجد الصف الآخر ثمّ قاموا مع الإمام للثانیة فإذا سجد الإمام بها تأخر الصف الأول و تقدم الثانی و سجد مع الإمام و بقی الصف الذی قد تأخر حارساً لهم لا یسجد حتی یفرغ الإمام من السجود کلا فیسجدون و یلحقونه فی التشهد و الأحوط ترکها.

القول فی صلاة المسافر:

بحث: صلاة المسافر مقصورة فی الرباعیة

للإجماع و الأخبار و فی الکتاب ما یدل علی ذلک و السفر المعلق علیه الحکم فی الکتاب و السنة باق علی المعنی العرفی و هو فی طی مسافة یعتد بها علی وجه الامتداد خارجة عن الوطن فتقدیره بالمسافة شرعاً بیان لشرطیة القصر فیه و قد یقال أن التحدید فیه بالمسافة کاشف عن أنه هو السفر العرفی و إن ما دون المسافة لیس سفراً عرفاً و لغة أو یقال أن السفر من المنقولات الشرعیة للمسافة الخاصة فهی داخلة فی معناه شرعاً و لکن الأظهر الأول و علی أی تقدیر فالموجب للقصر وجوباً لا عیناً بالإجماع و الأخبار المتکاثرة مسافة ثمانیة فراسخ امتدادیة ذهاباً و إیاباً أو صیر یوم متوسط الأیام للإبل القطار متوسطة السیر متوسطة الحیوانات بحسب الشدة و الضعف من الفجر إلی المغرب کما هو المعروف من إطلاق الیوم و الحمرة المشرقیة داخلة فیه و الیوم الطویل یستثنی منه الاستراحة الجزئیة الواقعة فی أثنائه و القصر یدخل فیه السرعة الصادرة من السائرین المتعارفة فیها لإدراک الیوم


1- بطن النخل اسم ...... و الطائف

ص: 316

و عدم الاستراحة فیه و أیهما سبق کان التقدیر به و إن کان الأحوط عند سبق التقدیر بالیوم مع العلم بعدم بلوغ الثمانیة الجمع بین القصر و الإتمام و یقوی القول باتحاد العلامتین و عدم افتراقها فوجود إحداهما کاشف عن وجود الأخری و عدمها کاشف عن عدمها فلو فرضنا إن شغل یومه علی النحو المراد فنقص علی الثانیة أو زاد تبین أن ذلک الشغل لیس هو المنصوص و أنه قد أخطأ فی ذلک الخصوص و یختص الحکم حین شغل الیوم دون التقدیر الآخر لقرب التقدیر الآخر للتحقیق و المعرفة و قرب الأول للخطأ و الزلل و یحتمل تقدیر الیوم لما فی المسافة من الاختلاف فی القدر لاختلافهم فی المیل و الذراع و شبههما لکن الأول أقوی نعم یکتفی حالة الجهل بأنهما حصل و کذلک فی الوجوب العینی مسافة الثمانیة فما فوق الملفقة من أربعتین فما فوقهما ذهابیة و الأخری إیابیة لم تنقص أحدهما عن الأربعة بأن تکون أحدهما ثلاثة و الأخری خمسة أو أحدهما اثنین و الأخری ستة و أراد المسافر الرجوع لیومه الذی سار فیه أو لیلته التی سار فیها أو لیومه و لیلته إذا شغل أحدهما و أول الآخر و إن شغل أول أحدهما و آخر الآخر فلا یبعد أیضاً الإلحاق للأخبار الدالة علی أن المسافة أربعة بقول مطلق المشتملة علی صحاح صراح معمول علیها فی الجملة لا یمکن ردها فتحمل علی الأربعة المنظمة إلیها الأربعة الإیابیة و هی و إن کانت بإطلاقها شاملة للمفردة و المنظمة جمعاً بینها و بین أخبار الثمانیة بحملها علی الأعم من الامتدادیة و الملفقة و إن کانت ظاهرة فی الامتدادیة و خصوص الوجوب العینی یقضی به و فتوی المشهور و الفقه الرضوی المعتبر بالشهرة و إجماع الإمامیة لی حیث نسب الوجوب العینی للإمامیة و بعض الصحاح المعللة لوجوب التقصیر فی الأربعة ذهاباً و إیاباً بأنه قد شغل یومه و عمومات أدلة التقصیر فی السفر تقضی به أیضاً فما ذهب إلیه الشهید (رحمه الله) من الوجوب التخییری بین القصر و الإتمام فی هذه الصورة تبعاً للشیخ فی بعض فتاویه جمعاً بین الروایات الدالة علی وجوب التقصیر فی الثمانیة و الدالة علی وجوبه فی الأربعة بحمل الثانیة علی الرخصة فیه و الوجوب التخییری دون العینی بعید یظهر بعده مما ذکرنا و الموجب للقصر وجوباً تخییریاً الثمانیة الملفقة من أربعتین ذهابیتین و إیابیة لمن لم

ص: 317

یرد الرجوع لیومه سواء لم یرده ابتداء أو لم یرده فی الأثناء تمسکاً بالأخبار المتکثرة الدالة علی وجوب التقصیر فی الأربع الظاهرة فی الأربعة الملفقة من الذهاب و الإیاب أو المحمولة علیها و المقیدة بها جمعاً بین المطلق و المقید المحمولة علی الوجوب التخییری جمعاً کما هو المنسوب للمشهور بین المتقدمین و غیره من القول بوجوب القصر العینی أو القول بتحریمه و إیجاب التمام منسوب للنادر من أصحابنا أو مخالف للروایات المتکاثرة الدالة علی القصر فی الأربعة کالعمانی فی الأول و المرتضی و جماعة من أصحابنا فی الثانی و نسب للمشهور بین المتأخرین و یظهر من الصدوق نقل الإجماع علی التخییر فی هذه الصورة و کذا نقل ابن (یس) الإجماع علی جواز التمام هاهنا و یؤید ذلک ما فی الفقه الرضوی من التخیر فی هذه الصورة أیضاً و موثقة حماد الآمرة بالتمام للذاهب إلی عرفات و بعض الأخبار المشتملة علی الإشعار بذلک و کذا بعض الأخبار الآمرة و الإتمام لمن قصد القادسیة و لو لا ندرة القول بوجوب القصر عیناً و الإجماع المحکی علی خلافه لکان القول به متعیناً من جهة الأخبار لأنه أقرب لوجه الجمع من الوجوب التخییری لتنزیل أخبار الثمانیة علی الأعم من الذهابیة و الملفقة و تنزیل أخبار الأربعة المطلقة علی المنظمة إلی الإیاب و إبقاء أخبار الأربعة المنضمة علی حالها من غیر تصرف فیها سیما ما دل منها علی التوبیخ و الذم لمن لا یقصر إذا سار إلی عرفات الدالة علی حرمة التمام المنظمة للویل و الریح لمن فعله و علی القول بالتخییر لا بد من الخروج عن ظاهرها بارتکاب أن الذم إنما هو علی فعلهم بزعم تعیین الإتمام و أنه مشروع لا غیر و بالجملة فالأخبار الواردة فی الثمانیة أو بیاض یوم کصحیحة ابن یقطین و فیها قال: (یجب علیه التقصیر إذا کان مسیره یوم) و صحیحة أبی بصیر و فیها قال: (فی بیاض یوم أو بریدین) و صحیحة محمد بن مسلم و فیها سافر رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إلی ذی جشب و هی مسیرة یوم إلی المدینة یکون إلیها بریدان أربعة و عشرون میلًا فقصر و أفطر و حسنة الکاهلی و فیها فی التقصیر فی الصلاة قال: (برید فی برید أربعة و عشرون میلًا) و فی الموثق عن المسافر فی کم یقصر الصلاة قال: (مسیرة یوم من ذلک بریدان و هما ثمانیة فراسخ) و فی الحسن أو الموثق قال فی

ص: 318

التقصیر: (حده أربعة و عشرون میلًا) و فی روایة الفضل ابن شاذان (إنما أوجب التقصیر فی ثمانیة فراسخ لا أقل من ذلک و لا أکثر) لأن الثمانیة فراسخ یوم للعامة و القوافل و الأثقال فوجب التقصیر فی مسیرة یوم و إن کان ظاهرها الامتداد الذهابی لو خلیت و نفسها من غیر معارض و صارت لظاهرها لکنها مصروفة عن ذلک الظاهر بأخبار الأربعة الملفقة الصریحة الصحیحة کصحیحة بن وهب عن أدنی ما یقصر فیه المسافر قال: (بریداً ذاهباً و بریداً جائیاً) و کان رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إذا أتی ذناب قصر و ذناب علی برید و إنما فعل ذلک لأنه إذا رجع کان سفره بریدین ثمانیة فراسخ و هو ظاهر فی صرف الثمانیة المتقدمة لإرادة الأعم من الثمانیة و الممتدة أو الملفقة و موثقة بن مسلم عن التقصیر فقال: (فی برید) قلت: برید قال: (لأنه إذا ذهب بریداً و رجع بریداً فقد شغل یومه) و روایة سلیمان بن حفص (التقصیر فی الصلاة بریدان أو برید ذاهباً و جائیاً) و فی آخر عن الرضا (علیه السلام): (لأن ما تقصر فیه الصلاة بریدان ذاهباً أو بریداً ذاهباً و بریداً جائیاً) و فی آخر (التقصیر فی أربعة فراسخ بریداً ذاهباً و بریداً جائیاً أثنی عشر میلًا) و بأخبار عرفات الناهیة عن التمام کصحیح معاویة بن وهب فی أهل مکة إذا أتموا الصلاة بعرفات (ویحهم أو ویلهم و أی سفر أشد منه لا تتم فیه الصلاة) و الصبح الآخر (أهل مکة إذا زاروا البیت و دخلوا منازلهم أتموا و إن لم یدخلوا منازلهم قصروا) و الحسن الآخر (أهل مکة إذا خرجوا حجاجاً قصروا و إذا زاروا أو رجعوا إلی منازلهم أتموا) و موثقة معاویة بن عمار و فیها (أ لا تری إلی أهل مکة إذا خرجوا إلی عرفة کان علیهم التقصیر) و فی آخر کم التقصیر فقال: (فی برید ویحهم کأنهم لم یحجوا مع رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقصروا) و الصحیح الآخر فیمن قدم قبل الترویة بعشرة أیام (و إذا خرج إلی عرفات وجب علیه التقصیر) و کذا بأخبار الأربعة المطلقة المحمولة علی الملفقة کصحیحة زرارة (التقصیر فی برید و البرید أربعة فراسخ) و صحیحة الشحام (و یقصر الرجل فی مسیرة اثنی عشر میلًا) و صحیحة إسماعیل بن الفضیل قال: (فی أربعة فراسخ) و موثقة أبی بکر إذا خرج للقادسیة

ص: 319

قال: (قصروا) و روایة أبی الجارود فی کم التقصیر قال: (فی برید) و صحیحة أبی أیوب عن أدنی ما یقصر فیه المسافر قال: (برید) بل الظاهرة فی الملفقة خلافاً لمن عمل بإطلاقها و أوجب القصر فی الأربعة مطلقاً أما عیناً أو تخییراً و إن کانت ذهابیة فقط کالعادی من نزله إلی منزله أو من دار إقامته إلی وطنه و هو ضعیف شاذ فتوی و عملًا روایة مخالف لجمیع الأدلة و الاقوال و لخصوص روایة التفضیل المتقدمة و صحیحة ابن وهب و روایة ابن الحجاج و لیس فی الأخبار و ما یدل علیه سوی الصحیح فیمن له ضیعة علی خمسة عشر میلًا قال: (قصر فی الطریق و أتم فی الضیعة) بناء علی أن حکم الضیعة حکم المنزل و هو لا یعارض ما تقدم فلیطرح أو یحمل علی الأمر بالإتمام فی الضیعة علی التقیة و قد یفرق بین السفر من وطن أو دار أو إقامة إلی وطن آخر و بین السفر منهما إلی مکان عازماً علی قطع حکم السفر فیه من نیة إقامة أو معصیة أو غیرهما لشمول أخبار التلفیق لمثل هذه الصورة من غیر معارض لصدق الذهاب و الإیاب علیه من غیر تکلیف بخلاف ذی الوطنین و شبهه فإنه مما یبعد شموله لأخبار التلفیق لها و لکن الأول أوجه فتلخص حینئذ من جمیع الأخبار بعضها مع بعض قوة القول بالوجوب العینی فی الأربعة الملفقة لکن الإجماعات المنقولة علی عدم جواز التمام و شهرة الفتوی به بین الإعلام و موثقة حماد الواردة فی الأمر بالإتمام للذاهب إلی عرفات و غیرها الواردة فی إتمام الذاهب إلی القادسیة و صریح الرضوی و إشعار بعض الأخبار قارنا للحمل علی التخییر فی الأربعة المضمومة لمن یرید الرجوع لیومه فتبقی أخبار الثمانیة علی ظاهرها و یراد من وجوب التقصیر فیها الوجوب العینی و أخبار الأربعة المطلقة و المضمومة المطلقة فی الرجوع لیومه و عدمه و یراد منها الوجوب التخییری بین القصر و التمام و الاحتیاط یقضی بالقصر فی هذا المقام لقوة دلیله و شهرة القول بجوازه بخلاف التمام فإن القول بتعینه ضعیف فتوی و روایة و أحوط من ذلک الجمع بین القصر و التمام و لا یتفاوت الحال هنا بین الصیام و الصلاة و تخییراً علی القول به فی الصلاة و تعیناً علی القول بوجوب الإتمام و تحریماً علی القول بالمنع وفاقاً للمشهور و لظاهر الأخبار الدالة علی التلازم و غیرها فی أماکن متعددة.

ص: 320

بحث: الفرسخ ثلاثة أمیال و المیل أربعة آلاف ذراع بذراع الید

و الذراع أربعة و عشرون إصبع و الإصبع سبعة شعیرات عرضاً و الشعیرة سبع شعرات من شعر البرذون کما هو المشهور عند الفقهاء و المشهور فی العرف و إفادة الشهرة الظن بالموضوع لا تقصر عن إفادة خبر الواحد فی الحجیة فلا محیص من البناء علیه علی أن فی اللغة ما یدل علیه کما فی القاموس و عن الأزهری و إلیه یرجع ما ذکروه عن أهل اللغة من أن المیل مد البصر المتوسط فی المکان المتوسط للمبصر المتوسط إذا فرق بین الفارس و الراجل لاتحادهما فی العرف العام بحیث أن وجود أحدهما یبنی عن وجود الآخر و لو افترقا فالعرف مقدم علی اللغة و یراد بالذراع و الإصبع و الشعیر و الشعرة المتوسطان خلقه و المعتادة بین الناس و یراد بالذراع ذراع المحدثین دون القدماء فإنه اثنان و ثلاثون إصبع فیکون الفرسخ تسعة آلاف ذراع بذراعهم و الخلاف بینهم لا ثمرة فیه لاتفاقهم علی أنه ستة و تسعون ألف إصبع و فی بعض الأخبار أن المیل ألف و خمسمائة ذراع و فی بعضها ثلاثة آلاف و خمسمائة ذراع و هی متروکة أو محمولة علی اختلاف الأذرع و فی بعضها ما یزید کثیراً و هو متروک أیضاً.

بحث: لو بقی سائراً فی المسافة قدر سنة أو أزید

بحیث خرج عن اسم المسافر عرفاً فلا یبعد الإتمام و الأحوط التقصیر و مسافة البحر کمسافة البر لعموم الدلیل و لخصوصه و لو کان له طریقان أحدهما مسافة و الأخری لا جری علی کل حکمه و لو سلک الأبعد للتقصیر قصر خلافاً لبعضهم حیث جعله کصید اللهو و لو کان الطریق لا یبلغ ذهابه أربعة و إیابه کذلک و إن بلغ مجموعه ثمانیة کالمرکب من اثنین و الست أو الثلاث و الخمس فلا تقصر لتوقفه علی المسافة الغیر حاصلة سوی ما ذکرناه و تثبت المسافة بالشیاع لأنها من ظنون الموضوعات التی یکتفی فیها بذلک و بشهادة العدل الواحد علی إشکال و غیر العدل من أهل الخبرة أشکل و لو تعارضت البینتان قدم المثبت إلا أن یرجع النافی إلی الإثبات فیقدم لأصالة التمام و الأحوط الجمع و الشاک فی المسافة یتم فإن قصد إلی مکان معین فتبین بعد ذلک بلوغه المسافة قصراً و لا یعید ما صلاه تماماً لأن الامتثال هنا قاض بالإجزاء و لو لم یقصد إلی معین بلغ مسافة أم لا لا

ص: 321

یجوز له التقصیر کما سیجی ء إن شاء الله تعالی و الفرق بین هذا و ما قبله ظاهر خلافاً لما یظهر من بعض المتأخرین و لو تردد فی ثلاث فراسخ یوماً تامّاً و أن یصل إلی محل الترخص فلا تقصیر علیه و لو خرج عن محل الترخص فدار علی البلد دورة تبلغ المسافة فلا یبعد وجوب التقصیر و الأحوط الجمع و لو دار دورة تبلغ مجموعها المسافة فلا عبرة بها و یبدأ المسافة من آخر دورة البلد فی البلاد المتعارفة لانصراف الإطلاق إلیه فی النص و الفتوی و آخر المحلة فی المتسعة الخارجة عن العادة لخروج الخارق المعتدل کرجوع غیر مستوی الخلقة للمستوی و من کان علی رأس المسافة بحیث الصف فی رأس الحد و عدل وجب علیه القصر و الأحوط الجمیع و یجوز التمام أحد المختلفین فی المسافة بلوغاً و عدمها بالآخر علی الأظهر و لا بأس باختلافهم بالرأی.

بحث: یجب فی التقصیر قصد المسافة الکلیة أو قصد مکاناً معیناً یبلغ المسافة

کما دلت علی ذلک الروایات و کلمات الأصحاب و به یخصص عمومات التقصیر فی السفر لشمول لفظ السفر له و الأصل أن لا یکون للنیة مدخلیة فیه فلو ضالة أو عبد آبق أو هام علی وجهه أثم و لو بلغ الصبی فلو أراد الرجوع فإن کان یبلغ رجوعه و مسافة الثمانیة قصر لعموم الأدلة و خصوصها و إن لم یبلغ الثمانیة لم یقصر و لا یضم الذهاب إلی الإیاب لأن الضم لا یعتبر إلا عند مقارنة القصد له و لو بقی من مقصده شی ء فی الأثناء لم یبلغ المسافة أتم للإجماع المنقول و ظاهر بعض الروایات الخاصة و المشهور بین الأصحاب و لو کان قدر الرجوع مما یبلغ المسافة أو کان بانضمام الباقی إلی الرجوع یبلغ المسافة و کذا یتم فی الرجوع إذا لم یبلغ مسافة و لو بلغ قدره مع الباقی مسافة و لا یضم إلیه الباقی بعد سقوط اعتباره و کذا یتم فی نفس المقصد إذا عزم علی الرجوع و إن بلغ قدر المسافة علی الأظهر و للاستصحاب و ظاهر کلام الأصحاب و بعض روایات الباب ففی روایة عمار مما یشعر بوجوب التقصیر بعد بلوغ من لا یقصد السفر قدر ثمانیة فراسخ مطلقاً فی الرجوع و فی نفس المقصد و فیما بقی من الذهاب لقوله فیها (هی فی الرجل یخرج فی الحاجة و هو یرید السفر فیمضی فی ذلک فیتمادی به المضی حتی یمضی ثمانیة فراسخ کیف یصنع فی صلاته فإنه یقصر و لا یتم الصلاة حتی یرجع

ص: 322

إلی منزله) لکنها مخصوصة بحال الرجوع وفاقاً للمشهور و استناداً للإجماع المنقول عن الرجل یخرج فی حاجة فیسیر خمسة فراسخ أو ستة فراسخ فیأتی قریة فینزل فیها ثمّ یخرج منها فینزل خمسة فراسخ أخری أو ستة لا یجوز ذلک الوضع قال: (لا یکون مسافراً حتی یسیر من منزله أو قریته ثمانیة فراسخ فلیتم صلاته) بحمل الموثق علی وجوب الإتمام فیما بقی مما هو دون المسافة و فی نفس المقصد و حمل الأول علی حال الرجوع فیخصص الأول بالثانی دون العکس لقوة الثانی و تأییده بما ذکرناه خلافاً لمن عکس.

بحث: الأمر فی القصر یدور مدار القصد

کما تقدم فلو قطع مسافات من غیر قصد لم یؤثر فی التقصیر أثر و لو قصد مسافة قصر و إن لم یقطعها لعروض عارض سماوی أو أرضی أو شرعی و من جملة قصد العدول عن قصد المسافة فی أثنائها قبل بلوغها أو عدم استمرار قصده کأن تردد قبل ذلک للأخبار المتکثرة و الإجماعات المنقولة و ظاهر الاتفاق و اشتمال الأخبار هنا علی ما لا نقول به من إیجاب قضاء الصلاة تماماً و تحدید المسافة بفرسخین و إیجاب التقصیر فی أربعة مطلقاً لا یضر فی الاستدلال بعد انجبار مورده بفتوی المشهور و عمل الجمهور فلیطرح مکان الخلاف أو یؤول و لا یجب علیه قضاء ما فعله قصراً لحصول الامتثال و لبعض الأخبار کالصحیح (تمت صلاته و لا یعید) المعتضدة بفتوی المشهور و عمل الجمهور فیحمل ما دل علی وجوب الإتمام بعد ذلک إعادة أو قضاء مطرح محمول علی الاستحباب أو علی التقیة و لا یبعد الوسط و الفرق بین خروج الوقت فلا إعادة و بقاؤه فالإعادة جمعاً بین الأخبار و لیس بأولی مما ذکرنا مع مخالفته للمشهور و ندرة القائل به و لو عدل من مقصده إلی مقصد آخر بحیث یبلغ الثانی علی ما مضی المسافة بقی علی التقصیر لکفایة قصد المسافة الکلیة کما یظهر من عموم الأخبار و لا عبرة بالشخصیة کما تخیله بعض الأصحاب و من قصد الثمانیة الامتدادیة فرجع قصده إلی الثمانیة الملفقة عاد حکمه إلی التخییر و من قصد مکاناً معیناً لا یعلم قدره لا یجب علیه الاختیار بل یتم صلاته لأصل عدم بلوغ المسافة و بقاء التمام فلو انکشف أنه مسافة بعد ذلک لا یقضی ما فعله و لا

ص: 323

یعید لحصول الامتثال و فی الأخبار ما یشیر إلیه بالفحوی نعم لو انکشف فی أثناء الصلاة عدل إلی القصر ما دام محل العدول باقیاً و إلا مضی و لو کان فی الثالثة مضی و الأحوط الإعادة و القضاء فی هذه الصورة بل الأحوط الإعادة مطلقاً و القضاء مطلقاً لانکشاف أن فرضه فی الواقع هو القصر لقصده المسافة ضمناً بقصد المکان المعین و استناد الجهل إلی التقصیر بعدم الاختیار إنما نشأ منا و الأمور معلقة بالأمور الواقعیة و أعلی إن العادل عن قصده لو رجع إلیه عزمه علی السفر قصر إن بلغ ما مضی و ما بقی منه مسافة و لا یلغی هاهنا اعتبار الماضی کما ألغیناه فیمن لا قصد له حیث منعنا التلفیق هنا لأن الروایة فی قوله (علیه السلام): (فإذا مضوا فلیقصروا) و القاعدة و کلام کلها مشعرة بالتلفیق و الضم دون ما تقدم.

بحث: الخادم و الزوجة و العبد و الرفیق التابع و کل من بنی علی التبعیة للغیر إن عرف قصد المتبوع فقصده فلا إشکال

و إن عرف قصده فتردد فی التابعیة أو عزم علی عدمها و لو حراماً و لو علق تبعیته علی أمر مشکوک حصوله من إعطاء درهم أو دینار أو علق رجوعه علی حصول أمر متوقع من طلاق زوجة أو عتق العبد أو فک الأسیر لم یکن قاطعاً مسافة و إن لم یعرف قصد متبوعة فقرن قصده بقصده فسار معه أتم أیضاً و لا یتم تحت مناه قصد المسافة نعم لو عرف قصد المتبوع لم یکن من عزمه فسخها و التردد فیها بل کانت محبوبة له و محتملة له علی بعد لم ینافی ذلک قصد المسافة و المکره إن بلغ حد الإلجاء بحیث کان مسلوب القصد و الشعور کان کالمجنون و السکران و الساهی و الغافل حیث یجب علیهم التمام و إلا کانت التبعیة تقیة وجب القصر عند قصد المسافة لأن حرکاته اختیاریة و قصد معتبر و الدلیل علی اعتبار القصد التابعی شمول الأدلة له کالقصد الأصلی و خصوص بعض الروایات أیضاً و السیرة قاضیة به ایضاً و الجنون و الغفلة و النسیان فی أثناء المسافة بعد قصدها لا یخل استصحاباً لحکمها و غایة ما خرج بالدلیل انتقاضها بالعدول عنها بخلاف الابتداء فإن هذه کلها مضادة لقصد المسافة و لا یقوی القول بإقامة قصد الولی مقام قصد المولی علیه فی المسافة ابتداء و استدامة للسیرة الدالة علی ذلک فلو أفاق المجنون أو بلغ الصبی أو میز و هو بأثناء

ص: 324

السفر قصر و إن لم یبق لهما إلی القصد مسافة و الأحوط الجمع و منتظر الرفقة إن اطمأن باللحوق قصر و إلا أتم و من علم أنه یجز فی الأثناء و لا یعلم حاله بعد ذلک یقصر و الأحوط الجمع و کذا من علم أنه یموت و یقوی للمقصر حینئذ لو علم أنهم یحملونه إلی تمام المسافة أما لو علم أنهم یرجعون به فلا إشکال بوجوب التمام.

بحث: یجب الإتمام فی الوطن العرفی

لأنه حضور فیقابل السفر و یراد به المکان الذی اتخذه لإقامة نفسه و أهله فیه دائماً و هو أما أن یکون ناشئاً فیه من الآباء و الأجداد متلقیة عمن سلف عنه بحیث سکنت نفسه إلیه و عزمت علیه أو یکون متخذاً له فی أثناء عمره عازماً علی الإقامة فیه مدی دهره معرض عن غیره من المواطن قاصراً سکناه علیه من بین الأماکن ونیة التابع نیة المتبوع فی الوطنیة إذا عرف من نیته التوطن و عزم علی المتابعة و تقوم نیة الولی مقام نیة المولی علیه فی الوطنیة علی الأظهر للسیرة المعهودة و الطریقة المألوفة و لا یحتاج الإتمام و الصیام فی هذین إلی نیة الإقامة أو إقامة ستة أشهر عددیة أو هلالیة متفرقة أو مجتمعة منویة اما لا فی ملکه أم لا و إن کان الأحوط فی الثانی إقامة ستة أشهر لإتمام لعموم ما دل علی الإتمام للخاص و الواصل إلی بلده و الوارد إلی أهله و غیر ذلک من الأخبار و لا یشترط فیهما وجود ملک ثابت من منزل أو خان أو دار أو عقار سواء کان ملک عین أو منفعة لما ذکرناه و یجوز أن یکون للإنسان وطنان عرفیان إذا عزم علی التوطن فیهما بحیث یقسم سنة بینهما شطرین متقاربین لا یزید أحدهما علی الآخر کثیراً أو نصفین حقیقیین سواء واصل کل واحد نصف أو فرق بینهما بحیث تولد من المجموع لکل واحد نصف سنة فکل واحد منهما یسمی وطناً له و تجری علیه أحکام الوطن حینئذ و الأحوط اقتسام السنة بینهما نصفین کرحلة الشتاء و الصیف و أن یکون متحدین فلا یجوز اتخاذ أکثر من وطنین لعدم تسمیة ذلک عرفاً وطناً و لا یعتبر الملک فی الوطنین لدوران التمام مدار الفعلیة و من لم یتخذ فی الدنیا وطناً کالسائح قوی إجراء حکم التقصیر علیه و یحتمل وجوب الإتمام لأن الدنیا وطنه و لأن السفر عمله أو لأن أهابه بینة و الأحوط علیه الجمع و وطن الأعراب بیوتهم حلوا أو ارتحلوا نزلوا فی أماکنهم المعهودة أو غیرها علی الأظهر و من

ص: 325

لا بیت له منهم فوطنه أهله و من لا أهل له فوطنه نفسه إذا کان من أهل الحلول و الارتحال و لو فارق أهله أو قصد حاجة غیر الحلول و الارتحال قصر و الأحوط لمن عرض عن وطنه و اتخذ وطناً جدیداً الجمع بین القصر و الإتمام إلی أن تمضی علیه ستة أشهر و الأحوط أن تکون متواصلة أو ینوی نیة الإقامة فیتم إلی مقدار مضیها و لا یجب الإتمام فی غیر الوطن العرفی من ملک ثابت منزل أو غیر منزل مملوک العین أو المنفعة مستوطن فیه ستة أشهر متواصلة أو متفرقة منویة أو غیر منویة هلالیة أو عددیة مصلیاً فیه تماماً أو قصراً و لم یکن مستوطناً فیه علی الأظهر فی ذلک کله لعدم دلیل واضح علیه سوی ما جاء فی وجوب الإتمام فی الضیعة و الدار و القریة و النخلة الواحدة علی وجه الإطلاق و لا قائل به من الفقهاء المعتمدین لأن أصحابنا بین من أوجب التمام فی محل الملک مطلقاً بشرط الاستیطان ستة أشهر و بین من أوجبه فی المنزل بذلک الشرط ایضاً فإیجابه مطلقاً لا یجوز القول به و أخباره مطرحة أو محمولة علی التقیة أو مؤولة لشذوذها و معارضتها بأخبار أخر موجبة للقصر فی الضیاع و فی المنزل الذی لم یستوطن ففی الصحیح (کل منزل لا تستوطنه فلیس لک بمنزل و لیس لک أن تتم فیه) و سوی ما جاء فی وجوب الإتمام فی المنزل الذی سکنه أو توطنه ففی الصحیح عن الدار و الضیعة یمر بها قال: (إن کان مما یسکنه أتم الصلاة فیه و إن کان مما لا یسکنه فلیقصر و فی صحیح آخر (کل منزل من منازلک لا تستوطنه فعلیک التقصیر فیه) و فی أخری عن الرجل یسافر فیمر بالمنزل یتم الصلاة أو یقصر قال: (یقصر إنما هو المنزل الذی توطنه) و فی الصحیح الآخر عمن یقصر فی ضیعته قال: (إلا أن یکون له فیها منزل یستوطنه) فقلت: ما الاستیطان فقال: (أن یکون له فیها منزل یقیم فیه ستة أشهر فإن کان کذلک یتم متی یدخلها) و هو ظاهر فی إرادة الوطن العرفی الثانی لذی الوطنین کما تدل علیه الجملة المضارعیة الظاهرة فی الاستمرار و التکرار و یقضی به لفظ الوطن و التوطن و الاستیطان فإن الظاهر منه اتخاذ المکان دار إقامة دائماً فی کل سنة و إن لم یقم ستة أشهر فی کل سنة لا مرة واحدة لأن الجالس فی مکان ستة أشهر فقط مرة واحدة لا یقال له متوطن فیه بل یقال له مقیم و فرق بین الإقامة بالمکان و بین توطنه و یراد بمسکنه

ص: 326

فی الصحیح الدوام أیضاً بقرینة قوله (علیه السلام): (و إن کان مما لم یسکنه) و کذا المراد بتوطنه إن جعلناه فعلًا ماضیاً و إن جعلناه مضارعاً فحکمه حکم باقی الأفعال المضارعة الأخر و قد ذهب إلی هذا جماعة من الأصحاب حیث اشترطوا فی الاستیطان الدوام و الاستمرار فی کل سنة اقتصاراً علی المتیقن فی تخصیص أدلة السفر بما دل علی وجوب الإتمام فی الوطن و قد یراد بالاخبار بالاستیطان الفعلی بقدر ستة أشهر فیتم حینئذٍ قدر الستة أشهر فیکون وطناً شرعیاً خاصاً بالمقدار الخاص و لم أرَ قائلًا به و مشهور الأصحاب حکموا بأن من له ملک ثابت مطلقاً أو منزل قد توطن فیهما ستة أشهر فإنه یجب علیه الإتمام تمسکاً بهذه الروایات المتقدمة و ظاهرهم أن هذا وطن شرعی حکمه حکم الوطن العرفی و ملحق به و یکفی عندهم التوطن فی العمرة مرة واحدة و لا بد عندهم من نیة الاستیطان و فعلیته فلا یکفی النیة مجردة و لا وقوع البقاء ستة أشهر اتفاقاً علی الأظهر و یجوز عندهم تعدد الأوطان إلی المائة و یشترط ملک المنزل و غیره عیناً کما یظهر منهم و اکتفی بعضهم بملک المنفعة و بعضهم بالإعادة فی المنزل و هو قوی لظاهر الأخبار و یظهر منهم اشتراط کون الاستیطان بعد تحقق الملک فلا یکفی بعده و مصاحبته للملک فلا یکفی وحده و کون الملک باقیاً إلی حین المرور فلو زال حکم التمام و کون المصلی تماماً فی هذه السنة لنیة الإقامة لا لجهة أخری من معصیة أو تردد و یظهر منهم أیضاً عدم اشتراط کونها هلالیة و عدم اختصاص إقامة الستة بنفس المنزل أو الملک بل یجوز و لو فی غیره من ذلک البلد و فی جمیع هذه الفروع و فی أصلها نظر لعدم تأدیة الأخبار لما ذکروه فی الأصل و الفروع لظهورها فی فعلیة الاستیطان و التلبس به لا وقوعه قبل ذلک و لو مرة أو فی استمراره و الدوام علیه و اتخاذه کذلک فی کل سنة لا وقوعه فیما مضی و عدم دلالتها علی ما ذکروه من الفروع من اشتراط إتمام الصلاة للإقامة و کفایة تفریق الستة و کفایة الاستیطان بغیر المنزل و اشتراطها ملک العین و اشتراط الملک مقارناً للاستیطان و غیر ذلک و مع ذلک فالأحوط من جهته فتوی المشهور و الإجماع المنقول الإتمام فی کل مکان للمسافر فیه ملک ثابت

ص: 327

ذو إقامة فیه أو فی البلد الذی هو ستة أشهر متواصلة أو متفرقة سواء کانت وطنیة بنیة الدوام فأعرض عنها بعد الستة أشهر أو بنیة الإقامة و التوطن قدر السنة لا غیر.

بحث: التوطن قاطع لحکم السفر و قاطع للمسافرین

فمن تعدی المسافة و مر بوطنه أتم و من عزم علی مسافة و له فی أثنائها وطن لم تحتسب له مسافة و أتم أیضاً و لا ما مضی إلی المسافة إلی ما بقی بعد المرور بالوطن بل یکفی حکم الماضی من الطریق و مثل الوطن دار الإقامة و التردد ثلاثین یوماً فإنهما مما یقطعان حکم السفر و المسافة ابتداء و استدامة و لا یحتسب ما مضی من المسافة قبلهما مع الباقی بل ینظر إلی ما بعد دار الإقامة و التردد فإن بلغ المسافة ذهاباً وجب التقصیر و إلا أتم و لا یضم الذهاب إلی الإیاب سواء بلغ الإیاب مسافة أم لا.

بحث: العاصی بسفره ابتداء و استدامة یجب علیه الإتمام

للإجماعات المحکیة و للأخبار المتکاثرة ففی الصحیح (من سافر قصر و أفطر إلا أن یکون سفره إلی صید أو معصیة أو رسولًا لمن یعصی الله أو فی طلب عداوة فی شحناء أو سعایة أو ضرر علی قوم مسلمین) و فی الموثق عن الرجل یخرج إلی الصید أ یقصر أو یتم قال: (یتم لأنه لیس بمسیر حق) و یلحق بالعاصی بسفره الخارج لصید اللهو إذا قصد مسافة کما تشعر به النصوص و الفتاوی ففی الخبر فیمن یخرج بالصقور و البزاة و الکلاب و هل یقصر من صلاته أم لا یقصر قال: (إنما خرج فی لهو لا یقصر فإن الصید مسیر باطل لا تقصر الصلاة فیه) و فی آخر (سبعة لا یقصرون الصلاة وعد منها و الرجل یطلب التصید یرید لهو الدنیا و أظهر منها المرسل فیمن یخرج للصید الیوم و الیومین أ یقصر أو یتم قال: (یخرج لقوته و قوت عیاله فلیفطر و إن خرج لطلب الفضول فلا) و یفهم من هذه الأخبار إن الصید للهو محرم و إنه من الملاهی المحظورة و إن لم یشتمل علی محرمات أخر و لا یلحق به لتغییر الهواء و الاستئناس من جهة مرض من هم و غم علی الأظهر و لا تفاوت فی سفر المعصیة فی غایته کقطع الطریق أو ضرب مسلم أو إحداث فتنة أو فی نفسه کالفرار من الزحف و الإباق و النشوز و سلوک المکان المغصوب و الظلم و عمال الظلمة و عاصی الوالدین و المسافر بعد النداء یوم الجمعة للمأمور به کالسفر عند

ص: 328

مطالبة الغریم أو وجوب العلم عیناً أو الإنفاق علی من یجب الإنفاق علیه علی القول باقتضاء الأمر بالشی ء النهی عن الضد و ذلک أخذاً بإطلاقات الأدلة من الأخبار و الإجماعات خلافاً لمن قصره علی الأول و له فعل الضد للتخلص من المأموریة فلا شک فی کونه سفر معصیة و لا یلحق به من رکب دابة مغصوبة أو صحب مغصوباً أو غیر ذلک لأنها معصیة فی السفر لا سفر معصیة و الأحوط فیه الجمع بین القصر و الإتمام و کذا لا یلحق به من عمل المعصیة فی الأثناء لکنه لم یقصدها فی سفره و لو قصد المباح أصالة أو کانت المعصیة علی النحو المتقدم.

بحث: سفر الصید للتجارة و للأکل یجب فیه تقصیر الصلاة و الصوم

للعمومات المحکیة و لخصوص ما دل علی الملازمة و الصوم یقصر إجماعاً و الصلاة مثله و للشهرة المحققة بین المتأخرین خلافاً لما نسب لأکثر القدماء من تقصیر الصوم دون الصلاة فی صید التجارة لروایة الفقه الرضوی و للإجماع المنقول و لما أرسله الشیخ (رحمه الله) حیث قال روی أصحابنا و الکل ضعیف عن مقاومة الأدلة المتقدمة و الإجماع المحکی علی التلازم فلا یصلح لتخصیصها و الأحوط الجمع بین القصر و الإتمام و فی صید التجارة.

بحث: من قطع المسافة عاصی فرجع إلی التوبة

ألغی حکم ما تقدم من سفره و نظر إلی الباقی منه إلی المقصد فإن بلغ مسافة قصر و إلا أتم و لا یضم ما بقی إلی الإیاب و إن بلغ مسافة کما تقدم نظیره و من عصی فی الأثناء فأثم فرجع إلی الطاعة ألغی حکم مقدار ما قطعه و هو عاصی و لا یضم إلی ما بقی أیضاً للإیاب و إن بلغ مسافة کما ذکروه و هل تحسب من المسافة ما قطعه قبل المعصیة فیضم إلی ما بقی بعد الطاعة أم لا یحتسب و یلغی وجهان أقواهما أنه یحتسب لعمومات الأدلة و غایة ما خرج مقدار ما قطعه عاصیاً و فی بعض الأخبار إشعار به و الأحوط الجمع هنا بل الأحوط الجمع فی العدول من العدول مطلقاً إذا بلغ المجموع مسافة.

بحث: یجب علی المکاری و الملاح و الجمال و البرید و البدوی و الأشتقان و هو أمیر البیادر علی الأظهر و الراعی و التاجر الذی یدور فی تجارته الإتمام و الصیام

و إن بلغوا

ص: 329

من المسافة ما بلغوا للإجماع و الأخبار ففی الصحیح (لیس علی الملاحین فی سفنهم تقصیر و لا علی المکاری و الجمال) و فی آخر ذکر المکاری و الجمال و فیه أن الأمر بالإتمام للصلاة و القیام و فی آخر (أربعة قد یجب علیهم التمام فی السفر کانوا فی حضر المکاری و الکری و الراعی و الأشتقان لأنه عملهم) و الظاهر أن المراد بالکری هو من کان دأبه أن یکری نفسه للمسیر و فی آخر (الأعراب لا یقصرون و ذلک أن منازلهم معهم) و فی آخر (خمسة یتمون وعد منهم المکاری و الکری و الأشتقان و الراعی و الملاح) و فی آخر (سبعة لا یقصرون الصلاة الجابی یدور فی جبایته و الأمیر یدور فی إمارته و التاجر الذی یدور فی تجارته من سوق إلی سوق و الراعی و البدوی الذی یطلب مواضع القطر و منبت الشجر) و الأقوی و الأظهر أن هذه المضمونات فی الأخبار من قبیل المثال لمن کان السفر عمله و کان قطع المسافة و المسیر صنعته له کما یشعر به التعلیل المتقدم و تنقیح المناط القطعی و فتوی الأصحاب فلا یقتصر فی الحکم علی الأوصاف العنوانیة فی الأخبار و لا یتسری منه لکثیر السفر و إن لم یکن عمله و لا صنعة له کالمواقع لبعض أهل الحاجات فی بعض الأوقات اقتصاراً علی مورد الیقینی من النصوص و الفتاوی و إن أطلق فی جملة منها القول بوجوب الإتمام علی من کان سفره أکثر من حضره نعم هذه الأوصاف العنوانیة تلازم کثرة السفر و کونه صنعة للمتصف بها کما یشاهد فی العرف و لا بد من اتصافه فیها بالفعل بذلک فلو عرض عنها لوصف آخر لا یجری علیه حکم التمام و قصر لظهور إرادة التلبس بالمبدإ من الأخبار و لو سافر من کان السفر عمله فی غیر الوصف الذی عمل فیه کأن سافر للزیادة أو شبهها قصر و علی ذلک یحمل ما جاء من الأمر بالتقصیر علی المکاری إذا سافر و لو انتقل من وصف إلی آخر متحد معه فی الحکم جری علیه حکمه و لو جد السیر بالمکاری و الجمال فلا یبعد القول بوجوب التقصیر علیها للأخبار الدالة علی ذلک و الاعتبار یساعده أیضاً من جهة حصول المشقة علیهما و لکن الأقوی الإتمام و الأحوط الجمع بهما کل من کان عمله ذلک و قد جد به السیر احتیاطاً و یقوی القول بوجوب التقصیر علی من کان عمله السفر عند تلبسه به و نسبته له و لو بأول سفره و الأحوط الجمع فی الأولی و الثانیة

ص: 330

و الأحوط الجمع فیهما و فی الثالثة و الاحتیاط بعد ذلک بعید و الأحوط لمن کان کثیر السفر و إن لم یکن السفر عمله بحیث صدق عرفاً أنه کثیر السفر و سفره أکثر من حضره الجمع بین التمام و القصر بعد السفرة الثانیة من الثالثة فما فوق لأنه لم یتحقق بها وصف الکثرة و البدوی لو فارق أهله قصر و لو صحب بنیة النزول فیه بل لغرض آخر و کان قاصداً حاجة أو زیارة قصر أیضاً و لو خرج عن مواضعه المعتادة له فی النزول کان الأحوط له الجمع بین القصر و التمام و هل إیجاب التمام علی البدوی لأن السفر عمله أو لا بیته وطنه أو لکثرة سفره وجوه أقواها الوسط و یترتب علی ذلک أحکام عدیدة.

بحث: إقامة العشرة المنویة مع العلم بالبقاء أو ظنه بحیث یحصل له معه سکون النفس بالبقاء و العزم علیه

و لا یضر احتمال العدم فوجب الإتمام علی المسافر للإجماع و الأخبار المتکثرة و مثلها العشرة المعلوم البقاء فیها و لو أکثرها للأخبار و فتوی الأصحاب و لا یتفاوت الحال بین کونها تامة أو ملفقة من یوم الأول و الأحد عشر لصدق العشرة عرفاً فی وجه قوی و یحتمل احتساب المنکسر یوماً تامّاً سیما لو کان الکسر قلیلًا الأحوط عدم احتسابه و عدم تلفیقه قلیلًا کان أو کثیراً و یراد بالیوم من طلوع الفجر إلی غیبوبة الحمرة المشرقیة و تدخل اللیالی التسع فی غیر الملفقة و العشر فی الملفقة و لا یصح التلفیق من اللیالی لظاهر الأخبار و فتوی الأصحاب ونیة التابع فی الإقامة نیته المتبوع علی نحو ما تقدم ونیة الولی تقوم مقام نیة المولی علیه فی الأظهر و علم موته فی أثناء الإقامة فلا بأس ما لم یعلم نقله عن ذلک الموضع أو یظن أو لا یقدح بنیته الإقامة ونیة الإقامة تقطع حکم السفر ابتداء فلو نوی مسافة یقیم فی أثنائها أثم لعدم صدق المسافة و صدق السفر الشرعی و تقطعها استدامة کذلک و هو مورد تواتر الأخبار و الإجماع و یلغی حکم ما قبلها من المسافة فلا یضم إلی ما بقی و یعتبر الباقی فإن بلغ مسافة قصر و إلا أتم و لا یضم إلی ما بقی و یعتبر الباقی فإن بلغ مسافة القصر و إلا أتم و لا یضم ما بقی إلی الإیاب سواء بلغ إلا باب مسافة أم لا.

ص: 331

بحث: کما تقطع الإقامة حکم السفر تقطع أیضاً حکم کثرته

فتکون سبباً لتقصیر الصلاة بعد الفراغ منها لکثیر السفر فمن کان السفر عمله و أقام فی غیر بلده عشرة منویة حکم علیه بالتقصیر إذا سافر بعد الإقامة للشهرة المحصلة القطعیة و الإجماع المنقول و لظاهر الصحیح و غیره المکاری و الجمال الذی یختلف و لیس له مقام فإن التبادر من لفظ المقام إقامة العشرة دون ما دونها و ما فوق دونها و لا قائل أیضاً بإیجاب القصر فی مقام دونها مطلقاً و إلا لزم عدم وجوب الإتمام علی کثیر السفر مطلقاً لعدم انفکاکه عن مقام یوم أو یومین و للمرسل عن حد المکاری الذی یصوم و یتم کلما أقام فی منزله أو فی البلد الذی یدخل أقل من عشرة أیام وجب علیه التمام و إن کان مقامه فی منزله أو فی البلد الذی یدخل أکثر من عشرة أیام فعلیة التقصیر و الإفطار و ضعفه منجبر بما مر و اشتماله علی قید الأکثر غیر مضر لورود الغالب من عدم وقوع الإقامة عشراً لا أقل و لا أکثر و للصحیح (المکاری إذا لم یستقر فی منزله إلا خمسة أیام أو أقل قصر فی سفره بالنهار و أتم باللیل و حرم صوم شهر رمضان و إن کان له مقام فی البلد الذی یذهب إلیه عشرة أیام أو أکثر و ینصرف إلی منزله و یکون له مقام عشرة أیام أو أکثر قصر فی سفره و أفطر) و اشتماله علی ما نقول به غیر مغایر بعد انجباره بما تقدم و اختصاص الأخبار بالمکاری لا یضر لشموله لغیره بتنقیح المناط و بعدم القائل بالفرق ممن یعتد به من أصحابنا و یشترط مصاحبة العشر التی فی غیر وطنه لنسبته لفتوی المشهور و الإجماع المنقول و لأن المنویة أقرب للوطنیة لتنزیلها منزلة الوطن کما یظهر من أخبار نهی الأقرب لانقطاع حکم کثرة السفر ممن لم تکن منویة و لأنه هو المتیقن من قطع حکم کثرة السفر و لا یبعد إلحاق العشرة مطلقاً بعد التردد ثلاثین یوماً بالفترة المتحققة فی الوطن لأن التردد بعد الثلاثین بمنزلة المتوطن کما یشیر إلیه بعض الأخبار فلا یحتاج إلی نیة و ألحق بعضهم التردد ثلاثین یوماً بالعشرة منزلة الوطن لا تفید إذ الوطن لا یقطع حکم کثرة السفر و إنما تقطعه إقامة العشرة و تنزیل التردد منزلتها لا دلیل علیه و هل یشترط فی العشرة القاطعة کحکم کثرة السفر عدم الخروج عن محل الترخص مطلقاً أو لا یشترط سوی عدم الخروج علی المسافة وجهان و القول بعدم

ص: 332

الاشتراط فی الإقامة من بلده و بالاشتراط فی الإقامة فی غیره أوجه منهما و هل یشترط توالیها بالنسبة إلی الوجه الأول لو قلنا بالاشتراط أو لا یشترط وجهان أو وجههما الأول لأنه المتبادر من لفظ الإقامة و لیعلم أن التقصیر واجب علی المقیم بالنحو المتقدم فی السفرة الأولی فقط علی الأظهر لأنه المتیقن من انقطاع حکم التمام بها و لاستدامة وجوب المقام فی منزله بعد السفرة الأولی و یحتمل إجراء حکم التقصیر للسفرة الثانیة أیضاً و هو قوی أیضاً لإطلاق الأوامر بالتقصیر و استصحاب حکمه علی أن یتیقن المزیل و هو فی الثالثة مقطوع به و یبقی الباقی و الأحوط الجمع فی الثانیة بین القصر و الإتمام و ذهب جمع من أصحابنا إلی أن المکاری إذا أقام خمسة أیام فی منزله قصر صلاته نهاراً و أتم لیلًا و صام شهر رمضان استناداً لبعض الروایات المعارضة للأخبار المتقدمة الآمرة بالإتمام و الأخبار الدالة علی تلازم التقصیر و الإفطار و المشهور بین الأصحاب أیضاً باب الاحتیاط غیر خفی.

بحث: یجب تواصل لإقامة العشرة فی الزمان

و یندرج فیها الفاضل و لو مرة واحدة لا یخل بصدق إقامة العشر عرفاً لا وجه له لأن ذلک من المسامحات العرفیة لا من الموضوعات العرفیة المتعلقة بها الأحکام الشرعیة و یجب أن تکون العشرة فی بلدة واحدة أو قریة واحدة أو بیوت فی البلد الواحدة ما خرج من سورها إلی مکان لا یسمع فیه الأذان و لا یری الجدران فإن المفهوم من الأخبار و کلام الأخیار إن منتهی حدود البلدان فی هذه الأحکام هو ما ذکرناه فلا یجب فی نیة الإقامة الاقتصار علی سورها المحیط بها و لا یجوز إدخال ما فوق الحدود فیها و لو فی بعض الأیام لا علی سبیل الدوام و لا إدخال توابعها بها إذا تجاوزت الحدود من مزارعها و رساتیقها و أنهارها و توابعها من القری المتصلة بها إذا لم یصدق علیها اسم ذلک البلد عرفاً حتی لو اتسعت دائرتها اتساعاً خارجاً عن المعتاد اعتبر فی الإقامة قدر المعتاد من محالها و جری حکم الخارج و ذهب بعضهم إلی جواز إدخال ما فوق الحدود من سماع الأذن و رؤیة الجدران فی نیة الإقامة فی البلد إذا کانت من توابعها و مزارعها تمسکاً بصدق الإقامة عرفاً علی ذلک و عدم إخلاله بالمتوالی فی الزمان و وحدة المکان و لم یثبت لها

ص: 333

حقیقة شرعیة بحیث یدخل فی مفهومها عدم التجاوز عن الأمرین المتقدمین أو تجاوز بعضهم فأجاز بعضهم فأجاز التعدی إلی ما دون المسافة مرة أو مرات کما یقضی به إطلاق کلامه و الکل بعید و لو لا المشهور و إشعار بعض الأخبار إن ما دون الحدین مما یعد دون البلد لقصرنا نیة الإقامة علی منتهی سورها و آخر بممارستها و أما ما ورد فی بعض الأخبار من أنه من قدم قبل الترویة بیوم أو یومین أو ثلاثة قال: (إنو مقام عشرة أیام و أتم الصلاة) و کذا إطلاق الصحیح المتضمن (أن من توجه إلی عرفات قصر و إذا رجع زار البیت و رجع إلی منی فعلیه الإتمام) و کذا الآخر (إن من قدم قبل الترویة بعشرة أیام وجب علیه إتمام الصلاة و هو بمنزلة أهل مکة فإذا خرج إلی منی وجب علیه التقصیر و إذا زار البیت أثم و علیه إتمام الصلاة إذا رجع إلی منی حتی ینفر) و هو شاذ لا یعول علیه مشتمل ظاهره علی ما لا نقول به فاما أن یطرح أو یحمل الأول علی التجوز فی الإقامة و یکون الإتمام من جهة الحرمین أو علی ما الأمر بالإقامة و یکون الإتمام فی الثانی علی ما بعد الرجوع من منی ونیة الإقامة و کذا الأمر بالإتمام فی الثالث عند زیارة البیت لمکان المسجد الحرام أو فی منی لمکان الإقامة بعدها.

بحث: العاصی بإقامته کالعاصی بسفره یتم للمعصیة

و للإقامة و المتردد ثلاثین یوماً فی مکان واحد عرفاً و إن ظن البقاء أو ظن عدمه أو جزم بالعدم إذا لم یجزم بالإقامة بقصر فیها ثمّ یتم بعدها للأخبار و کلام الأصحاب و مرورها و إن کان المتردد و هو الشاک و أکثرها و إن کان معلقاً علی لفظ الشهر لکن الأول یشمل الشاک و الظان لإرادة غیر الجازم منه عرفاً و الثانی یراد منه الثلاثین یوماً لورودها بالخصوص فی الخبر المعتبر و کلام الأکثر فیحمل لفظ الشهر علیها حمل المجمل علی المبین و المطلق علی المقید و لظهورها من لفظ الشهر أیضاً و تظهر الثمرة فیما قارن دخول البلد الهلالی و کان تسعة و عشرین یوماً و أما لو لم یقارن فلا شک حینئذ فی إرادة العددی لأنه تلفیقه هلالیاً و طرح المنکسر بعیدان جداً لا یقول بهما أحد و أما الیوم المنکسر فالأقوی تلفیقه من الواحد و الثلاثین و یحتمل طرحه و الأحوط الجمع إلی أن یکمل الصحیح ثلاثین و تدخل اللیالی المتوسطة و لا عبرة باللیلتین الأولی و الأخیرة إلا فی الحکم المنکسر عند

ص: 334

إرادة التلفیق و دعوی أن الشهرة متواطئ فأی فرد سبق منه اعتبر فی الحکم بعیدة عن العرف و اللغة و المجنون و شبهه إذا بقی ثلاثین یوماً حکمه حکم المتردد علی الأظهر.

بحث: لا یجوز للمسافر الخارج من وطنه أو من دار إقامته أو من مکان تردد ثلاثین یوماً التقصیر حتی یتواری عنه مشکل جدران

و یخفی اذانها قطعاً من خفاء الأمرین معاً و لو کان فی بساتین البلد أو مزارعها بالنسبة للبلد المتوسط و الأرض المتوسطة و الزمان المتوسط فلا عبرة بالسماع وقت هجوع الناس و علو الهواء إلی نحو السامع و لا یعدم عند الغوغاء و انقلاب الهواء و لا عبرة بالجدران العالیة جداً و الملونة بألوان شعاعیة من حمرة أو صفرة و بیاض و لا بالبصر الحدید و لا عبرة أیضاً بالحرم بل العبرة بتفصیل الصورة و اللون و یعتبر رؤیة آخر البلد من طرف المسافر و سماع الأذان فیه و لا یشترط سماع أذان وسط البلد و بیوت الأعراب و شبهها حکمها حکم البلد و المتسع الخارق للعادة فی اتساعه یقدر له بلد متوسطة فیعتبر له رؤیة جدرانها و سماع الأذان منها لو اختلف السامعون و المبصرون مع تساویهم فی حد الوسط غیر السامع و غیر المبصر للسامع و المبصر یحتمل اختلاف حکم کل منهما بالقصر و الإتمام و یجوز اقتداء کل منهما بالآخر علی الأظهر و لو تعارضت البینتان فالأقوی وجوب التمسک بالأصل و استصحاب التمام و یحتمل تقدیم بینة المثبت للسماع و الرؤیة مطلقاً و یحتمل تقدیم بینة المثبت لبلوغ الحد و إن استلزم نفیاً کما أن الأول یستلزم نفیاً لبلوغ الحد أیضاً و یحتمل تبعیة الشهادة لصورة أرادها من نفی أو إثبات أو یقوم مقام الجدران ما شابهها من نخل و أشجار و کرود و یقوم مقام الأذان و إن ما شابهه من صوت حیوان أو جماد کتفق و طبل و شبهها و لو لم فی البلد مصوت و لا جدار قدر وجودها و اعتبر بعد ذلک و لا یعتبر تمییز الفصول فی الأذان علی الأظهر هذا کله فی خفائهما معاً و لو خفی أحدهما فقط فإن قلنا إن خفاء أحدهما لازم لخفاء الآخر و عدمه لازم لعدمه و إن خفی علی الحس ذلک فلا إشکال و إن قلنا بعدم التلازم کما هو الظاهر فهل یکتفی بخفاء أحدهما مطلقاً و إن ظهر الآخر أو لا یکتفی مطلقاً استصحاباً لحکم التمام أو یکتفی به لو جهل الآخر ظهوراً أو خفاءً و لو علم ظهوره فلا یکتفی به و علی الاکتفاء بخفاء

ص: 335

أحدهما فهل یختص بخفاء الرؤیة فقط کما ذهب إلیه بعضهم تقدیماً للأخبار الدالة علیه أو العبرة بخفاء الأذان فقط تقدیماً للأخبار الدالة علیه أو طرحاً لما خالفها أما مطلقاً أو المتوسطة منه کما عن الحلی وجوه أقواها عدم اعتبار خفاء أحدهما مطلقاً أو معیناً لأرجحیة الجمع بین ما دل علی التحدید بالأذان و بین ما دل علی رؤیة الجدران بتقیید کل منهما بالآخر و الأخذ بکل منهما فیما عدا الخاص علی الجمیع بالتخیر کما نسب للقدماء لاعتضاده بالأصل و استصحاب التمام و شمول الخاص عرفاً لمن لم یبلغ حد خفائهما علی الأخذ بأحدهما و طرح الآخر کما ذهب إلیه جماعة کما تقدم و تقیید کل منهما بالآخر هنا لیس من الممنوع عقلًا کاحتمال الأمر و النهی فی واحد شخص عند تناوله فی العامین من وجه کالصلاة فی الدار المغصوبة لرجوعه هنا إلی تقید کل منهما بمفهوم الآخر و لا بأس به إذا کان أقرب للجمع من غیره فتأمل و الأحوط الجمع عند خفاء أحدهما إلی أن یعلم خفائهما فیقصر حینئذ.

بحث: ذهب بعض من أصحابنا إلی عدم اعتبار هذا الشرط

و اکتفی بالخروج من المنزل فی القصر و ظاهره و إن کان فی بلده لما جاء فی بعض الأخبار من تعلیق التقصیر علی الخروج من المنزل و هی ضعیفة سنداً و دلالةً لاحتمالها التقید بالشرط المتقدم المدلول علیه بالأخبار و الإجماع المنقول و الشهرة العظیمة المحققة فیضعف لذلک القول بها نعم لا یشترط هذا الشرط فی جمیع أسباب التمام ما عدا ما ذکرناه من الوطن و دار الإقامة و التردد ثلاثین یوماً و لما دل علی أنها بمنزلة الوطن لما ورد فی الصحیح (أن من ورد فبل الترویة بعشرة أیام فهو بمنزلة أهل مکة) و ما ورد (أن المقیم إلی شهر بمنزلتهم) فلا یشترط هذا الشرط فیمن سافر عن المعصیة أو فارق عمله أو جزم علی السفر بعد تردده أو قطعه بعدمه و قد بعد عن بلده أو طلب الآبق و الضائع و غیرهما نعم یشترط الضرب فی الأرض علی الأظهر و الأحوط فی خصوص الملاح الجمع و لا یکفی مجرد قصد المسافة مع بقائه فی مکانه استصحاباً لحکم التمام و إن کان الأحوط الجمع حتی یضرب فی الأرض و الأحوط فی خصوص الملاح الجمع بین القصر و الإتمام حتی یحصل خفاء الجدران و الأذان لما ورد عن الملاحین و الأعراب هل علیهم تقصیر قال: (لا لأن

ص: 336

بیوتهم معهم) فتنزل السفینة حینئذ منزلة الوطن و اعلم أن الأخبار فیها أن یتواری المسافر عن البیوت لا تتوری البیوت عن المسافر و قربه بعض المتأخرین بقربه للعلامة الثانیة و لکن فهم الأصحاب مما یصرف ظاهر الخطاب سیما و إن هذا الاستعمال غیر منکر فی اللسان و لا مهجور عند أهل البیان و ربما یدعی أنهما سواء بناء علی أن المراد أشکل الجدران تفصیلًا لا جرمها اجمالًا فتواریه لا ینفک عن تواریها غالباً علی وجه التقصیر أو علی أن التواری تفاعل من الجانبین فمتی توارت منه توارت منها.

بحث: الراجع من سفره یتم عند ظهور إحدی العلامتین

لصیرورته عند أهله و فی بلده لأن المفهوم من الأخبار إن حد الترخص کاشف عن حدود البلد عرفاً و دخول المسافر فیها و الأحوط الجمع إلی ظهور إحدی العلامتین و أحوط منه الجمع إلی أن یدخل البلد و أحوط منه إلی أن یدخل المنزل لتعلقه فی کثیر من الروایات الإتمام و عدم التقصیر علی دخول المنزل و البیت کما أفتی به ابن بابویه و لکن الأقوی ما قدمناه للصحیح (إذا کنت فی المنزل الذی تسمع فیه الأذان فأتم و إذا کنت فی الموضع الذی لا تسمع الأذان فیه فقصر و إذا قدمت من سفرک فی مثل ذلک) و ظاهر المماثلة فی الأمرین معاً لا فی الأخیر فقط کما قد یتخیل و عدم وجود الفقر الأول فی بعض النسخ غیر ضائر بعد وجودها فی نسخ أخری مستفیضة موافقة لفتوی المشهور و عمل الجمهور و خصوصیة الذکر عدم سماع الأذان لا یقضی بتخصیصه فی الحکم کما یظهر من الفاضلین لعدم القائل بالفرق ممن یعتد به غیرهما و لأن المفهوم من الأخبار أن کلًا منهما علامة علی بقاء صدق الحضور و عدمها دلیل علی الخروج منه إلی السفر و أما الأخبار المعلقة للتمام علی دخول المنزل و البیت فهی موافقة للعامة فتطرح أو تحمل علی إرادة ما دون الترخص إلی المنزل و من البیت و المنزل توسعاً لأن الغالب أن المسافر عند قدومه إلی محل الترخص لا یمکث خارج بیته و یسرع فی الدخول إلیه و ما ورد فی الموثق صریحاً (إن من دخل بیوت الکوفة یبقی مقصراً حتی یدخل بیته) محمول علی التقیة أو علی البیوت الخارجة من حدود الکوفة لاتساعها یومئذ.

ص: 337

بحث: یتخیر المسافر بین القصر و الإتمام فی الحرمین

و هما مکة المشرفة و المدینة مما تسمی کذلک حال الصدور فلا یلحق بهما ما زاد علی ذلک بعد و لا تدخل توابعها من بساتین و رساتیق و لا مسافة یسمع منها الأذان و تری فیها الجدران و یدل علی ذلک الأخبار الدالة علی الإتمام فی الحرمین و الإتمام فی حرم الله و حرم رسوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و المراد بالحرم هو نفس البلدین وفاقاً للمشهور و اقتصاراً علی المتیقن من لفظ الحرم و جمعاً بین ما دل علی وجوب الإتمام فی الحرم و بین ما دل علی وجوب الإتمام فی مکة و المدینة بحمل لفظ الحرمین علیهما بقرینة الشهرة و للأخبار الدالة علی أن مکة حرم الله و المدینة حرم رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و ظاهرها اتحاد الحرم فیهما فی هذا المقام و صحیحة ابن مهزیار و فیها أی شی ء تعنی بالحرمین قال: (مکة و المدینة) فلا یراد بالحرم ما یراد فی کتاب الحج کما نسب لبعض الأصحاب و إن کان لفظ الحرم یقضی به و ذکر مکة و المدینة فی الأخبار الأخر لا یقضی بتخصیصه لأن العام و الخاص المبتنین لا یحمل أحدهما علی الآخر لندرة القول به و لظهور الأخبار بخلافه و یقوی القول بوجوب الاقتصار فی الإتمام علی خصوص المسجدین کما ذهب إلیه جمع من أصحابنا اقتصاراً علی مورد الیقین و حملًا لأخبار الحرم و مکة و المدینة علی خصوص المسجدین و فیه إن ما بین روایات الحرم و روایات مکة و المدینة و بین روایات المسجدین کالعموم و الخصوص کالإطلاق و التقیید و العام و الخاص المثبتان لا یحمل أحدهما علی الآخر علی أن روایات المسجدین ضعیفة فلا تقاوم تلک فحملها علی أن تخصیصها لأغلبیة وقوع الصلاة فیها سیما للحاج و المترددین و علی تقدیر اختصاص الحکم بالمسجدین فیراد بهما ما کان کذلک فی زمن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) دون ما زاد بعده و کما ورد من وقوع الزیادة فی مسجده (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی زمن عمر دون ما نقص و یقوی القول بأن المراد بهما ما کان زمن صدور الروایات و الأحوط الأول و یتخیر أیضاً فی مسجد الکوفة للروایات المعلقة للحکم بنفس المسجد فیحمل علیه ما دل علی إتمام الصلاة بحرم أمیر المؤمنین (علیه السلام) لندرة القائل جداً بجواز الإتمام فی المشهد

ص: 338

الغروی و فی حضرته (علیه السلام) فلا یمکن إبقاء لفظ الحرم علی ظاهره بل إما أن یراد به الکوفة عموماً لورود بعض الأخبار بها و ورود بعض الأخبار بأن الکوفة حرم أمیر المؤمنین (علیه السلام) و لکنها لضعف سندها و قلة العامل بها و احتمال إرادة المسجد منها احتمالًا معتداً به لکثرة إطلاق فی لفظها علی مسجدها کما هو الیوم ضعف الحمل علیها و ضعف القول بإرادتها أو یراد مسجدها کما هو الأقوی لورود الأخبار به و لفتوی المشهور و لظهور لفظ الحرم و لفظ الکوفة و یراد بالمسجد ما هو مسجد فی زمن صدور الروایات اقتصاراً علی مورد الیقین و ما ورد فی کثیر من الأخبار إن مسجد الکوفة قد نقص اثنا عشر ألف ذراع و إنه کان واسعاً قبل ذلک فغیره أصحاب کسری و النعمان بن المنذر ثمّ غیره زیاد بن أبی سفیان لا یقضی بوجوب الإتمام فیه لانصراف اللفظ إلی ما هو موجود فی زمن الصدور مع احتمال إرادة إجراء شرف المسجد علی ما نقص لا إجراء جمیع أحکام المسجد علیه و للخبر أیضاً فی الحائر الحسینی لورود بعض الأخبار به و لأنه المتیقن من لفظ الحرم کما فی أخبار کثیرة و المتیقن أیضاً مما ورد بالإتمام عند القبر لظهور العندیة فی الحائر و المراد بالحائر الموضع المطمئن بالأرض الذی صار یحار فیه الماء و نقل ان المتوکل لما أمر بإطلاق الماء علی قبر الحسین (علیه السلام) لتخفیه حار و لم یبلغه و الظاهر أنه مجموع الصحن الشریف فما یظهر من بعض أخبار الزیارات الدالة علی سعة ما بین دخول الحائر و الوصول للقبر و المراد بالصحن هو الصحن القدیم و نقل انه لم یتغیر من جهة القبلة و الیمین و الشمال نعم وقع فیه تغیر من دبر القبلة و الظاهر خروج الحجرات من الجهات الثلاث عنه و الأحوط الاقتصار فی الإتمام علی الروضة الشریفة ما تحت القبة الشریفة و أحوط منه الاقتصار علی عشرین ذراعاً من جمیع الجوانب متوسطها القبر الشریف لورود بعض الروایات بزیادة شرفها و أما الأخبار الواردة فی تحدید الحرم بأنه فرسخ من کل جانب من القبر الشریف خمسة فراسخ من أربع جوانبه فهی ضعیفة لا ینبغی حمل لفظ الحرم المأمور بالإتمام به علیها نعم حملها علی إرادة المشارکة فی الشرف و عظم الشأن دون جمیع الأحکام

ص: 339

لا بأس به و الظاهر إن احترام التربة الحسینیة صلی الله علی شرفها یتبع مکان الحائر قطعاً و جمیع البلد احتیاطاً شدیداً و جمیع الخرم الوارد فی الروایات احتیاطاً أقل من الأول و لا یجوز الإتمام فی غیر هذه المواضع الأربعة من مشاهد و مساجد و غیرها خلافاً لشاذ من أصحابنا و جوازه فی هذه الأربعة مخیراً بینه و بین القصر و یدل علیه بعد الإجماع المنقول المنجبر بالشهرة المحصلة الأخبار الدالة علی التخیر صریحاً المنجبر بفتوی الأصحاب و عملهم و فیها الصحیح و غیر فمنها ما اشتملت علی خصوص المسجد الحرام و منها ما اشتملت علی خصوص مکة المشرفة (من شاء أتم و من شاء قصر) و منها ما اشتملت علی خصوص المسجدین و منها ما اشتملت علی ذکر الأربع و لا قائل بالفصل بینها ممن یعتد به أیضاً و الأخبار الدالة علی التخییر ضمناً المتحصل من الجمع بین ما دل علی إیجاب التمام من الأخبار الصحاح الصراح المشتملة علی الأمر به و لو فریضة واحدة و المشتملة علی أنه منه المخزون و أنه من الأمر المذخور و المشتملة علی الأمر به و لو مارا أو غیر ذلک من أن بعض أصحابنا أفتوا به عیناً و ترجیحاً لأخباره و بین ما دل علی الأمر بالتقصیر ما لم ینو مقام عشرة من الأخبار الصریحة الصحیحة من أن الصدوق أفتی به ترجیحاً لاختباره و لا شک أن الجمع بالتخیر خیر من الجمع بغیره مع اعتضاده بما تقدم و حینئذ فحمل أخبار التمام علی التقیة أو علی العزم علی المقام عشرة أیام بعید لعدم الموجب له عیناً من العامة و لظهور الروایات بالأمر بالإتمام لغیر ناوی الإقامة و احتمال کفایة تجویز العامة للإتمام فی التقیة بالأمر به فی الأخبار الموجبة له أو الأخبار المنجبرة به لا بأس به لکنه لا یعارض ما قدمنا مضافاً لما دل فی الصحیح الدال علی أن الأمر بالتمام لم یکن لأجل الناس بل الإتمام مما یستتر به عن الناس لقوله (علیه السلام) فیه: (کنت أنا و أبی إذا وردنا مکة أتممنا الصلاة و استترنا عن الناس) و حمله علی إرادة الإتمام بعد نیة الإقامة و یراد بالاستتار استتار أنفسهم عن معرفة الناس بهم و استتارهم یفید التمام أنه هو الساتر علیه لموافقته لمذهب العامة و شعارهم فیستترون به لا یستترون من جهته بعید کل البعد من سیاق الروایة و مع ذلک کله فالأحوط التقصیر لقوة احتمال ورود أخبار التمام عیناً و تخییراً مورد

ص: 340

التقیة لأن الإتمام من شعائرهم فی السفر لمن دخل البلاد و إن کان مذهبهم التخییر و القصر من إشعار الشیعة و هذه المواطن الأربعة مجمع للخاصة و العامة فینبغی الأمر بما هو من شعائرهم بما هو أبعد من مذهب الشیعة فی مواطن الإجماع و لأن القصر کان فی عصر الأئمة (علیه السلام) مشهوراً معمولًا علیه بین أصحابهم و الإتمام محل خلاف معروف بینهم و لأنه یبرئ للذمة بالاتفاق إلا النادر من أصحابنا بخلاف التمام و لأن فی بعض الأخبار الواردة فی الأمر بالإتمام ما ینبنی عن إنه إنما صدر تقیة ملاحظة للناس ففی الصحیح عن التقصیر فی الحرمین و فیه إن أصحابنا رووا عنک إنک أمرتهم بالتمام فقال: (إن أصحابنا کانوا یدخلون المسجد فیصلون و یأخذون نفالهم و یخرجون و الناس یستقبلونهم یدخلون المسجد للصلاة فأمرتهم بذلک) و نحوه غیره أیضاً فالاحتیاط حینئذ فی جانب التقصیر و أحوط منه الجمع بینه و بین التمام و لو أضاق الوقت تعین التقصیر و احتمال جواز الإتمام و اختصار العصریة به ضعیف و من خرج منه شی ء من جدوره و هذه المواطن الأربعة و کان من یعتد به أتم لأن الراکب من الداخل و الخارج خارج و لا یبعد جواز النافلة فیها سیما لتأدی الإتمام و أما الصیام فلا یجوز قطعاً و روایات الملازمة لا تنصرف لهذا المقام کما هو المشهور بل المجمع علیه و لا یجب نیة القصر و الإتمام من أول الصلاة نعم لو نوی أحدهما کان الأحوط له عدم العدول لشبهة تشخیص النیة للمنوی و العدول خلاف الأصل و لو فاتت فیها فریضة تخیر فی قضائها بین القصر و الإتمام ما دام فیها و لما خرج عنها فلا یبعد تعیین القصر علیه و الأحوط عدم العدول إلی القصر بعد ما قام إلی الثالثة و لم یرکع للزوم زیادة بعض الأفعال و لو نوی المقام و الشک بین الاثنین و الأربع بین العدول إلی القصر و لا شی ء علیه و بین البقاء علی التمام و الاحتیاط لا یخفی و لو أطلق فی النیة الأولی و شک فلا یبعد الصحة و یتخیر بین البناء علی القصر و لا شی ء علیه و بین البناء علی التمام و یحتمل البطلان مع البناء علی القصر و لو نوی القصر و استدام علیه لم یجز له الإتمام من غیر عدول لأنه زیادة فی المکتوبة و کذا العکس لأنه نقصان فیها.

ص: 341

بحث: ظاهر الأخبار و فتاوی الأخیار أن نیة الإقامة تؤثر فی الإتمام ما دامت مستمرة

لتعلیق الحکم فیها علی الوصف فیستمر باستمراره و ینقطع بانقطاعه فیعود حکم السفر حینئذ لو عدل سواء قصد المسافة أم لا نعم تلزم بأمرین:

أحدهما: إتمام العشرة فإنها إذا تمت جری علی المقیم فیها حکم المتوطن و إن أراد الذهاب و عزم علی المسیر مسافة أو أقل ما دام فی مکانه.

ثانیهما: صلاة فریضة تامة بنیة أنها للإقامة لم یعدل فی أثناء تلک الصلاة و کانت تلک الفریضة قابلة للقصر و الإتمام لظاهر الإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و صحیحة أبی ولاد فیها (إن کنت دخلت المدینة و صلیت فیها فریضة واحدة بتمام فلیس لک أن تقصر حتی تخرج منها) و ظاهرها و المتیقن منها کظاهر إطلاقات المشهور أن الأمر دائر مدار الصلاة دون الصوم ابتداء أو إلی ما بعد الزوال أو یوماً تامّاً علی الأقوی و مدار الفریضة فلا تکفی النافلة و مدار وقوعها فعلًا فلا یکفی الخطاب بها و لو استقر فی الذمة قضاها تماماً علی وجه لصورة الأمر به نعم لو قضاها تماماً قبل العدول قوی إلحاقها بإتمامها أداء و مدار وقوعها للإقامة فلا یکفی وقوعها سهواً أو عصیاناً أو لأنه من أماکن التخیر و إن کانت الروایة فی المدینة و یراد منها مدینة الرسول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لظهور إرادة الإتمام للإقامة لا لأجل التخیر فیها و مدار وقوع صلاة تامة تقبل التمام و القصر فلا یکفی الصبح و المغرب و مدار إتمامها قبل العدول فلو عدل فی أثنائها لم تحتسب بل إما أن تبطل لانکشاف بقائه مسافراً و قد صلی تماماً و أما أن تصح للنهی عن إبطال العمل لکن لا تؤثر فی حکم التمام لما بعدها خلافاً للعلامة حیث استوجه وجوب الإتمام و التأثیر لحکم التمام لکن الأحوط هاهنا و فی کثیر مما تقدم الجمع بین القصر و التمام و یشتد فی الأخیر و لو عدل قبل قضاء الأجزاء المنسیة إذا وجبت علیه أو الرکعات الاحتیاطیة قوی إلحاقها بالتامة و الأحوط الجمع سیما فی الأخیر و حکم بعض الأصحاب بخلاف ما قدمنا من لزوم الإتمام علی من نوی إقامة و عدل عنها فی الأثناء من غیر صلاة فریضة بتمام ما دام غیر قاصداً للمسافر استناداً لإطلاق النص و الفتوی

ص: 342

بأن نیة الإقامة تقطع السفر و من إلحاق الصوم الواجب فی الحضر بالصلاة تماماً مطلقاً استناداً إلی صحة الصوم للمسافر بعده کما دلت علیه صحاح الأخبار بنا علی الکشاف بطلانه لأنه صوم فی سفر کما و قد تخیل و حینئذ فإما أن تنقطع الإقامة حینئذ و یعود إلی السفر و هو باطل لاستلزامه الصوم فی السفر أو تبقی فیبقی أثرها و هو المطلوب و من إلحاق ترک الصلاة بالصلاة تحقیقاً استناداً أو تنزیلًا لاستقرارها فی الذمة منزلة فعلها و من إلحاق النافلة الغیر مشروعة فی السفر بالفریضة استناداً لمساواتها فی التأثیر و من إلحاق التمام نسیاناً أو لداع آخر غیر الإقامة بل لداعی الإقامة استناداً لإطلاق الروایة و من إلحاق المبتدئ بصلاته علی وجه التمام و إن عدل فی أثنائها مطلقاً علی قول أو بعد الثالثة علی آخر بالمقیم للصلاة تماماً قبل العدول و من عدم إلحاق من صلی ابتدأ قصراً ثمّ عن له الإقامة فأتمها رکعتین حینئذ بالمصلی تماماً من أول وهلة فی انقطاع حکم الإقامة به و غیر ذلک کله ضعیف المبنی و المستند یظهر لک ضعفه بالتأمل فیما قدمناه من إطلاق الفتوی و الروایة.

بحث: من صلی قصراً و أتم صحت صلاته هاهنا غیر ممنوع من جهة الدلیل

کمن صلی تماماً فعدل إلی القصر لعدوله عن نیة الإقامة للدلیل أیضاً هل تجری علیه أحکام المقیم عشراً العازم علی ذلک أو المتم عشراً کذلک علی من عدل بعد نیة الإقامة و صلی فریضة بتمام أم لا و الأقوی إجراؤها فلا یجوز التقصیر إلا بعد بلوغ محل الترخص لمن قصد المسافة و الأحوط هنا الجمع إلی أن یبلغ محل الترخص اقتصاراً علی الیقین و لا یجوز له التقصیر إذا لم یقصد مسافة قبل الرجوع إلیها کما لا یجوز التقصیر لمن أقام اثنی عشر و أتمها ذهاباً و إیاباً فی نفس المقصد سواء نوی العدول قبل الوصول إلی المسافة أو شک فیه و تردد و سواء نوی الإقامة بعد العود أو نوی عدمها أو تردد فیها أو لم ینو العود مطلقاً لکنه یتم بالذهاب و فی نفس المقصد و یقصر بالعود إذا کان مسافة و لم یمر بدار إقامة أو مر بها بعد أن عزم أن لا یمر حین الذهاب أو عزم أن یمر بها و کانت فی طریق علی وجه قوی کل ذلک لما یظهر من الأخبار من تنزیل دار الإقامة منزلة الوطن و إطلاق الأخبار بالأمر بالتمام بعد إقامة العشر أو بعد نیتها إذا صلی

ص: 343

فریضة تمام و تعلیق القصر بالخروج فی صحیحة أبی ولاد ظاهرة فی الخروج إلی المسافة لا مطلقاً کی یکون دلیلًا علی التقصیر بقرینة أنه من أهل الکوفة و بقرینة المقابلة للدخول الذی هو مسافة و لعدم جواز ضم الذهاب إلی الإیاب فی غیر الثمانیة الملفقة و الأحوط الجمع لمن یتم إقامته و عدل عنها عند الخروج إلی ما دون المسافة فی المذهب و المقصد و الرجوع و دار الإقامة ما لم ینو مقام عشرة فی دار الإقامة عند الرجوع و الأحوط لمن أتم عشراً التقصیر أیضاً ما لم ینو عند خروجه العود و الإقامة لأن الإقامة الثانیة من قواطع السفر کما تقدم و الأولی بعد إتمامها بمنزلة الوطن بل قیل إتمامها لمن صلی فریضة بتمام نعم یشکل الحال فیها قبل التلبس بها کمن عزم علی المقام فی بلد فقدم علیها فهل یعتبر فیه محل الترخص أو دخول البلد أو النزول فی منزله بالنسبة إلی القصر و الإتمام من حیثیة تنزیلها منزلة الوطن علی وجه الإطلاق و إنما دون محل الترخص من حدود البلد و إن الداخل فیها داخل فی دار إقامته و من حیث أن المتیقن من عموم المنزلة هو التلبس بالإقامة بنفس الوطن لا دلیل علی دخول ما دون محل الترخص فیها و أن المعلق علیه فی الأخبار الإقامة هو دخول البلد و الإقامة فیها فلا بد حینئذ من الاحتیاط و إن کان فی الأول قوة و جملة من أصحابنا ذهبوا إلی وجوب التقصیر علی من لم یقصد مسافة فی ذهابه فی العود إذا بلغ مسافة دون الذهاب و المقصد لصدق السفر علیه فی العود و مروره بدار الإقامة لیس من القواطع ما لم ینو فیها إقامة و لو نوی المرور من أول وهلة و هل قوی النظر و الاحتیاط یساعده سیما لو کانت دار الإقامة فی طریقه المعتد فی العود و أما لو کانت فی غیر طریقه کأن عزم علی الرجوع إلیها ثمّ الرجوع إلی مقصده متصفة تلک القوة و الاحتیاط بعدم قولنا بالضم مطلقاً.

بحث: من صلی موضع التمام قصراً أو موضع القصر تماماً عامداً

أعاد بلا خلاف لمخالفة المأمور به فلا یجزی إذا أتمها کذلک قصراً أو تماماً و لو لم یتمها کذلک فهل تبطل من ابتداء النیة لأنهما نوعان متغایران فیتعلق بهما النهی ابتداء أو لا تبطل لعدم تنویعها الفعل المنوی فتقع النیة لغواً وجهان أقواهما الأول و إن قلنا بعدم وجوب

ص: 344

التعیین فیهما و جواز العدول من أحدهما إلی الآخر فی مقام التخییر فکذلک إذ لا ملازمة بینهما هذا إذا لم ینو الامتثال بالقصر ابتداء و لو نوی ما أمره به الشارع وقعت نیة القصر لاغیة و من صلی کذلک ناسیاً فبان القصر فی موضع التمام أعاد و کذلک إن أتمها قصر لا مجرد النیة علی الأظهر و إن کان العکس أعاد فی الوقت دون خارجه وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول و إطلاق الروایات حتی ادعی تواترها ففی الصحیح عمن أتم فی السفر قال: (إن کان فی وقت فلیعد و إن کان الوقت قد مضی فلا) لخروج العامد بالإجماع و الجاهل بما یأتی إن شاء الله تعالی و قیل بعید مطلقاً استناداً للصحیح صلیت الظهر أربع رکعات و أنا فی السفر قال: (أعد) و هو ضعیف لشذوذه و قرب حمله علی العامد أو علی بقاء الوقت بقرینة قوله أعد و قیل بعید إن ذکر فی یومه و إلا فلا استناد للخبر المتقدم المحتمل حمله و حمل هذا القول علی إرادة الإعادة فی الوقت کما ذکرناه و لا یتفاوت الحال فی القول بالبطلان و الإعادة فی الوقت بین القول بالبطلان بزیادة رکعة فی المکتوبة نسیاناً لمن جلس قدر التشهد و بین القول بالصحة کما اختاره جماعة لبعض الأخبار و لاستحباب التسلیم أو خروجه و ذلک لتغایر المسألتین لأن المسألة هنا فرضها فیمن عقد الصلاة تماماً ناسیاً من أول وهلة فأتم و هنالک فیمن عقدها علی الوجه المطلوب فنسی و زاد و من صلی کذلک جاهلًا مطلقاً بأحکام التقصیر أو الإتمام أو عارفاً بها فی الجملة جاهلًا بخصوصیاتها فإن کان قد قصر فی موضع الإتمام بطلت صلاته و أعاد مطلقاً للأصل و المشهور بل المتفق علیه من یعتد بقوله و قیل بالإجزاء حتی فی تقصیر غیر ما یشرع فیه القصر للموثق عن امرأة کانت معنا فی السفر و کانت تصلی المغرب رکعتین ذاهبة و جائیة قال: (لیس علیها قضاء أو لیس علیها إعادة) و لصحیحة منصور الدالة علی أن المقصر بعد نیة الإقامة لا شی ء علیه إذا کان جاهلًا حتی إن الشیخ نجیب الدین فی الجامع أفتی بمضمونها و هو ضعیف لشذوذ مضمونه الأول و إعراض الأصحاب عنه و ندرة القائل بالثانی و إن کان قد اتم فی موضع القصر فإن لم یعرف حکم التقصیر مطلقاً و لم تقرأ علیه آیة القصر صحت صلاته و صح صومه للأخبار و کلام جل الأصحاب سواء قلنا أن الصحة موافقة للأمر

ص: 345

أو إسقاط القضاء أما علی الأخیر فلا أشکال للروایة و الفتوی و أما علی الأول فلا بد أن یراد بالأمر الأمر الصوری لا الواقعی و لو أرید الأمر الواقعی کانت فاسدة علی رأی المتکلمین صحیحة علی رأی الفقهاء و لا بأس بإجزاء غیر مأمور به للدلیل و لو ذکر فی رکوع الثالثة و علم بعد أن کان جاهلًا فالأحوط الإتمام و الإعادة و إن کان الجهل بجزئیات أحکام القصر فالأقوی وجوب الإعادة فی الوقت و أما فی خارجه فلا یبعد عدم وجوب الإعادة إلحاقاً له بالناسی و لاحتیاج القضاء إلی أمر جدید و الأحوط الإعادة أیضاً و ذهب العمانی إلی وجوب الإعادة مطلقاً استناداً للأصل و لعموم روایة الخصال و من لم یقصر فی السفر لم تجز صلاته لأنه قد زاد فی فرض الله عز و جل و عموم الصحیح المتقدم و هو ضعیف للزوم تخصیص الأخبار و العموم بما قدمناه من قاعدة الجمع کضعف ما ذهب إلیه الإسکافی و الحلبی من لزوم فی الوقت دون خارجه استناداً إلی الأخبار المتقدمة الفارقة بین الوقت و خارجه و فیه إنما دل علی حکم الجاهل أخص مطلقاً فیخص به تلک الروایات لأن لفظ الإعادة فیه ظاهر بالإعادة فی الوقت دون خارجه و الأمر فی الروایات أعم من الجاهل و غیره فتکون الروایات مخصصة به و لو قلنا بشمول الإعادة لها و إن ما بین الروایات عموم من وجه فالواجب تخصیص المقابلة لما دل علی حکم الجاهل به لقوته بفتوی المشهور و عمل الجمهور و أما ناسی الحکم فیمکن إلحاقه بجاهل الحکم و یمکن إلحاقه بناسی الموضوع فإن کان موضوعاً شرعیاً و قد عرف حکم التقصیر و الإتمام فی الجملة فعلیه الإعادة و إلا فلا إعادة علیه و إن کان موضوعاً عرفیاً کالجهل بکون هذه مسافة فأتم أو جهل مقدار الثلاثة أو مقدار الإقامة أو کونها بلدة واحدة أو کون السفر عملًا أو کونه عاصیاً لشبهة أو اشتباه فأتم فی مقام التقصیر فلا یبعد لزوم الإعادة إلا فیمن جهل قدر المسافة فأتم فتبین له بعد ذلک أنها مسافة فلا یبعد عدم لزوم الإعادة لعدم قصد المسافة و یمکن إلحاق الجمیع بالناسی فیعید فی الوقت و خارجه أما لو قصر فی موضع الإتمام أعاد مطلقاً فی جمیع ما قدمناه.

ص: 346

بحث: من دخل وقت فریضة و هو حاضر بحیث تمکن من الإتیان بها جامعة للشرائط فاقدة للموانع و لم یصلها حتی سافر بعد ذلک

فی وقت یمکن فأدیتها قصراً جامعة مانعة کذلک أو دخل علیه وقت و هو مسافر بحیث یمکنه تأدیتها کذلک و لم یصلها حتی دخل بلده فی وقت یمکن تأدیتها فیه کذلک فهل الاعتبار بحال الأداء فیها معاً فیقصر فی الأول و یتم فی الثانی أو لعبرة بحال الوجوب فیهما معاً فیتم فی الأول و یقصر فی الثانی إذ الحکم بالتخییر بین القصر و الإتمام فی الموضعین أو التفصیل بین السعة و الضیق فی الموضعین فیتم فی حال السعة و یقصر فی حال الضیق أو العبرة بحال الأداء فی الأول فیقصر و بحال الوجوب فی الثانی فیقصر أیضاً وجوه بل أقوال أقواها الأول لصحیحة إسماعیل بن جابر الآمرة بالإتمام للمسافر إذا دخل أهله بعد دخول وقت الصلاة و بالتقصیر للحاضر إذا سافر بعد دخول الوقت و فیها (و إن لم تفعل فقد خالف و الله رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)) و صحیحة العیص فیمن دخل أهله قبل أن یصلی و قد دخل علیه وقت الصلاة فی السفر قال: (یصلیها أربعاً) و لغیر ذلک من الأخبار الخاصة المنجبر ضعفها بفتوی المشهور و الإجماع المنقول و العمومات الدالة علی الإتمام فی الحضر و التقصیر فی السفر و استدل المفصل بین السعة و الضیق بموثق عمار عن أبی الحسن (علیه السلام) فی الرجل یقدم من سفره فی وقت الصلاة فقال: (إن کان لا یخاف الفوت فلیتم و إن کان خاف خروج الوقت فلیقصر) و فیه مع ضعف السند و عدم القابلیة للمقاومة لما تقدم أنها خاصة فی صورة القدوم من السفر لا فی صورة الخروج إلیه و أنها قابلة للحمل علی أنه یقصر قبل دخوله البلد و استدل من ذهب إلی التخییر بأنه وجه جمع بین الأخبار و فیه أن الجمع بعد المقاومة و لم تثبت المقاومة بل تثبت عدمها علی أن وجوه الجمع لا تنحصر فی التخییر و بما رواه فی الصحیح عن أبی عبد الله (علیه السلام) (إذا کان فی سفر فدخل وقت الصلاة قبل أن یدخل أهله فسار حتی یدخل أهله فإن شاء قصر و إن شاء أتم أحب إلی) و فیه مع عدم قابلیته المقاومة لما تقدم قابلیة الحمل علی أنه شاء و صلی قبل الدخول إلی البلد قصر

ص: 347

و إن شاء صلی بعد الدخول إلیها تماماً و التمام أفضل و إن کان فیه تأخیر الصلاة عن وقتها لأن أفضل الأعمال أحمزها و لزیادة التوبة بها علی أنها خاصة بالقادم من سفره و موافقته لمذهب العامة و استدل من ذهب إلی اعتبار حال الوجوب لمن سافر فأوجب التمام فیمن خرج بعد دخول الوقت بالاصل و فیه انه یخصص بما قدمناه و للصحیح فی الرجل یدخل من سفره و قد دخل وقت الصلاة و هو فی الطریق قال: (یصلی و إن خرج إلی سفره و قد دخل وقت الصلاة فلیصل أربعاً) و فیه مع عدم المقاومة و احتمال حمله علی التقیة قابلیة لحمل الدخول و الخروج فی قوله یدخل و خرج علی إرادتهما و هو مجاز شائع فیکون التقصیر فی السفر و الإتمام فی الحضر و لما رواه جمیل عنه (علیه السلام) قال فی رجل سافر نسی الظهر و العصر فی السفر حتی دخل أهله قال: (یصلی أربع رکعات) قال: (و لو نسی الظهر و العصر و هو مقیم حتی یخرج قال یصلی اربع رکعات فی سفره و قال إذا دخل علی الرجل وقت الصلاة و هو مقیم ثمّ سافر صلی تلک الصلاة التی دخل وقتها علیه و هو مقیم أربع رکعات فی سفره) و فیه مع احتمال حمله علی التقیة أنه لا یبعد إرادة الأربع رکعات من مجموع الظهر و العصر فتکون قصراً حینئذ و یراد قضاؤها فی الحضر فی جمیع الوقت و نحن نقول به و لروایة النبال قال: خرجت مع أبی عبد الله (علیه السلام) حتی أتینا الشجرة فقال لی (علیه السلام): (لم یجب علی أحد من هذا العسکر أن یصلی أربعاً غیری و غیرک و ذلک أنه دخل وقت الصلاة قبل أن نخرج) و فیه مع ضعف السند أنه محمول علی التقیة و لروایة الوشاء عن الرضا (علیه السلام) یقول: (إذا زالت الشمس و أنت فی المصر و ترید السفر فأتم و إذا خرجت قبل الزوال فقصر) و فیه ضعف السند مع أنه محمول علی التقیة و قد یضاف إلی ذلک بعض الوجوه الاعتباریة کما ذکره العلامة (رحمه الله) منها الواجب علیه وقت الوجوب الأربع فلا تسقط بالعذر المتجدد کالحیض و الموت و فیه إنه قیاس مع الفارق لانقطاع التکلیف فیستقر الوجوب دون محل الفرض لبقاء الوجوب فی جمیع الوقت و إن تبدل وصف من وجب من الحضور و السفر کما یتبدل من الاختیار إلی الاضطرار و من الصحة إلی

ص: 348

المرض و منها الاستصحاب لحکم التمام و فیه أنه مقطوع بالأصل و العمومات و منها أن الصوم یجب إتمامه للمسافر بعد الزوال فکذا الصلاة للملازمة بینهما و فیه منع شمول عموم الملازمة لمفرض المسألة کما هو ظاهر و بعد تسلیم الشمول فیما دل علی وجوب الصوم هناک و وجوب القصر هنا خصص العموم المتقدم کما أنه فی العود من السفر یجب الإتمام عند العلامة (رحمه الله) و لا یجب الصوم بل لا بد من الإفطار علی أن للمانع أن یمنع وجوب الصوم أیضاً و منها إن الاحتیاط فی الإتمام لاشتماله علی القصر و زیادة و فیه منع مشروعیة الاحتیاط هنا بالتمام لأنهما نوعان لا نوع واحد فیه زیادة و نقصان و منها ان العلة فی وجوب القصر هو السفر و المفروض تأخره عن وجوب الصلاة فلو اثر فیه القصر لزم تقدم المعلول علی علته و فیه إن علة وجوب القصر استدامته و إن لم یکن علة ابتداء لتعلق الخطاب فی جمیع أجزاء الزمان علی سبیل التکریر التخییری فی جمیع أجزائه أو أنه علة لهیئة القصر لا علة لوجوبه فلا تقدیم و منها أن القول بالقصر سفراً أو القول بالقضاء علی الحائض إذا طهرت لا یجتمعان لأن بناء الثانی علی استقرار الخطاب فلیکن الأول کذلک و الثانی لا یمنعه أحد فالأول ممنوع و فیه وضوح الفرق بین انقضاء التکیف رأساً و بین بقائه و تبدل موضوع المکلف فلا ملازمة و منها أن القضاء تابع للأداء و الإتمام واجب فی القضاء فکذلک فی الأداء و فیه منع تسلیم وجوب الإتمام فی القضاء فی هذه الصورة کما هو الحق و لئن قلنا به فللدلیل لا للقاعدة فلا یصلح أن یکون دلیلًا و منها إن من صلی فی السفینة قبل مفارقته المنزل وجب علیه الإتمام و إن غاب عنه الأذان و لم یر الجدران فی الأثناء لأن الصلاة علی ما افتتحت به فکذا هنا لعدم القائل بالفرق و فیه منع تسلیم وجوب الإتمام هناک بل یجب العدول إلی القصر ما دام محل العدول باقیاً و کذا الحال فی جمیع من وجب علیه التمام فانتقل فرضه فی الحال إلی التقصیر کمن تاب بعد المعصیة و ضرب فی الأرض و فی الجملة بحیث لم تفسد صلاته و فارق عمله و خرج من مواطن التخییر و إذا تجاوز محل العدول کأن دخل فی الثالثة أو فی الرابعة فإنه هناک یحتمل البطلان و یحتمل الإتمام و الاجتزاء به

ص: 349

و الأحوط الإتمام و الإعادة قصراً و أدلة الأقوال الباقیة ضعیفة المبنی و المعنی فلا تستأهل شرح الحال.

فوائد:

الأولی: لو أتم فی موضع القصر أو بالعکس نسیاناً

فنسی فقصر فی الصورة الأولی و أتم فی الثانیة صح عمله و لموافقته المأمور به و الأحوط الإعادة.

الثانیة: ذهب ابن الجنید إلی أن إقامة الخمسة کإقامة العشرة تقطع حکم السفر و حکم کثرته

و هو ضعیف یبنی علی ضعیف شاذاً لا یلتفت إلیه و لا یبعد مشروعیة الاحتیاط لأجله فی الجمع بین القصر و الإتمام.

الثالثة: ینبغی الاحتیاط فی الجمع بین القصر و الإتمام لمن قطع ببقائه فی مقام أو نوی بقاؤه فیه

و إن قطع بخروجه إلی ما فوق حد الترخص من توابع البلد و مزارعها و رساتیقها کالکاظمین و بغداد و النجف و الکوفة و الحلة و ما اتصل بها من القری مع بقاء رحله و متاعه و سیما مع ذهابه و رجوعه سریعاً و سیما مع عدم نیة الإکثار من ذلک کل ذلک لشبهة عدم الإخلال بالإقامة عشرة عرفاً فی بلدة واحدة عرفاً.

الرابعة: ینبغی لمن صام کثیراً أو قلیلًا بعد نیة الإقامة و لم یصل فریضة بتمام سهواً أو عصیاناً فعدل عن الإقامة أن یعید ما فعله من الصوم

لشبهة انکشاف بقائه علی السفر فیکون فاقداً بشرط صحة الصوم واقعاً.

الخامسة: من قصر موضع القصر جاهلًا أو أتم موضع الإتمام کذلک

فسدت عبادته علی الأظهر و إن وافقت الواقع سواء خطر السؤال بالبال أم لا.

السادسة: ینبغی الاحتیاط فی الجمع بین التقصیر و التمام لمن خرج مسافراً لأجل التقصیر و الإفطار

لا لغرض آخر.

السابعة: ینبغی الاحتیاط فی إعادة ما فعله جاهل المسافة المتمسک بالاستصحاب

أو إخبار الغیر فأتم قصراً لانکشاف حصول السفر له و إن کان معذوراً و کذا الصوم.

ص: 350

الثامنة: ینبغی الاحتیاط بین القصر و التمام لمن خرج من دار إقامته قاصداً للمسافة فبلغ محل الترخص فرجع عن قصده إلیها

لطلب حاجة أو لخوف أو لکونها صارت طریقاً لمسافة أخری لشبهة عموم المنزل نعم لو تجاوز المسافة و لا احتیاط أصلًا و کذا باقی أسباب التمام لو عن له العود إلیها قبل تجاوز المسافة لو قصدها قبل ذلک.

التاسعة: لا تصح نیة الإقامة فی رستاق أو قریة کبیرة ینتقل فیها من مکان إلی مکان لسعة محالیلها

کأصبهان و مصر و اسطنبول.

العاشرة: ینبغی احتساب المسافة من المنزل احتیاطاً

و إن کان الأقوی احتسابها من حدود البلد کسورها و آخر بیوتها فی المتوطن و المقیم و المتردد ما لم یلد له کذی البیت و السفینة و المفارق عمله فلا شک فی احتسابها مما فارقه.

الحادی عشر: ینبغی الاحتیاط فی الجمع بین القصر و الإتمام لمن فارق عمله

أو تاب عن معصیة أو رجع إلی حکم المسافر من غیر الثلاثة المتقدمة إلی أن یبلغ حد الترخص تقدیراً من سماع الأذان و رؤیة الجدران.

الثانیة عشر: ینبغی جبر المقصورة بثلاثین مرة سبحان الله و الحمد لله و لا آله إلا الله و الله أکبر استحباباً

و الجمع بین الصلاتین بتقدیم الأخیرة علی الأولی و بالعکس.

تم کتاب الصلاة و یتلوه کتاب الزکاة إن شاء الله تعالی تصنیف العامل العالم الکامل رئیس المتقدمین و المتأخرین شیخ المشایخ الشیخ حسن ابن الشیخ جعفر (قدّس سرّه).

ص: 351

دلیل الکتاب

الموضوع ..... رقم الصفحة

نبذة من ترجمة المؤلف ..... 1

کتاب الصلاة ..... 3

فوائد فی صلاة النوافل: ..... 5

القول فی المواقیت: ..... 8

القول فیما یتعلق بالظهر: ..... 12

القول فی وقت المغرب و العشاء: ..... 16

القول فی صلاة الفجر: ..... 21

القول فی أوقات النوافل: ..... 22

بحث: فی وقت نافلة المغرب ..... 23

بحث: وقت نافلة العشاء ..... 24

بحث: وقت نافلة اللیل ..... 24

بحث: فی رکعتی الفجر ..... 25

مسائل: ..... 27

القول فی الساتر للمصلی: ..... 42

فروع: ..... 44

فوائد: ..... 48

بحث: کلما یحرم لبسه یحرم الصلاة فیه ..... 53

فائدة: فی الحریر ..... 56

ص: 352

الموضوع ..... رقم الصفحة

القول فی ستر العورة: ..... 58

فروع: فی الساتر ..... 67

القول فی القبلة: ..... 69

بحث: الکعبة قبلة البعید ..... 71

تنبیهات: ..... 77

بحث: وجوب تعلم علائم القبلة ..... 80

بحث: الخطأ فی القبلة ..... 81

مسائل: ..... 82

بحث: المواضع التی یسقط فیها فرض الاستقبال ..... 84

فروع: ..... 85

القول فی مکان المصلی: ..... 86

مسائل: ..... 88

فروع: ..... 93

بحث: طهارة محل السجود ..... 95

بحث: الاستقرار فی المکان ..... 96

بحث: عدم جواز مساواة الرجل للمرأة فی الصلاة ..... 97

مسائل: ..... 98

القول فی الأذان و الإقامة: ..... 102

القول فی النیة: ..... 119

فوائد: ..... 120

ص: 353

الموضوع ..... رقم الصفحة

بحث: تکبیرة الإحرام ..... 128

بحث: التکبیر ..... 129

فائدة: استحباب رفع الیدین بالتکبیر ..... 131

القول فی القیام: ..... 133

فائدة: الصلاة فی مرتبة أعلی من القعود و أدنی من القیام ..... 137

بحث: مراتب القعود ..... 138

القول فی القراءة: ..... 140

القول فی الجهر و الإخفات الواجبان فی الصلاة فی الجملة ..... 154

القول بما لا تجوز قراءته ..... 158

القول فی العدول: ..... 164

القول فی الرکوع: ..... 174

القول فی السجود: ..... 179

القول فی الذکر: ..... 191

القول فی التشهد: ..... 193

القول فی التسلیم: ..... 197

القول فی صلاة الکسوف و الخسوف و الخوف: ..... 208

القول فی صلاة الأموات: ..... 214

القول فی موانع الصلاة: ..... 226

القول فی نسیان بعض الأفعال: ..... 230

القول فی أحکام الشک و السهو فی الصلاة: ..... 234

ص: 354

الموضوع ..... رقم الصفحة

القول فی سجدتی السهو: ..... 262

القول فی أحکام القضاء: ..... 266

القول فی صلاة الجماعة: ..... 280

القول فی صلاة الخوف: ..... 311

القول فی صلاة المسافر: ..... 315

دلیل الکتاب ..... 351

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.